المجموع : 13
تَنَقَّبَتْ بِالنَّوْرِ وَالنُّورِ
تَنَقَّبَتْ بِالنَّوْرِ وَالنُّورِ / وَاعْتَجَرَتْ لكِنْ بِدَيْجوْرِ
ساحِرَةُ الطَّرْفِ وَلكِنَّها / مِنْ فَتْرَةٍ فِي زِيِّ مَسْحُورِ
شَفَّ بَياضُ الَّلإِذْعَن جِسْمِها / كَالْخَمْرِ فِي بَاطِنِ بِلَّوْرِ
كَأَنَّما مِعْصَمُها جَدْوَلٌ / صِيغَ لَهُ سَدٌّ مِنَ النُّورِ
تَبْسِمُ عَن مَنْظومِ دُرٍّ فَإنْ / تَرَنمَّتْ جاءَتْ بِمَنْثُورِ
كَأنَّ فِي مُقْلَتِها ضَيْغَماً / يَنْظُرُ عَن أَجْفانِ يَعْفُورِ
كَأنَّها بَدْرُ تَمامٍ عَلَى / غُصْنِ نَقاً أَخْضَرَ مَمْطورِ
زارَتْ فَفَكَّكْتُ عُرَاجَيْبِها / بِالضَّمَّ عَن رُمَّانِ كَافورِ
وَبِتُّ أَطْفِي بِجَنى ثَغْرِها / حُرْقَةَ صَادِي الْقَلْبِ مَهْجورِ
يا لَيِلَةَ الْوَصْلِ اسْتَقِرِّي وَيَا / سَيرَةَ سُلْطانِ الوَرى سِيرِي
المَلِكْ الْعادِلُ مَنْ أَمَّهُ / فَقَدْ رَأَى مُوسى عَلى الطُّورِ
إنْ كانَ قَد دُكَّ قَديماً فَقَد / عَمَّرْتَهُ أَحْسَنَ تَعْميرِ
كَأَنَّهُ تاجٌ عَلى مَفْرِقٍ / لَمَّا اسْتَدارَتْ شُرَفُ السَّورِ
يَزاحِمُ النَّجْمَ لَهُ مَنْكِبٌ / كَالنَّجْمِ فِي الرِّفْعَةِ وَالنُّورِ
كَأَنَّما أَوْقَفْتَهُ حارِساً / يَنْظُرُ مِن عَكَّا إلى صُورِ
فَكُلَّما لاحَ لَهُ بارِقٌ / يَرْتَعِدُ الصَّخْرُ مِنَ الدُّورِ
بَنى سُلَيْمانُ بِأَعْوانِهِ / وَأَنتَ بِالغُرِّ الجَماهِيرِ
تُصافِحُ الأَحْجارَ أَيْدٍ لَهُمْ / لا تَرْتَضي لَمْسَ الدَّنانِيرِ
دانَتْ لَكَ الدَّنْيا وَسُكّانُها / ما بَيْنَ أَمَّارٍ وَمأمورِ
تَجْري المقادِيرُ بِما تَشْتَهي / ما بَيْنَ تَعْسيرٍ وَتَيْسيرِ
سَعادَةٌ لَيْسَ لَها آخِرٌ / وَلا لِيَوْمِ النَّفْخِ فِي الصُّورِ
هَل يَقْدِرُ الأَعْداءُ أَنْ يَمْسَحُوا / ما خُطَّ فِي لَوحِ المْقاديرِ
يَا مَلِكاً تَنْسَخُ أَيّامُهُ / ما خُطّ مِن إِفْكِ الأساطيرِ
أَسْهَرَةُ الذَّبُّ عَن الدِّينِ لا / عِشْقُ رَبيباتِ المَقاصيرِ
مُؤَيَّدُ الرَّاياتِ وَالرَّأْي فِي / حالَةِ تَدْميرِ وَتَدْبيرِ
إنَ جَنَحُوا لِلسِّلْمِ فَاجْنَحْ لَها / ما خَدَعُ الحَرْبِ بِتَقْصيرِ
كَمْ لَكَ فِي يافا وَفِي المَرْجِ مِنْ / وَقائِعٍ غُرٍّ مَشاهيرِ
عِشْرُونَ أَلفاً غَيْرَ أَتْباعِهِمْ / ما بَيْنَ مَقْتُولٍ وَمَأْسُورِ
طَهَّرْتَ بَيْتَ القُدْسِ مِنْ رِجْسِهِمْ / وِكانَ مَأْوَىً لِلْخَنازيرِ
يا ذاكِراً لِلّهِ يا ناسِياً / لِلْعُرْفِ مَعْ كَثْرَةِ تَكِرِيرِ
إِنِّي مَحَلُّ الأْجرِ وَالشُّكْرِ يا / أَكْرَمَ مَأْجُورِ وَمشْكورِ
يا نارَ أَشْواقَي لا تَخْمُدي
يا نارَ أَشْواقَي لا تَخْمُدي / لَعَلَّ ضَيْفَ الطَّيْفِ أَنْ يَهْتَدي
حَسِبْتُهُ ماءً فَصادَفْتُهُ / لَمْعَ سَرابٍ لَيْسَ يُرْوي الصدي
تَكَلَّفَتْ عَيْني لَهُ هَجْعَةً / كَنُغْبَةِ الطَّائِرِ فِي المَورِدِ
صُوِّرَ فِي مِرْآتِها صُورَةً / تَجِلُّ عَنْ لَمْسِ فَمٍ أَوْ يَدِ
إِنْ نَعِمَتْ فِي اللَّيْلِ رُوحي بِهِ / فَسَوْفَ يَشْقى جَسَدي فِي غَدِ
الصَّدُّ والهِجْرانُ قَدْ جُمِّعا / بِاللَّهِ قُلْ لِي فَبِمَنْ أَقْتَدِي
أَشْكُو إلَى اللَّهِ مَلُولاً إِذْا / قُلْتُ انْتَهَى فِي هَجْرِهِ يَبْتَدي
الْبّدْرُ فِي مُكْسِرِ شَرْبوشِهِ / حُفَّ بِلَيْلِ الشَّعَرِ الأسْوَدِ
رَيَّانُ فِي قُرطُقِهِ جِدْوَلٌ / لكِنْ لِهُ قَلْبٌ مِنَ الجَلْمَدِ
كَأَنَّما هِمْيَانُهُ بَرْزَخٌ / يَمْنَعُ مَوْجَ الرِّدْفِ أَنْ يَعْتَدي
غَازَلَنا مِنْ نَرْجِسٍ ذَابِلٍ / وَافْتَرَّ عَنْ نَوْرِ أَقاحٍ نَدى
وَقامَ يَلْوي صُدْغَهُ قائِلاً / لا تَغْتَرِرْ بي فَكَذَا مَوْعِدي
فَقُلْتُ يَا لِلّهِ ماتَ الوَفَا / فَقَالَ مُوسى لَمْ يَمُتْ خُذْ يَدي
المَلِكُ الأَشْرَفُ شاهَ ارْمَنٍ / رَبُّ المَعالي والنَّدَى وَالنَّدي
مَلْكٌ لَهُ الفَضْلُ عَلَى آدَمِ / وَالفَضْلُ لا يُكْسَبُ بِالمَوْلِدِ
لَو لَمْ تَرَ الأَمْلاكُ فِي صُلْبِهِ / غُرَّتَهُ الغَرَّاءَ لَمْ تَسْجُدِ
الطَّاعِنُ النَّجْلاءَ مَكْحولَةً / نابَ لَها النَّقْعُ عَنِ الإِثْمِدِ
وَالضَّارِبُ الفَوهاءَ مُفَتَّرَةً / عَنْ صارِمٍ كالمَبْسِمِ الأَدْرَدِ
يَصْدَى إِذْا أَرْواهُ ماءُ الطُّلى / وَأَعْجَبُ الأَشْياءِ رِيُّ الصَّدي
تَقُولُ لِلخُرْصانِ أَسْيافُهُ / بِنا كُفِيْتِ الطَّعْنَ لا تُرْعَدي
نَحْنُ بِسَدِّ الثَّغْرِ أَو فَتْحِهِ / أَدْرَى وَقَدْ قُمْنا بِهِ فَاقْعُدي
سَلْهُ تَجِدْ أَفْتى جميعِ الْوَرى / فَلْيَهْتَدِ السَّائِلُ أَوْ يَجْتَدِ
يُرْزي عَلَى قُبْحِ عُبَوسِ الحَيا / حَياؤُهُ الطَّلْقُ الجَميلُ النَّدِي
يا مَلِكَ الأرضِ وإِنْ كانَ فِي / حُصونِهِ يا مَلِكَ الفَرْقَدِ
مَلأَتَها بِالْخَيْلِ والرَّجْلِ وَالْ / بِيضِ المَواضِي وَالقَنَا الأَمْلَدِ
تَكادُ أَنْ تَزْحَفَ يَوْمَ الْوَغَى / إلَى العِدَى مِنْ أُفْقِها الأَبعَدِ
لَبِسْتَ مِنْها تَاجَ مُلْكٍ عَلى / كِسْرَى أَنُو شِرْوانَ لَمْ يُعْقَدِ
مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْكَ الأَمانَ الأَمانْ
مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْكَ الأَمانَ الأَمانْ / قَتَلْتَ رَبَّ السَّيْفِ وَالطَّيْلَسانْ
أَسْمَرُ كالرُّمحِ لَهُ مُقْلَةٌ / لَوْ لَمْ تَكُنْ كَحْلاءَ كانَتْ سِنانْ
أهْيَفُ عَبْلُ الرِّدْفِ حُلْوُ اللَّمى / مُرُّ الْجَفا قاسٍ رَطيبُ البَنان
يَزْدادُ إِذْ أَشكوُ لَهُ قَسْوَةً / وَلَوْ شَكَوْتُ الْحُبَّ لِلصَّخْرِ لاَن
سَاقٍ سَها رِضْوانُ عَنْ حِفْظِهِ / فَفَرَّ مِنْ جُمْلَةِ حُورِ الجِنان
بَدْرٌ وِكأْسُ الرَّاحِ شَمْسُ الضُّحى / يا قَوْمُ ما أسْعَدَ هذا القِران
تَوَقَّدَتْ حُمْرَةُ لأَلائِها / كَأنّها بَهْرَمُ أو بَهْرَمان
بِخَدِّهِ أو طَرْفِهِ أو جَنى / لَماهُ سُكرْي لا بِبِنْتِ الدِّنان
يا لائِميْ دَعْني فَإنّي فَتىً / ما تَرَكَ الحُّبُّ بِقَلْبيْ مَكان
لا تَسَلِ العاشِقَ عَن حالهِ / فَدَمْعُهُ عَنْ قَلْبِهِ تَرْجُمان
لَولا دُموعِي وَالضَّنى لَمْ أَبُحْ / قَد يَنْطِقُ المَرْءُ بِغَيْرِ اللَّسان
أَعَزَّنِي موسى وَلَولا هوى / مُعَذِّبي ما ذُقْتُ طَعْمَ الْهَوان
الْمَلِكُ الأشْرَفُ شاهَ ارْمَنٍ / مُظَفَّرُ الدِّينِ كَريمُ الزَّمان
وَاللَّه لَو قِيسَ بِهِ حاتِمٌ / لَقَلَّ ما قَدْ قِيلَ عَنْهُ وَهَان
ذا مَلَأَ الأَرْضَ بِإحْسانِهِ / وَذاكَ يَمْتَنُّ بِمَلءِ الجِفان
يَرْوِي العُلى عَن نَفْسِهِ عَن أبٍ / عالٍ فَما فِي نَصِّهِ عَنْ فُلان
قَد نَظَمَ اللَّهُ لَهُ نِسْبَةً / كَالدُّرِّ تَجْلوهُ نُحورُ الحِسان
طَلْقُ النَّدى طَلْقُ الحَيا طَلْقُ نَصْ / لِ السَّيْفِ طَلْقُ الأَمْرِ طَلْقُ الِّلسان
يَقولُ مَن يَسْمَعُ أَلْفاظَهُ / هذا جِنانٌ يانِعٌ أَم جَنان
لَهُ عَلَى وَقْعِ الظُّبى هَزَّةٌ / إِذْا التَقَى الجَمْعانِ يَوْمَ الرِّهان
صُلَّتْ وَصَلَّتْ فِي رُؤوسِ العِدى / كَأنَّ في الإِذْانِ مِنْها أدان
مَوْلايَ جُدْ وَانْعِمْ وَصِلْ وَاقْتَدِرْ / وَافْتِكْ فَما تَفْرَجُ أُمُّ الجَبان
وَارْكَبْ جَوادَ الدَّهْرِ وَاسْبِقْ إلى / ما تَشْتَهِيهِ قَدْ مَلَكْتَ العِنان
دُمْتُمْ بَنِي أَيُّوبَ فِي نِعْمَةٍ / تَجوزُ فِي التَّخْلِيدِ حَدَّ الزَّمَان
وَاللَّهِ لا زِلْتُم مُلوكَ الوَرَى / شَرْقاً وَغَرْباً وَعَلَيَّ الضَّمَان
يا مَن حَكَى الجَنَّةَ فِي خَيْمَةٍ
يا مَن حَكَى الجَنَّةَ فِي خَيْمَةٍ / بَوّابُها الْمُحْسِنُ رِضْوَانُ
الإِنْسُ وَالْوَحْشُ قِيامٌ بِها / وَالطَّيْرُ أجْناسٌ وَألْوَانُ
يا سَيِّدَ الأمْلاكِ بَيِّنْ لَنا / أَأَنْتَ موسى أَمْ سُلَيمانْ
تَأَوَّدَتْ كَالغُصُنِ الأمْلَدِ
تَأَوَّدَتْ كَالغُصُنِ الأمْلَدِ / وَابْتَسَمَتْ عَنْ نَوْرِ ثَغْرٍ نَدِي
وَانْتَقَبَتْ بِالصُّبْحِ لكِنَّها / تَقَنَّعَتْ بِالجِنْدِسِ الأَسْوَدِ
بَيْضاءُ كَحْلاءُ لَها ناظِرٌ / مُنَزَّهٌ عَنْ لَوْثَةِ المِرْوَدِ
مِنْ ثَغْرِها الوَضَّاحِ أَوْ خَدِّها / وَاخَجْلَةَ الجَوْهَرِ وَالعَسْجَدِ
تَرْتَجُّ كَالجَدْوَلِ مِنْ رِقَّةٍ / وَقَلْبُها أَقْسَى مِنَ الجَلْمَدِ
أَصْبَحَ فِيْهَا عاذِليْ عاذِرِيْ / وَمَلَّ مِنْ طُولِ الضَّنَى عُوَّدِي
كَمْ لَيْلَةٍ أَحْيَيْتُهَا كُلَّمَا / قُلْتُ انْتَهَتْ فِي طُولِها تَبْتَدِي
قَالَ دُجاها لَجُفونِي لَقَد / شَغَلْتِ عَنِّي فَرْقَدِي فَارْقُدِي
جارِيَةٌ شَتَّتَ شَمْلِي بِهَا / صَرْفُ الزَّمانِ الجَائِرِ المُعْتَدِي
تَمْلِك رِقَّيْ بِهَواها وَلَوْ / يَشاءُ موسى مَلَكَتْهَا يَدِي
المَلْكُ الأَشْرَفُ شَاهَ ارْمَنٍ / رَبُّ المَعالِي وَالنَّدَى وَالنَّدِي
كَعْبَةُ إِحْسانٍ نَدى كَفِّهِ الْ / بَيْضاءِ مِثْلُ الحَجَرِ الأسْوَدِ
يَزْدَحِمْ النَّاسُ عَلى لَثْمِها / كَالإِبِلِ الهِيْمِ عَلى المَوْرِدِ
بَدَّاهَةٌ بِالجُودِ ما شانَهَا / رَوِيَّةُ التَّقْصِيرِ فِي المَوْعِدِ
الصَّدْرُ يَوْمَ العَدْلِ فِي مَجْلِسٍ / وَالقَلْبُ يَوْمَ القَسْطَلِ الأَرْبَدِ
فَلَيسَ صَدْرُ الدَّسْتِ أَوْلَى بِهِ / مِن ظَهْرِ مَحْبوكِ القَرا أَجْرَدِ
فِي نَغمِ البِيضِ لَهُ شاغِلٌ / عَن نَغَماتِ البِيضِ عَن مَعْبَدِ
لَّما سَقَى السُّمرَ دَماً سَنْبَلَتْ / هاماً بِغَيْرِ السَّيْفِ لَم تُحْصَدِ
بِالرَّأْيِ وَالرَّاياتِ يَغْزُو الْعِدَى / فَهْيَ بِغَيْرِ النَّصْرِ لَمْ تُعْقَدِ
أَنا الَّذِي خَاطِرُهُ جَنَّةٌ / لَكِنَّه نارٌ عَلى المُعْتَدِي
لِيْ ذَهَبُ الشِّعرِ الَّذِي كُلَّما / قُلِّبِ فِي نِيرانِهِمْ يِزْدَدِ
وَلَيْسَ لِيْ فَضْلٌ سِوَى أَنَّنِي / أَنْظِمُ ما موسى بِهِ يَبْتَدِي
يا قَلْبُ كَمْ ذا الَّلجَجُ الفاضِحُ
يا قَلْبُ كَمْ ذا الَّلجَجُ الفاضِحُ / راحَ بِكَ البارِحُ والسَّانِحُ
شَقِيتَ فِي الحُبِّ وَأَشْقَيْتَنِي / وَرُبَّ جِدٍّ جَرَّهُ مازِحُ
هَوِيْتُهُ بَدْراً عَلى بانَةٍ / عَلى نَقاً مُثْقَلُهُ راجِحُ
اللَّيْلُ فِي طُرَّتِهِ مُبْهَمٌ / عَلى جَبِينٍ صُبْحُهُ واضِحُ
كَأَنَّما العَارِضُ فِي خَدِّهِ / نَمْلٌ إِلَى شَهْدِ اللَّمَى سارِحُ
لَوْ ذُقْتَ لا ذُقْتَ جَنَى رِيقِهِ / مِنْ دُرِّهِ النَّاصِعِ يا ناصِحُ
عَذَرْتَ مَنْ أَنْتَ لَهُ لائِمُ / رَحِمْتَ مَنْ أَنْتَ لَهُ كاشِحُ
تَظنَّهُ لَمَّا رَنا وَانْثَنَى / أَعْزل وَهْوَ السَّائِفُ الرَّامِحُ
القَلْبُ مِنِّي طائِرٌ خافِقٌ / وَاللَّحْظُ مِنْهُ كاسِرٌ جارِحُ
سَقَى وَزادَ الكَأْسَ مِنْ طَرْفِهِ / فَكُلُّنا مِنْ سُكْرِهِ طافِحُ
راحٌ تَطِيرُ النَّارُ مِنْ دَنِّها / كَأَنَّما بازِلُها قَادِحُ
أَْنَكَرها الخَمَّارُ ضَنّاً بِها / حَتَّى هَدانا عَرْفُها الفَائِحُ
فُزْنَا بِها عَذْراءَ غانِيةً / بِخَتْمِها ما افْتَضَّها فَاتِحُ
يا نائِماً وَالنَّجْمُ فِي غَرْبِهِ / وَالصُّبْحُ مِنْ مَشْرِقِهِ لائِحُ
دَعْ كَدَرَ العَيْشِ وَخُذْ ما صَفا / تَحْيَ وَيَشْقَ الدَّائِبُ الكَادِحُ
قَد نَضَحَ الطَّلُّ رِداءَ الرُّبَا / وَاشْتَجَرَ الباغِمُ وَالصَّادِحُ
وَجَادَتِ الدُّنْيا عَلى أَهْلِهَا / وَاصْطَلَحَ الأَشْرَفُ وَالصالِحُ
مَلْكانِ صِنْوانِ كَرِيمانِ ذا / بَحْرٌ وَهذا عارِضٌ سافِحُ
طَودانِ لِلأرْضِ هُما المُلْتَجا / بَدْرانِ يَسْتَهْدِيهِمَا اللاَّمِحُ
موسى وَمَحْمودٌ إِذْا اسْتَجْمَعا / قُلْتُ وَقَوْلِي صَادِقٌ وَاضِحُ
ذا يوسفٌ رُدَّ أَخوهُ لَهُ / وَماتَ ذاكَ النَّازِعُ النَّازِح
اليَوْمَ تَصْلَى صَفَحاتُ العِدَى / نِيرانَ حَرْبٍ ريحُها لافِحُ
اليَوْمَ تَهْتَزُّ مُتونُ القَنا / وَيَسْتَطِيرُ الشَّيْظَمُ القادِحُ
اليَوْمَ دارُ الشِّرْكِ مَأْهولَةٌ / يَأْوِيْ لَها الصَّائِحُ وَالنّائِحُ
موسى جَزاكَ اللَّهُ عَن دِينِهِ / خَيْراً فَما أَنْصَفَكَ المَادِحُ
سَعَيْتَ فِي جَمْعِ شَتاتِ العُلَى / لِلَّهِ هذَا العَمَلُ الصَّالِحُ
أَقْرَرْتَ عَيْنَ المُصْطَفَى أَحْمدٍ / فَوَجْهُهُ مُسْتَبْشِرٌ واضِحُ
مَلْكٌ يَرَى أَنَّ اكْتِسابَ العُلَى / تِجارَةٌ خاسِرُها رابِحُ
يَسْعَى إِلَى الآفَاقِ إِحْسانُهُ / كالبَحْرِ غادٍ ماؤُهُ رائِحُ
مُمَنَّعُ الجَارِ مُباحُ النَّدَى / لِلَّهِ ذاكَ المَانِعُ المَانِحُ
كالغَيْثِ لَوْلا الجَهْمُ مِنْ جُونِهِ / كالَّليْثِ لَوْلا وَجْهُهُ الكالِحُ
قُلْ لِمُعادِيهِ ارْتَجِعْ سالمِاً / فَهْوَ سَماءٌ سَعْدُها ذابِحُ
حَسْبُكَ لا يُغْنِي سُوالُ الدِّيارْ
حَسْبُكَ لا يُغْنِي سُوالُ الدِّيارْ / فَصَرِّفِ الهَمَّ بِصِرْفِ العُقارْ
وَاسْتَنْطِقِ العِيدانَ إِنْ كُنْتَ ذا / لُبٍّ فَما تَنْطِقُ صُمُّ الحِجارْ
اليَمُّ وَالزِّيرُ وَكَأْسُ الطِّلَى / أَوْلَى بِمِثْلِي مِنْ سُؤالِ الدِّيارْ
شَعْشَعَها السَّاقِي فَقُلْنا لَهُ / هَلْ جَمَدَ الْمَاءُ وَذابَ النُّضارْ
مُهَفْهَفٌ يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّضَى / وَالسُّخْطِ فَاسْتِئْناسُهُ فِي نِفارْ
أَلَّفَ فِيهِ الحُسْنُ أَضْدادَهُ / فَالعَارِضُ الجَنَّةُ وَالخَدُّ نارُ
قَدْ كُنْتُ أَهْوَى خَدَّهُ سَاذَجاً / فَكَيْفَ حَالِيْ بَعْدَ رَقْمِ العِذارْ
هَلْ حاكِمٌ يُنْصِفُ قَلْبِي فَقَدْ / تَحَكَّمَ الحُبُّ عَلَيْهِ وَجارْ
مَلَّكْتُ ذَا مِنْطَقَةٍ مُهْجَتِي / فَانْتَزَعَتْها مِنْهُ ذاتُ السِّوارْ
وَلَمْ يَزَلْ يُكْسَفُ بَدْرُ الدُّجَى / إِذْا بَدَتْ أَنْوارُ شَمْسِ النَّهارْ
مُطْلَقَةُ الثَّغْرِ وَلكِنَّها / تَرْسُفُ مِنْ خُلْخالِها فِي إِسارْ
خَفِيفَةٌ أَثْقَلَها حَلْيُهَا / كَما ارْجَحَنَّتْ فِي الغُصونِ الثِّمارْ
ناعِمَةٌ أَخْشَى إِذْا ما مَشَتْ / أَنْ يَسْقُطَ الرُّمَّانُ فِي الجُلَّنارْ
كَالرَّوْضَةِ الغَنَّاءِ أَوْتارُها / تُغْنِيكَ عَنْ بُلْبُلِها وَالهَزارْ
دَلَّتْ ثَناياها عَلى أَنَّ ما / يَغْلُو مِنَ الجَوْهَرِ إلاَّ الصِّغارْ
وِشاحُها مِنْ خَصْرِها فارِغٌ / وَرِدْفُها الوافِرُ مِلْءُ الإِزارْ
أَغارُ مِنْ عَيْنِيْ عَلى خَدِّها / وَحُقَّ لِي فِي مِثْلِهِ أَنْ أَغارْ
وَليسَ لِي عَنْهَا اصْطِبارٌ كَما / لَيسَ لِغازٍ عَنْ نَداهُ اصْطِبارْ
ذاكَ شِهابُ الدِّيْنِ مَنْ بابُهُ / كَعْبَةُ جودٍ كُلَّ يَوْمٍ تُزارْ
مُحْتَجِبٌ بِالجُودِ يَوْمَ القِرَى / مُتَوَّجٌ بِالمَجْدِ يَوْمَ الَفخارْ
لَهُ بَنانٌ طافِحٌ بِالنَّدَى / فَهُنَّ إِمَّا دِيَمٌ أَوْ بِحارْ
بِيْضُ الأيادِي خُضْرُ رَوْضِ الرِّضى / حُمرُ المَواضِي فِي العَجاجِ المُثارْ
يَقْظانُ رَبَّانِيَّةٌ نَفْسُهُ / فَما أَسَرَّ الغَيْبُ مِنْه اسْتَثارْ
مُؤَيَّدٌ تُنْصَرُ أَعْلامُهُ / بِجَيْشِ أَقْدارٍ وَجَيْشِ اقْتِدارْ
يا مِلِكاً أَصْبَحَ نَوْمُ العِدَى / خَوْفَ غِرارَيْهِ قَلِيلاً غِرارْ
اسْتَجْلِ دُنْياكَ العَروسَ الَّتِي / جَماجِمُ الصِّيْدِ عَلَيها نِثارْ
مَنْ زَلْزَلَ الأرْضَ بِغاراتِهِ / قَرَّ لَدَيْهِ المُلْكُ هَذا القَرارْ
وَاهْنَ بِعامٍ مُقْبِلٍ مُقْبِلٍ / يا أَكْرَمَ النّاسِ يَداً أَوْ نِجارْ
مِنْ آلِ إِسْرَائِيلَ عُلِّقْتُهُ
مِنْ آلِ إِسْرَائِيلَ عُلِّقْتُهُ / عَذَّبَنِي بِالصَّدِّ وَالتِّيْهِ
تَنَزَّلَ السَّلْوَى عَلى قَلْبِهِ / وَأٌنْزِلَ المَنُّ عَلى فِيهِ
بِتْنَا عَلى حالٍ يَسُرُّ الهَوَى
بِتْنَا عَلى حالٍ يَسُرُّ الهَوَى / وَرُبَّما لا يُمْكِنُ الشَّرْحُ
بَوَّابُنا اللَّيْلُ وَقُلْنا لَهُ / إِنْ غِبْتَ عَنّا دَخَلَ الصُّبْحُ
سَالَ عَلى وَجْنَتِهِ عارِضٌ
سَالَ عَلى وَجْنَتِهِ عارِضٌ / كَالعَرَضِ القَائِمِ بِالجَوْهَرِ
يَا شَعْرُ لاَ تَكْذِبْ عَلى خَدِّهِ / مَا ذاكَ إِلاَّ زَرَدُ المِغْفَرِ
حَدِيثُ دَمْعِي عَن غَرامِي شُجُونْ
حَدِيثُ دَمْعِي عَن غَرامِي شُجُونْ / تًنْقُلُهُ عَنِّي رُوَاةُ الجُفُونْ
عَجِبْتُ مِن صِحَّةِ أَخْبارِهَا / وَقَدْ تَجَرَّحْنَ بِدَمْعٍ هَتُونْ
بِمُهْجَتِي أَحْوَرُ قَد جَمَّعَتْ / جُفونُهُ المُرْضَى فُنُونَ الفُتونْ
صِيْغَ مِنَ الدُّرِّ وَحاشاهُ أَنْ / يَحُوْلَ فِي مَجْلِسِنَا أَوْ يَخُونْ
مِغْنَطْيِسَ الخَالِ عَلى خَدِّهِ / يَجْذِبُ بِالْحُسْنِ حَدِيدَ العُيونْ
أَحْسَنَ وَرّاقُ العِذارِ الّذي / فَتَّحَ عِندَ النّاسِ ما يَسْطُرونْ
سَأْلْتُهُ يَمْنَحُنِي قُبْلَةً / فَقالَ هذَا أَبَداً لا يَكُونْ
أَدِرْ دَنانِيْراً فَقَدْ نَثرَتْ / دَرَاهِمَ النَّورِ بَنانُ الغُصُونُ
عَوِّذْ جَنانِي مِن جُنونِ الهَوَى / مِنْ لاَمِ صُدْغَيْهِ بِقافٍ وَنُونْ
فَلا رَعَى اللَّهُ زَمانِي لَقَدْ / هَوَّنَ مِنْ أَمْرِيَ ما لا يَهُونْ
أَلَسْتَ مِن قَوْمٍ إِذْا ما دَجَا / لَيْلُ المُنَى بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدونْ
بَيْضاءُ تَسْطُو بِسَوادِ أَحْداقْ
بَيْضاءُ تَسْطُو بِسَوادِ أَحْداقْ / تَقَلَّدَتْ مِنْها دِمَاءَ العُشَّاقْ
فِي خَدِّها ماءُ الشَّبابِ قَد رَاقْ / فَطائِرُ القَلْبِ عَلَيْهِ خَفّاقْ
قد بَلْبَلَتْ قَلْبَ المُحِبِّ المُشْتاقْ / بِسِحْرِ جَفْنٍ هُوَ فِيهِ قَد حاقْ
شَمْسٌ مِنَ الوِشَاحِ لا مِن إِشْراقْ / لَها أَصِيلٌ مِن حُلىً وَأَعْناقْ
تَرَنَّمَتْ كَالوُرْقِ بَيْنَ الأوْراقْ / هِيَ الغَزالُ خِلْقَةً وَأَخْلاقْ
وِشاحُهَا الفَارِغُ يَشْكُو الإِمْلاقْ / وِحِجْلُها فِي ثَرْوَةٍ مِنَ السَّاقْ
وَخالُهَا فِي غَرَقٍ وَإِحْراقْ / مِثْلِيَ بَيْنَ أَدْمُعٍ وَأَشْواقْ
قالَتْ لِطَرفِي وَهْوَ دامِيِ الآماقْ / قَطَعْتَنِي وَالقَطْعُ حَدُّ السُّرَّاقْ
إِنْ رَمَقَتْ لَمْ يَبْقَ فِيَّ أَرْماقْ / وَالطَّرْفُ سُمٌّ وَالرُّضابُ دُرْياقْ
فِي خَدِّها صُدْغٌ كَسَطْرِ إِلْحاقْ / أَو فَحْمَةَ قَد دَبَّ فِيها إِحْراقْ
وَخالُها حَبَّةُ قَلْبِ المُشْتاقْ / كَمْ وَعَدَتْ ومَا وَفَتْ بَميثاقْ
وَكَمْ دَمٍ بِمُقْلَتَيْها مَهْراقْ /
حَدِيْثُ عَذْلٍ وَغَرامٍ قَدِيمْ
حَدِيْثُ عَذْلٍ وَغَرامٍ قَدِيمْ / جَوانِحِي مِنْ بَرْدِهِ فِي حَمِيمْ
وَرَوْضَةٍ فِيها رَقِيبٌ لَنا / يا لَيْتَهُ اعْتَلَّ اعْتِلالَ النَّسِيمْ
وَنافِرٍ آنَسْتُ مِنْ خَدِّهِ / ناراً لَها قَلْبِي المُعَنَّى كَلِيمْ
فِيها هَوَى قَلْبِيَ لَمَّا مَشَى / عَلى صِراطِ العارِضِ المُسْتَقِيمْ
بَنَفْسَجٌ فَوقَ اللَّمَى ذابِلٌ / وَوَرْدُ خَدٍّ تَحْتَ ماءِ النَّعِيمْ
وَسْنانُ مِن وَسْواسِ عَيْنِيْ بِهِ / تُواصِلُ الغُسْلَ بِماء النَّعِيمْ
كَأَنَّ جِسْمِي فِي دُموعِي وَقَدْ / عايَنْتُهُ سِلْكٌ وَدُرٌّ نَظِيمْ
تَدارَكِي الأَنْفاسَ يا أَدْمُعي / فَإِنَّها نَارٌ وَجِسْمِي هَشِيمْ
بِصُبْحِ مَرآهُ حَمَدْتُ السُّرَى / يا ناظِرِيْ فِي شَعْرِ لَيْلٍ بَهِيمْ
نامَ رَقِيبِي عَنْ حَبِيبِي فَقُمْ / يا سَاقِيَ الرَّاحِ وَقُلْ يا نَدِيمْ
لاَ تَنْتُجُ الأَفْراحُ إلاَّ إِذْا / مَسَّ ابْنَةَ الكَرْمِ ابْنُ مُزْنٍ كَرِيمْ
رَقِيقَةٌ صَفْراءُ فَاعْجَبْ لَها / مِزاجُها مُنْحَرِفٌ مُسْتَقِيمْ
رَشَفْتُ ساقِيْهَا وِإبْرِيقَهُ / كِلاهُما خُيِّلَ لِي مِنْهُ رِيمْ