القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الرَّصافي البَلَنْسي الكل
المجموع : 21
خَليلَيَّ ما أَدري إِذا اِختَلَّ شَملُنا
خَليلَيَّ ما أَدري إِذا اِختَلَّ شَملُنا / وَأَلقَت بِنا الدُنيا لِأَيدي النَوى نَهبا
أَطَيَّ كِتابٍ نودِعُ الوُدَّ بَينَنا / عَلى البُعدِ أَم صَدرَ النَسيمِ إِذا هَبّا
وَلي عِندَ شَرقيِّ الرِياحِ لُبانَةٌ / يَقَرُّ بِعَينِ الغَربِ أَن تَرِدَ الغَربا
أَداءُ سَلامٍ عاطِرٍ وَتَحِيَّةٌ / إِذا نُسِبَت لِلمِسكِ تاهَ بِها عُجبا
يُحَيّا بِها عَنّي اِبنُ وَهبٍ مُصافَحاً / كَما صافَحَت ريحُ الصَبا غُصُناً رَطبا
فَتىً أَريَحِيُّ الطَبعِ مَهما بَلَوتَهُ / بَلَوتَ الكَريمَ الحُرَّ وَالسَيِّدَ النَدبا
أَبى اللَهُ إِلّا أَن أُرى الدَهرَ شاكِراً / لَهُ شُكرَ صادي الرَوضِ دَمعَ الحَيا السَكَبا
يَداً أَيَّدَتني مِنهُ بِالمَلِكِ الَّذي / تَمَلَّكَ في الدُنيا قُلوبَ الوَرى حُبّا
مُطاعٌ كَأَنَّ اللَهَ أَعطاهُ وَحدَهُ / مِنَ الأَمرِ ما لَم يُعطِهِ السَبعَةَ الشُهبا
يَقولونَ لي يَوماً وَقَد عَنَّ جائِزاً
يَقولونَ لي يَوماً وَقَد عَنَّ جائِزاً / كَما عَنَّ ظَبيُ السربِ يَتَّبِعُ السربا
تَعَلَّمَ نَجّاراً فَقُلتُ لَعَلَّهُ / تَعَلَّمَها مِن نَجرِ مُقلَتِهِ القَلبا
شَقاوَةُ أَعوادٍ تَصَدّى لِجَهدِها / فَآوِنَةً قَطعاً وَآوِنَةً ضَربا
غَدَت خَشَباً تَجني ثِمارَ جِنايَةٍ / بِما اِستَرَقتهُ مِن مَعاطِفِهِ قُضبا
أَتَتنِيَ مِن تِلكَ السَجايا بِنَفحَةٍ
أَتَتنِيَ مِن تِلكَ السَجايا بِنَفحَةٍ / هَزَزتُ لَها في الحَيِّ عِطفَيَّ مِن عُجبي
وَما ذاكَ إِلّا أَنَّ عَرفَ تَحِيَّةٍ / نَفَضتَ بِها مِسكاً عَلى الشَرقِ وَالغَربِ
تَصَدّى بِها الرَكبُ المُغَرِّبُ غَدوَةً / فَقُلتُ أَمِن دارينَ مُدَّلَجُ الرَكبِ
سَيَنشَقُّ عَن نَورِ الوِدادِ بِها فمي / فَقَد أَنبَتَت ما أَنبَتَت لَكَ في قَلبي
وَإِنّي وَإِن كُنتُ الخَلِيَّ لِشَيِّقٌ / إِلَيكَ عَلى بُعدِ المَنازِلِ وَالقُربِ
خَلا أَنَّ حالاً لَو قَضَت بِتَفَرُّغي / إِلى لازِمٍ مِن حَجِّ مَنزِلِكَ الرَحبِ
لَقُمتُ لَهُ ما بَينَ أَعلامِ رَيَّةٍ / وَبَينَ حِمى وادي الأَشاءِ مِنَ التُربِ
وَبَعدُ فَلا يُعطِش أَبا الحَسَنِ الحَيا / بِلادَكَ وَاِلتَفَّت عَلَيكَ حُلى الخِصبِ
حَياً وَحَياةٌ سَرمَدٌ وَتَحِيَّةٌ
حَياً وَحَياةٌ سَرمَدٌ وَتَحِيَّةٌ / عَلى العَلَقِ المَطلولِ مِن كَثَبِ الشِعبِ
تَساقَطَ مُرفَضَّ الرَشاشَةِ فَاِغتَدَت / بِهِ ساحَةُ الدُنيا مُضَمَّخَةَ التُربِ
وَمِن أَسَفِ الدُنيا بُكائي لِيوسُفٍ / وَما لِثَراهُ في دُموعِيَ مِن شُربِ
يَقولونَ لي يَوماً وَقَد مَرَّ ضارِباً
يَقولونَ لي يَوماً وَقَد مَرَّ ضارِباً / بِمِعوَلِهِ ضَربَ المُرَجِّمِ بِالغَيبِ
تَعَلَّمَ صَفّاراً فَقُلتُ اِستَعارَها / غَداةَ رَنا مِن صِبغَةِ العاشِقِ الصَبِّ
يَعودُ النُحاسُ الأَحمَرُ التِبر عَسجَداً / بِكَفَّيهِ عِندَ السَبكِ وَالمَدِّ وَالضَربِ
فَحُمرَتُهُ مُشتَقَّةٌ مِن حَيائِهِ / وَصُفرَتُهُ مِمّا يَخافُ مِنَ العَتبِ
خَليلَيَّ ما لِلبيدِ قَد عَبَقَت نَشرا
خَليلَيَّ ما لِلبيدِ قَد عَبَقَت نَشرا / وَما لِرُؤوسِ الرَكبِ قَد رُنِّحَت سُكرا
هَلِ المِسكُ مَفتوقاً بِمَدرَجَةِ الصَبا / أَمِ القَومُ أَجرَوا مِن بَلَنسِيَةٍ ذِكرا
خَليلَيَّ عُوجا بي عَلَيها فَإِنَّهُ / حَديثٌ كَبَردِ الماءِ في الكَبِدِ الحَرّى
قِفا غَيرَ مَأمورَينِ وَلِتَصديا بِها / عَلى ثِقَةٍ لِلغَيثِ فَاِستَسقِيا القَطرا
بِجِسرِ مَعانٍ وَالرَصافَةِ إِنَّهُ / عَلى القَطرِ أَن يَسقي الرَصافَةَ وَالجِسرا
بِلادي الَّتي ريشَت قُوَيديمتي بِها / فُرَيخاً وَآوَتني قَرارَتُها وَكرا
مَبادئ لينِ العَيشِ في رَيِّقِ الصِبا / أَبى اللَهُ أَن أَنسى لَها أَبَداً ذِكرا
لَبِسنا بِها ثَوبَ الشَبابِ لِباسَها / وَلكِن عَرينا مِن حُلاهُ وَلَم تَعرى
أَمَنزِلَنا عَصرَ الشَبيبَةِ ما الَّذي / طَوى دونَنا تِلكَ الشَبيبَةَ وَالعَصرا
مَحَلٌّ أَغَرُّ العَهدِ لَم نُبدِ ذِكرَهُ / عَلى كَبِدٍ إِلا اِمتَرى أَدمُعاً حُمرا
أَكُلُّ مَكانٍ كانَ في الأَرضِ مَسقَطاً / لِرَأسِ الفَتى يَهواهُ ما عاشَ مُضطَرّا
وَلا مِثلَ مَدحُوٍّ مِنَ المِسكِ تُربَةً / تُمَلّي الصَبا فيها حَقيبَتَها عِطرا
نَباتٌ كَأَنَّ الخَدَّ يَحمِلُ نَورَهُ / تَخالُ لُجيناً في أَعاليهِ أَو تِبرا
وَماءٌ كَتَرصيعِ المَجَرَّةِ جَلَّلَت / نَواحِيَهُ الأَزهارُ فَاِشتَبَكَت زُهرا
أَنيقٌ كَرَيعانِ الحَياةِ الَّتي خَلَت / طَليقٌ كَرَيّانِ الشَبابِ الَّذي مَرّا
وَقالوا هَلِ الفِردَوسُ ما قَد عَلِمتُهُ / فَقُلتُ وَما الفِردَوسُ في الجَنَّةِ الأُخرى
بَلَنسِيَةٌ تِلكَ الزَبَرجَدَةُ الَّتي / تَسيلُ عَلَيها كُلُّ لُؤلُؤَةٍ نَهرا
كَأَنَّ عَروساً أَبدَعَ اللَهُ حُسنَها / فَصَيَّرَ مِن شَرخِ الشَبابِ لَها عُمرا
وَإِن كانَ قَد مدَّت يَدُ البَينِ بَينَنا / مِنَ الأَرضِ ما يَهدي المُجِدّ بِهِ شَهرا
تُؤَبَّدُ فيها شَعشَعانِيَّةُ الضُحى / إِذا ضاحَكَ الشَمسُ البُحَيرَةَ وَالنَهرا
تَراجَمُ أَنفاسُ الرِياحِ بِزَهرِها / رُجوماً فَلا شَيطانَ يَقرَبُها ذُعرا
هِيَ الدُرَّةُ البَيضاءُ مِن حَيثُ جِئتَها / أَضاءَت وَمن لِلدُّرِّ أَن يَشبِهُ البَدرا
خَليلَيَّ إِن أَصدُر إِلَيها فَإِنَّها / هِيَ الوَطَنُ المَحبوبُ أَوكَلتُهُ الصَدرا
وَلَم أَطوِ عَنها الخَطوَ هَجراً لَها إِذاً / فَلا لَثَمَت نَعلي مَساكِنَها الخَضرا
وَلكِنَّ إِجلالاً لِتُربَتِها الَّتي / تَضُمُّ فَتاها النَدبَ أَو كَهلَها الحُرّا
أَكارِمُ عاثَ الدَهرُ ما شاءَ فيهِمُ / فَبادَت لَياليهِم فَهَلِ اِشتَكى الدَهرا
هَجوعٌ بِبَطنِ الأَرضِ قَد ضَرَبَ الرَدى / عَلَيهِم قُبَيباتٍ فُوَيقَ الثَرى غُبرا
تَقَضَّوا فَمِن نَجمٍ هُنالِكَ ساقِطٍ / أَبى اللَهُ أَن يَرعى السِماكَ أَوِ النَسرا
وَمَن سابِقٍ هذا إِذا شاءَ غايَةً / شَأى غَيرَ مَجهودٍ جِيادَ العُلا حُضرا
أُناسٌ إِذا لاقَيتَ مِن شيتَ مِنهُمُ / تَلَقَّوكَ لا غَثَّ الحَديثِ وَلا غَمرا
وَقَد دَرَجتَ أَعمارُهُم فَتَطَلَّعوا / هِلالَ ثَلاثٍ لَو سَنا رَقّ أَو بَدرا
ثَلاثَةُ أَمجادٍ مِنَ النَفَرِ الأُلى / زَكَوا خَبَراً بَينَ الوَرى وَزَكوا خُبرا
ثَكَلتهُم ثُكلاً دَهى العَينَ وَالحَشا / فَفَجَّرَ ذا ماءً وَسَجَّرَ ذا جَمرا
كَفى حَزَناً أَنّي تَباعَدتُ عَنهُم / فَلَم أَلقَ مَن أَسرى مُخفّاً وَلا سرّا
وَإِنّي مَتى أَسأَل بِهِم كُلَّ راكِبٍ / لِيُظهِرَ لي خَيراً تَأَبَّطَ لي شَرّا
أباحِثُهُ عَن صالِحاتٍ عَهِدتُها / هُناكَ فَيُنبيني بِما يَقصِمُ الظَهرا
مُحَيّا خَليلٍ غاضَ ماءُ حَياتِهِ / وَساكِنُ قَصرٍ صارَ مَسكَنُهُ القَبرا
وَأَزهَر كَالإِصباحِ قَد كُنتُ أَجتَلي / سَناهُ كَما يَستَقبِلُ الأَرِقُ الفَجرا
فَتىً لَم يَكُن خِلوَ الصِفاتِ مِنَ النَدى / وَلَم يَتَناسَ الجودَ أَعدَمَ أَم أَثرى
يُصَرِّفُ ما بَينَ اليَراعَةِ وَالقَنا / أَنامِلَهُ لا بَل هَواطِلَهُ الغَرّا
طَويلُ نِجادِ السَيفِ لانَ كَأَنَّما / تَخَطّى بِهِ في البَردِ خَطِّيَّةً سَمرا
سَقَتهُ عَلى ما فيهِ مِن أَريحيّةِ / خَلائِقُ هُنَّ الخَمرُ أَو تُشبِهُ الخَمرا
وَنَشرُ مُحيا لِلمَكارِمِ لَو سَرَت / حُمَيّاهُ في وَجهِ الأَصيلِ لَما اِصفَرّا
هَلِ السَعدُ إِلّا حَيثُ خُطَّ صَعيدُهُ / فَما بَلَّ في شَفرَي ضَريحٍ لَهُ شَفرا
طَوَيتُ اللَيالي طَيَّهُنَّ وَإِنَّما / طَوَينَ بِهِ عَنّي التَجَلُّدَ وَالصَبرا
فَلا حُرِمَت سُقياهُ أَدمُعَ مُزنَةٍ / تَرى مَبسَمَ النُوّارِ أَصفَرَ مُغبَرّا
وَما دَعوَتي لِلمُزنِ عُذراً لِدَعوَتي / إِذا ما جَعَلتُ البُعدَ عَن قُربِهِ عُذرا
مَعاهِدُ قَد وَلَّت إِذا ما اِعتَبَرتَها / وَجَدتَ الَّذي يَحلو مِنَ العَيشِ قَد مَرّا
سَقى العَهدَ مِن نَجدٍ معاهدَه بِما
سَقى العَهدَ مِن نَجدٍ معاهدَه بِما / يغارُ عَلَيها الدَمعُ أَن تَشرَبَ القَطرا
فَيا غَينَةَ الجَرعاءِ ما حالَ بَينَنا / سِوى الدَهرِ شَيءٌ فَاِرجِعي نَشتَكي الدَهرا
تَقَضَّت حَياةُ العَيشِ إِلا حُشاشَةً / إِذا سَأَلَت لُقياكِ عَلَّلتُها ذِكرا
وَكَم بِالنَقا مِن رَوضَةٍ مُرجَحِنَّةٍ / تَضَمَّخُ أَنفاسُ الرِياحِ بِها نَشرا
وَمِن نُطفَةٍ زَرقاءَ تَلعَبُ بِالصَدى / إِذا ما ثَنى ظلٌّ مُدارٌ بِها سُمرا
وَبَردُ نَسيمٍ أَنثَني عِندَ ذِكرِهِ / عَلى زَفَراتٍ تَصدَعُ الكَبدَ الحَرّى
وَإِن لباناتٍ تَضَمَّنَها الحَشا / قَليلٌ لَدَيها أَن نَضيقَ بِها صَدرا
حَباني عَلى بُعدِ المَدى بِتَحِيَّةٍ
حَباني عَلى بُعدِ المَدى بِتَحِيَّةٍ / أَرى غُصني رَطبَ المَهَزِّ بِها نَضرا
بَرائِيَّةٍ لَم أَدرِ عِندَ اِجتِلائِها / هِيَ الدُرُّ مَنظوماً أَمِ الزَهرُ مُفتَرّا
وَما سِرُّ نَوّارٍ بِمَمطورَةِ الرُبى / تَبوحُ أُصَيلاناً بِهِ الريحُ أَو فَجرا
بِأَطيَبَ مِنها في الأُنوفِ وَغَيرِها / تَجاذَبَها سِرّاً بَنو الدَهرِ أَو جَهرا
أَعِندَكُم أَنّا نَبيتُ لِبُعدِكُم / وَكُلُّ يَدٍ مِنّا عَلى كَبِدٍ حَرّى
وَمِن عَجَبٍ أَنّا نَهيمُ بِقُربِكُم / وَلا زَورَ إِلّا أَن نُلِمَّ بِكُم ذِكرا
نُؤَمِّلُ لُقياكُم وَكَيفَ مَطارُنا / بِأَجنِحَةٍ لا نَستَطيعُ لَها نَثرا
فَلَو آبَ ريعانُ الصِبا وَلِقاؤُكُم / إِذاً قَضَتِ الأَيّامُ حاجَتَنا الكُبرى
فَإِن لَم يَكُن إِلّا النَوى وَمَشيبنا / فَفي أَيِّ شَيءٍ بَعدُ نَستَعطِفُ الدَهرا
فَهَل مِن فَتىً طَلقِ المُحَيّا مُحَبَّبٍ / يَطولُ تَمَنّي السَفرِ أَن يَصحَبَ السَفرا
تُحَدِّثُكُم عَنّا أَسِرَّةُ وَجهِهِ / وَإِن لَم تَصِف إِلا التَهَلُّلَ وَالبِشرا
فَلَو لَم تَكُن تُمسي مَشارِبُ خاطِري / كَما شاءَتِ الدُنيا مُعَكَّرَةٌ كُدرا
لَأَصدَرتُها عَنّي نَتائِجَ مُنجِبٍ / عِراباً كَما تَدري مُحَجَّلَةً غُرّا
عَلى أَنَّني لا أَرتَضي الشِعرَ خُطَّةً / وَلَو صُيِّرَت خُضراً مَسارِحِيَ الغَبرا
كَفى ضِعةً بِالشِعرِ أَن لَستُ جالِباً / إِلَيَّ بِهِ نَفعاً وَلا رافِعاً ضُرّا
يَقولُ أُناسٌ لَو رَفَعتَ قَصيدَةً / لَأَدرَكتَ حَتماً في الزَمانِ بِها أَمرا
وَمِن دونِ هذا غَيرَةٌ جاهِلِيَّةٌ / وَإِن هِيَ لَم تَلزَم فَقَد تَلزَمُ الحُرّا
أَلَم يَأتِهِم أَنّي وَأَدتُ بِحُكمِها / بُنَيّاتِ صَدري قَبلَ أَن تَبرَحَ الصَدرا
مَتى أَرسَلَت أَيدي المُلوكِ هِباتِها / وَلَم يُوصِلوا جاهاً وَلَم يُجزِلوا ذُخرا
فَقَد سَرَّني أَنّي حَرَمتُ عُلاهُمُ / حُلىً مُحكَماتٍ تُخجِلُ الأَنجُمَ الزُهرا
عَذِيريَ مِن جَذلانَ يُبدي كَآبَةً
عَذِيريَ مِن جَذلانَ يُبدي كَآبَةً / وَأَضلُعُهُ مِمّا يُحاوِلُهُ صِفرُ
أُمَيلدُ مَيّاسٌ إِذا قادَهُ الصَبا / إِلى مُلَحِ الإِدلالِ أَيَّدَهُ السِحرُ
يَبُلُّ مَآقي زَهرَتَيهِ بِريقِهِ / وَيَحكي البُكا عَمداً كَما اِبتَسَمَ الزَهرُ
أَيوهِمُ أَنَّ الدَمعَ بَلَّ جُفونَهُ / وَهَل عُصِرَت يَوماً مِنَ النَرجِسِ الخَمرُ
تَفاءَلتُ بِالسِكّينِ لما بَعَثتهُ
تَفاءَلتُ بِالسِكّينِ لما بَعَثتهُ / لَقَد صَدَقَت مِنّي العِيافَةُ وَالزَجرُ
فَكانَ مِنَ السكّينِ سُكناكَ في الحَشا / وَكانَ مِنَ القَطعِ القَطِيعَةُ وَالهَجرُ
بِعَيشِكَ هَل أَبصَرتَ مِن قَبلُ أَحرُفاً
بِعَيشِكَ هَل أَبصَرتَ مِن قَبلُ أَحرُفاً / كُتِبنَ بِماءِ الحُسنِ في طُرَرِ الزَهرِ
سَحاءَة قِرطاسٍ ثَنَتها كَما تَرى / مُلاعَبَةُ المِقراضِ سَطراً عَلى سَطرِ
أَلَيسَ عَجيباً أَن يُعَوَّضَ كاتِبٌ / بِكافورَةِ القِرطاسِ عَن مِسكَةِ الحِبرِ
وَفي أُذنِكَ الجَوزاءُ قُرطاً مُعَلَّقاً
وَفي أُذنِكَ الجَوزاءُ قُرطاً مُعَلَّقاً / وَلِلنَّجمِ في يُمناكَ ضِغثُ بَهارِ
وَأَنتَ هِلالٌ بَل أَقولُ غَزالَةٌ / وَحَولَكَ سِربٌ لا أَقولُ دَراري
كَما قُلتُ ما بالي أَرى اللَيل سَرمَداً / وَإِلّا فَلِم لا يَنجَلي بِنَهارِ
يَقولونَ طالَ اللَيلُ وَاللَيلُ لَم يَطُل / وَهَل فيهِ بَينَ العاشِقينَ تَماري
إِذا جَنَّ لَيلُ الحُبِّ لَم يَدرِ نائِمٌ / بِهِ ما يُقاسي هائِمٌ وَيُداري
وَقالوا تَجَلّى بِالمَشيبِ عِذارُهُ / فَقُلتُ تَجَلّى بِالمَشيبِ عِذاري
فَجاشَت لَها مِنهُم صُدورٌ كَأَنَّها / غُمودُ سُيوفٍ وَالسُيوفُ عَواري
وَلَو شِئتُ ثارَت بَينَنا حَربُ عاشِقٍ / يَكونُ بِها ثَوبُ السَقامِ شِعاري
وَلكِن عَدَتني يا اِبنَةَ الخَيرِ عَنهُمُ / عَوادي خُطُوبٍ في الخُطُوبِ كِبارِ
رَكِبتُ لَها بَحرَ الزُقاقِ تَعَمُّداً / وَلِلفُلكِ بَينَ العَدوَتَينِ تَباري
بِحَيثُ اِلتَقى البَحرانِ وَالمَوتُ عازِمٌ / يُساوِرُنا مِن يَمنَةٍ وَيَسارِ
أَدِرها عَلى أَمنٍ فَما ثَمَّ مِن باسِ
أَدِرها عَلى أَمنٍ فَما ثَمَّ مِن باسِ / وَإِن حَدَّدَت آذانَها وَرَقُ الآس
وَما هِيَ إِلّا ضاحِكاتُ غَمائِمٍ / لِواعِبُ مِن وَمضِ البروق بِمِقباس
وَوَفدُ رِياحٍ زَعزَعَ النَهرَ مُدَّةً / كَما وَطِئَت دِرعاً سَنابِكُ أَفراس
سَلامٌ أَبا بَكرٍ عَلَيكَ وَرَحمَةٌ
سَلامٌ أَبا بَكرٍ عَلَيكَ وَرَحمَةٌ / تَحِيَّةَ صِدقٍ مِن أَخٍ لَكَ مُختَصِّ
لَعَمري وَما أَدري بِصَدعِ زُجاجِه / عَلَيكَ فَقَد تُدني اللَيالي كَما تُقصي
لَقَد بانَ عَنّي يَومَ وَدَّعتَ صاحِبٌ / بَريءُ أَساليبِ الوِدادِ مِنَ النَقصِ
أَقولُ لِنَفسي حينَ طارَت بِكَ النَوى / أَخوك فَريشي مِن جَناحِكِ أَو قُصّي
فَباتَت عَلى ظَهرِ النُزوعِ إِلَيكُمُ / تَطيرُ بِما في الوَكرِ أَجنِحَةُ الحِرصِ
إِلى كَم أَبا بَكرٍ نَحومُ بِأَنفُسٍ / ظماءٍ إِلى عَهدِ الأُجَيرِعِ أَو حِمصِ
كَأَن لَم تَرَ تِلكَ الربى وَكَأَنَّها / عَرائِسُ تَرعاها المَواشيطُ لا نَصِّ
وَلا رَنَّقَت تِلكَ الأَراكَةُ فَوقَنا / بلوث إِزارِ الظِلِّ في كَفَلِ الدعصِ
وَكانَ لَنا فيها هُناكَ مَآرِبٌ / نُطيعُ الهَوى العُذرِيَّ فيها وَلا نَعصي
لَيالينا بِالريِّ وَالعَيشُ صالِحٌ / وَظِلُّكَ عَنها غَيرُ مُنتَقِلِ الشَخصِ
وَما ذِكرُها لَولا شَفاً مِن عَلاقَة / تَتَبَّعُها نَفسي تَتَبُّعَ مُستَقصي
وَدَدت أَبا بَكرٍ لَوَ اَنِّيَ عالِمٌ / وَلِلكَونِ زَندٌ لَيسَ يُقدَحُ بِالحِرصِ
هَلِ الغَيبُ يَوماً مُفرِجاً لي بابَهُ / فَاُنظُرَ مِنهُ كَيفَ أُنسُكَ في حمصِ
بِأَزرَقَ سَلّالِ الحُسامِ وَقَد بَدا / يُداعِبُ في كَأسٍ تَحَرَّكُ لِلرَّقصِ
وَما معصَمٌ رَيّانُ دارَ سِوارُهُ / عَلى مِثلِ ماءِ الدُرِّ في بَشَرٍ رَخصِ
بِأَسمَحَ مِنهُ في العُيونِ إِذا بَدا / وَلا سيما وَالشَمسُ جانِحَةُ القرصِ
خَليجٌ كَخَيطِ الفَجرِ تَنجَرُّ فَوقَهُ / ذُيولُ عَشِيّاتٍ مُزَخرَفَةُ القمصِ
سَبوقاً مَغَبّاتِ الظَلامِ إِلَيهِما
سَبوقاً مَغَبّاتِ الظَلامِ إِلَيهِما / لِيَقرِيَ ضَيفاً أَو يُجيرَ مُرَوَّعا
لِمَن كَلِمٌ كَالسِحرِ مِن غُنجِ أَحداقِ
لِمَن كَلِمٌ كَالسِحرِ مِن غُنجِ أَحداقِ / سَقاكَ بِكَأسٍ لَم تُدِرها يَدُ الساقي
دَعاكَ خَليلٌ وَالأَصيلُ كَأَنَّهُ
دَعاكَ خَليلٌ وَالأَصيلُ كَأَنَّهُ / عَليلٌ يُقَضّي مُدَّةَ الرَمقِ الباقي
إِلى شَطِّ مُنسابٍ كَأَنَّكَ ماؤُهُ / صَفاءَ ضَميرٍ أَو عُذوبَةَ أَخلاقِ
وَمَهوى جَناحٍ لِلصِّبا يَمسَحُ الرُبى / خَفِيِّ الخَوافي وَالقَوادِمِ خَفّاقِ
وَفِتيانُ صِدقٍ كَالنُجومِ تَأَلَّفوا / عَلى النَأيِ مِن شَتّى بُروجٍ وَآفاقِ
عَلى حينِ راحَ البَرقُ في الجَوِّ مُغمِداً / ظُباهُ وَدَمعُ المُزنِ في جَفنِهِ راقِ
وَجالَت بِعَيني في الرِياضِ اِلتِفاتَةٌ / حَبَستُ بِها كَأسي قَليلاً عَنِ الساقي
عَلى سَطرِ خيرِيٍّ ذَكَرتُكَ فَاِنثَنى / يَميلُ بِأَعناقٍ وَيَرنو بِأَحداقِ
فَقِف وِقفَةَ المَحبوبِ مِنهُ فَإِنَّها / شَمائِلُ مَشغوفٍ بِمَرآكِ مُشتاقِ
وَصل زَهراتٍ مِنهُ صُفراً كَأَنَّها / وَقَد خَضِلَت قَطراً مَحاجِرُ عُشّاقِ
وَمَنظومَةٍ سَبعاً وَعِشرينَ دُرَّةً
وَمَنظومَةٍ سَبعاً وَعِشرينَ دُرَّةً / تُدارُ عَلى الدُنيا كُؤوسُ رَحيقِها
عَوى نَحوَها الكَلبُ الأُعَيمى حَسادَةً / وَمَن ذا يَعيبُ الشَمسَ عِندَ شُروقِها
لَآلِئُ تومٌ أَشرَقَتهُ بِريقِهِ / وَزادَت ظَلاماً عَينَهُ بِبَريقِها
لَوى العِيُّ صَمّاوَيهِ عَن سِرِّ رَوضِها / فَلَم يَدرِ ما ريحانُها مِن شَقيقِها
كَأَنِّيَ قَد أَرسَلتُهُنَّ حِجارَةً / عَلَيهِ فَراغَت أُذنُهُ عَن طَريقِها
بَدا الشَفَقُ البادي بُعَيدَ أَصيل
بَدا الشَفَقُ البادي بُعَيدَ أَصيل / يجرِّرُ بِالآفاقِ حُمرَ ذُيولِ
وَفي عَرضِهِ الأَقصى هِلالٌ كَأَنَّما / يُجَرِّرُ مِنهُ النَسرُ ضِلع قَتيلِ
سَبَقتَ وَلكِن في الفَضائِلِ كُلِّها
سَبَقتَ وَلكِن في الفَضائِلِ كُلِّها / عَلى الطيبِ مِن كُلِّ النُفوسِ أَوِ الرُغمِ
سُطورٌ وَلَو قَد شِئتُ قُلتُ لَطائِمٌ / هِيَ المِسكُ أَو كَالمِسكِ في اللَونِ وَالشَمِّ
وَسِربُ عَذارى مِن مَعانٍ جَلِيَّةٍ / لَها سِيمِياءٌ لا تَشُقُّ عَلى الفَهمِ
عَلى أَنَّها في راحَتَيكَ تَصَرَّفَت / فَلَم تَمشِ إِلا مِن وَلِيٍّ إِلى وَسمي
وَمُستَفهِمٍ لي كَيفَ كانَ وُرُودُها / فَقُلتُ لَهُ وِردُ الشِفاءِ عَلى السُقمِ
فَقَد صَدَّقَت رُؤيايَ رُقعَتُكَ الَّتي / كَسَت عَقِبي ما شِئتَ مِن سُؤدَدٍ ضَخمِ
وَأَسهَرَني فَوقَ القَتادِ تَقَلُّبٌ / مِنَ الدَهرِ بِالأَحرارِ بالَغَ في الهَضمِ
رِجالٌ شَجَتني بِالسَماعِ عَلى النَوى / وَيَبلُغ ضُرُّ القَوسِ مِن قِبَلِ السَهمِ
تَهاوَن بِما نَخشى وَبِت مُتَسَلِّياً / فَقَد تَطرُقُ السَرّاءُ في لَيلَةِ الهَمِّ
مَكانُكَ ما تَدريهِ مِن أُفُقِ العُلا / فَخُذ مَأخَذَ الأَقمارِ في النَقصِ وَالتِمِّ
فَما أَعقَبَ السَبكُ النُضارَ مَهانَةً / وَلا حَطَّ مَيلُ النَجمِ مِن شَرَفِ النَجمِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025