المجموع : 30
مَهَفْهَفٌ يُخجِلُ بَدرَ الدُّجَى
مَهَفْهَفٌ يُخجِلُ بَدرَ الدُّجَى / فإن رآهُ اكْتَنَّ في السُّحْبِ
قَوَامُهُ يُزرِي إِذا ما انْثَنَى / مِنْ لِينِهِ بالغُصُنِ الرَّطِبِ
يَبسِمُ عن دُرٍّ تَعالَى الّذِي / نَظَّمَه في البارِدِ العَذبِ
أُلاَمُ فيهِ وهَو لي شَاغِلٌ / بالَهَجرِ عن لَومٍ وعَن عَتبِ
نَفسي فَدتْ بَدْرَ تمامٍ إذا
نَفسي فَدتْ بَدْرَ تمامٍ إذا / عاتَبَنِي بالجِدّ أو بالمُزاحْ
سَدَدتُ بالتقبيل فاهُ على / مسكٍ ودُرٍّ وعقيقٍ ورَاحْ
بَاحَ بشكْوى ما بِهِ فاستراحْ
بَاحَ بشكْوى ما بِهِ فاستراحْ / فهلْ عليه في الهوى من جُناحْ
لمّا رأى كِتمانَ ما يَنْطَوي / عليهِ لا يُغْنِي إذا الدّمعُ بَاحْ
دَاوَى بما أعلن من بثِّه / قَلباً من الكتمانِ دَامِي الجراحْ
صَبٌّ حَماهُ الوجدُ طيبَ الكرَى / وجِسمُهُ للسُّقمِ نَهبٌ مُباحْ
مُخاطِرٌ يركب هولَ الهَوى / أمّاً وأمّاً مثلَ ضرب القِداحْ
يا صاحِ ما أصحاكَ عن سَكْرَتي / عَقْلِي بأحْوى ذِي مِراحٍ ورَاحْ
مُهفْهَفٍ صحَّت على سُقمِها / جُفونُه فهي مِراضٌ صِحاحْ
لِطَرفِه فَتكةُ بِيضِ الظُّبا / وقَدِّه هزّةُ سُمرِ الرِّماحْ
شمسُ نهارٍ تَرتدي بالدّجى / غُصنٌ مُراحٌ فوق حِقفٍ رَدَاحْ
طَافَ عَلينا والدّجى راكدٌ / يُظلُّنا من جُنحِه بالجنَاحْ
بقهوةٍ مِن خدِّه أَشرَقت / ونَشْرُها الضّائِعُ من فيهِ فَاحْ
فَظَلْتُ في أَمْنِ غرَامِي به / من كلِّ واشٍ ورَقيبٍ ولاَحْ
في حِنْدِسَيْ طُرَّتِه والدّجَى / ونَيِّرَيْ غُرَّتِه والصّباحْ
بغبطةٍ جادَت على بُخلِها / بها اللّيالي غَلَطاً لاَ سماحْ
حتَى قَضى الدّهرُ بتفريقنا / فما احتيالي في القضاءِ المُتاحْ
ظبيٌ تَغارُ الشمسُ من حُسنهِ
ظبيٌ تَغارُ الشمسُ من حُسنهِ / ماءُ الحَيا من خَدِّهِ يَقْطُرُ
مُبتَسِمٌ عن جوهرٍ رائعٍ / يَفوحُ منهُ المسكُ والعنبرُ
إذا مَشَى أخجلَ سُمرَ القَنَا / وحارَ فيه عقلُ مَن ينظُرُ
ما فيهِ من عَيبٍ سِوَى أنَّه / إذا أَردْنَا وصلَه يَهجُرُ
حتّى مَتَى يا قلبُ لا تَستفيقْ
حتّى مَتَى يا قلبُ لا تَستفيقْ / حَسْبُكَ قد حُمِّلتَ مالا تُطيقْ
أضنَاكَ إشفاقُكَ من غَدرِهمْ / وما عَسى يُجدي حِذَارُ الشَّفِيقْ
إن أخْلَفُوا عَهدَك أو بدَّلُوا / فكُن بِحُسْن الصَّبرِ عنهُم خَليقْ
واعزِم عَلى سُلوانِهِم عَزْمةً / تَثْنِيكَ بعد الرِّقِّ حُرّاً طليقْ
لا تَبكِهِم إن نَزَحَتْ دارُهُمْ / واهجرْهُمُ هجرَ الخَلِيِّ المُفيقْ
لن تعدَمَ الأَعواضَ عنهُم ولاَ / في الأرضِ إن أنتَ ترحَّلتَ ضِيقْ
دَعْ ذا فما الناسُ سواءٌ ولا / يلْقَى الفتَى في كلِّ أرضٍ صَديقْ
وهبكَ تلقى عِوضاً عنهُمُ / أراجعٌ عصرُ الشبابِ الأَنيقْ
عَلِقتُهم حينَ رداءُ الصِّبَا / ضَافٍ وغُصني ذُو اعتدالٍ ورِيقْ
حتى إذا أُشرِبَ قَلبي لهُمْ / حُبّا جَرى في الجسمِ جَرْيَ الرَّحيقْ
ألتِمِسُ الأعواضَ عنهُم َلقَد / أتيتُ ما ليسَ بمثلي يَليقْ
أرُوعُهم بالعَتْب مُستصلِحا / وتحتَ ذاك العَتبِ قَلبٌ شَفيق
يرعَى لهم ما ضيَّعُوا إِنَّهُ / بِهمْ على ما كانَ منهُم رَفيقْ
ما خَطَر السُّلوانُ فِي بَالي
ما خَطَر السُّلوانُ فِي بَالي / فما الّذي أَطمعَ عُذّالي
وجدِي بهمْ في اليومِ كالأمسِ ما / غيّرَهُ ما حَالَ من حَالي
أهوَى وما حَظِّيَ منهُم كما / أَهوَى وَلا قَلبِيَ بالسّالِي
لجَاجةٍ في الحبِّ ما تَحتَها / سوى صَبابَاتِي وبِلبَالي
لِيَ القِلَى منهُم ومِن لاَئِمي / فيهم طويلُ القيلِ والقَالِ
وما أُبالِي بالّذي نَالَني / لو أَنَّني منهم على بَالِ
يا قمراً في غُصنِ بانٍ على / نَقاً مَهُولٍ غيرِ مُنهالِ
ميّلَكَ الواشِي فَما حيلتي / في أَهيَفِ القامَةِ ميّالِ
مُستَهْتِرٍ بالهَجرِ ألقَاهُ في ال / أَحلامِ وهو المُعرِضُ القَالِي
نَاظِرُهُ الفتّاكُ لا ناظِرٌ / علَى تَعَدِّيهِ ولا وَالي
يحكُمُ في أرواحِنا طَرْفُهُ / حكمَ أَبي الغَاراتِ في المَالِ
كتمتُ بَثّي غيرَ أن لم أُطِق
كتمتُ بَثّي غيرَ أن لم أُطِق / كتمانَ فيضِ المَدمَعِ الهَاملِ
السّافِحِ السّاكِبِ الماطِرِ /
ولَيس يُدْرَى لِقَذىً جَائلٍ / في العينِ فاضَت أم هَوىً دَاخِلِ
فاضحٍ غالِبٍ ظاهِرِ /
كالوُرقِ لا يُدرَى على هَالِكٍ / نَاحتْ أم ارتَاحَت إلى رَاحلِ
نَازحٍ غائبٍ هاجِرِ /
ما أنصفُوا في الحبِّ إذ حُكِّمُوا
ما أنصفُوا في الحبِّ إذ حُكِّمُوا / سَلَوْا وقَلبِي بِهِمُ مُغرَمُ
أَحببتُهم في عُنفوانِ الصّبَا / وليلُ فودِي حالكٌ أَسحَمُ
حتّى إِذا عصرُ الشّبابِ اِنقضَى / وأَشرَقَتْ في ليليَ الأَنجُمُ
صَدّوا وأَنساهُم ذِمَامَ الهَوى / ما اِختَلق الواشُون واللوَّمُ
فَمن تُرى يحفَظُ عهدَ الهَوى / إِن ضيَّعُوهُ وهُمُ ما هُمُ
والحبُّ كالأَرزاقِ بينَ الورَى / يُرزَقُ ذَا مِنهُ وذَا يُحرِمُ
سَعَى بنا الواشي إليهمْ فَما / تَبيّنُوا الحَقَّ ولَا اِسْتَفْهَمُوا
وسَمْعُ من مَلَّ قَبولٌ لمَا / يُزَخْرِفُ الكاشِحُ أو يَزعُمُ
ولاَ وَمَن أَشْربَ قَلبي لَهُم / حُبّاً جَرى من حَيثُ يَجري الدّمُ
ما خُنتُهُم عهداً ولا فَاهَ لِي / بما رَوى الواشُون عَنّي فَمُ
فلَو رأَوْا قَلبِي رَضُوا كلَّ ما / يُعلِنُهُ فيهمْ ومَا يَكتُمُ
دَعْ ذا فما يُسمَعُ عُذرُ الهَوى / بَعدَ التّقَالِي فَالقِلَى أَبكَمُ
براءَةُ المملُولِ مَستورَةٌ / وعُذْرُهُ الواضحُ مُستَبهِمُ
ولو سَعَى الطّيفُ بِهِ في الكَرَى / لَقيلَ هذا المُنْزَلُ المُحكَمُ
فاصْبِر على جَور الهَوى إِنَّهُ / به تَقَضّى الزّمَنُ الأَقْدَمُ
قُولاَ لَذَا الغَضبان يا ظالِماً
قُولاَ لَذَا الغَضبان يا ظالِماً / يغضَبُ أَن أَدعُو عَلى ظَالِمي
أَظنُّه أَنتَ وإِلاّ فَلِمْ / تَخشى دُعائي دُونَ ذَا العَالَمِ
يَا ربِّ لا يُقْبَلْ عليهِ وإِن / جَارَ دُعاءُ المُغرَمِ الهَائِمِ
بِاللهِ يا مُغرَىً بِهجرانِي
بِاللهِ يا مُغرَىً بِهجرانِي / وَيا مُبيحَ الدَّمعِ أَجْفاني
هَلْ في القضَايا أَنَ مَن مَا جَنَى / يَخضعُ بالعُذرِ إِلى الجَاني
أَحببتُها في عُنفوانِ الصِّبَا
أَحببتُها في عُنفوانِ الصِّبَا / وقلتُ إنَّ الشيبَ يُسلِيني
فزادني شَيْبي جُنوناً بها / حتّى كأَنَّ الشيبَ يُغْرِيِني
وكالشبابِ الشَّيبُ لا مِيزةٌ / بينهُما عندَ المجَانِينِ
يا دمعُ انْجِدْني على بُعدِهمْ
يا دمعُ انْجِدْني على بُعدِهمْ / فقد تَرى قِلّةَ أنْصاري
بَرِّدْ جوىً في القلب من ذكْرِهمْ / أحرَّ ناراً من لَظَى النّارِ
فليس شيءٌ مُذهِبٌ للشَجَى / مثلَ انهمالِ المَدمَعِ الجَاري
ما وَجْدُ مَن فارَق أحبَابَه
ما وَجْدُ مَن فارَق أحبَابَه / كَوجْد من فارَق رَوْحَ الحيَاهْ
فارقتُ مَن أموالُه عِنْدَهُ / عاريَةٌ مَضمونةٌ للعُفَاهْ
مَن طَابَ لِلجَانِي جَناهُ وَمَنْ / كَفَّر بِالعَفْوِ ذُنُوبَ الجُنَاهْ
أعزُّ مِن أجْفَانِ عَيْني عَلَى / عَيْني ومِن قَلبٍ حباهُ هَواهُ
إذا مَدَحْنا ماجداً غَيرَه / فَما أردَنا بمديحٍ سِواهُ
فمن يُساوي فقْدَ هذا بمح / بوبٍ إذا ما غَابَ عنهُ سَلاَهْ
متى أرَى الطّوبانَ قد مَهَّدت
متى أرَى الطّوبانَ قد مَهَّدت / حيطانَه السّودَ المَحارِيثُ
ما فيهِ إلاّ رِيحُ عادٍ وأج / لافٌ طَغامٌ وبراغيثُ
أبا تُرابٍ دهرُنا جاهلٌ
أبا تُرابٍ دهرُنا جاهلٌ / يَرفع للشِّبهِ ذَوِي الجهْلِ
كأنّه المِيزانُ يعلُو به / ذو النّقْصِ عن رُتبةِ ذي الفضلِ
وما يضِرُّ العزلُ مَن لم يَزَلْ / من فضلِهِ الباهِرِ في شُغلِ
زدني عُلاً لا أرتَضِي باللّهى
زدني عُلاً لا أرتَضِي باللّهى / حَسبِيَ ما نوّلْتَ مِن مَالِ
أغنيتَ نفسِي ويَدي فاستَوى / حَالَيَ في العفَّةِ والمَالِ
فلِي نوالٌ ونَدىً سَيْبُه / يُرجَى ومِن فَضلِكَ إِفضالي
وإنّما أبغِي العُلا لا الغنَى / ومثلُها يَبغيهِ أمثالِي
والجَوْرُ في حكمِ الصبابةِ جائزٌ / بخلافِ أحكامِ المليكِ العادِلِ
الصّالِحِ الهادِي الذي في عدلِهِ / ساوَى انخفاضُ الزُّجِّ صدرَ العَامِلِ
وسِر إلى بحرٍ خِضَمٍّ له
وسِر إلى بحرٍ خِضَمٍّ له / من عَزمِه سيفُ وغَىً مِخذَمُ
حتّى إذا أنطقَكَ العدلُ في / جلالِه والخلُقُ الأكرمُ
قل لأَميرِ المسلمينَ الّذي / به استَنَار الزَّمنُ المُظلِمُ
أنتَ الّذي ما جُرتَ يوماً ولا / جَرى على سيفِكَ ظُلماً دَمُ
ساويتَ في عدلِكَ بين الورَى / حتّى تَساوَى الزُّجُّ واللَّهذمُ
وقُمْتَ في اللهِ احتساباً فقد / وَقَمْتَ من يطغَى ومن يُجرِمُ
وكلُّ أهلِ الشامِ أوسعْتَهُم / عدلاً فمالِي دونَهم أُحرَمُ
أطعْتَ في حكمِكَ فيَّ الهَوَى / وما كذا يفعَلُ مَن يحكُمُ
من يُنصِفُ المظلومَ مِنَّا إذَا / كنتَ وحاشَاك الذي يَظلِمُ
وأنت ظِلُّ اللهِ في أرضِه / تردَعُ من يظلِمُ أو يَغشِمُ
فلا يشُبْ أجرَ الجهادِ الذي / فُزتَ به دونَ الورَى مأْثَمُ
يا مُنعِماً مَوْردُ إحسانِه
يا مُنعِماً مَوْردُ إحسانِه / سَهلٌ فَما في مَنِّهِ مَنُّ
قد اقْتَدى بالمُزْنِ في جُودِه / بل بِنداهُ يَقتدي المُزنُ
بَسَطْتَ كفّاً في النّدى والوغَى / ما كَفَّها بُخلٌ ولا جُبْنُ
فاسلَم من الدّهرِ ففِيه على / كلِّ كريمٍ ماجِدٍ ضِغنُ
رِجلايَ والسبعون قد أوْهَنَتْ
رِجلايَ والسبعون قد أوْهَنَتْ / قُواي عن سَعيي إلى الحَربِ
وكنتُ إن ثوَّبَ داعِي الوغَى / لبَّيتُهُ بالطَّعنِ والضَّربِ
أشقُّ بالسّيفِ دُجَى نقعِها / شقَّ الدَّياجي مرسَلُ الشُّهبِ
أنازِلُ الأقرانَ يُرديهِمُ / من قَبلِ ضَربي هامَهمُ رُعْبِي
فلم تَدَعْ منّي اللّيالي سوَى / صَبرِي على اللأّْوَاءِ والخَطبِ
ألقَى الرّزايَا رابطَ الجأش فِي / أحْداثِها مجتَمِعَ اللُّبِّ
ما خَانَنِي عزمِي ولا عزَّنِي / صَبرِي ولا اُرتاعَ لَها قَلبي
عِنديَ للأيّامِ إن أقْبَلَتْ
عِنديَ للأيّامِ إن أقْبَلَتْ / عليَّ فعلُ الخيرِ والجودُ
وإن تَوَلَّتْ فَفؤادي كما / علِمْتَ في اللأواءِ جُلمودُ
يُصابرُ الأيّامَ أو تَنقضي / خُطوبُهنَّ البيضُ والسّودُ
تَيقَّظْ فمن يَشناك يسهرُ لَيلَه / وقَد يخدَعُ اليقظانَ مَن هو راقدُ
ولا تَحتَقِر كيدَ الضَّعيفِ فإنّما / تَقُدُ شِفارَ المُرهَفاتِ المَبارِدُ
وتُلْقَى الأسودُ بالخديعَةِ في الزُّبَى / ولَو جُوهِرَتْ لم يَنْجُ منهُنَّ صائدُ
وإهمالُ ما يُخشى من الأمرِ مُهلكٌ / ومَصرعُ رِضوانٍ بما قُلتُ شاهِدُ