أَصابَ أو أخطأني راميا
أَصابَ أو أخطأني راميا / قد زجرَ السهمَ وسَمَّى بيا
جِراحةٌ مقصودةٌ ما جنتْ / لكنَّه عُدَّ بها جانيا
جُوزِيَ مَن حكَّمَ في لُبِّه / يومَ العذِيبِ الشادنَ الجازيا
يا ربِ خُذ لي أنتَ من مُقلةٍ / حُمرَتُها من دمِ آماقيا
تَضعُف عن حَمل جلاليبها / قاتلةٌ حاملةٌ ثاريا
لو نشَد البدرَ مُضِلٌّ له / ما نشد الناعتُ إنشاديا
لما تواقفنا على زمزمٍ / أشربُ ماءً ليس لي شافيا
بدا لها أن تسألَ الركبَ بي / عارفةٌ تسألُ عمّا بيا
وامتدَّ يعطو عِزَّةً جيدُها / فهل رأيت الرشَأَ العاطيا
ما ضرّ مَن ضنَّ بماعونِهِ / وقد رآه بالمنى وافيا
لو غَرَفتْ راحتُه غَرفةً / فعبَّ فيها ثُمَّ سقَّانيا
سوَّفتُ من جمع فؤادي مِنىً / لو أنّه مِنّي غدا دانيا
كنَّ ثلاثا حُلُما في مِنى / ثم مضى الركبُ وخلّانيا
يا من رأى النَّفْرَ ولمَّا يَمتْ / نجوتَ فأخلُدْ أبدا باقيا
آهِ لأضلاعي وذكرِ الحمى / من نَفَسٍ ينفُضُ أضلاعيا
وزفرةٍ أَعدِي بها عاذلي / كم لسعةٍ قد أعيت الراقيا
ومن غِمارٍ في الهوى خضتُه / مشمِّرا للصبر عن ساقيا
وشبهةٍ في الرأي مجهولةٍ / لا تجدُ النجمَ بها هاديا
تيبَس منها لَهَواتُ الحِجا / لا يبلُغ الريُّ بها الصاديا
خرجتُ منها فارجاً ضِيقها / مخلَّصا أسحبُ سِرباليا
فكالشجا قافية في اللَّها / تماكسُ الحاذِرَ والراقيا
تخدعُ بالتأنيس من رامها / صِلُّ صَفاً لا يرهبُ الحاويا
بعثتُ من فكري لها رائضا / ذَلَّل منها اللَّحِزَ الآبيا
وقُدتُها أُمكِنُ من ظهرها / أُركِبهُ أحسابَ إخوانيا
ينقُلني الودُّ إلى مثلها / والمالُ لا ينقُلُ أخلاقيا
وكم صديق عزَّ داريتُه / لو رُزِقَ الإنصافَ دارانيا
علمتُ شَتَّى من أصابيغِهِ / وهْو يرانِي أبيضاً صافيا
يملُّني من حيثُ كاثرتهُ / ولو تفرَّقنا تمنَّانيا
أطلبُ غَوثا كأبي طالب / وعزَّ أن أَلقى له ثانيا
خلَّصك الدهرُ من الناس لي / من بعدِ تَركاضي وتَطوافيا
لأنعمٍ من حيثُ قابلتُها / يوما بوجهي تتلقانيا
تَمَّت فلم تقعُدْ بها خَلَّةٌ / تنقُصُ منها العددَ الوافيا
من عِترةٍ إن شمتَها كلَّها / واسطةَ العِقد تراها هيا
أُجِلُّها أنك أحرزتَها / إرثاً حَدَا غابرُها الماضيا
لم تخلُ عن فضلك في بعضهم / فضائلٌ ينسبها خاليا
خلَّاك أيوب وآباؤه / تقول مجدي مجدُ آبائيا
إذا الثمارُ أجتُنيتْ حُلوةً / فاشكر لها الغارس والساقيا
اُمدُدْ إلى النجم يداً إنما / يكونُ عن غيركُمُ عاليا
واستَمْ بأخلاقِك ما شئتَ مِن / مالٍ ونفسٍ لا تُبَعْ غاليا
رِشتَ فطارت بِيَ مَحصوصةٌ / تملأ من كسبيَ أوكاريا
من بعدِ ما كنتُ قطاةً بها / قصيصةً لا أُتعبُ البازيا
بك استقامت لِيَ عُوجُ المُنى / وصدَّقتْ عائفتي فاليا
وأرْخت الأيّام عن رِبقتي / أمرَحُ أو أقطعُ أرسانيا
أياديا أعطتْ يدِي قوَّةً / أمدَدْتَنيها بادئا تاليا
فسمِّني الغدّار إن لم أكن / لها شكورا وبها جازيا
في كلِّ متروكٍ لها شوطُها / تسابقُ السائقَ والحاديا
جائلة واصلة ما علتْ / ثَنيَّةً أو هبطَتْ واديا
تكونُ والليلُ بطِيءُ القِرَى / زادا لمن رافقَها كافيا
تُسكِر مِن تسنِيمها صاحياً / وتُطرِبُ الكاتبَ والقاريا
في كلِّ نادٍ لكُمُ ناقدٌ / منها خطيبٌ يملأ النادِيا
كمدحةٍ مِنِّيَ أهديتُها / ولم أسِمْها مِيسَما باديا
لكِنَّها من معدِنٍ لم يكن / بسرِّه ينبُعُ إلا ليا
بديعة حسناء فكري لها / ظِئرٌ وفي صدري رَبَتْ ناشيا
فإن شكرتم مُهدِيا فاشكروا / إهدايَ منها بعضَ أعضائيا