المجموع : 27
إِثنِ عَنانَ القَلبِ وَاِسلَم بِهِ
إِثنِ عَنانَ القَلبِ وَاِسلَم بِهِ / مِن رَبرَبِ الرَملِ وَمِن سِربِهِ
وَمِن تَثَنّي الغيدِ عَن بانِهِ / مُرتَجَّةَ الأَردافِ عَن كُثبِهِ
ظِباؤُهُ المُنكَسِراتُ الظُبا / يَغلِبنَ ذا اللُبِّ عَلى لُبِّهِ
بيضٌ رِقاقُ الحُسنِ في لَمحَةٍ / مِن ناعِمِ الدُرِّ وَمِن رَطبِهِ
ذَوابِلُ النَرجِسِ في أَصلِهِ / يَوانِعُ الوَردِ عَلى قُضبِهِ
زِنَّ عَلى الأَرضِ سَماءَ الدُجى / وَزِدنَ في الحُسنِ عَلى شُهبِهِ
يَمشينَ أَسراباً عَلى هينَةٍ / مَشيَ القَطا الآمِنِ في سِربِهِ
مِن كُلِّ وَسنانٍ بِغَيرِ الكَرى / تَنتَبِهُ الآجالُ مِن هُدبِهِ
جَفنٌ تَلَقّى مَلَكا بابِلٍ / غَرائِبَ السِحرِ عَلى غَربِهِ
يا ظَبيَةَ الرَملِ وُقيتِ الهَوى / وَإِن سَمِعَت عَيناكِ في جَلبِهِ
وَلا ذَرَفتِ الدَمعَ يَوماً وَإِن / أَسرَفتِ في الدَمعِ وَفي سَكبِهِ
هَذي الشَواكي النُحلُ صِدنَ اِمرأً / مُلقى الصِبا أَعزَلَ مِن غَربِهِ
صَيّادَ آرامٍ رَماهُ الهَوى / بِشادِنٍ لا بُرءَ مِن حُبِّهِ
شابٌّ وَفي أَضلُعِهِ صاحِبٌ / خِلوٌ مِنَ الشَيبِ وَمِن خَطبِهِ
واهٍ بِجَنبي خافِقٌ كُلَّما / قُلتُ تَناهى لَجَّ في وَثبِهِ
لا تَنثَني الآرامُ عَن قاعِهِ / وَلا بَناتُ الشَوقِ عَن شِعبِهِ
حَمَّلتُهُ في الحُبِّ ما لَم يَكُن / لِيَحمِلَ الحُبُّ عَلى قَلبِهِ
ما خَفَّ إِلّا لِلهَوى وَالعُلا / أَو لِجَلالِ الوَفدِ في رَكبِهِ
أَربَعَةٌ تَجمَعُهُم هِمَّةٌ / يَنقُلُها الجيلُ إِلى عَقبِهِ
قِطارُهُم كَالقَطرِ هَزَّ الثَرى / وَزادَهُ خِصباً عَلى خِصبِهِ
لَولا اِستِلامُ الخَلقِ أَرسانَهُ / شَبَّ فَنالَ الشَمسَ مِن عُجبِهِ
كُلُّهُمُ أَغيَرُ مِن وائِلٍ / عَلى حِماهُ وَعَلى شَعبِهِ
لَو قَدَروا جاؤوكُمُ بِالثَرى / مِن قُطبِهِ مُلكاً إِلى قُطبِهِ
وَما اِعتِراضُ الحَظِّ دونَ المُنى / مِن هَفوَةِ المُحسِنِ أَو ذَنبِهِ
وَلَيسَ بِالفاضِلِ في نَفسِهِ / مَن يُنكِرُ الفَضلَ عَلى رَبِّهِ
ما بالُ قَومي اِختَلَفوا بَينَهُم / في مِدحَةِ المَشروعِ أَو ثَلبِهِ
كَأَنَّهُم أَسرى أَحاديثُهُم / في لَيِّنِ القَيدِ وَفي صُلبِهِ
يا قَومِ هَذا زَمَنٌ قَد رَمى / بِالقَيدِ وَاِستَكبَرَ عَن سَحبِهِ
لَو أَنَّ قَيداً جاءَهُ مِن عَلِ / خَشيتُ أَن يَأتي عَلى رَبِّهِ
وَهَذِهِ الضَجَّةُ مِن ناسِهِ / جَنازَةُ الرِقِّ إِلى تُربِهِ
مَن يَخلَعُ النيرَ يَعِش بُرهَةً / في أَثَرِ النيرِ وَفي نَدبِهِ
يا نَشأَ الحَيِّ شَبابَ الحِمى / سُلالَةَ المَشرِقِ مِن نُجبِهِ
بَني الأُلى أَصبَحَ إِحسانُهُم / دارَت رَحى الفَنِّ عَلى قُطبِهِ
موسى وَعيسى نَشَآ بَينَهُم / في سَعَةِ الفِكرِ وَفي رُحبِهِ
وَعالَجا أَوَّلَ ما عالَجا / مِن عِلَلِ العالَمِ أَو طِبِّهِ
ما نَسِيَت مِصرُ لَكُم بِرَّها / في حازِبِ الأَمرِ وَفي صَعبِهِ
مَزَّقتُمُ الوَهمَ وَأَلِفتُمُ / أَهِلَّةَ اللَهِ عَلى صُلبِهِ
حَتّى بَنَيتُم هَرَماً رابِعاً / مِن فِئَةِ الحَقِّ وَمِن حِزبِهِ
يَومٌ لَكُم يَبقى كَبَدرٍ عَلى / أَنصارِ سَعدٍ وَعَلى صَحبِهِ
قَد صارَتِ الحالُ إِلى جِدِّها / وَاِنتَبَهَ الغافِلُ مِن لُعبِهِ
اللَيثُ وَالعالَمُ مِن شَرقِهِ / في هَيبَةِ اللَيثِ إِلى غَربِهِ
قَضى بِأَن نَبني عَلى نابِهِ / مُلكَ بَنينا وَعَلى خِلبِهِ
وَنَبلُغُ المَجدَ عَلى عَينِهِ / وَنَدخُلُ العَصرَ إِلى جَنبِهِ
وَنَصِلَ النازِلَ في سِلمِهِ / وَنَقطَعَ الداخِلَ في حَربِهِ
وَنَصرِفَ النيلَ إِلى رَأيِهِ / يَقسِمُهُ بِالعَدلِ في شِربِهِ
يُبيحُ أَو يَحمي عَلى قُدرَةٍ / حَقَّ القُرى وَالناسُ في عَذبِهِ
أَمرٌ عَلَيكُم أَو لَكُم في غَدٍ / ما ساءَ أَو ما سَرَّ مِن غَبِّهِ
لا تَستَقِلّوهُ فَما دَهرُكُم / بِحاتِمِ الجودِ وَلا كَعبِهِ
نَسمَعُ بِالحَقِّ وَلَم نَطَّلِع / عَلى قَنا الحَقِّ وَلا قُضبِهِ
يَنالُ بِاللينِ الفَتى بَعضَ ما / يَعجَزُ بِالشِدَّةِ عَن غَصبِهِ
فَإِن أَنِستُم فَليَكُن أُنسُكُم / في الصَبرِ لِلدَهرِ وَفي عَتبِهِ
وَفي اِحتِشامِ الأُسدِ دونَ القَذى / إِذا هِيَ اِضطُرَّت إِلى شُربِهِ
قَد أَسقَطَ الطَفرَةَ في مُلكِهِ / مَن لَيسَ بِالعاجِزِ عَن قَلبِهِ
يا رُبَّ قَيدٍ لا تُحِبّونَهُ / زَمانُكُم لَم يَتَقَيَّد بِهِ
وَمَطلَبٍ في الظَنِّ مُستَبعَدٍ / كَالصُبحِ لِلناظِرِ في قُربِهِ
وَاليَأسُ لا يَجمُلُ مِن مُؤمِنٍ / ما دامَ هَذا الغَيبُ في حُجبِهِ
يا ناشِرَ العِلمِ بِهَذي البِلاد
يا ناشِرَ العِلمِ بِهَذي البِلاد / وُفِّقتَ نَشرُ العِلمِ مِثلُ الجِهاد
بانِيَ صَرحِ المَجدِ أَنتَ الَّذي / تَبني بُيوتَ العِلمِ في كُلِّ ناد
بِالعِلمِ سادَ الناسُ في عَصرِهِم / وَاِختَرَقوا السَبعَ الطِباقَ الشِداد
أَيَطلُبُ المَجدَ وَيَبغي العُلا / قَومٌ لِسوقِ العِلمِ فيهِم كَساد
نَقّادُ أَعمالِكَ مُغلٍ لَها / إِذا غَلا الدُرُّ غَلا الاِنتِقاد
ما أَصعَبَ الفِعلَ لِمَن رامَهُ / وَأَسهَلَ القَولَ عَلى مَن أَراد
سَمعاً لِشَكوايَ فَإِن لَم تَجِد / مِنكَ قُبولاً فَالشَكاوى تُعاد
عَدلاً عَلى ما كانَ مِن فَضلِكُم / فَالفَضلُ إِن وُزِّع بِالعَدلِ زاد
أَسمَعُ أَحياناً وَحيناً أَرى / مَدرَسَةً في كُلِّ حَيٍّ تُشاد
قَدَّمتَ قَبلي مُدُناً أَو قُرى / كُنتُ أَنا السَيفَ وَكُنَّ النِجاد
أَنا الَّتي كُنتُ سَريراً لِمَن / سادَ كَإِدوَردَ زَماناً وَشاد
قَد وَحَّدَ الخالِقَ في هَيكَلٍ / مِن قَبلِ سُقراطَ وَمِن قَبلِ عاد
وَهَذَّبَ الهِندُ دِياناتِهِم / بِكُلِّ خافٍ مِن رُموزي وَباد
وَمِن تَلاميذي موسى الَّذي / أوحِيَ مِن بَعدُ إِلَيهِ فَهاد
وَأُرضِعَ الحِكمَةَ عيسى الهُدى / أَيّامَ تُربي مَهدُهُ وَالوِساد
مَدرَسَتي كانَت حِياضَ النُهى / قَرارَةَ العِرفانِ دارَ الرَشاد
مَشايِخُ اليونانِ يَأتونَها / يُلقونَ في العِلمِ إِلَيها القِياد
كُنّا نُسَمّيهِم بِصِبيانِهِ / وَصِبيَتي بِالشَيبِ أَهلُ السَداد
ذَلِكَ أَمسي ما بِهِ ريبَةٌ / وَيَومِيَ القُبَّةُ ذاتُ العِماد
أَصبَحتُ كَالفِردَوسِ في ظِلِّها / مِن مِصرَ لِلخَنكا لِظِلّي اِمتِداد
لَولا جُلّى زَيتونِيَ النَضرِ ما / أَقسَمَ بِالزَيتونِ رَبُّ العِباد
الواحَةُ الزَهراءُ ذاتُ الغِنى / تُربي الَّتي ما مِثلِها في البِلاد
تُريكَ بِالصُبحِ وَجُنحِ الدُجى / بُدورَ حُسنٍ وَشُموسَ اِتِّقاد
بَنِيَّ يا سَعدُ كَزُغبِ القَطا / لا نَقَّصَ اللَهُ لَهُم مِن عِداد
إِن فاتَكَ النَسلُ فَأَكرِم بِهِم / وَرُبَّ نَسلٍ بِالنَدى يُستَفاد
أَخشى عَلَيهِم مِن أَذىً رائِحٍ / يَجمَعُهُم في الفَجرِ وَالعَصرِ غاد
صَفيرُهُ يَسلُبُني راحَتي / وَيَمنَعُ الجَفنَ لَذيذَ الرُقاد
يَعقوبُ مِن ذِئبٍ بَكى مُشفِقاً / فَكَيفَ أَنيابُ الحَديدِ الحِداد
فَاِنظُر رَعاكَ اللَهُ في حاجِهِم / فَنَظرَةٌ مِنكَ تُنيلُ المُراد
قَد بَسَطوا الكَفَّ عَلى أَنَّهُم / في كَرَمِ الراحِ كَصَوبِ العِهاد
إِن طُلِبَ القِسطُ فَما مِنهُمُ / إِلّا جَوادٌ عَن أَبيهِ الجَواد
كَنيسَةٌ صارَت إِلى مَسجِدِ
كَنيسَةٌ صارَت إِلى مَسجِدِ / هَدِيَّةُ السَيِّدِ لِلسَيِّدِ
كانَت لِعيسى حَرَماً فَاِنتَهَت / بِنُصرَةِ الروحِ إِلى أَحمَدِ
شَيَّدَها الرومُ وَأَقيالُهُمُ / عَلى مِثالِ الهَرَمِ المُخلَدِ
تُنبِئُ عَن عِزٍّ وَعَن صَولَةٍ / وَعَن هَوىً لِلدينِ لَم يَخمُدِ
مَجامِرُ الياقوتِ في صَحنِها / تَملُؤُهُ مِن نَدِّها الموقَدِ
وَمِثلُ ما قَد أودِعَت مِن حُلىً / لَم تَتَّخِذ داراً وَلَم تُحشَدِ
كانَت بِها العَذراءُ مِن فَضَّةٍ / وَكانَ روحُ اللَهِ مِن عَسجَدِ
عيسى مِنَ الأُمِّ لَدى هالَةٍ / وَالأُمُّ مِن عيسى لَدى فَرقَدِ
جَلّاهُما فيها وَحَلّاهُما / مُصَوِّرُ الرومِ القَديرُ اليَدِ
وَأَودَعَ الجُدرانَ مِن نَقشِهِ / بَدائِعاً مِن فَنِّهِ المُفرَدِ
فَمِن مَلاكٍ في الدُجى رائِحٍ / عِندَ مَلاكٍ في الضُحى مُغتَدي
وَمِن نَباتٍ عاشَ كَالبَبَّغا / وَهوَ عَلى الحائِطِ غَضٌّ نَدي
فَقُل لِمَن شادَ فَهَدَّ القُوى / قُوى الأَجيرِ المُتعَبِ المُجهَدِ
كَأَنَّهُ فِرعَونُ لَمّا بَنى / لِرَبِّهِ بَيتاً فَلَم يَقصِدِ
أَيُعبَدُ اللَهُ بِسَومِ الوَرى / ما لا يُسامُ العَيرُ في المِقوَدِ
كَنيسَةٌ كَالفَدَنِ المُعتَلي / وَمَسجِدٌ كَالقَصرِ مِن أَصيَدِ
وَاللَهُ عَن هَذا وَذا في غِنىً / لَو يَعقِلُ الإِنسانُ أَو يَهتَدي
قَد جاءَها الفاتِحُ في عُصبَةٍ / مِنَ الأُسودِ الرُكَّعِ السُجَّدِ
رَمى بِهِم بُنيانَها مِثلَما / يَصطَدِمُ الجَلمَدُ بِالجَلمَدِ
فَكَبَّروا فيها وَصَلّى العِدا / وَاِختَلَطَ المَشهَدُ بِالمَشهَدِ
وَما تَوانى الرومُ يَفدونَها / وَالسَيفُ في المُفدِيِّ وَالمُفتَدي
فَخانَها مِن قَيصَرٍ سَعدُهُ / وَأُيِّدَت بِالقَيصَرِ الأَسعَدِ
بِفاتِحٍ غازٍ عَفيفِ القَنا / لا يَحمِلُ الحِقدَ وَلا يَعتَدي
أَجارَ مَن أَلقى مَقاليدَهُ / مِنهُم وَأَصفى الأَمنَ لِلمُرتَدي
وَنابَ عَمّا كانَ مِن زُخرُفٍ / جَلالَةُ المَعبودِ في المَعبَدِ
فَيا لِثَأرٍ بَينَنا بَعدَهُ / أَقامَ لَم يَقرُب وَلَم يَبعُدِ
باقٍ كَثَأرِ القُدسِ مِن قَبلِهِ / لا نَنتَهي مِنهُ وَلا يَبتَدي
فَلا يَغُرَّنكَ سُكونُ المَلا / فَالشَرُّ حَولَ الصارِمِ المُغمَدِ
لَن يَترُكَ الرومُ عِباداتِهِم / أَو يَنزِلَ التُركُ عَنِ السُؤدَدِ
هَذا لَهُم بَيتٌ عَلى بَيتِهِم / ما أَشبَهَ المَسجِدَ بِالمَسجِدِ
فَإِن يُعادوا في مَفاتيحِهِ / فَيا لِيَومٍ لِلوَرى أَسوَدِ
يَشيبُ فيهِ الطِفلُ في مَهدِهِ / وَيُزعَجُ المَيتُ مِنَ الَمرقَدِ
فَكُن لَنا اللَهُمَّ في أَمسِنا / وَكُن لَنا اليَومَ وَكُن في غَدِ
لَولا ضَلالٌ سابِقٌ لَم يَقُم / مِن أَجلِكَ الخَلقُ وَلَم يَقعُدِ
فَكُلُّ شَرٍّ بَينَهُم أَو أَذى / أَنتَ بَراءٌ مِنهُ طُهرُ اليَدِ
طالَ عَلَيها القِدَم
طالَ عَلَيها القِدَم / فَهيَ وُجودٌ عَدَم
قَد وُئِدَت في الصِبا / وَاِنبَعَثَت في الهَرَم
بالَغَ فِرعَونُ في / كَرمَتِها مَن كَرَم
أَهرَقَ عُنقودَها / تَقدِمَةً لِلصَنَم
خَبَّأَها كاهِنٌ / ناحِيَةً في الهَرَم
اِكتُشِفَت فَاِمَّحَت / غَيرَ شَذاً أَو ضَرَم
أَو كَخَيالٍ لَها / بَعدَ مَتابٍ أَلَم
نَمَّ بِها دَنُّها / وَهيَ عَلَيهِ أَنَم
بي رَشَأٌ ناعِمٌ / ما عَرفَ العُمرَ هَم
أَخرَجَها اللَهُ كَال / زَهرَةِ وَالحُسنُ كِم
تَخطُرُ عَن عادِلٍ / لَم يُرَ إِلّا ظَلَم
تَبسِمُ عَن لُؤلُؤٍ / قَدَّرَهُ مَن قَسَم
كَرَّمَهُ في النَوى / هَذَّبَهُ في اليُتَم
مُضطَهَدٌ خَصرُها / جانِبُهُ مُهتَضَم
طاوَعَ مِن صَدرِها / أَيَّ قَوِيٍّ حَكَم
حَمَّلَهُ ثِقلَهُ / ثُمَّ عَلَيهِ اِدَّعَم
تَسأَلُ أَترابَها / مومِئَةً بِالعَنَم
أَيُّ فَتىً ذَلِكُن / نَ العَرَبِيَّ العَلَم
يَشرَبُها ساهِراً / لَيلَتَهُ لَم يَنَم
قُلنَ تَجاهَلتِهِ / ذَلِكَ رَبُّ القَلَم
شاعِرُ مِصرَ الَّذي / لَو خَفِيَ النَجمُ لَم
قُلتُ لَها لَيتَ لَم / نُرمَ وَفي نُتَّهَم
عاذِلَتي في الطِلى / لَو أَنصَفَت لَم أُلَم
إِن عَبَسَ العَيشُ لي / عُذتُ بِها فَاِبتَسَم
يَشرَبُها كابِرٌ / بَينَ ضُلوعي أَشَم
يَبذُلُ إِلّا النُهى / يَهتِكُ إِلّا الحُرَم
يُكسِبُها خُلقَهُ / يَمزُجُها بِالشِيَم
يَمنَعُها حِلمَهُ / إِن دَفَعَتهُ اِحتَشَم
تِلكَ شُموسُ الدُجى / أَم ظَبِيّاتُ الخِيَم
تُقبِلُ في مَوكِبٍ / شَقَّ سَناهُ الظُلَم
خِلتُ بِأَنوارِهِ / قَرنَ ذُكاءٍ نَجَم
مَقصِدُها سُدَّةٌ / آلَ إِلَيها العِظَم
حَيثُ كِبارُ المَلا / بَعضُ صِغارِ الخَدَم
قَد وَقَفوا لِلمَها / فَاِنسَرَبَت مِن أَمَم
تَخطِرُ مِن جَمعِهِم / بَينَ لُيوثٍ بُهَم
خارِجَةً مِن شَرىً / داخِلَةً في أَجَم
ناعِمَةً لَم تُرَع / لاهِيَةً لَم تَجَم
اِنتَشَرَت لُؤلُؤاً / في المُهَجاتِ اِنتَظَم
تَمرَجُ في مَأمَنٍ / مِثلَ حَمامِ الحَرَم
مُؤتَلِفٌ سِربُها / حَيثُ تَلاقى اِلتَأَم
مُندَفِعاتٌ عَلى / مُختَلِفاتِ النَغَم
بَينَ يَدٍ في يَدٍ / أَو قَدَمٍ في قَدَم
تَذهَبُ مَشيَ القَطا / تَرجِعُ كَرَّ النَسَم
تَبعَثُ أَنّى بَدَت / ضَوءَ جَبينٍ وَفَم
تُعجِلُ خَطواً تَني / فاتِنَةً بِالرَسَم
تَجمَعُ مِن ذَيلِها / تَترُكُهُ لَم يُلَم
تَرفُلُ في مُخمَلٍ / نَمَّ وَلَمّا يَتِم
تَتبَعُ إِلّا الهَوى / تَقرَبُ إِلّا التُهَم
فَاِجتَمَعَت فَاِلتَقَت / حَولَ خِوانٍ نُظِم
مُنتَهَبٍ كُلَّما / ظُنَّ بِهِ النَقصُ تَم
مائِدَةٌ مَدَّها / بَحرُ نَوالٍ خِضَم
تَحسَبُها صُوِّرَت / مِن شَهَواتِ النَهَم
لَم تُرَ في بابِلٍ / ما عُهِدَت في إِرَم
حاتِمُ لَو شامَها / أَقلَعَ عَمّا زَعَم
مَعنُ لَوِ اِنتابَها / أَدرَكَ مَعنى الكَرَم
أَشبَهُ بِالبَحرِ لا / يُحرِجُها مُزدَحَم
قامَ لَدَيها المَلا / يَبلُغُ أَلفَينِ ثَم
مُقتَرِحاً ما اِشتَهى / مُلتَقِياً ما رَسَم
لَو طَلَبَ الطَيرَ مِن / أَيكَتِهِ ما اِحتَرَم
يا مَلِكاً لَم تَضِق / ساحَتُهُ بِالأُمَم
تَجمَعُ أَشرافَها / مِن عَرَبٍ أَو عَجَم
تُخطِرُ مَن أَمَّها / بَينَ صُنوفِ النِعَم
سادَةُ أَفريقيا / لُجَّتِها وَالأَكَم
أَنتَ رَشيدُ العُلى / في المَلأَينِ اِحتَكَم
لَيلَتُكُم قَدرُها / فَوقَ غَوالي القِيَم
مُشرِقَةٌ مِثلُها / في زَمَنٍ لَم يَقُم
لا بَرَحَ الصَفوُ في / ظِلِّكُمو يُغتَنَم
ما شَرِبوها وَما / طالَ عَلَيها القِدَم
بَثَثتُ شَكوايَ فَذابَ الجَليدُ
بَثَثتُ شَكوايَ فَذابَ الجَليدُ / وَأَشفَقَ الصَخرُ وَلانَ الحَديد
وَقَلبُكَ القاسي عَلى حالِهِ / هَيهاتَ بَل قَسوَتُهُ لي تَزيد
باتَ المُعَنّى وَالدُجى يَبتَلي
باتَ المُعَنّى وَالدُجى يَبتَلي / وَالبَرحُ لا وانٍ وَما مُنجَلي
وَالشُهبُ في كُلِّ سَبيلٍ لَهُ / بِمَوقِفِ اللُوّامِ وَالعُذَّلِ
إِذا رَعاها ساهِياً ساهِراً / رَعَينَهُ بِالحَدَقِ الغُفَّلِ
يا لَيلُ قَد جُرتَ وَلَم تَعدِلِ / ما أَنتَ يا أَسوَدُ إِلّا خَلي
تَاللَهِ لَو حُكِّمَت في الصُبحِ أَن / تَفعَلَ أَحجَمتَ فَلَم تَفعَلِ
أَو شِمتَ سَيفاً في جُيوشِ الضُحى / ما كُنتَ لِلأَعداءِ ما أَنتَ لي
أَبيتُ أُسقى وَيُديرُ الجَوى / وَالكَأسُ لا تَفنى وَلا تَمتَلي
الخَدُّ مِن دَمعي وَمِن فَيضِهِ / يَشرَبُ مِن عَينٍ وَمِن جَدوَلِ
وَالشَوقُ نارٌ في رَمادِ الأَسى / وَالفِكرُ يُذكي وَالحَشا يَصطَلي
وَالقَلبُ قَوّامٌ عَلى أَضلُعي / كَأَنَّهُ الناقوسُ في الهَيكَلِ
هَل تَيَّمَ البانُ فُؤادَ الحَمام
هَل تَيَّمَ البانُ فُؤادَ الحَمام / فَناحَ فَاِستَبكى جُفونَ الغَمام
أَم شَفَّهُ ما شَفَّني فَاِنثَنى / مُبَلبَلَ البالِ شَريدَ المَنام
يَهُزُّهُ الأَيكُ إِلى إِلفِهِ / هَزَّ الفِراشِ المُدنَفَ المُسَتهام
وَتوقِدُ الذِكرى بِأَحشائِهِ / جَمراً مِنَ الشَوقِ حَثيثَ الضِرام
كَذَلِكَ العاشِقُ عِندَ الدُجى / يا لِلهَوى مِمّا يُثيرُ الظلام
لَهُ إِذا هَبَّ الجَوى صَرعَةٌ / مِن دونِها السِحرُ وَفِعلُ المُدام
يا عادِيَ البَينِ كَفى قَسوَةً / رَوَّعتَ حَتّى مُهَجاتِ الحَمام
تِلكَ قُلوبُ الطَيرِ حَمَّلتَها / ما ضَعُفَت عَنهُ قُلوبُ الأَنام
لا ضَرَبَ المَقدورُ أَحبابَنا / وَلا أَعادينا بِهَذا الحُسام
يا زَمَنَ الوَصلِ لَأَنتَ المُنى / وَلِلمُنى عِقدٌ وَأَنتَ النِظام
لِلَّهِ عَيشٌ لي وَعَيشٌ لَها / كُنتَ بِهِ سَمحاً رَخِيَّ الزِمام
وَأُنسُ أَوقاتٍ ظَفِرنا بِها / في غَفلَةِ الأَيّامِ لَو دُمتَ دام
لَكِنَّهُ الدَهرُ قَليلُ الجَدى / مُضَيَّعُ العَهدِ لَئيمُ الذِمام
لَو سامَحَتنا في السَلامِ النَوى / لَطالَ حَتّى الحَشرِ ذاكَ السَلام
وَلَاِنقَضى العُمرانُ في وَقفَةٍ / نَسلو بِها الغُمضَ وَنَسلو الطَعام
قالَت وَقَد كادَ يَميدُ الثَرى / مِن هَدَّةِ الصَبرِ وَهَولِ المَقام
وَغابَتِ الأَعيُنُ في دَمعِها / وَنالَتِ الأَلسُنُ إِلّا الكَلام
يا بَينُ وَلّى جَلَدي فَاِتَّئِد / وَيا زَماني بَعضُ هَذا حَرام
فَقُلتُ وَالصَبرُ يُجاري الأَسى / وَاللُبُّ مَأخوذٌ وَدَمعي اِنسِجام
إِن كانَ لي عِندَكَ هَذا الهَوى / بِأَيِّما قُلتُ كَتَمتُ الغَرام
أَذعَنَ لِلحُسنِ عَصِيُّ العِنان
أَذعَنَ لِلحُسنِ عَصِيُّ العِنان / وَحاوَلَت عَيناكَ أَمراً فَكان
يَعيشُ جَفناكَ لِبَثِّ المُنى / أَوِ الأَسى في قَلبِ راجٍ وَعان
يا مُسرِفاً في التيهِ ما يَنتَهي / أَخافُ أَن يَفنى عَلَينا الزَمان
وَيا كَثيرَ الدَلِّ في عِزِّهِ / لا تَنسَ لي عِزّي قُبَيلَ الهَوان
وَيا شَديدَ العُجبِ مَهلاً فَما / مِن مُنكِرٍ أَنَّكَ زَينُ الحِسان
يا رَبِّ ما حُكمُكَ ماذا تَرى
يا رَبِّ ما حُكمُكَ ماذا تَرى / في ذَلِكَ الحُلمِ العَريضِ الطَويل
قَد قامَ غَليومٌ خَطيباً فَما / أَعطاكَ مِن مُلكِكَ إِلّا القَليل
شَيَّدَ في جَنبِكَ مُلكاً لَهُ / مُلكُكَ إِن قيسَ إِلَيهِ الضَئيل
قَد وَرَّثَ العالَمَ حَيّاً فَما / غادَرَ مِن فَجٍّ وَلا مِن سَبيل
فَالنِصفُ لِلجِرمانِ في زَعمِهِ / وَالنِصفُ لِلرومانِ فيما يَقول
يا رَبِّ قُل سَيفُكَ أَم سَيفُهُ / أَيُّهُما يا رَبِّ ماضٍ ثَقيل
إِن صَدَقَت يا رَبِّ أَحلامُهُ / فَإِنَّ خَطبَ المُسلِمينَ الجَليل
لا نَحنُ جِرمانُ لَنا حِصَّةٌ / وَلا بِرومانَ فَنُعطى فَتيل
يا رَبِّ لا تَنسَ رَعاياكَ في / يَومٍ رَعاياكَ الفَريقُ الذَليل
جِنايَةُ الجَهلِ عَلى أَهلِهِ / قَديمَةٌ وَالجَهلُ بِئسَ الدَليل
يا لَيتَ لَم نَمدُد بِشَرٍّ يَداً / وَلَيتَ ظِلَّ السِلمِ باقٍ ظَليل
جَنى عَلَينا عُصبَةٌ جازَفوا / فَحَسبُنا اللَهُ وَنِعمَ الوَكيل
يا لَيلَةً سَمَّيتُها لَيلَتي
يا لَيلَةً سَمَّيتُها لَيلَتي / لِأَنَّها بِالناسِ ما مَرَّتِ
أَذكُرُها وَالمَوتُ في ذِكرِها / عَلى سَبيلِ البَثِّ وَالعِبرَةِ
لِيَعلَمَ الغافِلُ ما أَمسُهُ / ما يَومُهُ ما مُنتَهى العيشَةِ
نَبَّهَني المَقدورُ في جُنحِها / وَكُنتُ بَينَ النَومِ وَاليَقظَةِ
المَوتُ عَجلانٌ إِلى والِدي / وَالوَضعُ مُستَعصٍ عَلى زَوجَتي
هَذا فَتىً يُبكى عَلى مِثلِهِ / وَهَذِهِ في أَوَّلِ النَشأَةِ
وَتِلكَ في مِصرَ عَلى حالِها / وَذاكَ رَهنُ المَوتِ وَالغُربَةِ
وَالقَلبُ ما بَينَهُما حائِرٌ / مِن بَلدَةِ أَسرى إِلى بَلدَةِ
حَتّى بَدا الصُبحُ فَوَلّى أَبي / وَأَقبَلَت بَعدَ العَناءِ اِبنَتي
فَقُلتُ أَحكامُكَ حِزناً لَها / يا مُخرِجَ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ
قالَ السَلوقي مَرَّةً لِلجَواد
قالَ السَلوقي مَرَّةً لِلجَواد / وَهوَ إِلى الصَيدِ مَسوقُ القِياد
بِاللَهِ قُل لي يا رَفيقَ الهَنا / فَأَنتَ تَدري لي الوَفا في الوِداد
أَلَستَ أَهلَ البيدِ أَهلَ الفَلا / أَهلَ السُرى وَالسَيرِ أَهلَ الجِهاد
أَلَم تَكُن رَبَّ الصِفاتِ الَّتي / هامَ بِها الشاعِرُ في كُلِّ واد
قالَ بَلى كُلَّ الَّذي قُلتهُ / أَنا بِهِ المَشهورُ بَينَ العِباد
قالَ فَما بالُكَ يا صاحِبي / إِذا دَعا الصَيدُ وَجَدَّ الطِراد
تَشكو فَتُشكيكَ عَصا سَيِّدي / إِنَّ العَصا ما خُلِقَت لِلجَواد
وَتَنثَني في عَرَقٍ سائِلٍ / مُنَكَّسَ الرَأسِ ضَئيلَ الفُؤاد
وَذا السَلوقي أَبَداً صابِرٌ / يَنقادُ لِلمالِكِ أَيَّ اِنقِياد
فَقالَ مَهلاً يا كَبيرَ النُهى / ما هَكَذا أَنظارُ أَهلِ الرَشاد
السِرُّ في الطَيرِ وَفي الوَحشِ لا / في عَظمِ سيقانِكَ يا ذا السَداد
ما الرِجلُ إِلّا حَيثُ كانَ الهَوى / إِنَّ البُطونَ قادِراتٌ شِداد
أَما تَرى الطَيرَ عَلى ضَعفِها / تَطوي إِلى الحَبِّ مِئاتَ البِلاد
كانَ بِرَوضٍ غُصُنٌ ناعِمٌ
كانَ بِرَوضٍ غُصُنٌ ناعِمٌ / يَقولُ جَلَّ الواحِدُ المُنفَرِد
فَقامَتي في ظَرفِها قامَتي / وَمِثلُ حُسنى في الوَرى ما عُهِد
فَأَقبَلَت خُنفُسَةٌ تَنثَني / وَنَجلُها يَمشي بِجَنبِ الكَبِد
تَقولُ يا زَينَ رِياضِ البَها / إِنَّ الَّذي تَطلُبُهُ قَد وُجِد
فَانظُر لِقَدِّ اِبني وَلا تَفتَخِر / مادامَ في العالَمِ أُمٌّ تَلِد
إِنفَع بِما أُعطيتَ مِن قُدرَةٍ
إِنفَع بِما أُعطيتَ مِن قُدرَةٍ / وَاِشفَع لِذي الذَنبِ لَدى المَجمَعِ
إِذ كَيفَ تَسمو لِلعُلا يا فَتى / إِن أَنتَ لَم تَنفَع وَلَم تَشفَعِ
عِندي لِهَذا نَبَأٌ صادِقٌ / يُعجِبُ أَهلَ الفَضلِ فَاِسمَع وَعِ
قالوا اِستَوى اللَيثُ عَلى عَرشِهِ / فَجيءَ في المَجلِسِ بِالضِفدَعِ
وَقيلَ لِلسُلطانِ هَذي الَّتي / بِالأَمسِ آذَت عالِيَ المسمَعِ
تُنَقنِقُ الدَهرَ بِلا عِلَّةٍ / وَتَدَّعي في الماءِ ما تَدَّعي
فَانظُر إِلَيكَ الأَمرُ في ذَنبِها / وَمُر نُعَلِّقُها مِنَ الأَربَعِ
فَنَهَضَ الفيلُ وَزيرُ العُلا / وَقالَ يا ذا الشَرَفِ الأَرفَعِ
لا خَيرَ في المُلكِ وَفي عِزِّهِ / إِن ضاقَ جاهُ اللَيثِ بِالضِفدَعِ
فَكَتَبَ اللَيثُ أَماناً لَها / وَزادَ أَن جادَ بِمُستَنقَعِ
قَد سَمِعَ الثَعلَبُ أَهلَ القُرى
قَد سَمِعَ الثَعلَبُ أَهلَ القُرى / يَدعونَ مُحتالاً بِيا ثَعلَبُ
فَقالَ حَقّاً هَذِهِ غايَةٌ / في الفَخرِ لا تُؤتى وَلا تُطلَبُ
مَن في النُهى مِثلِيَ حَتّى الوَرى / أَصبَحتُ فيهِم مَثَلاً يُضرَبُ
ما ضَرَّ لَو وافَيتُهُم زائِراً / أُريهُمُ فَوقَ الَّذي اِستَغرَبوا
لَعَلَّهُم يُحيونَ لي زينَةً / يَحضُرُها الديكُ أَوِ الأَرنَبُ
وَقَصَدَ القَومَ وَحَيّاهُمُ / وَقامَ فيما بَينَهُم يَخطُبُ
فَأُخِذَ الزائِرُ مِن أُذنِهِ / وَأُعطِيَ الكَلبَ بِهِ يَلعَبُ
فَلا تَثِق يَوماً بِذي حيلَةٍ / إِذ رُبَّما يَنخَدِعُ الثَعلَبُ
مُنتَزَهُ العَبّاسِ لِلمُجتَلى
مُنتَزَهُ العَبّاسِ لِلمُجتَلى / آمَنتُ بِاللَهِ وَجَنّاتِهِ
العَيشُ فيهِ لَيسَ في غَيرِهِ / يا طالِبَ العَيشِ وَلَذّاتِهِ
قُصورُ عِزٍّ باذِخاتُ الذُرى / يَوَدُّها كِسرى مَشيداتِهِ
مِن كُلِّ راسي الأَصلِ تَحتَ الثَرى / مُحيرَ النَجمِ بِذِرواتِهِ
دارَت عَلى البَحرِ سَلاليمُهُ / فَبِتنَ أَطواقاً لِلَبّاتِهِ
مُنتَظِماتٌ مائِجاتٌ بِهِ / مُنَمَّقاتٌ مِثلَ لُجّاتِهِ
مِنَ الرُخامِ الندرِ لَكِنَّها / تُنازِعُ الجَوهَرَ قيماتِهِ
مِن عَمَلِ الإِنسِ سِوى أَنَّها / تُنسي سُلَيمانَ وَجِنّاتِهِ
وَالريحُ في أَبوابِهِ وَالجَوا / ري مائِلاتٌ دونَ ساحاتِهِ
وَغابُهُ مَن سارَ في ظِلِّها / يَأتي عَلى البُسفورِ غاباتِهِ
بِالطولِ وَالعَرضِ تُباهي فَذا / وافٍ وَهَذا عِندَ غاياتِهِ
وَالرَملُ حالٍ بِالضُحى مَذهَبٌ / يُصَدِّئُ الظِلُّ سَبيكاتِهِ
وَتُرعَةٌ لَو لَم تَكُن حُلوَةً / أَنسَت لِمَرتينَ بُحَيراتِهِ
أَو لَم تَكُن ثَمَّ حَياةَ الثَرى / لَم تُبقِ في الوَصفِ لِحَيّاتِهِ
وَفي فَمِ البَحرِ لِمَن جاءَهُ / لِسانُ أَرضٍ فاقَ فُرضاتِهِ
تَنحَشِدُ الطَيرُ بِأَكنافِهِ / وَيَجمَعُ الوَحشُ جَماعاتِهِ
مِن مِعزٍ وَحشِيَّةٍ إِن جَرَت / أَرَت مِنَ الجَريِ نِهاياتِهِ
أَو وَثَبَت فَالنَجمُ مِن تَحتِها / وَالسورُ في أَسرِ أَسيراتِهِ
وَأَرنَبٌ كَالنَملِ إِن أُحصِيَت / تَنبُتُ في الرَملِ وَأَبياتِهِ
يَعلو بِها الصَيدُ وَيَعلو إِذا / ما قَيصَرٌ أَلقى حِبالاتِهِ
وَمِن ظِباءٍ في كِناساتِها / تَهيجُ لِلعاشِقِ لَوعاتِهِ
وَالخَيلُ في الحَيِّ عِراقِيَّةٌ / تَحمي وَتُحمى في بُيوتاتِهِ
غُرٌّ كَأَيّامِ عَزيزِ الوَرى / مُحَجَّلاتٌ مِثلَ أَوقاتِهِ
ما وَصلُ مَن تَهوى عَلى أنسَةٍ
ما وَصلُ مَن تَهوى عَلى أنسَةٍ / بِالبَدرِ في ظِلِّ الرَبيعِ الظَليل
عَلى بِساطٍ نَسَجتهُ الرُبى / شَتّى الحُلى وَالوَشي غضٍ طَليل
أَبدى الرَياحينَ وَأَهدى الشَذا / وَجَرَّ أَذيالَ النَسيمِ العَليل
وَاِستَضحَكَ الماءُ فَهاجَ البُكى / في كُلِّ خِدرٍ لبناتِ الهَديل
بِالمَجلِسِ المُمتعِ ما لَم تَزِد / فيهِ اِبنةَ الكرمِ وشعرَ الخَليل
شِعرٌ جَرى مِن جَنَباتِ الصِبا / يا طيبَ واديهِ وَطيبَ المَسيل
فيهِ رِواياتُ الصبا وَالهَوى / تَسَلسَلَت أَشهى مِنَ السَلسَبيل
قَد صانَها الشاعِرُ عَن خُلوةٍ / في مُفضِلٍ أَو مُرةٍ في بَخيل
شَيبوبُ ديوانُك باكورَةٌ / وَفجرُكَ الأَوَّلُ نورُ السَبيل
الشِعرُ صنفانِ فباقٍ عَلى / قائِلِهِ أَو ذاهِبٌ يومَ قِيل
ما فيهِ عصرِيٌّ وَلا دارسٌ / الدَهرُ عمرٌ لِلقريضِ الأَصيل
لَفظٌ وَمعنىً هُوَ فَاِعمَد إِلى / لَفظٍ شَريفٍ أَو لِمَعنى نَبيل
وَاِخلُق إِذا ما كُنتَ ذا قُدرَةٍ / رب خَيالٍ يخلقُ المُستَحيل
ما رَفَعَ القالَةَ أَو حَطَّهُم / إِلا خيالٌ جامدٌ أَو منيل
مَن يَصِفِ الإِبلَ يَصِف ناقةً / طارَت بِهِم وَاِرتَفَعَت أَلفَ ميل
سائِل بني عصرِكَ هَل مِنهُم / مَن لَبِسَ الإِكليلَ بَعدَ الكَليل
وأَيُّهُم كالمُتَنَبّي اِمرُؤٌ / صَوّاغُ أَمثالٍ عزيزُ المَثيل
وَاللَه ما موسى وَلَيلاتُهُ / وَما لِمَرتين وَلا جيرزيل
أَحَقُّ بالشِعرِ وَلا بِالهَوى / مِن قَيس المَجنونِ أَو مِن جَميل
قَد صَوَّرا الحُبَّ وَأَحداثَهُ / في القَلبِ مِن مُستَصغَر أَو جَليل
تَصويرَ مَن تَبَقّى وَمَن شِعرُه / في كُلِّ دَهرٍ وَعَلى كُلِّ جيل
بات المعنّى والدجى يبتلى
بات المعنّى والدجى يبتلى / والبرح لا وانٍ ولا منجلي
والشهب في كل سبيل له / بموقف اللُّوّام والعذل
إذا رعاها ساهيا ساهرا / رعينه بالحدق الغفّل
يا ليل قد جرت ولم تعدل / ما أنت يا أسود إلا خلى
تالله لو حكِّمت في الصبح أن / تفعل خفت الله لم تفعل
أو طلت سيفا في جيوش الضحى / ما كنت للأعداء ما أنت لي
أبيت أشقى ويدير الجوى / والكأس لا تفنى ولا تمتلي
والخدّ من دمعي ومن فيضه / يشرب من عين ومن جدول
والشوق نار في رماد الأسى / والفكر يذكي والحشا يصطلى
والقلب قوّام على أضلعي / كأنه الناقوس في الهيكل
غدت برب النفس من شِقوتي / وبالركاب الأسعد المقبل
أهلا برب النيل رب القرى / رب البطاح الكثر مما يلى
الجامع العرشين في واحد / واللابس التاجين في المحفل
والساحب الذيل على عصره / على ملوك الزمن الأوّل
أهلا بمولانا وسهلا به / ومرحبا بالسيد المفضل
الممتطى متن السها عزة / فلو أشار الدهر لم ينزل
المنعم المجزل عن نفسه / عن جدّه عن جدّه المجزل
الجاعل الأمة من عدله / والفضل بين الظل والمنهل
عاصمة النيل أزدهِى وأنجلي / واتخِذي اليوم صنوف الحلى
واستعرضي الخيل ومدّى الع / يد بالجحفل فالجحفل
وأنت يا قصر ابتهج وابتهل / وأهد الملا بالعلم المرسل
وأزلف الوفد إلى ربهم / وظلل السدّة واظّلل
ويا بني مصر أهرعوا وأضرعوا / بحفظ مولى مصر والموئل
هذا لكم وجه الندى والهدى / فاستقبلوه خير مستقبل
لولا الليالي ما حملنا القذى
لولا الليالي ما حملنا القذى / ليتك عنا يا ليالي نيام
هبِك حميِت النفس أن تشتكي / لن تمنعيها أن تمج اللئام
نرحو بحلمي أن سنعلو وأن / تبقى معاليا ليوم القيام
وأن نصون الحق عن معشر / قد كتموا الحق وظنوا اكتتام
لعل أن ينصر من نصره ال / نصر ومن يرجى به الانتقام
يا ليلة سميتها ليلتي
يا ليلة سميتها ليلتي / لأنها بالناس ما مرت
الموت عجلان إلى ولدى / والوضع مستعص على زوجتي
هذا فتى يُبكى على موته / وهذه في أوّل النشأة
والقلب ما بينهما حائر / من بلدة يسرى إلى بلدة
حتى أتى الصبح فولى أبي / وأقبلت بعد العناء إبنتي
فقلت أحكامك حرنا لها / يا مخرج الحىّ من الميت
لا تدخل الحانات مستهترا
لا تدخل الحانات مستهترا / فالصفع في الحانات ساق يطوف
فرب كف خلقت أسطرا / في الوجه لا تمحى بعذر الحروف