المجموع : 18
طابت بكِ الأيام وافرحتاه
طابت بكِ الأيام وافرحتاه / أنتِ الأماني والغنى والحياه
فليذهب الليل غفرنا له / ما دام هذا الصبح عقبى دجاه
يا من غَفَت والفجر من دارها / شعشع في الآفاق أبهى سناه
قد طرق الباب فتى متعب / طال به السير وكلَّت خطاه
نقَّل في الأيام أقدامه / يبغي خيالاً مائلاً في مُناه
عندك قد حطّ رحال المنى / وفي حمى حسنك ألقى عصاه
كم هدأ الليل وران الكرى / إلا أخا سهدٍ يغنِّي شجاه
ناداك من أقصى الربى فاسمعي / لمن على طول اللليالي نداه
نادى أليفاً نام عن شجوه / عذبٌ تجنيه عزيزٌ جناه
أحبّكِ الحب وغنى به / عفَّ الأماني والهوى والشفاه
وإنما الحب حديث العلى / أنشودة الخلد ونحن الرواه
أصبحت من يأسي لو ان الردى
أصبحت من يأسي لو ان الردى / يهتف بي صحت به هيا
هيا فما في الأرض لي مطمح / ولا أرى لي بعدها شيا
ماذا بقائي ها هنا بعدما / نفضت منه اليوم كفيا
أهرب من يأسي لكأسي التي / أدفن فيها أملي الحيّا
يا أيها الهارب من جنتي / تعال أو هات جناحيا
نبكي شبابينا ونبكي المنى / وترتمي بين ذراعيا
إني على يأسي وكأسي كأبي / وعلى سرابي عاكف وشرابي
ولقد فرغتُ من التعلل بالمنى / إلا وميضاً في الرماد الخابي
رمقاً يعللني بأنك عائد / يوماً لقلبي قبل يوم ذهابي
حتى إذا الأقدار شئن وعدتَ لي / راجعتُ نفسي واتهمت صوابي
أأرى شروقك في أفول مغاربي / وأشم عطرك في ذبول شبابي
هات اسقني واشرب على سر الأسى / وعلى بقايا مهجة وشجاها
مهلاً نديمي كيف ينسى حبها / من ينشد السلوى على ذكراها
ما زلت تسقيني لتنسيني الهوى / حتى نسيت فما ذكرت سواها
كانت لنا كأس وكانت قصة / هذا الحباب أعادها ورواها
الآن غشاها الضباب وها أنا / خلف المآسي والدموع أراها
غال الزمان ضبابها وحبابها / وتبخرت أحلامها ورؤاها
لا تبكها ذهبت ومات هواها / في القلب متسع غدا لسواها
أحببتها وطويت صفحتها وكم / قرأ اللبيب صحيفة وطواها
تلك الوليدة لم تطل بشراها / لمّا تكد تطأ الثرى قدماها
زف الصباح إلى الرمال نداءها / وسرى النسيم عشية فنعاها
يا رب ما أعجب هذي البلاد
يا رب ما أعجب هذي البلاد / لا ليلَ فيها كل ليلٍ صباح
وكل وجه في حماها ضِماد / ومصر لا تنبت إلا الجراح
يا شطر نفسي وغرامي الوحيد
يا شطر نفسي وغرامي الوحيد /
ما شئتِ يا ليلاي لا ما أريد /
يا من رأت حزني العميق البعيد / داويتِ لي جرحي بجرح جديد
هتكتِ عن روحي خفي النقاب /
فلم يزل يا ليل هذا الحجاب /
حتى مشت كفّاك فوق العذاب / يا ليل إني لشقي سعيد
عمري سرابٌ في بقايا سراب /
وكل أيامي المواضي اغتراب /
فاليوم يا ليلاي طاب المآب / في ظلك الرحب الجميل المديد
فليذهب الماضي البعيد السحيق /
فيه صريع للبلى لا يفيق /
في جدث يزداد ضيقاً وضيق / في كفن ضمَّ الشباب الشهيد
ويوم لقياك على سلم /
في جانب مكتئب مظلم /
يا عذبة العينين والمبسم / وغضة الحسن الشهي الفريد
في لحظة يقفز فيها دمي /
وتعقد الدهشة فيها فمي /
من أي كون جئت لم أعلم / يا نفحة من نفحات الخلود
هيا أجل هيا إلى أينا /
لحيث نحكي حلم روحينا /
لحيث نروي سر قلبينا / فإن فرغنا من حديث نعيد
أي مكان بهوانا يضيق /
فامض بنا إن زحام الطريق /
في ظل حبينا رحيب طليق / وكل ركن طيب في الوجود
من أنت لا أدري ولا من أنا /
فيا إله الحب ماذا اسمنا /
إنّا حبيبان وذا حبنا / إنّا وليدان وهذا وليد
ومجلس قد ضمنا في الرخام /
رف على قلبين فيه السلام /
ترمقنا فيه ظنون الأنام / ولا تخلينا عيون الحسود
وحين ودعتِ خلال الجموع /
مشى على إثرك قلبي الوجيع /
مشى به الحب وكيف الرجوع / وفي ضميري هاتف هل تعود
لا تجزعوا للشاعر الملهم
لا تجزعوا للشاعر الملهم / ما مات لكن صار في الأنجم
ما كان إلا زائراً عابراً / لأي سر جاء لم نعلم
والآن قد رُدَّ إلى سربه / في قدس ذاك الفلك الأعظم
الآن قد رُدَّ إلى ربه / فتى إلى الخلد مشوقٌ ظمي
الآن قد أصبح في قربه / فتى لآفاق السما ينتمي
كان فراشاً حائراً في الدنى / في نورها أو نارها يرتمي
فإن نجا من نارها مرة / فمن لهيب النفس لم يسلم
لا تجزعوا للشاعر الملهم / بنضرة الأيام لم ينعم
مرَّ بهذا الكون في لحظة / طالت كعمر الأبد الأعظم
أي جلالٍ فاته وصفه / وأي حسن فيه لم يرسم
فإن يكن ردَّ إلى حضنه / فعودة المغرم للمغرم
ورجعة القلب إلى صدره / بالعطف في أحنائه يرتمي
لا تجزعوا للشاعر الملهم / والله ما نام مع النوَّم
ولم ينل منه أكول البلى / وإنما غاب إلى موسمِ
قل لوزير الحق وهو الذي
قل لوزير الحق وهو الذي / قد استقامت في حجاه الأمور
خذ من مقالي ذمة أنني / عنهم إلى ساح المعالي سفير
يا جاعل الأوقاف في عهده / مدينة والقفر فيها قصور
ونابشاً فيها الكنوز التي / مرت عليها بالعفاء العصور
نبشت فيها عبقرياتها / منقباً عن كل قدر خطير
فكل ما قيل وما لم يقل / عن فضلك الجم الغفير الوفير
مما جرى في شفةٍ عاجزاً / وما توارى في حنايا الصدور
من حق عبد الحق في عدله / له وإن يأبى إليه المسير
تحية للأصل مردودة / وباقة قد قدمت للوزير
سبحان ربي قد رأينا الدجى / يجلوه في عهدك صبحٌ منير
ماشيت هذا العصر في سيره / والعصر يعلو بجناح النسور
ما زلت بالأوقاف حتى رأت / محطم القيد وفادي الأسير
كم عيروها بسلحفاتها / فلينظروها بجناحٍ تطير
يا نابشاً فيها كنوز الحجى / من كل وهاجٍ قليل النظير
من ذهب الدار وآياتها / فتى كبير القلب صافي الضمير
له معاني البحر في هدأة / وفيه روح كانسياب الغدير
خذ من سجاياه ومن علمه / ما يهب الورد وتطوي البحور
أبي أخي كعبة آمالنا
أبي أخي كعبة آمالنا / أكرمتني أكرمك الله
أعجب ما في الشكر أني امرؤ / بيانه عندك يعصاه
يا من يرى القلب وشكواه / ويعلم الشعر ونجواه
كم شاعر منطقه خانه / فاغرورقت بالشعر عيناه
ما أكرم الخلق وأسماه / وأعذب الطبع وأصفاه
إنك فردّ دون ثانٍ ولن / يرى لهذا النبل أشباه
عفوك عن حال فتى متعب / بات على الأشواك جنباه
طال به الليل على حيرة / وامتد كالموجة يغشاه
يسائل الليل على طوله / عن ذلك الليل وعقباه
والنور أين النور هل غاله / ماحٍ محا الفجر وأخفاه
قد كدت لولا ثقة لا تهي / وخشية الله وتقواه
أقول جف البر لا ديمة / تهمي ولا المزنة ترعاه
حتى رأيت الخير في طلعة / تحمل لي الخير وبشراه
في لمعة تومض في فرقد / في فلك أنت محياه
حمدت ربي وعرفت الرضى / يا رحمة الله ونعماه
أرى سمائي انحدرت وانطوت
أرى سمائي انحدرت وانطوت / لا تحسبي النجم هوى وحده
فيا نجوم الليل لا نجم لي / ولا أرى لي أفقاً بعده
إني على كاسي أُعيد السنين
إني على كاسي أُعيد السنين / وأبعث الماضي البعيدَ الدفين
وحدي وقد أقسمتُ لن تعرفي / وما الذي يجديك لو تعرفين
وما الذي يُجدي طعينَ الهوى / لَمسُكِ يا هند جراحَ الطعين
أصبحتُ لا أدري شربتُ الطِّلَى / عند بكائي أم شربتُ الأنين
كم أزرع السّلوان في خاطري / وكيف ينمو في مَحيلٍ جديب
بالخمر أسقيه وفي مسمعي / إرنانُ باكٍ وتشاكي حبيب
الجامُ يبكي لوعةً أم أنا / جامي غريبٌ وفؤادي غريب
واحيرتي تُرى أصُبُّ الطِّلى / أم أنني فيه أصبّ النحيب
يا إِلفَ نفسي لم يكن ها هنا / همٌّ لإِلف وسلوٌّ هناك
لم يَجرِ همسٌ لك في خاطرٍ / إلا جرى عندي كأني صداك
ولم أكن أعرفُ لي مدمعاً / إلا الذي تذرفُه مقلتاك
أصونُ حزني لك حتى اللقا / وأحبِسُ الفرحَةَ حتى أراك
إن كنت غنّيتُ فإِني الذي / وقفتُ ألحاني على سَرحَتك
حَبَستُ هذا الصوتَ لم ينطلق / إِلا على حزنكِ أو فرحتك
خمائلُ الروض بأعطارها / لم تَشجُني إلا على نفحتك
أنكرتُها طُرّاً ولم أعترف / إلا بطيبٍ جاء من جنّتك
وَافَرَحِي اليومَ بحريَّتي / بأيِّ ليل مدلهمٍّ أطير
رُدِّي على قلبي قيودَ الأسير / وذلك الصبحَ الوضيء المنير
كم شُعَبٍ لاحت فلم تختلف / لأيِّها نغدو وأنَّى نسير
بعد سني الأنوار خلَّفتِ لي / جَهمَ المساعي وخَفِيَّ المصير
علمتِ حالي لا وحقِّ الذي / صيَّرني أُشفِقُ أن تعلمي
هيهات تَدرين انطلاقَ الهوى / كجمرةٍ نضَّاحةٍ بالدم
هيهات تَدرين وإِن خِلتِه / وَثبَ الهوى الضاري وفتكَ الظَّمِي
وصارخاً كَبَحتُه في فمي / وطاغياً كبَّلتهُ في دمي
لا أنت تدرين وما من أحَد / بواصفٍ حسنَك مهما اجتهد
أو بالغٍ سرَّ الذكاء الذي / يكادُ في لحظك أن يَتَّقِد
أو مدركٍ عمقَ المعانِي التي / في لمحةٍ عابرةٍ تحتشد
أو فاهمٍ فنَّ الصَّناعِ الذي / أبدَع الاثنين الحِجا والجسد
يا من بِواديه حَطَطتُ الرحال
يا من بِواديه حَطَطتُ الرحال / ورحَّبت بي وارفاتُ الظلال
بذلت أقصى ما يكون القِرَى / وما تمنَّى طامعٌ من منال
بسطتَ كالآباد عمر المنى / لطامعٍ في لحظاتٍ قِلال
بنيتُ محرابيَ لم أتَّخِذ / ديناً سوى حبّك في كل حال
أمهل فؤادي ساعةً ريثما / أخلعُ عن عيني قِناعَ الخيال
أمهل فؤادي ساعةً ريثما / أخلعُ عن قلبي سرابَ الضلال
فهذه الصحراءُ عريانةٌ / ممتدّةٌ خانقةٌ كالملال
خليعةُ الطبعِ على كُثبِها / عَربَدةُ الريح وكُفرُ الرمال
هيهات للقلب صَلاةٌ بها / ولا عليها معبدٌ وابتهال
خلعتُ إيماني على شكِّها / وبدَّدته السارياتُ الثِّقال
نادتنيَ الصحراءُ وهي التي / آدَت جحيمي في السنين الطّوال
تُريد سرّي إن سرِّي هنا / في مُغلَقٍ أسرارهُ لا تنال
قالت بهذا الصمتِ ما لم يقل / وقلتُ بالزفراتِ ما لا يُقال
يا أيها العالي الغفورُ الصفوح
يا أيها العالي الغفورُ الصفوح / هل ترحم القمَّةُ ضَعف السُّفوح
تاجُك في النور غريقٌ وفي / عرشك غَنَّى كل نجمٍ صَدُوح
وأين هاماتُ الربى نُكِّسَت / من هامةٍ فوق مُنيفِ الصُّروح
وأين أوراقٌ خريفيّةٌ / أرجحَهَا الشكُّ فما تستريح
من باسقٍ راسٍ به خضرةٌ / ثابتةُ الرأي على كل ريح
بَرِئتَ من هذى الوِهاد التي / نَغدُو على أنَّاتِها أو نَروح
وأين في مبتسماتِ الذرَى / برقُ الأماني من وميض الجروح
أصِخ لهذي الأرضِ واسمع لما / تشكو لمن غَيرك يوماً تبوح
تطفو على طوفان آلامها / وأين في آلامها فُلكُ نوح
أروَعُ شيءٍ صامتٍ في العُلى / أفصح مُفضٍ بالبيان الصّريح
يُعَيِّرُ الأرض إذا أظلمت / بما على مَفرِقِه من وضوح
هل تسخرُ الحكمةُ ممّا بنا / من نزواتٍ وعنانٍ جَموح
حَمقَى قُصارَى كلِّ غاياتنا / عزمٌ مَهيضٌ وجَناحٌ كسيح
أُعيذُ عدلَ الحقِّ من ظلمنا / فكم على القِيعان نَسرٌ جريح
ونازحٌ من قِمَمٍ في علٍ / أوطانُه كل سَموقٍ طروح
أنت له كلُّ الحِمى المُرتَجى / وكلُّ مَبغاه إليكَ النُّزوح
ما النسرُ إلا راهبٌ في العُلَى / محرابُه وجهُ السماء الصبيح
وقلبُها السَّمحُ فما حَطَّهُ / على الثَّرَى الجَهمِ الدميمِ الشحيح
على الثَّرَى حيثُ تسابيحُه / نوح الحَزَانى ونداءُ القُروح
مبتهلٌ باكٍ بدمع الأسى / على الليالي وسقيمٌ طريح
ما أتعس الأرضَ بعُبَّادها / تُبهِجُ من أخلاطِهم ما تُبيح
قد أنكرَ الهيكلُ زُوَّارَه / وأصبح الديرُ غريبَ المُسوح
لم يعرف الجسمُ خلاصاً به / من كُدرَةِ الطين ولم تَنجُ روح
يا سيِّدَ القمَّةِ أَنصِت لنا / لا يعرفُ الإِشفاقَ قلبٌ مُشيح
وانظر إلى السِّكِّين في ساحةٍ / قد زمجرت فيها دماء الذَّبيح
واسكب نَدَى الحبِّ بأفواهِنا / كم من بَكِيٍّ وظَمِيٍّ طليح
فربما يُشرقُ بعد الضَّنى / وجهٌ مليح وزمانٌ مليح
صيّركَ الحسن أميرَ الوجود
صيّركَ الحسن أميرَ الوجود / والشعر من درّاته كَلَّلَك
مستلهماً منك معاني الخلود / فكل تاجٍ في العلى منك لك
فَنَاهِبٌ برق الثنايا العذاب / وسارقٌ ياقوتةً من فمك
وكل تغريد الهوى والشباب / أغنيّةٌ حامت على مبسمك
وذلك الماس الرفيع السنا / والجوهر الغالي الذي صِدتُهُ
أرفع من فكر الورى مَعدِنا / وكل فضلي أنني صُغتُهُ
لا فكر لي عشتُ على فكرتك / أقبس ما أقبس من غُرَّتك
ودمعتي تقتات من عبرتك / فانظر بمرآتي إلى صورتك
أشقانيَ الحبُّ وقلبي سعيد / يَعُدُّ هذا الدمع من أنعمك
أجزلُ ما كافأ هذا الشهيد / بلوغُه المجد على سُلَّمك
لا شيء من يوم النَّوى منقذي / إني امرؤٌ عنك وشيك المسير
وأنت باقٍ والجمال الذي / غنّى به شعري ليومي الأخير
انظر إلى آيات هذا الجمال / ترتدُّ عنها عاديات البلى
عاجزةَ الباع ويأبى الزوال / لوردةٍ من عَدن أن تذبلا
للأنفس الظمأى إِليك التفات / ولهفةٌ ملءَ اللّحاظ الجياع
ولي التفاتٌ لسري الصّفات / واللؤلؤِ اللّماح خلف القناع
قلبي مع الناس وفكري شَرود / في عالمٍ رَحب بعيد الشِّعاب
عيني على سرٍّ وراء الوجود / وبغيتي عرشٌ وراء السحاب
كم طرت بي واجتزت سور الضباب / والضوء ملء القلب مِلء الرحاب
وعدت بي للأرض أرض السَّراب / والليل جهمٌ كجناح الغراب
أريتَني الغيب الذي لا يُرى / كشفتَ لي ما لا يراه البصر
ثم انحدرنا نستشفُّ الثرى / علّ وراء التُّرب سرَّ السفر
صدري وسادٌ زاخرٌ بالحنان / تصوُّري أعجب ما في الزمان
موج على لُجَّته خافقان / قَرَّا على أرجوحةٍ من أمان
كمركب في البحر يومَ اغتراب / ما أبعد المحنة بعد اقتراب
هيهات يُنجِي من شطوط العذاب / إلا عبابٌ دافقٌ في عباب
ملأتُ كأسي وانتظرت النديم / فما لساقي الرُّوح لا يُقبل
شوقي جحيمٌ وانتظاري جحيم / أقلُّ ما في لفحِهِ يقتل
أنت كريم الودّ حُلو الوفاء / فما الذي عَاقَكَ هذا المساء
وما الذي أخَّر هذا اللقاء / وحرَّم النبع وصدَّ الظِماء
أذمّ هذا الوقت في بُطئِهِ / آخرهُ يعثُر في بَدئِهِ
لله ما أحمل من عِبئِهِ / وما يُعاني القلب من رُزئِهِ
تدقُّ فيه ساعةٌ لا تدور / وإن تَدُر فهو صراعُ اللُّغوب
رنينُها يُقلق صُمَّ الصدور / وطَرقُها يقرع باب القلوب
يا ذاهباً لم يَشفِ مني الغليل / ما أسرع العقربَ عند الرحيل
هتفتُ قف لم يبق إلا القليل / وكل حيٍّ سائرٌ في سبيل
يومٌ تولّى أو ظلامٌ سجا / كلاهما بالقرب منك انتصار
أأحمد اليوم تلاه الدُّجى / أم أحمد الليل تلاه النهار
إن نَوَّر النجم به مرَّةً / فإن إشراقَك لي مرّتان
وكيف يُبقى الشكُّ لي حيرةً / ولي على برج المنى نجمتان
فهذه تلمع في خاطري / مِلءُ دمي إشراقُها والبهاء
وهذه تُومِئُ للساهر / والليلُ صافٍ وأديم السماء
وهذه تجلو كثيف الغيوم / وهذه تَدرَأُ عني الهموم
وتَمحق الحزن وتَأسُو الكلوم / فما الذي أجرَى دموع النجوم
هيهات أنسى دُرَّة الأنجم / إِليَّ من آفاقها ترتمي
وفي جريحٍ أعزلٍ تحتمي / من أي هولٍ هي لم تعلمِ
إنَّ ضلوعاً تحتمي في ضلوع / مقادرٌ ليس بها من رجوع
أخلدُ أصفاد الجوى والنزوع / هوى الحزانى وعناق الدموع
رضيت بالدهر على ما جَنَى / وأُبتُ بالحكمة بعد الجنون
ومرّ يومي هادئاً ساكناً / وأيُّ شيءٍ خادع كالسكون
أرنو إلى الصحراء حيث الرمال / نامت كأنَّ اللفح فيها ظلال
يا ليت لي والدهر حالٌ وحال / من وقدة الإِحساس بعض الكلال
فأقبلُ الدنيا على حالها / مسلِّماً بالغدر في آلها
وراضياً عنها بأغلالها / محتملاً وطأة أثقالها
الرُّعبُ سيَّان بها والأمان / والحسن زادٌ سائغٌ للزمان
والوهم في حالاتها كالعِيان / والحبُّ والكره بها توأمان
وَدِدتُ لو قلبي كهذي القفار / أصمُّ لا يسمع ما في الديار
أعمى عن الليل بها والنهار / وددت لو قلبي كهذي القفار
وددتُ لو عنديَ جهل الثرى / تَعمُر أو تُقفر هذي البيوت
غفلان لا يعنيه أمرٌ جرى / أيُولَد الحيُّ بها أم يموت
وليلةٍ تمضي وأخرى وما / جئتَ فهل ألهاك عني أحد
ما ضاء من ليلاتنا أظلما / والسبت خَدَّاعٌ بها كالأحد
يمتلئ السطح على ضيقه / والوقت عندي كانفساح الأبد
حسدته والقلبُ في ضيقه / أنا الذي لم أدرِ طعم الحسد
وذلك الجاز وهذا النغم / منتقلاً بين الرضا والألم
يحمل لي طيف خيالٍ قَدِم / تراه عيني في ثنايا حُلُم
في واحةٍِ يرسو عليها الغريب / فكلُّ ما فيها لديه غريب
وهكذا الدنيا خداعٌ عجيب / إذا خلت أيامها من حبيب
وهكذا يومٌ ويومٌ سواه / ينكرها القلب الصَّبور الحمول
وهكذا يذهب طِيب الحياه / بين التمنّي واعتذار الرسول
هنا مِهاد الحب هل تذكرين / وها هنا بالأمس طاب السمر
وتلك أحلام الهوى والسنين / يحملها التَّيار فوق النَّهَر
والقمر الفضيُّ بين الغيوم / يخفق كالمنديل عند الوداع
يا حسرتا هل صوَّرته الهموم / كالزورق الغارق إلا شراع
قد جلَّلته غيمةٌ عابرة / تسحب أذيال الأسى والندم
وأغرقته موجةٌ غامرة / فأطبق الصمت وَرَانَ العدم
ضممت أضلاعي على نعشه / فلم يزل فيها لهاوٍ شعاع
لأي غورٍ زال عن عرشه / وغاص في اللجِّ إلى أيِّ قاع
أرثي لحظّ الأُفق وهو الذي / يرمقني بالنظرة الساخره
وتهرب الأنجم هذي وَذِي / ويجثم الليل على القاهره
ويزحف الكون على خاطري / كأنه في مقلة الساهر
سَدٌّ من الرُّعب بلا آخر / يعبُّ عبَّ الأبد الزاخر
وفي ظلال الموت موتِ الوجود / وخلفَ أطلال البِلى والهمود
وبين أنفاس الرَّدى والخمود / وتحت سُحبٍ عابساتٍ وسود
تدفعني عاصفةٌ عاتيه / تقصف من خلفي وقُدَّاميه
قد مزّقت روحي وآماليه / وقرَّبت لي طرَف الهاويه
تلمع في الظلمة أحداقها / قد رحَّبَت باليأس أعماقها
شافيةُ النفس وترياقها / مشتاقةٌ أقبل مشتاقها
قد كان لي عندك عزُّ الذليل / وكان للآمال ومضٌ ضئيل
يلمع في ظَنِّيَ قبل الرحيل / فانطفأ النور ومات القليل
فداك يا جاهلةً ما بيه / قلبي وأنفاسي الحِرار الظِّماء
وكيف أنسى ليلتي الداميه / ولهفتي أَلهَثُ خلف القطار
وعودتي أجرع كأس الحياة / مُعاقِراً سُمَّ الفناء البطيء
أُنكِرُ أو أفزع ممن أراه / سيان من يذهب أو من يجيء
وليلةٍ فاضت بوسواسها / تعجب من إلفَين بين البَشَر
ذلك يعدو خلف أنفاسها / وهذه تتبع سير القمر
تتبعه بين الرُّبى والشِّعاب / تتبعه يسري خلال السحاب
كم هلَّلت وهو يضيء الرِّحاب / والتفتَت محسورةً حين غاب
وذلك الطفل اللهيف الغيور / في فَلَكٍ من ضوء ليلى يدور
يقفو خطاها وهي بين الطيور / لها جناحان مراحٌ ونور
كزورقٍ يعبر بحر الوجود / له شراعان ولحظٌ شَرُود
كم شرَّقا أو غرَّبا في صعود / وارتفعا حتى كأن لن يعود
ليلى ارجعي إني شقيّ كئيب / أهتف مفقودَ الهُدَى والقرار
يا هاته الأوطان إني غريب / وعالمي ليس هنا يا ديار
تركتني وحدي وخلَّفتني / أرزح تحت المُبكيات الثِّقال
أنكرتِ ميثاقي وأنكرتني / أَكُلُّ ماضينا وليد الخيال
فرغت من أحلامه وانطوى / بِمُرِّهِ وارتحتُ من عذبه
الأمرُ ما شئت فذنب الهوى / على الذي يكفر يوماً به
كان إلى الله سبيلي وما / كان إلى الإِيمان دَربٌ سواه
وكان في جُرح الهوى بلسما / وكان عندي منحة من إله
مهما تكن ناري فإنّ الجحيم / أرأفُ بي من ظلم هذا البعاد
وربّ همّ مُقعِدٍ أو مقيم / قد لطَّفَته نسمات الوداد
فخفَّت النار وقرَّ الهشيم / وعاودتني الذِّكَرُ الغابره
والنيل يجري هادئاً والنسيم / معربدٌ في الخُصَل الثائره
كم تهتف الأيام خانت فَخُن / ويح حياتي إن تَخُن أمسها
إن هنتُ هذا عهدها لم يَهُن / ولا لياليها وإن تنسها
تُهيبُ بي الفرصةُ قبل الفوات / ويعرض الصَّيد فلا أقنصُ
إني امرؤ زادي على الذكريات / وما غلا عندي لا يرخصُ
ومطلب في العمر ولَّى وفات / وكان همِّي أنه لا يفوت
كأن فجراً ضاحكاً فيَّ مات / وملءُ نفسي مغربٌ لا يموت
في السَّأم الحيِّ الذي لا يَبيد / والأملِ الطاغي بأن ترجعي
أجدِّدُ العيش وما من جديد / وأدّعي السّلوان ما أدّعي
كم خانني الحظ ولا أنثني / أقضي زماني كلَّه في لعل
وتُقسم المرآة لي أنني / رَقَّعتُ بالآمال ثوب الأجل
قد فاتني الصيف وخان الربيع / وكان همّي كلًُّه في الخريف
وما شكاتي حين شملي جميع / وأنت لي أيكٌ وظلٌّ وريف
والآن قد مزّق عندي القناع / موتُ الأباطيل وزحف الشتاء
وبدَّد الوهم وفضَّ الخداع / بَردُ المنايا وشحوب الفناء
وَأسِفَ القلبُ لكنزي الذي / غَصَّت به أفئدة الحُسَّدِ
صحوت من وهمي ولا كنز لي / قد صَفِرت منها ومنه يدي
أين زمانٌ مُكتسٍ يومُه / بالحبِّ مَوشِيٌّ بحُلم الغد
من هاته الأيام محرومةً / عريانةَ الآمال والموعد
قد قتل الدهرُ هنائي كما / ماتت بثغري ضحكات السعيد
وربما رقَّ زمانٌ قسا / فانعطف الجافي ولان الحديد
محقّق الآمال أو واعدٌ / بفرحةٍ يوم لقاء وعيد
فإن يَعدِني ثار شكِّي به / كأنما وعد الليالي وعيد
واأسفاً هذا سجلٌّ كُتِب / خَطَّتهُ كفُّ القدَر المحتجب
ففيم عَودِي لقديم الحِقَب / وفيم تَسألي عمَّا ذهب
ضاقت بنا مصرُ وضقنا بها / وكلُّ سهلٍ فوقها اليوم ضاق
وضاقت الدنيا على رحبها / أين نداماي وأين الرفاق
كفٌّ تَلُمُّ العمر والعُمر راح / وقبضةٌ تجمع شمل الرياح
لا حَبَبٌ باقٍ ولا ظل راح / ليلٌ تولَّى وتولَّى صباح
هذا نهار مات يا لَلنَّهار / كل مساءٍ مصرعٌ وانهيار
مال جدار النون بعد انحدار / وغابت الشمس وراء الجدار
وذا مساءٌ صبغته الهموم / بلونها القاني وهذي غيوم
تحوم والظلمة فيها تحوم / تبسط مهداً ليّناً للنجوم
كأن ثوباً في السماء احترق / فلم يزل حتى استحال الأفق
ظلّ دخان أو بقايا رمق / ولم يعُد إلا ذيولُ الشفق
وتزحف الظلماء زحف المُغير / حاجبة ما دونها كالسِّتار
وكل حيٍّ وادعٌ أو قرير / ما اختلف الشأن ولا الحظ دار
العيش أمرٌ تافهٌ والمنون / والحكمةُ الكبرى بها كالجنون
وهكذا نمضي وتمضي السنون / وهكذا دارت رحاها الطحون
في شَجِّها حيناً وفي طَعنِها / سينقضي العمرُ وأين الفرار
وثورةُ الشاكين من طحنها / نوحُ الشظايا وعتابُ الغُبار
متى يرق الحظ يا قاسي
متى يرق الحظ يا قاسي / ويلتقي المنسيُّ والناسي
متى وهل من حيلة في متى / وفي خيالاتٍ وأحداسِ
هدَّ قراري جريها في دمي / وهمسها في كر أنفاسي
وأنت مثل النجم في المنتأى / وفي السنا الخاطف كالماسِ
يرنو له الناس ويبغونه / وما يبالي النجم بالناسِ
وأنت كأس الحسن لكننا / مثل حبابٍ حامَ بالكاسِ
طفا وقد قبّل أنوارها / ورفَّ مثل الطائر الحاسي
وجفَّ أو ذاب على نورها / كما يذُوب الطلّ بالآس
جلستُ يوماً حين حلَّ المساء
جلستُ يوماً حين حلَّ المساء / وقد مضى يومي بلا مؤنسِ
أُريح أقداماً وهت من عياء / وأرقب العالَم من مجلسي
أرقبه يا كَدّ هذا الرقيب / في طيب الكون وفي باطله
وما يبالي ذا الخضم العجيب / بناظر يرقب في ساحله
سيان ما أجهل أو أعلم / من غامض الليل ولغز النهار
سيستمر المسرح الأعظم / روايةً طالت وأين الستار
عييتُ بالدنيا وأسرارها / وما احتيالي في صموت الرمال
أنشد في رائع أنوارها / رشداً فما أغنم إلا الضلال
أغمضت عيني دونها خائفاً / مبتغياً لي رحمة في الظلام
فصاح بي صائحها هاتفاً / كأنما يوقظني من منام
أنت امرؤٌ ترزح تحت الضنى / لم يبق منك الدهر إلا عناد
وكل ما تبصره من سنا / يهزأ بالجذوة خلف الرماد
وكل ما تُبصره من قوى / تدوي دويّ الريح عند الهبوب
يسخر من مبتئس قد ثوى / يرنو إلى الدنيا بعين الغروب
انظر إلى شتى معاني الجمال / منبثة في الأرض أو في السماء
ألا ترى في كل هذا الجلال / غير نذيرٍ طالعٍ بالفناء
كم غادة بين الصبا والشباب / تأنّق الصانع في صنعها
تخطر والأنظار تحدو الركاب / ولفظة الإعجاب في سمعها
وربما سار إلى جنبها / مدلّه ليس يبالي الرقيب
يمشي شديد العجب في قربها / إذ راح يوليها ذراع الحبيب
وانظر إلى سيارة كالأجل / تخطف خطفاً لا تُبالي الزحام
هذا الردى الجاري اختراع الرجل / هل بعد صنع الموت شيءٌ يُرام
وانظر إلى هذا القويّ الجسد / الباتِر العزم الشديد الكفاح
قد أقبل الليل فحيّ الجلد / في رجل يدأبُ منذ الصباح
أجبت يا دنياي من تخدعين / إني امرؤٌ ضاق بهذا الخداع
مزّقتِ عن عيشي هنيّ السنين / لأنني مزقتُ عنكِ القناع
إن الجمالَ الساحرَ الفاتنا / يا ويحه حين تغير الغضون
ويعبث الدهر بحلو الجنى / وتستر الصبغة إثم السنين
وهذه السيارة العاتيه / وربها الجبار كالبرق سار
ما هي إلا شُعَلٌ فانيه / نصيبها مثل شعاع النهار
وارحمتاه للقويّ الصبور / يقضي الليالي في كفاح سخيف
وكيف لا أبكي لكدح الفقير / أقصى مناه أن ينال الرغيف
كم صِحتُ إذا أبصرت هذا الجهاد / وميسم الذلة فوق الجباه
يا حسرتا ماذا يلاقي العباد / أكُلُّ هذا في سبيل الحياه
وفي سبيل الزاد والمأكل / نملأ صدر الأرض إعوالا
كم يسخر النجمُ بنا مِن عل / وكم يرانا الله أطفالا
يا ربِّ غفرانك إنا صغار / ندبّ في الدنيا دبيب الغرور
نسحب في الأرض ذيول الصغار / والشيبُ تأديبٌ لنا والقبور
يا معجباً تاه على صحبه
يا معجباً تاه على صحبه / برأسه بوركَ من رأسِ
فنصفُه الأعلى به أجردٌ / عارٍ ولكنَّ القفا مكسي
يا حسنه من بتناج به / تمشي القباقيبُ بلا حسِّ
يبرطع البرغوثُ في ساحها / ويشردُ المسكينُ لا يرسي
وغادةٍ تجلس في جانبي
وغادةٍ تجلس في جانبي / كأنها الزهرةُ في كمِّها
أبدعُ ما تنظر عينُ امرئٍ / وخيبةُ الله على أمِّهَا
طابت بك الأيامُ وافرحتاه
طابت بك الأيامُ وافرحتاه / أنتِ الأماني والغنى والحياة
قد وَجَدَ الضليلُ نورَ الهُدى / يا حلمه يا نجمه يا سناه
فليذهب الليلُ غفرنَا له / ما دامَ هذا الصبحُ عقبى دجاه
جمالُكِ الطاهرُ عندي له / إيمانُ قلبٍ في خشوعِ الصلاة
وَلي إلى ذاك الجمالِ اتجاه / ولي بسلطانِكِ عزٌّ وجاه
قد طَرَقَ البابَ فتىً متعبُ / طالَ به السيرُ وكلَّت خطاه
نَقَّلَ في الأيامِ أقدامَه / يبغي خيالاً ماثلاً في مُناه
عندَكِ قد حَطَّ رحالَ المنى / وفي حِمَى حسنِك أَلقَى عصاه
أينَ شقاءٌ صاخبٌ في دمي / جَرَّعَني الضنكُ إلى منتهاه
له إذا دوَّى به ساخراً / ضِحكُ التَشَفِّي وجنونُ الطغاة
شكراً لذاتٍ هبطت من عَلٍ / تَحَدَّتِ النحسَ فشُلَّت يداه
بأيِّ كفٍّ طعنت قلبَه / فماتَ في قلبي حتَّى صداه
قد هَدَأ الليلُ وران الكرى / إِلا أخَا سهدٍ يغني شجاه
ناداكِ من أقصى الربى فاسمعي / لِمَن على طولِ الليالي نِدَاه
نادَى أليفاً نام عن شجوهِ / عذبٌ تجنِّيهِ عزيزٌ جناه
أحبّكِ الحبَّ وغنى به / عفَّ الأماني والهوى والشفاه
وإنما الحبُّ حديثُ العلى / أنشودةُ الخلدِ ونحنُ الرواه
هبَّ علينا عطرُ أنسامٍ
هبَّ علينا عطرُ أنسامٍ / من ساحرِ المقلةِ بسَّامِ
ما حلَّ حتى سارَ في ركبِه / معجزُ ألبابٍ وأفهام
فحسنه ملهِم أقلامٍ / وشاعرٍ شادٍ ورسامِ
وكيفَ لا يسمو بأرواحِنَا / لطف كلمحِ الكوكبِ السامي
يلمع لَمعَ البرقِ في رقةٍ / وكلُّ برقٍ وحي إلهامِ
وكلُّ لَحظٍ مرسلٍ للورى / يد المداوي فوقَ آلامِ
وعينها النجلاء إن تَلتفت / فموقع الصهباء في الجامِ
وأينما حلَّت بنا نضَّرَت / ببسمةٍ عابسَ أيَّامِ
لقد تجلَّت قدرةٌ من علٍ / مذ أنعمَ اللهُ بأنَعامِ