المجموع : 3
مَنْ سَلَبَ الأعْيُنَ أنْ تَهْجَعَا
مَنْ سَلَبَ الأعْيُنَ أنْ تَهْجَعَا / وبَزَّ ذَاتَ الطَّوْقِ أنْ تَسْجَعَا
ومَنْ رَمَى بالشوْكِ في مَضْجَعِي / فَبِتُّ مَكْلُومَ الْحَشَا مُوجَعَا
رَوَّعَني واللَّيْلُ في زِيِّهِ / مِنْ مُرْجِفاتِ الْخطْبِ ما رَوَّعا
طاحَتْ بِأَهْلِ الْغَرْبِ نارُ الْوَغَى / وهَبَّت الريحُ بِهِمْ زَعْزَعا
طافَ عَلَيْهِمْ بالردَى طائِفٌ / فَاخْتَرَمَ الأَنْفُسَ لَمَّا سَعَى
وصاحَ فيهِمْ لِلتَّوَى صائِحٌ / فَصَمَّتِ الأَسْماعُ مُذْ أَسْمَعا
في البْبَرِّ في الْبَحْر ومِنْ فَوْقِهِمْ / لم يَتْرُكِ الْمَوْتُ لَهُمْ مَوْضِعا
يجَْمَعُهُمْ جَبَّارُهُمْ عَنْوَةً / وإنَّما لِلْمَوْتِ مَنْ جَمَّعا
يَحْسُو دَمَ الْقَتْلَى فَأَظْمِىءْ بِهِ / ويَنْهَشُ اللَّحْمَ فما أَجْشَعَا
لم يَكْفِهِ رُمْحٌ ولا مُرْهَفٌ / فاتَّخَذَ الْمنطادَ والْمِدْفَعا
وَخَبَّ فِيها راكِباً رَأْسَهُ / لِلشرِّ ما خَبَّ وما أَوْضَعا
قَدْ غَصَّتِ الأرْضُ بأشْلاَئِهِمْ / وأصْبَحَ الْبَحْرُ بِهَا مُتْرَعَأ
وآن لِلْعِقْبَانِ أَنْ تَكْتَفي / وآنَ لِلْحِيتَأن أنْ تَشْبَعَا
صَوَاعِقُ الْمُنْطَادِ لا تُتَّقَى / وصَوْلَةُ الأَلْغامِ لَنْ تُدْفَعَا
أُطْلِقَ عَزْرائِيلُ مِنْ قِدِّهِ / يَرْتَعُ أَنَّى شاءَ أَنْ يَرْتَعَأ
تطْرِبُهُ الْحَرْبُ بأَزْجالِها / ويَسْتَبِيه السَّيْفُ إِنْ قَعْقَعَا
كَأَنَّما في صَدْرِهِمْ غُلَّةٌ / أَبَتْ بِغَيْرِ الْمَوْتِ أَنْ تُنْقَعَا
كَأَنَّهُمْ سِرْبُ قَطاً عُطَّشٍ / صَادَفْنَ مِنْ وِرْدِ الرَّدَى مَشْرَعَا
كَأَنَّهُمْ والنَّارُ مِنْ حَوْلِهِمْ / جِنٌّ تَأَلَّوْا أنْ يَبِيدُوا مَعَا
صارُوا مِنَ الْعِثْيَرِ في ظُلْمَةٍ / لا تُبْصِرُ الْعَيْنُ بِهَا الإِصْبَعَا
كَمْ فارِسٍ يَمْرَحُ في سَرْجِهِ / يَهْتَزُّ كَالْغُصْنِ وقَدْ أَيْنَعَا
كَأَنَّهُ الصَّمْصَامُ إذْ يُنْتَضَى / وعامِلُ الرُّمْحِ إِذا أُشْرِعَا
ما ضَنَّ بالرِّفْدِ على وَافِدٍ / ولا لَوَى حَقَاً ولا ضَيَّعَأ
تَمْشِي بَناتُ الْحَيِّ في إِثْرِهِ / يَرْشُقْنَهُ بِالزهْرِ إِذْ وُدِّعا
مِنْ كُلِّ بَيْضاءِ الطُّلَى طَفْلَةٍ / أَسْطَعَ مِنْ بَدْرِ الدجَى مَطْلَعا
تَكُفُّ غَرْبَ الدَّمْعِ أَنْ يُرْتأَى / وتَحْبِسُ الزفْراتِ أنْ تُسْمَعا
لَجَّ بِهِ الْمَوْتُ فَأوْدَى بِه / وحَزَّ مِنْهُ الليتَ والأَخْدَعا
ماتَ فلا قَبْرٌ لَهُ ماثِلٌ / ولا بَكَى الْباكِي وَلا شَيَّعَا
سَلْ لِيجَ ما حَلَّ بأرْجائِها / فَقَدْ غَدَتْ أَرْجاؤُها بَلْقَعَا
واسْأَلْ نَمُوراً ما دَهَى أَهْلَها / فقدْ نَعاهَا البَرْقُ فيما نَعَى
وسائِلِ الروْضَ ذَوَى نَبْتُهُ / وسائِلِ الأَطْلالَ والأَرْبُعَا
باريسُ والْعُسْرَى إِلَى يَسْرَةٍ / وغايَةُ الْعارِضِ أَنْ يُقْشِعَا
أَعَزَّكِ الْخَطْبُ بِأَوْجالِهِ / وَكُنْتِ عُشَّ النسْرِ أَوْ أَمْنَعا
كُنْتِ لِطُلاَّبِ الْهُدَى مَعهَداً / وَكُنْت رَوْضاً لِلْهَوَى مُمْرِعا
ما أحْسَنَ السِينَ وجِيرَانهُ / وأَحْسَنَ الْمُصطَافَ والْمَرْبَعا
أَرِيعَتِ الْحَسْناءُ في خِدْرِها / نَعَمْ دَعاها الذعْرُ أَنْ تَهْلَعَا
عَهْدي بِها كانَتْ نَؤُومَ الضُحَى / مَلُولةً ناعِمَةً رَعْرَها
ما خَطْبُها والنارُ مِنْ حَوْلِها / والْمَوْتُ لم يَتْرُكْ لها مَفْزَعا
ضَرَاغِمَ الْماءِ ثِبُوا وَثْبَةً / آنَ لِهَذَا الْغِيل أَنْ يُمْنَعا
دَعَاكُمُ الْجَارُ فَكُنْتُمْ إِلَى / دُعائِهِ مِنْ صَوْتِهِ أَسْرَعا
وَسِرْتُمُ لِلْمَوْتِ في جَحْفَلٍ / ما ضَمَّ رِعْدِيداً وَلاَ إِمَّعا
مِنْ كلِّ شَعْشَاعٍ خَفِيفِ الْخُطَا / ذِي مِرَّةٍ مُنْجَرِدٍ أَرْوَعا
لَوْ مَادَتِ الأَجْبَالُ مِنْ تَحْتِهِ / أَوْ خَرَّتِ الأفْلاَكُ ما زُعْزِعا
سَلُوا بِحَارَ الأرْضِ عَنْ مَجْدِكُمْ / إِنَّ بِهَا سِرَاً لَكُمْ مُودَعا
كَانَتْ وَلاَ زَالَتْ لَكُمْ سَاحَةً / تَبْنُونَ فِيها الشرَف الأفْرَعَا
تَهْوَى طُيُورُ الْماءِ أَعلاَمَكمْ / فَتَقْتَفِيهَا حُوَّماً وُقَّعا
قَدْ طافَ نِلْسُنْ حَوْلَ أُسْطُولكُمْ / مُسْتَصْرِخاً غَضْبَانَ مُسْتَفْزِعا
يُغْضِبُهُ يا خَيْرَ أَشْبالِهِ / أَنْ يَبْلُغَ القِرْنُ بِكُمْ مَطْمَعا
يَا خَالِقَ النَّاسِ طَغَى شَرُّهُمْ / فَاهْدِ الْحَيارَى واكشِفِ الْمَهْيَعا
لم يُشْبِهُوا الإِنسانَ في خَلَّةٍ / وأَشْبَهُوا الْحَيَّاتِ والأَسْبُعا
قَدْ رٌفِعَ الإِحْسانُ مِنْ بَيْنِهِمْ / وأوشَكَ الإِيمانُ أَنْ يُرْفَعا
لَولاَ سَنَا هَدْيِكَ في بَعْضِهمْ / لَدُكَّتِ الأرْضُ بِهِمْ أَجْمَعا
أطَلَّتِ الآلامُ من جُحْرِهِ
أطَلَّتِ الآلامُ من جُحْرِهِ / وَلُفَّتِ الأسْقامُ في طِمْرِهِ
بُرْدَتُهُ الليل على بَرْدِه / وكِنُّهُ الْقَيْظُ على حَرِّه
مُشَرَّدٌ يَأوِي إلى هَمِّهِ / إذا أوَى الطيرُ إِلى وَكْرِه
ما ذاق حُلْوَ اللثْم في خَدِّهِ / ولا حنانَ المَسِّ في شَعْرِهِ
وَلاَ حَوَتْه الأمُّ في صَدْرِها / ولا أبٌ ناغاهُ في حِجْرِه
قد صَبَرَ النفْسَ على ما بها / وانتظَر الموعودَ من صَبْرِه
البَطْنُ مهضومٌ طواه الطَّوَى / ونامَ أهلُ الأرضِ عن نَشْرِهِ
والوجهُ لليأْسِ به نَظْرَةٌ / يَقذِفُها الْحِقْدُ على دَهْرِه
جَرَّحه الدهرُ فمِنْ نَابِه / تلك الأخاديدُ ومن ظُفْره
قد كتب اللّهُ على خَدِّه / خَطّاً يَبِينُ البُؤُسُ في سَطْرِهِ
وغار ضوءُ الحِسِّ من عَيْنهِ / وفرَّ لَمْحُ الأُنسِ من ثَغْرِه
والبشرُ أين البِشْرُ وَيْحي له / يا رحمةَ اللّه على بِشْرِهِ
يجرُّ رِجْلَيْه بَطيء الْخُطَا / كالْجُعَلِ المكْدُودِ من جَرِّه
إِن نام أبْصرتَ به كُتْلَةً / تجمعُ ساقَيْهِ إلى نَحْرِه
احتَبَسَتْ أوَّاهُ في قَلْبِهِ / واختنقت ويْلاهُ في صَدْرِه
وجفَّ ماءُ العَيْنِ في مُوقِها / ماذا أفَاد العينَ من هَمْرِه
سالت به نَهراً على لُقْمةٍ / فعادَ كالسائلِ في نَهْره
لا يَجِدُ المأوَى ولو رَامَهُ / أحالَهُ الدهر على قَبْره
هناك يَثْوِي هادئاً آمِناً / من شَظَفِ العَيْشِ ومن وَعْرِه
فكم بصدر القَبْر من ضَجْعةٍ / أحنى من الدهر ومن نُكْرِهِ
مَتْعَبَةُ الإِنسانِ في حِسِّهِ / وشِقْوةُ الإِنسان من فِكْرِه
كيف يُرجَّى الصفْوُ من كَائنٍ / الْحمَأُ المسنونُ في ذَرِّه
لم يَسْمُ للأملاك في أوْجِهَا / ولا هَوَى للوَحْشِ في قَفْرِه
رام اللبابَ المَحْضَ من سَعْيِهِ / فلم يَنَلْ منه سِوَى قِشْرِه
يسعَى وما يَدْرِي إلى نفعِهِ / سَعَى حَثِيثاً أم إِلى ضَرِّهِ
آمنتُ باللّه فكم عالِمٍ / أعجزه المحجوبُ من سِرِّه
اللّه في طِفْلٍ غزاهُ الضَّنَى / بأدْهَمِ الخَطْبِ ومُغْبَرِّه
في ظُلُماتٍ مَوْجُها زاخرٌ / كأنّهُ ذو النُّونِ في بَحْرِهِ
والناسُ بالشاطىء من غافلٍ / أو ساخر أمْعَنَ في سُخْره
والمَوْجُ كالذُؤْبانِ حَوْلَ الفتى / يسدُّ أُذْنَ الأُفْقِ منْ زَأرِه
نادَى وما نادَى سوَى مَرَّةٍ / حتّى طواهُ اليَمُّ في غَمْرِه
تظنُّه طِفْلاً فإن حقّقَتْ / عيناكَ لم تَعْثُرْ على عُشْرهِ
كأنَّه الشّكُّ إِذا ما مَشَى / أو ما يَرى النائمُ في ذُعْرِه
طَغَى به الجوعُ ففي دَمْعِهِ / ما فعلَ الجوعُ وفي نَبْرِه
واهاً لكفٍ لَصِقَتْ بالثرَى / وائْتَدَمَتْ بالبُؤْسِ من عَفْرِه
ماذا على الإحسانِ لو ردَّها / نَديْةَ الأطْرافِ من بِرِّهِ
ماذا على الإِحسان لو ردَّها / رَطيبةَ الألْسُنِ من شُكره
كم بَسْمَةٍ أرسلَها مُحْسنٌ / أزْهَى من الروْضِ ومن زَهْرِه
ولُقْمةٍ سدَّتْ فما جائعاً / رجَّحَتِ المِيزانَ في حَشْره
ومِنَّةٍ كانت جَنَاحاً له / طارَ بهِ الذائعُ من ذِكْرِهِ
ودَمْعةٍ يُذْرِفها مُشْفِقاً / أصْفَى من المَذْخُورِ من دُرِّه
لا تُزْهِرُ الجنةُ إِلاّ بما / يَسْفَحُه الباكِي على وِزْره
لو عَرَفَ الإِنسانُ ما أجرُه / ما ضَنَّ بالنفْسِ على أَجْرِه
يبقَى قليلُ المالِ مِنْ بَعْدِهِ / ويَذْهَبُ المالُ على كُثْرِهِ
بِيضُ أيادِي المرْءِ في قَومِهِ / أغْلَى من البِيضِ ومن صُفْرِه
والحُرُّ لا يَنْعَمُ في وَفْرِه / حتى يَنالَ الأحْداثُ عن قَدْرِه
والناسُ كالماءِ فمن ضَحْحضَحٍِ / ومن عَميقٍ حِرْتُ في سَبْرِه
ليس الذي يُنْفِقُ من يُسْرِه / مِثْلَ الذي يُنْفِقُ من عُسْره
كم دِرْهَمٍ أُلْقِيَ في سِجْنِهِ / ولم يَنَلْ عَفْواً مَدَى عُمْرِه
لم يَرَ حُسْنَ الصُّبحِ في شَمْسِه / ولا جَمالَ الليلِ في بَدْرِه
يطْمَعُ وَخْزُ الجوعِ في وَصْلِهِ / ويُرْسِلُ الزَّفْراتِ من هَجْرِهِ
والمالُ كالْخَمْرِ إذا ما طَغَى / ضاقت فِجَاجُ الأرضِ عن شَرِّه
متى يَهُبُّ العقلُ من نَوْمِه / أو يستفيقُ المالُ من سُكْرِه
متى أَرَى النفسَ وقد أُطْلِقَتْ / من رِبْقَةِ المالِ ومن أسْرِه
متى أرَى الْحُبَّ كضَوْءِ الضُّحَى / كُلُّ امْرِىءٍ يَسْبَحُ في طُهْرِه
متى أرَى الناسَ وقد نُزِّهُوا / عن شَرَهِ الذئبِ وعن غَدْرِه
أُخُوَّةُ الغُصْنِ إِلى صِنْوِهِ / وبَسْمَةُ الزهْرِ إِلى قَطْرِهِ
ورَحْمَةٌ رَفّافَةٌ لم تَدَعْ / قلْباً يُوارِي النارَ في صَخْرِهِ
لا يُحْسَدُ الجاهُ على مالِه / أو يُنْهَرُ الْبُؤْسُ على فَقْرِهِ
كم شارِدٍ في مِصْرَ يا كُثْرَه / من عَدَدٍ يَسْخُر مِنْ حَصْرِه
ذَخِيرةُ الأمة أبناؤها / ماذا أفادَ النيلُ من ذُخْرِه
ماذا أفادَ النيلُ من ساعدٍ / أسْرَعَ مِنْ ضِغْثٍ إِلى كَسْرِه
وأَرْجلٍ أوْهَنَ من هَمْسةٍ / ومن نسيم الصبح في مَرِّه
ومن فتاةٍ فَجْرُها لَيْلُها / ومن غُلامٍ ضَلَّ في فَجْرِه
ألْقَتْهُ مِصْرٌ هَمَلاً ضائعاً / فصال يَبْغِي الثارَ مِن مِصْرِهِ
غاصَ من الآثامِ في آسِنٍ / يَكرَعُ مِلْءَ الفَمِ من مُرِّه
أسرَى من الليل وأمْضَى يَداً / من عَبَثِ الليل ومن مَكْرِه
كم ضاق من شِقْوَته عَصْرُهُ / وضاق بالسُّخْطِ على عَصْرِه
شَجاً بِحَلْقِ الوَطَنِ الْمُفْتَدَى / وشَوْكَةٌ كالنَّصْلِ في ظَهْرِه
مدْرَسةُ النشْلِ وَسَلِّ المُدَى / أسَّسَها الشيْطانُ في جُحرِه
إذا هَوَى الْخُلق وضاع الحِجَا / فكلُّ شَيْءٍ ضاع في إثْرِه
من يُصْلِح الأُسْرةَ يصْلِحْ بها / ما دَمَّرَ الإِفسادُ في قُطْرِهِ
جنايةُ الوالدِ نَبْذُ ابنهِ / في عُسْرِه إنْ كان أو يُسْرِه
لا تَتْرُكُ الذِئْبَةُ أجْراءَها / ولا يغيبُ الكلبُ عن وَجْرِه
البَيْتُ صَحْراءُ إذا لم تَجِدْ / طفُولةً تَمْرَحُ في كِسْرِه
فعاقبوا الآباءَ إنْ قصَّروا / لابُدَّ للسادِرِ من زَجْرِه
وأنقذوا الطفْلَ فما ذَنْبُه / إِنْ جَمَحَ الوالدُ في خُسْرِه
رَبُّوهُ يَنْمو ثَمَراً طيِّباً / لا ييأسُ الزراعُ من بَذْرِهِ
وعلِّموهُ عَملاً صالحاً / يَشُدُّ إن كافَحَ من أَزْرِه
ربُّوه في الريفِ لعلَّ القرَى / تُصْلِحُ ما أَعْضَلَ من أمْرِه
النفْسُ مِرْآةٌ وغُصْنُ النَّقَا / يَطيبُ أو يَخْبُثُ من جذْرِه
لعلّ هَمْسَ الغُصنِ في أُذْنِه / يُنْسِيهِ ما أضْمَرَ من ثَأْرِه
لعلّ أنْفاسَ نسيم الرُّبا / في صَدْرِه تُبْرِدُ من جَمْرِه
النيلُ يستنجِدُ مُسْتَنْصِراً / فأَسْرعوا الْخَطْوَ إلى نَصْرِه
لا يذهبُ المعروفُ في لُجَّةٍ / ولا يَكُفُّ الْمِسْكُ عن نَشْرِه
قُمْ وَانْثُرِ الزهْرَ عَلَى لَحْدِهِ
قُمْ وَانْثُرِ الزهْرَ عَلَى لَحْدِهِ / وَابْكِ مَضَاءَ الْعَزْمِ مِنْ بَعْدِهِ
هذا نَجيِبٌ قَدْ ثَوَى مُفْرَداً / كَأنَّهُ الصمْصَامُ في غِمْده
مَقْصَدُهُ ضاق بِهِ جِسْمُهُ / وَنفْسُهُ أَكْبَرُ مِنْ قَصْدِهِ
كانَ عِصَامِياً بَعِيدَ الْمَدَى / لا يَبْلُغُ الطرْفُ مَدَى حَدِّهِ
يعْمَلُ كالنحْلةِ لا يَنْثَني / وَكَمْ جَنَيْنَا الْحُلْوَ مِنْ شَهْدِهِ
ملَّ نَهَارُ الْقَيْظِ مِنْ كَدِّهِ / وَضَجَّ نَجْمُ الصبْحِ مِنْ سُهْدِهِ
رَأَيٌ يُريكَ اللَّيْلَ شمْس الضحى / وَهِمَّةٌ كَالنجْم في بُعْدِهِ
وَطُهْرُ نَفْسٍ إِنْ تُرِدْ وَصْفَهُ / فَانْظُرْ إلى الطلِّ عَلَى وَرْدِهِ
كانَ أَباً بَرّاً يَعافُ الكرَى / لَوْ مَرَّتِ الريحُ عَلَى وُلْدِهِ
عَلّمَهُمْ كَيْفَ يُحِبُّونَهُ / وَكَيْفَ يَبْكُونَ عَلَى فَقْدِهِ
لا بَرحَتْ ذِكْرَاهُ مِلْءَ النهَى / ولا خَلاَ مَغْنَاهُ مِنْ مَجْدِه