القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي محمود طه الكل
المجموع : 3
يا شعراءَ الروض أينَ البيانْ
يا شعراءَ الروض أينَ البيانْ / أين أغاريدُ الهوى والحنانْ
قد وُلِدَتْ في روضكم زهرةٌ / يا حُسْنها بين الزُّهور الحسانْ
حُلْمُ الفراشات وحبُّ الندى / وخمرةُ النحل وسحرُ الأوانْ
قد بشَّرَ الأرضَ بها مُرْسَلٌ / مُجنَّحٌ من نَسماتِ الجِنانْ
والنورُ سِرٌّ في ضَميرِ الدُّجى / والفجرُ طيفٌ لم يَبنْ للعيانْ
أبصرتُها تهفو على غُصنها / في وحشةِ الليل وصمتِ المكانْ
بيضاءُ أو حمراءُ تُزْهى بها / عرائس النرجس والأقحوانْ
تَظلُّ تُصغي وتظلُّ الرُّبى / والعشبُ والجدولُ والشاطئانْ
وليس منكم حولها هاتفٌ / تسكب موسيقاهُ سِحرَ البيانْ
هل مَلَّتِ الخمرةُ أقداحَكمْ / أم نَضَبَتْ من خمرهنّ الدّنانْ
قوموا انظروا الظِّلَّ على مهدها / يرقصُ فيهِ القمرُ الأضحيانْ
لو تقدرُ الأنسامُ زفَّتْ لها / أربِعَةَ الفردوسِ في مهرجانْ
وأسمَعتْ من خفق أنفاسها / صوتَ البشيرات وشدوَ القيانْ
يا شعراء الروضِ كم زهرةٍ / ميلادُها من حَسنَاتِ الزمانْ
حسبي من الدُّنيا على شَدْوكم / زَهْرٌ وخمرٌ ووجوهٌ حِسانْ
مِن هذه الرُّوحِ وهذا الجبينْ
مِن هذه الرُّوحِ وهذا الجبينْ / يضيءُ في مصرَ منارُ السنينْ
أشِعَّةٌ من بَسماتِ المُنى / ومن رجاءٍ كالصَّباح المبينْ
ومن قُوىً مشبوبة كاللظى / عارمة لا تنثني لا تلينْ
خَطَّتْ بناءَ الملك ثم ارتقتْ / تبني له المجدَ الرفيعَ المكينْ
أوَّلُ بانٍ أنتَ بعد الذي / شيَّدهُ فرعونُ في الأوَّلينْ
قدَّ من الصخر تماثيلهُ / حِجارةً خرساءَ ليستْ تُبينْ
وأنتَ أطلعتَ منارَ الحجا / وشُعلةَ العلم وفجرَ الفنونْ
بناءُ دنيا وحياةٍ معاً / عزَّ بهِ الشعبُ الغبين المهينْ
بعثْتَه خلقاً جديداً إلى / منزلة عَزَّت على الطامحينْ
قالوا الحضارات فقلتُ انظروا / أين كهذا الشعب في المحسنينْ
من قُطنه يلبس هذا الورى / ومن يديه مغزل الناسجينْ
والمدفعُ الصخَّابُ من صنعهِ / والحُمَمُ الحمْرُ كُرَاتُ المنونْ
قد ماجتِ الأرضُ براياته / وخوَّضَتْ ملءَ البحار السفينْ
وجيشُه منقُذُ إفريقيا / وحارسُ الشرق القويُّ الأمينْ
بهؤلاءِ السُّمْرِ جُبْتَ الثرى / ودِنتَ في سلطانك العالمينْ
ومِن بَنيكَ الصِّيدِ أبطالهُ / ومَن كإبراهيمَ في الفاتحينْ
تاجُ البطولات على رأسهِ / مؤتلقٌ والغارُ فوق الجبينْ
مَنْ زخْرَفَ الوادي وأجرَى به / جداولَ التبر كماءٍ معينْ
وأخضعَ النهرَ لسلطانه / وهو إلهٌ ساد في الأقدمينْ
ومَنْ بَنَى تلك السدودَ التي / تختزنُ السُّحبَ ولا يمتلينْ
غوائثُ الأرضِ إذا أقلعتْ / حواملُ الغيث الدفوقِ الهتونْ
مَنْ أتى الصحراءَ في دَوِّها / بهذه الأسوارِ شُمِّ الحصونْ
عبقريَّ الدهرِ إنَّ الذي / صَنَعْتَهُ معجزةُ الصانعينْ
مهندسٌ أنتَ سَمَا فنُّهُ / وعالِمٌ أُوتيَ عِلم السنينْ
أدركتَ ما للفنِّ من قوَّةٍ / فدِنْتَ بالقوّةِ فيما تدينْ
أبياتُ شعرٍ أنا بنَّاؤها / آجُرُّها اللفظ السريُّ السمينْ
رسمتُها بعضَ خطوطٍ كما / يُرْسَمُ أُفْقُ الكونِ للناظرينْ
يبدأُ فيها الفكر لا ينتهي / وتسبح الأعينُ لا يلتقينْ
لسيِّدِ النيل وفاروقهِ / رفعتُها في موكبِ الخالدينْ
مولايَ من جدِّكَ أنشودةٌ / مِزْهَرُها التاريخُ عذبُ الرنينْ
ألهَمها والدَك المجتبى / وأنتَ من أبنائه الملهَمينْ
وأنتَ من روحيهما آيةٌ / كآيةِ اللّه إلى المرسلينْ
وصورةٌ مشرقةٌ سمحةٌ / إطارُها الحبُّ ونورُ اليقينْ
أيَّتُها الأيام ما تصنعينْ
أيَّتُها الأيام ما تصنعينْ / بذلك العبءِ الذي تحملينْ
غُبِنْتِ يا أيام لم يلتمسْ / عذركِ حتى المستضامُ الغبينْ
يلومك الناسُ على ما بهِ / جرى يراعُ الغيبِ فوقَ الجبينْ
وقال من قال لقد أولعت / بالشرِّ فالطَّبْعُ لئيمٌ لعينْ
عدوةٌ أنتِ لمن خانَهُ / حظٌّ وإن كنتِ الصديقَ المعينْ
لحاكِ من أخطأ في رأيه / كأنما أنتِ التي تَفكرينْ
ومن أساء الصُّنْعَ في عيشه / كيف تُسيئين ولا تُحسنينْ
ولامَكِ الضّليلُ في دهره / فمنكِ لا منه الضلال المبينْ
حتى أخو الحرمان في حُبِّهِ / كأنما أنت الحبيبُ الضنينْ
وأنتِ لا شكوى ولا آهةٌ / مما ترى عيناك أو تسمعينْ
لمسْتِ ضَعْفَ الناسِ في عالَمٍ / قويُّهُ لا يرحَمُ المضعفينْ
أخذتِ بالحسنى أراجيفَهم / والضعفُ لا يشفعُ للمرجفينْ
وأنت يا أيام من رحمة / لهم تُصلِّين وتستغفرينْ
وأنت يا أيام كلُّ الرضى / تولينهم من كنزه كلَّ حينْ
فمن مرير علقم كالوزين / حلاوةً في عيشهم تسكبينْ
وتُنبتين الرفقَ في أنفس / غليظة قاسية لا تلينْ
أنا الذي أدري بما تصنعينْ / إن ضِقتُ بالعمر الذي تَفسحينْ
لديك ما يمحو عذابي وما / يرقأ دمعي وهو هامٍ سخينْ
لديك ما يُفني همومي وما / يبرئُ قلبي وهو دامٍ طعينْ
لديكِ ما يُشعرني راحةً / إن عقَّني الودُّ وخان اليمينْ
لديكِ ما يُنصفني سُلوةً / إن ظلم الحبُّ وجار الحنينْ
لولاك لم أنسَ فنائي ولم / أحْلُمْ بأنِّي خالدٌ في السنينْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025