ويلٌ لمن لم يرحم الله / ومن تكون النار مثواه
واغفلتا في كل يومٍ مضى / يذكرني الموت وأنساه
من طال في الدنيا به عمره / وعاش فالموت قصاراه
كأنه قد قيل في مجلسٍ / قد كنت آتيه وأغشاه
محمد صار إلى ربه / يرحمنا الله وإياه

شاربت قوماً لم أطق شربهم / يغرق في بحرهم بحري
لما تجارينا إلى غايةٍ / قصر عن صبرهم صبري
خرجت من عندهم مثخناً / تدفعني الجدر إلى الجدر
مقبح المشي كسير الخطا / تقصر عند الجد عن سيري
فلست أنسى ما تجشمت من / كدحٍ ومن جرحٍ ومن أثر
وشق ثوبٍ وتوى آخرٍ / وسقطةٍ بان بها ظفري

ما دخل الحمام من علمي / فذاك ما فاز به سهمي
والعلم لا ينفعني جمعه / إذا جرى الوهم على فهمي

شَمِّرْ نَهاراً في طِلاَبِ العُلَى / واصْبِرْ على هَجْرِ الحَبِيبِ القَرِيبْ
حَتَّى إِذا اللَّيْلُ أَتَى مُقْبِلاً / واسْتَتَرَتْ فيه عُيُونُ الرَّقِيبْ
فاسْتَقْبِلِ اللَّيْلَ بما تَشْتَهِى / فإِنَّما اللَّيْلُ نَهارُ الأَرِيبْ
كَمْ من فَتًى تَحْسِبُهُ ناسِكاً / يَسْتَقْبِلُ اللَّيْلَ بأَمْرٍ عَجِيبْ
غَطَّى عليه اللَّيْلُ أَسْتَارَهُ / فبات في خَفْض وعَيْشٍ خَصِيبْ
ولَذةُ المَأْفُون مَكْشُوفَةٌ / يَسْعَى بها كُلُّ عَدُوٍّ رَقِيبْ