جاد وما ضَنَّ عَلَيْهِ ضَنَاهْ
جاد وما ضَنَّ عَلَيْهِ ضَنَاهْ / وَمَا شَفَاهُ غَيْرُ لثم الشِّفاهْ
أَصْبَحَ مَكْفُوفاً بِلاَ مِرْيَةٍ / لأَنَّه يَعْشَقُ مَنْ لاَ يَرَاهْ
هذا وقد أَقْدم حتى شَرَى / رِيمَ الفَلاَ مَنْ بَينِ أُسْدِ الشَّراهْ
ظبيٌ ومِسْكُ الظُّبْي في سُرَّةٍ / يُوجَدُ لَكِنْ مِسْكُ ذَا في لَمَاهْ
غُصنٌ جَنَتْ أَزهارَه أَعينٌ / وأَعينُ العشَّاقِ أَيْدي الجُنَاهْ
شمسٌ يرى الشمسَ ولكنَّه / يُبْصِر مِنْها وجْهَه في مِرَاه
حوريُّ إِنْسٍ سُنْدُسِيُّ القَبَا / لا مِثْل أَعْرابيةٍ في عَباهْ
في طَرْفِهِ الرَّاحُ وأَجفانُه ال / كَاسَاتُ والأَهْدَابُ مِنْها السُّقاه
تقلَّد السَّيف فَقُلْنا فتىً / وجَاءَ للبَيْتِ فقُلنا فَتَاه
أَحْسُد لفظاً قَالَه عندما / قبَّل فاهُ لَفظُه حِين فَاه
يا ساكناً قلباً به سَاكِنٌ / فَهو بِهَذا قد حَوَى مَا حَواه
أَمِنتُ مِنكَ الموتَ مِنْ يَوْم أَن / شَرِبتُ من رِيقِكَ مَاءَ الحَياه
آهاً لعيشٍ قد تَقَضَّى به / ما كانَ أَبْهَاه وأَحْلىَ حُلاه
أَيَّامَ غُصْني مُورِقٌ مُثْمرٌ / وقبلَ أَنْ فلَّ شَبَابي شباه
وكان عَيْشِي بِمَشيبي قذىً / نَعَم فَمَا الشَّيْبَةُ إِلاَّ قَذَاه
وفي حصاةِ القلْبِ طَوْدُ الهوى / فاعْجَبْ لطَوْدٍ كامنٍ في حَصَاه
وبي جَوىً تضعُفُ منه القوى / وبي أَسىً تَعجِزُ مِنْه الأُساه
جار عليَّ الدَّهرُ في حُكْمِه / وزاد في طُغْيانِه واعْتِدَاه
لا يعلقُ الدَّهرُ حبالَ امرئٍ / بابن عليٍّ عُلِّقَتْ رَاحَتَاه
وليكفك الجورُ فَظَهْري حِمىً / منه لأَني سَاكِنٌ في حِمَاه
وأَنت يا خَطْبَ زمانٍ غَدَا / ذَرني فإِنِّي قاطن في ذُرَاه
إِنَّ صَفيَّ الدّين حِصْني فما / يَقْرعُ هذا الدَّهرُ لي من صَفاه
أَروعُ رِيعَ الدَّهْرُ من بأسِه / وخاف أَن تَنْفُذَ فِيه سُطَاه
طارَتْ أَحادِيثُ سياداتِه / حُسْناً وطالَتْ في المعالي خُطَاه
أَثرى من السُّودَدِ جَدّاً فما / تُقَبِّل الساداتُ إِلاَّ ثَراه
تتبَّعُ الساداتُ آثارَه / وَرَاءَه تَسْعَى وتَجْرِي حُفاه
أَوسَعُهُم صدراً لَحَمْلِ الْعَنا / في هِبَة البِرِّ وفَكِّ العُنَاه
فكلُّ خَلْقٍ جادَه جَودُه / وكلُّ أَرْضٍ أَمْطَرَتْها سَماَه
شتَّتَ شَمْلَ المالِ جُوداً به / حتَّى ظَنَنَّا مَالَه مَنْ عِدَاه
مَا دَارُه الدارُ التي شَاءَها / تلك مَقيلُ الوفْدِ مأوَى العُفَاه
وابْنُ عليٍّ لم يَزَلْ واصِلاً / لِمُنْتَهَى العَلياءِ في مُبْتَدَاه
النارُ في خاطِره والنَّدى / والبطشُ في عَزْمتِهِ والأَناه
أَرْضَى عن الدنيا وما تَبْتَغي / منه ملوكُ الأَرضِ إِلاَّ رِضَاه
لولاهُ للمُلْكِ وتَشْيِيدِه / عُرىً له لانْحَلَّ مِنْه عُراه
شُدت عُرى الملكِ بآرائِه / وزِيدَ منه قُوَّةً في قُواه
وحِيلَ مِنْه بأَجَلِّ الورى / بأَشْوَسِ الخَلقِ وأَكْفى الكُفاه
يا ابنَ عليٍّ أَنْتَ ذاكَ الذِي / أَوْدَع فيه اللهُ سرَّ السُّراه
أَنْتَ الذي أَوْليْتَني أَنْعُماً / قَدْ نَقَلْتُها إِذ رَوَتْها الرُّواه
أَنشَرْتَ آماليَ بَعْدَ البِلى / أَحيَيْتَ أَحْوَاليَ بَعْدَ الوَفاه
حاشاي أَن أُظْلَم في دَوْلَةٍ / شعارُها العدلُ وحَاشَا عُلاَه
قد كَفَّ أَعدائي وقد ردَّهم / بغيظِهم لما أَتَوْنِي غُزاه
قابَلَهم دوني على أَنَّهم / ما فيهمُ من أَنال منّي مُنَاه
لو مدَّ صَرْف الدَّهر نَحْوي يداً / واحدةً منه لشُلَّت يداه
وخاب من يَقْصِدُني رامياً / لا يَصِلُ النَّجْمَ سِهامُ الرُّمَاه
قالوا له مالٌ نعم إِنَّ لي / من جُودِه الفائِض مالٌ وجَاه
حاليَ كالْحَلْي بإِنعامِه / والحَلْيُ لا تُؤْخَذُ مِنْهُ زكاه