المجموع : 45
يا أيها الناس خذوا حذركم
يا أيها الناس خذوا حذركم / من صحبة الفاسق والكاذب
والتزموا صحبة أهل التقى / جماعة السنة والواجب
فصاحب مع صاحب دائما / كقلم بين يدي كاتب
يكتب ماقد شاء فيه به / بحكم عقد الصحبة اللازب
روى ابن مسعود عن المصطفى / قال رسول الخالق الواهب
اعتبروا الأرض بأسمائها / واعتبروا الصاحب بالصاحب
الكون قد أظهر لي بسطه
الكون قد أظهر لي بسطه /
في نور طه مثبت قسطه /
والآل نور أحكموا ربطه /
لو شق عن قلبي يرى وسطه / سطران قد خطا بلا كاتب
نوران في نور لهم غائب /
روح وجسم ذا بلا عائب /
لا زال في قلبي لنا تائب /
العلم والتوحيد في جانبٍ / وحب آل البيت في جانب
إن قلت يا روحي لسبُّوحي
إن قلت يا روحي لسبُّوحي / يقول لي بل أنت يا روحي
وإن أقل يا روح روحي يقل / ذلك نوري من له أوحي
حتى يكون المحو عن لوحنا / فيظهر المخفى في اللوح
غير الوجود الحق ما ها هنا / فاستغنموا تحقيق ممنوح
أحبني قدماً ومن فرط ما / أحبني صور ملموحي
فصورتي محفوظة عنده / يشهدها مشهد ممدوح
وهكذا كل البريات لو / تدري بحال منه مشروح
يا واحداً في كل شيء ولا / شيء فمن سوحٍ إلى سوح
نحن جميعا لك لا أنه / أنت لنا كالنور من بوح
نحن تصاوير تصورتها / حباً لها بالجسم والروح
فادَّعتِ الحبَّ وكانت به / جارحة في زي مجروح
إني أنا جسم فنفس فروحْ
إني أنا جسم فنفس فروحْ / ثلاثة فيهن أغدو أروحْ
وهن أصل واحد حادث / يخفى سريعاً وسريعاً يلوحْ
وراءه الأمر الذي يقتضي / حقيقة تجهلها كل روح
تنزهت في غيبها عندنا / فما لها إلا شميم يفوح
كاللمح من أبصارنا أمرها / وهو الذي منه يكون الفتوح
يا واحداً وهو كثير كما / قلنا ولكني به لا أبوح
خوفاً على حرمته عند من / يجهله أو يعتريه جموح
فإن كل الفانيات التي / بها الوجود الحق كان السموح
ما غيرته مذ تجلى بها / وباطل في نور حق يطوح
خذ لي أماناً منك يا سيدي / جوانحي للقرب فيها جنوح
وإنني أرجوك في كل ما / أدعوك من خير وقلبي لحوح
حقيقتي أنت ولكن غداً / من بعد موتي لي بهذا وضوح
يوم اللقا مرجعنا كلنا / إليك يا مرجع أنوار يوح
طوبى لمن يفهم أقوالنا / كفهمنا فهو طروب صدوح
أو يترك الإنكار إن لم يكن / يدري ويصغي لكلام النصوح
فإن حانات دواويننا / خمارها يولي الغبوق الصبوح
ولا ينال الكأس إلا فتى / فيه لأسرار المعاني صلوح
عليه ما نرمز لا يختفي / وعنده من كل لفظ شروح
وسر هذا أنه مؤمن / بالغيب من معنى النظام السنوح
يحفظ من طوفان وسواسه / سفينة كان بها حفظ نوح
لا تقرب المنكر يا مسلماً / فربما تعديك منه القروح
وربما سالت جراحاته / فنجست منك الفؤاد الطموح
كم عصبة من جهلهم حالنا / كادوا علينا يلبسون المسوح
ما آمنوا بالغيب حتى على / قلوبهم فيض التجلي يسوح
بل صوروه في خيالاتهم / وعندهم فيما رأوه رجوح
وهو بعيد غاية البعد عن / أن يشبه الغيب الحقيق النزوح
والله مع هذا عليم بهم / وإنه ذو العفو وهوالصفوح
عشقت في مكة ذات البها
عشقت في مكة ذات البها / يدعونها الكعبة باسم صريح
وهي كعوب غادة حرة / كم قلب صبٍّ في هواها جريح
محجوبة بالستر عن كل من / ينظرها من أجنبي قبيح
وإنما ينظرها محرم / فيبصر الوجه الجميل الصبيح
رأيتها في مدتي مرة / فراح جسمي في هواها طريح
وطفت سبعاً حولها لاثماً / يمين ربي هيئة المستبيح
ويا له من حجر أسود / كأنه الخال بخد المليح
ما الكل إلا رجل واحدٌ
ما الكل إلا رجل واحدٌ / ففز بهذا الرجل الواحدِ
وما عداه فهي أفكاره / ترددت في قلبه الواجد
فتارة منها له مظهر / فيها من المولود والوالد
وتارة يفقد منها له / مظهره المفقود بالفاقد
وكل ذا دل على حيرة / من طارف الأمر ومن تالد
والعجز عن خلاقه حطه / فيما ترى من أمرك الشاهد
اجتمعوا يا إخوتي واحشدوا
اجتمعوا يا إخوتي واحشدوا / فإن لي مسألةً تُجهدُ
كنت أنا واليوم من مدة / لست أنا ذاك الذي أعهد
ذاك مضى عني وهذا أتى / وفيهما إني أنا المفرد
وتارة حيث التجلي اقتضى / أذم هذاك وذا أحمد
أنا الذي أعهد وهم وقد / زال وجاء الحق لا يجحد
أم ذاك مشهود الذي جاءني / فإنه كيف يشا يشهد
أم تلك أيدي الكائنات التي / من فوقها لله طالت يد
أم سيئات النفس قد بدلت / لي حسنات واهتدى المفسد
أم أسلم الشيطان إرث الذي / عن النبي المصطفى يستند
حقيقة حققها ناطق / مجازها قد صار لا يقصد
أم هو ذاك الغيب من أصله / شهادة جاءت له ترشد
والعلم قسمان فمستحضر / ذكر ومحفوظ له يمدد
والكل من حفظ قديم إلى / ذكر هو المحدث لا ينفد
وجود حق بشؤون له / مفروضه أبيض أو أسود
وكلها فانية عنده / وهي به لا معه توجد
خلوا معاني الذوق لي أو دعوا / دعواكمُ العلم ولا تعتدوا
وحققوا أنفسكم وأدركوا / بالكشف ما جاء به المرشد
وميزوا ما قاله عارف / من الذي يذكره الملحد
وكحل في أعين خلقة / ليس كعين كحلها الإثمد
وليس من يملك شيئاً به / كمستعير للسوى يردد
وجود كوني من تجلي الجوادْ
وجود كوني من تجلي الجوادْ / هذا عطاء ماله من نفادْ
يا عدماً أحرفه خطها / كاتبه النور بنور المدادْ
أنت شؤن الحق لا يلتبس / عليك معبود هنا بالعباد
وبينه فرق وبين الورى / وبالغنى والفقر فالفرق باد
واجمع فشيء واحد ما به / تعدد في نظر الإقتصاد
واكتب به بالأبيض المجتلي / والناس دعهم يكتبون بالسواد
واشهد بما تعرف فيما ترى / شهادة الحق بغير استناد
وأيقظ الخاطر من غفلة / وامسح من الأغيار كحل الرقاد
من لي بمن يبدو بأسمائه / فيفعل الغي بها والرشاد
والكل مفعول له مطلق / عن قيد حرف جامع للتضاد
صاد جميعي بظهوراته / لصدغه والعين دال وصاد
يحكم ما شاء بنا دائماً / لا جور منه كيفما قد أراد
وعشقه صيرنا كالهبا / وزادنا فرط البكا والسهاد
بالله يا سائق ركباننا / قل لسليمى طال هذا البعاد
إني على العهد مقيم لها / وإنني عنها كصوب العهاد
يا طالما نلت بها خلوة / وفزت منها بلذيذ المراد
كانت تناجيني على ذلتي / وعزها باللطف والإتحاد
واليوم لما ذبت في حبها / والروح والجسم مضى والفؤاد
وصار كلي مقتضى كلها / وقوبل العالي لها بالوهاد
واختطفت ذات بذات لها / وزال ذاك الكد والإجتهاد
وانطفت النار بنور اللقا / وللهوى لم يبق غير الرماد
غابت فلم أدر لها من نبا / وأدرك الزرع وصار الحصاد
كأنني في كونها لم أكن / وهي التي كانت بحكم انفراد
وإن هذا في الهوى قولها / على لساني لمرادي أفاد
لا أنني قلت فحمدي لها / منها عليها زاد والشكر زاد
وهي التي تعرفني مثل ما / كنت قديماً شرراً في زناد
واقتدحتني بإراداتها / فلحت مثل البرق شيأً يراد
وعدت لا برقاً ولا بارقاً / والشمس عنها الغيم في الأفق حاد
فتارة عني بما قد مضى / تترجم الأحوال بالإفتقاد
وتارة تترك لا تعتني / حسب الذي منها يكون المراد
وهكذا الكل لها راجع / والكون كون والبلاد البلاد
لا تحسب التحقيق غير الذي / أنت له تدرك يا ذا العناد
لكنك المحكوم منها بها / عليك بالجهل وبالإنتقاد
وهي علىما هي في حضرة / يصدر عنها ذو ضلال وهاد
بمقتضى أسمائها للذي / شاءت من الإبهام في الإعتقاد
فيه أنا ميت ومقبورُ
فيه أنا ميت ومقبورُ / وفيه محشور ومنشورُ
هو الوجود الحق لا أحد / سواه لا نار ولا نور
وجنتي وهو نعيمي ولم / يزل إلى أن ينفخ الصور
والحور والولدان تبقى ولا / ولدان إلا هوْ ولا حور
هناك لا يبقى سواه ولا / يبقى سواه وهو مشهور
وهكذا الكل ولكن هنا / يظهر مخذول ومنصور
وجود حق نحن فيه وما / فيه سواه باطل زور
كن هكذا مثلي تكن مثله / وثم لا مصرٌ ولا سور
حضرة إطلاق كروض زها / يُطربُ منه فيه شحرور
وهو الذي يسمع لا أنت بل / يبصر لا أنت ومبصور
وذاك مسموع ولا غيره / وهُوَ لا موسى ولا طور
وإنما الكل تقاديره / كالبرق مقدور فمقدور
علم قديم وهو عين الذي / يعلم مخزون ومسرور
وجوده النفس وذلك في / أسماه والصفات مذكور
الحبة السوداء في خده
الحبة السوداء في خده / بها يباهي ورده الأحمرا
وهو الشفا من كل داء كما / جاء عن المختار خير الورى
من لي بها أدفع داء الهوى / عني ولو بالشم أو أن أرى
وإنما الوردة نار وقد / شممت من حبتها العنبرا
فليت شعري ريحها لي شفا / أو أن أراها فاز من أبصرا
هذا حديث لم يبنه لنا / إلا الذي عنها لنا خبرا
أنتم هي الجوزة في قشرها
أنتم هي الجوزة في قشرها / وصعوة تسكن في وكرها
والمزج من حق ومن باطل / في درة غرقاء في بحرها
وراءكم أنتم وقدامكم / يا حضرة قد غبت في ذكرها
إلى متى يا قوم في غفلة / أنتم عن البكر وعن خدرها
قوموا إليكم واكشفوا ستركم / عنكم وعن سُعدَى وعن سترها
فوجهها من خلف أثوابكم / وشمسها تشرق في بدرها
والكون ليل ونهار اللقا / نفس يلوح النور من فجرها
كم خلعت ثوباً تجلت به / واتشحت بالبرد في صدرها
وهي على ما هي في ذاتها / لم تتغير بانطوا نشرها
وإنما تظهر في هيئة / حسب الذي تختار من أمرها
وتختفي عنا ومن عالم / لعالم تمشى على قدرها
وشأنها هذا كما يقتضي / مقامها والعز من فخرها
يا عابدا رباً بتصويرِهِ
يا عابدا رباً بتصويرِهِ / وعقله من تحت تسخيرِهِ
يفهم شيئاً ويظن الذي / يفهمه الله بتسطيره
خالقك الله بلا شبهة / وخالق العقل وتصويره
من لم يكن يعجز عن علمه / بربه فاه بتغييره
فإن ما في عقله كله / خلق له من بعض تأثيره
يا قانعاً بالعقل في ربه / ما ثم فيه غير تقديره
وإنك المحجوب عنه بما / تخيلته النفس من غيره
تظن أن الله ذاك الذي / عقلته تلجا إلى خيره
هيهات هيهات فيا ويح من / يعبد مفهوماً بتدبيره
يدعوه في سر وجهر ولن / يجيبه في حال تعسيره
لأنه في عجزه مثله / خلق عليه وسم تحقيره
يجله وهو له خاضع / معترف عنه بتقصيره
وكل هذا حاصل منه في / صورة معنى مثل تعبيره
ما عنده الإيمان بالغيب كي / يزول تنجيس بتطهيره
ويعرف الله القديم الذي / ما مثله شيء بتطويره
والله حق والسوى باطل / فاحذر من العقل وتزويره
واثبت على الشرع وما جاء من / أحكامه تظفر بتنويره
وافهم من القرآن مستدركاً / ما خرب العقل بتعميره
واقبل على الغيب وكن واثقاً / به وخف من حكم تدميره
واقطع بعجز الكل عن دركه / واهرب من العقل وتحكيره
عجبت ممن يترك الفهم في ال / قرآن لا يلوي لتفسيره
ليعرف الرب به وهو لا / ينهى عن العقل وتفكيره
تراه يخشى الفهم في آية ال / قرآن تلقيه لتكفيره
ولا يخاف العقل يطغي به / كأنه يقضي بتوقيره
فافهم كتاب الله واحكم بما / فيه على الأدنى وقطميره
واضرع إلى ربك ترجوه في / تهليله حقاً وتكبيره
وإن أراك الله فضل امرئٍ / من كامل الدنيا وتحريره
فثق به واركن إلى قوله / واعكف على تكرار هجِّيره
واشمم شذا الروضة من نفسه / وعش به واقنع بتعطيره
انظر إلى الكون وتسطيره
انظر إلى الكون وتسطيره / واعلم بأن السر في غيره
لا يطلب الله بصدق ولا / يشتاق أن يلقاه في سيره
إلا الذي يؤمن بالغيب لا / يقنع بالعقل وتصويره
ونفسه يعرفها أنها / داخلة في حكم تقديره
عاجزة عنه تعالى فلا / تدرك منه غير تغييره
للشيء فالشيء إذاً هالك / ووجهه باق على خيره
منامكم قد جاء في الذكر من / آياته فافطن لتذكيره
والناس قد جاء نيام كما / نبينا قال بتقريره
ونائم يلقى خيالاً نشا / منه فيحتاج لتعبيره
وإنما التعبير من ظاهر / لباطن يعبر في غيره
ليس كمثل الله شيء كما / قال تعالى عند تفسيره
إشارة يعرفها عارف / صفا من الغير وتكديره
فافهم كلامي وتحقق به / ليشرق القلب بتنويره
إن كنت لم ترض عن النفسِ
إن كنت لم ترض عن النفسِ / فأنت من نوعي ومن جنسي
فإن نفسي لا ترى نفسها / إلا على خبث وفي رجس
صفاتها مذمومة كلها / وهي من الطاعات بالعكس
من أجل هذا هي في الجهل لم / تبرح وفي غي وفي لبس
لكن لها روح مطهرة / تصبح في خير كما تمسي
من أمر ربي كلها طاعة / لأمره بالعقل والحس
شريفة تنبئ أوصافها / عن حسن أصل طيب الغرس
فالروح في الرفعة والنفس في / سفالة تبقى إلى الرمس
كاللب والقشر أو الشمس مع / شعاعها فانظر إلى الشمس
والعبد منسوب لذا أو لذا / في نشأة الإطلاق والحبس
فتارة تغلب ذات العلى / فينعم المغلوب بالإنس
ويظهر المخفي عنها بها / لها فيبدو العرش والكرسي
وتارة تغلب تلك التي / بجهلها في الوهم والهجس
فيصبح المغلوب في وحشة / من أمره وهو بها مكسي
طوراً وطوراً وهو دأب الذي / كماله الناشي على الأس
وراثة علمية حققت / عمن لحرف الكون كالطرس
إني أنا المكتوب في الطرسِ
إني أنا المكتوب في الطرسِ / لا يهرب الكلب من العرسِ
موائد الإنسان ممدودة / والفضل ملء العرب والفرس
والكل إنعام عليهم بهم / من كل نوع كان أو جنس
إن حل قيد الكون عن كائن / فذاك ثلج ذاب في الشمس
والنفس إن ألقت مقاليدها / لربها تخرج من الحبس
جوهرة غرفاء في بحرها / يقول عنها غيرها نفسي
وكلم منها عليها بها / ستائر في العقل والحس
لها ذوات وصفات على / تعدادهم في حالة اللبس
وصاحب الكشف رأى واحداً / ما في غد أو كان بالأمس
لا غير ذاك الواحد المختفي / يعوم في بحر من الطمس
أنا كتاب الله في الناسِ
أنا كتاب الله في الناسِ / اذكر المستيقظ الناسي
واشرح القول الذي قيل لي / في سر سري بين جلاسي
مجبولة نفسي على سرها / لغيب الغيب في الناس
شربت كأسا ثم ناولته / مَن عن يميني فضلة الكاس
فإن حساها فبصدقٍ له / وإن تقايَى فبوسواس
هنالك الشيطان يلوي بهم / عن خمرتي والكاس والطاس
قوموا اسكروا يا قوم في حانتي / فالليل فيه ضوء نبراس
ووجه ساقينا لنا مشرق / يختال في أثواب إلباس
ونحن لا شرق ولا مغرب / لنا ولا عارٍ ولا كاسِ
نحن بلا نحن فكونوا كما / كنا ولا تخشوا من الباس
وهو هو الموجود لا غيره / والأمر ماح كل قرطاس
إن رمت أن تدرك كل المنى
إن رمت أن تدرك كل المنى /
وتنجلي عنك غواشي العنا /
فارض وكن بالله مستيقنا /
يا أيها الراضي بأحكامنا / لا بد أن تحمد عقبى الرضى
ولا تخض في أمر رب السما /
تبق كذا منطرحاً في العما /
وإن أردت الهم أن يعدما /
فوض إلينا وابق مستسلما / فالراحة العظمى لمن فوضا
صبر الفتى يلجى لمطلوبه /
كيوسف الدينا ويعقوبه /
واشرب صفا التحقيق من كوبه /
لا ينعم المرء بمحبوبه / حتى يرى الخيرة فيما قضى
كان أنا سيدي
كان أنا سيدي / مدة دهر مضى
ثم أنا كنته / في زمن وانقضى
وهو هو الآن لا / غير بحكم القضا
فاعتبروا هكذا / برق وجود أضا
واحترزوا تفتنو / ن بضياء الفضا
يا عدماً ظاهراً / ما بوجود قضا
ذاك هو الحق لا / أنت فكن مرتضى
ثم عن الكون كن / منقبضاً معرضا
تلق ظهوراته / في سخط أو رضى
تحرق أنواره ال / كل كجمر الغضى
أنت هو الملفوظ واللافظُ
أنت هو الملفوظ واللافظُ / واللفظ والملحوظ واللالحظُ
واللحظ والمعلوم والعالم / والعلم والمحفوظ والحافظ
والحفظ والمأكول والآكل / والأكل والمجهوظ والجاهظ
وكل ما يدرك بالعقل وال / عقل ومن يغتاظ والغائظ
والحس والمحسوس والوهم وال / موهوم بل والوعظ والواعظ
مراتب قام وجود بها / حق على تغييرها واقظ
وهو وجود مطلق ثابت / قد حار فيه السعد والجاحظ
والأوليا والأنبيا كلهم / والحيّ في تحقيقه الفائظ
نحن ضياء الغارب الطالعِ
نحن ضياء الغارب الطالعِ / ونحن كالآلات للصانعِ
ونحن أسباب أمور الورى / نفعل بالمعطي وبالمانع
لا تحسن الأوقات إلا بنا / ولا يطيب العيش في الواقع
وليس منا زمن خالياً / من باصرٍ حقاً ومن سامع
والله إن يقطع كل الورى / ليس لنا والله بالقاطع
ملتنا ملة طه الذي / جاء بحال الفارق الجامع
وديننا ما في الورى غيره / وما عداه خدعة الخادع
إياك بل إياك من عصبة / في حقنا لم تخشَ من رادع
قد حاولوا بالجهل أن يطفئوا / أنوار علم عندنا نابع
وأنكروا الأسرار واستصغروا / دين النبي المصطفى الشافع
والعقل قد قاموا به يحصرو / ن الدين في المستحسن النافع
وقد نفوا ما عقلهم قاصر / عن فهمه من شرعنا الواسع
والدين قد خصوه في ظاهر / لجهلهم بالباطن الشاسع
وقاربوا أن يجعلوا ملة / عظيمة المتبوع والتابع
كملة للكفر مفهومة / بالعقل في الخافض والرافع
خوفاً على منصبهم بالعلى / بين عوام الناس في الجامع
يا خيبة المسعى لهم إنهم / قد نظروا بالبصر الهاجع
فأبصروا الدنيا فأضحى لهم / عما سواها عفة القانع
وما لهم من قبح نياتهم / عن غضب الجبار من دافع
ألم يصلهم أن دين الهدى / كالبحر أو كالوابل الهامع
ظواهر تدرك بالعقل مع / بواطن كالبارق اللامع
وكلها حق بحقٍّ أتت / من عند حق بالهدى صادع
ويح شجيٍّ من خليٍّ وهل / سالي الحشى كالواله الوالع
والجسم لا تشبهه روحه / ما جامد كالسائل المائع
وبارع يدري جهولاً ولم / يدر جهول قطُّ بالبارع