القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمّد سَعيد الحَبّوبي الكل
المجموع : 35
وأغيد وضاح الجبين تخاله
وأغيد وضاح الجبين تخاله / إذا لاح في داجي الظلام هلالا
وإن مال خلت الغصن في طي برده / يميل وإن يرن إليك غزالا
وأقداح بلور جلاها نديمها
وأقداح بلور جلاها نديمها / فعاد بها روض السرور أنيقا
جلاهن بيضاً ثم عدن بكفه / نواصع حمراً قد ملئن رحيقا
وما كنت ممن كان شاهد قبلها / لآلئ تجلوها الأكف عقيقا
ولو أنني فاوضت ذا الطرس بعضه
ولو أنني فاوضت ذا الطرس بعضه / لأحرقه حتى وهي وأبيدا
ولم تقو عيسي أن تنوء بحمله / وحملنه لا نهلن منه صعيدا
ألا فليطب بالكرص عيش أحبتي / فما ذقت عيشاً بالغري رغيدا
وأشرب عذب الماء رنقاً كأنما / سقاني ضريعاً صدكم وصديدا
ومن شقوتي أن يحكم البين بيننا / ويا شد ما أشقى الزمان سعيدا
فلي زفرة وجه النهار وزفرة
فلي زفرة وجه النهار وزفرة / أسامر فيها الليل دون سميري
وما تلك أنفاساً تشب وإنما / شظايا فؤادي في شواظ زفيري
سرى وحداء الركب حمداً أياديه
سرى وحداء الركب حمداً أياديه / وآب وما حادٍ بهم غير ناعيه
وعهدي بهم يستمطرون بنانه / فلم وبماذا استمطروا دمع باكيه
وكانت وساماً بالجميل جماله / فأين مرائيها وأين مرائيه
وقلت دنا ركب الحجيج لصاحبي / هلم نلاقي ركبهم ونحييه
فقلبي وما نار الغضا مثل ناره / ودمعي وما وادي العقيق كواديه
فلو جزت رمل المنحنى يوم جازه / لطاحت محاني أضلعي في محانيه
نرجي ويابؤساً بشير قدومه / فعاج ولكن كي تعج مرائيه
لقد صرخ الناعي فقلت لغيره / فقال هو المهدي قلت أحاشيه
ومن لي إذا صدقت أني مكذب / وفي الصدق ما ينبو به سمع واعيه
فما الخطب أغرى بالغريين زفرة / به ارتجلت رجع النواح نواحيه
وذاك وما أدري فإما سريره / وإما هو البيت استقلت سواريه
فيا أيها المهدي أزمعت والهدى / خليطين هذا واحد وهو ثانيه
بكتك ومن فيها السما فأجابها / عليك بكاً وجه البسيط ومن فيه
غدت شرعاً في شرعة الحزن والأسى / ومثل أداني كل قطر أقاصيه
أحين غشى بطحاء مكة شيخها / فكانت تغني بالنسيب مغانيه
فكان كإبراهيم زار مقامه / وفي حجر إسماعيل كان كباينه
بدا ناشئاً منها وخف لقصدها / مقاصده هذي وهذي مباديه
وقام إلى المسعى فقامت أمامه / تقدمه للسعي غر مساعيه
تجلى له الداعي فلبى بصعقةٍ / كصعقة موسى عند طور تجليه
عليه السما انهارت وسبعة شهبها / وذا وحيها ينعى وسبع مثانيه
ستبكيك ما تبقى لنفلٍ تقيمه / بأروقة الظلما وفرض تؤديه
أطافت غوادي المزن حولك تنتحي / ثارك لتستسقي الثرى لا لتسقيه
دفنت ولم يدفن علاك وإنما / تروق وراء السيل خضر مجاريه
ولم يخل دست منك فاز بصالح / كأنكه لا بل كأنكما فيه
لئن دهمت في الدهر سوء خطوبه / ففي صالح تجلى وبيض أياديه
ولست أقول العصر أصبح عاطلاً / إلى صالحٍ فانظر يروقك حاليه
بلى قلت جيد المجد أسلم عقده / لواسطة العقد الذي في هواديه
لئن صقلت دهري محاسن صالح / فأجدر بأن تجلي غبار مساويه
فقمت أهنيه معاً أنا والهنا / وعز بأني بالمصاب أهنيه
لقد خص بالعهد الذي خص أحمد / به حيدراً يوم الغدير لواعيه
لجلت أياديه وإن مساءة / إلى الغيث عندي إن أجل أياديه
لرشد الورى لا كي تفوز برتبة / وعلماً بما تنويه لا قصد تنويه
تقول فما تخطي الصواب بديهة / وغيرك قد يخطي بطول ترويه
تبصر خليلي هل ترى من ركائب / وركب على الدهنا تحث نواجيه
تداني بشوق لا بسوق يروعه / ونور أبي الهادي المهذب هاديه
وفوق نواجي الركب بحر من الندى / جرت وهي سفن البر تحت مجاريه
مجادفها أيد خفاف وأرجل / تقد بها نحر الغلاة وتفريه
يسير بذاك الندب في متن سبسب / سواء بها أحلامه ورواسيه
فإن زار جدباً رد نجعة أهله / وإن زار فقراً سد وحشةَ خاليه
بوجه يطيش اللحظ فيه صباحةً / فهل نروه في الشمس أم نورها فيه
وفي عزمه يمضي متى ينض سيفه / وفي باعه طالت قدود عواليه
تعاظم ثهلان ورضوى ويذبل / وهن بلامين ثلاث أثافيه
ولاقى الصبا فاستخجلت عند طبعه / وقالت نسيم اللطف لست أباهيه
كغصن من الريحان لكن برده / يلاث على جيش تروق حواشيه
وأعرق لكن مشئمات بحوره / وأنهم لكن منجدات مساعيه
كأني به في مكة أو مدينة / ملاقوه أهلوها فيدهش لاقيه
فمن مرتجٍ منه ومن مغرم به / ومن آخذ عنه ومن واثق فيه
فكيف وما لي والنجوم أعدها / ومن منكر للبدر حسن تجليه
مدحت ولكن سيداً بمديحه / يخال كتاب اللَه أني تاليه
فواتحه العليا براعة نظمه / وآيته الزهراء غر قوافيه
لقد نضح القلب الصفي بسره / وكل أناء ناضح بالذي فيه
وشبهك محمود السجايا محمد / ولا فرق حتى ما يصحح تشبيهي
فمن فكرة في العلم ما إن أجالها / تجلت غريبات حساناً خوافيه
ومن عزمه مذ صيغ منها حسامه / أتته تلبيه رقاب أعاديه
إلى غير هذا من حفاظ ونائل / فيأمن لاجيه وينعش راجيه
وحسب حسين أحسن المدح والثنا / بذاك دعاه مذعناه مسميه
ودونكها ليلية بنت ليلها / وما فاتها دري وفيها دراريه
بقيتم بقاء الدهر يا آل أحمد / تشاد لكم أعلامه ومبانيه
فأنتم بهذي الأرض أحسن ما بها / كأفق السما والشهب أحسن ما فيه
سرت بحجاب من منعي حجاب
سرت بحجاب من منعي حجاب / إلى حجب من جندل وتراب
ضفت عزة في عفة وتمنع / لتسكن منها في ثلاث قباب
محجبة كفُّ الردى لا تمسها / لتقبض إلا من وراء حجاب
فلولا تجلي شأنها في سموها / لما لاح معناها بلفظ خطاب
عليٌّ أبوها والبتولة أمها / ومولدها من مكة بشعاب
لعمرك ما قول الوليد بمثلها / وفي مثلها تنزيل آي كتاب
بنا أنت من مجفوة قد عتبتها / وهاجرة لم تنعطف بعتاب
وذاهبة ما أنكرت من طباعها / سوى أنها ما استأذنت لذهاب
أقامت بجنب المرتضى وهي جنبه / وآبت إلى زلفى وحسن مآب
رويداً أبا الهادي فما جل فادح / وإن جل إذ أصبحت عز جناب
فرزء الفتى لا رزؤها بمصابها / إذا عدت الأرزاء فعل صواب
فما تقدح العلياء من ذي مصيبة / كما تقدح العلياء لبوة غاب
إليك تشد العيس إما مناخة / لعلم وإما لاكتساب ثواب
وتعطي فما أدري سحاباً كراحة / لعمر أبي راحة كسحاب
رقيق حواشي الطبع والبيض خيرها / رقاق الشبا إن جردت لضراب
فلا زلت معمور الجناب لطالب / فلم يك إلا فيك نجح طلاب
لفقد الهدى أو قل لفقد أبي الهادي
لفقد الهدى أو قل لفقد أبي الهادي /
وحلت عن الأنضاء أرحلها التي / تشد لعلم أو لنيل وأرفاد
بلى ما اقشعر الأفق إلا لنكبة / صوارخها عجت بندب وتعداد
ثوى واحد العصر الذي لف برده / قبائل فهر من جموع وآحاد
إذا ما روت عنهم أحادث فضلهم / مناقبه صحت لصحة إسناد
سمعنا مزاياهم حديث محدث / فكانت بمرآه عياناً لمراد
تبلج عن نور النبي جبينه / تبلج صبح قد محا ليل الحاد
وأفصح عن نهج البلاغة قيله / وأفصح منطيق يرى النطق بالضاد
وكان النجار الفاطمي نجاره / فطاب وطيب المرء من طيب البلاد
فأين محط الرحل يا أينق السرى / وأين منال الري يا غلة الصادي
وأين الحمى مخضرة جنباته / كأن عليها سندسية أبراد
وأين جماهير الرجال مغذة / تروح إليه من ملوك وأجناد
وأين ترى غوغاءها وادعاءها / تقوم في دؤوب وترداد
تأمل تجد بدراً ثوى تحت تربة / وبحراً طغى لجيه فوق أعواد
فديتك بدراً غارباً بعد طلعة / وبحراً سجت أمواجه بعد إزباد
رحلت فكانت رحلة العلم والتقى / وما سريا مسراك إلا لميعاد
ورحت وللأرواح فيك علاقة / مكذبة أن تستقر بأجساد
ورهطك كل قد لوى لك جيده / فكان شعار الحزن حلية أجياد
ألا أيها الغادي وليتك سامع / إذا ما دعا الداعي ألا أيها الغادي
بودي لو تدنو فتسمع لوعتي / عليك ولو تصغي فتسمع إنشادي
قضيت فما عهد الدموع بمنقض / ونار الجوى تشوي الضلوع بإيقاد
كأن ندى كفيك عاد لأعين / ونار قراك اليوم عادت لأكباد
هو الطود لا بل يصغر الطود عند من / ثلاث أثافيه ثلاثة أطواد
فيا عبرتي عيني جوداً ففيكما / إذا لم تساعدني لأحبة إسعادي
ويا أيها الاحي رويدك لاحيا / فإنك في واد وإني في وادي
ولو قد عرفت الحب معرفتي به / لا تهمت اتهامي وأنجدت إنجادي
ويا راكباً حرفاً كأن قتودها / يشد بطاناها على الأطلس العادي
هي البرق لكن اسمها شدقمية / تألقها للمدلجين بمرصاد
رفيعة عنق مستطيلة غارب / عميمة أعضاء سليمة أعضاد
تشق الفيافي غيهبا بعد غيهب / وتطوي الفلا طي التجار لأبراد
أنخها بحيث الدار قدسية الثرى / وحيث تلاقى رائح الوحي بالغادي
وللمصطفى الهادي أرحها معزياً / فذا الرزء كل الرزء للمصطفى الهادي
وأي أب لم تفجعه فجعة ابنه / وكم ثم من آباء صدق وأجداد
ولولا العزا عن صالح لمحمد / ضربنا وراء الصبر سبعة أسداد
فهذا السنا الوضاح من ذلك السنا / وهذا الشذى الفياح من ذلك الوادي
إذ عم معروف الفتى عم رزؤه / فمثل سرور المرء لا عجه البادي
لذا ألبس الأحياء حزن مآتم / فتى قد كسا أيامهم أنس أعياد
فحسبك عن بدر بهالة أنجم / وعن أسد ضار بأجمة آساد
سلمت لنا للملتجي خير معقل / يمد البرايا بين سيب وإمداد
ففي الجهل تعليمٍ وفي الهول منعةٍ / وفي الجدب إخصابٍ وفي الغي إرشاد
ألست أخا الذهن الذكي تلهبت / مقابسه فينا تلهب وقاد
إذا عمت الآراء في الخطب حيرةٌ / هديت لإصدار صحيح وإيراد
وكم لك من أسياف رأي تسلها / إذا كانت الأسياف أولى بإغماد
وتملي فما لابن العميد بديهة / كما لك إذ تملي ولا لابن عباد
وك لك من مرمى بعيد كأنما / بايدي الورى عن نيله قيد أصفاد
أياديكم أوتاد كل فضيلة / وهل تعقد الأوتاد إلا بأوتاد
فلا زال بيت فيكم منع جاره / معرس وفاد وكعبة قصاد
وجاد سحاب العفو مرقد صالح / لدى الذكوات البيض من أيمن الوادي
ابن لي نجوى لو تطيق بيانا
ابن لي نجوى لو تطيق بيانا / الست لعدنان فماً ولسانا
وابلغ خطاباً فالبلاغة سلمت / لكفيك منها مقوداً وعنانا
وجل يا جواد السبق في حلباتها / فهاشم سامت للسباق رهانا
أغيث الأيادي قد تقشع غيثها / وحين المعادي كيف حينك حانا
صرعت وما خلت الردى يصرع الردى / لعمري وما يفني الزمان زمانا
فيا صارماً لاقى من الموت صارما / بلى وسناناً ذاق منه سنانا
رماك الردى فينا بماضي سهامه / فأصمى لأحشاء الكمال جنانا
لقد حسرت فيه مقاتل غالب / وكم أفرغته نثرة لتصانا
أجوهرة الدنيا التي قد تزينت / به واكتسبت من بشره اللمعانا
حملت على الجيد الذي زتنه ثناً / لتجمع فيه جوهراً وجمانا
حجى حملت منك الرقاب وسؤددا / يعدان في الشم الرعان رعانا
بنعشك رضوى أم بنعشك يذيل / وما شأن ذين عز شأنك شانا
كأن رواسي الهضب أجنحة القطا / عليك لما ألزمتها الخفقانا
كأن مجاري الدمع أودية الحيا / تديم عليك الوكف والهملانا
تولي زمان الوصل لم نشعرن به / أجدك جدد للوصال زمانا
وما خلت أن الفضل آخر عهده / صبيحة عاتبنا بك الحدثانا
أرى لمثار الحزن زفة لاعج / لو اعترضت أقسى الأخاشب لانا
فإن مسحت كفي دموعي عذلتا / وقلت لمحزون خضبت بنانا
فيا صعدة قد أقصدت فتقصدت / بمن بعدك العليا تؤم طعانا
لقد أكبروا فيك النعي فكبروا / كما سمع الركب الهجود آذانا
أمستنهض الحي الحلال لغارة / ثويت ولم ترض الثواء زمانا
فكم لك إذ تدعو ابن أحمد ندبة / تزلزل رضوى أو تزيل إبانا
أطلت ولم تملل بكاك عليهم / فطال ولم نملل عليك بكانا
تمنيت أنت تبقى فتدرك ثارهم / منانا ولسنا بالغين منانا
لقد سرت عنا والغيوب فخلطت / خواطر وهمٍ أنفس تنفاني
فكم خلت أمراً كائناً ثم لم يكن / وكم خلت أمراً لا يكون فكانا
يذكرني النسران كفيك طائراً / علا في السما أو واقعاً يتدانى
وكم قولة أتبعتها صدق فعلة / وكم قائل قال الصواب فمانا
لقد كنت في الدنيا مقارن سعدها / عقيدين لكن قد وفيت وخانا
أمنت عليك الحتف أنك حتفه / وهل تركت كف المنون أمانا
بلى نحن في طيف الكرى وتخالنا / من السكر يقظى لا بطيف كرانا
بمعشوقة لم ترع ذمة عاشق / وشنآنة لم نولها الشنآنا
نرى وصلها وهو المحال فرضة / كما أوجبت هجراننا وجفانا
أجدك علمني لوصلك حيلة / فانت الذي علمتني الهيمانا
وهب أن سمعي قانع بحديثكم / أللعين معنى أو تراك عيانا
وما آسفاً ما إن مضي الدهر كله / هباء إذا أبصرت وجهك آنا
إلى النزوات العيس تلوي أعنة / وهيهات ليست تملك النزوانا
وليست تشيم البرق من أبرق الحمى / بلى قد تشم الشيح والعلجانا
وليست تنال الري عباً وعلها / إذا ظمئت أن تبلغ الرشفانا
فيا أخوي المدلجين كليهما / إذا جزتما الجرعاء فانتظرانا
ويا صاحبي لا تلو عنها معرقا / هلم لننعى من نحب كلانا
ولا تدع للنهج الذي أنت ناهج / سوى من يرى نار الحبيب عيانا
وقم نجتل النار التي قال خابط / من الناس حسبي أن رأيت دخانا
وإن لمعت فاقصد لمشرق ضوئها / وأم شروق الضوء لا اللمعانا
ولا يختلسك الوهم دون مكانها / فثم وإلا لا تحل مكانا
فمن للقوافي الغر بعدك حيدر / يساجل فيها دائناً ومدانا
فكم من كريم ألبست تاج مفرق / وكم من لئيم ألبسته عرانا
وكم درر أهديتها لمحمد / فكنت كمن حلى الجمان جمانا
فتى ساكت إلا عليه فم الثنا / ولا مسلس إلا إليه عنانا
هو ابن أبي شيخ الأباطح طالب / فقر مكيناً في العلى ومكانا
يعد صواباً كل مدح يزوره / وإن جازه أعددته الهذيانا
نحت بيته العليا فقر قرارها / ولولاه فرت تألف الجولانا
أناخت بمغناه مناخ إقامة / حميداً وألقت كلكلاً وجرانا
وهل غارب الوجناء يمسك كورها / إذا أنت لم تشدد عليه بطانا
ولن يملك العلياء إلا موفق / أعين على علاتها وأعانا
قد أطرح الناس العلى وطلابها / سواه فأضحى دائناً ومدانا
تناخ عجافاً عنده عيس وفده / فيقريهم أضعافهن سمانا
بما تسع البيد القفار موائداً / من الجزر استصغرتهن جفانا
لئن كان عن ريح الصبا خف طبعه / لما أدركت رضوى حجاه وزانا
رأى الغيب حقاً رأي غير مشاهد / فاعر عن مكنونه وأبانا
رأى بذله أن جاءه مستحقه / وأبصر من عنه يصان فصانا
وحسب حسين أنه من محمد / كما هو منه خبرة وعيانا
رضيعي لبان ثدي أم تحفالفا / إلا طاب ذياك اللبان لبانا
توركتما يا سيدي كلاكما / شوارف مجد لم يزلن هجانا
توركتماها واجديها نواعماً / إذا ما رآها الناكصون خشانا
وأحببتما حب المديح فسدتما / ولم تهجراه غفلة وهوانا
فلو دان ملك للثناء لدنتما / بلى لكما زان الثناء ودانا
وبالأنجبين الطيبين تعزيا / أجل بهما عظم الرزية هانا
عنيت حسيناً والأغر ابن عمه / جوادي رهان حائزين رهانا
فما جف ذاك السيل بل عاد ماؤه / غديرين من سلساله سقيانا
كقرطين حلي عاطل المجد فيهما / فزينا بدري النظام وزانا
هلالين في برج العلى قد تطلعا / فوافها برج الكمال قرانا
سقى مستهل العفو تربة حيدر / وإن حل منها روضة وجنانا
ودونكماها وردة في أوانها / فإن لأثمار القريض أوانا
وحسناء قد وافت أمام كواكب / تطلعن في وشي الجمال حسانا
مهذبة ألفاظها عربية / مذهبة أبياتها تتدانى
عراقية بكر المعاني تخالها / لهلهةٍ في لفظهن عوانا
شرود القوافي لم تطع كف لامس / فما برحت خلف الحجاب حصانا
تضيف إلى علم المعاني معانيا / وتنسق من علم البيان بيانا
ألا واملكوا رق الزمان بقيتم / بقية ما أبقى المليك زمانا
أراع من الأقدار من لا تريعه
أراع من الأقدار من لا تريعه / ومن ردعه لو شئت لا تستطيعه
وناشك ناب من أفاعي منية / بغير التسالي لا يداوي لسعه
وأني وعنك اليوم بأن أخو النهى / وأضحى العلى منه قفاراً ربوعه
ربيع الثرى أن أجدب العام ممحلا / فأصبح قلباً في حشاه ربيعه
أناخت حمى العلياء فيك ملمة / فأضحى مباحاً للمنايا منيعه
فما هو إلا الغيث أو غوث صارخ / أخو الخلق المرضي راق صنيعه
فما هو مشكور لديه صنيعه / إذا ما سقت زهر البطاح ضروعه
فصبري وسلواني عليك محرم / وما زال طرفي لليالي هجوعه
فهل أنت ألا سر مجد أذاعه / زمان وأمسى كاتماً لا يذيعه
إلا عجباً للحد كيف يضمه / وقد كان دهراً لم يسعه وسيعه
وتصبح رهن الترب تحت رخامة / ودونك نجم الأفق بات رفيعه
فمن راجع لا يستطاع ذهابه / ومن ذاهب لا يستطاع رجوعه
سقى بقعة ضمتك بين صخورها / ملث سكوب القطر تهمي ضروعه
ألا أي بدر غاب تحت الجنادل
ألا أي بدر غاب تحت الجنادل / وأي فتى غالته أيدي الغوايل
ومن نصبت أيدي المنون حبائلاً / له فأنثني مستوثقاً في الحبائل
هو الباسم العباس أكرم ماجد / نمته إلى العلياء أزكى القبائل
أخو العلم طود الحلم ذو المجدو الحجى / أبو الفضل من عم الورى بالفضائل
فصيح بقسٍ إن تقسه فصاحة / تكن مثل من قد قاس قسا بباقل
وأين إياس من ذكاه وحاتم / أخو الجود من جدواه في يوم نائل
فيا يومه قد كنت أسوأ طالع / علينا برزء فادح الخطب هائل
ويا راحلاً عن شر دار وذاهبا / إلى خير دار أمها خير راحل
سأعول بالويلات بعدك صارخا / عليك صراخ المعولات الثواكل
وأذرف من جفني القريح مدامعاً / تصوب كصوب المعصرات الهواطل
وإن جف دمعي لست أبرح باكياً / عليك بدمع من دم القلب سائل
لو أن الردى مما يدافع بالردى / أذن لدفعنا بعضب وذابل
ولو كان يرضى بالفدا حادث الردى / فدتك بحوباها سراة القبائل
ولكنما صرف الردى أن دهى فما / لراكبِ منجىً منه يوماً وراجل
فكم صرعت أيدي الردى من شمردلٍ / هزبر شديد البأس أشوش باسل
وكم جحفل للحرب ثار قتامه / رماه الردى من بأسه بجحافل
أبا محسن أن الزمان وإن أتى / بداهية دهماء شتى البلابل
فإن أفول النجم ليس بضائرٍ / لمسترشد والبدر ليس بآفل
فديناك يا نعم المفدى بقومنا / ولا زلت في برد العلى خير رافل
ودمت لنا سامي الذرى أبد المدى / ملاذاً وظلاً سرمداً غير زائل
وجدوى لمستجد وملجى لملتجٍ / وغوثاً لملهوفٍ وغيثاً لآمل
ودامت شآبيب الرضاء على ثرى / أبى الفضل تهمي بالضحى والأصائل
بعيشك إن ناجت سراك النواجيا
بعيشك إن ناجت سراك النواجيا / وللذكوات البيض قدت المذاكيا
فعرج على وادي الغري مناديا /
ألا أيها الوادي أجلك واديا / تضمنت ميمون النقية حيدرا
إمام هدى عم البرية عدله / اقام بواد فاخر الشهب رمله
فانت وحق المرتجي فيك فضله /
حقيق لك الفخر الذي ليس مثله / فلا الفلك الأعلى يساويك مفخرا
وهادي رشاد يقتفي الحق أثره
وهادي رشاد يقتفي الحق أثره / أبان سبيلاً عبق الطيب نشره
فقل لامرء لم يشرح اللَه صدره /
سبيل علي شرف اللَه قدره / سبيل علي طيب العبقان
فما نفحات الرند من نفحاته / إذا نفحت بالطيب ست جهاته
وكم فاح بالمعتل من نسماته /
يضوع عبيق المسك من حجراته / كما ضاع نشراً نابت العلجان
خصيب ووجه الأرض ينصاح مجدنا / وينجح إن لم ينجح السعي مطلبا
ومذ شمت برقاص لم يكن منه مخلبا /
أنخت بجنبيه ركائب شزباً / فعدن سمانا وانقلبت كسلطان
أما وأريج في شذى عرفه الشذي / ومرقد سر ما مشى فيه محتذي
لئن كان حبي من شظى النار منقذي /
فكم في حماه يحتمي العاثر الذي / المت خطاياه عليه بنيران
نأيتم فأجفاني شرقن بغربها
نأيتم فأجفاني شرقن بغربها / دما وعلي الأرض ضاقت برحها
أحباي عن أشجان قلبي وخطبها /
سلوا الليلة الأولى التي بنتم بها / عسى يعرف الوجد المبرح بالصب
بقيت بها والنفس تشكو شجونها / تطارحني ذات الجناح حنينها
ومن فرط أحزان أرى الموت دونها /
بكيت بها حتى أشبت قرونها / عليكم بوجد يحفز القلب من جنبي
ولو أن ما قاسيت من بعض كربها / بصم الرواسي فض أفلاذ قلبها
فذي الليلة الأولى وذي حالتي بها /
وخلوا عن الأخرى فأيسر خطبها / وددت بأني قد قضيت بها نحبي
أرقت دموعي من دم إذ أرقتها
أرقت دموعي من دم إذ أرقتها / وأحشاي في أيدي الغرام نهبتها
وفي الهجر كم حرب علي شننتها /
سلبت عظامي لحمها فنبذتها / عواري في أشلائها تتكسر
ودي كبدي يوم النوى قد سلبتها / وفي قبسات الشوق وجداً أذبتها
وهذي عظامي بالجفا قد رضضتها /
وأخليت منها مخها فتركتها / أنابيب في أجوافها الريح تصفر
لقد كاد أن يخفى على الناس منظري / لفرط ضنى قد عيل منه تصبري
وإن شئت أن تستعلمي كيف مخبري /
خذي بيدي ثم ارفعي الثوب تنظري / ضنى جسدي لكنني أتستر
ألا إن نفسي فيك تشكو عناءها / فذابت وأجرت بالدموع دماءها
وها فيك عيني قد أدامت بكاءها /
وليس الذي يجري من العين ماءها / ولكنها نفسي تذوب فتقطر
من الهم في قلبي أطلت غمامةٌ
من الهم في قلبي أطلت غمامةٌ / لها كل يوم في الشجون انسجامة
ومن حيث أخفت هم قلبي شهامة /
أقول وقد ناحت بقربي حمامة / أيا جارتا هل تعلمين بحالي
أنوحاً ولم تصدعك صادعة النوى / ولا سعرت أحشاك وارية الجوى
تنوحين لا عن صبوة / نوح من هوى
معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى / ولا خطرت منك الهموم ببال
بكيت وجسمي شفه السقم والضنى / وفي كبدي ما يعلم اللَه من عنا
يحق لذي الهم البكا ولك الغنا /
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا / تعالى أقاسمك الهموم تعالي
على فرط ما بين من جوى لي خليقة / تسر ولي في الكبرياء حقيقة
وعينك من مجرى الدموع غريقة /
أيضحك مأسور وتبكي طليقة / ويسكت محزون ويندب سالي
أكابد من أحزان قلبي غلة / تؤجج في أحشاء صدري شعلة
وما أخضلت جفني دموعي بلة /
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة / ولكن دمعي في الحوادث غالي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025