المجموع : 144
أَثنِ عَلى الخَمرِ بِآلائِها
أَثنِ عَلى الخَمرِ بِآلائِها / وَسَمِّها أَحسَنَ أَسمائِها
لا تَجعَلِ الماءَ لَها قاهِراً / وَلا تُسَلِّطها عَلى مائِها
كَرخِيَّةٌ قَد عُتِّقَت حَقبَةً / حَتّى مَضى أَكثَرُ أَجزائِها
فَلَم يَكَد يُدرِكُ خَمّارُها / مِنها سِوى آخِرَ حَوبائِها
دارَت فَأَحيَت غَيرَ مَذمومَةٍ / نُفوسَ حَسراها وَأَنضائِها
وَالخَمرُ قَد يَشرَبُها مَعشَرٌ / لَيسوا إِذا عُدّوا بِأَكفائِها
أَعتَلُّ بِالماءِ فَأَدعو بِهِ
أَعتَلُّ بِالماءِ فَأَدعو بِهِ / لَعَلَّها تَنزِلُ بِالماءِ
وَيَعلَمُ اللَهُ عَلى عَرشِهِ / ما طِبِّيَ الماءُ وَلا دائي
إِلّا لِما أَلقى بِإِنسانَةٍ / مُختالَةٍ في نَعلِ حِنّاءِ
وُلِدتُ في حُبِّكِ يا مُنيَتي / بِطالِعٍ لَيسَ بِمِعطاءِ
هَذا وَريحي مِنكُمُ صَرصَرٌ / تُجِفُّ دوني كُلَّ خَضراءِ
فَدَيتُ مَن حَمَّلتُهُ حاجَةً
فَدَيتُ مَن حَمَّلتُهُ حاجَةً / فَرَدَّني مِنهُ بِفَضلِ الحَياءِ
وَقالَ ما شِئتَ فَسَل غَيرَنا / فَفي الَّذي تَطلُبُ جازَ الإِباءِ
فَقُلتُ ما لي حاجَةٌ غَيرَها / فَقالَ ها مِنكَ لَقيتُ البَلاءِ
ثُمَّ ثَنى ثَوباً عَلى وَجهِهِ / فَبَلَّهُ مِن خَجَلٍ بِالبُكاء
يا راكِباً أَقبَلَ مِن ثَهمَدٍ
يا راكِباً أَقبَلَ مِن ثَهمَدٍ / كَيفَ تَرَكتَ الإِبلَ وَالشاءَ
وَكَيفَ خَلَّفتَ لَدى قَعنَبٍ / حَيثُ تَرى التَنَّوُمَ وَالآءَ
جاءَ مِنَ البَدوِ أَبو خالِدٍ / وَلَم يَزَل بِالمِصرِ تَنّاءَ
يَعرِفُ لِلنارِ أَبو خالِدٍ / سِوى اِسمَها في الناسِ أَسماءَ
إِذا دَعا الصاحِبَ يَهيا بِهِ / وَيُتبِعُ اليَهياءَ يَهياءَ
لَو كُنتَ مِن فاكِهَةٍ تُشتَهى / لِطيبِها كُنتَ الغُبَيراءَ
لا تَعبُرُ الحَلقَ إِلى داخِلي / حَتّى تَحَسّى دونَها الماءَ
يا مَعشَرَ العُشّاقِ ما البُشرى
يا مَعشَرَ العُشّاقِ ما البُشرى / قَد ظَفِرَت كَفّي بِمَن أَهوى
واصَلَني مِن بَعدِكُم سَيِّدي / كَذاكَ أَيضاً لَكُمُ العُقبى
ضَمَمتُ كَفَّيَّ عَلى دُرَّةٍ / لا شِركَةٌ فيها وَلا دَعوى
لَمّا تَمَلَأتُ سُروراً بِها / أَغرَبتُ عَنّي سائِرَ الدُنيا
أَنزَفَ دَمعي طولُ تَسكابِهِ
أَنزَفَ دَمعي طولُ تَسكابِهِ / وَاختَصَّني الحُبُّ بِأَتعابِهِ
وَأَغرَقَت قَلبي بِحارُ الهَوى / مِمّا بِهِ مِن طولِ أَوصابِهِ
وَاختَصَّني الحُبُّ حَليفاً لَهُ / بورِكَ في الحُبِّ وَأَسبابِهِ
مَن صَدَقَت نِيَّتُهُ في الهَوى / أَعانَهُ الحُبُّ عَلى ما بِهِ
يُعينُهُ اللُهُ عَلى حُبِّهِ / إِن صَحَّحَ الحُبُّ لِأَصحابِهِ
وَزائِرٍ زارَ بُعَيدَ الكَرى / ذَكَّرَ قَلبي كُنهُ أَطرابِهِ
أَقبَلَ يَسعى في الدُجى مُقبِلاً / كَالبَدرِ يَمشي بَينَ أَترابِهِ
فَقُلتُ لَمّا أَن بَدا مُعلِناً / شَمساً تَجَلَّت بَينَ أَثوابِهِ
فَباتَ يَسقيني جَنى ريقِهِ / يَمزُجُهُ لي بَردُ أَنيابِهِ
وَصاحِبٍ عَفِّ الذُرى ماجِدٍ / بِهَديِهِ زَينٍ لِأَحبابِهِ
قُلتُ لَهُ خُذها أَبا جَعفَرٍ / فَقَد تَدَلّى الصُبحَ في بابِهِ
وَقَد مَضى عَنكَ ظَلامُ الدُجى / وَانكَشَفَت أَستارُ أَثوابِهِ
فَسَلسَلَ الكَأسَ عَلى كُرهِهِ / وَمَرَّ فيها بَعدَ تَقطابِهِ
كَأَنَّما الكَأسُ إِذا صُفِّقَت / قِنديلُ قَسٍّ وَسطَ مِحرابِهِ
وَأَصبَحَت أَلسُنُ أَوتارِهِ / إِذ حَرَّكَ المَثنى بِمِضرابِهِ
ثُمَّ شَدا لَمّا جَرَت كَأسُهُ / صِرفاً وَمَرَّت بَينَ أَترابِهِ
عاوَدَ قَلبي كُنهُ أَطرابِهِ / مِن حُبِّ مَن أَصبَحتُ أَغنى بِهِ
يا قَمَراً أَبرَزَهُ مَأتَمٌ
يا قَمَراً أَبرَزَهُ مَأتَمٌ / يَندُبُ شَجواً بَينَ أَترابِ
يَبكي فَيَذري الدُرَّ مِن نَرجِسٍ / وَيَلطُمُ الوَردَ بُعُنّابِ
لا تَبكِ مَيتاً حَلَّ في حُفرَةٍ / وَاِبكِ قَتيلاً لَكَ بِالبابِ
أَبرَزَهُ المَأتَمُ لي كارِهاً / بِرُغمِ داياتٍ وَحُجّابِ
لا زالَ مَوتاً دَأبُ أَحبابِهِ / وَلَم تَزَل رُؤيَتُهُ دابي
أَرسَلَ مَن أَهوى رَسولاً لَهُ
أَرسَلَ مَن أَهوى رَسولاً لَهُ / إِلَيَّ وَالمَنسوبُ مَحبوبُ
فَقُلتُ أَهلاً بِكَ مِن مُرسَلٍ / وَمِن حَبيبٍ زانَهُ الطيبُ
جَمَّشتُهُ في كِلمَةٍ فَاِنثَنى / وَقالَ هَذا مِنكَ تَجريبُ
مِثلُكَ لا يَعشُقَ مِثلي وَقَد / هامَت بِهِ بَيضاءُ رُعبوبُ
وَجاءَتِ الرُسلُ بِأَن آتِنا / فَجِئتُها وَالقَلبُ مَرعوبُ
قالَت تَعَشَّقتَ رَسولي لَقَد / بَدَت لَنا مِنكَ الأَعاجيبُ
تَخرُجُ إِمّا سَفَرَت حاسِراً
تَخرُجُ إِمّا سَفَرَت حاسِراً / تُدِلُّ بِالحُسنِ وَلا تَنتَقِب
صَيَّرَني عَبداً لَها مُذعِناً / حُبّي لَها وَالحُبُّ شَيءٌ عَجَب
لَو وَعَدَتني مَوعِداً صادِقاً / أَو كاذِباً بِالجِدِّ أَو بِاللَعِب
ظَنَنتُ أَنّي نِلتُ ما لَم يَنَل / ذو صَبوَةٍ في العُجمِ أَو في العَرَب
ما غَضَبي مِن شَتمِ أَحبابي
ما غَضَبي مِن شَتمِ أَحبابي / أَعظَمُ مِن شَتمِهِمُ ما بي
لَو قُستُ بِالشَمِّ بَلائي بِهِم / زادَ فَأَفنى حَسبَ حُسّابي
يا رَحِمَ اللَهُ الَّذي مَسَّني / مِنكِ بِأَوجاعٍ وَأَوصابِ
لَمَوقِعُ الهِجرانِ بَينَ الحَشا / أَنفَذُ مِن رِشقٍ بِنُشّابِ
إِرثي وَجودي لِفَتى مُدنَفٍ / أَصبَحَ في هَمٍّ وَتَعذابِ
مُشتَهِراً يَنشُرُ أَسرارَهُ / في كُلِّ يَومٍ أَلفُ مُغتابِ
إِنّي لِما سُمتَ لَرَكّابُ
إِنّي لِما سُمتَ لَرَكّابُ / وَلِلَّذي تَمزُجُ شَرّابُ
لا عائِفاً شَيئاً وَلَو شيبَ لي / مِن يَدِكَ العَلقَمُ وَالصابُ
ما حَطَّكَ الواشونَ عَن رُتبَةٍ / عِندي وَلا ضَرَّكَ مُغتابُ
كَأَنَّما أَثنَوا وَلَم يَشعُروا / عَلَيكَ عِندي بِالَّذي عابوا
وَأَنتَ لي أَيضاً كَذا قُدوَةٌ / لَستُ بِشَيءٍ مِنكَ أَرتابُ
فَكَيفَ يُعيِينا التَلاقي وَما / يَعدَمُنا شَوقٌ وَأَطرابُ
كَأَنَّما أَنتَ وَإِن لَم تَكُن / تَكذُبُ في الميعادِ كَذّابُ
إِن جِئتُ لَم تَأتِ وَإِن لَم أَجِئ / جِئتَ فَهَذا مِنكَ لي دابُ
في الحُبِّ رَوعاتٌ وَتَعذيبُ
في الحُبِّ رَوعاتٌ وَتَعذيبُ / وَفيهِ يا قَومُ الأَعاجيبُ
مَن لَم يَذُق حُبّاً فَإِنّي امرُؤ / عِندي مِنَ الحُبِّ تَجاريبُ
عَلامَةُ العاشِقِ في وَجهِهِ / هَذا أَسيرُ الحُبِّ مَكتوبُ
وَلِلهَوى فِيَّ صَيودٌ عَلى / مَدرَجَةِ العُشّاقِ مَنصوبُ
حَتّى إِذا مَرَّ مُحِبٌّ بِهِ / وَالحَينُ لِلإِنسانِ مَجلوبُ
قالَ لَهُ وَالعَينُ طَمّاحَةٌ / يَلهو بِهِ وَالصَبرُ مَغلوبُ
لَيسَ لَهُ عَيبٌ سِوى طيبِهِ / وَبِأَبي مَن عَيبُهُ الطيبُ
يَسُبُّ عِرضي وَأَقي عِرضَهُ / كَذالِكَ المَحبوبُ مَسبوبُ
إِنّي لِصافي الراحِ شَرّابُ
إِنّي لِصافي الراحِ شَرّابُ / وَلِلظِباءِ الغيدِ رَكّابُ
وَإِنَّما روحِيَ كُلُّ اِمرِئٍ / مَنزِلُهُ الجَنّاتُ وَالغابُ
فَاشرَب عَلى وَجهِ هَضيمِ الحَشا / أَينَعَ في خَدَّيهِ عُنّابُ
كَأَنَّما هاروتُ في طَرفِهِ / بِالسِحرِ في عَينَيهِ جَلّابُ
مَطِيَّةُ الكَأسِ بَنانٌ لَهُ / أَصبَحَ فيهِ الحُسنُ يَنسابُ
وَفاتِنٍ بِالنَظَرِ الرَطبِ
وَفاتِنٍ بِالنَظَرِ الرَطبِ / يَضحَكُ عَن ذي أَشَرٍ عَذبِ
خالَيتُهُ في مَجلِسٍ لَم يَكُن / ثالِثُنا فيهِ سِوى الرَبِّ
فَقالَ لي وَالكَفُّ في كَفِّهِ / بَعدَ التَجَنّي مِنهُ وَالعَتبِ
تُحِبُّني قُلتُ مُجيباً لَهُ / وَفَوقَ ما تَرجو مِنَ الحُبِّ
قالَ فَتَصبو قُلتُ يا سَيِّدي / وَأَيُّ شَيءٍ فيكَ لا يُصبي
قالَ اِتَّقِ اللَهَ وَدَع ذا الهَوى / فَقُلتُ إِن طاوَعَني قَلبي
أَضرَمتَ نارَ الحُبِّ في قَلبي
أَضرَمتَ نارَ الحُبِّ في قَلبي / ثُمَّ تَبَرَّأتَ مِنَ الذَنبِ
حَتّى إِذا لَجَّجتُ بَحرَ الهَوى / وَطَمَّتِ الأَمواجِ في قَلبي
أَفشَيتُ سِرّي وَتَناسيتَني / ما هاكَذا الإِنصافُ يا حِبّي
هَبنِيَ لا أَسطيعُ دَفعَ الهَوى / عَنّي أَما تَخشى مِنَ الرَبِّ
يا مَن لَهُ في عَينِهِ عَقرَبُ
يا مَن لَهُ في عَينِهِ عَقرَبُ / فَكُلُّ مَن مَرَّ بِها تَضرِبُ
وَمَن لَهُ شَمسٌ عَلى خَدِّهِ / طالِعَةٌ بِالسَعدِ ما تَغرُبُ
يا بَكرُ مَن سَمَّيتُهُ سَيِّدي / مَلُحتَ لي جِسماً فَما تَعذُبُ
وَصارَ إِعراضاً بِشاشاتُكُم / وَماتَ ذاكَ السَهلُ وَالمَرحَبُ
أَشابَ رَأسي قَبلَ أَترابي
أَشابَ رَأسي قَبلَ أَترابي / حُبّي لِمَن حُبّيهِ أَزرى بي
عَلِقتُ مِن حَيني وَمِن شِقوَتي / أَخا مُزاحٍ يَتَمَرّى بي
لابِسَ سيما قائِلٍ صادِقٍ / مَخبورُهُ مَخبورُ كَذّابِ
تُخبِرُني عَن قَلبِهِ كُتبُهُ / إِنَّ بِهِ أَعظَمَ مِمّا بي
حَتّى كَأَنّي واجِدٌ حِسُّهُ / أَو مَسَّهُ مِن دونِ أَطرابي
سيروا إِلى أَبعَدِ مُنتابِ
سيروا إِلى أَبعَدِ مُنتابِ / قَد ظَهَرَ الدَجّالُ بِالزابِ
هَذا ابنُ نَيبَختٍ لَهُ إِمرَةٌ / صاحِبُ كُتّابٍ وَحُجّابِ
أَصبَحتُ مُحتاجاً إِلى ضَربِ
أَصبَحتُ مُحتاجاً إِلى ضَربِ / إِذ أَطلُبُ الرِزقَ إِلى كَلبِ
إِلى اِمرِئٍ يُطعِنُ في دينِهِ / يُورِقُ مِنهُ خَشَبُ الصَلبِ
إِن دامَ إِفلاسي عَلى ما أَرى
إِن دامَ إِفلاسي عَلى ما أَرى / هَجَرتُ إِخواني وَأَصحابي
وَبُعتُ أَثوابي وَإِن بِعتُها / بَقيتُ بَينَ الدارِ وَالبابِ