يا رَيط هَل لي عِندَكُم نائِل
يا رَيط هَل لي عِندَكُم نائِل / أَم لا فَإِنّي مِن غَدٍ راحِلُ
لا يَكُ ما مَنَّيتِنا باطِلاً / وَشَرُّ ما عيشَ بِهِ الباطِلُ
أَفي لودّي فاِصرُمي أَو صِلي / أَو لِتلادي لَكمُ باذِلُ
يا رَيط يا أُختَ بَني مالِكٍ / أَنتِ لِقَلبي شُغلٌ شاغِلُ
إِنَّ مِلاكَ الوَصلِ أَن تَفعَلي / ما قُلتِ إِنَّ المُوفيَ الفاعِلُ
دومِي عَلى الوُدِّ الَّذي بَينَنا / لا يَقُلِ الهُجرَ لَنا قائِلُ
بِوَحي لا أَو بنعم إِنَّما / مَطلُكِ هَذا خَبَلٌ خابِلُ
أَو أَيئِسينا إِنَّ من دونِكُم / وَحشاً يَرى غرَّتَها الخاتِلُ
فَإِنَّ في لا أَو نعم راحَةً / إِنّي لما اِستَودعتِني حامِلُ
لَم يَبقَ من رَيطَةَ إِلا المُنى / عاجِلُها مستأخِراً آجِلُ
لَيتَ الَّذي أَضمَرتُ مِن حُبِّها / يَنحَلُّ أَو يَنقُلُه ناقِلُ
كُلِّفها قَلبي وَعُلِّقتُها / وَلا يُرى مِن وُدِّها طائِلُ
يا أسمَ كوني حَكَماً بَينَنا / عَدلاً فَإِنَّ الحَكَمَ العادِلُ
مَن هوَ لا مُفشي الَّذي بَينَنا / يَوماً مِن الدَّهرِ وَلا باخِلُ
فَلم تُثِب أُختُ بَني مالِكٍ / وَلَم تَجُد لي بِالَّذي آمُلُ
لا هيَ تَجزيني بِوُدّي لَها / وَلا امرؤٌ عَن ذِكرِها ذاهِلُ
لِسانُها حُلوٌ وَمعروفُها / حَيثُ يَحُلُّ الأَعصَمُ العاقِلُ
يا رَيطَ هَل عِندَكُم دائِمٌ / إِنّي لمن واصلَني واصِلُ
كَم لامَني يا رَيطَ مِن صاحِبٍ / فيك وَبَعضُ القَومِ لي قائِلُ
وَعاذِلٍ قُلتُ له ناصِحٍ / نَفسَكَ أرشد أَيُّها العاذِلُ
فَقالَ لي كَيفَ تصابي امرئٍ / وَالشَّيبُ في مَفرِقِهِ شامِلُ
رَيطَةُ لَو كُنتَ بِها خابِراً / آنِسَةٌ مجلِسُها آهِلُ
مِثلُ نوارِ الوَحشِ لَم يَرمِها / رامٍ مِن الناسِ وَلا حابِلُ
مِثلُ مَهاةِ الرَّملِ في رَبرَبٍ / يَتبَعُها ذو جُدَّةٍ خاذِلُ
أَصيلَةٌ يألفُها ذو الحِجى / وَيَتَّقيها البَرَمُ الجاهِلُ
في كُلِّ مُمسى منهم زائِرٌ / لا شَنأُ الوَجهِ وَلا عاطِلُ
يَعتَسِفُ الأَصرَمُ مِن دونِها / أَغبرَ مَرهوبَ الرَّدى ماحِلُ
هَل أَنتَ إِن رَيطَةُ شَطَّت بِها / عَنكَ النَّوى مِن سَقَمٍ وائِلُ
أَقفرَ مِن رَيطَةَ جَنبا مِنّي / فالجِزعُ مِن مَكَّةَ فالساحِلُ
إلا رُسوماً قَد عَفا آيُها / مَعروفُها مُلتَبِدٌ ناحِلُ
كَأَنَّ دارَ الحَيِّ لَمّا خَلَت / غَربَل أَعلى تُربِها ناخِلُ
من نَسجِ ريحٍ درجَت فوقَها / جالَ عليها تُربُها الجائِلُ
بَينَ جَنوبٍ وَصَباً تَغتَدي / طاوَعَها ذو لَجبٍ هاطِلُ
كَأَنَّما الوَحشُ بِها خِلفَةً / بَعدَ الأَنيسِ النعَمُ الهامِلُ
وَقَد أراها وَبِها سامِرٌ / منهُم وَجُردُ الخَيلِ وَالجامِلُ
تَغَيَّرَت رَيطَةُ عَن عَهدِنا / وَغالَ وُدّي بَعدَها غائِلُ
وَكُلُّ دُنيا وَنَعيمٍ لَها / مُنكَشِفٌ عَن أَهلِهِ زائِلُ
لا وَالَّذي يَهوى إِلى بَيتِهِ / مِن كُلِّ فَجٍّ محرِمٌ ناحِلُ
ما ليَ مِن عِلمٍ بِها باطِنٍ / وَقَد بَراني حُبُّها الداخِلُ
هَل يُبلِغَنّي دارَها إِن نأَت / أَغلَبُ خَطّارُ السُّرى ذائِلُ
ناجٍ تَرى المِرفَقَ عَن زَورِه / كَأَنَّما يَفتِلُه فاتِلُ
يا رَيطَ يا رَيطَ أَلَم تُخبَري / عَنّا وَقَد يَحمِدُنا السائِلُ
وَالجارُ وَالمختَبِطُ المُعتَفي / مَعروفَنا وَالآخَرُ النازِلُ
إِن تَسألي عَنّا يَقُل سادَةٌ / فيهِم حلومٌ وَندىً فاضِلُ
نُهينُ لِلضِّيفانِ شَحمَ الذُّرى / فَمِنهُمُ الوارِدُ وَالناهِلُ
نَحنُ بَنو الشَّدَّاخِ لَم يَعلُهم / حافٍ مِن الناسِ وَلا ناعِلُ
تَناذَرَ الأَعداءُ إِيقاعَنا / فارِسُهُم وَالآخرُ الرَّاجِلُ
خُيولُنا بالسَّهلِ مَشطونَةً / مِثلُ السَّعالي وَالقَنا الذابِلُ
نُعِدُّها إِن كادَنا مَعشَرٌ / أَو نزلت حَربٌ بِنا حائِلُ
في كُلِّ ملتَفّ لفرسانِها / مِنهم عَقيرٌ وَفَتىً مائِلُ
يَعدونَ بالأَبطالِ نَحوَ الوَغى / وَهَمُّهُنَّ الشَّرَفُ القابِلُ
عوجٌ عناجِيجُ تُباري الوَغى / مِثلُ المَغالي لَحمُها ذابِلُ
يَخرُجنَ من أَكدَرَ مُعصَوصِبٍ / وردَ القَطا يَحفِزُها الوابِلُ
بِكُلِّ كَهلٍ وَفَتىً نَجدَةٍ / يَصُدُّ عَنهُ البَطَلُ الباسِلُ
يُروي بكفيهِ غَداةَ الوَغى / صَدرَ سِنانِ الرُّمحِ وَالعامِلِ
أَروَعُ واري الزَّندِ ذو مِرَّةٍ / تَشقَى بِهِ المُتليَةُ البازِلُ