المجموع : 23
دَواءُ قلبي في الهوى دائي
دَواءُ قلبي في الهوى دائي / أَعْيا عِلاجاتِ الأَطباءِ
حَوَيتُ أَسْقامَ الوَرى مُفْرداً / وحازها النَّاسُ بأَسماءِ
لَوْ شِئْتُ أَنْ أَمشي لِفَرْطِ الضَّنى / مشيتُ مِن سُقْمي عَلَى الماءِ
ساعٍ بِكَأْسٍ بين نُدْماءِ
ساعٍ بِكَأْسٍ بين نُدْماءِ / كالغُصنِ المعصَّرِ الماءِ
أَغارُ من وقْفَتِهِ كلَّما / قال لِحاسي الكأْسِ مَوْلائي
حَتَّى لقد صاروا وَهُمْ إِخْوتي / مِنْ شِدَّةِ الغَيْرَةِ أَعْدائي
يا مُنكِراً شَكوايَ نارَ الهَوى
يا مُنكِراً شَكوايَ نارَ الهَوى / قد زدتَني كرباً عَلى كَرْبي
أَفِضْ عَليَّ الماءَ أَو فاسقِني / ماءً وكنْ مِنّي عَلَى قُرْبِ
تسمعُ للماءِ نشيشاً إِذا / ما وصل الماءُ إِلى قَلبي
رَثى لهُ مِمَّا به ما بِهِ
رَثى لهُ مِمَّا به ما بِهِ / صبٌّ غدا صبّاً بأَوصابِهِ
مَيْتٌ يُرى حَيّاً ولكِنَّهُ / تُرْبَتُهُ ما بين أَثوابِهِ
أيُّ حياةٍ لامرئٍ قد بُلي / بالقُرب من فُرقة أحبابِهِ
ظَلَمَني والظُّلْمُ مِنْ عِنْدِهِ
ظَلَمَني والظُّلْمُ مِنْ عِنْدِهِ / وَجازَ في الظُّلْمِ مَدى حَدِّهِ
ظَبْيٌ غَدا طَرْفي لهُ ناظِراً / لَمَّا رأى قَلْبيَ مِنْ جُنْدِهِ
فَدَيْتُ مَنْ صَبْري عَلى جَوْرِهِ / أَحْسَنُ مِنْ صَبْري عَلى فَقْدِهِ
انْظُرْ إِلَيْهِ وَإِلى خَدِّهِ / والعارِضِ المُثْبَتِ في خَدِّهِ
كَأَنَّهُ فَجْرُ وِصالٍ بَدا / تَحْتَ ظَلامٍ مِنْ دُجى صَدِّهِ
تَحْسُدُهُ الشَّمسُ عَلى حُسْنِهِ / كما يَغارُ الغُصْنُ مِنْ قَدِّهِ
وَاللَهِ ما حُلْتُ عَنِ العَهْدِ
وَاللَهِ ما حُلْتُ عَنِ العَهْدِ / وما جَزَيتُ الوَصْلَ بِالصَدِّ
كُنْ كَيفَما شِئْتَ وجُرْ في القَضا / فَإِنَّني أَطوعُ منْ عَبْدِ
مضى الَّذي أَودَعَ قلبي الجَوى
مضى الَّذي أَودَعَ قلبي الجَوى / فَدَمْعَتي مِنْ حَسْرَتي قاطِرَهْ
واصَلَني ثمَّ بَدا هَجْرُهُ / تِلْكَ لَعَمرِي كَرَّةٌ خاسِرَهْ
واعَدَني في الحَشْرِ أَنْ نَلْتَقي / فَقَدْ تَشَوَّقْتُ إِلى الآخِرَهْ
ناولَني مِنْ كَفِّهِ قَهْوَةً
ناولَني مِنْ كَفِّهِ قَهْوَةً / تُضيءُ منْ نارٍ ومِنْ نُورِ
ضِياؤُها في الكأَسِ ياقوتَةٌ / تَضْحَكُ في أَحشاءِ بَلُّورِ
صَفَتْ وَرَقَّتْ فهي في كأسِها / كأَنَّها دَمْعَةُ مَهْجُورِ
مَرَّ بِنا في قُرْطَقٍ أَخْضَرِ
مَرَّ بِنا في قُرْطَقٍ أَخْضَرِ / مُزَرْفَنَ الأَصْداغِ بِالعَنْبَرِ
قَدْ كَتَبَ الحُسْنُ عَلى خَدِّهِ / يا أَعْيُنَ الناسِ قِفي وانْظُري
عَذَّبَني بِالتِّيهِ وَالكِبْرِ
عَذَّبَني بِالتِّيهِ وَالكِبْرِ / ومالَ في أَمْري إِلى الغَدْرِ
ظَبْيٌ مِنَ الإِنْسِ ولَكِنَّهُ / قَدْ فاقَ في الحُسنِ عَلى البَدْرِ
فِعالهُ أَسْمَحُ مِنْ صَدِّهِ / وَوَجْهُهُ أَحْسَنُ مِنْ عُذْرِي
يا شاهِراً مِنْ طَرْفِهِ مُرْهَفاً
يا شاهِراً مِنْ طَرْفِهِ مُرْهَفاً / دَمِي عَلى مَضْرِبِهِ يَجْري
وَمَنْ إِذا أَبْصَرْتُهُ مُقْبِلاً / طارَ إِلَيْهِ القَلْبُ مِنْ صَدْري
قَدْ آنَ أَنْ تَرثي ونارُ الهَوى / تُوقَدُ في أَحْشايَ كالجَمْرِ
لاَ تَعْجَبُوا إِنْ خانَهُ صَبْرُهُ
لاَ تَعْجَبُوا إِنْ خانَهُ صَبْرُهُ / قَدْ طالَ في أَسْرِ الهَوى أَسْرُهُ
ما عُذْرُ مَنْ فارَقَهُ إِلْفُهُ / ما عُذُرُهُ في الصَّبْرِ ما عُذْرُهُ
قَدْ كَتَبَ الدَّمْعُ عَلى خَدِّهِ / عُنْوانَ ما يُضْمِرُهُ سِرُّهُ
فَدَمْعُهُ مُطَّرِدٌ ماؤُهُ / وقلبُهُ مُتَّقِدٌ جَمْرُهُ
زارَ المُنى والسُّؤْلُ إِذْ زارَني
زارَ المُنى والسُّؤْلُ إِذْ زارَني / وكانَ قِدْماً غيرَ زَوّارِ
يا زَوْرَةً ساعَدَ فيها الهَوى / بِحَمْلِ آثامٍ وأَوْزارِ
عَانَقْتُ مَنْ أَهْوى ويا طالما / بِتُّ مِنَ الشَّوقِ عَلى نارِ
وفَوْقَنا البَدْرُ عَلى نِصْفِهِ / كأَنَّهُ شِقَّةُ دينارِ
يا مُخْجِلاً لِلْبَدْرِ في حُسْنِهِ
يا مُخْجِلاً لِلْبَدْرِ في حُسْنِهِ / وَزَائِداً نُوراً عَلَى الشَّمسِ
إِنَّ دُمُوعي فيكَ يا سَيِّدي / تَكَلَّمَتْ عَنْ أَلْسُنٍ خُرْسِ
قُلْ لي مَقالاً واعْتَمِدْ صِدْقَهُ / لأَيِّ شَيءٍ قُتِلَتْ نَفْسي
يا ظالِماً في كُلِّ أَفْعالِهِ
يا ظالِماً في كُلِّ أَفْعالِهِ / مَا شِئْتَ فَاصْنَعْ فَلَنا مَوْقِفُ
رَضِيتُ بِالقَسْرِ بِظُلْمِ الهَوى / مَنْ خَصْمُهُ القاضي مَتى يُنْصَفُ
يَحْلِفُ بِاللَهِ فَيا لَيْتَهُ / إِذا أَرادَ الخُلْفَ لا يَحْلِفُ
إِنِّي لأَسْتَحْيي إِذا مَرَّ بي / فَقِيلَ هذا المَوعِدُ المُخْلِفُ
يا حَاكِماً قَدْ جَارَ في حُكْمِهِ
يا حَاكِماً قَدْ جَارَ في حُكْمِهِ / وَهْوَ إِذَا يُنْصِفُني خَصْمِي
تَرَكْتُ جِسْمِي عَرَضاً قَائِماً / لَمْ يَبْقَ لِي مِنْهُ سِوى اِسْمِي
لاَ تُكْثِرُوا عَذْلاً وَلا لَوْمَا
لاَ تُكْثِرُوا عَذْلاً وَلا لَوْمَا / لَمْ يُبْقِ حَرُّ الهَجْرِ لِي نَوْمَا
وَيلي عَلَى هِجْرانِ مَنْ هَجْرُهُ / قَدْ سَامَنِي وِرْدَ الرَّدى سَوْمَا
أَنْكَرَني حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ / يَعْرِفُني مِنْ دَهْرِهِ يَوْمَا
فَدَيْتُ مَنْ قَالَ وَقَدْ زُرْتُهُ
فَدَيْتُ مَنْ قَالَ وَقَدْ زُرْتُهُ / هَوَاكَ عَنْ غَيْرِكَ يَنْهاني
لا وَاصَلَتْ رُوحي لِجِسْمِي إِذا / فَارَقْتَني إِلا بِهِجْرانِ
وَلا تَهَنَّيْتُ لَذيذَ الكَرى / إِذا تَجافَتْ عَنْكَ أَجْفانِي
قَرَّتْ بِقُرْبِ المُلْتَقى عَيْني
قَرَّتْ بِقُرْبِ المُلْتَقى عَيْني / مِنْ بَعْدِ مَا بَرَّحَ بي حَيْنِي
وَقَرَّبَ التَّقْرِيبُ لِي لَذَّتِي / وَزَالَ عَنِّي البَيْنُ بِالْبَيْنِ
وَهَاجَ لِي الشَّوْقُ أَسىً كَامِناً
وَهَاجَ لِي الشَّوْقُ أَسىً كَامِناً / فَلَمْ أَزَلْ أَبْكي عَلَى كُلِّ مِيلْ
فَكِدْتُ أَنْ أَغْرَقَ في دَمْعَتي / وَأَجْعَلَ الذَّنْبَ لِيَوْمِ الرَّحِيلْ