القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الخُبْز أَرْزي الكل
المجموع : 69
نسيم عبيرٍ في غلالة ماءِ
نسيم عبيرٍ في غلالة ماءِ / وتمثال نور في أديم هواءِ
حكى لؤلؤاً رطباً مُغَشّىً بجوهرٍ / مصفّىً بفرطَي رقةٍ وصفاءِ
لقد رحم الرحمنُ رقة جسمه / فجلَّله من نوره برِداء
يُرى مَلَكاً في الحسن في جبروته / فمن نور نورٍ في ضياء ضياءِ
تسربل سربالاً من الحسن وارتدى / رداءَ جمالٍ طُرِّزا ببهاءِ
تحيَّرتُ فيه لستُ أُحسِن وصفَه / على أنني من أوصف الشعراءِ
فلو أنه في عهد يوسف قُطِّعت / قلوبُ رجالٍ لا أكُفُّ نساءِ
يُدير إداراتٍ بسيفَي لحاظهِ / فيقتلنا من غير سفك دماء
وتطربُ
وتطربُ / وتترك من يهواك يبلى ويعطبُ
له مقلة مذ غبتَ لم تطعم الكرى / وقلبٌ على جمر الغَضى يتقلَّبُ
سقاني الهوى سمَّ الفراق فدواني / فعندك ترياق الوصال مجربُ
طرحتَ لقلبي قُرطُمَ الأنس والمنى / فأصبح في فَخِّ الهوى يتضرَّبُ
تقطعت الأسبابُ بي في هواكمُ / فو اللَهِ ما أدري بما أتسبَّبُ
فلا تسألنّي كيف حاليَ بعدكم / فما حال جسمٍ روحهُ عنه يُحجَبُ
فمن غاب عن عينَيهِ وجه حبيبه / فعن روحه روحُ الحياة يُغَيَّبُ
وما حال مَن ذاق النعيم وطيبَه / وأصبح من بعد النعيم يُعذَّبُ
سرورُ الهوى أحلى من العيش كلِّه / وكربُ النوى من غصَّة الموت أكربُ
دُفِعتُ إلى التنغيص من بعد لذةٍ / وأُبعدتُ عما كنت منه أُقرَّبُ
لقد كنت في رَوح الجنان منعَّماً / فأصبحتُ في نارٍ عَلَيَّ تَلَهَّبُ
وأصعب شيءٍ شقوةٌ بعد نعمةٍ / أجَل والقلى بعد التلطف أصعبُ
إذا ما دعوتُ الصبرَ لبّانيَ الهوى / فشوقي مكينٌ واصطباري مذبذب
إذا اعتلجا في القلب شوقٌ مبرِّحٌ / وصبرٌ فان الشوق لا شكَّ أغلبُ
سقى اللَه ليلاً كنتُ فيه أزورُكم / وأخرج عنكم خائفاً أترقَّبُ
هناك سرور أنت فيه مُؤمَّرٌ / وحولك من جيش اللذاذة موكبُ
فإن كنتَ قد أقصيتني ونسيتني / فأنت إلى قلبي من القرب أقربُ
فلا كانت الدنيا إذا كان عيشها / ولذتها كالثوب يبلى ويُسلَبُ
أرى النفس في شغلٍ لفقد حبيبِها
أرى النفس في شغلٍ لفقد حبيبِها / فما تَتَهَنّى بالوصال وطيبِها
فيا مَن شجاني بالفراق تركتني / أُسائل عنك الريحَ عند هبوبها
سقاميَ طرّاً أنت تعرف طبَّه / وهل يعرف الأسقامَ غيرُ طبيبها
إذا لم نطب في ذا الزمان وطيبه
إذا لم نطب في ذا الزمان وطيبه / فليس لنا في الطيِّبات نصيبُ
على حُسن أيام الربيع وطيبها / وقد تحسن الدنيا به وتطيبُ
أجب داعيَ اللذات والورد قائم / على منبر اللذات وهو خطيبُ
فيا ورد أمتعنا بطيبٍ وبهجةٍ / فأنت لتشبيه الحبيب حبيبُ
وروِّح قلوبَ العاشقين وحبها / وهل لُقيت للعاشقين قلوبُ
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنبُ
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنبُ / فليس على العشاق في فعلهم عتبُ
وعدتُك وعداً عاقني عنه عائق / وللناس أسباب لها يُقلَبُ القلبُ
لقد فاتني كلُّ المنى حين فاتني / مشاهدُك الحسنى ومنطقُك العذبُ
لئن كان لي خل عليك مقدَّماً / إذا ذُكِر الخلّانُ عنديَ والصحبُ
لخالفتُ توحيدي وعفت أئمتي / وملتُ الى الجِبتِ المضلل والنصبِ
ولولا التصابي كان في الحسن مذهبي / فلاحاً ولكن ليس يفلح من يصبو
تحيَّرتُ في تركِ الحبيب وترككم / ففي تركه لهو وفي ترككم ذنبُ
وقال فؤادي ليس يعذرك الإخا / على جفوةٍ إذ ليس يعذرك الحِبُّ
ولما رأيتُ القلبَ سهَّل سخطكم / ليرضى الهوى أيقنتُ أن الهوى صعبُ
ولمّا خشيت الموتَ كذبت وعدَكم / فقولوا أكان الموتُ خيراً أم الكذْبُ
ولم تتغالب شهوةٌ ومُرُوَّةٌ / فيفترقا إلا وللشهوة الغلبُ
ولم يثنني التقصير عنكم وإنما / ثنى عزمتي لما انثنى الغُصُنُ الرطبُ
لقد ذُبتُ إذ أبدى إليَّ مضاحكاً / كما ذاب شيطانٌ تقض له شهبُ
إذا زاد في التقبيل زدتُ تحشُّماً / فذاك نِهابٌ في الوصال وذا نَهبُ
ويبذل لي بشراً وأُعطيه غيره / فبعض المنى عطبٌ وبعض المنى عصبُ
ومال إلى سخف فملتُ ولم أكن / سخيفاً ولكن كلُّ شيءٍ له طبُّ
فحلت عقود إذ تحلل محكه / ودارت رحى الكذّان إذ رُكِّب القطبُ
وفزتُ بشيءٍ بين جدٍ ولعبةٍ / ويا رُبَّ جدٍ كان أوَّلَه اللّعْبُ
فلو أنني كنتُ استشرتك لم تشر / عليَّ ببُعد الإلف إذ أمكن القربُ
ولولا ارتقابي في رضاك لما اعتدت / بكشف أمورٍ كان في دوِّها حجبُ
من العذل أخشى أنَّ من كان موجعاً / له العذلُ يوماً ليس يؤلمه الضَّربُ
وقد يخلص الإخوان من بعد عثرة / كما تستهبُّ الخيل من بعد ما تكبو
وأيّ جواد لم تكن منه هفوة / وأي حسام في الأحايين لا ينبو
تراني يطيف الغدر عندي لصاحبٍ / له الكرم المأثور والخلق الرحب
فإن قلت هل يُجفَى الصديق لأمرد / فلا عجب إذ كان يعصى به الربُّ
فلا تُدْنِسَنْ أخلاقَك الغرَّ بالقلى / فحيث يكون الجور لا يحمد الخصبُ
وما الأنس إلا حيث يستطلع الرضا / وما الرعي إلا حيث يستعذب العشبُ
وما شاني الإخلاص في الود والهوى / وما الأكل من شاني هناك ولا الشربُ
ولست أُحبُّ الفضل من غير وجهه / كما لا تُحَبُّ الشمس مطلعها الغربُ
فدونك أمثالاً من الدرِّ نُظِّمت / سموطاً ولكن ما تخلَّلها ثقبُ
ستذكر قولي عند كل طريفةٍ / بذكرك للداري اذا استطرف النعبُ
مزاري قريب والوصال بعيدُ
مزاري قريب والوصال بعيدُ / وإبلاء شوقي في الفؤاد جديدُ
فقلت بذنبي في الهوى وعذابه / فيا ربّ خلِّصني فلستُ أعودُ
أتهلكني من غير ذنبٍ وزلَّةٍ / فماذا بقتلي يا حبيب تريدُ
فو اللَهِ ما بي أن أموت بغصَّتي / ولكنَّ بي أن يصطفيك حسودُ
شكوتُ إلى إلفي سهادي وعبرتي
شكوتُ إلى إلفي سهادي وعبرتي / فقلت احمرار العين يخبر عن وجدي
فقال محالٌ ما ادّعيتَ وإنما / قطفتَ بعينيك التورُّدَ من خدّي
خلوتَ بمن تهوى وأفردتني وحدي
خلوتَ بمن تهوى وأفردتني وحدي / فيا منيتي لا كان عندك ما عندي
تجرعتُ منكم غصةً بعد غصةٍ / فمن قبح هجرانٍ إلى وحشة الصدِّ
وعدتَ مواعيداً فكانت نسيئةً / فعاجلني منك التبغُّض بالنقدِ
فلو أنني عبدٌ لما كان منكراً / تعطُّف مولىً بالجميل على العبدِ
وقد كنتَ تجفوني على القرب جاهداً / فكيف أُرجّي الوصل منك على البعدِ
سحائب يزجيها الأسى فبروقُها
سحائب يزجيها الأسى فبروقُها / غليل فؤادي والعويل رعودُ
وما ذاك إلا نار شوقٍ توقَّدت / فصعَّد روحي بالدموع وقودُ
ألا لا أرى مثل الصبابة كلَّما / بلي مبتلاها يستجد جديدُ
ولا كعيون العِين مرضى سقيمةً / تُعاد فتُعدي سقمَها فيعودُ
ولا مثلما تقسو قلوبٌ نواعم / كأنَّ قلوب العاشقين حديدُ
يقولون صِف حربَ الرعيَّة والجندِ
يقولون صِف حربَ الرعيَّة والجندِ / وصلحَ رجالٍ من بلالٍ ومن سعدِ
ولي شغل في صلح قلبي وناظري / على تَلفي حتى فنيتُ من الوجدِ
ويقبح ذكرى وقعةٍ وبمهجتي / وقائع شتّى من جهاد ومن جهدِ
وكم قتلةٍ لي في حروبٍ من الهوى / تسلَّط فيهن الظباءُ على الأُسدِ
فواللَهِ ما هَزُّ الرماح بمقلتي / بأروع لي من هَزِّ معتدل القد
وان ارتكاض الشوق في حلبة الحشا / لأَهوَلُ من ركض المسوَّمة الجردِ
ولحظ عيون العِين أمضى مضارباً / وأتلفُ للأرواح من قضُب الهندِ
وأنفَذُ من وقع السهام تغازلٌ / على القرب أو حُسن الإشارة من بُعدِ
سهام الهوى تُهدى إلى باطن الحشا / وتُردي ولكن لا تؤثِّر في الجِلدِ
عجبتُ من الطرف المكحَّل أنه / يُشحِّطني بالسيف والسيف في الغمدِ
فلو أنني في غمرَتي حرب داحسٍ / وحرب بسوسٍ كان دون الذي عندي
وشيطان شعري ليس يُعذَر حيث لا / يراد له ما نفع زرعٍ بلا حصدِ
ولي هاجس طَلق على كل لذةٍ / وما هاجسي وقفاً على الأجر والحمد
وأبسط أُنسي في الملاح ممازحاً / فإن تسطو بي صار مزحي إلى حدِّ
فمن حيث داروا درتُ فيهم ككوكب / بأرزن من قاضٍ وأسخف من قرد
ولي قلبُ برقٍ تحت رعدِ فكاهةٍ / فأستمطر اللذات بالبرق والرعدِ
وأطرد من أحببتُ طردَ تظرُّفٍ / فيجذبه لي ما تقدَّم من طردي
مفاكهةً طوراً وطوراً دماثة / وطوراً مجوناً كلُّ ذلك من عندي
فتُقضى ديون العاشقين نسيئة / بوكسٍ ودَيني في وفاء وفي نقدِ
خليليَّ هل أبصرتما أو سمعتما / بأكرم من مولىً تمشّى إلى عبد
أتى زائراً من غير وعدٍ وقالي لي / أصونك من تعليق قلبك بالوعدِ
فما زال نجم الكأس بيني وبينه / يدور بأفلاك السعادة والسعدِ
سَلِ الكأسَ لِم تبدي لنا في خدودنا / حياءً وفي أفعالنا قِحَةً تبدي
تواقح تجميشي فأظهر خدُّهُ / حياءً على تلك الوقاحة يستعدي
ولكن إذا راحٌ وروح تغازلا / تحاقد ذاك الخدُّ واحمرَّ للحقدِ
لثمتُ ثناياها فذقتُ رُضابَها / كذوب نقيِّ الثلج في خالص الشَّهدِ
فقلتُ لها لمّا ترشَّفت ريقَها / فأطفى غليلاً كان مضطرم الوقدِ
أرى نَفَسي خلَّى الجحيم بلا لظى / وريقك خلّى الزمهرير بلا بردِ
فقالت تمتَّع بالحياة فإنما / حياة الفتى تعديله الضدَّ بالضدِّ
فمازلتُ في كدٍّ هو الفوز بالمنى / وكم راحةٍ للروح في ذلك الكدِّ
تمردت في المرد الملاح لأنهم / من المهد شرطي سرمداً وإلى اللحدِ
أُموِّه كذباً بالل تستراً / على عاذلي والله يعلم ما قصدي
ببدرين من بدر السماء ووجها / وليلينِ من ليلٍ ومن فرعها الجعدِ
فبتنا بليلٍ كان من طيب عيشه / وتخليد ذكراه جنى جنة الخلد
وأفركُ رمّانَ الصدور وأكتفي / بورد جنيّ في الخدود عن الورد
فلو لم يكن في العشق سحرٌ وأُخذةٌ / لمَا أنِس الوحشُ المفرّدُ بالقهد
وإن ترني فرداً وحيداً فإنما / تزيف إناثُ الطير للذكر الفرد
فكم نلتُ نعمى أحمد اللَه عندها / وقد تعب الشيطان فيها بلا حمد
لقد ركز الشيطان بند جيوشه / ببندي فكل الجيش يأوي الى بندي
فلو وُلد المولود بالصين فارهاً / أتتني به الأخبار ركضاً على البُردِ
يزيد مجوني عند عشقي كمثل ما / تزيد بوهج الجمر رائحة الندِّ
صلابة وجهي في الهوى لو تمثلت / بأيام ذي القرنَينِ أغنت عن السدِّ
اذا جمحت خيل الهوى للذاذتي / فألف عنان لا يطيق بها ردّي
ولم ينتفع بي غير إبليس وحده / وإن متُّ لم يظهر على غيره فقدي
وكنتُ فتىً من جند إبليس فارتقى / بي الأمر حتى صار إبليس من جندي
فلو مات قبلي كنتُ أُحسن مثله / صنايع فسق ليس يُحسِنُها بعدي
بحقِّ الإشارات التي كُنَّ بيننا
بحقِّ الإشارات التي كُنَّ بيننا / أتذكرها أم أنتَ غير ذَكُور
فمن عينك الكحلاء كانت بليَّتي / فويلاه من غنجٍ بها وفتورِ
تفرَّقتِ اللذّات عنّي لفقدكم / تفرُّقَ أجنادٍ لفقد أمير
هو البدر إلا أن فيه بدائعاً
هو البدر إلا أن فيه بدائعاً / من الحسن ليست في هلالٍ ولا بدرِ
وينظر في وجه القبيح بوجهه / فيكشف حسناً باقياً آخر الدهرِ
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنب
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنب / فجرم الفتى في السكر داعية العذرِ
وحسبك ظني أنني كنتُ مجرماً / على خَبَرٍ فيه اعتذرت على خُبرِ
فها أنا ذا أدرى بعُذري من الذي / جَناه عليَّ السُّكرُ إذ أنا لا أدري
وإن كان شِعري قد أتاك بزلةٍ / فقد جاء يستعفيك من ذنبه شعري
فدونك عذراً قام فكري بصنعه / على أن ذنبي لم يحس به فكري
ولمّا رأيتُ الحُبَّ قد مدَّ جسره
ولمّا رأيتُ الحُبَّ قد مدَّ جسره / ونوديَ في العُشاق ويحَكُمُ فرُّوا
تبادرتُ نحو الجسر كيما أجوزه / فأدرَكَني الحرمانُ وانقطع الجِسرُ
يقولون قد أخفى محاسنَهُ الشَعرُ
يقولون قد أخفى محاسنَهُ الشَعرُ / فهيهات هل يخفى على الظُّلمة البَدرُ
كم بين أرضٍ قِفارٍ لا نباتَ بها / وأرضٍ اُخرى عليها النبت والزهرُ
تَذلَّل لمن تهوى تكن واجِدَ العِزِّ
تَذلَّل لمن تهوى تكن واجِدَ العِزِّ / فما غير مَن تهوى لقلبِكَ من حِرزِ
فإن خِفتَ من عين الرَّقيب فَعُذ به / وسَلِّم إليه بالإشارة والغَمزِ
ولا تُوقِظَن هجرانَه بعيادةٍ / فما تقطع الأسيافُ إلا على الحَزِّ
بدت لوداعٍ والتجمُّل سترُها
بدت لوداعٍ والتجمُّل سترُها / فزال لإشفاق التفرُّق هجرُها
فتاةٌ كأن الصبح يجلوه وجهُها / لنا وكأن الليل يدجيه شَعرُها
فلو أبصَرَتها أُمَّةٌ ثَنَويَّةٌ / لكان إله القوم ما ضمَّ خِدرُها
نفى حُسنُها عنها العتابَ لأنها / إذا ما أساءت كان في الحُسن عُذرُها
لقد زال طيبُ العيش عنّي لفقدها / كما زال عنها للتفجُّع كِبرُها
ولمّا تسارقنا الوداعَ تخالُساً / لعَيني رقيبٍ يغلب الليلَ خزرُها
جرى ماءُ جفنَيها على نار خدِّها / فصار لظاها في فؤادي وجمرُها
لقد قلَّ صبري بعدها وتجلُّدي / فيا ليت شعري بعدنا كيف صبرُها
فأصبحتُ حيرانَ الفؤاد لفُرقَةٍ / أُقاسي هَناةً ليس يجمل ذكرُها
وما افتقرت نفسي إذا كان إنما / يلوذ بإخوان التَّديُّنِ فقرُها
فكلُّ مُحبّي آل أحمد أنجمٌ / وآلُ أبيك السادةُ الغُرُّ زُهرُها
إذا اختلفت بالأكرمين مجالسٌ / فإنك في كلِّ المجالس صدرُها
وإن كنتَ في شرخ الشباب هلالها / فإنك في مستكمل القَدرِ بدرُها
تخلَّقتَ أخلاقاً هي الخمر لذَّةً / وطيباً ولكن في الصَّبابة سُكرُها
وليس قبيحاً سكرة اللهو بالفتى / ولا سيَّما والظَّرف والشَّكل خمرُها
وكان وصيُّ المصطفى خيرةِ الورى / له مزحات ينثر الأُنسَ نَشرُها
تَلَقّى العَوافي بالأيادي فإنها / مآثرُ لا يعفو على الدهر أثرُها
وتزكو الأيادي عند ذي الشكر مثل ما / تَضاعف في الأرض الزكيَّة بذرُها
مشاكلة الآداب والشكل فيهما / وسائل لا يُخشى من الحرِّ خَفرُها
فدُونَكها بِكر المعاني زففتُها / عروساً ومن خير العرائس بكرُها
إذا نحن قلنا طال عمرُك أيقنت / بذاك المعالي أنَّ عمرك عمرُها
أخدّاكَ وردٌ أم ثناياك جوهرُ
أخدّاكَ وردٌ أم ثناياك جوهرُ / وصدغاك مسك أم عذارك عنبرُ
وأقمرتَ يا بدرَ الملاحة كلِّها / فما ضرَّنا البدرُ الذي ليس يقمرُ
وما نظرت عيني إلى الشمس ساعةً / من الدهر إلا خلتُها لك تنظرُ
وما دمعتي تلك التي قد تحدَّرت / ولكنَّها وَدقٌ غدت تتحدَّرُ
أيا غصناً من تحت بدرٍ على نقاً
أيا غصناً من تحت بدرٍ على نقاً / على كثُبٍ قد انكَسف البَدرُ
أغارَ عليه الدهرُ من أعين الورى / فأنبَتَ شَعراً في منابته الشَّعرُ
رياضٌ بها للزَّعفران تكاثُفٌ / وقد سيَّرت فيها سَنابكَها الحُمرُ
ألا ما لعيني أشرقت لي بنورها / فأبصرتُ بدرَ الليل زاحمه الفجرُ
فديتك ما للدَّهر فيك وللقلى
فديتك ما للدَّهر فيك وللقلى / خلوتُ ولكن للصيانة والسترِ
لعلّي أنال الأنس في حجب خلوةٍ / كذاك يُنال الدرُّ في غامض البحرِ
أُريد بأن يخفى على الناسِ وَقفُه / فأخفى وهل يخفى الوقوف مع البدرِ
إذا ما رأيتُ الشوق يُجري خيوله / لكشف الهوى صيَّرتُ ميدانَه صدري
ثَنى عنك طرفي لحظُ طرفك فانثنى / كذاك خُمار الخمر يُكسَر بالخمرِ
ويصبح ريحانُ الهوى حين نلتقي / نَماءَ المنى من ذلك النظر الشزرِ
وتنظر في حالي وذاك هوى المنى / وفوق المنى لو كنتَ تنظر في أمري
عذرتُ حبيبي أن أقام على هجري / لأن ذنوبي قد كثرن على العذر
بُليتُ بذنبٍ فوق ذنبي لشقوتي / وما أوجع العَقر الأليم على العقرِ
وما أنا إلا مثل جابر عَظمِه / فلمّا بَرَا ثَنّى بكَسرٍ على الجَبرِ
أسأتُ إلى من لم يزل بيَ محسناً / فحقّي بأن أُرمي بقاصمة الظهرِ
أيعرف قدري ثم أجهل قدرَهُ / فلا عرف الرحمن من دونها قدري
حراميَّة منّي أتيه على الذي / بداخله تيه على الشمس والبدر
فيا ليلةً أدركتُها وحُرمتُها / وكنت كمحرومٍ رأى ليلة القدرِ
فيا نعمةً فاتت ويا محنةً أتت / فموتٌ على فَوتٍ وقتلٌ على كفرِ
أبا حسنٍ ما حيلتي ووسيلتي / أبِن لي فإني قد تحيَّرتُ في أمري
أأصبر للهجران أم أطلب الرضا / وهيهات أن ترضى وهيهات من صبري

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025