القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن غَلبون الصُّوري الكل
المجموع : 71
أفرقَ حتى ما به داءُ
أفرقَ حتى ما به داءُ / وأدركَ العذالُ ما شاؤا
وعالجَته من هوىً عزمةٌ / إنَّ العزيماتِ أطباءُ
والأغيدُ الأهيفُ أعضاؤه / في أنفس العشاق أهواءُ
تألفت منه وسقمٌ على / العلَّة أجفانٌ وأحشاءُ
وكادَ أن يقطرَ من بينهم / من وَجنَتيه الخمرُ والماءُ
ولم يبن في وجهه ثغره / إذ كان كل فيه لألاءُ
فطالَ مَهوى القرط في جيدِه / كما تراءَت لكَ أدماءُ
لكنّه صدّ فلم تتفق / في الحسن أفعالٌ وأسماءُ
وليلةٍ بيَّضها أنها / في عين من يرقب سوداءُ
وكل ما لم يرَنا هرَّه / تحسُّسٌ فيها وإصغاءُ
يخبطُ في عَشواءَ من حَولنا / وكم عسى تخبطُ عشواءُ
قلت لنَدماني اسقني واحيها / فما صروفُ الدهرِ أحياءُ
قضَت من الحَسرة في وقت ما / قضى عليها زكريَّاءُ
شيخ العلى أيام أشياخها / والناس إذ ذلك أكفاءُ
فما تَرى والقوم لما مَضوا / ما استخلفوا فيها ولا جاؤا
فالمجدُ والجود له والنُّهى / والفضل والمعروف أبناءُ
وكيف لا يعلو العلى من له / فيها على الأيام بناءُ
وللأيادي من نداهُ يدٌ / عامرةٌ بالجودِ غناءُ
عارفةٌ بالجودِ معروفةٌ / وغارةٌ في العُدم شَعواءُ
وهمَّة لما علت أشرقت / كأنها الزهرة زهراءُ
تستخرجُ الأَضغان ألفاظُه / كأنها فيهنّ حواءُ
وساحةُ العافينَ من داره / ممطورةٌ بالجودِ خضراءُ
إذا الملماتُ تعاوَرنَه / وهنَّ للأفهامِ أعداءُ
كفاهُ بالدّربة من حل ما / أشكل تلويحٌ وإيماءُ
لا شيء في الأمر وفيه إذا / شطّت عراه بكَ أشياءُ
والآن فاشهد أنني تائبٌ
والآن فاشهد أنني تائبٌ / من بعدها يا ابنَ أبي التائبِ
لا أحسنُ الظن وحوشيتَ من / قولي لمصحوبٍ ولا صاحبِ
إن أعرضوا عني فأعراضُهم / من الثناءِ اللازم اللازبِ
أو أفرَدوني إذ رَأَوا أنني / فردٌ من الناس فبالواجبِ
ها أنا ذا مِن بَين أهلِ الندى / والمجدِ من بانٍ ومن كاتبِ
أبيعُ أثوابي ويا لَيتها / تقومُ لي بالقائِم الراتبِ
حبلُ الهَوى ملقىً على الغارِب
حبلُ الهَوى ملقىً على الغارِب / فما لها ترقِلُ بالراكبِ
وأنتَ لا تنفك في إثرها / تحدو بحثِّ المَدمع الساكبِ
وراءَك ارجِع إنَّ خيلَ الهوى / لا تلحقُ المسلوبَ بالسالبِ
ويا مدير اللحظات التي / توجب أن أتركَ من واجبي
أوصيكَ خيراً بالسقام الذي / فيهنَّ واعلم أنه صاحبي
وقَرقَفٍ في مقلَتي أهيفٍ / عذراءَ لا تُمنعُ من خاطبِ
حلّت ولَكن حرَّموا أختها / من ريقةٍ تُجلى على الشاربِ
وعللّوني بالذي عندَهم / كمُستتابٍ ليسَ بالتائبِ
جاؤا بدنٍّ زعموا أنَّه / من آدمٍ من طينِه اللازبِ
قلت احبِسوا عن شيخكم سَيحَكم / فليس ماضي العمر بالآيبِ
وجرَّ قولي أنَّني تائبٌ / منها حديث ابنَي أبي التائبِ
المانعَين الواهبَين انظروا / هل يوصفُ المانع بالواهبِ
مالاهما جنَّة عرضَيهما / قد يُحرَسُ المخزونُ بالسائبِ
كلٌّ عليٌّ في بناءِ العُلى / إذا انتَهى في نسبٍ عازبِ
فخلِّه فيما تَرى أنَّه / صعبُ المساعي خَشِن الجانبِ
إلى الملبَّى والمسمّى به / بردِّه معروفَه الناسبِ
كم كذّبا من حذرٍ صادقٍ / وصدَّقا من أملٍ كاذبِ
وكلّ من يُجدي على قائِل / فإنما يُملي على كاتبِ
كلاهُما في فِعله كاسِب / والفضلُ ما يَبقى على الكاسبِ
ملتَمساً صلح الليالي ومن
ملتَمساً صلح الليالي ومن / ما بيننا بعد من الصلحِ
لا فجرَ يتلوهنَّ لكنَّني / أنقلُ من جُنحٍ إلى جُنحِ
آليتُ لا استعديتُ إلا فتىً / أعدى عليهنَّ من الصبحِ
آراؤه مشتقَّة بالندى / فيهنَّ من رأي أبي الفتحِ
يُغني إذا استغنى بتلويح ما / يشكو عن التصريح والشرحِ
نِسبتُه في وجههِ لم تزل / تبشِّرُ الآمالَ بالنجحِ
يُحسبُ سكرانَ إذا كفُّه / سحَّت فما يَصحو ولا يُصحي
الوجد في العشاقِ موجودُه
الوجد في العشاقِ موجودُه / ومثل وجدي بكَ مفقودُهُ
يا قمرٌ يوعدُني طرفُه / بوصلهِ لو صَحَّ مَوعودُهُ
حتى متى نومُك عن ناظرٍ / أيسرُ ما يلقاه تسهيدُهُ
يشهدُ لي أهلُ الوفا بالوفا / في الحبِّ لما بانَ مشهودُهُ
قلتُ وقد أوردَني حبُّه
قلتُ وقد أوردَني حبُّه / موارِداً ليسَ لَها مَصدرُ
أفسَدتَ دُنيايَ ولا دينَ لي / تُفسِدُه فاصدَع بِما تُؤمَرُ
فحينَ خاضَ الناسُ في ذِكر ما
فحينَ خاضَ الناسُ في ذِكر ما / عندَ أبي الخَيرِ من الخَيرِ
سِرتُ وسارَت بي عَصاً أعلمَت / أن العصا عِندي بلا سَيرِ
حتى لحِقتُ القومَ مستَشعِراً / مثل الذي استَشعَرهُ غَيري
وقد تفاءلتُ بذكر اسمِهِ / فامتاز بالنفع عن الضيرِ
وصحَّ زجرُ الفأل لما جَرى / من عن يَميني سانحُ الطيرِ
حكمُ الهوى جرَّ عليك الجَرة
حكمُ الهوى جرَّ عليك الجَرة / فاتَّفق المَقدورُ والمَقدرَه
في شادنٍ خمرةُ أجفانِه / تجتمعُ الناسُ لها دَسكَرَه
يُستعظمُ الأصغرُ من عطفِه / فإن شكَوتَ الأعظَم استَصغرَه
لو كان طولُ الدهرِ يُنسي كما / قيلَ إذاً ما خِفتُ أن أذكرَه
وخبروني أنَّ طَيفاً سَرى / لغَيرهم عِند الذي أبصَرَه
فقلتُ لو نمتُ لحدَّثتُكُم / ما تشهدُ العينُ بما لَم تَرَه
وكم تَباكَينا وما يَستَوي / هل تَلحقُ الكحلاءَ ذاتُ المرَه
ولا علمنا أبداً أعين / فاض علينا أم ندى حيدَرَه
شدَّ العَطايا بالسَّجايا فما / حال بِه دَهرٌ ولا غيَّرَه
من المَعالي الطائِعات التي / تَعجزُ عنها الألسُن المخبرَه
يقطعُها جودُ بنيهِ ولا / تقطعُها الكَوماءُ ذاتُ البرَه
يسيرُ تيهاً وابنهُ وهو من / بعدِهما تيهاءَ مُستوعرَه
لا تنكِروها شيَماً حُلوةً / من مرَّةٍ لَيسَت بمستَنكرَه
كلُّ امرئٍ منهم أبوهُم إذا / جاد فإن جاد فما أجدرَه
أحسنتَ بل أحسَنَ في الظنِّ مَن / ظنَّ بكَ الإحسانَ فاستَشعرَه
أبلغ عبيدَ اللَهِ عنِّي وقل
أبلغ عبيدَ اللَهِ عنِّي وقل / يا ذا العَطايا أصبَحَت تَترى
حتى مَتى تبني وتَعلو أما / تَشعرُ من تَحتِك بالشِّعرى
إني وإن أسلَفتَني منَّةً / لَفي انتِظارِ المنَّةِ الأُخرى
فابعَث إلى سالِفةٍ أختَها / ولتَكنِ الآنفةُ الكُبرى
وما يَردُّ الدهر إلا يدٌ
وما يَردُّ الدهر إلا يدٌ / عادِيةٌ مثلُ يدِ الدهرِ
لها خُطوبٌ بالردَى تُتَّقى / وحادِثاتٌ بالندى تَجري
وقد رأيتُ اليوم سيفَ الغِنى / على غِرارَيه دمُ الفقرِ
ولاحتِ الراحةُ من راحَتَي / أبي الحُسين ابنِ أبي نَصرِ
يا حار إنَّ الركبَ قد حاروا
يا حار إنَّ الركبَ قد حاروا / فاذهَب تحسَّس لمن النارُ
تَبدو وتَخبو إن خَبت عرّسوا / وإن أَضاءَت لَهُم ساروا
كأنَّها تجمعُ أوطارَهُم / فكيفَ والأَوطارُ أطوارُ
قام عليها موقِدٌ مرشِدٌ / له بفضلِ الزادِ إيثارُ
رحب فناءِ البيت ينتابهُ / في الليل حُرَّاس وسُمارُ
في جانبٍ من بيتِه قبَّةٌ / تحفُّها حُجبٌ وأستارُ
دارَت على بعضِ لباناتِكم / ممَّن نأت عنكم به الدارُ
لكن عليها طائفٌ خائفٌ / في طول هذا الليل سَهَّارُ
فلا تَلوموني إذا مسَّكم / من قَربها أو مَسَّها عارُ
ومرسلٍ يسألُ عن حالتي / قلتُ كما تَهوى وتختارُ
صبٌّ على ما تَشتَهي مدنَفٌ / أو تَنتَهي العلَّةُ خوَّارُ
وكيفَ أعتدُّ عليكَ الضَّنى / أليسَ من جَفنيك أمتارُ
ما نظرةٌ إلا لَها سَكرةٌ / كأنَّما طرفُكَ خمَّارُ
وأين ما أسررتَ في لحظِهِ / مما أسرَّ الطينُ والقارُ
هذا هوىً يصدرُ عنه جَوىً / تَتلوهُ لَوعاتٌ وأفكارُ
وهذه أفعالُها هذه / ما بعدَ رأي العَينِ إنكارُ
ولم يكن أوَّلَ من غرَّني / كلُّ غرير الطرفِ غرارُ
كأنهم لم يَسمعوا عندَما / جاروا بعوفيٍّ له جارُ
يَمشي الهَوى من خَوفه القَهقَرى / عنه وتُغضي عنه أبصارُ
هناك ما سقَّيتني دائرٌ / عندكَ والكاساتُ أدوارُ
ما أثقلَ الغَيرةَ من معشرٍ / إذا أَغاروا كلَّما غاروا
لا يقبلونَ الضيمَ لكنَّهُ / يُقبلُ منهم أينَما ثاروا
كلٌّ على كلٍّ له نعمةٌ / كما لكلٍّ عِنده ثارُ
إن طالَ ليلي لا الدُّجى مُنجلٍ / عنهم ولا الكَوكَبُ غوَّارُ
فالبيضُ وصلُ البيضِ ما بينَهم / في طولِه والسمرُ أسمارُ
ما شاجروا إلا أظلَّتهُم / من قَصب المُرَّان أشجارُ
وأظهَروا نَوراً لهُ أرزقاً / له من الأنفسِ أثمارُ
وحامدٌ منهم عَلى ما تَرى / ومُلهمٌ كانَ ودينارُ
ربَّ عِتاقٍ ضمَّرٍ قادَها / حقدٌ له في النَّفس إضمارُ
إذ يَقصِم الطعنُ القَنا فالقَنا / كأنَّها الأشطانُ أشطارُ
مصطَبحاً غراءَ مَكدورةً / يحثُّها أبيضُ بتَّارُ
ويَنثَني من سُكرها سالِماً / حيثُ عقولُ الشربِ أغمارُ
مغتبقاً أُخرى كأخلاقِه / يحثُّها نايٌ وأَوتارُ
عَجبتُ كيفَ استعبدَتكَ العُلى / والناسُ من ذلكَ أحرارُ
وكيفَ ساجلَت الغمام الذي / ليس له في الصيفِ أمطارُ
ولَّى ولِلأرضِ على أنَّها / لم يحتَملها قطُّ مِقدارُ
أدنيتُ في مَدحِكَ أقطارها / منِّي فما للأرضِ أقطارُ
لا بِتماديكَ على هَجري
لا بِتماديكَ على هَجري / ولا بإكثارِكَ من ذِكري
فهاتِ قل لي أيُّ أمرَيكَ إن / عَلِقتُ عَلقت به أَمري
ربَّ لِسانٍ فمُه مقلةٌ / تختصُّ بالشكوى عن الشُّكرِ
من أدمعٍ صدَّرنَ في وجنَتي / نسخة ما سطَّرتُ في صَدري
عاتَبني فيه وأجرَيتُه / والعتبُ في الجاري على المُجري
كدأب أصحابِ الجُفون الَّتي / توازَرَت فاحتَملَت وِزري
أكثر ما بَيني وبينَ الهَوى / ما بَينَها من نَظرٍ شَزرِ
عهِدتُكم من حيثُ عاهَدتُكم / لم تَعرِفوا شيئاً سِوى الغَدرِ
فما لكُم لما نَذَرتُم دَمي / صِرتُم من الموفينَ بالنذرِ
يا صاحِبَ الحانةِ أصبحتَ قُم / فافتَح عن العانِسةِ البِكرِ
قد طالتِ الصُّحبةُ ما بَيننا / وهي من الحِشمةِ في خِدرِ
فانتقلَت منه إلى أبيضٍ / شفَّ فأشفَينا على السكرِ
الحمرُ في البيضِ وإنا لَفي / شَكٍّ بأن البيضَ في الحُمرِ
ثم تنادَينا وطفنا بها / وقد تحالَفنا على الصبرِ
فآذنت إمَّا بكفارةٍ / منَّا على الحِلفةِ أو كُفرِ
كم جمعتنا حيثُ نَدري وكم / قد فرَّقَتنا حيثُ لا نَدري
حتى أتى الصومُ على فِتيةٍ / لم يعرفوا الصومَ من الفِطرِ
فأَذكرُوني حُرماتٍ لهُ / أوكدُ منها حُرمةُ الشهرِ
وَحادثٍ حَدث في نفسِه / حديثَ ذي نابٍ وذي ظُفرِ
حتَّى إِذا ما اعتَدَّ واحتَدَّ في / سَطوتِه واشتَدَّ في أَمري
وقلتُ لما قصرَت خَطوَتي / أدرَكَني أدرَكَهُ النضري
فصار يَستَشفِعُ بي عنده / يا لِلمقادير وما تَجري
بالأمسِ أستَعدي على الدهرِ من / أعطِفُه اليومَ علَى الدهرِ
كأنَّ هَذا الشافِعَ المُنحني / لم يكُ ذاك الحَنِقَ المُغري
لقد تلوَّنتُ على ذا الذي / طالَبَه بالكَسرِ والجَبرِ
وكلُّ هذا وهو مستَحسنٌ / مستَعذِبٌ ذلك مُستَمري
خلائقٌ تُطمعُ من لم يَجد / في بشرٍ ما فيه من بِشرِ
والعزماتُ الحُمر لونُ الردى / كامنةٌ في الشيم الخُضرِ
ليس بذي مكرٍ ولكنَّه / يحسِنُ دفعَ المكرِ بالمكرِ
وجدتُ عبد اللَه في جُوده / يَسترُ ما ليس بذي سترِ
يَندى ويستكتمُنا والندى / نعمَ مُنادي البَدو والحَضرِ
ما الجود بخلٌ فيغطَّى ولا ال / مُنبي عليه عائبٌ مُزرِ
لو استَطاعَ الليلُ مع طوله / وهَولِه كرَّ على الفَجرِ
هَبنا تَماسَكنا فمن ذا الذي / يردُّ أسفاراً مع السَّفرِ
جاءَت عطيَّاتُك مطويَّةً / فلم يكن عندي سِوى النَّشرِ
مقرونةً بالعُذر إنِّي لفي الت / تَقصير أولى منكَ بالعُذرِ
إني لألفي كلَّ مُستَخبرٍ / عنك أبا القاسِم ذا خُبرِ
يعلمُ ما أعلمُ لكنَّه / يعجبُه ذكرُكَ في شِعري
كأنني شادٍ مقيمٌ على / ذي لوعةٍ ثاوٍ على الجمرِ
هل عند خُطَّاب العُلى أنني / وكيلُها في طَلب المَهرِ
وذو الغِنى عندي سَواءٌ إذا / لم يُغنِ من فَقرٍ وذو الفَقرِ
نادَمني مَن وَجهُهُ رَوضَةٌ
نادَمني مَن وَجهُهُ رَوضَةٌ / مُزهِرةٌ يمرحُ فيها النظَر
فانظُر معي تَنظُر إلى مُعجزٍ / سيفُ عَليٍّ بين جَفنَي عُمَر
ما يُصبِحُ العاذِلُ مَعذورا
ما يُصبِحُ العاذِلُ مَعذورا / إلا إذا أصبَحتَ مَهجورا
فزُر ولَو زُوراً تَجد قَولَه / عِندي كَما تَعرفُه زورا
ولا تكوننَّ عَلى صَبوَتي / معوِّلاً في الحبِّ مَغرورا
إنِّي إذا ما نارُ عَزمٍ خبَت / فلم ترَ العينُ لها نورا
كنتَ جَديراً أن تَرى ناقَتي / حامِلةً في كورِها كِيرا
وكم فراقٍ رَفَعت عيسُه / ذيلَ اشتِياقٍ كان مَجرورا
وإنَّما يُهدَمُ صَبري إذا / كان فُؤادي بكَ مُعمُورا
لأَجلدنَّ العَينَ حدّاً عَلى / ما صَنعَت والعين تَعزيزا
وإن كفاهُ بعضُ ما كان من / ضَربكَ تَوهيناً وتَشهيرا
يا صاحبَ البيتِ الذي كلُّ من / باتَ به أصبَحَ مَخمورا
ألحقني الناسَ عَلى قارحٍ / صَفراءَ لا تَعرفُ تَقصيرا
أربَعُها خمسٌ يدٌ حُلِّيت / بالحسنِ تَختيماً وتَسويرا
يَرفعُها بالكأسِ ذو مُقلَةٍ / مَقدورَةٍ تحمِلُ مَقدورا
فلا تَسَلني كيفَ أمسيتُ بال / حاملِ والمَحمولِ مَسرورا
ولا تَخَف ما يَصنَعُ الدهرُ بي / من بعدِ ما استَنصَرت مَنصورا
وبعدَ ما كرَّ نَداهُ مَعي / وضاعفَ الكرة تَكريرا
واستَخبِر الأيامَ عن صَرفِها / في أيهم أصبحَ مَحصورا
لتأمَنِ الآمالُ في مَسلكٍ / أم مَنهلٍ قَطعاً وتَغويرا
أبرزَتِ الأنجُمَ هِمَّاتُه / فاتَّخذت أبراجها دُورا
مُدبراتٌ بِالندى وَالردى / كأنَّها السَّبعةُ تَدبيرا
بنائِلٍ لو طُلتَ شم الذُّرى / كان به طولكَ مَغمُورا
كالبحرِ لا تدركُ من مائِه / غَوراً ولو رفَّعتَ تَشميرا
لكنَّ ذا يوجبُ في قُربِه / حَمداً وذا يوجِب تَكثيرا
أبلِغ أبا نَصرٍ بأنَّ الذي / حمَّلتَني حمَّلتُه العِيرا
فنَقلته رحلةً رحلةً / سَعياً لها بالشكرِ مَشكورا
وقارنَ الحمدَ ثناءً بِما / أولَى فَنادَيتُهما سِيرا
كلُّ امرئٍ يُذكرني جُوده / لكن بهذا صرتُ مَذكورا
لا غُيِّرَت حالُ يَدٍ أصبحَت / تُسرعُ في الأحوالِ تَغييرا
نُبِّئتُكَ استَقصَرتَني مادِحاً
نُبِّئتُكَ استَقصَرتَني مادِحاً / فجُدتَ بالمُستقصَرِ النَّزرِ
فاعتَبر التقصيرَ ما بَيننا / هل هُو في جُودِكَ أو شِعري
أطرفُ ما تسمعُه في الوَرى
أطرفُ ما تسمعُه في الوَرى / أني رأيتُ الشادنَ الأَحوَرا
يطلُبُ في المرآةِ تِمثالَه / وهَل يؤَدِّي جَوهرٌ جَوهَرا
نجا المَعريُّ مِن العار
نجا المَعريُّ مِن العار / ومن شناعاتٍ وأخبارِ
وافَقَني أمسِ عَلى أنَّه / يقولُ بالجنَّة والنارِ
وأنَّه لا عادَ من بَعدِها / يَصبو إلى مَذهبِ بكارِ
قد سلَّم الناسَ إليكَ المدى
قد سلَّم الناسَ إليكَ المدى / فارفِق أبا الجَيشِ عَلى الناسِ
إِن كانَ يومٌ فيه بؤسٌ فَما / يُلحق في النَّجدَةِ والباسِ
لو أجدَبَ العامُ فكلُّ امرئٍ / يلقاكَ منه طاعِمٌ كاسِ
ما عَرفَت كفُّكَ غيرَ النَّدى / وقائِمَ المُرهَفِ والكاسِ
تَستَوحشُ النِّعمةُ من أهلِها / حتَّى تُلاقيها بايناسِ
لو عَدلت كأسُ الهَوى لم أكُن
لو عَدلت كأسُ الهَوى لم أكُن / أكرَهُ عَدلَ الكأسِ في المَجلسِ
خَليطَةُ الأنفُسِ غيرُ التي / تَحكُمُ بالجَورِ عَلى الأنفُسِ
فاعدِل إلى المُنقذِ من عَقلِه / بِها أبا الجَيشِ إلى المُفلِسِ
ليسَ أميرُ القَوم إلا الذي
ليسَ أميرُ القَوم إلا الذي / شارَكَهُم في الموتِ والعَيشِ
وما رَأينا أحَداً هَكذا / من الوَرى إِلا أَبا الجَيشِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025