المجموع : 6
الحمدُ لله وَشُكْراً له
الحمدُ لله وَشُكْراً له / لا طارفٌ عندي ولا تَالدُ
صرتُ ولا أُنبيك عن غائبٍ / في حالةٍ يَرْثي لها الحاسد
إنْ يَنْبُ بي دهريَ فاللهُ لي / والمترجَّى للندى خالد
يا واحداً أَفضالُه شِرْكَةٌ / فينا ولكنْ مجدُهُ واحد
حوليَ أفراخٌ كَزُغْبِ القطا / ليليَ منْ همٍّ بهمْ ساهد
أنت أبٌ لي ولهمْ عاطفٌ / رُبَّ ابنِ خمسين له والد
وَنَيِّرٍ يَلْعَبُ بالنّار
وَنَيِّرٍ يَلْعَبُ بالنّار / كالصُّبْحِ يرعى القَمَرَ السّاري
أو مثل ما قلّب أحْدَاقَهُ / ذو عُفْرَةٍ في غابةٍ ضاري
بيَ اشتياقٌ وبهِ مِثْلُهُ / لولا اتّقَاء الله والعار
إن لم أُنَازِعْهُ الهوى والتقى / كلاهما حظٌّ لمختار
الدهرُ إيحاشٌ وإيناس
الدهرُ إيحاشٌ وإيناس / والناسُ ما لم تَبْلُهُمْ ناسُ
وكلُّ ما في القلبِ مُسْتَأنَفٌ / لا طَمَعٍ فيه ولا ياس
وليس حظُّ المرءِ منْ عُمْرِهِ / إلا خُطىً تُحْصَى وأنفاس
جرى الفتى والشيخ في حلبة / الموتى وولَّى الوردُ والآس
أصبحْ على رَحْلٍ فلا بدَّ أن / تُشَدَّ أقْتَابٌ وأحلاس
وَجُدْ على قدرٍ فإن الغنى / سُكْرٌ وإنَّ الجاهَ وسواس
ولي صديقٌ من بني أغْلَبٍ / يَدٌ تُوَاسِي ويدٌ تَاسُو
فتى أقامَ المجدَ معروفُهُ / كما أقام الجسدَ الراس
إيهٍ أبا غسحاقَ من صاحبٍ / ليس على خُلَّتِهِ باس
كانت له في الأرض مندوحةٌ / وفي الورى صحبٌ وَجُلاَّس
قَصَّرْتَ في برّي على أنني / لا الكِيسُ من همتي ولا الكاس
وَحدْتَ عن قُرْبي فقلْ هل أنا / مُهَلْهِلٌ أو أنت جَسَّاس
هلاّ كما كنا ووجهُ المنى / طَلْقٌ وعِطْفُ العيشِ مَيَّاس
إذ نححنُ صنوانِ وأيمُنا / في الودِّ أعيادٌ وأعراس
ففيم أعرضتَ وأزْرَى بنا / دونك إطراقٌ وإبلاس
مهلاً فلم آتكَ مُسْتَرْفِداً / وإن بدا مَسْحٌ وإبساس
لستَ بفوزٍ وطئتْ يثرباً / ولا أنا بعدكَ عبَّاس
عندي رضى بالله لا يعتري / ريبٌ ولا يَعروه إلباس
مَالي وما للأعْيُنِ النُّجْلِ
مَالي وما للأعْيُنِ النُّجْلِ / أَجْمَعْنَ عُدْواناً على قَتْلي
وما لقلبي يتصدَّى لها / بَيْنَ ألِيمِ الشَّوْقِ والخَبْل
من لَحَظاتٍ لم يَزَلْ غُنْجُها / يَحْكُمُ بالجوْرِ على العَدْل
ضعيفةُ المكرِ ولكنَّها / تَقْتُلُ بين الجِدِّ والهزل
لله كم يُطْمِعُ تَفْتِيرُها / لو أنها تَسْمح بالبَذْل
باخلةٌ قد كِدْتُ مِنْ بخلها / وعِشْقِها أَكْلَفُ بالبُخْل
ما عابَها إذ بَخِلتْ بُخْلُها / لو لم تَشِنْها خُلَّةُ المَطْلِ
أَيُّ شِفارٍ طَبَعَتْهَا يدُ / التفتيرِ فاسْتَغْنَتْ عن الصقْل
مُحْتَكِمَاتٌ في دماءِ الورى / كأنَّها من ذاكَ في حِلِّ
واهاً لها كم من فؤادٍ شجٍ / أُسْلِمَ مِنْهَا في يَدَيْ عَدْل
ضلَّ دليلي في سبيلِ الهوى / بين الدَّلال الرَّحْبِ والدلِّ
كم وقعة لي في ميادينه / أصَبْتُ فيها مَقْتَلَ العَذْل
غيٌّ لو أن الرشدَ لي مُنصفٌ / لم يَنْهَ عن أَمثالِهِ مِثْلي
شَرَّدَ عن جَفْنِي لذيذَ الكَرَى / ظبيٌ شرودٌ شارِدُ الوَصْل
وسنانُ ناهيكَ بأَجفانِهِ / على الهوى منْ شاهِدَي عدل
سالتْ على ألحاظِهِ كُحلةٌ / واخَجْلتي من خَجْلضةِ الكُحل
إذا أدرات بيننا خَمْرَها / قامتْ لنا خدَّاهُ بالنُّقْل
غصن سقته رية أدمعي / أغنته عن طل وعن دبل
واأسفي من رمنٍ باخلٍ / يُمِرُّ للمرءِ ولا يُحْلي
ما زالَ مُذْ ما صَفرتْ كَفُّهُ / يَطْوي له كَشْحاً على غِلِّ
ويَا لَذَرْعي ضَاقَ عن هِمَّةِ / مُعْلَمَةٍ في زَمَن غُفْل
حسبي بها عُلْيا علي عُلاً / فلم يَزَلْ يُعْلي وَيَسْتَعْلي
من أريحيٍّ بين بيضِ الظُّبَا / يومَ الوغى والسُّمُرِ الذُّبْل
مُبتَسِمٌ حيثُ المنايا به / تكْشِرُ عن أنْيابِها العُصْل
أروعُ ثَبْتُ العَزْمِ لا طائشٌ / والهامُ يَحْكي طائشَ النَّبل
ليثُ شرىً مُفتَرِسٌ باسِلٌ / يذودُ عن غِيلٍ وعَنْ شِبْل
ماضٍ كنَصْلِ السَّيْفِ لا يَنْثَني / مُصَمّمٌ في الحادثِ الجَزْلِ
ناهيك منه حَوَّلاً قُلَّباً / والموتُ قد قامَ على رِجْل
أغَرُّ طَلقُ الوجهِ وضَّاحُهُ / يَصْلى جحيمَ الحربِ أو يُصْلي
هَشٌّ إلى داعي النَّدى مُسْرِعٌ / يَسبِقُ وفْدَ القولِ بالفعْل
دُونَكَ رَبْعَ المجدِ خَيّمْ به / وَحُطَّ بين الماءِ والظلِّ
نَحلُلْ جَنَاباً مُمْرِعاً آمِناً / فيه المنى جامعةُ الشَّمل
غنْ بَذَلَتْ راحتُهُ نائلاً / لم تَرْضَ بِالبَعْضِ منَ الكُلِّ
أناملٌ جَانَسَ أقلامَها / مِدَادُهُنَّ الغيثَ بالمحل
إيهٍ وهلْ حُكْمُكَ لي مُنْصِفٌ / وطالبٌ ما فاتَ من ذَحْل
ومنهضي مُضْطَلِعٌ بي فَكمْ / حَمَلتَ من عِبءٍ ومنْ ثِقْلِ
خُذْها فقد ساعدني مِقْوَلٌ / كالنّصْلِ أو كالأَرْقَمِ الصِلّ
وَاصْغِ إليه مُغْرِباً منتجاً / يملأُ سَمْعَ الدَّهْرِ إذ يُمْلي
وهاكَ شكري مَنْهلاً سائغاً / فَرِدْهَ بَيْنَ العَلِّ والنَّهْلِ
قُوْمِي إذا شئتِ فَهَنّيني
قُوْمِي إذا شئتِ فَهَنّيني / قد زُفّتِ الدُّنيا إلى الدين
وَخُذْ حديثي عنْ بلوغِ المنى / ما بينَ مَضْنونٍ وَمَظْنُونِ
بُشْرايَ بُشْرايَ وَهضنّيني / أنتِ بمنٍّ غيرِ ممنون
أقولُ لما فازَ قِدْحِي به
أقولُ لما فازَ قِدْحِي به / منْ لكمُ بي والسُّها دوني
قد طلع البدرُ فأهلاً به / مُطالِعاً بالسَّعْدِ مَقْرُون
غيثٌ هي بالمجدِ في رَوْضَةٍ / ما شئتَ منْ عزٍّ وتمكين
فانتشقا نَشْرَ التُّقَى إنَّهُ / أطْيَبُ مِنْ نَشْرِ الرَّياحين
والتمحا زَهْرَ العُلا إنه / أَوْما إلى زهْرِ البساتين
وبأبي كيفَ تجلَّيْتُما / عن كلِّ تأميلٍ وتأمين
وكيف جاءوك بشمسِ الضحى / والليلَ في أثوابهِ الجون
جاءوك بالسّحْرِ ولا بابلٌ / والمسكِ لا من أُفْقِ دارين
واستودعوها قُبّةً سَمْكُها / أجْنِحةُ الطَّيرِ المآمين
إلا تكنْ عدناً ففي ظلّها / أنتَ وإحدى حُورِها العِين
إيهٍ أبا بكرٍ وهذي المنى / تَفْتَنُّ منها في أفانين
يا جُمْلَةَ العلم وتفصيلَه / منْ كل مَفْروضٍ ومسنون
إن جيءَ قومٌ بدواوينهمْ / فأنتَ ديوانُ الدواوين
بمنْ يباهي القوم أعداءهم / في كلِّ حَفْلٍ منكَ مفتون
قد أقْفَرَتْ منكَ ميادينُنَا / فأصبَحَتْ غيرَ ميادين
تَعَضُّ من شوقٍ ومنْ حسرةٍ / على يَدَيْ لهفانَ مغبون
وكلما سِرْتَ إلى بلدةٍ / نادتْ بأعلى الصوتِ يكفيني
حتى إذا أُوطِئْتَ حمصاً أتتْ / تَنْظُرُ في أعْطافِ قارون
زاحمْ بركنٍ غيرِ مَوْهُونِ / منْ كلِّ تحسينٍ وتحصين
فقد صفا عيشُكَ فانْعَمْ به / فهو متاعٌ لا إلى حين