القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 8
أقوى مصيف القوم والمربع
أقوى مصيف القوم والمربع / فالدار قفر بعدهم بلقع
سارت بنا الأرض إلى غايةٍ / لنا وللأرض هي المرجع
ونحن كالماء جرى نابعاً / لكن علينا خفي المنبع
والعلم قد أنكر منهاجنا / ولم يُبِنْ أين هو المهيَع
خرقت يا علم رداء لنا / كنا ارتديناه فِهل ترقع
فَجَعْتَنا يا علم في أمرنا / أمعتِب أنت إذا نجزع
لقد طغت حيرة أهل النهى / هل فيك يا علم لها مردع
كم نشرب الظنّ فلا نرتوي / ونأكل الحدس فلا نشبع
والناس ويل الناس في غفلةٍ / ترتع والموت بهم يرتع
والكون قد لاح بمرآته / للعيش وجه شاحب أسفع
وإن في البدر لخطباً به / في البدر لاحت بقع أربع
فالعين ما يورث حزناً ترى / والاذن ما يزعجها تسمع
والأرض في منقلب بالورى / والشمس من مشرقها تطلع
حتى إذا ما بلغت شوطها / لاحت نجوم في الدجى تلمع
وهكذا الظلمة تتلو الضيا / والضوء للظلمة يستتبع
ونحن في ذاك وفي هذه / بالنوم واليقظة نستمتع
ما بين مسعود يميت الدجى / نوماً ومنكود فلا يهجع
ومسرع يسبقه مبطىءٌ / ومبطىء يسبقه مسرع
وشامت يضحك من حادث / حلّ بباكٍ قلبه موجع
لو كان للقسوة عينٌ وقد / رأته كانت عينها تدمع
والكلّ في شغْب لهم دائم / لم يقلعوا عنه ولن يقلعوا
والماء يمسي وشلا تارة / وحوضه آونة مترع
والريح تجري وهي ريدانة / حيناً وحيناً عاصف زعزع
وبعضهم تمرع وديانه / وبعضهم واديه لا يمرع
قد يحسب الإنسان آماله / والموت مصغٍ نحوه يسمع
حتى إذا أكمل حسبانها / وأفاه ما ليس له مدفع
فخرّ للجنب صريعأً به / وأي جنبٍ ما له مصرع
وظل فوق الأرض في حالةٍ / يزَوّر عنها الحسب الأرفع
لا تعمل الأقلام في كّفه / وكان من قبلُ بها يصدع
ولم تعد تقطع أسيافه / من بعد ما كان بها يقطع
فاستّلّ مثل السيف من مُطرَف / طرائق الوشي به تلمع
ولُفّ في ثوب له واحدٍ / ليس له رقم ولا ميدع
واهاً له ثوب البلى إنه / يبلى مع الجسم ولا ينزع
ودُسّ حيث الأرض أمست له / ملحودة ضاق بها المضجع
حيث البلى يرميه حتى إذا / لم يبق في قوس البلى منزع
خالط ترب الأرض جثمانه / مطحونة منه بها الأضلع
لله دّر الموت من خطةٍ / فيها استوى ذو العيِّ والمِصقع
يخون فيها القولُ منطيقه / كما تخون البطل الأَدرع
ما أقدر الموت فمن هوله / لم ينجُ لا كسرى ولا تُبَّع
يا رافع البنيان كم للردى / من سلّم يدرك ما ترفع
ويا طبيب القوم لا تؤذِهم / إن دواء الموت لا ينجع
لابد للمغرور من مندّم / بالعضّ تدمى عنده الأصبع
وما عسى تغني وقد حشرجت / ندامةٌ ليست إذاً تنفع
يا بُرقُع الخلقة واهاً لما / فيك وآهاً منك يا برقع
قد زاغت الأبصار فيما ترى / إذ فات عنها سرّك المودع
وليس في الإمكان عند النهى / أبدعُ ممّا خلق المبدع
لم أر بين الناس ذا مَظْلِمه
لم أر بين الناس ذا مَظْلِمه / أحقّ بالرحمة من مسلمه
منقوصة حتى بميراثها / محجوبة حتى عن المَكْرُمه
قد جعلوا الجهل صواناً لها / من كل ما يدعو إلى المَأثمه
والعلم أعلى رتبةً عندهم / من أن تلقّاه وأن تعلمه
ما تصنع المرأة محبوسة / في بيتها أن أصبحت معدِمه
ضاقت بها العيشة إذ دونها / سُدّت جميع الطُرُق المُعلَمَه
كم في ُبيوت القوم من حرّة / تبكي من البؤس بعينَيْ أمه
قد لَوَّحت نار الطَوى وجهها / وأعمل الفقر به ميسمه
عاب عليها قومها ِضلّةً / أن تكسِب القُوت وأن تَطْعَمَه
من أيّ وجه تبتغي رزقها / وطرقها بالجهل مستَبْهِمه
وكيف والقوم رأوا سعيها / في طلب الرزق من المَلأْمه
وكم فتاة فقدت بعلها / من بعد ما قد َولَدتْ تَوْءمه
فأنقطعت في العيش أسبابها / وأصبحت للبُؤس مستسلمه
تَبِيت لم تحمَد لفرط الجوى / لا قمر الليل ولا أنجمه
من حيث لا تملك من دهرها / ما جَلَّ أو َدقَّ ولو سِمْسِمه
جَفَّ على مُرضَعها ثَديُها / فأضطرّها ذلك أن تَفطِمه
فعاش عيش الأم لم يُوفِه / ملبَسَه الدهرُ ولا مطعمه
فشبّ منهوك القُوى مثلها / يشكو من الدهر الذي أيتمه
فهذه حالة ِنسواننا / وهي لعمري حالة ُمؤلمه
ما هكذا يا قوم ما هكذا / يأمرنا الأسلام في المسلمه
فهل بكم من راحم للنسا / فهنّ أولى الناس بالمرحمه
دع مزعج اللوم وخلِّ العتاب
دع مزعج اللوم وخلِّ العتاب / واسمع إلى الأمر العجيب العُجاب
من قِصّة واقصة غصّة / تُضحك بل تدعو إلى الانتحاب
في الكرخ من بغداد مرّت بنا / يوماً فتاة من ذوات الحجاب
لَبَّتها مُوقَرةٌ بالحِلى / وكفّها مُشَبعة بالخِضاب
ووجهها يطمس سحناءه / عنّا ظلام من سواد النقاب
تمشي العِرَضْنَى في جلابيبها / مِشيةَ إحدى المومسات القحاب
تختلب اللبّ بأوضاعها / وكل ما يظهر منها خِلاب
قد وضعت تاجاً على رأسها / يلمع في الظاهر لمعَ الشهاب
يُحسَب من درّ بتَمْوِيهه / وهو إذا حققته من سِخاب
كاسيةَ الجسم أرقّ الكُسا / مَوْشِيّة الثوب بوَشيٍ كذاب
قد غُولط الناس بأثوابها / في أنّها من معمل الانتخاب
وهي لعمري دون ما رِيبةٍ / منسوجة في مَنسَج الاغتصاب
فالغِشّ في لحمتها والسَدى / وكلُّ ما يدعو إلا الارتياب
قال جليسي يوم مرّت بنا / من هذه الغادة ذات الحجاب
قلت له تلك لأوطاننا / حكومة جاد بها الانتداب
نحسبها حسناء من زيَها / وما سوى جنبول تحت الثياب
ظاهرها فيه لنا رحمةٌ / والويل في باطنها والعذاب
مُصابنا أمسى فظيعاً بها / يا ربّ ما أفظع هذا المُصاب
تالله قد حُقَّ لنا أننا / نحثو على الأرؤس كل التراب
لا تأمَنن دنياك في حالة
لا تأمَنن دنياك في حالة / مهما تكن زاهية زاهرة
وانظر لعُقبى وزراء مضَوْا / كيف عليهم دارت الدائرة
باتُوا على النَعماء في ليلة / شبَت لهم في صبحها نائرة
إذا قذفتهم عن كراسّيها / وزارة كانت بهم وازره
كانوا كعِقد رائق نظمه / فبَددتهم ضربة ناثره
ضربة جيش لم يكن ناطقاً / إلاّ بنيرانٍ له زافره
بانوا كآساد الشرى رُبَّضاً / فأصبحوا كالنَّعَم النافره
فواحد طار إلى ربّه / ولاذ من دنياه بالآخره
وواحد يصحبه أهله / طارت إلى مصر بهم طائره
لم يَصفُ بالسراء عُرس ابنه / ولم تَرُق ليلته الساهره
واثنان سارا في طريق معاً / إلى حمى سورية العامره
سارا وكل منهما قائل / قول امريء أشجانه فائره
بغداد يا خاذلتي إنني / أسكن بعد اليوم في الناصره
ولست بعد المنُتبأى قاطعاً / ما ربطتني بك من آصره
وكانت الأفواه مكمومةً / فأصبحت من بعدهم فاغره
تلهج بالشتم لهم لاذعاً / وتُكثِر الضحك بهم ساخره
وهي التي كانت لهم قبل ذا / مادحةً حامدة شاكره
هذي هي الدنيا وأبناؤها / في يومنا والحِقب الغابره
لا تنفع الناس مساعيهم / إذا الجُدود انقلبت عاثره
لو قيل لي في الجيش مَن ذا الذي / كان بما أوقعه آمره
قلت سلوا الكرخ فذو أمره / في تلكم الدائرة الماكره
ففي فلسطين وثُوّارها / لهم يدٌ تعرفها القاهرة
قد دبَرت منهم لهم كيدها / حتى غدت منهم بهم واتره
أهل العراقين متى تأبهوا / للغِيَر الهاجمة الدامره
في كل يوم لكم هَيْعة / مضحكة كالنكتة النادره
رأيت إبليس عدوّ البشر
رأيت إبليس عدوّ البشر / يخطُب في جمع له قد حضر
قد لبِس الوشي على قبحه / وخضّب الشيب وقصّ الشعر
وهو يهنّي حزبه قائلاً / يا من عصى الله ومن قد كفر
اليوم قد طابت لنا لعنةٌ / جاءت من الله بحكم القدر
واليوم قد هان الخلود الذي / قدّره الله لنا في سقر
إذ أمة الطليان قد أصبحت / أكبر من خان ومن قد غدر
زلَت إلى العار بهازلّةٌ / شنعاء لا تمحَى ولا تغتفر
فهي التي هان بكفرانها / كفران من زاغ وأبدى البطر
لو ألقي الصخر بمخزاتها / لانفتّ من فرط الحيا وانفطر
ولو أصاب البحر من عارها / لغار منه ماؤه وانحسر
نحن الشياطين على أننا / جئنا من اللؤم بإحدى الكبر
صرنا إلى جنب بني رومة / ننفر من نافرنا وافتخر
فلا نبالي اليوم من لامنا / في رفضنا آدم أو من عذر
إذ في بني رومة عذر لنا / يستسلم السمع له والبصر
فهم على الله لنا حجّةٌ / في أننا أفضل من ذا البشر
وإن يوماً نقضوا عهدهم / فيه ليوم خزيه مبتكر
فلتتّخذه خير عيد لنا / نذكر فيه فوزنا والظفر
ولنجعلنْه يوم أفراحنا / نجني به الأنس ونقضي الوطر
ثم انثنى الشيخ أبو مرّة / يرقص فيما بين تلك الزمر
حتى إذا أكمل أشواطه / رنا إليهم وأحدّ النظر
ثم دعا من بينهم واحداً / مشوّه الوجه كثير القذر
وقال يا خُنزُب بادر إلى / رومة وأدخلها قبيل السَحَر
واذهب إلى عمانويل الذي / دبّ البلى في مجده فاندثر
وقل له إن أبا مرّة / أخاك يدعوك إلى المستقر
فإن يقل أين فقل إنه / في دركة سافلة من سقر
مقعد خزيٍ كتبوا حوله / بأحرف النيران أين المفر
البحر رهوٌ والسما صاحيه
البحر رهوٌ والسما صاحيه / والفخت في الليل شبيه السديم
والبدر في طلعته الزاهية / قد ضاحك البحر بثغرٍ بسيم
والصمت في الأنحاء قد خيّما / فالليل لم يسمع ولم ينطِق
والبدر في مفرق هام السما / تحسبه التاج على المَفرق
أغرق في أنواره الأنجما / وبعضها عام فلم يغرق
والبحر في جبهته الصافيه / قام طريقٌ للسنا مستقيم
لم تخفَ في أثنائه خافيه / حتى ترى فيه اهتزاز النسيم
وقفت والريح سرت سجسجا / وقفة مبهوت على الساحل
أنظر ما فيه يحار الحجا / في الكون من عالٍ ومن سافل
يا منظراً أضحك ثغر الدجى / ورد سحبان إلى باقل
ما أنت إلا صحف عاليه / كم حار في حكمتها من حكيم
إذا وعتها إذن واعيه / فقد وعت خير كتاب كريم
وزان عرض البحر ما قد بدا / من زورق يجري بمجدافتين
عام بذوب الماس أوقد غدا / يسبح في لجة ذوب اللجين
في صامت الليل جرى مفردا / وبين جنبيه حوى عاشقين
من غادة في حسنها غانيه / تبسم عن لألاء درّ نظيم
ومن فتى أدمعه جاريه / قد صافح العشق بجسم سقيم
قابلها والحب قد شفه / وقابلت طلعة بدر السما
وظلّ يرنو تارةً خلفه / وتارة ينظرها مغرما
ثمّ تدانى واضعاً كفّه / في كفّها يطلب أن يلثما
وخرّ من وجد على الناصيه / وقلبه يركض ركض الظليم
وهي غدت من أجله جاثية / واحتضنته كاحتضان الفطيم
ثم رمى نظرة مسترحم / في الكون عن طرف له حائر
وقال قول الكلف المغرم / في حبّ ذات النظر الساحر
أيتها الأرض قفي واسلمي / من أجل هذا المشهد الزاهر
حتى أرى ليلتنا باقيه / محفوفةً مِن وصلنا بالنعيم
فإن هذي ليلةٌ حاليه / تزهو ببدرين وطلق النسيم
وأنت يا بدر اللطيف السنا / في الجو قف وقفة غير الرقيب
ما أبهج النور وما أحسنا / إذا دنا منك لوجه الحبيب
كأنه ندرة لما دنا / نحو المعالي يبتغيها النصيب
فحاز منها جملةً وافيه / ما حازها من أحدٍ من قديم
وصار يدعى الرجل الداهيه / في الفكر والمجد وخلق عظيم
يا آل مطران لكم ندرة / وأكرم الناس هو النادر
لكن معاليكم لها كثرةٌ / يعجز ان يحصرها الحاصر
من أجلها أمست لكم شهرةٌ / عمّ البرايا صيتها الطائر
حيث معاليكم غدت قاضيه / لكم على الناس بفضل عميم
فراية المجد لكم عاليه / و ندرة الشهم عليها زعيم
يا من بنى المجد فأعلى البنا / فكان أعلى الناس في مجده
اِقبل من العبد جميل الثنا / وإن يكن قصّر عن حدّه
ومُره ثم احكم به أن ونى / ما يحكم السيّد في عبده
إذ أنت بالمنقبة الساميه / قد خصّك الله العزيز العليم
فاهنأ ودم عيشة راضيه / رغم المعادي وسرور الحميم
قد كانت الأغصان مخضرّةً
قد كانت الأغصان مخضرّةً / وكانت الطير بها تسجع
فصارت الأوراق مصفرّةً / تُسقطها الرادة والزعزع
ثم غدت جرداء مزوَرّةً / والغيم أمست عينه تدمع
من أجل هذا المشهد المحزِن /
والليل قد طال على من شتا / وصار ليلاً بارداً مظلما
لعلّ هذا الرعد مُذ صّوتا / هرّب منه تلكم الأنجما
علام قد غيّم ليل الشتا / فارتاعت الأنجم مذ غيّما
واحتجبت فيه عن الأعين /
والريح من برد الشتا صرصر / والجوّ يبدو عابساً مطرقا
قد حار فيه الترب المعسر / إذ لم يجد فيه له مرفقاً
يا أيها الناس ألا فأذكروا / من كان منكم في الشتا مملقا
وأحسنوا فالفوز للمحسن /
أن الشتا أرحم للمعدٍم / منكم وأن أوجعه برده
لأنه بالعارض المسجم / ينبت زرعاً يرتجى حصده
حتى تفوز الناس بالأنعم / مما لهم أنبته جَوده
ويشبع المعدم والمغتني /
هذي بلودان وذا نزلها
هذي بلودان وذا نزلها / تلقي به الأنفس ما تهوى
من روضة تنعش روح الفتى / وعيشة ممحوّة الشكوى
ومن جمال كل من راءه / يبلغ منه الغاية القُصوى
ومن نسيم طيّ هبّاته / تسمع أذني للهوى نجوى
ومن علوّ في ذرا هَضْبه / لن يجد الطير بها مثوى
قد عانقته سدرة المنتهى / وغازلته جنّة المأوى
من حلّ فيه وادّعى خلده / كان لعمري صادق الدعوى
يبتسم الأنس بلا حشمة / فيه على مرأىً من التقوى
خلاعة في طيّ كتمانها / لا يفعل الفحش ولا ينوي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025