أظنّهُ حاذرَ سُلوانا
أظنّهُ حاذرَ سُلوانا / يسْتامُهُم وصْلاً وهِجْرانا
واستعْذَبَ العذْلَ لذكراهُمُ / وكان لا يعرِفُ نِسيانا
وإنّما أوجسَ في نفْسه / تسميةُ الإنسانِ إنسانا
يا قاتلَ الله فُنونَ الهَوى / فكلّ فنٍ منهُ أفْنانا
أصبحتِ الغُزلانُ أُسْداً به / وصارتِ الآسادُ غِزْلانا
مصارعٌ يعرِفُها كلُّ مَنْ / يعرفُ يَبْرينَ ونُعْمانا
يا ذا الذي يطلُبُ لي مالكاً / سائلْ هَداك الله رِضوانا
أطْلَقَ من جنّتِه شادِناً / قد ملأ الأحشاءَ نيرانا
فاصْطادَهُ القلبُ وما صادَهُ / وكان ما قِيلَ وما كانا
وا عجباً أغربَ في الهَوى / فردّني أحلُمُ يَقْظانا
يا خاطري لا نوْمَ من بعدِ أنْ / رأيتُ شمسَ المُلْكِ نَبْهانا
قلّدَهُ فكرُك في نحرِه / دُرّاً من المدْحِ ومَرْجانا
أفضالُه عبّرن عن فضلهِ / هل أصبحَ الإحسانُ حسانا
شهْم شأى يوسُفَ في حُسنِه / وبذّ في المُلْكِ سُلَيْمانا
تجْنيه سُمْرُ الخطّ عذبُ الجَنى / وهي التي تنْعَتُ مرآنا
فمَنْ رأى من قبلِها معرَكاً / يَحولُ في الحالةِ بُسْتانا
أنزِلْ به في الحي من مازنٍ / ولا تخَفْ ذُهْلَ بن شَيْبانا
ورد بحارَ الجودِ زخّارةً / تظْما لأنْ تُبصِرَ ظمآنا
ولا تلجّجْ إنْ طَما موجُها / فربّما أصبحَ طُوفانا
أفتكُ ما كان بحيثُ القَنا / يلفّ بالفُرسانِ فُرْسانا
والنقْعُ قد مدّ رُواقَ الدُجى / وأطلعَ الخَرْصانُ شَهْبانا
والبيضُ نحو الزعْفِ ممتدةٌ / جداولٌ تتبعُ غُدْرانا
والخيلُ عُقبانٌ ترى فوقَها / عَقْبان أعلامٍ وعُقبانا
من كلّ من جرَّ كعوبَ القَنا / فخلتَهُ ليثاً وثُعْبانا
يظنّهُ مادحُه أيكةً / وإن رآهُ القرن ثهلانا
ذو العزْمِ لو يُطيعُ ذا شفرةٍ / ما جازَ أن يسْكُن أجفانا
والبأسُ لا واللهِ ما نارُهُ / مما روَوْهُ لابن كَنعانا
والرأيُ لو كان لعَدْوانَ لم / يخفْ من الأيام عُدْوانا
والجودُ ما نازعَ فيه الحَيا / إلا حَوى التهْتانُ بُهْتانا
والمنظرُ البهرُ قد قلت إذ / نازعَ فيه البدرُ بُرْهانا
هذا الكمالُ قد حَوى سعدَهُ / يا بدرُ لن يُعْقِب نُقْصانا
يا ماجداً نلتُ بأفنائه / أوطارَ من لازمَ أوْطانا
أحرزتَ عن عينِ الزمانِ العُلى / دمتَ لتلك العينِ إنسانا