المجموع : 43
عَلَيْكُمُ جَانَبْتُ أَصْحَابِي
عَلَيْكُمُ جَانَبْتُ أَصْحَابِي / وفيكُمُ عادَيْتُ أَحْبَابِي
ولم أَزَلْ أُطْنِبُ في شُكْرِكُمْ / غايَةَ ما يَبْلُغُ إِطْنَابِي
وانْتَهَتِ الحالُ إِلى أَنَّني / جعلتُكُمْ قِبْلَةَ مِحْرابي
وكانَ لي رَبٌّ صَلاتِي لَهُ / فانْقَسَمَتْ فيكُمْ لأَرْبابِ
وكانَ ظَنِّي بكُمُ صادِقاً / فَغَرَّنِي مِنْهُ بِكَذَّاب
الحمدُ لِلَّهِ وإِنْ كُنْتُمُ / رُحْتُمْ عَنِ الشُّهْدِ إِلى الصَّابِ
لا أَدَّعِي السُّلوانَ عن حبِّكمْ / كلاًّ ولا أَكْتُمُ أَوْصَابي
كُنْتُمْ على كَثْرَةِ وَصْلِي لكمْ / تُبْدُونَ لِي أَوْجُهَ طُلاَّبِ
فأَنْثَنِي تِيهاً بلقياكُمُ / قد ضَاقَ بي أَوْسَعُ أَثوابي
فصِرْتُ إِنْ جئتُ إِلى دارِكُمْ / أَجيءُ في صورَةِ مُرْتَابِ
تظْهَرُ لِلْعَيْنِ ملالاتُكُمْ / وإِن رأَتْكُمْ بعدَ إِغبابِ
وإِنْ تحدَّثتُ على بابِكمْ / كَأَنَّنِي لستُ على البابِ
آذيتموني باستحالاتكمْ / حتى تَهَزَّأْتُ بآدابي
غيريَ قد أَصبحَ أَوْلَى بكُمْ / وغيركم أَصبحَ أَولَى بي
أَطاع ما يَأْمُرُهُ النَّاهِي
أَطاع ما يَأْمُرُهُ النَّاهِي / وصارَ في حِلْيَةِ أَوَّاهِ
لها وكَمْ قِيلَ لها مَرَّةً / فَهْيَ بمعنى واحدٍ لاهِ
مشتغِلٌ دُونَ الصّبا بالصبا / ودُونَ نيرانٍ بأَمْواهِ
فَهْوَ إِذا فَكَّرَ في أَمْرِهِ / رَأَيْتَ منه حالَةَ السَّاهِي
أَشْبَهَ ماءَ البَحْرِ أَحْشَاؤُهُ / ولم تَضِعْ أُلْفَةُ أَشْبَاهِ
يَسْرُدُ طَهَ حِينَ يبدُو له / ذُو المَوْجِ يَحْكِي مِرْجَلَ الطَّاهي
الجاهُ لِلأَوطانِ لا أُبْعِدَتْ / أَوْبَتُه بالمالِ والجاهِ
عزمٌ قويٌّ يقتضيه السُّرَى / ولو على مضطربٍ واهِ
يركبُ في قِشْرِ عِضَاهٍ جَرَى / وإِن جَرَى مَنْطِقُ عَضَّاهِ
ولو علا مقدارُ هِمَّاتِه / حاولَ أَدنى رُتْبَةٍ ما هي
نال مجالَ الرُّخِّ في موضِعٍ / يضيقُ عن مَنْزِلَةِ الشَّاهِ
يا هِبَةَ اللِه دَنَا سَيْرُهُ / فما تَرَى يا هِبَةَ اللِه
قد أَزِفَ الوقتُ وداعى النَّوَى / أَطْنَبَ في نَاهٍ ونَهْنَاهِ
منظَرُكَ الباهي وشِعْرِي معاً / فَأْمُرْ بشيءٍ ثالثٍ باهِ
نُطْقِي بأَفواهٍ وكم معشرٍ / قد نَطَقوا منك بأَفواهِ
وَثمَّ أَفواهٌ لها نكهةٌ / أَطْيَبُ من رِيحَةِ أَفْواهِ
أَمضى بإِكراهٍ ولكنَّني / ما جئتُ إِذ جئت بإِكراهِ
في دَعَةِ الله وحَظِّ الوَرَى / مقالُهُمْ في دَعَةِ اللِه
أَفديكَ من هادٍ بأَقْلامِهِ / إِذا جَرَتْ في الطِّرْسِ أَوْداهِ
مُجْتَمِعُ الوَصْفَيْنِ ينشَقُّ عن / وجهِ حَيِيِّ الوَجْهِ جَبَّاهِ
طَلاقَةٌ ليستْ لذي ذِلَّةٍ / وعزَّةٌ ليست لتَيَّاهِ
باهِ بها في حالَتَيْ مَجْدِهِ / إِن كُنْتَ تبغِي سَبَقاً باهِ
يَثْبُتُ مثلَ الجبلِ المُعْتَلِي / وينثَنِي كالغُصُنِ الزاهي
لو سُئِلَتْ مِصْرُ على أَنَّها / منازِلُ العاضِدِ للِه
من عَدِمَتْ سَمَّتْهُ في أَوَّلِ ال / بسْمِ وثَنَّتْ بِشَهِنْشَاهِ
جاءَتْكَ غُصْناً في يَدَيْ مَنْطِقٍ / أَعملَ فيها الخاطِرُ الماهِي
عذراءُ قالَتْ لك أَوْصَافُها / باهِ بِحُسْنِي كُتُبَ الباهِ
يا مَثَلاً في فضلِهِ سائراً
يا مَثَلاً في فضلِهِ سائراً / انظُرْ إِلى صِحَّةِ تمثيلي
كم فاعلٍ قد نَظَرَتْ نَحْوَهُ / عَيْنَي إِلى صُورَةِ مَفْعولِ
يبخَلُ بالماءِ على أَنَّه / مُنْغَمِسٌ في وَسَطِ النِّيل
رَمْزٌ إِذا فَسَّرْتُ مَضْمُونَهُ / أَخْبَرَ عن بتطويل
عادَ له الدَّهْرُ كما قد بدا
عادَ له الدَّهْرُ كما قد بدا / فراحَ في صَبْوَتِهِ واغْتَدَى
وفائِض العَبْرَةِ ذي حَنَّة / يَسْرِي ولا يقدِرُ أَن يَبْعُدا
قُلِّدَ كالعِقْدِ بأَولادِهِ / فَقَلَّدَ الدَّوْحَ بما قُلِّدا
وراح يستَرْفِدُ من غَيْرِهِ / وإِنَّما اسْتُرْفِدَ كي يَرْفُدا
تنبعِثُ الأَمواهُ منه إِلى / خَوَرْنِقٍ أَبيضَ قد جُعِّدا
كأَنما الموجُ على متنِهِ / صرحُ سليمانَ الذي مرَّدا
ومجلسٍ شَقَّ تفارِيجَهُ / نَهْرٌ كما شَقَّ الطَّروبُ الرِّدا
يلعب كالأَيْمِ فإِن درَّجَتْ / منه الصَّبا أَبْصرْتَهُ مِبْرَدَا
تنحَدِرُ الكاساتُ في مَتْنِهِ / فتَذْكُرُ العيُّوقَ والفَرْقَدا
كَلَّل شَطَّيْهِ أُولُو هِمَّةٍ / مدَّتْ لهم في الطَّيِّباتِ المَدَى
قد جَعَلُوا اللَّهْوَ مطاياهُم / وقد كَبَتْ عنهُمْ صُروفُ الرَّدَى
ونافخٍ في صُورِ ناياتِهِ / يُحْيِي المَسَرَّاتِ كما عوَّدا
تلا المزاميرَ بمِزْمارِهِ / لَحْنًا فَخَرَّيْنَا له سُجَّدا
وروْضِ يُسْتانٍ بجنَّاتِهِ / تَعْبَقُ في راحَةِ قَطْرِ النَّدى
ذابَ له الغَيْمُ لُجَيْناً وقَدْ / جَمَّدَ في أَغصانِهِ عَسْجَدا
تَضْحَكُ في أَحشائِهِ لُجَّةٌ / أَرَقُّ من دمْعةِ مَنْ أُكْمِدا
فِسْقيَّةٌ يرشُقُ حافاتِها / بأَسهُمٍ ليستْ تُبيدُ العِدا
هذِي هِيَ الجَنَّةُ قد عُجِّلَتْ / لو كانَ فيها أَحدٌ خُلِّدا
عَرَّسَ بالتوفيقِ والسَّعْدِ
عَرَّسَ بالتوفيقِ والسَّعْدِ / أَبو الوفاءِ بْنُ أَبي سَعْدِ
بَدْرٌ حوى شَمْسًا تُجَلِّي الدُّجَى / ما لم يكُنْ من فاحم جعْدِ
كريمَةُ المَنْصِبِ قد حازَها / مِثالُها في رُتَبِ المَجْدِ
أَلْبَسَهُ حَمْدِي ومن ذا الذي / أَلْبَسَهُ مفتخراً حَمْدي
ولم أَزَلْ أَنْظِمُ في وَصْفِهِ / فرائدَ الأَمداحِ كالعِقْدِ
من آلِ موسى عبدوا ربَّهُمْ / ووَحَّدُوهُ غايَةَ الجُهْدِ
ليس من العُبَّاد للعِجْلِ في / ما قد مَضَى من لا ولا البُدِّ
ولا الذين اتَّخذوا نارَهُمْ / ربًّا كما يُحْكَى عن الهِنْدِ
لكنهم أَهلُ كتابٍ قَضَى / بالفَصْلِ بين الحُرِّ والعَبْدِ
جاءَتْهُمُ التوراةُ وهي التي / كانَتْ إِلى سُبْلِ الهُدَى تَهْدي
ونُزِّلَ المَنُّ عليهم مع السَّ / لْوَى كما اختاروا من القصدِ
يا من حوى فضلاً ونبلاً ومَنْ / إِليه فيما قُلْتُهُ قصدي
اِهْنَأْ بعُرْسٍ قد غدا يُوْمُهُ / عيداً لأَهلِ الغَوْرِ والنَّجْدِ
أَقبَلَ والإِقبالُ قد حاطهُ / حِياطَةَ الخَلْخَالِ بالزَّنْدِ
وعندك الحَلْواءُ معقودَةً / أَحْكَمها الصّانِعُ في العِقْدِ
أَحْلى من الأَمْنِ ولكنَّها / أَفْوَحُ في الطِّيبِ منَ النَّدِّ
فجُدْ على الشاعِرِ منها فما / يُعِيدُه عنكَ وما يُبْدِي
وعَجَّلِ الجائزةَ الآنَ لي / فإِنَّني أَصْبحْتُ في جَهْدِ
لا زِلْتَ في عِزٍّ وفي نِعْمةٍ / ما غَرَّدَ الطيرُ على الرَّنْدِ
كافورَةٌ في الثَّلْج مدفونَةٌ
كافورَةٌ في الثَّلْج مدفونَةٌ / يومَ شَمالٍ بُكْرَةٌ في جَبَلْ
قلتُ لمن يسألُ عن أحمدٍ
قلتُ لمن يسألُ عن أحمدٍ / ما أحمدٌ عندي بمحمودِ
نزْرٌ فلو ماتَ لما كان في / جُثّتِه ما يأكُلُ الدّودُ
وساقِطُ الهِمّةِ لو أنّهُ / يُصلَبُ ما قام له عُودُ
ويعشقُ السّؤدُدَ لكنّه / يعجَزُ دالاً فهو السّودُ
يا عُمَرُ الطّلاّءُ إياكَ أنْ
يا عُمَرُ الطّلاّءُ إياكَ أنْ / تعرِضَ لي يا عُمرُ الطّلاّ
والله إن جرّدْتُ سيفَ الهِجا / فأُغمِدَتْ شفْرتُهُ إلا
تصْطَفُّ في الجَنْبَينِ أرماحُهُمْ
تصْطَفُّ في الجَنْبَينِ أرماحُهُمْ / تمطّي البازِ بريشِ الجَناحِ
أصبحْتُ عبداً في يدَيْ مالكٍ
أصبحْتُ عبداً في يدَيْ مالكٍ / أجْوَرُ ما كان على العبْدِ
عندي له ما لم يكُنْ عندَه / وعنده ما لم يكُنْ عندي
عابَ عَذولي جُدَريّاً بدا / منتظماً منه على الخدِّ
فقلتُ ما أحسنَ قطْرَ النّدى / منتثراً في ورقِ الورْدِ
مرّ بنا كالظّبي لكنّهُ
مرّ بنا كالظّبي لكنّهُ / يذعَرُنا والظّبيُ مذعورُ
واهتزّ كالغُصْنِ ولكنّه / بأدمُعِ العشّاقِ ممطورُ
وا بأبي مَعقِدُ زُنّارِه / أفي الزّنانيرِ الزّنابيرُ
وأنت يا تفتَيرَ أجفانِه / ما لَك عن قلبي تَفْتيرُ
نواظرُ الأغصانِ ما عندنا / نواظرٌ من فوقِها حُورُ
والبدرُ ما افترّ على حُسْنِه / عن يانِعِ النورِ له نورُ
في مثل ذا خالِعُ عُذرِ التُقى / والنُسْكِ والعفّةِ مَعذورُ
قلتُ وقد كشّف عن صفحتَيْ / خدٍّ عليه الحُسْن مزْرورُ
ذا السيف ما جرّدْتَ لي بعضَه / إلا ولي في ذاك تحذيرُ
كم فيك يا منصور من فتنةٍ / شاهدةٍ أنّك منصورُ
حمْل الأحاريمِ على مثل ذا / محرّمٌ لا شكّ محذورُ
يا حافظاً تشهدُ أخلاقُه
يا حافظاً تشهدُ أخلاقُه / بأنه قد طابَ أعراقا
ومن غدا ثانيَ شمسِ الضُحى / عُلوّ مقدارٍ وإشراقا
إن فُقْتَ أهلَ الأرضِ عِلماً فقد / أنفقتَ فيه العُمرَ إنفاقا
وجدْتَ جودَ الغيثِ لما انْبرى / يُلحُّ إرعاداً وإبراقا
قد جمُدَ الجاري وعَيشي كما / تراه يا مولاي قد ضاقا
فجُدْ بتعجيلكَ لي بعضَه / أنْفِقُه في القوتِ إنفاقا
لقد غدا غُصْني سليباً فهل / تُلبِسُه جدواكَ أوراقا
أبعد شَيْبي لشبابي إيابْ
أبعد شَيْبي لشبابي إيابْ / هيهاتَ لا يرجع شرخُ الشبابْ
أم هلْ لمن عرّضني للعِتابْ / وهل يُرجّى بعد ذا الاجتنابْ
فالقلبُ مني في أليمِ العذابْ / ودمعُ عينيّ كقطرِ السّحابْ
وظبيةٍ مثلِ ظِباءِ الشِّعابْ / رقيقةِ الخدّيْن مثل الشّرابْ
في ثغرها الشّهْدُ لعمري مُذابْ / طُوبى لمنْ يرشُفُ ذاك الرُضابْ
في كفّها حمراء مثلُ الشِّهابْ / صافيةٌ رقّتْ كمِثلِ السّراب
تذهبُ بالحقدِ معا والضِّباب / لها بشخصين ربوعٌ خراب
ومنزلٍ بالجزعِ منهم يَبابْ / كنتُ به مع زينبٍ والرَّباب
وهلْ مع الدهرِ يدومُ اصطحابْ / أُصبحُ في ظُفْرٍ له ثمّ نابْ
درّتْ عليه غادياتُ الرّبابْ / فأظهرَتْ بُرْداً بلونٍ عُجابْ
قد رقمَتْهُ ثم أيدي السّحابْ / ومَهْمهٍ قفرٍ كثير الهضابْ
فيه الشماريخُ وصُمُّ الصِّلاب / به المها والعِينُ ثمّ الذئابْ
قطعْتُه إبّان عصر الشّبابْ / والشمسُ إذ ذلك تحت الحجابْ
والليلُ من فوقِ الرُبى كالخِضابْ / بمُنطوي الأحشاءِ طيّ الكتابْ
أقَبّ شاطٍ أسودٍ كالغراب / تراه كالأجدلِ في الانتِصابْ
وحين ينقَضُّ كمثلِ العُقابْ / أو فكلَمْحِ البرقِ أو كالشِّهابْ
وكان فيما قد فعلْتُ الصّواب / حتى أتينا مَن إليه الرِّكابْ
نَبغي إماماً ظلّ فوق الرِّقابْ / لأن جدواهُ كماءِ السَّحابْ
وليلةٍ أطلعْتَ في جِنْحِها
وليلةٍ أطلعْتَ في جِنْحِها / شمساً من الصهباءِ لم تحتجِبْ
أنشأتَ حرباً بين فُرسانِها / تجري بنا فيها خيولُ الطّرَبْ
أرماحُها الشمعُ وأسيافها / نارُ الغَضى والدمُ ماءُ العِنَبْ
نسمحُ للرّاحِ بأرواحِنا / لكننا نرجعُ فيما نهبْ
تحت سماءٍ من دُخانٍ لها / وثْبُ شَرار كانقِضاضِ الشُهُبْ
إذا النّسيمُ اشتقّ أغصانَها / حسبْتَها ألسنةً تصطخِبْ
وانتصبَ الشمْعُ فكلّفتَهُ / أن يُطلعَ الأترُجّ فوقَ الذّهبْ
أشارَ من شدةِ إشفاقِه
أشارَ من شدةِ إشفاقِه / بالصّبْرِ والحِميةُ رأيُ الطبيبْ
وثِقتُ بالودّ وصدقِ الوفا / منه وقد يخطئُ سهمُ المُصيب
عوّادةٌ غنّت لنا صوتاً
عوّادةٌ غنّت لنا صوتاً / يشبهُ نزْعَ الروحِ والموتا
كأنها والعُودُ في حِجْرها / ثاكلةٌ قد أسندَتْ مَيْتا
شبّهتُها من فوقِ أوتارِه / بعنكبوتٍ نسجَتْ بيتا
تعوّد الطردَ بها والطِرادْ
تعوّد الطردَ بها والطِرادْ / أيُّ جوادٍ فوق متنِ الجوادْ
وكفّ بالنجدةِ أعطافَه / وإنما النجدةُ حيثُ النِجادْ
إن لم يشِبْ فَوْداهُ من هولِها / فدونَها ما شابَ منهُ الفؤادْ
لله ما أسْرى أحاديثَه / بين حِدالٍ سنّهُ أو جِلادْ
إما معان مُروَياتُ الحَيا / أو عزَماتٌ مُورَياتُ الزِنادْ
قد سمعَ الليلُ بأخبارِه / مشروحةً من لهَواتِ الوهادْ
حيثُ امتطى النكْباءَ ذيّالةً / واحتقَبَ الغيمُ عليها مزادْ
والجوّ في مأتمِ إصباحِه / قد لبسَ الليلَ عليه حِدادْ
هذا هو المجدُ ومن ذا الذي / سادَ وقد لازم طيَّ الوِسادْ
بالله يا شوكَ السِبال احتجِبْ / عن ناظرٍ مُعرىً بشوكِ القتادْ
لا رأيَ في الغيّ له بعدَما / شادَ معاليْهِ بأيدي الرّشادْ
ما أبعدَ النُقصانَ من حامدٍ / لأحمدَ الكافلِ بالازديادْ
أيُّ فَخارٍ قد عَلا متنَهُ / فجاوزَ النجمُ عليه وكادْ
نادِ بأعلى الصوتِ إن زُرْتَه / بك المعالي عسرَتْ كلَّ نادْ
في طيّ يُمناهُ مَرادُ الغِنى / فاستَهْدِ من ذاك المَرادِ المُرادْ
متّقدٌ منتَقِدٌ يا له / من انتقاد كامنٍ في اتّقادْ
لا يرسلُ الأسنادَ إلا إذا / كان له بالهاشميّ استِنادْ
روايةٌ مطّرّدٌ متنُها / في صحةِ الإتقانِ أيَّ اطّرادْ
وإنما فُتياهُ فهيَ التي / تحكُمُ منا عُقَدَ الاعتقادْ
يرقِمُ من راحتِه أرقَمٌ / يمجّ في الطُرْسِ لُعابَ المِدادْ
مسفِّعُ الأقلامِ فيما حبَتْ / ظبى السُيوفِ المُرهَفاتِ الحِدادْ
يتّبِعُ السلطانُ أغراضَهُ / فردّهُ الحاكمُ فيما أرادْ
فلو حَواهُ زمنٌ أولٌ / مع أنّه الأولُ في الاعتمادْ
لكان للنُعمانِ مُستَشْفِعاً / بذكرِه فيما حباهُ زيادْ
هذا لسان الطُرسِ مسترسِلٌ / يخبِرُنا عمّا أحنّ الفؤادْ
ألبسَهُ الأسعدُ ألفاظَهُ / فانصرفَ الحبُّ له عن سُعادْ
وانظُرْ الى سحبانَ في وائلٍ / منه وقسٍّ خاطباً في إيادْ
فصاحةٌ كادت لإفراطها / تهزُّ بالنشوةِ عِطفَ الجَمادْ
ذا خبرٌ شاعَ وقد عايَنوا / إذ حضروا ما زادَ عنه وزادْ
ما قدّم الأصحابَ إلا اسمَهُ / ومعشراً ذكرُهُمُ لا يُعادْ
تقرّبوا من ملِكٍ رُوحُه / من روحِه دانيةٌ في البِعادْ
وقائلٌ ما لكَ لم ينتظِمْ / في سِلْكِ مَنْ مرّ كريماً وعادْ
قلت له عُذريَ أني امرؤ / له على حكمِ الزّمانِ انقِيادْ
وقولُ رعبٍ لا ترُمْ إننا / نخفى إذا ما أضمرتْكَ البِلادْ
خُذها فقد جاءَتْكَ من خاطرٍ / يهيمُ من حُبِّك في كلّ وادْ
من بحرِ تحريرٍ سَجا فاغْتَدى / بحرانُ تحريرٍ لديهِ ثَمادْ
وأمردٍ يعقِدُ زنارَهُ
وأمردٍ يعقِدُ زنارَهُ / قُسِّم فيه أمرد أم رَدى
يكشف لي عن متنِ فضيّةٍ / ما خلتُها لابسةً عسجدا
أدت يدي الريقَ لبابِ / وعاودتْ يبغي الهدى
فقال لي أنظر لحالاتها / قد حنّكتْني قبلَ أن أشهدا
كأنّ دارين لها دارُ
كأنّ دارين لها دارُ / فروضها المِعطالُ معطارُ
تحملُ عنه نفحاتُ الصَبا / نشراً به للصبِّ إنشارُ
فكلما استنشقتَهُ شاقَه / لنازحِ الأوطانِ أوطارُ
تلك شِفاءُ الوجدِ لو أنهم / صاروا بها من بعد ما ساروا
علّقْتُ قلبي بذِمامِ الهوى / وهْو خفير منه إخفارُ
وكان قلباً فغدا طائراً / له من الأكوارِ أوكارُ
في سُندسِ الكَلّة حوريّةٌ / تسكنُ قلبي وهو النار
أحدقتِ الشمسُ بها مثلَ ما / تحدِقُ بالمُقلةِ أشْفارُ
يا كوكباً يمنعُ أن يُجتلَى / غيثُ مَهىً أوطَفُ مِدرارُ
ودرّةً يحجُبُ عن نيلها / بحرُ وغًى بالبأسِ زخّارُ
أغريتِ بي الوجدَ وغررتِ بي / إنّ الغريرَ الطرْفِ غرّار
لا تحسَبي أن ثرت فتاكة / كلُّ قتيلٍ ما لهُ ثارُ
جورُكِ يمضي فيّ لو لم يكن / من أحمدَ المختارِ لي جارُ
حِبْرٌ له خُطَّ يَراعٌ به / يراعُ خطّيٍّ وخطّار
يبسِمُ منه الطرفُ عن سؤدد / ضاحكَ فيه النورَ أنوارُ
دوحٌ من المُعْجِزِ لا يجتَني / منهُ بغير السَمْعِ أثمارُ
لفظٌ عَوانٌ بين أحشائه / من المعاني العُقْم أبكارُ
يَبيتُ ساري النّهْجِ في فِكرها / رهنَ ضلالٍ وهْي إقْمارُ
حظُّ الموالي والمَعادي به / نفعٌ كما شاءت وإضرار
يرجو ويخشى حالتَيْها الوَرى / كأنها الجنّةُ والنارُ
وراحةٍ دينارُها درهمٌ / ودرهمُ الباخلِ دينارُ
لا يُمتَرى في أنها تمترى / أخلافَ نُعماها وتُمْتارُ
شادَ بها ربعُ الندى بعدما / أرداهُ إعصار وإعصار
ومنظرٌ عزّ نظيرٌ له / والناسُ أشكال وأنظارُ
في صفحتيهِ لمياهِ الحَيا / مُطّرِدَ الإجراءِ تيّار
للبِشْرِ برقٌ بين أرجائه / وللندى الفائضِ أمطارُ
وليس يُجدي الأثْرُ في صارمٍ / ما لِشَبا حدّيْهِ آثارُ
يا بنَ الألى طابتْ أحاديثُهُم / على التَمادي فهْي أسْمار
خذ مِدَحاً سحرُ بلاغاتِها / في سُدَف الأشعارِ أسحارُ
قصائدٌ أرسلَها خاطرٌ / في سُبُلِ الإحسانِ خطّارُ
تثني البلاغاتُ بمنطوقها / مستعبداتٍ وهْي أحرار
أغليتُها بَذْلاً وأعليتُها / فضلاً وللأشعارِ أسعارُ
فليَهْنِكَ الشهرُ الأصمّ الذي / أسمعُهُ للمَدْحِ تَكْرار
وليَبْقَ في المجدِ مقيماً فلي / جوّالُ مدحٍ منكَ سيّارُ
زامرُنا لو شاءَ إكرامَنا
زامرُنا لو شاءَ إكرامَنا / كان ولو قُطِّع لم يَزْمُرِ
باكَرَ بالناي فيا ليتَه / باكرَ بالنّأيِ فلم يحضُرِ
ومرّ في شتى أفانينِه / فنحنُ شتّى عنه في المحْضَرِ
من رَخَمٍ يُطرِشُ آذانَنا / وحازقٍ يقبضُ بالمنخر
وبعد هذاك وذا ما ابتدا / إلا وكلُّ قائلٍ مَنْ خَري