ما أَسرَعَ الأَيّامَ في طَيَّنا
ما أَسرَعَ الأَيّامَ في طَيَّنا / تَمضي عَلينا ثُمَّ تَمضي بِنا
في كُلَّ يَومٍ أَمَلٌ قَد نَأى / مَرامُهُ عَن أَجَلٍ قَد دَنا
أَنذَرَنا الدَهرُ وَما نَرعَوي / كَأَنَّما الدَهرُ سِوانا عَنى
تَعاشِياً وَالمَوتُ في جِدِّهِ / ما أَوضَحَ الأَمرَ وَما أَبيَنا
وَالناسُ كَالأَجمالِ قَد قُرَّبَت / تَنتَظِرُ الحَيَّ لِأَن يَظعَنا
تَدنو إِلى الشِعبِ وَمِن خَلفِها / مُغامِرٌ يَطرُدُها بِالقَنا
إِنَّ الأُلى شادَوا مَبانيهِمُ / تَهَدُّموا قَبلَ اِنهِدامِ البُنى
لا مُعدِمٌ يَحميهِ إِعدامُهُ / وَلا يَقي نَفسَ الغَنِيِّ الغِنى
كَيفَ دِفاعُ المَرءِ أَحداثَها / فَرداً وَأَقرانُ اللَيالي ثِنى
حَطَّ رِجالٌ وَرَكِبنا الذُرى / وَعُقبَةُ السَيرِ لِمَن بَعدَنا
كَم مِن حَبيبٍ هانَ مِن فَقدِهِ / ما كُنتُ أَن أَحسَبَهُ هَيَّنا
أَنفَقتُ دَمعَ العَينِ مِن بَعدِهِ / وَقَلَّ دَمعُ العَينِ أَن يُخزَنا
كُنتُ أُوَقَيهِ فَأَسكَنتُهُ / بَعدَ اللَيانِ المَنزِلَ الأَخشَنا
دَفَنتُهُ وَالحُزنُ مِن بَعدِهِ / يَأبى عَلى الأَيّامِ أَن يُدفَنا
يا أَرضُ ناشَدتُكِ أَن تَحفَظي / تِلكَ الوُجوهَ الغُرَّ وَالأَعيُنا
يا ذُلَّ ما عِندَكِ مِن أَوجُهٍ / كُنَّ كِراماً أَبَداً عِندَنا
وَالحازِمُ الرَأيِ الَّذي يَغتَدي / مُستَقلِعاً يُنذِرُ مُستَوطِنا
لا يَأمَنُ الدَهرَ عَلى غِرَّةٍ / وَعَزَّ لَيثُ الغابِ أَن يُؤمَنا
كَأَنَّما يَجفُلُ مِن غارَةٍ / مُلتَفِتاً يَحذَرُ أَن يُطعَنا
أُخَيَّ جَبراً لَكَ مِن عَثرَةٍ / لا بُدَّ لِلعاثِرُ أَن يوهَنا
إِنَّ الَّتي آذَتكَ مِن ثِقلِها / هَلُمَّها نَحمِلُها بَينَنا
ساقَيتُكَ الحُلوَ فَلا بِدعَةً / إِن أَنا طاعَمتُكَ مُرَّ الجَنى
سَلَبتَ ما أَعجَزَنا رَدُّهُ / في قُوَّةِ السالِبِ عُذرٌ لَنا
جِنايَةُ الدَهرِ لَهُ عادَةٌ / فَما لَنا نَعجَبُ لَمّا جَنى
مَن كانَ حِرمانُ المُنى دَأبَهُ / فَالفَضلُ إِن بَلَّغَ بَعضَ المُنى
كَم غارِسٍ أَمَّلَ في غَرسِهِ / فَأَعجَلَ المِقدارُ أَن يُجتَنى
ما الثَلمُ في حَدِّكَ نَقصاً لَهُ / قَد يُثلَمُ العَضبُ وَقَد يُقتَنى
يَأبى لَكَ الحُزنُ أَصيلَ الحِجى / وَيَقتَضيكَ الرُزءُ أَن تَحزَنا
وَالأَجرُفي الأولى وَإِن أَقلَقَت / وَرُبَّما نَستَقبِحُ الإِحسَنا
ذا الخُلُقِ الأَعلى فَخُذ نَهجَه / وَاِترُك إِلَيهِ الخُلُقَ الأَدوَنا
أَبا عَلَيٍّ هَل لِأَمثالِها / غَيرُكَ إِن خَطبُ زَمانٍ عَنى
فَاِنهَض بِها إِنَّكَ مِن مَعشَرٍ / إِن جُشِّموا الأَمرَ أَبانوا الغِنى
وَاِصبِر عَلى ضَرّائِها إِنَّما / نُغالِبُ القِرنَ إِذا أَمكَنا