القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صُرَّدُر الكل
المجموع : 16
قد طال للماطلِ أن يُقتَضَى
قد طال للماطلِ أن يُقتَضَى / وأن يعافِى من أَمرضا
سلُوا الذي حالفني في الهوى / بما الذي كفَّر إذ أعرضا
ملآن غيظا وفؤادى به / مقلَّبٌ في جمَراتِ الغضا
نادِ على نفسك هذا القِلَى / جزاءُ من حَكَّم أو فَوَّضا
صاحِ ترى برقاً على جاسمٍ / كأنّه هِنديَّةٌ تُنتَضَى
أَذكرنى عهدَ عقيقِ الحِمىَ / ولا يُعيد الذكرُ ما قد مضَى
سرَى مع الطيف فهذا لمن / سهَر والطيفُ لمن غمَّضا
إن لم يكن شجوِى فقد شاقنى / سيّانِ مَن قاتَل أو حرَّضا
تالله لو تُضمِرُ أحشاؤه / ضميرَ أحشائى لَمَا أومضا
حىِّ غزالا بين أجفانه / أسنَّةُ الحيَن وسيفُ القضا
رامٍ وما القارةُ آباؤه / يَستغرق السهمَ وما أنبضا
إياك تلقاه بلا جُنَّةٍ / خوفَ سلاحَىْ سُخطه والرِّضا
ما تُجمعُ الأضدادُ والرأس لِمْ / قد جمَعَ الأسودَ والأبيضا
كأَنّ فرعِى حَلبةٌ أرسلوا / دُهما وشُهبا فوقها رُكَّضا
طالبةً شأوَ امرىء سابقٍ / كلُّ جَناح خَلفَه هُيِّضا
شيَّدتِ الآباء من قبله / له البناءَ الأطولَ الأعرضا
مَعاشرٌ كانت مساعيهُمُ / أغطيةَ الأرض وحشوَ الفضا
مذ غمسوا في الماء أطرافَهم / ما أَجَنَ الماءُ ولا عَرْمَضا
لو وطِئوا الضخر بأقدامهم / أو لمَستهُ راحُهم رَوّضا
لم تعدَم الدنيا ولا الدينُ مِن / أبنائهم وزارةً أو قَضا
بينا ترى أقلامَهم رُفَّفا / حتى ترى أسيافَهم حُيَّضا
ولم يزل واطىءُ أعقابهم / ينهَض حتى لم يجد مَنهَضا
طاب ثَراه فنما فرعُهُ / ويُخرِج الزُّبدةَ من أمخضا
محكَّم في العلمِ إن شاء أنَّ / يختلَّ في مَرعاه أو يُحمِضا
كِنانةُ الآداب في كفِّه / متى رمَى أسهمَها أَغْرَضا
يَفهم مَغزَى القول من قبل أن / يُرفعَ أو يُنصَب أو يُخفَضا
إيهٍ أبا نصرٍ وأنت امرؤٌ / لا يسترِدُّ الدهرُ ما أَقرضا
منحتنى الودَّ فجازيتُه / بالشكر والمُثنِى كمن عَوّضا
خيمَّ في قلبي نظيرٌ له / مذ عقَد الأَطنابَ ما قَوَّضا
مثل خلال فيك اثوابها / أَبَى لها التطهيرُ أن تُرحَضا
وكلُّ ما يبنيهِ هذا الهوى / بالنأىِ والتفريقِ لن يُنقَضا
لا ينفَع القربُ بجسمٍ إذا / لم يك قلبٌ مُصْغيا مُنِغضا
كم من بعيدٍ عاشقاً وامقا / ومن قريبٍ شائنا مبغضا
ما زُخُرفُ القول بمُجْدٍ وقد / غُيّض في الأحشاء ما غُيِّضا
والسيفُ إن كانَ كَهاما فهل / يُمضيه أن أُذِهبَ أو فُضِّضا
أُنبئْتُ رَيْبا فىَّ جَمْجَمْتَهُ / ويبلُغُ التصريحَ مَن عَرَّضا
مرَّ كما مرَّ نسيمُ الصبا / مزعِزعا بالرِّفقِ ماءَ الأضى
دُعابةٌ ساءت ظنونى لها / ما ألينَ السيفَ وما أَجْرضا
لم أدر إنسانٌ به ناطقٌ / أم حيَّة القُفِّ الذي نَضنَضَاَ
لكنّ سمعِى قاء ما قاله / كأنه بالصاب قد مُضمِضا
يروعنى عتبُ خليلى ولا / يروعنى الليثُ إذا قَضقضا
وتسكُن الأسرارُ منّى حشىً / ليس بهنّ مُخدَجا مُجهَضا
هيهات ما الزورُ حُلَى شيمتى / ولا لباسُ الغدر لي مَعرِضا
ولا لَبونى بالأسى حافلا / ولا عِشارى بالمنى مُخَّضا
معترفٌ بالحقّ من قبل أن / يوجَبَ للصاحب أن يُفرَضا
وكيف أجفو من هو الروح إن / فارقِت الجسمَ فُواقا قضى
ما الذنبُ إلا للزمان الذي / إن ألبس الإناسن ثوبا نَضا
تقلَّبتْ بى كلُّ حالاتهِ / وليس فيها حالةٌ تُرتَضَى
إِما علىَ رَمضائه ماشيا / أو راكبا شامسةً ريِّضا
من يكن الدهر له ماتحا / لا بدّ أ يشرَب ما خَوّضا
جُلْ في طِلاب الرزق تَظفَرْ به / فالسَّجلُ مملوءٌ إذا خُضْخِضا
لطال جوعُ الأُسْدِ لو اصبحت / وأعتمتْ في خِيسها رُبَّضا
أذمُّ أيامى على أننى / لأَحمدُ الله على ما قضى
قالوا وزيرانِ هوَى نجمُ ذا
قالوا وزيرانِ هوَى نجمُ ذا / ونجمُ هذا قد علا طالعا
كذلك الدهرُ يُرَى خافضا / طورا وطورا قد يُرَى رافعا
قلتُ قياسٌ ويحْكم زِبْرِجٌ / جوهرُه لا يقبلُ الطابعا
هذا أتى من آمدٍ ساميا / وذا أتى من فارسٍ خاضعا
كم بين من وُلِّىَ من فوقها / فقرَّ في مركزها وادعا
وبين من رُقِّىَ من تحتها / فخرَّ من ذِروتها واقعا
نطَّرِحُ الباطنَ ما بيننا / ونستفيدُ الظاهر الذائعا
ابِن جَهيرٍ وابنُ دارسْتِكم / بأىِّ لفظٍ يُعجِبُ السامعا
أليس مطبوعا على قلبه / من ظنَّ تيسا أسدا رائعا
ما فاز بالحمدِ ولا نالَهْ
ما فاز بالحمدِ ولا نالَهْ / من عِشقتْ راحتُه مالَهْ
لا والذي يرضَى لمعروفهِ / أن يفتح السائلُ أقفالَهْ
تِرْبُ المعالي من له في النَّدَى / بادرةٌ تُخرِسُ سُؤَّالَهْ
بفاجىء الراجي بأوطارِه / كأنّه وسوَس آمالَهْ
مُنْيتُهُ للطارق المجتدى / أن يُدرجَ الأرضَ فتُطوَى لَهْ
مثل عميدِ الدولةِ المرتقِى / بحيثُ أرسَى المجدُ أجبالَهْ
ذو الرأى قد شدَّ حيازيمَهُ / يصارع الدهرَ وأهوالَهْ
إذا عَرا خطبٌ تصدَّى له / يوقدُ في جُنحِيْه أجذالَهْ
مُصيبُ سهم الظنِّ لا ينطوى / غيبُ غدٍ عنه إذا خالَهْ
كأنَّ في جنبيه ماويَّةً / تريه مما غاب أشكالَهْ
بازلُ عامين ارتضَى وخدَه / في طَرْقه العزَّ وإقبالَهْ
لا يشهدُ المغنمَ إلا لكي / يقسِمَ في الغازين أنفالَهْ
إذا زعيمُ الجيش حامَى على / مِرباعه أنهبَ أموالَهْ
فعادةُ الجود وإسرافُه / قد كثرَّا بالشكر إقلالَهْ
سامٍ إذا تِهتَ عليه وإن / وادعتَه طأطأ شِملالَهْ
كأنما أقسمَ حبُّ العلا / عليه أن يُتعِب عُذّالَهْ
فلا يَنْوا عنه عتابا ولا / أقوالُهم تزجُر أفعالَهْ
كم قد عرَتْه من يدٍ أتلفتْ / درهمَه فيه ومثقالَهْ
خرَّفَ حتى حقروا عنده / مَنْ وزَن المالَ ومَن كالَهْ
مشتبهُ الأطرافِ أعمامُهُ / يظنُّها القائفُ أخوالَهْ
إن جذَب الفخرُ بأبرادهِم / فكلُّهم يسحبُ سِربالَهْ
في كلِّ جمعٍ صالحٍ هاتفٌ / ما يأتلِى يضربُ أمثالَهْ
أما ترى الرقشاءَ في كفَّه / كأنها سمراءُ ذَبَّالَهْ
إذا تثنَّتْ فوق قِرطاسِها / رأيتَها بالفضلِ مختالَهْ
فتارةً تشَفِى بِدرياقِها / وتارةً بالسُّمِّ قتَّالَهْ
ينِفُثُ في أطرافِها رُقيةً / تعالجُ العِىَّ وأغلالَهْ
قد صيَّرت سحبانَ في وائلٍ / كأنّه عَجماءُ صَلصالَهْ
لا رجَعتْ نُعماه حَسرَى كما / راجعَ هذا القلبُ بَلبالَهْ
عاودَه من دائه نَكسُهُ / من بعد أن شارف إبلالَهْ
ولو صحا طورا لعنَّفتُه / في حبّه بيضاءَ مِكسالَهْ
أو رشأً قد لثَّموا وجهَه / فجاء مثلَ البدر في الهالَهْ
أبعْدَ ما عمَّم كافورُهُ / رأسى وأعفَى الرأسُ صَقَّالَهْ
أجيبُ طيفا زار عن زروةٍ / وأسأل الربعَ وأطلالَهْ
ويطرُدُ التحصيلَ من خاطري / صهباءُ أو صفراءُ سلسالَهْ
وليس خِدْنى بالهِدانِ الذي / هجوعُه يألفُ آصالَهْ
لا يترجَّى الضيفُ إمراعَهُ / ولا يخاف الجارُ إمحالَهْ
لكنّه الأشعثُ في سِربهِ / يحدو إلى العلياء أجمالَهْ
يبيت ضبُّ القاع من خوفهِ / مستثفرا دهماءَ شوَّالَهْ
أشهَى له من قَينةٍ مطربٍ / عناقُهُ جرداءَ صَهَّالَهْ
قد عاشر الوحشَ بأخلاقه / وباين الحيَّ وجُهَّالَهْ
كلٌّ له في سعيِه مَذهبٌ / وكلُّ عيشٍ فله آلَهْ
وهذه الأيامُ إن حُقِّقت / شرّابَةٌ للخلق أكَّالَهْ
أكرِمْ بوجه الراكبِ المُعِنقِ
أكرِمْ بوجه الراكبِ المُعِنقِ / يخبرُنا أنَّا غداً نلتقى
حجابُ قلبي فُزْبهِ خلِعةً / فتحفةُ البشرَى على الشيِّقِ
تُراهُمُ زمُّوا بحملِ الصَّدَى / رسالةَ العانى إلى المطلَقِ
واستفهموا الطيف وقالوا له / تعلَم من عشَّاقِنا مَن بقِى
أنا الذي ضمَّتْ غَداةَ النقا / حبائلُ الأسِر ولم أُعتقِ
وكلَّما أثبتَ راميهمُ / أسهمَه قلتُ له فَوِّقِ
ما أحذقَ الطاهي الذي عندكم / أنضجَ بالنار ولم يُحرِق
ليس أخمَى إلا بُسكَّانهِ / والشمسُ منها بهجةُ المَشرقِ
علىّ عَقْرُ البُدْن إن اصبحت / خيامُهم وهي رُبَى الأبرقِ
مثل الأَداحىّ وبيضاتُها / تُحصنُ بالأبيضِ والأزرقِ
يا ماتحَ الماءِ عدِمتَ الرِّوَى / من جَفْر هذا القَلبِ كم تستقىِ
من شيمة الماءِ انحدارٌ فلِمْ / ماءُ فؤادى أبدا يرتقِى
تحسبُ في أجفانيَ السُّحبَ أو / جودَ عميدِ الدولةِ المغدقِ
وعيشِكم لا ورَد الحُوَّمُ
وعيشِكم لا ورَد الحُوَّمُ / مناهلا غُدرانُها تبِسمُ
ولا رعت هُمَّلُ أبصارِهم / في روضةٍ نُوّارُها أسهمُ
رويدكم إن الهوى مَعَركٌ / يُعدَم فيه ألأجرُ والمغنمُ
وإنما تأويلُنا أنّه / يحِلُّ للمضطرّ ما يحرُمُ
إنّ أبيّاتِ النفوس التي / أحلَى مناها الحادثُ الأعظمُ
فخوضُها في غَمراتِ الهوى / لأنّه يندُرُ فيها الدَّمُ
من ذا الذي أفتَى عيونَ المها / بأنّ ما تُتِلف لا يُغرَمُ
ساروا بقلبي دون جسمي فما / تنفعنى الجلدةُ والأعظُمُ
واستعذبوا ظلمى فمن أجلهم / أستغفر اللهَ لمن يظلِمُ
ما ضرّهم لو سفَروا ريثما / يَقْبَل عُذرى فيهم اللوّمُ
قال ليَ الأحورُ من بينهم / وما به ألأجرُ ولا المأثمُ
داؤك هذا مَن جناه وَمن / يُبرئه قلتُ الذي تعلَمُ
كم في خيام البدوِ من ظبيةٍ / سِوارها يُشبعه المِعصمُ
حاذرت العَينَ فما إن تُرَى / وخافت السمعَ فما تَبغِمُ
لو فاخرتْ في الليل بدرَ الدجى / لكان بالفضل لها يُحَكمُ
لأنها قد فتنَتْ قومَها / والبدرُ لم تُفتَن به الأنجمُ
ما أصعبَ الإذنَ على منزلٍ / بوّابُه الخَطّىّ واللَّهْذَمُ
لا برِح الوسمىّ عن أرضهم / ولا نأَى عن جوّها المِرزَمُ
أو أُبصرَ الكُثبانَ قد ظُلِّتْ / رَقْما كما يصطنع المُحرِمُ
وبلَّغ اللهُ المنَى فتيةً / نديمُهم في الصبح لا يندمُ
عاطيتهم صهباءَ داريَّةً / قالوا واين الصابُ والعلقمُ
عزُّوا فلو تفِقد أذوادُهم / حاميَها خفَّرها المِيسمُ
وهي على عزّتها بينهم / يُبغَتُ فيها الفدُّ والتوأمُ
ما تبرح الأكوارُ معمورةً / بهم ونيرانُ الوغى تُضرَمُ
سقياً لهم لو أنّ أُمّاتِهم / لا تُطَعم الثُّكلَ ولا تعُقَمُ
تودُّ ذاتُ الحمل لو أنها / يوما بأمثالهم تُتئِمُ
فلست أدرى أُنجبوا شمسةً / أم شِنشِنٌ ورّثَهم أخزمُ
بل من زعيم الرؤساء اقتنوَا / مكارمَ الأخلاق لا منهمُ
إن تُسئل العلياءُ عن نفسها / نقلْ أبو القاسمِ بى أعلمُ
قد أَنزلتْ فيه العلا سُورةً / دقَت معانيها فما تُفهمُ
كأنّما في صدر ديوانه / داودُ في مِحرابه يحكُمُ
بلاغةٌ من حسن إيضاحها / لا تُشكل الخطَّ ولا تُعِجمُ
والفصلُ أن يُنشَرَ قرطاسُهُ / وتَنْبَهَ المُرِّيَّةُ النُّوَّمُ
إذا تحدَّى الغيبَ أفكارُه / فليس بابٌ دونها مُبهَم
كُفيتِ يا سُحْبُ فلا تنصَبى / حسْبُ الثرى تيّارُه الخضِرمُ
قد علِم العُشبُ وضيفُ القِرَى / أيُّكما في الأزمةِ الأكرمُ
تطاولى يا هضَباتِ المُنَى / فهو إلى ذِروتك السُّلَّمُ
محسَّدٌ يغبِط أقلامَه / على يديه الرمحُ والمِخذَمُ
وما الذي بينَهما جامعٌ / هذان بؤسَى وهما أنعمُ
ليس بمحتاجٍ إلى شِكَّةٍ / سلاحُه من ذاته الضيغمُ
إنّ قِداح النَّبع مبرّيةً / لغير مَنْ وَقْصَتُه شَيْهَمُ
وهو إذا هزَّ قنَا كيدِهِ / شاطَ عليها البطلُ المعلِمُ
وقالت الدرعُ لمُجتابها / ما هُزَّ إلآ القدرُ المبرَمُ
وما كُلوم الدهر محذورة / ورأيُه الأعلى لها مِرَهمُ
ولو تشاءُ اصطنعت خيلُه / وليمةً يَشهدُها القَشعمُ
قد صُبغتْ بالنقع ألوانُها / فاشتبه الأشهبُ والأدهمُ
من أُسرةٍ بيت معاليهمُ / يزوره الكافرُ والمسلمُ
مستلَمُ الأركان طُوّافُهُ / بحمدهم لبَّوا كما أنعموا
شُيِّد بالإحسان بنيانُهُ / فكلُّ بيتٍ غيرَه يُهدَمُ
يزدحِم الوفدُ بأرجائه / فعامُهم أجمعه مَوسمُ
لو نحتَتْ صخرتَه آلةٌ / لاستُنبِطتْ في تُربهِ زمزمُ
يا خاتم الأجواد قَولى الذي / به الكلامُ المصطفَى يُختَمُ
بدُرِّ أوصافكِ أمددتَنى / فيه فما بالَىِ لا أنِظمُ
تحيّة النيروز مفروضة / بقدرِ ما يملِكه المعدِمُ
تُهدَى إلى مثلك في مثله ال / أشعَارُ لا الدينارُ والدرهمُ
ليتَ الهوى يصرِفه الراقى
ليتَ الهوى يصرِفه الراقى / إما بحَيْنٍ أو بإفراقِ
رشفُ الثنايا والتزام والطُّلىَ / إن أمكنا أخلاطُ درياقى
يا قارعا بالعذل سمعى ومِن / ورائهِ قلبٌ بأغلاقِ
من أوجب التوبةَ من خمرةٍ / يعصِرها من لحظِه الساقى
كم بالكثيب الفَرْدِ من نابلٍ / أسهمهُ ليست بأفواقِ
وقامةٍ تحسبُها غصنَها ال / وَرقاءُ لو كانت بأوراقِ
وظبيةٍ تنطح قَنَّاصها / من فاحمٍ جَعدٍ بأوراقِ
من كُنْسها صدرى ومن روضها / قلبى ومن غُدرانها ماقى
مأسورَةٍ بالصون في خِدرها / تَحكُمُ في أسرٍ وإطلاقٍ
منّاعةٍ بالحسن أجفانَنا / أن يتقاربن لإطراق
كأنما الأعين إذا أُبرزت / من خِدرها ليست بأطباقِ
أغفلتُ ما حازْته من مهجتى / مخافةً أن تذكُرَ الباقي
وليلةٍ بالهجرِ مُدّتْ فما / يُفنِى مداها سعىُ مشتاقِ
كان شرابي وقِياني بها / دمعي ووُرقا ذات أطواقِ
حتّى محا الصبحُ سوادَ الدُّجَى / كِلَّمةٍ في يدِ حلاّقِ
قلتُ وأطرافُ القنا شُخَّصٌ / ترمقنى عن زُرق أحداقِ
لا أطلبُ الهدنةَ فيها ولو / قامت بها الحربُ على ساقِ
ومِن نِظام المُلك لي جُنَّةٌ / حصينةٌ ما مثلُها واقِ
نِعْم الحِمىَ إن عَرضَت خُطّةٌ / قد لفَّها الليلُ بسوّاقِ
يعتصم الخائفُ من أمنهِ / في قُلّتَىْ عهدٍ ومثياقِ
لا يهجُم السخطُ على حِلمهِ / إن عثرَ الأخمَصُ بالساقِ
ولا يُهزُّ الكبرُ أعطافهَ / وهو على طودِ العلا راقِ
في لفظه والخطِّ مندوحةٌ / عن صارم الحدَّين ذَلاَّقِ
مثلُ سلاح الليث مستوَدعٌ / في الكفّ أو ما بين أشداقِ
أبلجُ فضَّاحٌ سنا نورِه / لسُنَّة البدر بإشراقِ
ذو بهجةٍ غراءَ ميمونةٍ / زيَّنها ديباجُ أخلاقِ
يَحُلُّ ما يبديه من بِشره / عَقْدَ لسان الهائب اللاقى
أبوابهُ للوفد مفتوحةٌ / كأنها أجفانُ عُشّاقِ
تستغلق الرهنَ أفاويقُهُ / إن جُعلَ القَمْرُ لسبَّاقِ
مسافةُ العلياء إن أُقِصيتْ / فهو بها عَمروُ بن بّراقِ
والعيس عيسٌ فإذا زرنه / فإنها أسبابُ أرزاقِ
كم عنده للحمد والشكر من / مواسمٍ قُمنَ وأسواقِ
يأنَفُ أن يُمطر شؤبُوبُه / إلا بأذهاب وأوراقِ
تهلُّلٌ وَسْميُّه موعدٌ / يُولِى بهامى الجودِ غَيداقِ
والسُّحبُّ لا تعطيك معروفَها / إلا بإرعادٍ وإبراقِ
ليس يخيبُ الظنُّ فيه ولا / يعودُ راجيه بإخفاقِ
أضحت صروفُ الدهر مأسورةً / للحسَن القَرْمِ ابن إسحاقِ
قد صيَّر المالَ على حبِّه / طُعمةَ إتلافٍ وإنفاقِ
إذا صروفُ الدهر زعزعنه / صادفنَ قلبا غيرَ خفَّاقِ
أوامرٌ تملؤها طاعةً / أهلُ أقاليم وآفاقِ
ما بين جَيْحونَ فقالِى قَلا / وبين إشآم وإعراقِ
وعزمةٌ عنها صدورُ القنا / تهتزُّ من خوفٍ وإشفاقِ
تُضحى قسىٌّ التُّرك من ثِقلها / تئنُّ في نزعٍ وإغراقِ
والسيفُ مّما كلَّفتْ حدَّه / يكُمنُ في أغمادِ أعناقِ
قد حصَّن الملكَ بآرائه / في شاهقِ الأقطارِ مِزلاقِ
في كلّ يومٍ بأراضى العدا / سَجْلُ دمٍ بالطعن مُهراقِ
مثل بنى الأصفر أودى بهم / أروعُ يُردى كلَّ مرَّاقِ
من تُلَّ منهم فلذئِب الفلا / ومن نجا فرَّ بأرماقِ
بوقعةٍ أُطعِمَ فيها الردى / أرواحَ كُفّارٍ وفُسّاقِ
كم من يدٍ بالقاعِ مبريَّةٍ / وهامةٍ يالشِّعبِ أفلاقِ
ذاق مليكُ الروم من صابها / ما لم يكن قبلُ بذوَاقِ
إن لم تكن لاقيتَ أبطالَها / كنتَ بإقبالك كاللاقى
والشمسُ لا يمنعها بُعدُها / من فعل إنماء وإحراقِ
أيا قِوامَ الدّين دعوى امرىء / لسانُه ليس بمذَّاقِ
اللهَ في غرسك لا تُذوِه / من بعد إثمارٍ وإيراقِ
بك استقامت عُوجُ أفنانه / ومَدَّ في النُّعمَى بأعراقِ
وعبد قِنٍّ لك لم يلتمس / من رقِّهِ راحةَ إعتاقِ
مذ سار عن رَبعكَ أحشاؤه / والقلبُ أُثْفيّةُ أشواقِ
ما اعتاض من عزِّك إلا كما / يُعتاضُ عن سيفٍ بِمخراقِ
تلطَّف الحسَّادُ في سِحرهم / حتى رأوا بالنأى إقلاقي
إن سرّهم فَرّى فمِن بعدِه / يسوءهم كرِّى وإعناقى
ما كنتُ من قبلهمُ خائفا / بينَ غرابٍ غيرِ نغَّاقِ
مَن فيهمُ شأوي ومَن / يحمِل إن حُمِّلَ أوساقى
أشعثُ إحسانك لي أوّلا / فاَجعل بثانى الطَّولِ تَصداقى
حاشا أياديك وما خَوّلتْ / أن أكتسى أثوابَ إملاقِ
شُدُّوا على ظهر الصِّبا رَحلى
شُدُّوا على ظهر الصِّبا رَحلى / إن الشبابَ مطيَّةُ الجهلِ
إن أُحرِزتْ نفسي إلى أمدٍ / دبَّرتُها في الشَّيبِ بالعقلِ
إن المغرَّبَ في مواطنه / من عاش في الدنيا بلا خِلِّ
وإذا الفؤاد ثوى بلا وطر / فكأنه ربعٌ بلا أهلِ
من للظباء سواى يقنِصُها / إن أسكرتني خمرةُ العذلِ
أوغلتُ في خوض الهوى أنَفاً / للقلب أن يبقىَ بلا شُغلِ
وحِذرتُ سُلوانا فسُمتُهُمُ / أن يَحرِمونى لذّةَ الوصلِ
فضَلَتْ دموعى عن مدَى حزَنىَ / فبكيتُ مَن قَتَل الهوى قبَلى
ما مرّ ذو شَجنٍ يكتِّمه / إلا أقول متيمَّ مثلى
يُخفى ولا يَخفىَ على نظرى / عَلمَ الخضوع ومِيسَم الذلِّ
يا فاتكا أضراه أنَّ له / قَتْلَى بلا قَوَدٍ ولا عَقْلِ
لِمَ لا تُريُق دَماً وصاحبُه / لك جاعلٌ في أوسع الحِلِّ
بُعداً لغِزلان الخدور لقد / كُحِلَتْ مَحاجرُهنَّ بالخَتْلِ
يرمين في ليلِ الشبابِ لكى / تَخفَى علىَّ مواقعُ النبلِ
لو لم يُردْ بي السوءَ خالقُها / ما ضمَّ بين الحسن والبخلِ
غِقذف عدوَّك إن أردتَ به / دهياءَ بين الأعين النُّجل
يبلُغنَ كلَّ العُنفِ في لَطَفٍ / ويَنلنَ أقصى الجِدِّ بالهزلِ
هبْهم لَوَوْا وعدِى فطيفهُمُ / من ذا يجسِّره على مطلى
قد كدتُ أُنهِكهُ معاقَبةً / لولا ادّكارى حُرمَة الرُّسْلِ
وعهودُكم بالرَّمل قد نُقضتْ / وكذاك من يبنى على الرملِ
إن ازمعوا صرما فلِمْ عَقدوا / يومَ الكثيب بحبلهم حبلى
لا يوثِق الأُسراءَ بينهُمُ / إلا رِشاءُ الفاحِم الرَّجْلِ
كيف الخلاصُ ومن قدودهِمُ / وخدودهم ونهودهم عقلى
وإذا الهوى ربَط النفوسَ فما / يُغنيك حَلُّ يدٍ ولا رِجْلِ
صحبى الألى أزجَوْا مطيَّهُمُ / حتى أناخوها بذى الأَثْلِ
من يطَّلِعْ شَرَفا فيعلمَ لي / هل روَّح الرُّعيانُ بالإبلِ
أم قعقَعتْ عَمَدُ الخيام أم ار / تفعَتْ قِبابهُمُ على البُزْلِ
أم غرَّد الحادى بقافيةٍ / منها غرابُ البين يستملى
إنى أحاذر من رحليهمُ / ما حاذَرَتْ أُمٌّ من الثُّكلِ
إن كان ذاك فصادَفوا لقَمَا / يعمَى الدليلُ به عن السُّبْلِ
رفقا فلست أُطيق أحملُ ما / حَمَلَ الأجلُّ لنا في الثِّقلِ
وهو الذي كلٌّ يُقرّ له / يومَ الفخار عليهِ بالفضلِ
أَغلتْ مكارمُه المهورَ على / تزويج بِكرِ القول بالفعلِ
وحَبا العفاةَ وهم بدارهمُ / حتى دَعَوه جامعَ الشملِ
يعطيك في عُسُر وفي يُسُرٍ / ويُنيل من كُثْرٍ ومن قُلِّ
مثل السحابةِ ما تُغبُّك في ال / حالاتِ من وبل ومن طلِّ
فكأنما أوحىَ إلى يده / أن تقتلَ الإملاقَ بالبذلِ
شجر من المعروف أنبتها / تختال في ثمر وفي ظلِّ
ومناهلٌ إن يرضَ واردها / بالنَّهْل يجبُرْهُ على العَلِّ
ظنًّا بأن الفرضَ ليس له / حمدٌ وأن الشكرَ للنَّفلِ
لعدوّه وما للصديق به / والغيثُ رزقُ الحَزِن والسهلِ
وإذا السماء غدت كأنّ على / أبوابها قُفلا من المَحْلِ
وجدوا الغمامَ قلائصا غَرِضتْ / بالسير من جهد ومن هُزْلِ
واستحسن الكرماءُ من سَغبٍ / أن يبعثوا بذخائر النملِ
في شَتوةٍ شمطاءَ عانسةٍ / عزَّ الرَّضاعُ بها على الطفلِ
بكَرت أناملهُ بغاديةٍ / تكسو البلادَ مَلاحفَ البَقْلِ
وكأنما الأنواءُ حائلةٌ / عجفاءُ تَرمحُ حالبَ الرِّسْلِ
بلغَ المدى والتابعون له / متعثرون بزَلّة النعلِ
لو قُلّد الشجعانُ عزمَته / لغَنُوا عن الهِندىِّ ذى الصقلِ
حُنِيتْ أضالعُه على همم / مخلوقة للعَقد والحَلِّ
لا يدّعِى إقدامَه أحدٌ / وإن ادعاه فوالدُ الشِّبلِ
ما يذعَرُ الخصماءُ من فُطُمٍ / ترميهمُ بشقاشقٍ تغّلى
أبدا يفِرُّ صريعُ منطقه / منه إلى الخَطّىّ والنَّصلِ
يرنو الزمان إلى معاندِه / حنَقاً عليه بأعينٍ قُبْلِ
في كفِّه صمَّاءُ ضامرةٌ / سرَقَتْ شمائَلها من الصِّلِّ
سمُّ الأساودِ في نواجذها / وإن اغتذت بمُجاجةِ النحلِ
ما حُكِّمتْ في أمرِ مُشكلةٍ / إلا أتت بقضيَّةٍ فَصلِ
من مثلُه لقراع نائبةٍ / فيها فراق العِرْسِ للبَعلِ
هيهات أن تلقىَ مشابَهه / أمُّ الصقورِ قليلةُ النسلِ
أىُّ لبيبٍ بك لم يُخدَعِ
أىُّ لبيبٍ بك لم يُخدَعِ / وأيُّ عين فيك لم تدمَعِ
لا أمدح اليأسَ ولكنه / أرْوحُ للنفس من المطمعِ
أفلحَ من أبصرَ عُشْبَ المنَى / يُرَعى فلم يَرْعَ ولم يرتَعِ
يا ليتَ أنِّى قبلَ وَقْر الهوى / أذِنتُ للعذل على مسمعى
هل ما مضَى من عيشةٍ راجعٌ / والخُلفُ كلُّ الخلف في المرجِعِ
وأين بدورٌ من بنى دارمٍ / تبخل أن تُسفر من مطلِع
لا في سِرَار الشهر تبدو لنا / ولا الليالي العشر والأربعِ
لو لم تكن أعينُهم أسهما / ما خرَقَت في جانب البرقعِ
كيف تَخَطَّينَ إلى مَقتلى / وما درَى تُرسى ولا أدرعى
أودعُتهم قلبى وما خِلتُهم / يسحسنون الغدرَ بالمودعِ
صار بأيديهم وحاكمتهم / فالحقُّ حقىّ وأنا المدّعى
لو زرانى طيفُهمُ ما درى / من الضنا أنىَ في مضجعى
أقول للرّكبان قد أزمعوا / حجاًّ إلى الأطلال والأربُعِ
لَبُّوا بذكرِى في عقيق الحمى / وذلك المصطافِ والمَربعَ
وأخبروا عنّى بما شئتُمُ / فإنه دون الجوى الموجِعِ
دَرَّتْ على مرعاهُمُ ديمةٌ / تحنو على أطفاله الرُّضَّعِ
غرّاءُ لو يَنُبتُ شَعْرٌ بها / لأنبتت في جبهةِ الأقرعِ
كلُّ سحابٍ أمطرتْ أرضَهم / حاملةٌ للماء من أدمعى
وكلّ ريحٍ أزعجت تُربهم / فإنها الزفرةُ من أضلعى
أتشفع الخمسون لي عندَهم / هيهاتَ والعشرون لم تَشفعِ
إن أمطرتْ عيناى سُحبْا فعن / بوارقٍ في مَفرِقَى لُمَّعِ
تُريد عُمْرا وشبابا معاً / أشياءُ للإنسان لم تُجمَعِ
سيَّان عند الغانيات اكتسَى / رأسُ الفتى بشيبه أم نُعِى
يُصبَغُ رأسُ الدهر من ليلهِ / وصبحهِ بالجَوْنِ والأسفعِ
نوائبٌ أضعافُ عدِّ الحصى / تجَمعُ بين الضّبّ والضِّفْدَعِ
تصطلُم العفراءَ في قفرها / وتفجأ العذراءَ في المخدَعِ
كم مرَّ بى من صَرفه حاصبٌ / لو مرَّ بالوَرقاء لم تسجعِ
رفعتُ من أمواجه منِكبى / حيث يشير الجون بالإصبعِ
من لم يخُض غَمرتَها لم يشِدْ / قواعدَ المجد ولم يرفَعِ
دون المعالي مرتقىً شاهق / فِطرْ إلى ذِروتِه أوقَعِ
قل للصعاليك أرى دينَكم / دِينى ودِينَ الأسَد الأفدعِ
إمّا قَرىَ بُرثُنُه نابَهُ / أو ماتَ طيَّانَ ولم يَصرَعِ
متى أراكم كذئابِ الغضا / شمننَ ريح المَعِزِ الرُّتَّعِ
في فتيةٍ أكثرُ تهويمهم / إسناد هاماتٍ إلى أذُرعِ
إن عرَّسوا لم يعِقلوا إبْلَهم / إلا بوفراتٍ مع الأنُسعِ
مثل نجوم الليل يُهدَى بهم / من ضلَّ في الدَّيمومةِ البلقَعِ
يخضِبُ ايديهم نجيع الطُّلَى / إن خضَبَ الأقوامُ بالأَيدعِ
قلتُ وهم من نَشواتِ الكرى / موائلٌ كالسُّجَّد الرّكَّعِ
حُثُّوا مطاياكم فكم غاية / قد بُلَغَتْ بالأينق الظُّلّعِ
وادعوا أبا سعدٍ يساعِدْكُمُ / مثلَ سنانِ الأسمرِ المشرَعِ
باعٌ طويلٌ ويدٌ طَلقةٌ / ومنطق يختال في المجمعِ
إذا ارتقتْ أقلامهُ كفَّه / تهزّأت بالخاطبِ المِصقَعِ
غُدرانهُ بالفضل مملوءةٌ / متى يَرِدْها حائمٌ ينقَعِ
يكشِفُ منه الفَرُّ عن قارحٍ / قد أحرز السبق ولم يُخدَعِ
ليس جمالُ المرءِ في بُردِه / جمالُه في الحسَب الأرفعِ
يشير إيماءً إليه الورى / إن قيل منَ يُعرَفُ بالأرَوعِ
يربك ما ضَمَّت جلابيبُه / محاسنَ العالَم في مَوضعِ
يُوكَسُ من لا أدبٌ عنده / وكْس الدنانيرِ ولم تُطبعِ
أيا أخي والودّ أرحامهُ / إن تُقطَع الأرحامُ لم تُقطعِ
ما بيننا من أدبٍ جامع / أقربُ من والدةٍ مُرِضعِ
لُبانةٌ لي هي إن تَقِضها / صنيعةٌ في موضع المصنعِ
ورائدٌ مثلَك مستودِعٌ / أهليه في أحفظِ مستودَعِ
ألا ابلغا عنّى الذي شكره / صريرُ رحِل الراكب المُوضعِ
مَن تَصدرُ الآمالُ قد أُترِعتْ / مَزادُها من حوضهِ المترَعِ
لا خُلَّبٌ بارقُ معروفهِ / ولا سحابُ البيد بالمُقشِعِ
إن أنتَ شبَهتَ به غيرَه / سوَّيت بين النَّبع والخِروَعِ
ما بالُ أعدائىَ ملَّكتَهم / عِنانَ رأس السابحِ الأتلعِ
يرمون حبِّى بحصَى زُورهم / رمىَ جِمارِ الحجّ باليَرمَعِ
كلُّ فمٍ يَنفُثُ بي قولةً / اسلمُ منها لسعةُ الشَّبْدَعِ
علىَّ صاروا عند نُصحى ولو / عملتُ بالغِشّ لكانوا معي
واستطِف الرأى ليرِجعْ به / من رجَعَ الشمسَ إلى يُوشَعِ
فأنت أهدَى في طريق العلا / من القَطا في اللاحبِ المَهيعِ
واظفرْ بها لو أدركت ثعلبا / أنسته ما يُروَى عن الأصمعى
أمِس رأينا قائلا سامعا / واليوم قد أعوزنا من يعى
يا شهوةَ النومِ وما لدَّتُهْ
يا شهوةَ النومِ وما لدَّتُهْ / جِسمٌ تغَشَّت غفلُتهْ
هل هو إلا مِيتَةُ عُجِّلتْ / وإنما قد قرُبت رجَعتُهْ
يا طيبَ يومٍ حَجبتْ شمسَهُ
يا طيبَ يومٍ حَجبتْ شمسَهُ / سحائبٌ تُمطِرُ كافورا
لما توارت تحت أستارِها / مجَّت لنا من ريقها نورا
قالوا ذر الشعرَ وكن عائدا
قالوا ذر الشعرَ وكن عائدا / بالله يصرفْ عنك شيطانَهُ
في الناس جَهلٌ وبهم شِرَّة / لأجل ذَيْنَ صغَّروا شاَنهُ
لم يفقهوا اللفظ ولم يفهموا ال / معنَى ولا يَدرون ميزانَهُ
فكلُّهم يُنكر رُجحانَه / وكلُّهم يجهلُ نقصانَهُ
قلتُ أمن أجل عمىً فيهمُ / لا يُظهر المعدِنُ عِقيانَهُ
هبُوا لسانى راعيا ناعقا / دعا بما تجهلُه ضانَهُ
قد يُطربُ القُمرىُّ أسماعَنا / ونحن لا نفهم ألحانَهُ
إن لم أكنْ من راضعى الخمرِ
إن لم أكنْ من راضعى الخمرِ / ولك أداو السكرَ بالسكرِ
ولا إذا ما ركَدتْ خيلُهَا / أجريُتَها في حلبةِ الصدرِ
فإننى أهوَى النَّدامَى وما / يأتون من خيرٍ ومن شرِّ
وأعشق الكأَس وسلطانُها / يأخذهم بالنهى والأمرِ
كأنما الراحُ براحاتهم / كواكبٌ في فَلِكٍ تجرى
منتظِمو اليدى بأدوارها / كنظمك الأحرفَ في السطرِ
ياقوتُها الأصفرُ أمواههم / يَنبُتُ فيها زَهَرُ الدُّرِّ
تحظى بها عينى وحاشا يدى / منها وحاشا موضعَ البشرِ
بل ربما طاف بها أهيفٌ / أجفانه من صُحُف السحرِ
مِن سَبَج الإظلامِ أصداغُهُ / ووجهُهُ من جوهر البدر
والراح لا يرضَى سواها قِرىً / ولو قَريَناه من التِّبرِ
إذا علاها زَبدٌ خلَته / سُحْباً عليها شَنَبُ الثغرِ
وليس لي ممّا بها قَطرَةٌ / يا واكفَ الأنواءِ بالقَطرِ
فجدْ بها تُشبِهُ في عَرِفها / عِرضى وفي رِقَّتها شِعرِى
أنتَ صَرِيفِنْىِ وقُطْرُبُّلِى / وموضعُ الشكر من الدهرِ
اِرجِعْ إلى ما أنت أهلٌ لهْ
اِرجِعْ إلى ما أنت أهلٌ لهْ / شُدَّ متاعَ القوم أو حُلَّهْ
قد عثَر الدهرُ بكم عثرةً / ودَّ بها لو قطعوا رِجلَهْ
إنّ زمانا لابن دارستَ قد / قُدِّمَ فيه زمنٌ أبلَهْ
قد قال عذرا حين وبَّختُه / لا بدَّ للعالِمِ من زَلَّهْ
عُلِّقتُها حَمَّاءَ مصقولةً
عُلِّقتُها حَمَّاءَ مصقولةً / سوادُ قلبي صفةٌ فيها
ما انكسف البدرُ على تِمِّهِ / ونُورِه إلا ليحكِيها
لأجلها الأزمان أوقاتُها / مؤرخاتٌ من لياليها
وليلةٍ قد نسجَتْ ريُحها
وليلةٍ قد نسجَتْ ريُحها / غيما به آفاقُها تكتسى
ما زال يطوى النجمُ أخبارَهُ / فيها عن الناظر حتى نُسِى
خلنا بها الأرضَ سماءً وقد / أُطلعَ فيها أنجمُ النرجسِ
يا حسنَ مَغداكَ وطيبَ الرواحْ
يا حسنَ مَغداكَ وطيبَ الرواحْ / ذاك هو السعىُ وهذا النجاحْ
مذ زجَروا فألَك أعلمتُهم / إمساكَ أيديهم عنانَ القِداحْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025