المجموع : 71
أفرقَ حتى ما به داءُ
أفرقَ حتى ما به داءُ / وأدركَ العذالُ ما شاؤا
وعالجَته من هوىً عزمةٌ / إنَّ العزيماتِ أطباءُ
والأغيدُ الأهيفُ أعضاؤه / في أنفس العشاق أهواءُ
تألفت منه وسقمٌ على / العلَّة أجفانٌ وأحشاءُ
وكادَ أن يقطرَ من بينهم / من وَجنَتيه الخمرُ والماءُ
ولم يبن في وجهه ثغره / إذ كان كل فيه لألاءُ
فطالَ مَهوى القرط في جيدِه / كما تراءَت لكَ أدماءُ
لكنّه صدّ فلم تتفق / في الحسن أفعالٌ وأسماءُ
وليلةٍ بيَّضها أنها / في عين من يرقب سوداءُ
وكل ما لم يرَنا هرَّه / تحسُّسٌ فيها وإصغاءُ
يخبطُ في عَشواءَ من حَولنا / وكم عسى تخبطُ عشواءُ
قلت لنَدماني اسقني واحيها / فما صروفُ الدهرِ أحياءُ
قضَت من الحَسرة في وقت ما / قضى عليها زكريَّاءُ
شيخ العلى أيام أشياخها / والناس إذ ذلك أكفاءُ
فما تَرى والقوم لما مَضوا / ما استخلفوا فيها ولا جاؤا
فالمجدُ والجود له والنُّهى / والفضل والمعروف أبناءُ
وكيف لا يعلو العلى من له / فيها على الأيام بناءُ
وللأيادي من نداهُ يدٌ / عامرةٌ بالجودِ غناءُ
عارفةٌ بالجودِ معروفةٌ / وغارةٌ في العُدم شَعواءُ
وهمَّة لما علت أشرقت / كأنها الزهرة زهراءُ
تستخرجُ الأَضغان ألفاظُه / كأنها فيهنّ حواءُ
وساحةُ العافينَ من داره / ممطورةٌ بالجودِ خضراءُ
إذا الملماتُ تعاوَرنَه / وهنَّ للأفهامِ أعداءُ
كفاهُ بالدّربة من حل ما / أشكل تلويحٌ وإيماءُ
لا شيء في الأمر وفيه إذا / شطّت عراه بكَ أشياءُ
والآن فاشهد أنني تائبٌ
والآن فاشهد أنني تائبٌ / من بعدها يا ابنَ أبي التائبِ
لا أحسنُ الظن وحوشيتَ من / قولي لمصحوبٍ ولا صاحبِ
إن أعرضوا عني فأعراضُهم / من الثناءِ اللازم اللازبِ
أو أفرَدوني إذ رَأَوا أنني / فردٌ من الناس فبالواجبِ
ها أنا ذا مِن بَين أهلِ الندى / والمجدِ من بانٍ ومن كاتبِ
أبيعُ أثوابي ويا لَيتها / تقومُ لي بالقائِم الراتبِ
حبلُ الهَوى ملقىً على الغارِب
حبلُ الهَوى ملقىً على الغارِب / فما لها ترقِلُ بالراكبِ
وأنتَ لا تنفك في إثرها / تحدو بحثِّ المَدمع الساكبِ
وراءَك ارجِع إنَّ خيلَ الهوى / لا تلحقُ المسلوبَ بالسالبِ
ويا مدير اللحظات التي / توجب أن أتركَ من واجبي
أوصيكَ خيراً بالسقام الذي / فيهنَّ واعلم أنه صاحبي
وقَرقَفٍ في مقلَتي أهيفٍ / عذراءَ لا تُمنعُ من خاطبِ
حلّت ولَكن حرَّموا أختها / من ريقةٍ تُجلى على الشاربِ
وعللّوني بالذي عندَهم / كمُستتابٍ ليسَ بالتائبِ
جاؤا بدنٍّ زعموا أنَّه / من آدمٍ من طينِه اللازبِ
قلت احبِسوا عن شيخكم سَيحَكم / فليس ماضي العمر بالآيبِ
وجرَّ قولي أنَّني تائبٌ / منها حديث ابنَي أبي التائبِ
المانعَين الواهبَين انظروا / هل يوصفُ المانع بالواهبِ
مالاهما جنَّة عرضَيهما / قد يُحرَسُ المخزونُ بالسائبِ
كلٌّ عليٌّ في بناءِ العُلى / إذا انتَهى في نسبٍ عازبِ
فخلِّه فيما تَرى أنَّه / صعبُ المساعي خَشِن الجانبِ
إلى الملبَّى والمسمّى به / بردِّه معروفَه الناسبِ
كم كذّبا من حذرٍ صادقٍ / وصدَّقا من أملٍ كاذبِ
وكلّ من يُجدي على قائِل / فإنما يُملي على كاتبِ
كلاهُما في فِعله كاسِب / والفضلُ ما يَبقى على الكاسبِ
ملتَمساً صلح الليالي ومن
ملتَمساً صلح الليالي ومن / ما بيننا بعد من الصلحِ
لا فجرَ يتلوهنَّ لكنَّني / أنقلُ من جُنحٍ إلى جُنحِ
آليتُ لا استعديتُ إلا فتىً / أعدى عليهنَّ من الصبحِ
آراؤه مشتقَّة بالندى / فيهنَّ من رأي أبي الفتحِ
يُغني إذا استغنى بتلويح ما / يشكو عن التصريح والشرحِ
نِسبتُه في وجههِ لم تزل / تبشِّرُ الآمالَ بالنجحِ
يُحسبُ سكرانَ إذا كفُّه / سحَّت فما يَصحو ولا يُصحي
الوجد في العشاقِ موجودُه
الوجد في العشاقِ موجودُه / ومثل وجدي بكَ مفقودُهُ
يا قمرٌ يوعدُني طرفُه / بوصلهِ لو صَحَّ مَوعودُهُ
حتى متى نومُك عن ناظرٍ / أيسرُ ما يلقاه تسهيدُهُ
يشهدُ لي أهلُ الوفا بالوفا / في الحبِّ لما بانَ مشهودُهُ
قلتُ وقد أوردَني حبُّه
قلتُ وقد أوردَني حبُّه / موارِداً ليسَ لَها مَصدرُ
أفسَدتَ دُنيايَ ولا دينَ لي / تُفسِدُه فاصدَع بِما تُؤمَرُ
فحينَ خاضَ الناسُ في ذِكر ما
فحينَ خاضَ الناسُ في ذِكر ما / عندَ أبي الخَيرِ من الخَيرِ
سِرتُ وسارَت بي عَصاً أعلمَت / أن العصا عِندي بلا سَيرِ
حتى لحِقتُ القومَ مستَشعِراً / مثل الذي استَشعَرهُ غَيري
وقد تفاءلتُ بذكر اسمِهِ / فامتاز بالنفع عن الضيرِ
وصحَّ زجرُ الفأل لما جَرى / من عن يَميني سانحُ الطيرِ
حكمُ الهوى جرَّ عليك الجَرة
حكمُ الهوى جرَّ عليك الجَرة / فاتَّفق المَقدورُ والمَقدرَه
في شادنٍ خمرةُ أجفانِه / تجتمعُ الناسُ لها دَسكَرَه
يُستعظمُ الأصغرُ من عطفِه / فإن شكَوتَ الأعظَم استَصغرَه
لو كان طولُ الدهرِ يُنسي كما / قيلَ إذاً ما خِفتُ أن أذكرَه
وخبروني أنَّ طَيفاً سَرى / لغَيرهم عِند الذي أبصَرَه
فقلتُ لو نمتُ لحدَّثتُكُم / ما تشهدُ العينُ بما لَم تَرَه
وكم تَباكَينا وما يَستَوي / هل تَلحقُ الكحلاءَ ذاتُ المرَه
ولا علمنا أبداً أعين / فاض علينا أم ندى حيدَرَه
شدَّ العَطايا بالسَّجايا فما / حال بِه دَهرٌ ولا غيَّرَه
من المَعالي الطائِعات التي / تَعجزُ عنها الألسُن المخبرَه
يقطعُها جودُ بنيهِ ولا / تقطعُها الكَوماءُ ذاتُ البرَه
يسيرُ تيهاً وابنهُ وهو من / بعدِهما تيهاءَ مُستوعرَه
لا تنكِروها شيَماً حُلوةً / من مرَّةٍ لَيسَت بمستَنكرَه
كلُّ امرئٍ منهم أبوهُم إذا / جاد فإن جاد فما أجدرَه
أحسنتَ بل أحسَنَ في الظنِّ مَن / ظنَّ بكَ الإحسانَ فاستَشعرَه
أبلغ عبيدَ اللَهِ عنِّي وقل
أبلغ عبيدَ اللَهِ عنِّي وقل / يا ذا العَطايا أصبَحَت تَترى
حتى مَتى تبني وتَعلو أما / تَشعرُ من تَحتِك بالشِّعرى
إني وإن أسلَفتَني منَّةً / لَفي انتِظارِ المنَّةِ الأُخرى
فابعَث إلى سالِفةٍ أختَها / ولتَكنِ الآنفةُ الكُبرى
وما يَردُّ الدهر إلا يدٌ
وما يَردُّ الدهر إلا يدٌ / عادِيةٌ مثلُ يدِ الدهرِ
لها خُطوبٌ بالردَى تُتَّقى / وحادِثاتٌ بالندى تَجري
وقد رأيتُ اليوم سيفَ الغِنى / على غِرارَيه دمُ الفقرِ
ولاحتِ الراحةُ من راحَتَي / أبي الحُسين ابنِ أبي نَصرِ
يا حار إنَّ الركبَ قد حاروا
يا حار إنَّ الركبَ قد حاروا / فاذهَب تحسَّس لمن النارُ
تَبدو وتَخبو إن خَبت عرّسوا / وإن أَضاءَت لَهُم ساروا
كأنَّها تجمعُ أوطارَهُم / فكيفَ والأَوطارُ أطوارُ
قام عليها موقِدٌ مرشِدٌ / له بفضلِ الزادِ إيثارُ
رحب فناءِ البيت ينتابهُ / في الليل حُرَّاس وسُمارُ
في جانبٍ من بيتِه قبَّةٌ / تحفُّها حُجبٌ وأستارُ
دارَت على بعضِ لباناتِكم / ممَّن نأت عنكم به الدارُ
لكن عليها طائفٌ خائفٌ / في طول هذا الليل سَهَّارُ
فلا تَلوموني إذا مسَّكم / من قَربها أو مَسَّها عارُ
ومرسلٍ يسألُ عن حالتي / قلتُ كما تَهوى وتختارُ
صبٌّ على ما تَشتَهي مدنَفٌ / أو تَنتَهي العلَّةُ خوَّارُ
وكيفَ أعتدُّ عليكَ الضَّنى / أليسَ من جَفنيك أمتارُ
ما نظرةٌ إلا لَها سَكرةٌ / كأنَّما طرفُكَ خمَّارُ
وأين ما أسررتَ في لحظِهِ / مما أسرَّ الطينُ والقارُ
هذا هوىً يصدرُ عنه جَوىً / تَتلوهُ لَوعاتٌ وأفكارُ
وهذه أفعالُها هذه / ما بعدَ رأي العَينِ إنكارُ
ولم يكن أوَّلَ من غرَّني / كلُّ غرير الطرفِ غرارُ
كأنهم لم يَسمعوا عندَما / جاروا بعوفيٍّ له جارُ
يَمشي الهَوى من خَوفه القَهقَرى / عنه وتُغضي عنه أبصارُ
هناك ما سقَّيتني دائرٌ / عندكَ والكاساتُ أدوارُ
ما أثقلَ الغَيرةَ من معشرٍ / إذا أَغاروا كلَّما غاروا
لا يقبلونَ الضيمَ لكنَّهُ / يُقبلُ منهم أينَما ثاروا
كلٌّ على كلٍّ له نعمةٌ / كما لكلٍّ عِنده ثارُ
إن طالَ ليلي لا الدُّجى مُنجلٍ / عنهم ولا الكَوكَبُ غوَّارُ
فالبيضُ وصلُ البيضِ ما بينَهم / في طولِه والسمرُ أسمارُ
ما شاجروا إلا أظلَّتهُم / من قَصب المُرَّان أشجارُ
وأظهَروا نَوراً لهُ أرزقاً / له من الأنفسِ أثمارُ
وحامدٌ منهم عَلى ما تَرى / ومُلهمٌ كانَ ودينارُ
ربَّ عِتاقٍ ضمَّرٍ قادَها / حقدٌ له في النَّفس إضمارُ
إذ يَقصِم الطعنُ القَنا فالقَنا / كأنَّها الأشطانُ أشطارُ
مصطَبحاً غراءَ مَكدورةً / يحثُّها أبيضُ بتَّارُ
ويَنثَني من سُكرها سالِماً / حيثُ عقولُ الشربِ أغمارُ
مغتبقاً أُخرى كأخلاقِه / يحثُّها نايٌ وأَوتارُ
عَجبتُ كيفَ استعبدَتكَ العُلى / والناسُ من ذلكَ أحرارُ
وكيفَ ساجلَت الغمام الذي / ليس له في الصيفِ أمطارُ
ولَّى ولِلأرضِ على أنَّها / لم يحتَملها قطُّ مِقدارُ
أدنيتُ في مَدحِكَ أقطارها / منِّي فما للأرضِ أقطارُ
لا بِتماديكَ على هَجري
لا بِتماديكَ على هَجري / ولا بإكثارِكَ من ذِكري
فهاتِ قل لي أيُّ أمرَيكَ إن / عَلِقتُ عَلقت به أَمري
ربَّ لِسانٍ فمُه مقلةٌ / تختصُّ بالشكوى عن الشُّكرِ
من أدمعٍ صدَّرنَ في وجنَتي / نسخة ما سطَّرتُ في صَدري
عاتَبني فيه وأجرَيتُه / والعتبُ في الجاري على المُجري
كدأب أصحابِ الجُفون الَّتي / توازَرَت فاحتَملَت وِزري
أكثر ما بَيني وبينَ الهَوى / ما بَينَها من نَظرٍ شَزرِ
عهِدتُكم من حيثُ عاهَدتُكم / لم تَعرِفوا شيئاً سِوى الغَدرِ
فما لكُم لما نَذَرتُم دَمي / صِرتُم من الموفينَ بالنذرِ
يا صاحِبَ الحانةِ أصبحتَ قُم / فافتَح عن العانِسةِ البِكرِ
قد طالتِ الصُّحبةُ ما بَيننا / وهي من الحِشمةِ في خِدرِ
فانتقلَت منه إلى أبيضٍ / شفَّ فأشفَينا على السكرِ
الحمرُ في البيضِ وإنا لَفي / شَكٍّ بأن البيضَ في الحُمرِ
ثم تنادَينا وطفنا بها / وقد تحالَفنا على الصبرِ
فآذنت إمَّا بكفارةٍ / منَّا على الحِلفةِ أو كُفرِ
كم جمعتنا حيثُ نَدري وكم / قد فرَّقَتنا حيثُ لا نَدري
حتى أتى الصومُ على فِتيةٍ / لم يعرفوا الصومَ من الفِطرِ
فأَذكرُوني حُرماتٍ لهُ / أوكدُ منها حُرمةُ الشهرِ
وَحادثٍ حَدث في نفسِه / حديثَ ذي نابٍ وذي ظُفرِ
حتَّى إِذا ما اعتَدَّ واحتَدَّ في / سَطوتِه واشتَدَّ في أَمري
وقلتُ لما قصرَت خَطوَتي / أدرَكَني أدرَكَهُ النضري
فصار يَستَشفِعُ بي عنده / يا لِلمقادير وما تَجري
بالأمسِ أستَعدي على الدهرِ من / أعطِفُه اليومَ علَى الدهرِ
كأنَّ هَذا الشافِعَ المُنحني / لم يكُ ذاك الحَنِقَ المُغري
لقد تلوَّنتُ على ذا الذي / طالَبَه بالكَسرِ والجَبرِ
وكلُّ هذا وهو مستَحسنٌ / مستَعذِبٌ ذلك مُستَمري
خلائقٌ تُطمعُ من لم يَجد / في بشرٍ ما فيه من بِشرِ
والعزماتُ الحُمر لونُ الردى / كامنةٌ في الشيم الخُضرِ
ليس بذي مكرٍ ولكنَّه / يحسِنُ دفعَ المكرِ بالمكرِ
وجدتُ عبد اللَه في جُوده / يَسترُ ما ليس بذي سترِ
يَندى ويستكتمُنا والندى / نعمَ مُنادي البَدو والحَضرِ
ما الجود بخلٌ فيغطَّى ولا ال / مُنبي عليه عائبٌ مُزرِ
لو استَطاعَ الليلُ مع طوله / وهَولِه كرَّ على الفَجرِ
هَبنا تَماسَكنا فمن ذا الذي / يردُّ أسفاراً مع السَّفرِ
جاءَت عطيَّاتُك مطويَّةً / فلم يكن عندي سِوى النَّشرِ
مقرونةً بالعُذر إنِّي لفي الت / تَقصير أولى منكَ بالعُذرِ
إني لألفي كلَّ مُستَخبرٍ / عنك أبا القاسِم ذا خُبرِ
يعلمُ ما أعلمُ لكنَّه / يعجبُه ذكرُكَ في شِعري
كأنني شادٍ مقيمٌ على / ذي لوعةٍ ثاوٍ على الجمرِ
هل عند خُطَّاب العُلى أنني / وكيلُها في طَلب المَهرِ
وذو الغِنى عندي سَواءٌ إذا / لم يُغنِ من فَقرٍ وذو الفَقرِ
نادَمني مَن وَجهُهُ رَوضَةٌ
نادَمني مَن وَجهُهُ رَوضَةٌ / مُزهِرةٌ يمرحُ فيها النظَر
فانظُر معي تَنظُر إلى مُعجزٍ / سيفُ عَليٍّ بين جَفنَي عُمَر
ما يُصبِحُ العاذِلُ مَعذورا
ما يُصبِحُ العاذِلُ مَعذورا / إلا إذا أصبَحتَ مَهجورا
فزُر ولَو زُوراً تَجد قَولَه / عِندي كَما تَعرفُه زورا
ولا تكوننَّ عَلى صَبوَتي / معوِّلاً في الحبِّ مَغرورا
إنِّي إذا ما نارُ عَزمٍ خبَت / فلم ترَ العينُ لها نورا
كنتَ جَديراً أن تَرى ناقَتي / حامِلةً في كورِها كِيرا
وكم فراقٍ رَفَعت عيسُه / ذيلَ اشتِياقٍ كان مَجرورا
وإنَّما يُهدَمُ صَبري إذا / كان فُؤادي بكَ مُعمُورا
لأَجلدنَّ العَينَ حدّاً عَلى / ما صَنعَت والعين تَعزيزا
وإن كفاهُ بعضُ ما كان من / ضَربكَ تَوهيناً وتَشهيرا
يا صاحبَ البيتِ الذي كلُّ من / باتَ به أصبَحَ مَخمورا
ألحقني الناسَ عَلى قارحٍ / صَفراءَ لا تَعرفُ تَقصيرا
أربَعُها خمسٌ يدٌ حُلِّيت / بالحسنِ تَختيماً وتَسويرا
يَرفعُها بالكأسِ ذو مُقلَةٍ / مَقدورَةٍ تحمِلُ مَقدورا
فلا تَسَلني كيفَ أمسيتُ بال / حاملِ والمَحمولِ مَسرورا
ولا تَخَف ما يَصنَعُ الدهرُ بي / من بعدِ ما استَنصَرت مَنصورا
وبعدَ ما كرَّ نَداهُ مَعي / وضاعفَ الكرة تَكريرا
واستَخبِر الأيامَ عن صَرفِها / في أيهم أصبحَ مَحصورا
لتأمَنِ الآمالُ في مَسلكٍ / أم مَنهلٍ قَطعاً وتَغويرا
أبرزَتِ الأنجُمَ هِمَّاتُه / فاتَّخذت أبراجها دُورا
مُدبراتٌ بِالندى وَالردى / كأنَّها السَّبعةُ تَدبيرا
بنائِلٍ لو طُلتَ شم الذُّرى / كان به طولكَ مَغمُورا
كالبحرِ لا تدركُ من مائِه / غَوراً ولو رفَّعتَ تَشميرا
لكنَّ ذا يوجبُ في قُربِه / حَمداً وذا يوجِب تَكثيرا
أبلِغ أبا نَصرٍ بأنَّ الذي / حمَّلتَني حمَّلتُه العِيرا
فنَقلته رحلةً رحلةً / سَعياً لها بالشكرِ مَشكورا
وقارنَ الحمدَ ثناءً بِما / أولَى فَنادَيتُهما سِيرا
كلُّ امرئٍ يُذكرني جُوده / لكن بهذا صرتُ مَذكورا
لا غُيِّرَت حالُ يَدٍ أصبحَت / تُسرعُ في الأحوالِ تَغييرا
نُبِّئتُكَ استَقصَرتَني مادِحاً
نُبِّئتُكَ استَقصَرتَني مادِحاً / فجُدتَ بالمُستقصَرِ النَّزرِ
فاعتَبر التقصيرَ ما بَيننا / هل هُو في جُودِكَ أو شِعري
أطرفُ ما تسمعُه في الوَرى
أطرفُ ما تسمعُه في الوَرى / أني رأيتُ الشادنَ الأَحوَرا
يطلُبُ في المرآةِ تِمثالَه / وهَل يؤَدِّي جَوهرٌ جَوهَرا
نجا المَعريُّ مِن العار
نجا المَعريُّ مِن العار / ومن شناعاتٍ وأخبارِ
وافَقَني أمسِ عَلى أنَّه / يقولُ بالجنَّة والنارِ
وأنَّه لا عادَ من بَعدِها / يَصبو إلى مَذهبِ بكارِ
قد سلَّم الناسَ إليكَ المدى
قد سلَّم الناسَ إليكَ المدى / فارفِق أبا الجَيشِ عَلى الناسِ
إِن كانَ يومٌ فيه بؤسٌ فَما / يُلحق في النَّجدَةِ والباسِ
لو أجدَبَ العامُ فكلُّ امرئٍ / يلقاكَ منه طاعِمٌ كاسِ
ما عَرفَت كفُّكَ غيرَ النَّدى / وقائِمَ المُرهَفِ والكاسِ
تَستَوحشُ النِّعمةُ من أهلِها / حتَّى تُلاقيها بايناسِ
لو عَدلت كأسُ الهَوى لم أكُن
لو عَدلت كأسُ الهَوى لم أكُن / أكرَهُ عَدلَ الكأسِ في المَجلسِ
خَليطَةُ الأنفُسِ غيرُ التي / تَحكُمُ بالجَورِ عَلى الأنفُسِ
فاعدِل إلى المُنقذِ من عَقلِه / بِها أبا الجَيشِ إلى المُفلِسِ
ليسَ أميرُ القَوم إلا الذي
ليسَ أميرُ القَوم إلا الذي / شارَكَهُم في الموتِ والعَيشِ
وما رَأينا أحَداً هَكذا / من الوَرى إِلا أَبا الجَيشِ