القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دُرَيد الكل
المجموع : 26
وَما أَحَدٌ مِن أَلسُنِ الناسِ سالِما
وَما أَحَدٌ مِن أَلسُنِ الناسِ سالِما / وَلَو أَنَّهُ ذاكَ النَبِيُّ المُطَهَّرُ
فَإِن كانَ مِقداماً يَقولونَ أَهوَج / وَإِن كانَ مِفضالاً يَقولونَ مُبذِرُ
وَإِن كانَ سِكّيتاً يَقولونَ أَبكَم / وَإِن كانَ مِنطيقاً يَقولونَ مِهذَرُ
وَإِن كانَ صَوّاماً وَبِاللَيلِ قائِماً / يَقولونَ زَرّافٌ يُرائي وَيَمكُرُ
فَلا تَحتَفِل بِالناسِ في الذَمِّ وَالثَنا / وَلا تَخشَ غَيرَ اللَهِ فَاللَهُ أَكبَرُ
أَرى الناسَ قَد أُغروا بِبَغيٍ وَريبَةٍ
أَرى الناسَ قَد أُغروا بِبَغيٍ وَريبَةٍ / وَغَيٍّ إِذا ما مَيَّزَ الناسَ عاقِلُ
وَقد لَزِموا مَعنى الخِلافِ فَكُلُّهُم / إِلى نَحوِ ما عابَ الخَليقَةَ مائِلُ
إِذا ما رَأَوا خَيراً رَمَوهُ بِظِنَّةٍ / وَإِن عايَنوا شَرّاً فَكُلٌّ مُناضلُ
وَلَيسَ اِمرُؤٌ مِنهُم بِناجٍ مِنَ الأَذى / وَلا فيهِمُ عَن زَلَّةٍ مُتَغافلُ
وَإِن عايَنوا حَبراً أَديباً مُهَذَّباً / حَسيباً يَقولوا إِنَّهُ لَمُخاتِلُ
وَإِن كانَ ذا ذِهنٍ رَمَوهُ بِبَدعَةٍ / وَسَمّوهُ زِنديقاً وَفيهِ يُجادلُ
وَإِن كانَ ذا صَمتٍ يَقولونَ صورَةٌ / مُمَثَّلَةٌ بِالعيِّ بَل هُوَ جاهِلُ
وَإِن كانَ ذا شَرٍّ فَوَيلٌ لِأُمِّهِ / لِما عَنهُ يَحكي مَن تَضُمُّ المَحافِلُ
وَإِن كانَ ذا أَصلٍ يَقولونَ إِنَّما / يُفاخِرُ بِالمَوتى وَما هُوَ زائِلُ
وَإِن كانَ مَجهولاً فَذَلِكَ عِندَهُم / كَبيضِ رِمالٍ لَيسَ يُعرَفُ عامِلُ
وَإِن كانَ ذا مالٍ يَقولونَ مالُهُ / من السُحتِ قَد رابى وَبِئسَ المَآكِلُ
وَإِن كانَ ذا فَقرٍ فَقَد ذَلَّ بَينَهُم / حَقيراً مَهيناً تَزدَريهِ الأَراذِلُ
وَإِن قَنِعَ المسكينُ قالوا لِقِلَّةٍ / وَشُحَّةِ نَفسٍ قَد حَوَتها الأَنامِلُ
وَإِن هُوَ لَم يَقنَع يَقولونَ إِنَّما / يُطالِبُ مَن لَم يُعطِهِ وَيُقاتِلُ
وَإِن يَكتَسِب مالاً يَقولوا بهيمَةٌ / أَتاها مِنَ المَقدورِ حَظٌّ وَنائِلُ
وَإِن جادَ قالوا مُسرِفٌ وَمُبَذِّرٌ / وَإِن لَم يَجُد قالوا شَحيحٌ وَباخِلُ
وَإِن صاحَبَ الغِلمانَ قالوا لِريبَةٍ / وَإِن أَجمَلوا في اللَفظِ قالوا مُباذِلُ
وَإِن هَوِيَ النِسوانَ سَمّوهُ فاجِراً / وَإِن عَفَّ قالوا ذاكَ خُنثى وَباطِلُ
وَإِن تابَ قالوا لَم يَتب مِنهُ عادَةٌ / وَلَكِن لِإِفلاسٍ وَما ثَمَّ حاصِلُ
وَإِن حَجَّ قالوا لَيسَ لِلَّهِ حَجُّهُ / وَذاكَ رِياء أَنتَجَتهُ المَحافِلُ
وَإِن كانَ بِالشِطرَنجِ وَالنَردِ لاعِباً / وَلاعَبَ ذا الآداب قالوا مُداخِلُ
وَإِن كانَ في كُلِّ المَذاهِبِ نابِزاً / وَكانَ خَفيفَ الروحِ قالوا مُثاقِلُ
وَإِن كانَ مِغراماً يَقولونَ أَهوَج / وَإِن كانَ ذا ثَبتٍ يَقولونَ باطِلُ
وَإِن يَعتَلِل يَوماً يقولوا عقوبةٌ / لشرِّ الّذي يَأتي وما هوَ فاعلُ
وَإِن ماتَ قالوا لَم يَمُت حَتفَ أَنفِهِ / لِما هُوَ مِن شَرٍّ المَآكِلِ آكِلُ
وَما الناسُ إِلّا جاحِدٌ وَمُعانِدٌ / وَذو حَسَدٍ قَد بانَ فيهِ التَخاتُلُ
فَلا تَترُكَن حَقّاً لِخيفَةِ قائِلٍ / فَإِنَّ الَّذي تَخشى وَتَحذَرُ حاصِلُ
وَأَفضَلُ قَسمِ اللَهِ لِلمَرءِ عَقلُهُ
وَأَفضَلُ قَسمِ اللَهِ لِلمَرءِ عَقلُهُ / فَلَيسَ مِنَ الخَيراتِ شَيءٌ يُقارِبُه
فَزَينُ الفَتى في الناسِ صِحَّةُ عَقلِهِ / وَإِن كانَ مَحظوراً عَلَيهِ مَكاسِبُه
يَعيشُ الفَتى بِالعَقلِ في كُلِّ بَلدَةٍ / عَلى العَقلِ يَجري عِلمُهُ وَتَجارِبُه
وَيُزري بِهِ في الناسِ قِلَّةُ عَقلِهِ / وَإِن كَرُمَت أَعراقُهُ وَمَناسِبُه
إِذا أَكمَلَ الرَحمانُ لِلمَرءِ عَقلَهُ / فَقَد كَمُلَت أَخلاقُهُ وَمَآرِبُه
جَهِلتَ فَعادَيتَ العُلومَ وَأَهلَها
جَهِلتَ فَعادَيتَ العُلومَ وَأَهلَها / كَذاكَ يُعادي العِلمَ مَن هُوَ جاهِلُه
وَمَن كانَ يَهوى أَن يُرى مُتَصَدِّراً / وَيَكرَهُ لا أَدري أَصيبَت مَقاتِلُه
أَقولُ لِوَرقاوَينِ في فَرعِ نَخلَةٍ
أَقولُ لِوَرقاوَينِ في فَرعِ نَخلَةٍ / وَقَد طَفَّلَ الإِمساءُ أو جَنَّحَ العَصرُ
وَقَد بَسَطَت هاتا لِتِلكَ جَناحَها / وَمالَ عَلى هاتيكَ مِن هَذِهِ النَحرُ
لِيَهنَكُما أَن لَم تُراعا بِفُرقَةٍ / وَما دَبَّ في تَشتيتِ شَملِكُما الدَهرُ
فَلَم أَرَ مِثلي قَطَّعَ الشَوقُ قَلبَهُ / عَلى أَنّه يَحكي قَساوَتَهُ الصَخرُ
بِقَلبِيَ لَذعٌ مِن هَواكَ مُبَرَّحٌ
بِقَلبِيَ لَذعٌ مِن هَواكَ مُبَرَّحٌ / نَعَم دامَ ذاكَ اللَذعُ ما عِشتَ لِلقَلبِ
بِكَ اِستَحسَنَت نَفسي الصَبابَةَ وَالصِبا / وَقَد كُنتُ قَبلَ اليَومِ أزري عَلى الصَبِّ
بَذَلتُ لَهُ الدَمعَ الَّذي كُنتُ صائِناً / لِأَدناهُ إِلّا في الجَليلِ مِنَ الخَطبِ
بُليتُ بِبَعضِ الحُبِّ وَالحُبُّ مَوعِدي / مُجاوَرَةً بَعدَ المَنِيَّةِ في التُربِ
ثَوى بَينَ أَثناءِ الحَشا مِنك لَوعَةٌ
ثَوى بَينَ أَثناءِ الحَشا مِنك لَوعَةٌ / يَجِدُّ بِنَفسي شَوقُها وَهوَ يَعبَثُ
ثَلَلتُ الهَوى إِن كُنتُ أَكرَهُ قُربَهُ / عَلى أَنَّهُ الداءُ الَّذي لا يُلَبَّثُ
ثَنى قَلبَهُ لَمّا ثَنَت عَنهُ طَرفَها / عَلى مَضَضٍ أَحشاؤُهُ مِنهُ تُفرَثُ
ثِقي بِجُفونٍ إِن دَعا ماءَها الهَوى / بِذِكرِكِ يَوماً أَقبَلَت لا تَمَكَّثُ
جَريءٌ عَلى قَتلِ النُفوسِ وَإِنَّهُ
جَريءٌ عَلى قَتلِ النُفوسِ وَإِنَّهُ / لَيَجزَعُ مِن لبسِ الحَريرِ وَيَهرَجُ
جَرى خاطِرٌ بِالوَهمِ يَوماً بِحُبِّهِ / فَظَلَّ لِوَهمي خَدُّهُ يَتَضَرَّجُ
جَمالٌ يُغَصُّ الطَرفُ عَنهُ جَلالَةً / وَفِعلٌ مِنَ البَينِ المُشَتّتِ أَسمَجُ
جَلا وَجهَهُ لِلَيلِ في غَسَقِ الدُجى / فَنابَ عَنِ الإِصباحِ وَاللَيلُ أَدعَجُ
حَماهُ الكَرى طَيفٌ يَهُمُّ بِجَفنِهِ
حَماهُ الكَرى طَيفٌ يَهُمُّ بِجَفنِهِ / وَيَبعَثُ ماءَ العَينِ فَهوَ سَفوحُ
حَرامٌ عَلى عَينٍ يُسامِرها البُكا / وَجَفنٍ رَماهُ الوَجدُ فَهوَ قَريحُ
حَرامٌ عَلى ماءِ السُلُوِّ وَلِلهَوى / خَواطِرُ تَغدو نَحوَهُ وَتَروحُ
حَوى غايَةَ البَلوى فُؤادٌ مُعَذَّبٌ / طَوى عَنهُ صَدّ حُبّهُ وَنزوحُ
دَعا دَمعَةَ الشَوقِ المُبَرّحِ دَعوَةً
دَعا دَمعَةَ الشَوقِ المُبَرّحِ دَعوَةً / فَأَقبَلَ لا يَلوي وَلا يَتَرَدَّدُ
دُموعٌ هِيَ الماءُ الزُلالُ وَتَحتَهُ / تَضَرَّمَ وَجدٌ جَمرُهُ يَتَوَقَّدُ
دَواءُ فُؤادٍ أَنتَ أَعظَمُ دائِهِ / لِقاؤُكَ وَالعُذّالُ عَنِّيَ رُقَّدُ
دَنَوتُ فَكافى بِالدُنُوِّ تَباعُداً / فَحَتّى مَتى أَدنو إِلَيهِ وَيَبعدُ
صَوابٌ لِعَيني أَن تَصوبَ دُموعُها
صَوابٌ لِعَيني أَن تَصوبَ دُموعُها / وَقَد شَمَّرَت بِالظاعِنينَ القَلائِصُ
صَرَفتُ إِلَيهِم طَرفَ عَينٍ سَخينَةٍ / وَإِنسانُها في لُجَّةِ الدَمعِ غائِصُ
صَباحاً وَقَد طالَت دُوَينَ شُخوصِهِم / فِساحُ الفَيافي وَالأَكامُ الشَواخِصُ
سَباكَ وَلا يَغلِب عَلَيكَ وَقَد بَدا / شُعاعُ مَشيبٍ في المَفارِقِ وابِصُ
عَصى عاذِليهِ وَاِعتَرَتهُ لجاجَةٌ
عَصى عاذِليهِ وَاِعتَرَتهُ لجاجَةٌ / فَرَتهُ نِزاعاً وَالمُحِبُّ نَزوعُ
عَرَتهُ خُطوبٌ شَرَّدَت نَومَ عَينِهِ / وَلَيسَ لِعَينِ المُستَهامِ هُجوعُ
عَزاؤُكَ لا تُغلَب عَلَيهِ فَإِنَّهُ / هُوَ الدَهرُ إِن يُؤمَن فَسَوفَ يَروعُ
عَصى عاذِليهِ إِن أَطاعَ حمامَهُ / وَيَعصي الفَتى في حُبِّهِ وَيُطيعُ
لَكِ العَهدُ عَهدُ اللَهِ أَلّا يزال لي
لَكِ العَهدُ عَهدُ اللَهِ أَلّا يزال لي / بِذِكراكِ أَو أَلقى المَنِيَّةَ شاغِلُ
لِقَلبِيَ مِن ذِكراكِ في كُلِّ خَطرَةٍ / تَلَهُّبُ شَوقٍ إِن عَدا لِيَ قاتِلُ
لَبِستُ نُحولاً لَو تَلَبَّس بِالصَفا / لِأَصبَحَ مِنهُ صَلدُهُ وَهوَ ناحِلُ
لَعَلَّكِ إِن أَمسَيتُ رَهنَ حَفيرَةٍ / تَقولينَ جادَتهُ الغُيوثُ الهَواطِلُ
وَحَمراء قَبلَ المَزجِ صَفراء بَعدَهُ
وَحَمراء قَبلَ المَزجِ صَفراء بَعدَهُ / أَتَت بَينَ ثَوبَي نَرجسٍ وَشَقائِقِ
حَكَت وَجنَةَ المَعشوقِ قَبلَ مِزاجِها / فَلَمّا مَزَجناها حَكَت خَدَّ عاشِقِ
وَتُفّاحَة مِن سَوسَنٍ صيغَ نِصفُها
وَتُفّاحَة مِن سَوسَنٍ صيغَ نِصفُها / وَمِن جُلَّنارٍ نِصفُها وَشَقائِقِ
كَأَنَّ النَوى قَد ضَمَّ مِن بَعدِ فُرقَةٍ / بِها خَدَّ مَعشوقٍ إِلى خَدِّ عاشِقِ
وَقَد أَلِفَت زُهرُ النُجومِ رِعايَتي
وَقَد أَلِفَت زُهرُ النُجومِ رِعايَتي / فَإِن غِبتُ عَنها فَهيَ عَنِّي تَسأَلُ
يُقابِلُ بِالتَسليمِ مِنهُنَّ طالِعٌ / وَيَومئُ بِالتَوديعِ مِنهُنَّ آفِلُ
عَلى أَيِّ رَغمٍ ظَلتُ أُغضي وَأكظِمُ
عَلى أَيِّ رَغمٍ ظَلتُ أُغضي وَأكظِمُ / وَعَن أَيِّ حُزنٍ باتَ دَمعي يُتَرجِمُ
أَجَدُّكَ ما تَنفَكُّ أَلسُنُ عَبرَةٍ / تُصَرِّحُ عَمّا كُنتَ عَنهُ تَجَمجِمُ
كَأَنَّكَ لَم تَركَب غُروبَ فَجائِعٍ / شَباهُنَّ مِن هاتا أَحَدُّ وَأَكلَمُ
بَلى غَيرَ أَنَّ القَلبَ يَنكَؤُهُ الأَسى ال / مُلِمُّ وَإِن جَلَّ الجَوى المُتَقَدِّمُ
وَكَم نَكبَةٍ زاحَمتُ بِالصَبرِ رُكنَها / فَلَم يلفَ صَبري واهِياً حينَ يَزحَمُ
وَلَو عارَضَت رَضوى بِأَيسَرِ دَرئِها / صَبوراً عَلى مَكروهِها حينَ تَعجُمُ
وَمَن يَعدَمِ الصَبرَ الجَميلَ فَإِنَّهُ / وَجَدِّكَ لا مَن يَعدِمُ الوَفرَ مُعدِمُ
أَصارِفَة عَنّي بَوادِرَ حَدِّها / فَجائِعُ لِلعَلياءِ توهي وَتَحطِمُ
لَها كُلَّ يَومٍ في حِمى المَجدِ وَطَأَة / تَظَلُّ لَها أَسبابُهُ تَتَجذَّمُ
إِذا أَجشَمَت جَيّاشَةً مُصمَئِلَّةً / قَفَت إِثرَها دَهياءُ صَمّاءُ صَيلَمُ
أَمِ الدَهرُ أَن لَن تَستَفيقَ صُروفُهُ / مُصَرِّفَةً نَحوي فَجائِعَ يقسمُ
وَساءَلتِ عَن حَزمٍ أُضيعَ وَهَفوَةٍ / أُطيعَت وَقَد يَنبو الحُسامُ المُصَمِّمُ
فَلا تُشعِري لَذعَ المَلامِ فُؤادَهُ / فَإِنَّكِ مِمَّن رُعتِ بِاللَومِ أَلوَمُ
وَلَم تَرَ ذا حَزمٍ وَعَزمٍ وَحِنكَةٍ / عَلى القَدَرِ الجاري عَلَيهِ يُحَكَّمُ
مَتى دَفَعَ المَرءُ الأَريبُ بِحيلَةٍ / بَوادِرَ ما يُقضى عَلَيهِ فَيُبرمُ
وَلَو كُنتُ مُحتالاً عَلى القَدَرِ الَّذي / نَبا بي لَم أُسبَق بِما هُوَ أَحزَمُ
وَلَكِنَّ مَن تُملَك عَلَيهِ أُمورُهُ / فَمالِكُها يُمضي القَضاءَ فَيَحتِمُ
وَما كُنتُ أَخشى أَن تَضاءَلَ هِمَّتي / فَأُضحي عَلى الأَجنِ الصَرى أَتَلَوَّمُ
كَأَنَّ نَجيّاً كانَ يَبعَثُ خاطِري / قَرينُ إِسارٍ أَو نَزيفٌ مُهَوِّمُ
وَما كُنتُ أَرضى بِالدَناءَةِ خُطَّةً / وَلي بَينَ أَطرافِ الأَسِنَّةِ مَقدمُ
وَما أَلِفَت ظِلُّ الهُوَينا صَريمَتي / وَكَيفَ وَحَدّاها مِنَ السَيفِ أَصرَمُ
أَلَم تَرَ أَنَّ الحُرَّ يَستَعذِبُ المنى / تُباعِدُهُ مِن ذِلَّةٍ وَهيَ عَلقَمُ
وَيَقذِفُ بِالأَجرامِ بَينٌ بِها الرَدى / إِذا كانَ فيهِ العِزُّ لا يَتَلَعثَمُ
سَأَجعَلُ نَفسي لِلمَتالفِ عُرضَةً / وَأَقذِفُها لِلمَوتِ وَالمَوتُ أَكرَمُ
بِأَرضِكَ فَاِرتَع أَو إِلى القَبرِ فَاِرتَحِل / فَإِنَّ غَريبَ القَومِ لَحمٌ مُوَضَّمُ
تَنَدَّمتُ وَالتَفريطُ يُجني نَدامَةً / وَمَن ذا عَلى التَفريطِ لا يَتَنَدَّمُ
يُصانِعُ أَو يُغضي العُيونَ عَنِ القَذى / وَيُلذَعُ بِالمُرّى فَلا يَتَرَمرَمُ
عَلى أَنَّني وَالحُكمُ لِلَّهِ واثِقٌ / بِعَزمٍ يَفضُّ الخَطبَ وَالخَطبُ مُبهَمُ
وَقَلبٍ لَو اِنَّ السَيفَ عارَضَ صَدرَهُ / لَغادَرَ حَدَّ السَيفِ وَهوَ مُثَلَّمُ
إِلى مِقوَلٍ تَرفَضُّ عَن عَزَماتِهِ / أَوابِدُ لِلصُمِّ الشَوامِخِ تقضمُ
صَوائِبُ يَصرَعَن القُلوبَ كَأَنَّما / يَمُجُّ عَلَيها السُمَّ أَربَدُ أَرقَمُ
وَما يَدَّري الأَعداءُ مِن مُتَدَرِّع / سَرابيلَ حَتفٍ رَشحُها المِسكُ وَالدَمُ
أَبَلَّ نَجيدٍ بَينَ أَحناءِ سَرجِهِ / شِهابٌ وَفي ثَوبَيهِ أَضبَطُ ضَيغَمُ
إِذا الدَهرُ أَنحى نَحوَهُ حَدَّ ظُفرِهِ / ثَناهُ وَظُفرُ الدَهرِ عَنهُ مُقَلَّمُ
وَإِن عَضَّهُ خَطبٌ تَلَوّى بِنابِهِ / وَأَقلَعَ عَنهُ الخَطبُ وَالنابُ أَدرَمُ
وَلَم تَرَ مِثلي مُغضباً وَهوَ ناظِرٌ / وَلَم تَرَ مِثلي صامِتاً يَتَكَلَّمُ
بِالشِعرِ يُبدي المَرءُ صَفحَةَ عَقلِهِ / فَيُعلِنُ مِنهُ كُلَّ ما كانَ يَكتُمُ
وَسِيّانِ مَن لَم يَمتَطِ اللُبّ شِعرَهُ / فَيَملِكُ عِطفَيهِ وَآخَرُ مُفحَمُ
جَوائِبُ أَرجاءِ البِلادِ مُطِلَّةٌ / تُبيدُ اللَيالي وَهيَ لا تَتَخَرَّمُ
أَلَم تَرَ ما أَدَّت إِلَينا وَسَيَّرَت / عَلى قِدَمِ الأَيّامِ عادٌ وَجُرهُمُ
هُمُ اِقتَضَبوا الأَمثالَ صَعباً قِيادها / فَذَلَّ لَهُم مِنها الشَريسُ الغَشَمشَمُ
وَقالوا الهَوى يَقظانُ وَالعَقلُ راقِدٌ / وَذو العَقلِ مَذكورٌ وَذو الصَمتِ أَسلَمُ
وَمِمّا جَرى كَالوَسمِ في الدَهرِ قَولُهُم / عَلى نَفسِهِ يَجني الجَهولُ وَيُجرِمُ
وَكَالنارِ في يَبسِ الهَشيمِ مَقالُهُم / أَلا إِنَّ أَصلَ العودِ مِن حَيثُ يُقضَمُ
فَقَد سَيَّروا ما لا يُسَيِّرُ مِثلَهُ / فَصيحٌ عَلى وَجهِ الزَمانِ وَأَعجَمُ
بِنَفسي ثَرىً ضاجَعتَ في بَيتِهِ البِلى
بِنَفسي ثَرىً ضاجَعتَ في بَيتِهِ البِلى / لَقَد ضَمَّ مِنكَ الغَيثَ وَاللَيثَ وَالبَدرا
فَلَو أَنَّ حَيّاً كانَ قَبراً لِمَيِّتٍ / لَصَيَّرتُ أَحشائي لِأَعظُمِهِ قَبرا
وَلَو أَنَّ عُمري كانَ طَوعَ إِرادَتي / وَساعَدَني المَقدورُ قاسَمتُكَ العُمرا
وَما خِلتُ قَبراً وَهوَ أَربَعُ أَذرُعٍ / يَضُمُّ ثِقالَ المُزنِ وَالطَود وَالبَحرا
بِمُلتَفَتَيهِ لِلمَشيبِ طَوالِعُ
بِمُلتَفَتَيهِ لِلمَشيبِ طَوالِعُ / ذَوائِدُ عَن وِردِ التَصابي رَوادِعُ
تُصَرِّفنَهُ طَوعَ العنانِ وَرُبَّما / دَعاهُ الصِبا فَاِقتادَهُ وَهو طائِعُ
وَمَن لَم يزِغهُ لُبُّهُ وَحَياؤُهُ / فَلَيسَ لَهُ مِن شَيبِ فَودَيهِ وازِعُ
هَلِ النافِرُ المَدعُوُّ لِلحَظِّ راجِعٌ / أَمِ النُصحُ مَقبولٌ أَمِ الوَعظُ نافِعُ
أَم الهَمك المَهمومُ بِالجَمعِ عالِمٌ / بِأَنَّ الَّذي يَرعى مِنَ المالِ ضائِعُ
وَأَنَّ قُصاراهُ عَلى فَرطِ ضَنِّهِ / فِراقُ الَّذي أَضحى لَهُ وَهوَ جامِعُ
وَيَخمُلُ ذِكرُ المَرءِ ذي المالِ بَعدَهُ / وَلَكِنَّ جَمعَ العِلمِ لِلمَرءِ رافِعُ
أَلَم تَرَ آثارَ اِبنِ إِدريسَ بَعدَهُ / دَلائِلُها في المُشكِلاتِ لَوامِعُ
مَعالِمُ يَفنى الدَهرُ وَهيَ خَوالِد / وَتَنخَفِضُ الأَعلامُ وَهيَ فَوارِعُ
مَناهِجُ فيها لِلهُدى مُتَصَرَّفٌ / مَوارِدُ فيها لِلرَشادِ شَرائِعُ
ظَواهِرُها حِكَمٌ وَمُستَنبَطاتُها / لِما حَكَمَ التَفريقُ فيهِ جَوامِعُ
لِرَأيِ اِبنِ إِدريس اِبنِ عَمِّ مُحَمَّدٍ / ضِياءٌ إِذا ما أَظلَمَ الخَطبُ ساطِعُ
إِذا المُعضِلاتُ المُشكِلاتُ تَشابَهَت / سَما مِنهُ نورٌ في دُجاهُنَّ لامِعُ
أَبى اللَهُ إِلّا رَفعَهُ وَعُلُوَّهُ / وَلَيسَ لِما يُعليهِ ذو العَرشِ واضِعُ
تَوَخّى الهُدى فَاِستَنقَذَتهُ يَدُ التُقى / مِنَ الزَيغِ إِنَّ الزَيغَ لِلمَرءِ صارِعُ
وَلاذَ بِآثارِ الرَسولِ فَحُكمُهُ / لِحُكمِ رَسولِ اللَهِ في الناسِ تابعُ
وَعَوَّلَ في أَحكامِهِ وَقَضائِهِ / عَلى ما قَضى التَنزيلُ وَالحَقُّ ناصِعُ
بَطيءٌ عَنِ الرَأيِ المَخوفِ اِلتِباسُهُ / إِلَيهِ إِذا لَم يَخشَ لبساً مُسارِعُ
جَرَت لِبُحورِ العِلمِ أَمدادُ فِكرِهِ / لَها مَدَدٌ في العالَمينَ يُتابعُ
وَأَنشَا لَهُ مُنشيهِ مِن خَيرِ مَعدَنٍ / خَلائِقَ هُنَّ الباهِراتُ البَوارِعُ
تَسَربَلَ بِالتَقوى وَليداً وَناشِئاً / وَخُصَّ بِلُبِّ الكَهلِ مُذ هُوَ يافِعُ
وهُذِّبَ حَتّى لَم تُشِر بِفَضيلَةٍ / إِذا اِلتُمِسَت إلّا إِلَيهِ الأَصابِعُ
فَمَن يَكُ عِلمُ الشافِعِيِّ إِمامَهُ / فَمَرتَعهُ في باحَةِ العِلمِ واسِعُ
سَلامٌ عَلى قَبرٍ تَضَمَّنَ جِسمَهُ / وَجادَت عَلَيهِ المُدجِناتُ الهَوامِعُ
لَقَد غَيَّبَت أَثراؤُهُ جِسمَ ماجِدٍ / جَليلٍ إِذا اِلتَفَّت عَلَيهِ المَجامِعُ
لَئِن فَجَعَتنا الحادِثاتُ بِشَخصِهِ / لَهُنَّ لِما حُكِّمنَ فيهِ فَواجِعُ
فَأَحكامُهُ فينا بُدورٌ زَواهِرٌ / وَآثارُهُ فينا نُجومٌ طَوالِعُ
حِجابُكَ صَعبٌ يُجبَهُ الحُرُّ دونَهُ
حِجابُكَ صَعبٌ يُجبَهُ الحُرُّ دونَهُ / وَقَلبي إِذا سيمَ المَذَلَّةَ أَصعَبُ
وَما أَزعَجَتني نَحوَ بابِكَ حاجَةٌ / فَأُجشِمُ نَفسي رَجعَةً حينَ أُحجَبُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025