المجموع : 408
رأيتك تعطي المال إعطاءَ واهب
رأيتك تعطي المال إعطاءَ واهب / إذا المرءُ أعطى المالَ إعطاء مشتري
ولستَ بمُبتاع المحامد باللُهى / فتُلفَى جواداً جودُه جود مَتْجَرِ
ولست بمجبول على ذلك الندى / فتلفَى جواداً جوده جود مُجبرِ
ولكن رأيتَ العرفَ عرفاً لعينه / فجدت ببذل العرف جود مخَيَّرِ
وفي الناس من يعطي عطاءَ مُتاجرٍ / وآخرُ يعطي كالسحاب المسخّر
وأنت وَسطْتَ الحالتين ولم تزَل / لك الواسطاتُ الزهْر من كل جوهر
فدونك مدحاً أخطأ الناس بابهُ / زماناً طويلاً معْشر بعد معشرِ
ومهما يصنْه الناس عن غير أهله / فغير مصون عنك يا ابن المدبرِ
كما لو أردنا أن نُحيل شبابنا
كما لو أردنا أن نُحيل شبابنا / مَشيباً ولم يأن المشيب تعذرا
كذلك تُعيينا إحالةُ شيبنا / شباباً إذا ثوبُ الشباب تحسرا
أبى الله تدبيرَ ابنِ آدمَ نفسَهُ / وألا يكون العبد إلا مدبّرا
ولا صِبغ إلا صبغُ من صبغ الدجى / دجوجيَّة والصبح أنور أزهرا
وهَبْ خادماً لم يوفِ نُعماك شكرَها
وهَبْ خادماً لم يوفِ نُعماك شكرَها / فبُدِّل عرف عنده بنَكيرِ
فما ذنبُ طفلٍ كان تسبيبَ كونِه / رجاؤك يا مرجُوّ كلِّ فقير
أيحسُن أن جَرَّ العيالَ رجاؤكم / وخاس نداكم وهْو خير خفير
غياثكُمُ يا آلَ وهبِ فإنني / وإنْ لم أكن أعمى أضرُّ ضرير
أناديك يا من ليس في سمعه وَقْرُ
أناديك يا من ليس في سمعه وَقْرُ / نداءَ مُحقّ لا يُنَهْنههُ الزجرُ
فهل يَسمع الإحسانُ والحسن والحجا / تظلُّمَ مظلوم ظُلامتُهُ الهَجر
ومنعُ الجَدا المبذولِ حتى كأنني / لقىً لا يُرجّى فيه حمدٌ ولا أجر
أقاسمُ دَع قَدْري وما يستحقُّهُ / وقدرُك فارفعْهُ فما مثلُه قدر
وصِلْني بأعْفَى نائِليكَ مِنَ الجدَا / أو اليأس تُمْهَر حرمةً ما لها مَهْر
أأغدو وأمري لا يسوء مُنافسي / وأمرُك أمرٌ لا يعارضه أمر
وقد أمَّلتْك النفسُ بعد تحوُّمٍ / لأبرد من هذا على قلبيَ الجمر
وكم رُمتُ صبراً إذا جُفيتُ وما أرى / إليه سبيلاً أو يُفاضحني الجهر
على أن نفسي جَرَّبَتها فألْفِيَتْ / وليْلَتُهما دهرٌ وساعتها شهر
فصرِّحْ فتصريحُ الصريح شبيهُهُ / وحاشاك ضداك الخيانةُ والغدر
وصُنْ قدرَ نفس عندها عَصبِيَّةٌ / تُريها بحقٍّ أنّ تأميلك الوَفْر
وتُقْنِعُها بالذُّلِّ وهْيَ عزيرةٌ / يُكانِفها من عزمها الصبر والنصر
ولكنها مُنَّتْ بِمَنْزورِ حظِّها / لديك وهل شيءٌ تجود به نزر
وطاب لها المعروفُ منكَ كأنما / بدا فيه طعمٌ من سجاياكَ أو نَشر
وكل غِنىً في ظل غيركَ تافهٌ / ولو أنني كِسرى وداريَ إصْطَخر
عرضتُ على نفسي الغِنَى منك تارةً / ومِنِّيَ أخرى والغِنى مِنِّيَ الصبر
فمالتْ إلى نيل الغنى منك إنهُ / غنى خالصٌ والصبر قِدْماً غنىً فقر
وأقْسِمُ إن لم تُغْنِني أهنأَ الغنى / لأمْتَطينَّ الصبر إذْ حَرَن الدهْر
ألا فامتعِضْ من قَوْلتي لك عندها / رَوِيتُ بريقي حين أظمأني البحر
ويا سوءتا للمجد والفخر بعدها / وقد حُقَّ أن يُستحسنَ المجدُ والفخر
ويا عَجَبَاً والدهرُ جمٌّ عجيبُهُ / أيُسْكِرُ ماءٌ حين لا تُسكِرُ الخمر
ويا عجَباً والدهر جم عجيبهُ / أيُنْبِتُ طَلٌّ حين لا يُنبت القَطر
ويا عجباً والدهر جم عجيبهُ / أيُقمِرُ نَجْمٌ حين لا يُقمِرُ البدر
ويا عجباً والدهر جم عجيبهُ / أتَبْهَرُ نار حين لا يَبْهر الفجر
أأدعو لِغوْثي قاسماً وعزيمتي / فتُغْني ولا يُغْني ندَى كفِّهِ الغمر
دعوتُ فما جاش الندى ودعوتها / فجاش بها قلب يُشَيِّعُهُ صبر
جرى وجرتْ فاستهدَمتْ وهْو واقفٌ / عجبت لهذا الأمرِ بل عَجِبَ الأمر
ويعَضُدُني صبري ويُغْفِلُ قاسمٌ / مُعِاضدَتي والعَقْر من زمني عَقر
وقد سار مدحي شرقَ أرض وغربها / وغنَّى به القومُ المقيمون والسفر
وقِيل مُرجّي قاسمٍ ووليُّهُ / ونافسني في ربح صَفْقَتيَ البَحْر
لَعمرِي لقد غوثْتُ غير مُقَصِّرٍ / ليجبر من حالي وقد أمكن الجبر
وكم قائل أبلغتَ فيما تقولهُ / فقلت لقد غَنَّيْتُ إنْ ساعد الزَمر
أيُمطَرُ من صُغرَى بنانك جانبي / وقد أمطرَتْ قوماً أناملُك العشر
لئن كان نذْراً منك ظلمُكَ حُرمتي / ومَدحي وتأميلي لقد قُضِيَ النذر
وإن كان ذنباً صِدقُ وُدي فإنني / مُصِرٌّ وإن عافانيَ الصَفح والغُفر
حُنُوّاً بني وهب علينا فإنه / على ذاك منكمٍ يصلح الناسُ والعصر
لقد حزَّر الحُزَّار منكم لعبدكم / وفاءً وإفضالاً فلا يخطئِ الحَزر
وما أهَّلوا بذري لِذاك وإن زكا / ولكن لكم خِيمٌ يُريع به البَذر
وبايعَ بعد الفتح قوم سبقتهم / فلِمْ أنا في نُعماك رِدْفٌ وهُمْ صدر
ولم يصفُ من شيءٍ صفاءَ طَويتي / فلِمْ شرْبُهم صفو ولمْ مَشربي كدر
وما جاش مدٌّ مثلُ مدحيَ فيكُمُ / فلِمْ كسبُهم مَدٌّ ولمْ مكسبي جَزْر
وماليَ لا أنفكُّ أبغي مُسَنَّداً / ولي مثلكُمْ ظَهْرٌ وما مثلكم ظهر
عفاءٌ على الدنيا تفاحَشَ عَكسُها / فخاب بها مثلي وفاز بها عمرو
ألا إنها من صورة لقبيحةٌ / مِنَ اللائي لا يرضى بها وجهُك النضر
وما بيَ إِلا أنْ يراها مُمَيِّزٌ / فَيَتْبَعها من رأيه نظر شزر
أمُتُّ بجودٍ من ودادٍ ومن شُكرِ
أمُتُّ بجودٍ من ودادٍ ومن شُكرِ / وأعلم أني قد مَتتُّ إلى حرِّ
إلى مُنعم بَرٍّ إلى مُفضِلٍ بحرٍ / إلى ماجدٍ غَمرٍ إلى قمرٍ بدر
إلى مَعدِنِ الآداب والعلم والحجا / ومنتجع الآمال في البدو والحضر
إلى كنَفِ العافين أمْنِ ذَوي الحذْرِ / غياثٍ مِنَ الإقتار سِتْرٍ من الستْر
إلى طيب الأعراق والسيد الذي / أدالتْ يداه اليسرَ جوداً من العُسر
قصدتُ بأسباب إليك كثيرةٍ / ووعدٍ قديمٍ منك لم تَقْضِه نُكر
فبادرْ بإنْجازٍ لَوعدك إنما / لذي اللُّبِّ مِنْ أيامه طيِّبُ الذكر
وجد يا أبا إسحاق لي بعمامةٍ / كما كان يُعنَى بي أخوك أبو الصقر
فإنك بي أولَى من الناس كلِّهم / وأنت حقيقٌ بالتلطف في أمري
وإني امرؤ ليست تضيع صنيعَةٌ / لديَّ لجذمي بالثناء وبالنشر
بحُرمةِ أيري يا كنيْزةُ إنهُ
بحُرمةِ أيري يا كنيْزةُ إنهُ / لديكِ وجيهٌ ذو مكان وذو قدْرِ
أعضِّي شبا الموسَى بأنفكِ عضةً / فأنفُكِ أولى بالخِتان من البظر
أحلَّكِ ربي شبهَ أنفِكِ عاجلاً / فما شِبهُهُ شيْءٌ لَدَيَّ سوى القبر
أراني وما أحدثتُ بعدك سيّئاً
أراني وما أحدثتُ بعدك سيّئاً / تغيَّرتُ والإبريز لا يتَغيرُ
فيا عجباً والدهرُ جم صُرُوفه / يَفي ليَ إعساري وجودُكَ يَغدر
وفَى لي بَغيض والتوَى مَنْ أحبه / ولَلْشَيبُ أوفى والشبيبةُ أغدر
أحباءَنا ما كان لي عنكُمُ صبرُ
أحباءَنا ما كان لي عنكُمُ صبرُ / وهل لِصبورٍ عن أحبَّتِه عذرُ
فيا ليتَ شِعري عنكُمُ كيف كنتُمُ / وكيف التي من وجهها يطلعُ البدر
ومَن نشرها مِسْكٌ وألحاظها سحرُ / ومَبسِمُها درٌّ وريقتها خمر
وقد زَعَمتْ ألّا تزالَ كعهِدنا / وإن طال بي غَيْب وطال بها العُمْر
وإني لأخشى والزمانُ مُغيِّرٌ / على النأْي يوماً أن يميل بها الغدر
وكيف بمُشتاقٍ تضمَن جسمَه / على شوقِه مِصرٌ ومُهجَتَه مِصْر
أقام لحرب الزَنج في دار غربة / حوادثُها في أهلها القتل والأسر
ومن دونه هولٌ ومن تحته ردىً / ومن فوقه سيفٌ ومن تحته بحر
إذا شام برقاً لاح من نحو أرضه / تَضايقَ عما ضَمَّ من وَجدِه الصبر
وبَلَّتْ دماً مِنْ بعد دمع رداءه / لدى خلوات منه أجفانُه الغُزر
وإن رام من حَدِّ البطيحة مَطلعاً / ثَنَتْ شأوَهُ عنه المواصير والجِسر
كفى حزناً أن المُقِلَّ مُشَرَّدٌ / وذو الخفض في أحبابه مَن له وَفر
إذا كان مالي لا يقوم بهمَّتي / سماحاً وإن أوفَى على عُسرتي اليُسر
ففيمَ اجتهادي في محاولة الغنى / وما للغنى عند الجواد به قَدْر
يفوز بجمع المال من كان باخلاً / وما ليَ إلا الحمدُ من ذاك والشكر
وما أنا إلا محرزُ المجد والعلا / وذلك كَنزي لا اللُجَيْنُ ولا التبر
فإن يقض لي اللَهُ الرجوعَ فإنه / علَيَّ له أن لا أفارقَكُمْ نذر
ولا أبتغي عنكم شُخوصاً وفُرقةً / يَدَ الدهر إلا أن يُفرِّقَنا الدهر
فما العيش إلا قربُ من أنت آلِفٌ / وما الموتُ إلا نأيُهُ عنكَ والهجر
قال الحيا دعها فخالفه الهوى
قال الحيا دعها فخالفه الهوى / وداعي الهوى أقوى علَيَّ وأقدر
حيائيَ في وجهي وفي قلبيَ الهوى / وقلبيَ لا وجهي يَوَدُّ ويهجُر
حليفُ سُهادٍ ليلُهُ كنهارِهِ
حليفُ سُهادٍ ليلُهُ كنهارِهِ / يبيتُ شِعارُ الهمِّ دونَ شعارهِ
أصابتْهُ من رَيْب الزمان مُصيبةٌ / كَؤودٌ لها ما بعدها من حذاره
رَزيّةُ خال كان للدهرِ جُنَّةً / إذا الدهر أنحَى مُرْهفات شِفاره
وكان إذا عُدَّ الخُؤول فَعُدِّدَتْ / مَساعيه لم تغْض الجُفون لعاره
ألا مات من مات الوفاء بموته / فأعوزَ من يوفي بذمة جاره
ألا مات من مات السماح بموته / وكل عطاء نقدُهُ كضِماره
فأي قِرىً تَقرِي الليالي ضيوفَها / وقد عَطلت ما عَطَّلتْ من عِشاره
فتىً كان يَهدي الجودُ قصدَ سبيلِه / وحاشاه من أسراره وبِداره
فتى كان لا يطوي على الغدر كَشْحَه / ولا تسأمُ الأيامُ يومَ فَخاره
فتى كان كالعذراء في ظل خدرها / وكالأسد الرئبال في ظل داره
مضى قد تناهَى سُؤْدداً غير أنه / مضى نَصَفاً قد لاح شَيْب عذاره
خبا قمرُ الدنيا لحين اتساقه / فيا أسَفاً هلا لحين سِراره
علاه كسوفُ البدر عند تمامه / مُلِحٌّ به حتى هوى في مغَاره
رُزِئناه يومَ الأربِعاء ولم تزل / فَواقرُ هذا الدهر يوم دبَاره
بنفسيَ من لم تُقْض بعضُ حقوقِه / ولم تفْنَ أيدينا بطول اعتواره
بنفسيَ من لم يؤذِنا بأنينه / ولم يؤذ جارَيْ بيتِه بجواره
حبيبٌ دَعاه مُستزيراً حبيبُهُ / فخفَّ له مستبشراً بمزاره
وقصَّر شكواه فكانت كأنها / طريقٌ أراهُ كيفَ وجْهُ اختصاره
ولم تَطُل البلوى عليه لعلمه / بتسليمه فيما مضى واصطباره
تبلج عند الموت وابيضّ وجهُهُ / تبلُجَ ضوء الفجر عند انفجاره
فشكَّكَنا في موته غير أنه / أبان لنا في طرفه وانكساره
فلو كان يدري قبرُهُ من يحِلُّهُ / تفرَّجَ بالترحيب قبل احتفاره
أعِلّانُ علَّتْكَ الروائحُ صَوْبَها / وأنْهلَكَ الغادي رَوِيَّ قطارِهِ
بحسبك بل حسب المريديَ بالرّدى / جوى حَزَنٍ يَصلى فؤداي بناره
على أنه لا حسْبَ لي بعدما أتتْ / عليه الليالي من مَزيد المكاره
فلا يُبْقِ مكروهٌ عليَّ فإنني / لكلّ كريهٍ نالني غير كاره
أعِلّان مَنْ أغشَى ليؤنس وَحدتي / ويدْحَر عني الهم عند احتضاره
أعلّانُ من يُصْغي لسمع شَكيَّتي / وأصْغي إلى مردوده وحواره
أعِلّانُ من أفشِي إليه سريرتي / فآمنَ من إدلاله واغتراره
ومن ذا يُحامي عن ذِماريَ غائباً / أشدَّ محاماةِ امرئٍ عن ذِماره
ومن ذا تظلُّ النفسُ عند مغيبه / معلَّقَةً آمالُهما بانتظاره
نهاري لدْن فارقتني لك موحِشٌ / وليلي فقيدُ النوم حتى انحساره
عليَّ خشوع ظاهر واستكانةٌ / كأني أسير كانع في إساره
أيسكن مسلوبٌ سكينةَ ليله / ويأنس مفجوع بأنس نَهاره
يُقاسي زفيراً دائباً في صعوده / يُراح ودمعاً دائباً في انحداره
ألا تَعِسَ الدهرُ المُفرِّق بيننا / وإن كان كلٌّ عاثراً بعِثاره
ألحَّ علينا مولَعاً بسَراتنا / كما أولع الجاني بخير ثِماره
أرى الدهرَ لا يأوي لعوْلة مُعْوِلٍ / ولا يَرعوي للصوت عند انشماره
يصول فلا يرثي لثُكل كبيرةٍ / ولا يُتْم طفل يا لَسُوء اقتداره
ألا بؤس لِلأَم التي هُدَّ رُكنُها / بواحدها المُخْلي عِراصَ دِياره
ويا بؤس لِلأخْت الشقية بعده / من الحَزَنِ الباقي وطول استعاره
ويا بؤس للطفل الصغير وشادنٍ / تعجَّلَ بؤس اليُتْم قبل اتِّغاره
محمدُكُمْ قد بَتَّ ريحانَ صدره / ونازعه في الليل فضل إزاره
أبا قاسمٍ كم قد هفا لك لبُّهُ / على فضلة من حلمه ووقاره
فظل يناغيك الكلام بمنطقٍ / رقيق الحواشي زانه بافتراره
سقى الغيثُ ميتاً خُطَّ بالدَيْر قبرُهُ / فواراهُ إلا سُؤدداً لم يواره
بأقرب دارٍ لا أرى الدهرَ وجهَهُ / فيا بُعدَ مرآه ويا قُرْبَ داره
عَداهُ البِلى أن يستجيب لدعوتي / وقد يُنجَدُ الملهوفُ عند اضطراره
وكنت إذا استنجدتُهُ فدعوتُهُ / دعوتُ نصيراً نصرُهُ كانتصاره
فوالله لا أنساهُ حتى أرى لهُ / شبيهاً على أسبابه ونجاره
ولو أنني أيضاً رأيتُ شبيهَهُ / لما كان إلا مُغرياً بادِّكاره
فلو كان هذا الموت قِرناً أطيقهُ / لما فاتني أخرى الليالي بثاره
ولو قبِلتْ مني الليالي فداءهُ / لفَاديتُها من تالدي بخياره
فأنَّى تُفاديني المنايا بمثله / وكَيْسُ المنايا كيسُها في اختياره
ألا ليتَما كنَّا كغادٍ ورائحٍ / وكان رواحي لاحقاً بابتكاره
عليك سلام اللَه حيّاً وميّتاً / تباشرتِ الموتى بقرب جواره
أبى ليَ أن أسْلاك ما دمتُ باقياً / حُلُولُكَ من قلبي مكينَ قراره
أعينيَّ جودا بالدموع لفقدها
أعينيَّ جودا بالدموع لفقدها / فما بعدها ذخر من الدمع مذخورُ
نصيبكما منها الذي فات فابكيا / فأمّا نصيب القلب منها فموفورُ
ألا أيهذا الشيبُ سمعاً وطاعة
ألا أيهذا الشيبُ سمعاً وطاعة / فأنت المُناوي ما علمتُ المظَفّرُ
أبَى الخِطر والحناء حربَك إنّهُ / بدا لهما لاشك أنْ سوف تظهر
إذا كنت تمحو صبغةَ اللَه قادراً / فأنت علي ما يصبغ الناس أقدر
ويوم كأن النوم يغتال طولَهُ
ويوم كأن النوم يغتال طولَهُ / بأمثاله يُطوَى الزمان فيقصرُ
تقسّمهُ صحو ودجن فشمسه / تبرَّج أحياناً وحيناً تَخَفَّر
تجدده في العين حالان خَلفَهُ / يُخيلان أن الروض يطوَى وينشَر
قرنت به خضراءَ بَيَّتها الندى / فأصبح في أفنانها يتمرمر
إذا معجت فيه الشمال رأيتها / كأن عليها لؤلؤاً يتحدّر
ترى فوقها منه غيابة خضرةٍ / فما مسّها من رفرف الجو أخضر
تخايل في حمر وصفرٍ كأنها / زَرابيّ وَشيٍ نمنمتهن عَبقر
مَرادٌ لمرتاد السرور ومرتع / به مَسْمع للسامعين ومنظر
ألا فاسقني خمراً بصفو سلافةٍ
ألا فاسقني خمراً بصفو سلافةٍ / بماء سماء حبذا الخمر بالقطرِ
شرابان حلّا طائعين كلاهما / ولم يأتيا كرهاً بعصر ولا حفر
تعالوا إلى من عُذِّبت طول ليلها
تعالوا إلى من عُذِّبت طول ليلها / بأضيقَ من حبسٍ وطيسٍ يسعَّرُ
وقد جلدوها الحد وهْي بريئةٌ / فحيَّ على دفن الشهيدة تؤجروا
يهَشُّ لذكراك العدوُّ وإنه
يهَشُّ لذكراك العدوُّ وإنه / لَيُضمر في الأحشاء ناراً تَسعَّرُ
جمعن العلا بالجود بعد افتراقِها
جمعن العلا بالجود بعد افتراقِها / إلينا كما الأيامُ يجمعها الشهرُ
ومن يك رهناً للَّيالي ومَرِّها
ومن يك رهناً للَّيالي ومَرِّها / تدعْهُ كليلَ القلبِ والسمع والبصرْ
إذا وصفتْ ما فوق مجرى وشاحِها
إذا وصفتْ ما فوق مجرى وشاحِها / غلائلُها رَدَّتْ شهادتَها الأزْرُ
وناعورةٍ شبّهتُها حين أُلبِست
وناعورةٍ شبّهتُها حين أُلبِست / من الشمس ثوباً فوق أثوابها الخضرِ
بطاووس بستانٍ يدور وينجلي / وينفُض عن أرياشه بللَ القطر