القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 141
وجاهلٍ أعرضتُ عن جهلهِ
وجاهلٍ أعرضتُ عن جهلهِ / حتى شكا كفِّي عنِ الشكوى
قد هام وجْداً باكْتراثِي له / وقد أبتْ نفسيَ ما يهوى
إنَّ مِنَ السلوى لخيلولةً / تُوهِمني البلوى به بلوى
أحضرتُ نجوى النفسِ تمثالَهُ / مستَحيِياً من شاهِد النجوى
وقلت للشعر أَلا أَعِدْني / على طويلِ الغَيِّ مُسْتَهوَى
فقال من خاصمتَ مستهلَكٌ / ليست على أمثالهِ عَدْوى
لو كان لي في مثلهِ موضعٌ / غادرتُهُ أُحدوثةً تُروَى
بكل بيتٍ سائرٍ عائرٍ / يُسمَعُ والوجهُ لهُ يُزوَى
لكنّ من تُهدي له شتمَهُ / تُهدي إليه المَنَّ والسلوى
قوَّمتُهُ بالشتمِ يُهدَى لَهُ / فلم أجدْ قيمتَهُ تَسوى
هاجَرني ظلماً أبو حَفْصلٍ
هاجَرني ظلماً أبو حَفْصلٍ / فأصبحتْ أعداؤُنا جَذْلَى
مازحتُه في بعض أيامِه / فصار في النُّفخةِ كالحُبْلى
ما ليَ لم أغضب على عِرْسِه / إذ سلحتْ في لحيتي السفلى
طعنتُها أسفلَ وَجْعائها / فانبجست من ثُقْبها الأعلى
سِكِّينُنَا هذا له حِدَّةٌ
سِكِّينُنَا هذا له حِدَّةٌ / تصلح للتقطيع والوجْءِ
يَفْجأ من لامسه حَتْفُهُ / بل حتْفُه أَوحَى من الفجءِ
يا باذلَ العُرفِ لأعدائِهِ
يا باذلَ العُرفِ لأعدائِهِ / مُذ كان فضلاً عن أوِدّائِهِ
ويا أخا الجودِ وخُلْصانَهُ / لكُلِّ ما يشفيه من دائِهِ
جاء البَنَفْسُ الرَّطبُ فامْنُنْ به / ما دام مَطلولاً بأندائِهِ
قد جادت الأرضُ بإنباتِهِ / فجُدْ لنا أنت بإهدائِهِ
ولا تكن أَبخلَ من طينةٍ / تُبديه في إبّانِ إبدائِهِ
ما الأرضُ أولى من فتى ماجد / بفعلِ معروفٍ وإسدائِهِ
والحُرُّ لا يقطعُ في حالة / عاداتِ جدواهُ وإجدائِهِ
ولا أياديهِ بمقْفُوّةٍ / بَيْضاؤُهُ منه بسودائِهِ
ولا عطاياهُ بمتْلُوَّةٍ / منها الهنيئاتُ بنَكْدائِهِ
ما حَقُّ من أسلف تأميلَهُ / مثلك أن يُجزى بإكْدائِهِ
وحيَّةٍ في رأسها دُرَّةٌ
وحيَّةٍ في رأسها دُرَّةٌ / تسبَحُ في بحرٍ قصيرِ المَدَى
فإن تَولَّتْ فالعَمَى حاضرٌ / وإن بدتْ بان طريقُ الهدى
إن أبا حفصٍ وعُثْنُونَهُ
إن أبا حفصٍ وعُثْنُونَهُ / كلاهما أصبحَ لي ناصبا
قد أُغريا بي يهجواني معاً / وحدي وكان الأكثرُ الغالبا
أقسمتُ ما استنجدَ عُثْنونَهُ / حتى غدا لي خائفاً هائبا
إن كان كفْؤاً ليَ في زعمه / فليعتزلْ لحيتَهُ جانبا
نجَّاك يا ابن الحاجِبِ الحاجبُ
نجَّاك يا ابن الحاجِبِ الحاجبُ / وأين ينجو منّيَ الهاربُ
أبعدَ إحرازِك أيمانَنا / هاربْتَنا واعتذر الحاجبُ
يا واقباً بالأمس في بيتهِ / ما وقبَ المِخراقُ يا واقبُ
يا عجباً إذ ذاك من حالةٍ / دافِعُنا فيها هو الجاذِبُ
حقّاً لقد أولَيتَنَا جَفوةً / يُمحِلُ منها البلدُ العاشبُ
انظُر بعين العدلِ تُبْصرْ بها / أنك عن منهاجِه ناكبُ
سالمتَ أضداداً فحاربتنا / وذاك منك العَجَبُ العاجبُ
أحَرْبُنا حين أسَغْتَ الشَّجا / وحِزْبُنا إذ ضافَك الحازبُ
هِيبَتْ لقومٍ شرَّةٌ فاجْتبُوا / ولم يَهَبْ شِرَّتَنا هائبُ
وانصاعت الدعوةُ تِلْقاءَهُم / وصابَ فيهم مُزنُها الصائبُ
لا بِدْعَ إن الحرب مرقوبةٌ / والسِّلمَ لا يرقُبُه راقبُ
هذا على أنك ذو شيمةٍ / يُدرُّها الماسحُ لا العاصبُ
لا زلتَ مَنْ لا سَيْفُهُ ناكلٌ / قِدْماً ومن لا بحرُه ناضبُ
يا حَسْرتا للسارِقي يومَنا / ولم يُصبهم مِخلَبٌ خالبُ
ما غرَّهم منا ونحن الأُلى / لم يُرَ في سلطانهم خاربُ
إن لم يُقيدونا بها مثلها / فالشعر حُرٌّ إن نَجَوْا سائبُ
بل ليتَ شِعري عنك في أمسنا / والظنُّ عن غيبِ الفتى ثاقبُ
هل قلتَ أخطأتم رماياكُمُ / لا يلتقي الشارقُ والغاربُ
لَهْفي وقد جاءَتْكَ جفَّالةٌ / كلٌّ مُغِذٌ ساغِبٌ لاغبُ
ألا يُلاقوك فَتَلْقى بهم / أكْلَ يتامى ما لهم كاسبُ
من كلِّ شَحْذانِ الْحشا لُهْمُمٌ / يأكل ما لا يحسِبُ الحاسبُ
فكَّاهُ كالعصرين من دهره / كلاهما في شأنه دائبُ
ذي مِعْدةٍ ثعلبُها لاحِس / وتارةً أرنبُها ضاغبُ
تعلوهُ حُمَّى شَرَهٍ نافضٌ / لكنّ حُمّى هَضْمِهِ صالبُ
كأنما الفرُّوج في كفَّهِ / فريسةٌ ضِرغامها داربُ
وإن غدا الشَّبوط قِرْناً لهم / فخدُّ شَبُّوطِهمُ التَّاربُ
أقسمتُ لو أنك لاقيتَهُم / نابَك من أضراسهم نائبُ
أبشرْ بكرٍّ عاجلٍ إنني / بالثَّأْرِ في أمثالها طالبُ
لا تحسَبنِّي عنك في غَفْلةٍ / عَوْدِي وشيكٌ أيها الصاحبُ
قلتُ لصحبي حين راوغْتَهم / لا تحزنوا قد يشهدُ الغائبُ
سيصنعُ اللَّهُ لنا في غدٍ / إن كان أكْدَى يومُنا الخائبُ
كُرُّوا على الشيخ بتطفيلةٍ / عن عَزْمةٍ كوكبُها ثاقبُ
وإن زَواهُ عنكُمُ جانبٌ / فلا يَفُتْكُم ذلك الجانبُ
جُوسُوا عليه الأرضَ واستَخْبروا / حتى يروحَ الخبرُ العازبُ
لا تَنْجُوَنْ منكم فَراريجُهُ / لا وَهَبَ المُنْجي لها الواهبُ
لا تُفْلِتَنْ منكُم شَبَابيطُهُ / لا أفلتَ الطَّامي ولا الراسبُ
جُدُّوا فقد جَدَّ بكم لاعباً / وقد يَجُدُّ الرجلُ اللاعبُ
ولْيَكُن الكرُّ على غِرَّةٍ / والصيدُ في مأمنه ساربُ
مقالةٌ قمتُ بها خاطباً / وقد يُصيبُ الغُرَّةَ الخاطبُ
فاعتَزَمَ القومُ على غارةٍ / ساندَ فيها الراجلَ الراكبُ
يَهْدي أبو عثمان كُردُوسَها / هَداك ذاك الطاعنُ الضاربُ
يُرْقِلُ والرَّايَةُ في كفِّه / قد حَفَّها الرامحُ والناشبُ
والقومُ لاقَوْكَ فأعْدِدْ لهم / ما يَرْتضي الآكِلُ والشاربُ
يَسِّرْ فراريجَكَ مَقرونةً / بها شبابيطُكَ يا كاتبُ
تلك التي مَخْبَرُها ناعمٌ / تلك التي منظرُها شاحبُ
واذكُر بقلبٍ غيرِ مُسْتَوْهلٍ / يعروهُ من ذِكْر القِرى ناخبُ
أنَّك من جيران قُطْرُبُّلٍ / وعندك اللَّقحَةُ والحالبُ
فاسْقِ حليبَ الكَرْم شُرَّابَهُ / إذ ليس من شأنهمُ الرائبُ
أحضِرْهُمُ البكْرَ التي ما اصطلت / ناراً فكلٌّ خاطبٌ راغبُ
ليس التي يَخْطبُها المُتَّقي / بل التي يخطبها الشاذبُ
تلك التي ما بايتَتْ راهباً / إلا جفا قِنْدِيلَه الراهبُ
تلك التي ليس لها مُشْبهٌ / في الكأس إلا الذهبُ الذائبُ
أو أمُّها الكبرى التي لم يزل / للَّيل من طلعتها جائبُ
حَقَّقها بالشمس أن رُبِّيَتْ / في حِجْرها والشَّبَهُ الغالبُ
فهي ابنةُ الكَرْمِ وما إن يُرى / إلا التي الشمسُ لها ناسِبُ
أعجِبْ بتلك البِكْرِ محجوبةً / مكروبةً يُجْلَى بها الكاربُ
مغلوبةً في الدَّن مسلوبةً / لها انتصارٌ غالبٌ سالبُ
بينا تُرى في الزِّقِّ مسحوبةً / إذ حَكَمَتْ أن يُسحَبَ الساحبُ
تَقتصُّ من واترها صرْعةً / ليس لها باكٍ ولا نادبُ
إلا حَمَامُ الأَيك في أيكِهِ / أو عازفٌ للشَّرب أو قاصبُ
ذاتُ نسيمٍ مسكُهُ فائحٌ / وذاتُ لونٍ وَرْسُهُ خاضبُ
هاتيك هاتيك على مثلها / حامَ ولابَ الحائمُ اللائبُ
والنُّقْلُ والريحانُ من شأنهم / فلا يَعِبْ فقدَهما عائبُ
ولا تنمْ عن نرجسٍ مُؤْنسٍ / يضحكُ عنه الزَّمَنُ القاطبُ
ريحانُ رُوحٍ مُنْهِبٍ عطرَهُ / والروْحُ إذ ذاك هو الناهبُ
لم يلفح الصيفُ له صفحةً / ولا سقاه عُودهُ الشاسبُ
قد ناصب الوردَ فمِنْ قولهِ / لا يلتقي الشِّيعيُّ والناصبُ
وزَخْرِفِ البيتَ كما زُخرفتْ / روضةُ حَزْنٍ جادها هاضبُ
واجلُبْ لهم حَسناءَ في شدوها / لكلِّ ما سرَّهُمُ جالبُ
مُحسنةً ليست بخطَّاءة / طائرُها الهادِلُ لا الناعبُ
بيضاءَ خُوْداً رِدْفُها ناهدٌ / غيداءَ رُوداً ثديُها كاعبُ
مملوكةً بالسيف مَغْصوبةً / لها دلالٌ مالِكٌ غاصبُ
تَستوهِبُ الجيد إذا أَتلعتْ / من ظبيةٍ أَفْزَعها طالبُ
كأنَّ من عُولجَ من سِحرها / زجاجةٌ يشعبُها شاعبُ
نعيمُ من نادمها دائمٌ / وبَرْحُ من فارقهَا واصبُ
كأنها والبيتُ مُستضحِكٌ / والعودُ في قَبْضتها صاخبُ
أدْمانةٌ تَنْزِبُ في روضةٍ / جاوبَها خِشْفٌ لها نازبُ
واصبُبْ عليهم تُحفاً جَمَّةً / يُحْمَى بهنَّ الموعدُ الكاذبُ
ولا يكنْ فيما يُعانَى لهم / ضِيقٌ ولا ما يَخْشِبُ الخاشبُ
فما رأيْنا مَرْتعاً مُجْدِباً / إلا وفيه راتعٌ جادبُ
واغْرَمْ لهم من بعد ذا كُلِّه / ما نفل الملّاحُ والقاربُ
وتُبْ من الذنبِ الذي جئتَهُ / فقد يُقالُ المذنبُ التائبُ
كيما يقولوا حين تُرضيهمُ / يا حبذا المُنهزمُ التائبُ
وإن رَجَوْا أخرى فمن قولهم / أفْلَحَ هذا الغائب الآيِبُ
أعتِبْ بيومٍ صالحٍ فيهمُ / ليس على أمثاله عاتبُ
ولا يكن يوماً إذا ما انقضى / صِيحَ به لا رَجَعَ الذاهبُ
إلّا يكن ذاك لهم واجباً / فإن تطفيلَهُمُ واجبُ
عَجِّلْ لهم ذاك ولا تَهْجُهم / ولا يَثِبْ منك بهم واثبُ
فليس من يأدِبُ إخوانَهُ / مؤَدِّباً للقومِ بل آدبُ
أخْلَفنا نَوْؤُك موعودَهُ / فلا تصبنا ريحُك الحاصبُ
حاشاك أن يلقاك مُستمِطرٌ / ومُزْنُكَ الصاعق لا الصائبُ
أو فادْعُهُمْ ثم اهْجُهم راشداً / وأنت أنت الجابر الحاربُ
كي يذكروا من مأْرِبٍ معهداً / إنْ غرِقت في سيلها مأرِبُ
دع عنك خبط الجور في أمرنا / فقد أضاء السّنَن اللَّاحب
لا تُطعمنَّا لحمك المتَّقَى / فليس مما يأكل الساغبُ
وكيف أكلُ الناسِ لحمَ امرىء / مِقْوَلُهُ صَمْصَامَةٌ قاضبُ
واعلم بأنَّ الناسَ من طينةٍ / يصدق في الثلب لها الثالبُ
لولا عِلاجُ الناسِ أخلاقَهُم / إذاً لفاح الجمأُ اللازبُ
ومن غدا مثلك في مجده / حُمِّل ما لا يحمل الصاقبُ
فقاتِل الشُّحَّ بجند النّدى / يُنْصَرْ عليه إلبُكَ الآلبُ
واغرَمْ حُطاماً واغتنمْ سمعةً / فالزادُ ماضٍ والثّنا راتبُ
هذا مزاحٌ يا أخي كُلُّهُ / لشانئيك الشَجَبُ الشاجبُ
فاستصلحِ المالَ فمن دونِهِ / أُسْدٌ عليها الأشَبُ الآشبُ
إن الإخاء المصطفى بيننا / ليس له من غيره شائبُ
أقسمتُ والحق له فضلُهُ / إذا الْتَقَى المحتجُّ والشاغبُ
أنَّك ممّا يجتني المجتني / ولستَ ممّا يحطِبُ الحاطبُ
فاعمَرْ من النعماء في دولةٍ / منصورةٍ ليس لها قالبُ
بدرٌ وشمسٌ وَلَدَا كوكبا
بدرٌ وشمسٌ وَلَدَا كوكبا / أقسمتُ باللّه لقد أنجبا
ثلاثةٌ تُشرقُ أنوارُها / لا بُدِّلتْ من مَشرقٍ مَغربا
بدرٌ وشمس أبَوَا مُشتَرٍ / ما نازعتْ شَرْواهُ أمٌّ أبا
قد قلتُ إِذ بشِّرتُ بالمُشتري / قولَ امرئٍ لم يَخْشَ أن يُكذَبا
يا آل بِشرٍ أبشروا كلّكُمْ / فقد وَلَدْتُمْ مَطلباً مهرَبا
تبارك اللّهُ وسبحانَهُ / أيَّ شهابٍ منكُمُ أثقبا
إن طابَ أو طِبْتُمْ فما أبعدتْ / فروعُ مجدٍ أَشبهتْ منصبا
ولا عجيبٌ لا ولا منْكَرٌ / أن تلِدوا الأَطْيَبَ فالأطيبا
أصبحتُمُ واللّهُ يُبقيكُمُ / مُنتجَعَ الحُرِّ إذا أجدبا
مهما انتقصناهُ إذا زدتُمُ / منْ نِعَمِ اللّهِ فلن يُحْسَبا
أنتم أناسٌ بأياديكُمُ / يَستغفرُ الدهرُ إذا أجدبا
فلْيشكرِ الدهرُ لكم إِنّهُ / أرضى بكم من بعدما أغضبا
إذا جَنى الدهرُ على أهلِهِ / وزاد في عِدَّتِكُم أَعتَبا
إنَّ أبا العباس إلّا يكُنْ / أَرَّخَ بالفُلجِ فقد شَبّبا
قد بيَّضَ الأوجُه بابنٍ لَهُ / قالتْ له آمالُنا مرحبا
وذاك مِفتاحٌ لإقبالِكُمْ / كذا قضى اللّهُ ولن يُغْلَبا
وقد تفاءلتُ له زاجراً / كُنيتَهُ لا زاجراً ثعلبا
إنّي تأمّلتُ لَهُ كُنيةً / إذا بدا مقلوبُها أعجبا
يصوغها العكسُ أبا سابعٍ / وذاك فأْلٌ لم يعد مَعْطبا
بل ذاك فألٌ ضامنٌ سبعةً / مثل الصقور استشرفت أرنبا
يأتون من صلبِ فتىً ماجدٍ / لا كذَّب اللّه ولا خيبا
وقد أتاه منهُم واحدٌ / فلينتظرْ ستّةً غُيَّبا
في مدةٍ تعمُرها نعمةٌ / يجعلها اللّه له تُرْتُبا
حتى نراهُ جالساً بينهم / أجلَّ من رَضوى ومن كَبْكَبا
كالبدرِ وافى الأرضَ في نُورِهِ / بين نجومٍ سبعةٍ فاحتبى
يُعدي على الدهر إذا ما اعتدى / ويؤمنُ الناسَ إذا استرهبا
وليشكرِ النَّاجِمَ عن هذه / فإنها من بعضِ ما بوَّبا
أسدَى وألحمتُ أخٌ لم أزل / أحمدُ ما سدَّى وما سبَّبا
واسعدْ أبا العباس مُستوهِباً / من ملكٍ أعطاهُ ما استوهبا
عَمِرتَ والمولودَ حتى ترى / أولادَهُ خلفكُما موكبا
من فتيةٍ مثلِ أسودِ الشّرى / وصبيةٍ تحسبُهُمْ ربربا
دونكموها يا بني مَرثدٍ / لا تعدَموا أمثالَها مكسبا
يا رُبَّ جِدٍّ لكم في العلى / قد جعل المالَ لكم ملعبا
لا سَلَبَ اللّهُ سرابيلَكُمْ / من هذه النُّعمى ولن تُسلبا
وادَّرِعوا من عُرْفكم جُنّةً / تَفُلُّ نابَ الدهرِ والمِخلبا
قلتُ لباغيكم وراجيكُمُ / ما أبعدَ الغيثَ وما أقربا
سما فأعلى عن يدٍ ملمساً / منه وأدنى من فمٍ مشربا
كم سبسبٍ جابَ مديحٌ لكم / ما جاب من إحسانكم سبسبا
بل خاض روضاً بين غدرانِهِ / يُرضيه إن صعَّد أو صَوَّبا
قد قلتُ قولاً فيكُمُ مُعْجِباً / أن لم أكنْ ذا حُمُقٍ مُعجَبا
قَلَّلْتُهُ فيكم وهذَّبتُهُ / عمداً وما قلَّلَ من هذّبا
ومثلُكُمْ خُصَّ بأمثالِهِ / ومثلُكُمْ عن مثلِهِ ثَوَّبا
وَلي لديكم صاحبٌ فاضلٌ / أُحِبُّ أن يُرعى وأن يُصحبا
مبارَكُ الطائرِ ميمونُهُ / حدَّثني عن ذاك من جرّبا
بل عندكم من يُمنهِ شاهدٌ / قد أفصحَ القولَ وقد أعربا
جاء فجاءت معه غُرَّةٌ / يُقَبِّلُ الناسُ بها كوكبا
يا حبذا بُشرى ابنُ عمَّارِكُمْ / ما أحسن العُقبى التي أعقبا
كان بشيراً بفتىً منكُمُ / بل بربيعٍ منكُم أَخْصبا
وما أرى اللّه امرَأً وجهَهُ / إلا أراهُ ولداً طيّبا
قلت لحُسَّاد له أَلهِبوا / أو أطفئِوا جمرَكُم الملهبا
إن أبا العباسِ مستصحِبٌ / يَرضى أبا العباس مُستصحَبا
لكنّ في الشيخ عُزَيريةً / قد تركَتْهُ شَرساً مشغبا
فاشددْ أبا العباس كفّاً بهِ / فقد ثَقفتَ المخْطَبَ المِخرَبا
كلِّم به مُلِّيتَهُ مِقْولاً / وازحَمْ به مُلّئته مَنْكِبا
حاول به أمراً وقلِّب به / أمراً تجده حُوَّلاً قُلَّبا
باقِعَةً إن أنت خاطبتَهُ / أَعرَبَ أو فاكهتَهُ أغربا
يصلح للجدِّ وما هزْلُهُ / بدون ما يُحظى وما يُجتبى
أدَّبَهُ الدهْرُ بتصريفهِ / فأحسنَ التأديبَ إذ أدَّبا
وظرفُهُ نُورٌ لآدابِهِ / إذ لم ينوِّرْ كلُّ مَنْ أعشبا
تُقصِّرُ الدهرَ أحاديثُهُ / وتُعجِبُ الأمردَ والأشيبا
وقد غدا يشكُرُ نُعماكُمُ / في كلِّ وادٍ موجِزاً مطنبا
ولم يحاولْ مستزادي له / ولم يجِد في فعلكم مَعتبا
لكن بدأتُ القولَ مستوهباً / فيه لحسنِ الرأي مُستَجلِبا
صُونوهُ لي وارعَوهُ لي واملَؤوا / يديه لي لا بل بما استوجَبا
ذاك نصيبي من عطاياكُمُ / إن حكَم الحقُّ بأن أُنصَبا
دع ذا وجاوزْهُ إلى غيرِهِ / يا أكرمَ السادةِ مُستعتَبا
كم موعدٍ منك وكم موعد / أَكدى ولستَ البارقَ الخُلَّبَا
أأمستِ الحيتانُ في ذمّةٍ / أم أصبحتْ من يَمِّها هُرَّبا
حظي من الأسبوع لا تَنْسَهُ / ولا يكونَنْ سهميَ الأخيبا
لا يُخطئنِّي منك لَوزينَجٌ / إذا بدا أعجبَ أو عجّبا
لم تُغلِق الشهوةُ أبوابَها / إلا أبتْ زُلفاهُ أن يُحجَبا
لو شاء أن يذهب في صخرةٍ / لسهَّل الطِّيبُ لَهُ مذهبا
يدور بالنفخةِ في جامِهِ / دَوْراً ترى الدُّهنَ له لولبا
عاونَ فيه منظرٌ مخبراً / مستحسَنٌ ساعَد مُستعذبا
كالحَسَن المُحسِنِ في شَدوهِ / تمَّ فأضحى مَطرباً مَضرَبا
مُستكثَفُ الحشوِ ولكنهُ / أرقُّ قشْراً من نسيم الصِّبا
كأنما قُدَّتْ جلابيبُه / من أعينِ القطرِ الذي قُبّبا
يُخالُ من رِقّةِ خرشائِه / شاركَ في الأجنحة الجُنْدُبا
لو أنه صُوِّرَ من خُبزِهِ / ثغرٌ لكان الواضحَ الأشنبا
من كل بيضاءَ يُحبُّ الفتى / أن يجعلَ الكفَّ لها مركبا
مدهونةٍ زرقاءَ مدفونةٍ / شهباءَ تحكي الأزرق الأشهبا
مَلَذُّ عينٍ وفمٍ حُسِّنتْ / وطُيِّبت حتى صبا من صبا
ذِيقَ لها اللوزُ فلا مُرَّةٌ / مرتْ على الذائق إلا أبى
وانتقدَ السُّكَّرَ نُقَّادُهُ / وشاوروا في نقده المُذهبا
فلا إذا العينُ رأتها نَبَتْ / ولا إذا الضِّرس علاها نبا
لاتنكروا الإدلالَ من وامقٍ / وجَّهَ تلقاءكُمُ المطلبا
إنِّي تسحّبتُ على طَوْلكم / بَدءاً فما استخشَنْتُه مَسحبا
فليُنصفِ الوُدَّ فتىً ماجدٌ / أضحى التقاضي معه متعبا
كأنه لم يدرِ أنَّ العلا / تُزْري على العُرف إذا أنصبا
يا رُبَّ معروفٍ له قيمةٌ / كُدِّرَ صافيهِ بأنْ يُطلبا
تَبَرُّعُ التحفةِ زَيْنٌ لها / وعيبُها الفاحشُ أن تُخْطبا
وعزةُ المعروف في ذُلِّه / وذلّةُ العُرف إذا استصْعِبا
أغضبَني بالأمس ما سُمتَني
أغضبَني بالأمس ما سُمتَني / فأرضني منهُ ولا تَغْضَبِ
وكن إذا استُعْتِبتَ من جَفوةٍ / يا ابن علي خيرَ مستعتَبِ
أظهرَ ما تُضمِرُ لي كلَّهُ / حَملُكَ إيّايَ على الأجربِ
وأنني عاتبتُ فيما جرى / عليَّ من ذاك فلم أُعتبِ
بل قلتَ في شِبْداز ما قُلتَهُ / واضِعَ قدري رافِعَ المركَبِ
وبين شِبْدازَ وبرْذَوْنِكُمْ / لي مَركبٌ منِّي لم يُنكَبِ
رِجلَي أولَى بيَ إنِّي امرؤٌ / إذا عَدِمتُ الطِّرف لم أركَبِ
ما أنا بالراضي ببعض الذي / أصبحت ترضَى لي فلا تُكذبِ
يا غُصُناً من لُؤلُؤٍ رَطْبِ
يا غُصُناً من لُؤلُؤٍ رَطْبِ / فيه سرورُ العينِ والقلبِ
أحسنَ بي يومٌ أرانيكُمُ / وما على المحسنِ من عَتبِ
لكنّهُ أعقبني حسرةً / فدمعتي سَكْبٌ على سكْبِ
مظلومَ ما أنت بمظلومةٍ / في حُكمِ أهلِ الشرق والغَربْ
بل إنما المظلومُ عبدٌ لكُمْ / أصبح مقتولاً بلا ذَنْبِ
غَصَبْتِهِ جهراً على قلبهِ / لا تُبْتِ ما عشتِ من الغَصْبِ
ما بالُ من عاداكِ في راحةٍ / وما لمن والاك في كرْبِ
سالمتِ أهلَ الحربِ طُوبَى لَهُمْ / لكنَّ أهلَ السَّلمِ في حَرْبِ
أصبحتِ من وُدي بلا كُلفةٍ / كالرُّوح بين الجَنْبِ والجَنْبِ
أعانني اللّهُ على غُلَّتي / بشَربةٍ من ريقِكِ العذْبِ
يا حُبَّ مظلومةَ لا تنكشف / وازدد فما لي فيكَ من حسبِ
مظلومَ قد أنهبتِ أرواحنا / وكلُّنا راضونَ بالنَّهبِ
ضربُكِ في صوتك لا خارجٌ / عن حدِّه والصوت في الضَّربِ
كأنما وقعُهما في الحشا / وقعُ الحيا في الزمنِ الجَدْبِ
فُقْتِ المُغنِّينَ كما فاقنا / كواكبُ الدنيا بنو وَهْب
حُسْناً وإحساناً قد استجمعا / كلاهما ذو مطلبٍ صَعْبِ
وقائلٍ إنَّ أبا حَفْصلٍ
وقائلٍ إنَّ أبا حَفْصلٍ / أحمق محتاجٌ إلى ضَرْبِ
لم يتزوَّج حَدَثاً ناشئاً / يهتزُّ مثل الغُصُن الرَّطْبِ
حتى إذا صار إلى حالةٍ / تجمعُ ضَعْفَ الباهِ والكَسْبِ
تزوَّجَ المائقُ لاسيما / في مثلِ هذا الزمن الصّعْبِ
أحوجَ ما كان إلى كاسبٍ / يُجدي عليه جاء بالأدبِ
زاد على عَيْلتِهِ زوجةً / يا لك من نَكْبٍ على نَكْبِ
يحمل كَلّاً وهو من ضُرِّهِ / كَلٌّ فيا للّه من خَطْبِ
فقلتُ لا تعجَلْ على شيخنا / باللّوم والتعنيف والعَتْبِ
لعل ما تَحْسِبُ من أمرهِ / وأمرِها بالعكس والقلْبِ
هو الذي يرتعُ في كَسْبها / فافطُنْ له يا نائمَ القلبِ
ما مثلُهُ مَنْ سَاءَ تدبيرُهُ / هيهاتَ إن الشيخَ ذو إرْبِ
لمَا رأى أقلامَهُ أصبحتْ / تَرعى رياضَ المَحل والجدبِ
تزوّج المسكينُ ليليةً / أضحى بها في الرِّفه والخِصبِ
تكدحُ للشيخ على أربعٍ / وللقفا طوراً وللجَنْبِ
فليس ينفكّ لها خافض / يخفِضها في موضعِ النَّصْبِ
فمن رأى مثل أبي حفصلٍ / في السبّ أو مثليَ في الذبِّ
أقومُ عنهُ بمعاذيرِهِ / وهو يحوكُ الشعر في سِّبي
هل تعرفُ الدار بذي الأَثْأَب
هل تعرفُ الدار بذي الأَثْأَب / والمُنحنَى والسفح من كَبْكَبِ
بكى بها الغيثُ على أهلها / بكلِّ عينٍ ثَرَّةِ المَسكَبِ
وحال من بعدهمُ قَطْرُهُ / ملْحاً أجاجاً غير مُستعذَبِ
من ذاقَهُ لم يختلج رأيُهُ / في أنه دمعٌ ولم يَرْتَبِ
وظلّ فيه برقُهُ كالحاً / ورعدُهُ يُعوِلُ في مَنْدبِ
وكم سقاها الغيثُ إذ هُمْ بها / من سَبَلٍ كالشهد لم يُقطَبِ
وكم رأينا بَرْقَهُ ضاحكاً / فيها إلى ذي مَضْحكٍ أَشْنَبِ
وكم سمعنا رعدَهُ ناعراً / من طَرَبٍ فيها على مَطْربِ
دارٌ عفاها بعد سُكانها / سافٍ من الشَّمْأل والأَزْيَبِ
وقد نرى الأرواح تُهدي لنا / نشراً من الأَطْيبِ فالأطيبِ
أنفاسُ نُوّار يَمُجُّ الندى / خلال روضٍ سَبِطٍ أَهْلبِ
كأنها أنفاسُ حُلّالها / ولُجَّةُ الظَّلماء لم تَنْضبِ
طوراً وطوراً كلُّ واهي الكُلى / يكاد يغشى الأرض بالهَيْذَبِ
يُعلُّ ذات الخالِ ريقاً لَهُ / كأنه من ريقها الأَعذبِ
ريّاً وسقياً أُعقبت منهما / تلك المغاني شرَّ مُستعقَبِ
ملابسٌ ليست لها بهجةٌ / حِيكتْ من البطحاء والتَّيربِ
وعَبرةٌ للغيثِ مسفوحةٌ / إذا سقاها الأرضَ لم تُخْصَبِ
لم تَغْنَ تلك الدارُ من بعدهمْ / بمثلِ ذاك القَصَبِ الخَرْعبِ
بل عُلِّلَتْ عنهم بأشباههمْ / في الحسن من سِرْبٍ ومن رَبْربِ
أقولُ والعبرةُ قد أقلعتْ / ولاعجُ اللوعةِ لم يذهبِ
وشرُّ ما كابَدْتُهُ لاعجٌ / متى تُكفكَفُ نارُهُ تُلْهَبِ
يا قمراً وَكَّلَني بينُهُ / برِعْيَة الكوكب فالكوكبِ
ماذا جنى البينُ لنا ساقَهُ / سَمِيُّهُ البينُ إلى المَعْطبِ
قل لغرابِ البين تبّاً لهُ / إذا تعاطى القولَ في مَذهبِ
أو رَفَعَ الصوتَ بشدوٍ لهُ / مثلَ سَقيطِ الدَمَق الأشهبِ
اُسكتْ لحاك اللَّه من قائلٍ / أَجْنفَ عن قَصْد الهدى أنكبِ
لا تَنْطِقنَّ الدهرَ في مَحفلٍ / واعضُض على الكَثْكَث والأَثلبِ
أنت غرابٌ خيرُ أحواله / ما لَزم الصمتَ ولم يَنْعَبِ
فاترك نعيباً شُؤمُهُ راجعٌ / عليك يحدوك إلى مَعْطَبِ
يا بينُ أنت البينُ في عزَّةٍ / بين غراب البين والأخطبِ
ينتقلُ الناسُ وأحوالُهمْ / وأنت في الدنيا من الرُّتَّبِ
إذا جلا عن منزلٍ أهلُهُ / فأنت في أوتاده الرُّسَّبِ
أنتَ أثافيهِ وآناؤُهُ / يُشعَبُ أهلوهُ ولم تُشعَبِ
يا ابنَيْ حُسين بن هشام الذي / فاز بقِدح المُنجِب المُنجَبِ
قولا فقد أصبحتما معدِناً / للظرف قوَّالَينِ بالأَصوبِ
جالستُما الشُّمَّ بني هاشم / والسادَةَ الصِّيدَ بني مُصعبِ
هل في غراب البين مُستمتَعٌ / حيّاً ولم يُقتل ولم يُصلبِ
ما فيه من مُستمتَعٍ خِلْتُهُ / إذا امرؤٌ جدَّ ولم يلعبِ
إلا لسيفٍ بعدَهُ مَرْكَبٌ / في رأس جذعٍ شرُّ ما مَركبِ
منظرُهُ في العين مثلُ القذى / أعيا علاجَ الحُوَّلِ القُلَّبِ
قُبحاً وإن حَدَّثَ ظَلَّ الورى / من هاربٍ أو صابرٍ مُتعبِ
تُكدِّرُ الأنفاسَ أنفاسُهُ / مثلَ فُساءِ البَشِمِ الأجربِ
أو كدُخانِ النفط في مُطْبِقٍ / من يُمسِ من سُكَّانه يُنْدَبِ
وربما غَنَّى غناءً لهُ / لولاهُ لم نحزَنْ ولم نَكْربِ
يقول من يسمعُ مكروهَهُ / حُيّيتَ لا بالسهلِ والمَرْحبِ
ويهمس المولى إلى عبدِهِ / قَلْنِسْهُ بالصفْعِ و لا تَرهبِ
طَوِّقْهُ بالأفعى ثواباً له / وقَرِّط الصَّفْعانَ بالعقربِ
مُستَرقُ النغمة مَخْنونُها / مستحشِفٌ في خِلقة العَنْكبِ
ذو صلعةٍ برصاءَ مغسولةٍ / من صِيغة المُذهَبِ والمُشربِ
لم تجرِ فيها حيوانيةٌ / فهي كمثلِ الحَجَر الصُّلَّبِ
أو قَرعةِ القَصَّارِ أو بَيْضَةٍ / لِلهَيْق في داويّةٍ سَبْسبِ
كأنها لم يُكْسَ يافوخُها / جلداً ولم تُلحَم ولم تعصبِ
مُنْتنةٌ تضحى قَلنساتُها / أنتنَ أرواحاً من الجوربِ
تمتنع النفسُ إذا فكّرت / فيها من المأكل والمشربِ
مشحونةٌ جهلاً بأمثاله / يُشحَنُ رأسُ الجاهل المِشْغَبِ
لو فُلِقَتْ عنْهُ لأبصرتَهُ / مثلَ الظلام الحالك الغيهبِ
له دعاوٍ وله جُرأةٌ / كجُرأةِ الليث على الغُيَّبِ
حتى إذا شاهده عالمٌ / ألفيتَهُ أروغَ منْ ثعلبِ
يَنتحل الآدابَ مُسْحَنْفِراً / وأيُّها المسكين لم تُسلبِ
حتى إذا المحنةُ لاحتْ له / مرَّ مع الزئبق في مَسْرَبِ
مُنتقلاً لا زال في نُقلةٍ / إلى المحلِّ الأبعد الأجدبِ
من نِحلةٍ زورٍ إلى نحلة / زُورٍ فما ينفك من مهربِ
وفيه مَعْ ما قد تجاوزْتُهُ / خزيٌ طويلٌ غير مُستوعبِ
شتّى عيوبٍ لم يُعَبْ غيرُهُ / بها من الناس ولم يُثلبِ
تفاحشتْ حتى لقد أُلقيتْ / من صُحُف الحفظ فلم تُكتبِ
يُجزَى بها يوماً وإن أُغفلتْ / قُبحاً فلم تُكتب ولم تُحسبِ
عجبتُ مِنهُ وحديثٍ له / حُدِّثْتهُ عنه ولم أُكذَبِ
سُوئل ما الأيرُ وما نفعُهُ / فاسمعْ لما جاء بهِ واعجَبِ
قال طَهورُ الدُّبرِ من داخلٍ / لمن بهِ مسٌّ من المَذْهَبِ
رأيٌ رآه البَيْن ما إنْ له / عنه إلى الآراءِ من مَرْغبِ
وحكمةٌ للبَيْنِ مقلوبةٌ / وأيُّ أمرِ البينِ لم يُقْلَبِ
ما يجتنيهِ غيرُ مُستجلِبٍ / للأجر من أبعد مُستجلَبِ
رأى امرأً سَدَّتْ غَثاثاتُهُ / عليه بابَ الكسب والمكسبِ
فجاده من فضله جَودةً / أضحى لها ذا فننٍ أَهدبِ
وخافَ أن يسلمَهُ للردى / ما فيه من جهلٍ ومن نَيْرَبِ
فرفرفتْ رحمتُهُ فوقَهُ / حتى كَفاهُ نكدَ المطلبِ
ولم يزل يَضْمنُ عن ربّهِ / مذ كان رِزقَ الخائب الأَخيبِ
وهّابُ ما ليس بمستأهَلٍ / مِعطاءُ ما ليس بمستوجَبِ
ذاك أميرٌ لم يزل دونه / جَدٌّ إذا غولب لم يُغلَبِ
واقيةُ اللَّهِ على عبدِهِ / مِنه ومِن صمصامةِ المِقْضَبِ
بلوتُهُ أكذبَ مِن يَلْمَعٍ / أو بارقٍ يلمع في خُلَّبِ
نعوذ بالرحمن من شؤمه / فإنه أمضى من المِثْقبِ
أحاله اللَّهُ على نحرهِ / وحدِّ سيفٍ صارمِ المَضْربِ
يعيبُ مثلي وَيْلَهُ واسمُهُ / في الناس طرّاً هدفُ العُيَّبِ
يسطو بلا حولٍ ولا قوةٍ / منه ولا نابٍ ولا مِخلبِ
تَقَيَّلَ الأخلاقَ أُمّاً له / نيكتْ ولم تُمهَرْ ولم تُخطبِ
كانت إذا لاحظها فاسقٌ / أدارها اللَّحْظُ بلا لولبِ
تُجْذَبُ باستنشاقةٍ رخوةٍ / وربما انقادت ولم تُجذبِ
خَبَّرَ عنها شيخُهُ أنه / صادفها مفتوحةَ المَثْعبِ
وأنها قد حَمَّلَتْ رأسَهُ / مثلَ قرونِ الأيِّلِ الأَشْعبِ
لِطيزِها في كلّ أيرٍ زنى / رأيٌ كرأي الصّقر في الأرنبِ
يا لكِ من أُمٍّ لها فضلُها / ومن أبٍ أكْرم به من أبِ
ماذا دعا البينَ إلى حَيَّةٍ / صمَّاء من يَنْصِبِ لها يَنْصَبِ
قد كان في مرأىً وفي مسمعٍ / عنها ولكن من يَحِنْ يُجلَبِ
يظل يسترهِبُني موعداً / هَوْنَك ما مثلي بمُسترهَبِ
هَجهجْ بكلبٍ كَلِبٍ نابحٍ / مثلك لا بالأَسَد الأَغلبِ
لأعرفنَّ البين مُستعتبي / يوماً وليس البينُ بالمُعْتَبِ
إذا غدا وهو على آلةٍ / من منطقي ذاتِ قَرا أحدبِ
وغنت الرُّكبانُ في شتمه / شدواً متى يسمعْهُ لا يَطْربِ
دونكها كأساً وأمثالها / صِرفاً من المكروه لم تُقطبِ
وشاعرٍ أَجوْعَ من ذيبِ
وشاعرٍ أَجوْعَ من ذيبِ / معشِّشٍ بين أَعاريبِ
سَلَّتُهُ أقفرُ من سبسبٍ / فيها طِرازٌ للعناكيبِ
لا مستهِلٌّ فيه يُكْنى به / غير سُلاحٍ كالمَيازِيبِ
يا آل وهبٍ شهدتْ ضرطَةٌ
يا آل وهبٍ شهدتْ ضرطَةٌ / سارتْ بها الأمثالُ في وَهْبِ
بأنها من فَقْحةٍ رِخْوةٍ / وأنها من مَضْرَط رَحْبِ
قد كنتُمُ من قبلِ إرسالها / أُحدوثةً في الشرقِ والغربِ
فالآن حقّاً أُطلِقتْ فيكُمُ / بكلّ ثَلْبٍ ألسُنُ الثَّلْبِ
لو كنتُمُ تُعفونَ أستاهَكم / ما بِتُّمُ منها على عَتْبِ
لكنكم تَحشُونها دهرَكُم / فكلكمُ مُتَّسع الثُّقبِ
يا غائباً عني بعيدَ الإيابْ
يا غائباً عني بعيدَ الإيابْ / نَغَّصني فقدُك بَرْدَ الشرابْ
لهفي على لُبسك ثوبَ البِلى / من قبل إخلاقِك ثوبَ الشبابْ
ظَبْيُكَ يا ذا حَسَنٌ وجهُهُ
ظَبْيُكَ يا ذا حَسَنٌ وجهُهُ / وما سِوى ذاك جميعاً يُعابْ
فافهمْ كلامي يا أبا مالكٍ / لا يُشبهُ العنوانَ ما في الكتابْ
ياصاحباً أعضلَ في كيدِهِ
ياصاحباً أعضلَ في كيدِهِ / لستَ خبيراً أيها الصاحبُ
فَهِمتُ أبياتَك تلك التي / أَثقبَ فيها كيدُك الثاقبُ
بيتٌ وبيتٌ عقربٌ تُتَّقَى / وأرْيُ نحلٍ في اللَّها ذائبُ
جرَّحتَني فيها وداويتني / فأنت أنت الصادعُ الشاعبُ
صبراً على أشياءَ كُلِّفْتُها
صبراً على أشياءَ كُلِّفْتُها / أُعْقِبْتُها الآنَ وسُلِّفْتُها
ويح القوافي ما لها سَفْسَفتْ / حَظِّي كأَنِّي كنتُ سَفْسَفْتُها
ألمْ تكُن هوجاً فسدَّدْتُها / ألم تكن عوجاً فَثَقَّفْتُهَا
كم كلماتٍ حكْتُ أبْرادَهَا / وَسَّطْتُها الحسْنَ وطَرَّفْتُهَا
ما أحْسَنَتْ إن كنتُ حَسَّنْتُهَا / ما ظَرَّفَتْ إن كنت ظرَّفْتُها
أنْحتْ على حظِّي بمِبْرَاتِهَا / شكراً لأني كنتُ أرهَفْتُهَا
فرقَّقَتْهُ حين رقَّقْتُها / وهفْهَفَتْهُ حين هفهَفْتُهَا
وكثَّفتْ دون الغنى سدَّها / حتّى كأنِّي كنتُ كثَّفْتُها
أحلِفُ باللَّه لقد أصْبَحتْ / في الرزق آفتي وما إفْتُها
لمْ أُشكِهَا قطّ بِتَقْصِيرَةٍ / فيها ولا من حَيْفَةٍ حِفْتُهَا
حُرِمتُ في سنِّي وفي مَيْعَتي / قِرَايَ من دنيا تَضيَّفْتُها
لَهْفي على الدنيا وهل لهفةٌ / تُنْصِفُ منها إن تلهَّفْتُهَا
كم أَهَّةٍ لي قد تأوَّهْتُهَا / فيها ومن أُفٍّ تأففتها
أغدُو ولا حالَ تَسَنَّمْتُها / فيها ولا حال تَرَدَّفْتُهَا
أوسعتُها صبراً على لؤْمِها / إذا تَقَصَّتْهُ تَطرَّفْتُهَا
فَيُعْجِزُ الحيلةَ منْزُورُها / إلا إذا ما أنا لطَّفْتُها
قُبحاً لها قبحاً على أنَّهَا / أقبحُ شيءٍ حين كشَّفْتُها
تَعَسَّفَتْني أنْ رَأتْني امرَأً / لم ترني قَطُّ تَعَسَّفْتُها
تَضَعَّفَتْني ومتَى نالني / عونُ أبي الصَّقْرِ تَضَعَّفْتُهَا
أرجوه عن أشياء جرَّبتُهَا / وليس عن طير تَعَيَّفْتُهَا
مقدارُ ما يُلْبِثُ عنِّي الغِنَى / إشارةُ الإصْبع أوْ لَفتُهَا
سَلَّيْتُ نفسي بأفاعِيله / من بعد ما قد كنت أسَّفْتُهَا
وقد يعزّيني شباباً مضى / ومدَّةً للعيشِ أسلفْتُهَا
فكَّرتُ في خمسين عاماً خَلَتْ / كانتْ أمامي ثم خلَّفْتُهَا
تَبَيَّنَتْ لي إذ تَذَنَّبْتُهَا / ولم تَبيَّنْ إذا تأنَّفْتُهَا
أجهلتها إذ هي موفورةٌ / ثم نَضَتْ عني فعُرِّفْتُها
ففرحَةُ الموهوب أعدِمتُها / وترحةُ المسلوب أردفْتُها
لو أن عمري مائةٌ هَدَّني / تذكُّري أنِّيَ نَصَّفْتُها
فكيف والآثارُ قد أصبحت / تُرجف بالعمر إذا قِفْتُها
كنزُ حياةٍ كانَ أنفقتُهُ / على تصاريفَ تصرَّفْتُها
لا عُذر لي في أسفي بعدها / على العطايا عفتها عفْتُها
إلا بلاغاً إن تأبَّيتَهُ / أشقيت نفسي ثم أتلفْتُها
قوتٌ يُقيم الجسم في عفّةٍ / أشعِرتُها قِدْماً وألحفْتُها
وقد كددتُ النفس من بعدما / رفَّهتها قدماً وعَفَّفْتُها
لا طالباً رزقاً سوى مُسْكةٍ / ولو تعدّت ذاك عنَّفْتُها
طالبتُ ما يمسكها مُجملاً / فطفتُ في الأرض وطوَّفْتُها
وناكدَ الجَدُّ فمنّيتُها / وماطلَ الحظ فسوَّفْتُها
وإن أراد اللَّهُ في ملكهُ / جاوزت خَمْسِيَّ فأضعفْتُها
بقدرة اللَّه ويُمْنِ امرئٍ / نعماه عُمْرٌ إن تَلَحَّفْتُها
فيها مَرادٌ إن تَرعَّيتُها / وأيُّ حِرز إن تكهَّفْتُها
يا واحد الناس الذي لم أجد / شَرواهُ في الأرض التي طُفْتُها
إليك أشكو أنني طالبٌ / خابت رِكابي منذ أَوجفْتُهَا
أصبحتُ أرجوك وأخشى الذي / جَرَّبتُ من حالٍ تسلَّفْتُها
فاطرُدْ ليَ الحرفةَ وادعُ الغِنى / واذكر سُموطاً كنت ألَّفْتُها
مَدائحٌ بالحق نمَّقتُها / وليس بالباطل زخرفْتُها
أعتدُّها شكوى تشكيتها / إليك لا زُلفى تَزلَّفْتُها
وكيف أعتدُّ بها زُلفةً / وإن تعمَّلتُ فأحصفْتُها
ولم أُشرِّفك بها بل أرى / بالحق أني بك شرَّفْتُها
ومن مَساعٍ لك ألَّفتها / لا من مساعي الناس لَفَّفْتُها
تعاوَرَتْها فِكَرٌ جمةٌ / أنضيتُها فيك وأزحفْتُها
وأنت لا تَبْخَسُ ذا كُلفةٍ / لا بَلْ ترى أن الغنى رَفْتُهَا
بحقِّ من أعلاك فوقَ الورى / إحلافةً بالحق أحلفْتُها
لا تُخطئَنّي منك في موقفي / سماءُ معروف توكّفْتُها
أنت المُرجَّى للتي رُمتها / أنت المرجى للتي خِفْتُها
كم بُلغةٍ ما دونها بُلغةٌ / قد نافرَتْني إذ تألَّفْتُها
فرُحتُ لا أرجو ولا أبتغي / وتاقت النفسُ فكَفْكَفْتُها
حُملتُ من أمري على صعبةٍ / خلَّيْتُها إذ عزّني كَفْتُها
بل خِفْتُ من كنتُ له راجياً / ورجَّتِ النفسُ فخوّفْتُها
ولم أخفْ في ذاك أنّي متى / وعدتُها رِفدَك أخلفْتُها
لكنني أفرَقُ من حِرْفةٍ / أنكرتُ نفسي منذ عُرِّفْتُها
أقول إذ عنَّفني ناصحٌ / في رفض أثمادٍ ترشَّفْتُها
إن أبا الصقر على بُعدِه / داني العطايا إن تكفَّفْتُها
ثمارُهُ في شُمِّ أغصانِهِ / لكنني إن شئتُ عَطَّفْتُها
لا كَثمارٍ سُمتُ أغْصانَها / إدْناءها مني فقصَّفْتُها
لِبَابِهِ المعمورِ أُسْكُفَّةٌ / لَتُعْتِبَنِّي إن تسكَّفْتُها
الآنَ أسلمتُ إلى نعمةٍ / غنّاء نفساً كنت أقشَفْتُها
قد وعدتني النفس جدوى له / إن شئت بعد اللَّه وظَّفْتُها
تاللَّه لا يَقْصُرُ دون المنى / قِرَى سجاياه التي ضِفْتُها
نُعمى أبي الصقر التي استبشرتْ / نفسي بريَّاها وقد سُفْتُها
خُذها ولا تَبْرَم بها إنني / قرَّطتُها الحسنَ وشنَّفْتُها
بَيِّنَةً من منطق محكمٍ / فَنَّنْتُهَا فيك وصرَّفْتُها
كم نظرةٍ فيها تَقَصَّيتها / كم وقفةٍ فيها توقَّفْتُها
بمجد آبائك أسَّستُها / ومجدِ آلائك شرَّفْتُها
ضَوَّعتُ فيكم كل مشمولة / لكنني من مسككُمْ دُفْتُها
ولم أدعْ في كلّ ما زانها / فلسفةً إلا تفلسفْتُها
إن كنتُ بالتطويل كمَّيتُها / فليس بالتثبيج كيَّفْتُها
لو أن خدّي كان أهلاً لهُ / واستهدفَتْ لي لتَهدَّفْتُها
يا من إذا صُغتُ أماديحَه / جَوَّدتُها فيه وزيّفْتُها
لو أنها ليلٌ لَنوَّرتُهُ / باسمك أو شمسٌ لأَكْسفْتُهَا
له قرونٌ سَمَقَتْ في العلا
له قرونٌ سَمَقَتْ في العلا / أطالها ربُّ البَريَّاتِ
يَسْترِقُ السمعَ على قَرْنهِ / إبليسُ في جوِّ السمواتِ
لكم حجابٌ ولنا أنفُسٌ
لكم حجابٌ ولنا أنفُسٌ / تمنعُنا الذلَّ عزيزاتُ
تاهَ وتهنا فسَمَونا بها / وهْي عنِ الذلِّ مصوناتُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025