المجموع : 61
ولما أتونا بالمطايا وقربوا
ولما أتونا بالمطايا وقربوا / محامل لم تشدد عليها قيودها
تيممتكم عمداً لأحظى بلحظةٍ / لعلي أن فارقتكم لا أعيدها
فلم أنس إذ قيدت رحل مطيتي / وقلت لحادي الذود لم لا تقودها
كأنك لم تعلم بأن رب لحظةٍ / تفوتك لا تدري متى تستفيدها
فلو لم تكن تهوى الفراق نحرتها / ولم تلتمس عمداً لها من يقودها
فيا عجباً مني ومن صبر مهجتي / علي وقد أعيت على من يكيدها
أضن بها عمن يرى الملك دونها / وأبذلها طوعاً لمن لا يريدها
وقائلة قد كان عذرك واسعاً
وقائلة قد كان عذرك واسعاً / ليالي كان الشعر في الرأس أسودا
فقلت لها والدمع جارٍ كأنه / نظام تعدى سلكه متبددا
لئن كان هذا الشيب غرك فاعلمي / بأني صحبت الشيب مذ كانت أمردا
أبا الشيب ينهي عن مساعدة الهوى / ولولا الهوى ما كنت للشيب مسعدا
أأيام هذا الدهر كم تعنفين بي
أأيام هذا الدهر كم تعنفين بي / كأن لم تري قبلي معنىً ولا بعدي
نوالاً كرجع الطرف أعجله القذى / وضناً كضن الجفن بالأعين الرمد
فمن بك مشتاقاً إلى نجح موعدٍ / فها أنا مشتاق إلى خلف الوعد
فلا خلف إلا بعد توكيد موعدٍ / ولا وعد إلا عن صفاءٍ من الود
وقد قذفت نفسي أجل حظوظها / لديك وفقد الحظ جزء من الفقد
ألا يا لقومي للهوى المتزايد
ألا يا لقومي للهوى المتزايد / وطول اشتياق الراحل المتباعد
رحلت لكي أحظى إذ أبت قادماً / فأوردني الترحال سوء الموارد
كأني لديغٌ حار عن كنه دائه / طبيبٌ فداواه بسم الأساود
فمال مع الداء القديم دواؤه / فيا لك من داءٍ طريفٍ وتالد
أمثل الذي ألقى يقاومه صبر
أمثل الذي ألقى يقاومه صبر / فأصبر أم مثلي ينهنهه الزجر
لئن كنت غراً بالذي قد لقيته / لفي فقد تمييزي يحق لي الأجر
تقضت صباباتي إليه وقصرت / ظنوني به بل ليس ظن ولا ذكر
وكف رجائي فاطمأنت مخافتي / فلم يبق لي إلا التأسف والفكر
فما لي رجاءٌ غير قرب منيتي / ولا خوف إلا أن يطول بي العمر
ولو لم يحل أسر المنية بينه / وبيني لم أحفل بما صنع الدهر
فليت المنايا وحدها سمحت به / ونازعنيه البين والهجر والغدر
أمنت عليك الدهر والدهر غادر
أمنت عليك الدهر والدهر غادر / وسكنت قلبي عنك والقلب نافر
وما ذاك عن إلفٍ تخيرت وصله / عليك ولا أني بعهدك غادر
ولكن صرف الدهر قد عجل الردى / وأيأسني من أن تدور الدوائر
فلست أرجيه ولست أخافه / وهل يرتجي ذو اللب ما لا يحاذر
إذا بلغ المكروه بي غاية المدى / فأهون ما تجري إليه المقادر
تناسيت أيام الصفاء التي مضت / لديك على أني لها الدهر ذاكر
أثبت قلبي عنك والود ثابتٌ / وهل تصبر الأحشاء والحزن صابر
إلى اللَه أشكو لا إليك فانه / على رد أيام الصفاء لقادر
ألا من لقلبٍ قد دعاه تجاسره
ألا من لقلبٍ قد دعاه تجاسره / وضاقت به بعد الورود مصادره
تغافل عنه الدهر فاغتر بالمنى / فلما أضاع الحزم كرت عساكره
فأصبح كالمأسور طالت عداته / عليه وذلت بعد عزٍّ عشائره
تجرت عليه النائبات فأصبحت / بكل الردى غير الحمام تبادره
وقد كان صرف الدهر يقبل نحوه / إذا جال في بحرٍ من الفكر خاطره
أيا أملي هل في وفائك مطمعٌ
أيا أملي هل في وفائك مطمعٌ / فأطلبه أم قد تناهت أواخره
فإن يك ما قد خفت حقاً لا تعد / فلن يستوي موفي الفؤاد وعاذره
وإلا فلا تعتب علي فإنه / إذا ظن قلب المرء ساءت خواطره
بحرمة هذا الشهر لما نعشتني
بحرمة هذا الشهر لما نعشتني / بعفوك أني قد عجزت عن العذر
فلو كنت تدري ما ألاقي من الهوى / لساءك ما ألقى فليتك لا تدري
لأشقى بما ألقى وتبقى منعماً / خلياً ونار الشوق تسعر في صدري
خليلي أغراني من الشوق والهوى
خليلي أغراني من الشوق والهوى / تخالط ماء الشاربين مع الخمر
فصدر على صدرٍ ونحرٍ على نحر / وخدٍ على خدٍ وثغرٌ على ثغر
يظل حسود القوم فينا مفكراً / يخيل من المعشوق منا فلا يدري
تسليت عن ذكر الحبيب بغيره
تسليت عن ذكر الحبيب بغيره / وملت إليه بالمودة والذكر
فما زادني إلا اشتياقاً وحرقةً / إليه ولم أملك سلوي ولا صبري
وما الحب إلا فرحة أن نكلتها / بأخرى قرنت الضرب منك إلى الضر
فلا تطف نار الحب بالحب طالباً / سلواً فإن الجمر يسعر بالجمر
بعينيك ما ألقى إذا كنت حاضراً
بعينيك ما ألقى إذا كنت حاضراً / وأن غبت فالدنيا علي محابس
ففيم أرى نفسي لقىً بفنائكم / ولا من يدانيني لديكم مؤانس
أتحجبني أن قلت تحسد من بغى / هواي ومن أحفى به وأوانس
أجل أن من يبغي هواك محسدٌ / عليك ومن يهوى هواه منافس
إذا لم أنافس في هواك ولم أغر / عليك ففيمن ليت شعري أنافس
فلا تحتقر نفسي وأنت حبيبها / فكل امرئٍ يصبو إلى من يجانس
سقى اللَه رمل القاع وبلاً وديمةً
سقى اللَه رمل القاع وبلاً وديمةً / لتحيي به تلك الرسوم الدوارس
أشوقاً إلى نجدٍ ودون لقائها / أهاويل يخشى قطعها وبسابس
على أن عبد الشوق ليست تهوله / حزون الفيافي والليالي الدوامس
بما حبلت فلتأتني من بلائها / فليس لما يقضي به اللَه حابس
أيا زاعماً أني له غاير خالص
أيا زاعماً أني له غاير خالص / وأني موقفٌ على كل قانص
كما أنت فأنظر في وفائك خالصاً / تراه لمن يهواك أم غير خالص
فحينئذٍ فأرجع بما تستحقه / علي وطالبني إذاً بالنقائص
سأعرض نفسي يمنةً وشآمةً / على كل ثاوٍ في البلاد وشاخص
إلى أن أرى شكلاً يصون مودتي / فحينئذٍ أغلو على كل غائص
أمثلي يخون العهد عن غير حادثٍ / رماني إذاً ربي بحتفٍ مغافص
أفوض أسبابي إلى اللَه كلها
أفوض أسبابي إلى اللَه كلها / وأقنع بالمقدور فيها وأرتضي
وأسمع بالتفويض حتى إذا انتهى / ضميري إلى ما بيننا لم أفوض
وباللَه لو خيرت بينك غادراً / وبين كلا الملكين تخيير مقتض
رضيتك حظاً منهما غير أنني / بهذا الذي ترضاه لي غير مرتض
متى يا شفاء السقم سقمي منقضي
متى يا شفاء السقم سقمي منقضي / إذا ما دواءٌ كان للداء ممرضي
فهيهات ما هذا على ذاك مقلعٌ / أجل لا ولكن مدة العمر تنقضي
أراعك برقٌ في دجى الليل لامع
أراعك برقٌ في دجى الليل لامع / أجل كل ما يلقاه ذو الشوق رابع
أألآن تخشى البرق والألف حاضر / فكيف إذا ما لاح والألف شاسع
وهاجت رياح زدن ذا الشوق صبوةً / وباكرت الأيك الحمام السواجع
وعاشرت أقواماً فلم تلق فيهم / خليلك فاستعصت عليك المدامع
وأصبحت لا تروي من الشعر إذ نأى / هواك وبات الشعر للناس واسع
سوى قول غيلان بن عقبة نادماً / هل الأزمن اللاتي مضين رواجع
هناك تمنى أن عينك لم تكن / وأنك لم ترحل والفك رابع
فكل الذي تلقى يسوؤك أن دنا / وكل الذي تلقى إذا بان فاجع
فيا ويك لا تسرع إلى البين أنه / هو الموت فاحظر غب ما أنت صانع
لقد جمعت أهواي بعد شتاتها
لقد جمعت أهواي بعد شتاتها / صفاتك الهوى لك اجمع
سوى خصلةٍ ذكرى رهين بذكرها / فقلبي منها ما حييت مروع
وحاشاك منها غير أن أخا الهوى / بذكر الذي يخشى من الغدر مولع
على كبدي من خيفة البين لوعةٌ
على كبدي من خيفة البين لوعةٌ / يكاد لها قلبي أسىً يتصدع
يخاف وقوع البين والشمل جامع / فيبكي بعينٍ دمعها متسرع
فلو كان مسروراً بما هو واقعٌ / كما هو مسرورٌ بما يتوقع
لكان سواءً برؤه وسقامه / ولكن وشك البين أدهى وأوجع
وأني وإن شاعت لديك سرائري
وأني وإن شاعت لديك سرائري / فإن الذي استودعتني غير شائع
أبى اللَه لي ألا الوفاء لكل من / رعى لي عهدي أو أضاع ودائعي
فكن آمناً من أن أذيع بسركم / فما سرُّ أعدائي لدي بذائع
وما أنا ممدوحاً بحفظ وديعةٍ / أقل حقوق الناس حفظ الودائع