المجموع : 385
رأى الغصن أعطاف الغزال المقرطق
رأى الغصن أعطاف الغزال المقرطق / فقامَ مقام المجتدي المتملق
وجاوبه والدمع يخطي فما درى / إلى البحرِ يمشي أم إلى البدر يرتقي
وما نافعي أطراف طرفيَ دونه / إذا كانَ طرف القلب ليس بمطرق
ليَ الله قلباً في اتّباع صبابة / كعاذله من قالَ للفلكِ أرفق
يميل لعذَّال الصبابة والهوى / إذا شاءَ أن يلهو بلحية أحمق
ويصغي إلى الواشي وليسَ بقائل / ويقضي على علم بكلِّ مخرّق
ويحثو تراب السبق في وجهِ عاشق / أراه غباري ثم قال له الحق
معنى بذي قدٍّ ثنى الرمح تابعاً / لأدرب منه في الطعان وأحذق
معنى بظبيٍ ينهب الناس لحظه / ويعزي إليهم كلّ سور وخندق
من الترك إلا أنه أسمر اللمى / لعُوب بأطراف الكلام المشقَّق
بروحيَ من لم يلقَ مضناه عادل / بمثل خضوع في كلام منمَّق
مسدّد نبل المقلتين كأنما / يخيّر أرواح الكماة وينتقي
بجفن رشاً إن تسمه السحر لم يحد / وإن تدعه حدّ الحسام فأخلق
أباد قلوب العاشقين فلم يدع / حبيباً لفاد أو رقيقاً لمعتق
وأغرق عذَّالي بدمعي ولم أرد / ولكنه من يرجم البحر يغرق
هوى كشأ الرأي الفلاني أنسباً / قنا ابن أبي الهيجاء في قلب فيلق
ونظمٌ يجاري الناظمين جوادُه
ونظمٌ يجاري الناظمين جوادُه / إذا شاءَ أن يلهو بلحيةِ أحمق
أتى من إمام منطقي فيه للثنا / وللحبِّ ما لم يبقَ منِّي وما بقي
أبا الفتح لو فاتحت بحراً أو ابنه / لقامَ مقام المجتدِي المتملّق
ويا من له في العقلِ والنقلِ خاطر / لعاد له من قال للفلك ارفق
لقد جدت حتى جدت في كلّ ناقلٍ / وحتى أتاكَ الحمد من كلّ منطق
وقلَّدتني شرفٌ من النظمِ نعمةً / أنرت بها ما بين غرب ومشرق
أقول لها إذ صحفت نعت حاسد / بعينيك ما يلقى الحسود وما لقي
حوى فلكي عند الوزير وطالما
حوى فلكي عند الوزير وطالما / أزيحت بجدوى راحتيه عوائقي
وقد كان قدري عنده متدرّجاً / وبيتي عميراً بالندى المتلاحق
فللدرج اللاتي حوت بتّ باكياً / وعائلتي تبكي لمنع الدقايق
تقول بنيّ الجائعون أما ترى
تقول بنيّ الجائعون أما ترى / من الجوع شكوانا لكلّ فريق
وقد كنتُ ذا نظمٍ وسعي ببرّنا / فلم جئت من هذا وذا بدقيق
عليكَ بأبواب الإمام محمد / تجد فرجاً منها لكلّ مضيق
وما هي إلا بيت مالٍ لطالب / ونصرة آمال ونجح طريق
أتاركةٌ بالحسنِ قلبي مقيَّدا
أتاركةٌ بالحسنِ قلبي مقيَّدا / ودمعي على الخدَّين وهو طليق
يقولون قد أخلقت جفنك بالبكا / نعم إنَّ جفنيَ بالبكاءِ خليق
دعوا الدمع للجفنِ القريحِ مواخياً / فإني فقدتُ الخدّ وهو شقيق
وساحرة الألحاظ حتَّى رضابها / رحيقٌ وفي القلبِ المحبِّ حريق
كذا أبداً يا آل أيوب ملككم
كذا أبداً يا آل أيوب ملككم / له بالندى في الشرقِ والغربِ إطلاق
إذا ما سقيتم بالعطا نباتكم / توالت ثمارٌ من نداه وأوراق
وإنِّي وإن عِيقت عن السعي حجَّتي / إلى وقفةٍ في ذلك الباب مشتاق
وكنت أظنُّ العشق يترك مهجتي
وكنت أظنُّ العشق يترك مهجتي / إذا زحم الشيب الشباب بمفرقي
فلما بدا مع أسود الشعر أبيضٌ / أتى العشق يغزوني على ألف أبلق
فديت من الأتراك سرب جآذرٍ
فديت من الأتراك سرب جآذرٍ / تعلم زُهَّاد الورى كيف تعشق
لهم منظرٌ في الحسنِ يفتح خاطراً / ولكنَّ سهم اللحظ في القلبِ يغلق
بروحيَ من أهوى العذيب لريقِهِ
بروحيَ من أهوى العذيب لريقِهِ / وأعشق من أعطافِه البانَ والنَّقا
رمى لحظه قلبي وماسَ قوامه / فلم أرَ من هذا ولا ذاك أوثقا
مليك التقى هنئت بالجامع الذي
مليك التقى هنئت بالجامع الذي / وجدت إلى مبناه سعداً موافقا
دعا حسنه أهل الصلاة لقصدِهِ / فلا غَرْوَ إن جاء المصلّيَ سابقا
لنا من وزير الشام برّ يحثُّه
لنا من وزير الشام برّ يحثُّه / مكارم شمس الدين حيث تليق
وأقسم لا نشكو عدوّ زماننا / وذا صاحبٌ يُدعى وذاك صديق
إذا كانَ أوفى سادتي وأبرّهم
إذا كانَ أوفى سادتي وأبرّهم / ملاذي فلا زالَ الزمان موافقي
ولا حال يوم الشعر عنِّي هوى له / ولا قطعت يوم الشعير علائقي
أمستنقذِي باللطف من قبضة الردى
أمستنقذِي باللطف من قبضة الردى / لئن حثَّني فيكَ الرَّجا فليَ الحق
على يدِ مولانا نشا العمر ثانياً / فلا غَرْوَ أن يُنشا على يدِهِ الرزق
إلى حلبٍ رمت السرى بعد بُعدكم
إلى حلبٍ رمت السرى بعد بُعدكم / فعارضني أيضاً زمان بعائق
فيا ليتني للمرج دبقاً لزمتكم / وإن حلبٌ فاتت فقل مرج دابق
تقول ليَ الغيداء تحتاج رافقاً
تقول ليَ الغيداء تحتاج رافقاً / من الدمعِ والتبريح قلتُ لها رفقا
شجونيَ لا تُرقى كملسوع خاطئٍ / ودمعِي كحظِّي ساقط وهو لا يرقى
لكَ الله قد خفَّفت عني مؤونتي
لكَ الله قد خفَّفت عني مؤونتي / فما لي إذاً عن راحة السرّ عائق
وعمَّرت بيتي بالدقيق فلم أسل / وكم لكَ في فعلِ الجميل دقائق
أجيراننا حيَّى ديارَكم الحيا
أجيراننا حيَّى ديارَكم الحيا / وطافَ عليها للغمائمِ ساقي
فقد أنفذ التَّوديع حاصل أدمعي / ولم يبقَ منه للمنازلِ باقي
على أنكم آنستموني بذكركم
على أنكم آنستموني بذكركم / فقد كدت لا أشكو زمانَ فراق
وإني لمجنون الفؤاد بحبِّكم / فهلاَّ ولو في الحين دمعيَ راقي
تصرّمت الأيام دون وصالكِ
تصرّمت الأيام دون وصالكِ / فمن شافعي في الحب يا ابنة مالكِ
فكان الكرى يدني خيالك وانقضى / فلا منك تنويلٌ ولا من خيالكِ
رويدك قد أوثقت بالهمِّ مهجتي / عليك فماذا يُبتغى بملالك
أفي كلّ يوم لي إليكِ مطالبٌ / ولكنها محفوفةٌ بمهالك
وغيرانَ قد مدّ الحجب من الظبا / وقد كان يكفيه حجابُ دلالك
فتنت بخالٍ فوق خدِّكِ صانه / أبوك فويلي من أبيكِ وخالك
وعاينت منك الشمس بعداً وبهجةً / فيا عجباً من واثقٍ بحبالك
هجرتِ وما فاز المحبّ بزورةٍ / فديتك زُوري واهجري بعد ذلك
لك الله قلباً كلما جرّ طرفه / إلى الحسن ألقى عروة المتماسك
تأبط شراً من أذى الوجد وانثنى / كثير الهوى شتى النوى والمسالك
قفي تنظريه في لظى البيد تابعاً / سراك وإلا في رماد ديارك
سقى الله أكناف الديار هوامعاً / تبيت بها الأزهار غرّ المضاحك
كأنَّ ندى الملك المؤيد جادها / فأسفر نوَّار الربى عن سبائك
مليكٌ إلى مغناه تستبق المنى / مسابقة الحجاج نحو المناسك
له شيمٌ تحصي المدائح وصفها / إذا أحصيت زهر النجوم الشوابك
وفي الأرض أخبار له ومآثرٌ / تسير سرَى الأسماء بين الملائك
حمى الأرض من آرائه وسيوفه / بكل مضيءٍ في دجى الخطب فاتك
وسكّنها حتى لو اختار لم تمس / غصون النقا تحت الرياح السواهك
ولما جلا الملك المؤيد رأيه / جلا ظله الممدود وهج الممالك
مهيب السطا هامي العطا سابق العلى / جليّ الحلا كشَّاف ليل المعارك
تولى فيا عجز الأكاسرة الأولى / وجادَ فقلنا يا حياء البرامك
وشاركه العافون في ذات ماله / وليس له في مجدِه من مشارك
كريمٌ يجيل الرأي فعلاً ومنطقاً / فلا يرتضي غير الدراري السوامك
كعوب القنا عجباً براحته التي / يروِّي نداها مشرعات طوالك
إذا هزَّ منها الملك كعباً مثقفاً / فيا لك من كعبٍ عليه مبارك
وإن جرَّ في صوبِ الثغور رؤوسها / جلت قلح الأعدا جلاء المساوك
ولله من أقلام علمٍ بكفِّه / سوالب ألباب الرجال سوَالك
كأنَّ معانيها كواعب تنجلي / على حبكِ الإدراج فوق آرائك
كأنَّ بياض الطرس بين سطورها / أياديه في طيِّ السنين الحوالك
أمسدي الأيادي البيض دعوة ظافر / لديك على رغم الزمان المماحك
عطفت على حالي بنظرة سائرٍ / وقد مدَّ فيها الدهر راحة هاتك
فدونك من مدحِي اجتهاد مقصر / تداركت من أحواله شلوَها لك
تملكه الهمّ المبرح برهةً / إلى أن محى رضوان صولة مالك
أمنزلَ سعدى بالعذيب سقاكا
أمنزلَ سعدى بالعذيب سقاكا / مُلثُّ الحيا حتى يبلّ صداكا
صدىً كلما أدعو أجابَ كأننا / خلقنا على أطلالها نتشاكى
وربع محا ركض الجنائب رسمه / وجوم غوادي المرزمين دِرَاكا
وقفت أنادي الصبر في جنباته / ألا أينَ مغناها وأين غناكا
كأني بكثرِ الهمِّ أختم في الثرى / رهينة قلبٍ لا يحشّ فكاكا
يعزُّ على المشتاق يا طلل النقا / بلاه على حكم النوى وبلاكا
وما عن رضىً خفَّ القطين ثنيَّة / فأثبت في جسمي الضنا ومحاكا
وطيفٌ سرى للشامِ من أرضِ بابل / لأبعدت يا طيف الحبيب مدَاكا
وذكرتني العهد القديم على الحمى / رعى الله أيام الحمى ورَعاكا
فديتك طيفاً لا يذكر ناسياً / ولكن يزيد المستهام هلاكا
تصيَّدته والأفق مقتبل الدجى / تخال النجوم الزهر فيه شباكا
إلى أن تيقَّظنا على أرجٍ كما / بذكر شهاب الدين يفتح فاكا
إمامٌ إذا هزَّ اليراع مفاخراً / به الدهر قال الدهر لست هناكا
وقالت له العليا فداك ذوو العلى / وإن قلَّ شيء أن يكون فداكا
وقال زماني ما تضرُّ إساءتي / إذا استغفرت لي في الآثام يداكا
لكَ الله ما أزكَى وأشرف همَّةً / وأنجح في كسب العلوم سراكا
علوتَ فأدركتَ النجوم فصغتها / كلاماً ففقت القائلين بذاكا
وحزتَ معاني القول من كلِّ وجهةٍ / فأبق علينا نبذةً لثناكا
وحكتَ رقيق اللفظ منفرداً به / وقد قيل إن الروض حاكَ فحاكى
وجاوزت صوب الغيث في حلية الندى / فعبس لما جزته وتباكى
ولو لم تكن للجودِ في الناس آية / لما كانَ منهلّ الغمام تلاكا
متى تتميَّز مادحوك ولم تقل / من الوصفِ إلا ما تقول عداكا
تجاوزت أشتات المساعي إلى العلى / وزدت فأعيى الواصفين سناكا
وحقّك ما فوقَ البسيطة لاحقٌ / فقصر رعاكَ الله بعض خطاكا
مدحتكَ لا أبغي ثراءً بذلته / إليَّ ولكن رفعة بثراكا
بعيشك إلا ما تأمَّلت صفو ما / منحتك من ودِّي بعين رضاكا
فأقسمُ ما ضمَّت كحبّك أضلعي / ولا اسْتنشقت روحي كنشر هواكا
أكاد أطيق السيل أدفع صدره / ولا أدَّعي أني أطيق جفاكا
ومن ذا الذي يدري حُلا ما أقوله / سواكَ ومن يدري سوايَ حلاكا
تخذتك أنساً حين أوحشتْني الورى / وقلت لراءي المستقيم هناكا
يجدّد لي ذكرى كمالك نقصهم / كأنيَ من كلِّ الأنام أراكا
فلا وحماكَ الرَّحم لا بتّ مهدياً / حقائق أمداحِي لغير حماكا
بلى ربَّما آنست في الفكر فترةً / فجرَّبت فكري في مديحِ سواكا