وشادنٍ شَرْطِ الصِّبا مُرْهَفٍ
وشادنٍ شَرْطِ الصِّبا مُرْهَفٍ / قُرَّةِ عينيْ من تمنّاهُ
كأنما الحسنُ رأى وجهَه / إِليه محتاجاً فأغناه
فانتثرت بالغُنْجِ ألفاظُه / وانكسرت باللّحظ جفناه
ولاح برقُ الثغر من مَبْسِمٍ / المسك والقهوةُ مَجْناه
وبتَّل الأردافَ فاستثقلت / وأَرْهف الخصر وأَضْناه
زُرْنا به منزلَ خَمّارةٍ / واللّيلُ في صِبْغ بريَّاهُ
وقد علا الأُفْقَ هلالٌ بدا / كعَطْفة الحاجب مَحْناه
حتى إذا الخمّارُ أصغت إلى / صِحابنا في المشي أُذْناه
قام إلينا عَجِلاً شاغلاً / بالرّاح يُمناه ويسراه
فاستلّ من إبريقه قهوةً / أشرق منها ليلُ مَغْناه
حتى إذا سُمْنَاه في بيعها / قَطَّب غيظاً حين سُمْناه
وقال ما استام بها ماجِدٌ / قَبلَكمُ فيما علِمناه
دَونَكُموها وزِنُوا مثلَها / دُرًّا وتِبْراً ووَزَنّاه
فغاب عن ألحاظنا ساعةً / ثُمَّتَ وافانا ودَنَّاه
فقام بالكأس هَضِيمُ الحشا / لولا قَبَاه لشَرِبناه
كأنّها في كفّه خدُّه / لكنّها في السّكر عيناه
إذا سقى نَدْمانَه كأسَه / أَلثَمَه فاه وغنّاه
ما استكمل اللَّذاتِ إلاّ فتىً / يشرَب والمُرْدُ نَداماه
ولم تَنِكُه غيرُ ألحاظنا / يا كاشحاً قد زاد معناه
فإن تُدَاخِلْكَ بنا ظِنّةٌ / فقد عَلى رغْمِك نِكْناه
ولم نَزَلْ في بيتِ خمّارها / نشرَبُها شهراً ومَثْنَاه
إذا أشاب الصبحُ رأْسَ الدُّجى / وهزّنا الساقي أجَبْناه
نحبو إذا نادى إليه كما / يَحْبو إلى الوالد أَبناهُ
وإنْ بَدَا من صاحبٍ بعضُ ما / يأتي به السُّكْرُ عَذَرْناه
تَعَاشُرٌ مُشْتَبِهٌ بيننا / أقصاه في البِرّ كَأدْناه
سَقْياً ورَعْياً لزمانٍ مَضَى / به مَعدٌّ فَعدِمْناه
ما كان أبْهَى حُسْنَ أيَّامِه / فينا وأحلاَه وأهناه
إذ لم يكن في عَيْن شمسٍ لنا / مُخَيَّمٌ نَكْرَهُ سُكْناه
ولم نكن ننزلُ فيه على / حُكْم من الأَيام نَشْناه
لكنّنا نغدو على ماجدٍ / تُمْطِرنُا بالجُود يُمْنَاه