المجموع : 86
أَبِيتُ خَمِيصَ البَطنِ غَرثَانَ جائِعاً
أَبِيتُ خَمِيصَ البَطنِ غَرثَانَ جائِعاً / وأُوثرُ بِالزّادِ الرَّفِيقَ على نَفسِى
وأُفرِشُهُ فَرشِى وأَفتَرِشُ الثَّرَى / وأَجعَلُ مَسَّ الأَرضِ مِن دُونِهِ لَبسِى
حِذارَ أَحاديثِ المَحافلِ فى غَدٍ / إِذا ضَمَّنِى يَوماً إِلَى صَدرِهِ رَمسِى
ذَكَرتُكِ وَالنّجمُ اليَمانِى كأَنَّهُ
ذَكَرتُكِ وَالنّجمُ اليَمانِى كأَنَّهُ / وَقَد عارَضَ الشِّعرَى قَرِيعُ هِجَانِ
فَقُلتُ لأَصحَابِى ولاحَت غَمامَةٌ / بِنَجدٍ أَلا لِلهِ ماتَرَيَانِ
فَقالا نَرَى بَرقاً تَقطَّعُ دُونَهُ / مِنَ الطَّرفِ أَبصارٌ رَوَانِى
أَفِى كُلِّ يَومٍ أَنتَ رامٍ بِلادها / بِعَينَينِ إِنساناهُما غَرِقا
فَعَينَىَّ يا عَينَىَّ حَتَّامَ أَنتُما / بِهِجرانِ أُمِّ الغَمرِ تَختَلِجانِ
أَما أَنتُما إِلاّ عَلَىَّ طَلِيعَةٌ / عَلَى قُربِ أَعدائِى وَبُعدِ مَكانِى
إِذا اغرَورَقَت عَيناىَ قالَ صَحابَتِى / إِلى كَم تَرَى عَيناكَ تَبتَدِرَانِ
عَذَرتُكِ يا عَينِى الصَّحيحَةَ بالبُكَا / فَمالَكِ يا عَوراءُ وَالهَمَلانِ
أَلا فَاحمِلانِى بارَكَ اللهُ فِيكُما / إِلى حاضِرِى الماءِ الّذِى تَرِدَانِ
فإنَّ عَلَى الماءِ الّذِى تَردانِهِ / غَرِيماً لَوَانِى الَّينَ مُنذ زَمانِ
لَطيفَ الحَشَا عَذبَ اللَّمَى طَيِّبَ النَّثا / لَهُ عِلَلٌ ما تَنقَضِى لأَوانِ
دَعَوتُ إِلهَ النَّاسِ عِشرِينَ حِجَّةً
دَعَوتُ إِلهَ النَّاسِ عِشرِينَ حِجَّةً / نَهاراً وَلَيلا فِى الجَمِيعِ وَخالِيا
بِأَن يَبتَلِى لَيلَى بِمِثلِ بَلِيَّتِى / فَيُنصِفَنِى مِنهَا لِتَعلَمَ حالِيَا
فَلَم يَستَجِب لِى اللهُ فِيهَا وَلَم يُفِق / هَواىَ وَلكِن زِيدَ حَتَّى بَرانِيَا
فَيَا رَبَّ حَبِّبنِى إِلَيها وَأَشفِنِى / بِها أَو أَرِح مِمَّا يُقاسِى فُؤَادِيَا
يُقُولُونَ مَجنُونٌ بِسَمراءَ مُولَعٌ
يُقُولُونَ مَجنُونٌ بِسَمراءَ مُولَعٌ / نَعَم زِيدَ فى حُبّى لهَا ووَلُوعِى
وَإِنّى لأُخفِى حُبَّ سمرَاءَ مَوهِناً / وَيَعلَمُ قَلبِى أَنَّهُ سَيَشِيعُ
أَظَلُّ كأَنّى واجمٌ لِمُصِيبةٍ / أَلَمَّت وَأَهلِى سالِمُونَ جَمِيعُ
ولا خَيرَ فى حُبٍّ يكونُ كأَنّهُ / شَغَافٌ أَجنَّتهُ حَشاً وَضُلُوعُ
إذا لَم يكُن فيهِ ثَنَاءٌ مُحَبَّرٌ / وَمُطَرَّحٌ قَولُ الوُشَاةِ مَنِيعُ
متى الدَّينُ يا أُمَّ العَلاءِ فقد أَنَى
متى الدَّينُ يا أُمَّ العَلاءِ فقد أَنَى / أَنَاهُ مُؤَدَّىً للغَرِيمِ المُطالبِ
لقد طالما استَنسَأتِ إِمّا لِتَظلمِى / وإِمّا لتُرضِى بالقَليلِ المُقاربِ
لقد زَعَم الواشونَ أَنِّى صَرَمتُهَا / وكلُّ الذى عدُّوا مَقالةُ كاذبِ
وكيفَ عَزاءُ النَّفسِ عنها وحبُّهَا / يزيدُ إِذَا ما رثَّ وَصلُ الكَواعِبِ
أَما يَستَفِيقُ القَلبُ إِلاّ انبَرى لَهُ
أَما يَستَفِيقُ القَلبُ إِلاّ انبَرى لَهُ / تَوَهُّمُ صَيفٍ مِن سُعادِ وَمَربَعِ
أُخادِعُ عَن أَطلالِها العَينُ إِنَّهُ / مَتَى تَعرِفِ الأَطلالَ عَينُك تَدمَعِ
عَهِدتُ بِها وَحشاً عَلَيها بَرَاقِعٌ / وَهذِى وُحُوشٌ أصبَحَت لَم تَبَرقَعِ
وَجَدتُ بها وَجدَ المُضِلِّ بَعِيرَهُ
وَجَدتُ بها وَجدَ المُضِلِّ بَعِيرَهُ / بمَكَةَ وَالحُجّاجُ غادٍ ورَائحُ
وَجَدتُ بها مَا لَم تَجِد أُمُّ وَاحِدٍ / بِوَاحدِها تُطوَى عليهِ الصَّفائحُ
وَجَدتُ بها ما لَم يَجِد ذُو حَرارَةٍ / يُرَاقِبُ جُمّاتِ الرَّكِيِّ النَّزَائحِ
أَبَيتِ بِأَلا تَرثَئى لي فكيفَ لي / بأَن تَنظُرِى بَينَ الحَشا وَالجَوانِحِ
فَتُخبِرَكِ العَينَانِ عَن قَلبيَ الَّذِى / مَلِلتُ به لا كالقُلوبِ الصَّحائحِ
خَلِيلىَّ هَل مِن حِيلَةٍ تَعلَمانِها
خَلِيلىَّ هَل مِن حِيلَةٍ تَعلَمانِها / تُسَكِّنُ وَجدِى أَو تُكَفكِفُ مَدمَعَا
وَهَل سَلوَةٌ تَسلِى المُحِبَّ مِن الهَوَى / وَتَترُكُ مِنهُ ساحَةَ القَلبِ بَلقَعَا
فَقالاَ نَعَم طَىُّ الفَيافِى وَنَشرُها / إِذا اجتَذَبا حَبلَ الغَرامِ تَقَطَّعَا
وَلَيسَ كَمِثلِ اليَأسِ يَدفَعُ صَبوةً / وَلاَ كَفُؤَادِ الصَّبِّ صادَفَ مَطمَعَا
إِذا القلبُ لَم يَطمَع سَلاَ عَن حَبِيبِهِ / وَلَو كانَ مِن ماءِ الصَّبابةِ مُترَعَا
فَجَرَّبتُ ما قَالُوا فَلَم أَلقَ راَحضةً / فَأَيقَنتُ أَنَّ القُربَ ما زَالَ أنفَعَا
وَقَد زَعَما أَنَّ الهَوَى يُذهِبُ الهَوَى / وَما صَدَقَا فِى القَولِ حِينَ تَنَوَّعَا
وَلَيسَ شِفاءُ الصَّبِّ إِلاّ حَبِيبَهُ / وَإِن لَم يَصِل كانَ التَّجاوُرُ اًنفَعَا
تَجارِيبُ مَن قَاسَى الهَوَى فِى شَبابهِ / وَلَم يَسلُ عَنهُ أَشيَبَ الرَّأسِ أَنزَعَا
إِلى اللهِ أَشكُو لا إِلَى النّاسِ أَنَّنِى
إِلى اللهِ أَشكُو لا إِلَى النّاسِ أَنَّنِى / قَرِيبٌ وَأَنَّى حاضِرٌ لا أَزورُهَا
وَأَنِّى إِذا ما جِئتُ بَيتَكِ أَرشَقَت / إِلىَّ بَصِيراتُ العُيُونِ وَعُورُهَا
وَإِنِّى لأَرضَى مِنكِ يا لَيلَ بِالذِى
وَإِنِّى لأَرضَى مِنكِ يا لَيلَ بِالذِى / لَوَ أبصَرَهُ الواشِى لَقَرَّت بَلابِلُه
بِلا وبِأَن لا أَستَطِيعُ وبِالمُنَى / وَبِالوَعدِ والتَّسوِيفِ قد مَلَّ آمِلُه
وَبِالنَّظرَةِ العَجلَى وَبالحَولِ تَنقَضِى / أَواخِرُهُ لا نَلتَقِى وَأَوائلُه
أَلا لَيتَنا كُنّا طَرِيدَينِ فِى دَمٍ
أَلا لَيتَنا كُنّا طَرِيدَينِ فِى دَمٍ / يُطالِبُنا قَومٌ شَدِيدٌ تُبُولُها
فنَخفَى عَلَى حَدسِ العَدُوِّ وَظَنِّهِ / ويُحرِزُنا عَرضُ البِلادِ وَطُولُهَا
أَحَقاً عِبادَ اللهِ أَن لَستُ رَائياً
أَحَقاً عِبادَ اللهِ أَن لَستُ رَائياً / سَنامَ الحِمى أُخرى اللّيَالى الغَوَابرِ
كأَنَّ فُؤَادِى مِن تَذكُّرِهِ الحِمى / وَاَهلَ الحِمى يَهفو بِهِ رِيشُ طائرِ
يُقُولونَ لَيلَى بِالمَغِيبِ أَمِينَةٌ
يُقُولونَ لَيلَى بِالمَغِيبِ أَمِينَةٌ / لَهُ وَهوَ راعٍ سِرَّهَا وَأَمِينُهَا
فإِن تَكُ لَيلَى استَودَعَتنِى أَمَانَةً / فَلا وَأَبِى لَيلَى إِذن لا أَخُونُها
أَأَرضِى بلَيلَى الكاشِحينَ وَأَبتَغِى / كَرَامَةَ أَعدَائِى بِهَا وأُهِينُهَا
مَعَاذَةَ وَجهِ اللهِ أَن أُشمِتَ العِدَى / بِلَيلَى وَإِن لَم تَجزِنى مَا أَدِينُهَا
وَأُعرِضُ عَن أُمِّ البَخِيلِ وَاَتَّقِى / عُيُونَ العِدَى حَتّى كأَنّى أُهِينُها
وَفِي القَلبِ مِن أُمِّ البَخِيلِ ضَمانَةٌ / إِذا ذُكِرَت كادَ الحَنِينُ يُبِينُها
أَتَتَنَا بِرَيَّاهَا جَنُوبٌ مُرِبَّةٌ / لَها بَردُ أنفاسِ الرِّيَاحِ وَلِينُها
مِنَ المُشرَباتِ المُزنَ هَيفٌ كأنَّها / بِمِسكٍ وَوَردٍ وَهىَ لُدنٌ مُتُونُها
تَطَلَّعُ مِن غَورَينِ غَورَى تِهَامَةٍ / بِريحِ ذَكِىِّ المِسكِ فُضَّ حَطِينُها
يَحِنُّ لَها العَودُ الرَّذِىُّ صَبَابَةً / وَيَجرِى قَرَارَ المَاءِ خَصراً بُطُونُهَا
بأَهلى وَمالى مَن بُليتُ بِحُبِّهِ
بأَهلى وَمالى مَن بُليتُ بِحُبِّهِ / وَمَن حَلَّ فِى الأَحشَاءِ دَارَ مُقَامِ
وَمَن وَجَلالِ اللهِ حَلفَةَ صَادِقٍ / بري حُبُّهُ لَو تَعلَمينَ عِظامِى
وَإِنّي لَيثنيني وما بى جَلادَةٌ / عَنَ آتيكِ أقوَامٌ عَلَىَّ كِرامُ
مَخافةَ أن تَلقَي أذىً أو يُفيدَنى / هَوَاكِ مَقاماَ لَيسَ لى بِمَقَامِ
يقولونَ قد أمسى وبَلَّ وَقَلّمَا / أُبِلَّنَّ أو يَعتَادَ مِنكِ سَقامِى
فلمّا رَأَيتُ النّاسَ فيكِ وَأَصبحُوا / أَعادِىَّ لَم يُردَد عليكِ سَلامِى
علِمتِ الَّذِى يُرضِى العِدَى فَاَتَيتِهِ / كأن لَم يَكُن مِنّا ذِمامُ
فإن كُنتِ تَجزِينَ المُحِبَّ بِحُبِّهِ / أمَيمَ فَقَد وَاللهِ طالَ هُيامِى
وَإِلا فُردِّى العَقلَ مِنّى وَسَلِّمِى / إِليَّ فُؤَادِى وَاذهَبى بِسَلاَمِ
وِصالُ الغَوَانى بعدَ ما قَد اذَقتِنى / عَلَىَّ إِذا أَبلَلتُ مِنكِ حَرَامُ
ذَكَرتُكِ وَالحَدَّادُ يَضرِبُ قَيدَهُ
ذَكَرتُكِ وَالحَدَّادُ يَضرِبُ قَيدَهُ / عَلَى السّاقِ مِن عَوجاءَ بادٍ كُعوبُهَا
فَقُلتُ لِرَاعِى السِّجنِ وَالسِّجنُ جامِعٌ / قَبَائِلَ مِن شَتَّى وشَتَّى ذُنُوبُهَا
أَلاَ لَيتَ شِعرِى هَل أَزُورَنَّ نِسوَةً / مُضَرَّجَةً بِالزَّعفَرانِ جُيُوبُهَا
وَهَل أَلقَيَن بِالسِّدرِ مِن أَيمَنِ الحِمَى / مُصَحَّحَةَ الأَجسامِ مَرضَى قُلُوبُهَا
بِهِنَّ مِنَ الدَّاءِ الّذِى أنا عارفٌ / وَلا يَعرِفُ الأَدواءَ إِلاّ طَبِيبُهَا
عَلَيهِنَّ ماتَ القَلبُ مَوتاً وجانَبَت / بِهِنَّ نَوَى غِبٍّ أَشَتَّ شَعُوبُهَا
يَقُولُونَ لا تَنظُر وَتِلكَ بَلِيَّةٌ
يَقُولُونَ لا تَنظُر وَتِلكَ بَلِيَّةٌ / أَلاَ كُلُّ ذِى عَينَينِ لا بُدَّ ناظِرُ
وَلَيسَ اكتِحَالُ العَين بِالعَينِ رِيبَةً / إِذا عَفَّ فِيما بَينَهُنَّ الضَّمائِرُ
إِلَى اللهِ أشكُو مُضمَرَاتٍ مِنَ الهَوَى
إِلَى اللهِ أشكُو مُضمَرَاتٍ مِنَ الهَوَى / طَواهُنَّ طُولُ النَّأىِ طَىَّ الصَّحائِفِ
أُقامَ بِنَحوِ الماء قَلبِى وباعَدَت / بِسائِرِ جُثمانِى قِلاصُ العَلائِفِ
وَدَّعتُ نَجداً بَعدَ هَجرٍ هَجَرتُهُ
وَدَّعتُ نَجداً بَعدَ هَجرٍ هَجَرتُهُ / قَدِيماً فَحَيّانِي سَقَتهُ الغَمائِمُ
أَلاَ يَا أُمَيمَ القَلبِ نَرضى إِذا بَدَا / لَنَا مِنكِ وُدٌّ مِثلُ وُدّيكِ دَائِمُ
هَجَرتُكِ أَيّاماً بِذِى الغَمرِ إِنّني / عَلَى هَجرِ أَيّامٍ بذِى الغَمرِ نادِمُ
هَجَرتُكَ إِشفاقاً عَلَيكِ مِنَ الرّدى / وَخَوفَ الأعادِى وَاجتِنَابَ النَّمائِمِ
فَلَمَّا انقَضَت أَيّامُ ذِى الغَمرِ وَارتَمَت / بِكِ الدّارُ لاَمَتنى عَلَيكِ اللَّوَائِمُ
وَإِنّى وَذَاكَ الهَجرَ لَو تَعلَمينَهُ / كَعَازِبةٍ عَن طِفلِهَا وَهىَ رَائِمُ
مَتى تَطرَحى قَولَ الوُشَاةِ وَتُخلِصى / لنا الوُدَّ يَذهَب عَنكِ مِنّا الذَّمائِمُ
وَمَا بَينَ تَفرِيقِ النَّوَى بَينَ مَن تَرَى / مِنَ الحيِّ إِلاّ أَن تَهُبَّ السَّمائِمُ
وَرُبَّ خَليلٍ سَوفَ تَفجَعُهُ النَّوى / بِخُلصَانِهِ لَو قَد تَغَنّى الحَمائِمُ
وَلَيسَ عَلَينَا أَن تَبينَ بِكِ النَّوى / فَتَنأَي ولاَ مِن أَن تَموتَ النّمائِمُ
وَلكِن عَلَينَا أَن تَجُودِى بنائلٍ / لِغَيرِى وَيَلحَانى عَلَيكِ اللَّوَائِمُ
فَما أَعلَمَ الواشِينَ بِالسِّرِّ بَينَنَا / وَنَحنُ كِلانَا لِلمَوَدَّةِ كاتِمُ
وَمَا نَلتَقى إِلاّ الفُجَاءَةَ بَعدَ ما / نَرى أَنَّ أَدنى عَهدِنا المُتَقادِمُ
وَمَا نَلتَقى إِلاّ لِماماً عَلَى عِدىً / عِدَادَ الثُّرَيّا وَهىَ مِنكِ الغَنائمُ
أُدَارِى بِهِجرَانيكِ صِيداً كأَنَّمَا / بآنفِهِم مِن أَن يَرَونى الغَمائِمُ
فأشهَدُ عِندَ اللهِ لاَ زِلتُ لاَئماً / لِنفسِىَ ما دَامَت بِمَرَّ الكَظائِمُ
لِمَنعَى مالاً مِن أُمَيمَةَ بَعدَ ما / دُعِيتُ إِليها إِنّ شَجوِى لَدَائِمُ
تباعَدتُ حَتَّى حِيلَ بيني وبينَهَا / كما مِن مَكانِ الفَرقَدَينِ النَّعائِمُ
أَلاَ هَل لأَيَّامٍ تَوَلَّينَ مَطلَبُ
أَلاَ هَل لأَيَّامٍ تَوَلَّينَ مَطلَبُ / وَهَل عاتِبٌ زارٍ عَلَى الدَّهرِ مُعتَبُ
أَرَى غِيرَ الأَيّامِ أَزرَى بِلِينِها / وَمَعروفِها دَهرٌ بِنَا يَتَقَلَّبُ
فَلِلنَّفسِ مِن ذِكرٍ لَما زالَ فانقَضَى / عَوَائدُ أَحزانٍ تَشُفَّ وَتُنصِبُ
غَلَبنَ اعتِزامَ الصَّبرِ فالقَلبُ تابِعٌ / لِداعِى الهَوَى مِن ذِى المَوَدَّةِ مُصحِبُ
فَمالَت بِكَ الأَيّامُ وَازدادَ هَفوَةً / لِذِكرِ الغَوانِى لُبُّكَ المُتَشَعِّبُ
عَلَى حِينَ لَم تُعذَر بِجَهلٍ وأَشرَفَت / عَلَيكَ أُمُورٌ لَم تَكُن لَكَ تُغضِبُ
ورَوَّحتِ الآياتُ والدِّينُ وَالنُّهَى / علَيكَ مِنَ الحِلمِ الّذِى كادَ يَعزُبُ
وكَيفَ معَ الحَبلِ الَّذِى بَقِيتَ لَهُ / قُوىً مُحكَماتٌ عَقدُهُنَّ مُؤَرَّبُ
يَزِيدُ فَناءُ الدَّهرِ فِيهِنَّ جِدَّةً / وَتَقلِيبُ أَشطانِ الهَوَى حَيثُ يَضرِبُ
تَرُومُ عَزاءً أَو تَرُومُ صَرِيمَةً / وَفى ذَاكَ عَن بَعضِ الأَذَى مُتَنَكَّبُ
عَنِ المُشِكلِ المُزجِى المَوَدَّةَ وَالّذى / يَبِينُ فَينأَى أَو يُدَانِى فَيَقرُبُ
مَعَ الطَّمَعِ اللّذ لا يَزَالُ يَرُدُّهُ / جَميلُ النَّثا والمَنظَرُ المُتَحَبَّبُ
وَقَد جُزِيَت بالوُدِّ سَلمضى وَمَا الهَوَى / بِمُستَجمِعٍ إِلاّ لمَن يَتَحَبَّبُ
وَقالت لَقَد أَعلَنتَ باسمِى وَأَيقَنَت / بِذَاكَ شُهُودٌ حَاضِرُونَ وغُيَّبُ
فَقُلتُ وإِنِّى حِينَ تَبغِى صَرِيمَتى / لَسَمحٌ إِذا ضَنَّ الهَيُوبُ المُلزّبُ
أَتَقرِبَةً لِلصَّرمِ أَم دَفعَ حاجةٍ / أَرَادَت بِهِ أَم ذاتَ بَينِكَ تَقرُبُ
وَأُقسِمُ ما اَدرِى إِذا المَوتُ زَارَنِى / أَسلمَى بِقَلبِى أَم أُمَيمةُ أَصقَبُ
فَما مِنهُمَا إِلاّ التِّى لَيسَ لِلهَوَى / سِوَاهَا عِنِ الأُخرَى مِنَ الأَرضِ مَذهَبُ
هُمَا اقتَادَتَا لُبِّى جَنِيباً وَلَم يَكُن / لِمَن لاَ يُجازِى بِالمَوَدَّةِ يَجنُبُ
فَلاَ القَلبُ يَنسَى ذِكرَ سَلمَى إِذا نَأَت / وَلاَ الصَّبرُ إِن بانَت أُمَيمةًُ يُعقِبُ
وَكَم دُونَ سَلمَى مِن جِبالٍ وسَبسَبٍ / إِذا قَطَعَتهُ العِيسُ أَعرَضَ سَبسَبُ
مَلِيعٍ تَرَى غِربانَ مَنزِلِ رَكبِهِ / عَلَى مُعجَلٍ لَم يَحىَ أَو يَتَطَرَّبِ
لِجِنّانِهِ وَاللَّيلُ دَاجٍ ظَلامُهُ / دَوِىٌّ كَما حَنَّ اليَرَاعُ المُثَقَّبُ
قَطَعتُ وَلَولاَ حُبُّهَا مَا تَعَسَّفَت / بِنا عَرضَهُ خُوصٌ تَخِبُّ وَتَتعَبُ
فَوَا كَبِدِى مِمَّا أُحِسُّ مِنَ الهَوَى
فَوَا كَبِدِى مِمَّا أُحِسُّ مِنَ الهَوَى / إِذا ما بَدا بَرقٌ مِنَ اللَّيلِ يَلمَحُ
لَئِن كانَ هَذا الدَّهرُ نَأياً وَغُربَةً / عَنِ الأَهلِ وَالأَوطانِ فَالمَوتُ أَروَحُ