القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 192
لي الملكُ لا بل نحن للملكِ آلة
لي الملكُ لا بل نحن للملكِ آلة / فإنْ كنتَ ذا علم بما قلت فاهتدى
تخيل لي السلطان ان كنتُ حاكماً / بصورة مهديّ وسنة مهتدي
فإنَّ بالاستحقاق قد نالَ ملكه / ويغفلُ عما في الرداء لمرتد
وليس بالاستحقاق ما نال آية / ليسأل عنه في القيامة في غد
يقابل من يلقى بدرعٍ حصينة / ويقتل أعداء بكلِّ مهند
حمدتُ إلهي والمحامد جَمّته
حمدتُ إلهي والمحامد جَمّته / على كلِّ حالِ اقتداءٍ بمن بلي
لقد رُمتُ تحميد المسرَّةِ مثلما / أتى عنه في الوحي الصريحِ المنزل
فقام بحمد جاء من عندِ منعم / كذا صحَّ عنه ثم جاء بمفصل
وحمدي حمد الضرِّ لم أر غيره / وأعظمه في الدين فاصبر وأجمل
وصورته حمدي على كلِّ صورة / تكون من الله العظيمِ المفضل
ولولا حديثٌ صح عن خير مرسَل / لقلت لحى دهراً إلهي وموئلي
ولكن تسمى باسمه فاحترمته / على كلِّ إقبال بادبارِ مُقبل
رَمَتني الرزايا منه حين تَوسلي / إليه به إذ صادف الرمي مقتلي
فلو كان لي خبر بريبِ صروفه / لما كان مني ما بدا من توسلي
توليت إذ وليت قوماً أمورنا / من السنَّة المثلى وأكرم مرسل
وحكمتهم فينا فعاثوا وأفسدوا / فإن ذكروا جاؤوا بعذرٍ معلل
وقالوا لنا صبراً على ما رأيتهم / فإنّ هدى التوفيق عنا بمعزلِ
فانشدتُ لما أن سمعت كلامهم / قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلِ
حبيبي رسول الله لم أنو غيره / ومنزلنا الشرعُ الذي أمرنا ولي
ألا إن سيل الجور في الأرض قد طما / فيا زمن المهدي أسرع وأقبلِ
إلهي وفقني إلا كلِّ ما يرضى
إلهي وفقني إلا كلِّ ما يرضى / ورضى فؤادي بالذي أنت لي تقضي
فإن كان سرّاء حمدتك منعما / وإن كان ضراء نظرت إلى المقضي
فأنظر فيه بالذي قد ذكرته / فإن كان لا يرضى عدلت إلى المرضي
وإن كان كلي مستقيماً سررتُ بي / وإن كان بعضي هم بكيت على بعضي
إلهي أرجو من عنايتكم بنا / إذا زلت عن ندب أسير إلى فرضِ
وإن كنت في رفع بربي محققا / فلا تحجبني عن عبودية الخفض
وإن أنت من أهل القراض جعلتني / غلهي فوفقني إلى أحسن القرضِ
فنصفٌ لكم مثلُ الصلاةِ معيَّن / ونصفٌ لنا من غير نكث ولا نقضِ
أفوض أحوالي إليك مسلما / لأكتب فيمن أمره للرضى يفضي
وأسأل ربي أن يمن بعصمتي / هنا ثم في يومِ القيامةِ والعرض
ويجعلني ممن سما واعتلى به / إليه إذا كان الخروج من الأرض
ويوصل لي بشراه بالخير منعما / إذا حل تركيبي وأسرع في نقضي
وأفرض لي قاضي السماء معيشتي / عليه وهل تبقى فضولٌ مع الغرض
ومهما دعاني نحوه جئتُ مسرعا / على الناقة الكوماء بالعدوِ والركضِ
بنفسي الذي يلقى المحق وما لقى
بنفسي الذي يلقى المحق وما لقى / ولم يبق منه في الشهود وما بقى
لو أنَّ الذي عندي يكون بخلقه / من العلم بي لم يبقَ في الملك من بقى
لقد نظرتْ عيني إليه وإنه / ليلقى الذي قد قيل لي إنه لقى
ألا ليتَ شعري هل أرى اليوم من فتى / صحيح الدعاوى بالصوابِ منطق
رحيم رؤوفٌ عاطفٌ متعطِّفٌ / وَلوُعٌ بذكراه على الخلقِِ مشفق
بلفظٍ تراه في الحقيقةِ معجزا / لزور الذي يأتي به الخصم مزهق
يناضل عن أصل الوجودِ بنفسه / يباري رياحَ الجود جوداً ويتقى
حذارا عليه أن يحوزَ مقامه / سواه بتأييدٍ وغيرة مشفق
لقد جهل الأقوام قولي ومقصدي / ولم يدرما قلناه غير محقق
عساه يرى في جوّه من فريسةٍ / فليس يرى التقييد إلا بمطلق
لقد رام أمراً ليس في الكون عينه / بنقضٍ وتقريبٍ كسيرِ المحقق
ولما رأى أن لا وصول لما ابتغى / وأنَّ الذي قد رام غير محقق
أتى لفظ لا أحصى يجرُّ ذيوله / بقوةِ قهَّارٍ بعجز مصدِّق
لقد صار ذا علم لما كان جاهلا / به وهو نفي العلم فانظر وحقّق
وسارع إلى الخيرات سبقا فإن من
وسارع إلى الخيرات سبقا فإن من / يسارع إلى الخيرات يُحمد سعيه
ونافس كما قد نافسَ الناسُ وارتق / رقيّ الذي ما زال يعصمُ وعيَه
سرائر سرٍّ لا تصان ولا تفشى
سرائر سرٍّ لا تصان ولا تفشى / وأبكارها لا تُستباح ولا تغشى
فمطعمها للحسِّ شهدٌ لذائق / وملمسها للعقلِ كالحية الرقشا
تولد للأفكار في كلِّ ساعةٍ / من اليومِ والليلِ البهيمِ إذا يغشى
إناثاً وذكرانا لمعنى بصورةٍ / بها قيدته مثل ما قيد الأعشى
فقال بأنَّ الضوءَ ممتزجٌ وما / نوى بالذي قد قال سءاً ولا غشا
وقال الذي لم يعرف الحكم إنه / نوى بالذي قد قاله للورى غشا
فلو يدري أنَّ النور يستر ليله / وأنَّ وجودَ السلخِ صيَّره نشا
لقال بأنَّ الأمر نورٌ وظلمتُه / وذلك حقٌّ ما به بان أن يغشى
فمن سبر الأمر الذي قد سبرته / يكون إماما لا يخافُ ولا يخشى
إذا نظرت عيني فأنت الذي ترى
إذا نظرت عيني فأنت الذي ترى / وإن سمعت أذني فلستَ سوى سمعي
وإنَّ قوايا كلها ومحلها / وجودك يا سرِّي كما جاء في الشرعِ
ولا حكم من طبع إذا ما تكونه / فإن كنته كان التحكم للطبع
إذا كنت عيني حين أبصركم بكم / فقد أمنت عيناي من علة الصدع
إذا فَرَّقَت اسماؤه عين صورتي / على صورتي فيه أحن إلى الجمع
فاحمده حمدَ المحامد كلها / واشكره في حالة الضرِّ والنفع
وارقب أحوالي إذا كان عينها / واشهده في صورة الوهب والمنع
لقد أثرت لما أغارت جيادُه / بميدانه شحباً كثيراً من النَّقع
فما قرع بابِ الله والبابُ انتمُ / كما أنت ذاتي حين أشرعُ في القرعِ
واشهده عند اللوى وانعطافه / وإن كمال الحق في مشهد الجزعِ
وصورته في الدرِّ أكملُ صورة / وصورةُ عين الكونِ أكمل في الجزع
أما وجلال النازعاتِ وغرقها / لقد شهدت عيني الطوالع في النزع
إذا لم يكن فرعٌ لأصلِ وجودنا / وهل ثمر تجنيه إلا من الفرعِ
وصعقٌ وجودُ الحقِّ في دارِ غربتي / فلا صقعٌ أعلى في المنازلِ من صعقي
ألا إنه يخفي مع الوتر عينه / ويظهرها للعين في حضرةِ الشفع
ألا كل ما قد خامر العقل خمره / وإن كان في مزر وإن كان في تبع
لقد رفعت للعينِ أعلامُ هديه / وضمن كيد الحقِّ في ذلك الرفع
ولولا دفاعُ الله هدّت صوامع / لرهبان ديرٍ فالسلامةُ في الدفعِ
لقد سحت في شرقِ البلاد وغربها / وما حفيت نعلي ولا انقطعتْ شِسعي
وفي عرفات ما عرفت حقيقتي / ولا عرفت حتى أتيتُ إلى جمع
ولما شهدناها وجئت إلى منى / بذلت له بالنحر ما كان في وسعي
حصبتُ ندوّى جمرة بعد جمرة / ببضع من الأحجار بورك من بضع
ولما أتيتُ البيت طفتُ زيارة / حنينا بها من فوق أرقعة سبع
عنايةُ ربي أدركت كلَّ كائنٍ / من الناسِ في ختم القلوبِ وفي الطبع
ومن أجل ذا لم يدخل الكبر قلبهم / على موجد الصنع الذي جل من صنع
ولولا وجودُ السمع في الناس ما اهتدوا / وليس سوى علمِ الشريعةِ والوضع
فكم بين أهل النقلِ والعقلِ يا فتى / وهل تبلغ الألباب منزلة السمع
سما فاعتلى في كلِّ حال مقام من
سما فاعتلى في كلِّ حال مقام من / إذا قيل أنتَ الرب قالَ أنا العبدُ
على الكلِّ عهد قد عرفت مقامه / فمن لا يفي بالعهد ليس له عهد
كذا نصه في الوحي عبد مقرَّب / محمد المختار والعَلَمُ الفرد
وجاء به نص الكتابِ مؤيدا / كلامُ رسولٍ صادقٍ وعدُه الوعدُ
فللّه ما يخفى ولله ما يبدو / ولله فيه الأمر قبلُ ومن بعد
ولم يدر هذا الأمر إلا أولوا النهى / من السادة الغرّ الذين همُ قصد
قويم إذا حادت مقاصد مثله / عن المرتبةِ العليا فخانهم الحدّ
أقاموا براهينَ العدالةِ عنده / فقولهمُ قول وحدهمُ حدُّ
وحال لهم في كلِّ غيبٍ ومشهدِ / مذاق عزيز طعمه العسلُ الشهد
وذلك عن وحي من الله واصلٌ / إلى النحلِ فانظر فيه يا أيها العبد
فإن كان إلهاما من الله إنه / هو الغاية القصوى إلى نيلها تعدو
فما فيه من تركِ استناد معنعنٍ / ومن كان هذا علمه جاءه السعد
فليس له إلا الغيوبُ شهادة / ومن كان هذا حاله ما له حد
تجنب براهين النهى إنها عمى / إلى جنب ما قلنا فقربكمُ البعد
لو أنَّ الذي قلناه بقدر قدره / لنوديت بين الناس يا سعد يا سعد
كما جاء من أسرى إليه به على / بُراقِ الهدى نحو الذي قلت يشتدّ
ومنه أخذنا علمه بشهادة / من الذوق ذقناها وشاهدنا الوجد
إلى كل خير سابقا ومسارحا / وقد جاء في القرآن أنوارها تبدو
أروح عليها بكرة وعشية / بشوق إلى تحصيلها وكذا أغدو
ألا إنَّ بذلَ الوسع في الله واجبٌ / ودار الذي ما من صداقته بدّ
وليس سوى النفسِ التي عابد لها / وكلنت من العدا لمن حاله الرشد
تعبدت يا هذا بكل فضيلةٍ / وأنت لها أهلٌ إذا حصل الجهد
وساعدك التقوى فنلت بها المنى / ولكن إذا أعطاك من ذاته الجدُّ
إذا جاءك الوفد الكريم مغلسا / وساعده من عند مرسله الرفد
فذلك بشرى منه إنك مجتبى / وإن لك الزُّلفى كما أخبر الوفد
وما الوفد إلا رسله وكتابه / وليس لما جاءت به رسله ضدّ
يقاومه فاعلم أنك واصلٌ / إليه ولا هجر هناك ولا صد
فواصِل ذوي الأرحام مما منحته / وإن أنت لم تفعل فذلكم الطرد
وحاذِر من الجودِ الإلهي إنه / له المكر في تلك المنائح والردّ
فلو كان عن ربٍّ لكان مخلصاً / كما يحلم الشطرنجُ أن يحكم النرد
ألا إنها الأفلاك في حكمها بها / قد أودع فيها الله من علمه تعدو
على كل مخلوقٍ وإن قضاءَه / عليه به فاحمد فمن شانك الحمد
فحقق تنقل إن كنت بالحقٍّ حقه / ولا تعتمد إلا على من له المجد
وذلك من يدري إذا كنت عالما / وقد أثبت التحقيق من حاله الجحد
ولا تجحدون إلا كفوراً لعلمه / لذلك لم يخلد وإن ذكر الخلد
فما الخلد إلا للذي ظل مشركا / يروحُ ويغدو دائماً فيه لا يعدو
خليليَّ إني للشريعةِ حافظٌ
خليليَّ إني للشريعةِ حافظٌ / ولكنْ لها سرٌّ على عينه غطا
فَمَنْ لزم الأوراد واستعمل الذي / قد ألزمه الرحمن لم يمشِ في عمى
وصح له سرُّ الموجودِ خلافة / وكان ولا أين وكان ولا متى
وأحكامها خمسٌ تلوحُ لناظرٍ / شديدٍ شديدِ البحثِ عن طرق السوا
فواحيها أنْ لا يراك ملاحظاً / لكون من الأكوانِ ما دمتَ تجتبى
ومندوبها أنْ لا يراك مُفارقاً / لوصفٍ إلهي متى كنت تحتبى
ومكروهها أنْ تلحظ الكونَ زاجراً / فتنزل من أعلى السماء إلى الهوا
ومحظورها أن تلحظ الغير عاشقاً / فتخرج من نعمى الجِنانِ إلى لظى
وأمّا مُباحاتُ الشريعةِ فاستقم / على الغرض النصيِّ في عالمِ الهوى
وأمَّا أصول الحكم فهي ثلاثة / كتابُ وإجماعٌ وسنَّةُ مُصطفى
ورابعها منَّا قياسٌ محققّ / وفيه خلافٌ بينهم مرَّ وانقضى
وأركانُها خمسٌ عتاقٌ نجائبُ / تسيرُ على حكمِ الحقيقةِ بالصّوى
فأولَّها الإيمان بالله بعدَه / رسولٌ عزيزٌ جاء بالصِّدقِ والهدى
فيعرضُ للمحجوبِ شفعُ شهادةٍ / فأوترها الرحمنُ في سورة النِّسا
وعرّفه مقدارَ نفسٍ ضعيفةٍ / وأيَّده بالحالِ في سابقِ القضا
وثم صلاةٌ والزكاةُ وصومُنا / وحجٌ وهذي خمسة ما بها خفا
ومن بعده سرُّ الطهارة واضحٌ / يسير على أهلِ التيقظ والذَّكا
فكم طاهرٍ لم يتَّصِف بطهارةٍ / إذا جاور البحر اللدنيّ واحتمى
ولو غاص في البحر الأُجاج حياته / ولم يفن عن بحرِ الحقيقة ما زكا
إذا استجمر الإنسانُ وتراً فقد مشى / على السنةِ البيضاءِ لمن مضى
فإن شفع استجمارَه عاد خاسراً / وفارق من يهواه من باطنِ الرَّدى
وإن غَسَلَ الكفين وتراً ولم يزلْ / بخيلاً بما يهوى على فطرةِ الأولى
فلا غسلت كفّ خضيبٍ ومعصمٍ / إذا لم يلح سيف التوكُّل ينتضى
إذا ولد المولود قابضُ كفِّه / فذاكَ دليلُ البخلِ والجمعِ يافتى
ويبسطها عند المماتِ مُخبراً / بترك الذي حصلت في منزل الدّنا
إذا صح غسلُ الوجه صَحَّ حياؤه / وصحَ له رفعُ الستورِ متى يشا
وإن لم يمسَّ الماءُ لمةَ رأسِه / ولا وقعتْ كفاه في ساحةِ القفا
فما انفكَّ من رِقِّ العبوديةِ التي / تنجزها الأغيارُ في منزلِ السّوى
وإنْ لم ير الكرسيّ في غسلِ رجله / تناقضَ معنى الطهرِ للحين وانتفى
إذا مضمض الإنسان فاه ولم يكن / بريّا من الدعوى وفتيا بما ادّعى
ومُستنشِقٍ ما شَمَّ ريحَ اتصالِه / ومستنثرٍ أودى بكثرةِ الردى
صماخاه ما ينفك يطهران صغاً / إلى أحسنِ الأقوالِ واكتف واقتفى
وإنْ لبس الجُرمُوقَ وهو مسافرٌ / على طهره يمسحُ وفي سرِّه خفا
ثلاثةُ أيّام وإن كان حاضراً / بمنزله فالمسحُ يوماً بلا قضا
وفي ذا خلافٌ بيِّنٌ متحقِّقٌ / يقول به أهل الشريعة والهدى
وفي المسح سرٌ لا أبوح بذكره / ولو قُطِّعتْ منك المفاصلُ والكُلى
ويتلوه سرٌ في الجبائر بيِّنٌ / لكلِّ مُريدٍ لم يُرد ظاهر الدنا
وإن عدمَ الماء القَراحُ فإن / تيممه يكفيه من طيِّبِ الثَّرى
ويوتره كّفاً ووجهاً فإن أبى / وصيرَّه شفعاً فنِعم الذي أتى
إذا أجنب الإنسان عمَّ طهوره / كما عمه الإنعاظ قصداً على السوا
ألم تر أنَّ الله نبّه خلقَه / بإخراجه بين الترائِب والمطا
فذاك الذي أجنى عليه طهوره / ولو غاب بالذاتِ المرادةِ ما جنى
فإن نسي الإنسانُ ركناً فإنه / يعيد ويقضي ما تضمَّنَ واحتوى
وإن لم يكن ركنٌ وعطلُ سُنَّةٍ / فلم يأنس الزّلفى ولم يبلغ المنى
وذلك في كلِّ العباداتِ سائرٌ / وليس جَهولُ بالأمور كمن درى
إذا كان هذا ظاهر الأمر فالذي / توارى عن الأبصارِ أعظمُ منتشا
وهذا طَهورُ العارفين فإن تكن / من أحزابهم تحظى بتقريبِ مصطفى
وكم مِن مُصَلٍّ ما له من صلاته / سوى رؤيةِ المحرابِ والكدِّ والعنا
وآخر يحظى بالمناجاةِ دائماً / وإن كان قد صلَّى الفريضةَ وابتدا
وكيف وسرُّ الخلق كان إماماً / وإن كان مأموماً فقد بلغ المدى
فتحريمُها التكبير إنْ كنتَ كابراً / وإلا فحل المرء أو حومه سوا
وتحليلها التسليم إن كنت دارياً / لرجعته العلياءِ في ليلة السُّرى
وما بين هذين المقامين غايةٌ / وأسرارُ غيبٍ ما تحسُّ وما ترى
فمَنْ نامَ عن وقتِ الصلاةِ فأنه / غريبٌ وحيد الدهرِ وطب قد استوى
وإنْ حلَّ سهوٌ في الصلاةِ وغفلةٌ / وذكره الرحمن يلغى الذي سها
وإنْ كان في سيرٍ إلى الذاتِ قاصِداً / فشطر صلاةِ اليوم تنقص ما عدا
صلاةٌ صباحٍ ثم مغربٍ شاهداً / لسرٍّ خفيّ في الصَّباحِ وفي المسا
وحافظْ على الشفعِ الكريمِ ووتره / تفز بالذي فاز الخُضارمةُ الأولى
فإنَّ دخْلاً يريد بلوغه / ومَن حصَّل الأوتار قد حصَّلَ المنى
وبين صلاةِ الفذِّ والجمع سبعةٌ / وعشرون إن كان المصلِّي على طوى
ولا تنس يومَ العيدِ واشهد صلاتَه / لدى مطلعِ النور السماويّ والسَّنا
وبادر لتجهيزِ العَروبةِ قاصداً / تحز قصَبَ السباقِ في حَلبة العلى
وإنْ حلَّ خسفٌ بالمهاةِ فإنه / حجابٌ ملاكِ النفس ومنك يا فتى
وإن كان خسفٌ الزبرقان فإنه / حجابٌ وجودُ الطبع في مُضمر الحشى
ومَن كان يستسقي يحوِّل ثوبَه / تحول عن الأحوال علك ترتضى
إذا يستخير العبد مما يهمُه / يصلِّي ويدعو ركعتين على السوا
ويطلب فيها الخير لم يبغِ غيره / بصرفٍ وإنقاذٍ على حكمِ ما يرى
وتثمين أصنافِ الزكاةِ محقَّقٌ / ليحملَ عرشَ الاستواء بلا مِرا
ويقسم أيضاً في ثمان وعينهم / هو العرشُ للرحمن في قوله استوى
وأما زمانُ الصومِ فهو سميُّ من / قد أوجبه في خلقه الحقّ والتقى
قدمنا على أرضِ الحجازِ غدية / وجاء بشيرُ القومِ قد بلغ المنى
أيا صاحبيَّ عرِّجا بي على الصفا / نطوف به أو بالمحصَّبِ من مِنى
فمن طافَ يوماً بين مروةَ والصفا / ينزه يومَ الحشر في موقف السّوي
فكم بين مطلوبٍ يطوفُ بعرشه / وآخر يسعى بين مروةَ والصفا
فهذي عباداتُ المراد تخلَّصَتْ / وأنْ ليس للإنسان غيرُ الذي سعى
فيا سائلي ماذا رأى قلبك الذي
فيا سائلي ماذا رأى قلبك الذي / يصحح فيه الورث في ليلةِ السُّرى
إذا راح قلبُ المرءِ من أرض جسمه / إلى الموقف الأجلى إلى منزلِ الرضى
تبدَّتْ له أعلامُ صدقٍ شهودُه / من الرفرفِ الأعلى إذا انتشر اللوا
ويلتاح في حق السماءِ إذا انبرى / نسيمُ الصبا برقٌ يدلُّ على الفنا
وفي رمضانَ صِحَّةٌ يَهتدي بها / قلوبُ رجالٍ عاينوا الأمر في العمى
إذا لاح في كنز الفراتِ مغرّبٌ / له الطائر الميمونُ والنصرُ في العدى
ويقدمُ ذو الشامات عسكره الذي / كمنطقةِ الجوزاء لكنْ في الاستوا
يسمى بيحيى الأزد أزد شَنُوءة / فيحيى به الدين الحنيفيّ والهدى
ولا تلتفتْ إذ ذاك فحل جداله / فإن الكلابَ السودَ تولغن في الدما
على كبشِهم يلتاح نور هدايةٍ / بمغربنا الأقصى إذا أشرقتْ ذُكا
ومنتسبٍ يعزو لسفيانَ نفسه / بذي سَلم لِما تمرَّد أو طغى
ويقدمُ نصر الله جيشُ ولاتِه / إلى بلدةٍ بيضاء سامية البنا
فيفتح بالتكبير لا بقواضبَ / تسلُّ على الأعداء في رونق الضحى
فما تنقضي أيّامُ خاءٍ وتائها / مملكة إلا ويسمعك الندا
أتى الأعوار الدجَّالُ بالدعوة التي / تنزله دارَ الخسارةِ والشقا
فيمكثُ ميماً لا يفلُّ حسامه / وتأتي طيورُ الحقِّ بالبِشرِ والزها
وفي عامِ جيم الفاء تنزل روحه / من المايةِ الأخرى دمشقَ فينتضى
هنالك سيفٌ للشريعةِ صارمٌ / بدعوة مهديّ وسُنَّة مصطفى
فيقتلُ دجّالاً ويدحضُ باطلاً / ويهلك أعداء وينجو من اهتدى
ويحصر روح الله في الأرض مدّة / ويأتي نفاق الموتِ للكفر بالردى
بناه له عيسى بن أيوب رتبة / حباه بها رَبُّ السمواتِ في العلى
يخرّ به رايا ويبقى رسومه / ليعلم منه ما تهدَّم واعتنى
فيهلكهم في الوقتِ ربُّ محمد / وتأتي طيورُ القدسِ ينسلن في الهوا
فتلقى عبادَ الله في بحر سخطه / ويأتي سمناء ينزعُ النتنَ والدما
فيمكثُ ميماً في السنين ونصفها / على خيرِ حال في الغضاضة والرخا
ويمشي إلى خير الأنام مجاوراً / لينكحه الأمَّ الكريمةَ في العُلى
ومن بعده تنشق أرضٌ بدخها / ودابة بلوى لم تزل تسم الورى
ومن بعد ذا صَعقٌ يكون ونفخةٌ / لبعثٍ فحقِّق ما يمرّ ويتقى
فهذي أمور الكون لخصتُها لمن / يتقن أنَّ الحادثاتِ من القضا
وليس مرادي شرح وقع كوائن / ولكنّ قصدي شرح أسرارها العلى
فينزل للأسرار يبدي عيونها / إلى كلِّ ذي فكر سليم وذي نهى
إذا خَفَقَ النجم السعيدُ بشرقه / يقولُ لسانُ الحالِ منه بلا امترا
تأمَّلْ حجاباً كان قد حال بيننا / له مكنة تسمو على ظاهرِ السوا
خِزانةُ أسرارِ الإله وغيبُه / ومنبعُ أسرارٍ تراءت لذي حِجى
ركضنا جياد العزمِ في سَبسَبِ التقى / وقد سترتنا غيرةُ فحمة الدُّجى
وأُبنا بما يُرضي الصَّديقَ فلو ترى / ركائبُنا للغب تنفخُ في البُرى
علوتُ على نُجُبٍ من السُّمر ضُمَّر / رقيتُ بها حتى ظهرتْ لمستوى
وعاينتُ من علمِ الغيوب عجائباً / تصانُ عن التذكار في رأي مَن وعى
فمِن صادحاتٍ فوق غُصنِ أراكة / يهجن بلابيل الشَّجيّ إذا دعا
ومن نيِّراتٍ سابلاتٍ ذؤابُها / أفيضوا علينا النور من قَرصَةِ المهى
ومِن نَقَرِ أوتارٍ بأيدي كواعِب / عذات الثنايا طاهراتٍ من الخَنا
ومن نافثاتِ السِّحر في غسقِ الدجى / عسى ولعلَّ الدهر يسطو بهم غدا
وقد علموا قطعاً إصابة نفثه / لكلِ فؤادٍ ضلَّ عن طرق الهدى
دخلتُ قبورِ المؤمنين فلم أجد / سوى الحُورِ والوِلدان في جنةِ الرضى
فقلتُ هنيئاً ثم جُزتُ ثمانياً / من المنزل الأدنى لسدرة منتهى
وقصَّ جناحُ الرَّيبِ من عين مُبصر / وفضَّ ختامُ المسك في سُجة الضحى
فيا ليت أن لا أبصر الدهر واحداً / أُسِرُّ به إلا انقلبت على زكا
ولما لحظتُ العلم ينهضُ عنوة / على نجَب الأوراق أيقنتُ بالبقا
وقلتُ لفتيانٍ كرامٍ ألا انزلوا / على المسجد الأقصى إلى كعبةِ الدما
وقوموا على بابِ الحبيبِ وبلغوا / رسالةَ مَنْ لو شاء كان ولا عنا
فقاموا ونادوا بالحبيبِ وأهله / سلامٌ على أهلِ الموَّدةِ والصفا
سلامٌ عليكم منكم إن نظرتم / بعين مسوّى بين من طاع أو طغى
فقام رئيسُ القومِ يبتدرونه / رجالٌ أتت أجسامُهم تسكن العلى
وقال عليكم مثلُ ما جئتم به / فقامَ خبيرُ القومِّ يمنحني القِرى
ألا فاسمعوا قولي دعُوا سِرَّ حكمتي / وهذا دُعائي فاستجيبوا لمن دعا
فللَّه قومٌ في الفراديسِ مذ أبت / قلوبهم أن تسكن الجوَّ والسما
ففي العجلِ السرُّ الذي صدعتْ له / رعودُ اللظى في السفلِ من ظاهر العجى
وأبرق برق في نواحيه ساطع / يجلله من باطن الرجل في الشوى
فأولُ صوتٍ كان منه بأنفه / فشمته فاستوجبَ الحمدَ والثنا
وفاجأه وحي من الله آمرٌ / وكان له ما كان في نفسه اكتمى
فيا طاعتي لو كنت كنت مقرّباً / ومعصيتي لولاك ما كنتُ مجتبى
فما العلم إلا في الخلافِ وسرِّه / وما النور إلا في مخالفة النهى
نزلتُ إلى الأمر الدنيّ وكان لي / بذات العلى سرٌ على عرشِه استوى
فعدتُ إلى الكُرسيّ أنظر يمنته / فقال يساري من يبرزخ ما اعتدى
فأزعجني وعد من الله صادقٌ / من العالم الأعلى إلى عالم الثأى
وأودعني من كلِّ شيءٍ نظيره / فإن لاح شيءٌ خارجٌ كان لي صدى
وخاطبني إنا بعثناك رحمة / فأسر فعند الصبح يحمدك السُّرى
على كل كوماءَ عظيمٌ سَنامُها / طويلةُ ما بين القَذالِ إلى المطا
قطعت بها موماة كا مَهمَة / وأنتجت كير الأمر لم أنتج الضوى
نزلتُ بلادَ الهند أطمع أن أرى / أريبا لهبحر على أرضها طما
فتلك برازيخُ الأولى شيَّدوا العلى / أقمنا بها والليلُ بالصين قد سجا
ولما رأوا أنْ لا صباح لليلهم وإن وجودَ النور إنْ أشرقت ذُكا /
أتانا رسولُ القومِ مرتدي الدجى / فألفى نساء ما ربين على الطوى
فبادرنه أهلاً وسَهلاً ومرحباً / فأينع غصنٌ كان بالأمس قد ذوى
وذرَّ له قرنُ الغزالةِ شارقاً / ولاح له سرُّ الغزالةِ وانجلى
وخرَّ مريعاً للمعلم خاضعاً / فعاين سرٍّ النون في مركز السفا
وأخرس لما أن تيقنَ أنه لدى جانبِ الأحلامِ غيثٌ ومجتوى /
وأطبق جفنُ العين غيرةَ واصلٍ / لمحبوبه جَذلان مستوهِن القوى
ومن بعده جاءت ركائبُ قومه / عطاشاً فحطوا بالإياب وبالأضا
فقام لهم عن صورةِ الحال مُفصحاً / طليقَ المحيَّا لا يخيب مَنْ دعا
وقال لهم لو أنَّ في الملك ثانياً / يضاهي جمالي لاستوى القاعُ والصوى
لقد أبصرتْ عيني رجالاً تبرقعوا / ولوحسروا ضجَّتْ على أرضها السما
فمن سالكٍ نهجَ الطريقِ مسافر / إلى سَفَرٍ يسمو وفي الغيبِ ما سما
ومن واصلٍ سرَّ الحقيقةِ صامت / ولو نطق المسكين عجزه الورى
ومن قائمٍ بالحال في بيت مقدسٍ / فلا نفسه تظمأ ولا سرُّه ارتوى
ومن واقفٍ للخلق عند مقامه / ومنزله في الغيب منزلةُ الاسا
ومن ظاهرٍ وسط المكانِ مبرِّز / له حكمة تسمو على كلِّ مستمى
ومن شاطحٍ لم يلتفتْ لحقيقةٍ / قد أنزله دعواه منزلةَ الهبا
ومن نيِّراتٍ في القلوبِ طوالع / تدل على المعنى ومن يتصل يرى
ومن عاشقٍ سرَّ الذهاب متيمٍ / قد أنحله الشوقُ المبرِّحُ والجوى
وصاحبُ أنفاسٍ تراه مسلطاً / على نارِ أشواقٍ بها قلبه اكتوى
ومن كاتمٍ للسرّ يظهر ضدَّه / عليه لطلاَّبِ المشاهدِ بالتقى
ومن فاضلٍ والفضلُ حَقٌ وجودُه / ولكنَّ ما يرجوه في راحةِ الندى
ومن سيِّدٍ أمسى أديبَ زمانه / يقابلُ من يلقاه من حيثُ ما جرى
ومن ماهرٍ حاز الرياضةَ واعتلى / فصار ينادي بالأسنةِ واللهى
ومن متحل بالصفات التي حدا / بأجسادها عادى المنية للبلى
ومن متحلٍّ طالب الأنس بالذي / تأزَّر بالجسمِ الترابيّ وارتدى
ومستيقظٍ بالانزعاجِ لعلة / أصابته مطروحاً على فرش العمى
فقامَ له سرُّ التجلِّي بقلبه / فلم يفنَ في الغير الدنيّ ولا الدنا
ومن شاهد للحق بالحقِّ قائم / له همته تفني الزوائد والفنا
ومن كاشفٍ وهم الأتم حقيقته / ولولا أبو العباسِ ما انصرفَ القضا
ومن حائرٍ قد حيّرته لوائحُ / تقولُ له قد أفلح اليومَ مَن رقى
ومن شاربٍ حتى القيامة ما ارتوى / ومن ذائقٍ لم يدرِ ما لذةُ الطَّوى
ومن عزمةِ والمكرُ فيها مضمن / ومن اصطلامٍ حلَّ في مُضمر الحشى
ومن واجدٍ قد قام من متواجد / فأبدى له الوجدُ الوجود وما زها
ومن ساترٍ علماً وهو إشارة / إلى عارفٍ فوقَ الأقاويلِ والحجى
ومن ناشر يوماً جناحَ يقينه / يطيرُ ويسري في الهواء بلا هوى
ومن باسطٍ كفَّيه وهي بخيلةٌ / ولولا وجودُ البخلِ ما مدح الندى
وصاحبِ أنسٍ لم يزل ذا مهابةٍ / وصاحبِ محوٍ عن نسيمٍ قد انبرى
وصاحبِ إثباتٍ عظيمٍ جلالُه / تتوَّجَ بالجوزاءِ وانتعلَ السُّهى
إذا كانت الأعراف تعطى عوارفاً
إذا كانت الأعراف تعطى عوارفاً / فإن السليم الشمّ لينشق العرفَا
ولا يقبل الرحمن منه إذا أتى / قبول الذي قد شمَّ عدلاً ولا صرفا
وإن جاءه الإقبال من كلِّ جانب / ولم يقبل الرحمن لم يكن إلاَّ حفى
وإياك واستدراجه في عباده / فإنَّ لمكر الله في خلقه عُرفا
يراه الذي ما زال فيهم مقدَّماً / فيعزله حكماً ليشربه صِرفا
علا كلُّ سلطانٍ على كلِّ سوقة
علا كلُّ سلطانٍ على كلِّ سوقة / إذا سكن الأطوالَ أو سكن العرضا
وما ذاك إلا ههنا بتكلُّفٍ / وينعدمُ التكليفُ إن فارق الأرضا
إلى جنةِ المأوى بنشأة حسِّه / وما عندها ظل وإنْ لها عرضا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025