المجموع : 3
يا كاسِبَ الحَمدِ إِلى حَمدِهِ
يا كاسِبَ الحَمدِ إِلى حَمدِهِ / أَدرِك حَياةَ الشعرِ مِن وَأدِهِ
يَدعُوكَ لا يَذكُرُ مِن حُرمَةٍ / غَيرَ الَّذي أَسلَفَ مِن وُدِّهِ
وَلِلمَودّاتِ عَلى أَهلِها / حَقُّ ذِمام الخُلقِ في عَقدِهِ
دارُ هَوانٍ قَد حَلَلنا بِها / كَما يَحِلُّ الصَيدُ في قدِّهِ
أَيسَرُ ما في وَصفِها أَنَّها / تَفجَع ذا الجُهدِ عَلى جُهدِهِ
إِن يطلبِ الرِفدَ بِها مُتقِنٌ / فرفته أَقرَبُ مِن رِفدِهِ
تُثِيبُ مَن يَهزِلُ فيها كَما / تَسُوءُ ذا الجِدِّ عَلى جِدِّهِ
لا يَظفَرُ المُحسِنُ فيها وَلَو / بِالخادِع المَمطولِ مِن وَعدِه
لَيسَ مِنَ الأَحياءِ مَن حَلَّها / بَل مَيِّتٌ أُخِّرَ عَن لَحدِهِ
لا مَوتَ مَهما قُلتَ في وَصفِه / يَعدِل مَوتَ اليَأسِ في بُردِهِ
دَيرٌ لِغَيرِ اللَهِ رُهبانُهُ / يَحُلُّهُ المُفرِطُ في زُهدِهِ
تَغرِسُ ما تَغرِس مِن صالِحٍ / فيها وَلا تَجني سِوى ضِدِّهِ
كَأَنَّها قَلبُ لَئيمٍ إِذا / غَرَستَ فيهِ العُرفَ لَم يُجدِشه
أَو رَملَةٌ تَشرَبُ صَوبَ الحَيا / صَفواً وَلا تَنفكُّ عَن جَحدِهِ
جَهلُ الفَتى أَفضَلُ أَرزاقِه / فِيها وَضِيقُ العَقلِ من سَعدِهِ
فَذاكَ لَو يفهَمُ أَجدى لَهُ / مِن عِلمِهِ الجَمِّ وَمِن كَدِّهِ
غَيرُ قَوانينِ بَني آدَمٍ / قانونُها في الجُورِ عَن قَصدِهِ
تَرى دِماءَ الحَقِّ مَسفوكَةً / في كُلِّ حَرفٍ خُطَّ مِن بَندِهِ
أَقَمتُ فيها كارِهاً مِثلَ مَن / أُركِبَ مِن سَيفٍ عَلى حَدِّه
حالٌ لَبِسناها عَلى رَغمنا / لُبسَ الوَليد الشَيبَ في مَهدِهِ
وَللوشاياتِ بِها دَولَةٌ / يَزيدُ فيها الشَرُّ مِن جُندِهِ
الجارُ فيها مُتَّقِ جارَه / وَالأَخُ مَطوِيٌّ عَلى حِقدِهِ
وَالمَرءُ ذو الأَخلاقِ يحيا بها / في مُكفهِرِّ الجَوِّ مُربَدِّهِ
إِلَيكَ أُزجيها عَلائِيَّةً / كَأَنَّها اللؤلُؤُ في عِقدِهِ
وحَسبُها أَن وُجِّهَت لامرِئٍ / يَنفَحُ طيبُ الودِّ مِن بُردِهِ
يا مُؤنِسَ المَسجونِ في سِجنِه
يا مُؤنِسَ المَسجونِ في سِجنِه / وَسَلوَةَ المَحزونِ مِن حُزنِه
إِن كُنتَ في السجنِ لَهُ صاحِباً / فَسِجنُهُ الجَنَّةُ في حُسنِه
أَساءَ بِالعالَمِ ظَنّاً وَلَو / أَدرَكتَهُ حَسَّنَ مِن ظَنِّه
وَجادَ بِالدُنيا اِحتِقاراً لَها / وَلَو رآكَ اِشتَطَّ في ضَنِّه
فَلَم يَجد سِحراً بِجَنّاتِه / كَسِحرِ هَذا النَثرِ في فَنِّه
وَكَم تَمَنّى لَو تَحِلُّ الطِلا / تُنسيهِ دَهراً لَجَّ في غَبنِه
فَدُونَهُ نَثركَ فَليَصطَبِح / مِن كَأسِهِ وَليَروَ مِن دَنِّه
خَلَّدتَه أَكثَرَ مِن شِعرِه / فَصارَ عُمرُ الدَهرِ في سِنِّه
لَو أَنَّهُ خُيِّرَ في عَينِه / وَفيكَ لاختارَكَ عَن عَينِه
يا قادِماً ما أَسعَد المَقدَما
يا قادِماً ما أَسعَد المَقدَما / سَلامَةُ الأَوطانِ أَن تَسلَما
لا بَأسَ أَن شَبَّت لَظى حَربِها / عَودُك كانَ النَصرَ وَالمَغنَما
لَقَد أَمِنّا شَرَّها بَعدَ ما / سَلِمتَ يا أَثمَنَ مَن في الحِمى