المجموع : 46
يا من يرى الفخرَ بأجدادِهِ
يا من يرى الفخرَ بأجدادِهِ / لستَ من الأجدادِ لو تدري
وما ارى أعجبَ من جدوَلٍ / ينضبُ والأمواهُ في النهرِ
فاترك عظامَ الناسِ في قبرها / ولا تقل زيدي ولا عمري
إن ضقتَ بالعُسرِ فلا تَبْتَئِسْ
إن ضقتَ بالعُسرِ فلا تَبْتَئِسْ / فربَّما دلَّ على ضِدَّهِ
كالبرقِ يحكي في سناهُ اللَّظى / وقد يكونُ الغيثُ من بَعْدِهِ
فكلْ إلى اللهِ وبتْ راضِياً / فكلُّ ما مَسَّكَ من عِنْدِهِ
زفتْ ولمّا يفترعها المزاج
زفتْ ولمّا يفترعها المزاج / كما تُزَفُّ البكرُ عندَ الزواجْ
فهللُ الشرب سروراً بها / وكبرَ الديكُ وصاحَ الدجاجْ
كأنهم رهبانُ في بيعةٍ / قد أوقدوا في كل كأسٍ سراجْ
كأن حاسبها المريضَ ارتمى / على سريرٍ يتعاطى العلاجْ
كأننا إذ نحنُ صرعى بها / فرسانُ حربٍ صرعوا في العجاجْ
من كفِ حوراءَ غلاميةٍ / مفعمةِ الحجلينِ خودٍ رجاجْ
شكَ فؤادي لحظها وانثنى / فلم يزل في لحظها في انزعاجْ
يبصِرها من خلفِ أضلاعهِ / كأنما يبصِرها من زجاجْ
هاتِ اسقنيها والدجى ساحبُ
هاتِ اسقنيها والدجى ساحبُ / ذيلَ الصبا كالملكِ الأشوسِ
واقبس لنا من نارها جذوةً / تثورُ بالنخوةِ في الأرؤسِ
قد شبها الليلُ لمن بهتدي / فصبها الفجرُ لمن يحتسي
كالخدِ والدمعِ ولكنها / ليست من الوردِ ولا النرجسِ
وعاطني والروضُ من حسنهِ / يرقصُ في الأطلسِ والسندسِ
كيفَ فؤادي والهوى شاغلٌ
كيفَ فؤادي والهوى شاغلٌ / يهيجهُ المنزلُ والنازلُ
ما زلتُ أخفيهِ وأخفى بهِ / في الناسِ حتى فضحَ العاذلُ
فعادنا المطلُ وعدنا لهُ / رحماكَ فينا أيها الماطلُ
كلُّ امرئٍ أيامُهُ تنقضي / لا أمل يبقى ولا آملُ
وما السنوغرافُ وما مثلتْ / إلا الصدى ينفلهُ الناقلُ
تُبعَثُ فيها أممٌ قد خلتْ / وتُجتلى في لندن بابلُ
كم مثلتْ من طللٍ ماثلٍ / فكادَ يحيى الطللُ الماثلُ
كأنَّ فيها للهوى منزلاً / فكلُّ قلب عندها نازلُ
تلهو بهِ غطبلةٌ خاذلٌ / وقد بكتْ عطبولةٌ خاذلُ
وعانقَ العاشق معشوقهُ / فاجتمعَ المقتولُ والقاتلُ
يا ويحَ نفسي هل رؤى نائمٍ / أم خطرةٌ ظنها غافلُ
لا تضحك الجاهلَ في نفسهِ / إلا بكى في نفسهِ العاقلُ
مواعظ مثلها هازلٌ / وربَّ جدٍّ جرهُ الهازلُ
كالنفسِ تنسى الهوى في لهوها / وليسَ ينسى الأجلُ العاجلُ
وهكذا الدنيا انتقاضٌ وما / يكونُ فيها فرحٌ كاملُ
يا طيرُ ما للنومِ قد طارا
يا طيرُ ما للنومِ قد طارا / وما قضينا منهُ أوطارا
كأن هذا السهدَ لا يأتلي / يطلبُ من أجفاننا ثارا
إن كنتَ ظمآنَ فذي دمعي / تفجرَتْ في الأرضِ أنهارا
أو كنتَ ذا مسبغةٍ فالتقط / حبةَ قلبي كيفما صارا
أو كنتَ مشتاقاً فكن مثلنا / على الهوى يا طير صبارا
وجارني إن كنتَ لي صاحباً / فإن خيرَ الصحبِ من جارى
يا طيرُ كم في الحبِّ من ساعةٍ / تخالُ فيها العمرَ أعمارا
إن قلتُ تلهيني بها فكرةٌ / جرت على الأفكار أفكارا
أو قلتُ أنساها أقامَ الهوى / من حرها في القلبِ تذكارا
والصبُّ ما ينفكُّ في حيرةٍ / تزيدُهُ حزناً وأكدارا
ما لي أرى الأطيارَ نواحةً / كأنما فارقنَ أطيارا
وما لأغصانِ الرُّبى تلتقي / كأنما يبثثنَ أسرارا
فاسأل نسيمَ الصبحِ إن مرَّ بي / هل حملتهُ الغيدُ أخبارا
وسلْ عن الديارِ ويا ليتني / أزور يوماً هذهِ الدارا
كأنها الجنةُ لكنني / أبطنتُ من وجدي بها النارا
سماؤها مطلعةٌ أنجما / وأرضُها تطلعُ أقمارا
وكمْ بها من أكحلٍ إن رنا / سلتْ لكَ الأجفانُ بتارا
وإن مشى يخطرُ في تيههِ / هزَّت لكَ الأعطافَ خطارا
لا أنكرُ السحرَ وذا طرفهُ / أصبحَ بينَ الناسِ سحَّارا
يا فاتنَ الصبِّ على رغمهِ / والمرءُ لا يعشقُ مختارا
طوراً بنا هجرٌ وطوراً نوىً / أهكذا نخلقُ أطوارا
لو شبهوا بدرَ السما درهماً / لشبهوا وجهكَ دينارا
وكم درارٍ فيكَ نظَّمتُها / تجلُّ أن تحسبَ أشعارا
لو أن بشاراً حكى مثلها / أعطوا لواءَ الشعرِ بشارا
لاحتْ لنا والشمسُ من غيظها / قدْ ضرجتْ أثوابها بالدمِ
فاتنةٌ من بخلها لم تزلْ / وجنتُها معصورةً في الفمِ
فما أراها راهبٌ راهباً / إلا شكا المغرمُ للمغرمِ
بأبي أنتَ يا غزالُ وروحي / وفؤادي ونورُ عيني وعيني
أنتَ كالبدرِ حين يطلعُ لكنْ / في سوادِ القلوبِ والمقلتينِ
لو رآكَ الذينَ قالوا ثلاثٌ / بعدَ وهنٍ لثلثوا القمرينِ
خفقَ الحلي فوقَ صدركَ والقل / بِ فهل أنتَ مالكُ الخافقينِ
وأرى السحرَ في العيونِ فهل جئ / تَ بها بابلاً إلى الساحرينِ
وبخديكِ جنتانِ ولكنْ / في فؤادي لظىً من الجنتينِ
يا قضاةَ الغرامِ في أيِّ شرعٍ / أن يحولوا بينَ الحبيبِ وبيني
في يدكمْ غريمٌ ظبي من الغر / بِ سبى المشرقينِ والمغربينِ
فاتقوا اللهَ في قتيلٍ حبيبٍ / حسنٍ طُلَّ دمهُ كالحسينِ
قالتْ سألتُ الورد عن وجنتي
قالتْ سألتُ الورد عن وجنتي / يوماً ووجناتي عن الوردِ
فقالَ لي خدي أنا وردةٌ / ثمَّ انتمى الوردُ إلى خدي
رأتهُ عيني فوقَ كرسيهِ
رأتهُ عيني فوقَ كرسيهِ / كالشمسِ أو أبهى من الشمسِ
مثلَ سليمانَ على عرشهِ / يحكمُ بينَ الجنِّ والأنسِ
فقالَ لي العاذلُ آمنتُ ما / أجحدُ فيهِ آيةَ الكرسي
يا من أطالَ الهجرَ من بعدِ ما
يا من أطالَ الهجرَ من بعدِ ما / مسنيَ الحبُّ بما مسني
أنتَ وإن أسرفتَ في ذا الجفا / أحسنُ خلقِ اللهِ في أعيني
يا فاتنَ النساكِ ما عهدنا
يا فاتنَ النساكِ ما عهدنا / أنْ يدخلَ المسجدَ ريمُ الفلاةِ
أما تخافُ اللهَ في خلقهِ / لو تركوا إن شاهدوكَ الصلاة
يا صاحِ من للقلبِ من نائم
يا صاحِ من للقلبِ من نائم / كلُّ محبٍ فيهِ سهرانُ
هجرتُ نومي وهو لي هاجرٌ / فكلُّ عمري فيهِ هجرانُ
لو سلطوا عينيهِ في عسكرٍ / لم يبقَ في العسكرِ انسانُ
أبصرتهُ تحتَ ظلامِ الدجى
أبصرتهُ تحتَ ظلامِ الدجى / تضيءُ في خديهِ لي جمرتانِ
فقلتُ في الخدينِ نارُ الحشا / فقالَ لكنْ فيهما جنتانِ
قولوا لهذا الرشإ الهاجر
قولوا لهذا الرشإ الهاجر / إن دموعي جرحتْ ناظري
أبيتُ لا بدرَ الدجى مُسعدي / ولا أخوهُ في الكرى زائري
والليلُ في خطوةِ أقدامهِ / أبطأُ من تأميلي العاثرِ
وطائرُ البانِ على أيكهِ / مكتحل من نومي الطائرِ
وبي هوىً قامَ على مهجتي / ينفذُ أمرَ الملكِ الجائرِ
أطيعهُ في قتلِ نفسي وما / عليَّ إلا طاعةُ الأمرِ
من ام يكنْ مثلي فلا يدعي / حبَ ذاتِ النظرِ الفاترِ
أنا الذي أرسلَ ذكرَ الهوى / في الناسِ مثلَ المثلِ السائرِ
من معشرٍ نالوا العلى كابراً / تعزى لهُ العلياءُ عن كابرِ
حلوا ذرَى الفخرِ وما غيرهم / يسمو إلى الذروةِ من فاخرِ
فقل لهذي الأرضِ تزهى بنا / زهو السما بالفلكِ الدائرِ
إنَّا ليوثٌ شهدوا أنها / أشبالُ ذاكَ الأسدِ الكاسرِ
المفزعِ الدنيا بسمرِ القنا / والضاربِ الآفاقِ بالباترِ
والمحكمُ العدلَ كما شاءهُ / من باتَ يخشى بطشةَ القاهرِ
ما عابني أن قيلَ ذو صبوةٍ / أو قيلَ مجنونٌ بني عامرِ
والحبُّ أهدى لفؤادِ الفتى / من حاجةِ النفسِ إلى الخاطرِ
بحارُ عقلُ المرءِ فيهِ فهلْ / من حيلةٍ في عقلي الحائرِ
وبي مليحُ الدلِّ ذو طلعةٍ / تكمدُ وحه القمرِ الباهرِ
وافتْ إلي المكرماتُ التي / ليسَ لها غيري من شاعرِ
لو مرَّ بالظبياتِ لاستأنستْ / وجداً بمثلِ الرشإ النافرِ
ولو رأتهُ الأسدُ في غابها / رأتء مذلَّ الأسدِ الخادرِ
براهُ من صوَّرَهُ فتنةً / مهفهفاً كالغصنِ الناضرِ
يسومني الصبرُ وهل عاشقٌ / من لم تمتهُ لوعةُ الصابرِ
راحَ بنومي واصطباري معاً / يتيهُ تيهَ الملكِ الظافرِ
ومن اتقى اللهَ ولا يتقي / في مدمعي الملتطمِ الزاخرِ
يا مرهفَ الأعطافِ ماذا الذي / ترهفهُ من لحظكَ الساحرِ
سلبتني النومَ وضيعتهُ / فردَّ بعضَ النومِ للساهرِ
كم عاذلٍ فيكَ وكم عاذرٍ / وما على العاذلِ والعاذرِ
إنب امرؤٌ في نفسهِ عزةٌ / تجلُّهُ عن شيمةِ الغادرِ
إن قتلتني صبوتي فالهوى / أولُهُ يقتلُ في الآخرِ
أنتَ غرستَ الحبَّ في اضلعي
أنتَ غرستَ الحبَّ في اضلعي / فكيفَ لا أسقيهِ من أدمعي
لو شئتَ يا حلوَ اللمى لم تبتْ / غلةَ هذا القلبِ لم تنقعِ
ولم أبتْ ليلةَ جافيتني / من مضجعٍ جافٍ إلى مضجعِ
إذا دعاني السهدُ لبيتهُ / وإن دعوتُ النومَ لم يسمعِ
أسألُ ليليَ ما لهُ لم يغبْ / وما لنجمِ الصبحِ لم يطلعِ
وأحسبُ الطيرَ إذا رجعتْ / حنتْ لمن أهوى فناحتْ معي
ذو هيفٍ يقنعني طيفهُ / وهو بغيرِ الروحِ لم يقنعِ
لم ألقَ ممن نظروا وجههُ / الا فتىً يعشقُ أويدعي
يا هاجراً أسقمني طرفهُ / كلُ دواءٍ فيَّ لم ينجع
كم حرقةٍ قد ضاقَ صدري بها / ولوعةٍ كاتمتها اضلعي
وحسرةٍ في النفسِ ما غادرتْ / قلب الفتى العذريِّ حتى نُعي
أخلفها بعدي لأهلِ الهوى / من موجعِ القلبِ إلى موجعِ
تستنزلُ المالكَ عن عرشهِ / بينَ يدي عرشِ الهوى الأرفعِ
وتبعث الروعة يوم الوغى / إلى فؤاد البطل الأورعِ
فابعث لقلبي منكَ تسليمةً / أبثها في ذلكَ الموضعِ
تسترجع النومَ إلى أعيني / فقد مضى النومُ ولم يرجعِ
كم أمرَ الحبُّ وكم قد نهى / فبتُّ باكي العينِ لم أهجعِ
ومن يكنْ قائُدُهُ حُبُّهُ / يقدهُ بالرغمِ إلى المصرعِ
باللهِ يا بدرَ السما هل درى
باللهِ يا بدرَ السما هل درى / أخوكَ أني في غمارِ المنونْ
يقتلني الشوقُ وهذا النَّوى / وذلكَ السحرُ وتلكَ العيون
أحْسِبُني كسرى لتيهي بهِ / لو لم أكن أبطنتُ ما يعبدونْ
وما أرى الدنيا سوى دولتي / ومن فنونِ الحبِّ هذا الجنونْ
يا بدرُ بلغهُ سلامي وقفْ / واشرحَ لهُ ما أحدثَ العاذلونْ
سبحانَ من صورهُ فتنةً / يعذبُ الناسَ ولا يغضبونْ
أيا ضلوعاً قلبها وامقُ
أيا ضلوعاً قلبها وامقُ / ويا عيوناً طرفها رامقُ
من لفؤادٍ طاهرٍ جرَّهُ / إلى الغرامِ النظرُ الفاسقُ
لم ينكشفْ همي ولكنني
لم ينكشفْ همي ولكنني / أريهمُ ما عرفوني بهِ
كذي هزالٍ خانهُ جسمهُ / فاستلفتَ الناسَ إلى ثوبهِ
وربما كانَ الفتى باسماً / وكانَ كلُّ الهمِّ في قلبهِ
ومن رأى ذلته صحبهُ / فربما هانَ على صحبهِ
وأغيدٍ قلنا لها هاتِها
وأغيدٍ قلنا لها هاتِها / فقالَ ما هاتِ ومعناها
كأنما ليسَ لنا أضلعٌ / على هواهُ قد طويناها
ولم تكنْ في خدِّهِ وردةٌ / تزيدُ حسناً إن قطفناها
قلنا لهُ تلكَ إذنْ قبلةٌ / كلُّ محبّ قد تمناها
فلم يزلْ يمنعنا خدَهُ / ولم تزلْ حتى أخذناها
مالتْ دلالاً فارتمى شعرها
مالتْ دلالاً فارتمى شعرها / كالليلةِ الظلماءِ أو شبهها
فلم نزلْ نرقبُ بدرَ الدجى / حتى تجلى البدرُ من وجهها
الشرقُ سوقُ الغربِ لكنها
الشرقُ سوقُ الغربِ لكنها / لا يشتري منها سوى البائرِ
باعَ بنوها بعضُهمْ بعضَهم / والويلُ للرابحِ وللخاسرِ