القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : وَلِيّ الدِّين يَكَن الكل
المجموع : 22
نظرت إليها نظرة فتأثرت
نظرت إليها نظرة فتأثرت / وبان على الخدين من نظرتي أثر
ولما تراءى الوجد بيني وبينها / مددت له ستراً من الرأي فاستتر
وقد كدت أنسى كبرتي فادكرتها / وراجعت نفسي أن يراجعها الصغر
تضن بها النعمى وتبذلها المنى / وينهضني شوقي ويقعدني الكبر
ارى في ديارات الأحبة أوجها / فأطلب إغضاء فيسبقني النظر
يلم بها يشتار منها محاسناً / كذا النحل يشتار العسول من الزهر
وكم لي في الألحاظ سراً مكتماً / ينم عليه اثنان شعري والحور
مضى زمان اللهو الذي لست ساخطاً / على ما مضى منه وذا زمن العبر
فأسكتني ما أسكت الورق في الدجى / وأنطقني ما أنطق الورق في السحر
كلانا له إن ردد الدوح سامع / فتسمعني كتبي ويسمعها الشجر
تمنت قلوب أن أكون دخلتها / ولا غرو لكن آفة الورد في الصدر
أسجن مراد لو تكلم منزل
أسجن مراد لو تكلم منزل / لأخبرتنا عما جرى لمراد
ثلاثون عاماً قد توالته عانياً / بربعك في بث وطول سهاد
يطالع من خلف الستائر ملكه / يخاطبه شوقاً له وينادي
بلادي بلادي إن يحل بيننا النوى / فعندك روحي دائماً وفؤادي
لقد مات مجنياً عليه وما جنى / ولكن لأحرار الملوك أعادي
دعا باسمه داعي النوى فأجابا
دعا باسمه داعي النوى فأجابا / وودع أحباباً لهُ وصحابا
صريع الهوى لو أن للحظ معتباً / لصاغ لهُ زهر النجوم عتابا
لقد لمستهُ يوم شط برحله / أشعة الحاظ الحسان فذابا
سيبكي لمنآه رباب وزينبٌ / كذاك سيبكي زينباً وربابا
فلا تعجبوا من هلكه يوم بينه / فليس هلاك البائنين عجابا
إلا أنه دهر رمى فأصابه / وقدماً رمى من قبلهُ فأصابا
أراني وحيداً والحوادث جمة / ألاقي طعاناً جيشها وضرابا
أثبّت أقدامي وأبرز صفحتي / لديها ولا أرضى هناك حجابا
فأطعمها من لحم جسمي مطعماً / شهيّاً واسقيها الدماء شرابا
إذا ما تعدّاني طلاب أردتهُ / فلا كان لي ذاك الطلاب طلابا
ولي أمل أودى الزمان بنجحه / وخيّبه سوء الظنون فخابا
ولو شئت وفّيت الليالي حسابها / عليه ولكن لا اشاء حسابا
هواي هوى لم يذخر الناس مثله / به طبت ما بين الكرام وطابا
أحب الليالي لا للهوٍ وإنما / لأقرأ سفراً أو خط كتابا
تسيّر أقلامي ركاباً خواطري / فتدرك من ظعن الخيال ركابا
فتأني عصيّات المعاني مطيعة / تجرّر من سحر الكلام ثيابا
نواهز من حدّ البلاغة رتبة / إذا نالها الأدراك كان شهابا
صعاب على غيري إذا هو رامها / وإن رمتها ليست عليّ صعابا
أبى الله غلا أن أزيد تصابياً / لمجدي ومجدي أن يقال تصابى
فمن مبلغ عني الغضاب الألى جنوا / بأني امرؤ ما أن أخاف غضابا
أذم فلا أخشى عقاباً يصيبني / وامدح لا أرجو بذاك ثوابا
على م أحابي معشراً أنا خيرهم / ومثلي إذا حابى الرجال يحابى
وقائلة حتى م يُفني شبابهُ / فقلت إلى أن لا يصير شبابا
الى أن تزول الأرض عن نهج سيرها / وتصبح هذي الكائنات خرابا
ولما غدا قول الصواب مذمماً / عزمتُ على أن لا أقول صوابا
فجافيت أقلامي وعفت استقامتي / ورحت أرجّي للسلامة بابا
سينشد ميدان الصبا بعد عزلتي / إذا ناب عني ذو القصور منابا
لي الله أما منْ رضيت فقد مضى / برغمي وأما من أبيتُ فآبا
ردي يا جيادي البحر غير جوافل / وخوضي عباباً للردى وعبابا
فما العز إلا أن يدور بنا المدى / فنمسي حضوراً مرة وغيابا
وما بأس من شام الليوث فلم يهب / إذا شامه ليث العرين فهابا
أقول وقد مرت بي الريح موهناً / وحيت بيوتاً بالحمى وقبابا
الكني إلى الأحباب حيث لقيتهم / خطاب امرئ انشا الفؤاد خطابا
غداً تقطع الأسباب بيني وبينهم / ويحرم كل خلة وحبابا
وتجدب الأرض عادرتها خصيبة / سحاب مضت لم تبق بعد سحابا
أيا روح محمود عليك تحية
أيا روح محمود عليك تحية / متى ينقضي ما بيننا زمن البعد
تقدمتني نحو الذين تقدموا / وكنت أرجي أن تعيش المدى بعدي
سأبكي وأبكي غدرة الموت جاهداً / على أن جهد الموت أعظم من جهدي
وأملاً آفاق السماء شكاية / وإن كنت أدري أن ذلك لا يجدي
أسيدتي هل تعرفين مرادي
أسيدتي هل تعرفين مرادي / فهذا فؤادي يا فداك فؤادي
خذيه وإن شئت أقرايه فإنني / كتبت بروحي في آي ودادي
أعيذك أن تجني بقتلي جناية / فيشكوك بعدي أمتي وبلادي
ترفعت عن هذا الهوى في شبيبتي / وهأنا أعطيه لديك قيادي
أسير بدار الظلم أعياه آسره
أسير بدار الظلم أعياه آسره / أما من فتى من الناس حرٍّ يناصره
أفي الناس أحراراً وفيهم أحبة / فما لأخيهم لا يرى من يؤازره
عفاء على الزوراء بعد جميلها / إذا ربعه المعمور أخلق دائره
ألمّ به خطب من الجور فادح / كما انقضّ باز أقتم الريش كاسره
تنادوا به والضغن ملء قلوبهم / وقالوا وحيدٌ ما لنا لا نكاثره
فإن نكفه نُكف الشديد مراسه / وما بعده فينا عدو نحاذره
فطافوا به من خلفه وأمامه / كما طاف بعد المحل بالربع زائره
أحين هوى عبد الحميد بعرشه / وغبّره بالذمّ في الناس غابره
يقوم رجال يستعيدون عهده / وفينا نيازي قائم وعساكره
ألا قد بغت هذي العمائم بغيها / فدارت على القوم الكرام دوائره
ألا هل نرجي العدل والعدل دوننا / موارده محمية ومصادره
تجلى زماناً ثم لم تبتسم لنا / أوائله حتى استسرّت أواخره
بأيّ كتاب أم بأية سنة / يجازى على قول الصواب معاشره
بأي كتاب أم بأية سنة / يريدون طي الحق إن قام ناشره
سلام على الأوطان من بعد مأمل / ذوي وأرق الإقبال منه وثامره
سلام علىالدنيا سلام على الورى / سلام على العهد الذي قلّ شاكره
سنبكي على العيش الذي كان غرّنا / وقد ساء ماضيه وما سر حاضره
سقى الله أجداثاً علت شهداءها / بكل مُلث الودق نهمي مواطره
قضوا نحت أسوار الحصار حمّية / ولم تغن عن عبد الحميد دساكره
فإن يك بالدرويش قد زل جدّه / فهذا عبيد الله حلّق طائره
أقام على الأطلال كالبوم ناعياً / يبشر بالتخريب ساءت بشائره
فأما قضى فيكم جميل بحسرة / ستبقى عليكم شاهدات مآثره
وإن تحجبوا من فضله كلّ باهر / فليس ضياء الشمس يحجب باهره
أخي وفجاج الأرض بيني وبينه / أعيذك من هم تبيت تساوره
أعيذك م وجد يضيفك نازلاً / وأهوال ليل مظلم أنت ساهره
توقف في ظلمائه غير متجلٍ / كواكبه تسطو عليها دياجره
تشوّفك البيت الذي كنت بدره / لقد أظلمت حزناً عليك مقاصره
واصبح زاهي الروض بعدك ذاوياً / وناح على دوحاته لك طائره
فإن تظلموا فيكم جميلاً لغاية / فإن جميلاً ليس بغفل ثائره
وإن فريق الظلم إن طال ظلمه / سنمشي إليه بالسيوف نبادره
ديار الحمى حيث القنا والصوارم
ديار الحمى حيث القنا والصوارم / تحييك من عيني الدموع السواجم
لقد طرقتك الحادثات فجأة / وأهلك في أمن وبأسك نائم
فبيناك والليلات فيك ولائم / إذا بك والأنهار فيك مآتم
لك الله لا تنفك عنك نوائح / ألم يبق في ذا الدوح إلا الحمائم
أدهرك ذا الوادي من الدم مترع / إذا أمسكت بالوبل عنه الغمائم
حلمنا بشيء وانتبهنا بضده / وما يجتبي من كاذب الحلم حالم
وكانت لجاجات فلما تيسرت / تزهد مشتاق وأقصر هائم
أقيم بناء بالعراء على شفا / ولم تقو آساس له ودعائم
فما ظن منه قائماً فهو مائل / ومن ظن منهم بانياً فهو هادم
وهل يتفع الأطلال تجديد عهدها / إذا درست آثارها والمعالم
لحى الله قوماً حملوك مغارماً / وراحوا وفي الأعناق منك مغانم
هم وعدوك العدل كي يظلموابه / أباً ظالماً لكن دهتك المظالم
ولا خير في ملك إذا جار شعبه / ولا خير في ملك إذا جار حاكم
وكيف أتقاء الخطب قد جل وقده / إذا بردت تحت الصدور العزائم
وأربعة مرت ولم تحل لامرىء / تهادت على الأقطار وهي سمائم
سعت بالنيوب العصل تنفث موتها / ولا عجب بعض السنين اراقم
تعوض يأساً من غدا وهو أمل / وشام يقيناً من سرى وهو واهم
ولما أباحوا حرمة الرأي للهوى / أهابت باطماع الغواة المآثم
فهبت هبوب الريح من كل جانب / تدافع عنها غيرها وتزاحم
فما تستطيب الحكم فيه مشارك / ولا تستلذ الغنم فيه مقاسم
ويمسي لديها طائع وهو خائف / ويضحي لديها آمر وهو واجم
وليس بمجد في الغواية ناصح / وليس بمجد في الصبابة لائم
وكيف يقر المجد في ظل دولة / وحامدها يحيى بها وهو ناقم
تداعوا لنصر والرجا عنك ذاهب / فهلا تداعوا والرجا لك قادم
وبت وبات الداهمون تعاضدوا / فإما تراخى داهم شد داهم
فلم أر خطباً مثل خطبك ناهضاً / يدافعه ملك كملكك جاثم
ولم أر مجداً مثل مجدك ناصعاً / يظله حظ كحظك قاتم
تطالعك الأقدار وهي عوابس / ويا طالما حيتك وهي بواسم
وترثي لبلواك المدائن رحمة / وقد حسدت فيك السرور العواصم
فيامن رأى تلك الفتوح التي خلت / تجرع أسى قد أعقبتها الهزائم
لإن كنت في شكران حالك جازماً / فما أنت في شكران ماضيك جارم
سنبكي لعهد عاره متجدد / ونأسى بعهد مجد متقادم
وفي الدمع والتأساء تخفيف لوعة / إذا أثقلها الكاربات الكواظم
ومعترك للموت أنت سماؤه / فنقع وأما أرضه فجماجم
تنازع فيه الضر خصمان أعزل / يدافع عن ملك وشاك يهاجم
تأخرت الأعلام عن مستقرها / وفر محاميها موقر المخاصم
تفزعت الآجام وهي شواهد / ضراغمها تسطو عليها الضراغم
نجاوبها من حولها في زئيرها / رعود لها في الخافقين زمازم
مدافع منها قسطل متراكب / بنادق منها عارض متراكم
وصائب حتف مستهل فواقع / وراجف روع مستطار فحائم
ووجه ردي في أوجه الكل ضاحك / ووجه رجا في أوجه البعض ساهم
كأن الوغى قد صار في أنفس الورى / هياماً فمن يقتل يمت وهو هائم
فما لهم غير الدماء مشارب / ولا لهم غير الرمام مطاعم
إذ آنسوا ضعفاً فكل محارب / وإن وجدوا بأساً فكل مسالم
وما خير سلم فوقه الشر عاصف / وموج المنايا تحته متلاطم
تشير أكف بالسلام خديعة / وتنزوا بأخرى للصدور الصوارم
وكم كان في هذي النفوس منافس / فلم يبق في هذي النفوس مساوم
ولم تبق في الدنيا لنفس فضائل / ولم تبق في الدنيا لطبع مكارم
هوت فرق كليسا عند أول صدمة / ولما يكن في قرق كليسا مصادم
أناف عليها جحفل متحامل / وطال عليها مأزق متلاحم
تقاعس عبد الله فيها عن العدى / ولم يلق عبد الله جيشاً يقاوم
وقد كان فيها سلة من ضراغم / فبادت وولت للنجاة النعائم
بدت تستغيث الهاربين من الردى / زيانب في أترافها وفواطم
سوافر في ذاك الدجى قد تبذلت / ترائب منها روعة ومعاصم
فليس لها عن مورد العار دافع / وليس لها من مصدر اليأس عاصم
أما كان في القوم المغيرين راحم / فقد قيل في القوم المغيرين راحم
أدرنة لا يبرح دعامك قائماً / فإن دعام الحرب تحتك قائم
عرمت عرام الدهر جاشت صروفه / وهل يستذل الدهر والدهر عارم
ألا إن هذا موسم المجد عائداً / ولا غرو للمجد الاثيل مواسم
يظل بنوك الباسلون بعزهم / وآناف اعداهم لديك رواغم
تبوأت بين الموت والهون موضعاً / اقرك فيه خطبك المتفاقم
فإن تشتهي موتاً يرق لك كأسه / وإن تسأمي هوناً فمثلك سائم
إذا نحن أعظمنا بلاءك روعة / فذاك بلاء أعظمته العظائم
فإن تسلمي تنسي رزينة هالك / وإن تهلكي لا يهنأ العيش سالم
شطلجة لا تنفك عنها خضارم / كذلك لا تنفك عنك خضارم
فيا عجباً للويل فيه مشاكل / ويا عجباً للويل منه ملائم
يا بلادي مالي لا ارى غير واطيء / ثراك ألما يبقى في الناس لائم
توالتك تيجان فشادت لك العلى / فلما أستتمت هدمتها العمائم
لإن كان في الأسلاف بينك غالب / فما كان في الأسلاف بينك حازم
لقد بان عنك الرأي مذبان كامل / وقد مات فبك البأس مذ مات ناظم
طغى الشرفي بعض النفوس ولم يزل / يرب إلى أن اعلن الشر كاتم
ألا جمح الغاوون فيك جماحهم / فهيهات تجدي بعد هذا الشكائم
تولوا سراعاً حين سلت بواتر / وعادوا سراعاً حين صلت دراهم
فجاؤا يسوسون الأنام سياسة / سدى لم تسسها قبل ذاك البهائم
فكم عالم صاحوا به أنت جاهل / وكم جاهل قالوا له أنت عالم
أقاموا وما فيهم عن الزور تائب / وظلوا وما فيهم على الختل نادم
عزيز علينا أن ذا الملك ذاهب / وأن الذي قد أذهب الملك دائم
صحا كل شعب فاسترد حقوقه / فياليت يصحو شعبك المتناوم
هو الشعب أفنى دهره وهو خادم / وليس له فيمن تولوه خادم
يقلب كم عهد لعهد على الأذى / إذا زال عنه غاشم جد غاشم
أعادينا حكمتم السيف بيننا / فجار وحكم السيف كالسيف صارم
فلا تطمعوا أن تهضمونا بهذه / فليس لحر في البرية هاضم
أما آن أن يسترجع الدهر ما مضى
أما آن أن يسترجع الدهر ما مضى / فترجع آمال وتقوى عزائم
لقد كدت أنهى النفس عما تريدهُ / من النصح لو لا ما تجر العمائمُ
ومازالت الأيام حرباً على النهى / فإن سالمت حيناً فختلا تسالمُ
أرى الناس هاموا بالمعالي صبابة / ولا عجبٌ إني كذلك هائمُ
وهذي طباع لا يرحبّى انتزاعها / تناط بقوم إذ تناط النمائمُ
ستبقى بلاد الله تطلب مصلحاً / وهيهات أن ترضى بذاك الصوارمُ
تجالسني أم لا فأبكي أنا وحدي
تجالسني أم لا فأبكي أنا وحدي / أعني بدمع جف يا غيث ما عندي
أمامك أكباد تذوب حرارة / ودمعي لا يجدي ودمعك قد يجدي
بروحي جنات دهنها جهنم / رأينا الفنا فيها يدب إلى الخلد
عرائس حلتها بليلة عيدها / أكف فزفت بعد ذاك إلى اللحد
فما فاز منها حلف يأس بمأمل / ولا كادج عند القرب يشفي جوى البعد
بدت بسمات ثم أعقبها البكا / كذاك وميض البرق يعقب الرعد
أإن تم نظم العقد وا أتلفت به / جواهره تنحل واسطة العقد
غررنا بأحلام فكانت كواذباً / وسرنا لقصد فانحرفنا عن القصد
وكنا نرجي أن يكون اعتزامنا / لحد فجزناه فصرنا إلى الضد
فيا حسرتا لو تنفع اليوم حسرة / إذن لاشتفت مما ألم بها كبدي
دعوا فسرت في أنفس القوم رعدة / ولا عجب فالرعب مثل الضنى يعدي
فلاحت لهم ذات اللظى مشمعلة / كما لاح قرن الشمس من قمة النجد
تلوح برايات وتدعو بألسن / وتبعث جنداً لا يغالب بالجند
تثير دخاناً في الفضاء وقد زها / تراءى به الأقمار في أوجه ربد
إذا عالجته الريح مد رواقه / وأخفى محيا الملك في ذلك المد
تضم القصور الشم ضمة عاشق / تلاقى بمعشوق هناك على وعد
تلاق وأشهى منه رامية النوى / وعطف وأحلى منه مستطرد الصد
ولما تبدت حمرة الشفق انثنت / عليها فشف الخد عن حمرة الخد
لمن دمن لم يبق في عرصاتها / سوى فحم من مسعر الحجر الصلد
تظل نحيبها البواكي بأدمع / تروي ثراها والدموع من العهد
سلام على تلك الطلول التي عفت / لقد عشت أهديها السلام وأستهدي
سلام على الأم التي في سوادها / بدت لتباكي الولد منها على الولد
سلام على مهد الأعالي الألى مضوا / بناة المعالي بل سلام على مهدي
أخ جاء يدعوني إلى نصر أخوة
أخ جاء يدعوني إلى نصر أخوة / وهذا يراع سامع ومجيب
فقلت له لا تسلم النفس للأسى / إذا ساء عيش أنه سيطيب
وهذي الليالي لا يقر قرارها / فمن لم يصبه الخير سوف يصيب
لنا أكبد لا تخمد النار تحتها / ولا هي من حر اللهيب تذوب
أظن لنا في ذمة الدهر طلبة / وأدراكها للآملين قريب
قضى زعماء السوء فينا بما قضوا / لهم دوننا في الطيبات نصيب
نخال جديدات الأمور عجيبة / وما تحت فسطاط السماء عجيب
كفى حزناً إن الرجال كثيرةٍ
كفى حزناً إن الرجال كثيرةٍ / وليس لنا فيما نراه رجالُ
نُحكّم قوماً لا يبالوا قائلاً / وإن قام كل العالمين فقالوا
إذا ارتقبوا أمراً فذلك منصبٌ / أو اطّلبو شيئاً فذلك مال
بغال تسوس الأسْد شر سياسة / وما ساس أُسْداً قبل ذاك بغالُ
قضيتم وعشنا بعدكم مرّ عيشة / تعالوا انظرونا يا جدود تعالوا
أسيدتي إني أمرؤ أحمل الهوى
أسيدتي إني أمرؤ أحمل الهوى / ولكنني عند اللحاظ ضعيف
أحب خفيف الدل إن لم يكن جفا / فكل دلال لا يذيب خفيف
فلا تدعيني حائراً فيك والهاً / فعندك قلب في الغرام لطيف
أسيدتي لا الدهر يسعف مطلبي
أسيدتي لا الدهر يسعف مطلبي / ولا أنت أني حرت بينكما جدا
إذا رمت شيئاً جئتماني بضده / لقد صرت لي ضداً وقد صار لي ضداً
سألتك وداً فاستطبت لي الجفا / وأملت قرباً فراتضى الدهر لي البعدا
تشابهتما جوراً وغدراً وقوة / فصيرته نداً ولم تقبلي ندا
فلا تحرماني لذة من تألم / ولا تسلباني الوجد لن أسلو الوجدا
خذا جسدي والروح فاقتسمهما / ولكن دعا لي وحده ذلك الكبدا
حفظت بها عهداً وأخشى ضياعه / وأني لأُبقي الكبد كي أبقي العهدا
ألمّ بها في حسنها وشبابها
ألمّ بها في حسنها وشبابها / كوردة بستان جنتها أناملهْ
فلما مشى من قلبه نحو قلبها / رسول الهوى خابت لديه وسائلهْ
دهاها وستر التيه أسبل دونها / فما زال حتى رفّع الستر سابله
ولو لم يحاول ذلك القلب باطشاً / لحال على رغم الخلافة حائله
غزالة واد في حبالة قانص / تُبت لغزلان الصريم حبائله
أقام الليالي وهي في قيد أسره / يغازلها لكنها لا تغازله
تضن ويسخو بالوداد وهكذا / يقابل قلب نافر من يقابله
قضاها له الظلم الذي كان قاضياً / وذلك عهد أظلم الناس عادله
تقضي ربيع العمر في غير روضه / ومات وما ناحت عليه بلابله
فيا حسرتا للغصن يذبل وحدهُ / وتبقى عليه ناضرات غلائله
تجاوز غايات الثلاثين جائز / أبحتُهُ لو انصفته عواذله
مضى حكمه لا أرجع الله حكمهُ / أواخره مذمومة وأوائله
ليالي أبلى من همومي وجددي
ليالي أبلى من همومي وجددي / لك الأمر لا تقوى على رده يدي
فما أرتجي والأربعون تصرمت / ولا عيش إلا ينتهي حيث يبتدي
سكت سكوتاً لا يريك امتداده / فلا خاطري باق ولا الشعر مسعدي
ولا فيّ من روح الشباب بقية / ولست بمشتاق ولست بموجد
حزنت على الماضي ضلالاً ومن يعش / كما عشت لم يحزن ولم يتجلد
ومالي منه خاطر غير أنني / عدلت فلم أفتك ولم أتعبد
سقى الله دارات القرافة ديمة / ترق على قوم هنالك هجد
تعود كل بؤسها ونعيمها / وعشنا على بؤس ولم نتعود
أحن إلى تلك المراقد في الثرى / ولو أستطيع اليوم لاخترت مرقدي
فأنزلت جسمي منزلاً لا يمله / يكون بعيداً عن أعاد وحسد
وما يتمنى الحر في ظل عيشة / تمر لأحرار وتحلو لأعبد
لقد اتعبتني والمتاعب جمة / ميسرة يومي بين أمسي والغد
ألماً يئن أن يستريح مجاهد / ألماً يئن أن يبلغ المنهل الصدى
تزهدت في وصل المعالي جميعها / ومن يطلبها كأطلابي يزهد
وبت تساوت في فؤادي مناهج / تؤدي لخفض أو تؤدي لسؤدد
وأني في بيت صغير مهدم / كأني في قصر كبير مشيد
عفا الله عن قوم أتاني غدرهم / فرب مسيء لم يسء عن تعمد
وكم من نفوس يستطيل ضلالها / ولكم متى ما تبصر النور تهتد
نزعت من الآمال باليأس عائداً / فإن تدنني منها اللبانات أبعد
فلا ترتعي مني بقلب معذب / ولا تنجلي مني لطرف مسهد
فيا ريح إن يعصف بي الشجو سكني / ويا غيث إن يضرمني الوجد أخمد
ويا ساكنات الطير في دولة الدجى / أرى أن دعاك الصبح أن لا تغردي
لدي شكايات وأنت شجية / فإن تستطيبها لشجوك أنشدي
ولا تحسبي التقليد يذهب حسنها / فكم حسنات قد أتت من مقلد
تركت الغنى لا عاجزاً عن طلابه / وأنزلت نفسي من منازل محتدي
وهذي بحمد الله مني براءة / فيا أفق سجلها ويا أنجم أشهدي
أما لو يفيد العتب لارتاح عاتبه
أما لو يفيد العتب لارتاح عاتبه / دعوه فهذا البرق لا بد كاذبه
قلوبكم هامت كما هام قلبُهُ / وأمس طلبتم ما هو اليوم طالبهُ
فلا تحسبوه خاسراً ليس خاسراً / تجاربكم زالت وهذي تجاربه
لهُ مثلهُ في أنسه ونفاره / يراضيه أياماً وأخرى يغاضبه
بأية عين أم لأية زلّة / نراقبه في حبِه ونحاسبه
ألا أنه سهم أصاب فؤاده / وكل فؤاد ذلك السهم صائبه
تذكرت ريعان الشباب الذي مضى / فأحزنني أن لن تعود أطايبه
لقد كنتُ أقضي ليلتي في حديثه / يسائلني عن حبه فأجاوبه
سمعتُ بنات الورْق تشدو ضحيّة / فقلت اسمعوا هذه الطيور تخاطبه
لها مهجٌ فيها هوى تحتهُ لظى / فإما سرت ريح توقد لاهبه
أرى اليأس أدنى للشفاء من الرجا / إذا عزّ مطلوب سلا عنه طالبه
وكم من جوى مستمكن في جوانح / أهاب به لوم فجاشت غواربه
جمال كأن النفس بعض شعاعه
جمال كأن النفس بعض شعاعه / إذا غاب أمسى موضع النفس مظلما
أظل أناجيه فالفيه صامتاً / ولو أدركته لوعتي لتكلما
رعى الله هذا القلب لم يؤت رحمة / لقد كنت أرجو أن أذوب ويرحما
شكاية شاك سوف يظهرها غداً
شكاية شاك سوف يظهرها غداً / ترددت الأشجان فيه فردّدا
كسير جناح جاور الروض أزمنا / وبات على خضر الغصون مغردا
جفاه ربيع فانثنى عنهُ وردهُ / فلم يلف إلا بعده الحزن موردا
فيا روض أن يصبح أديمك يابساً / ويمس بك الغصن اللبيس مجردا
وتندب بك الورقاء نوراً وزهرة / ويبك بك الشحرور باناً وأملدا
فدع كل صوت بعد صوتي فإنني / أنا الطائر المحكي والآخر الصدى
ألم يبق إلا ذا الفؤاد المعذب
ألم يبق إلا ذا الفؤاد المعذب / كفى ما به في غيره متطلب
سيجزيك عن آلامه بدعائه / ويرجو لك الإسعاد وهو يعذب
رياض دحاها الخصب أما ترابها
رياض دحاها الخصب أما ترابها / فمسك وأما نهرها فرحيق
تجود الصبا فيروعها / من الطير صدح والغصون خفوق
أقام بها في وحدة الحال وردها / فقام له بين الزهور شقيق

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025