المجموع : 3
بردك فوق الخصر جار الرؤى
بردك فوق الخصر جار الرؤى / فخلفه تطفر جنّيّتان
شيطانتان اصطفتا جنّة / قد تؤنس الجنّة شيطانتان
دارت على الظمأى حميّاهما / فاللهو في الجنّة طلق العنان
يدنيهما الشوق و لم تدنوا / فهل هما نهدان أم نجمتان
تموج ألحان الصبا فيهما / كأنّما نهداك أغرودتان
عشّان لا للطّير بل للهوى عشّان / بل للمسك قاروتان
عندي طيوب لك أعددتها / عطر لباناتي و عطر البيان
رشّا على حسنك ريّاهما / فهل درى عطراي ما يفعلان
حسنك عطر العطر في جنّتي / على غناها و لبان اللبان
فاغدي على الرمل و روحي يضع / ورد و يفرش طيبه أقحوان
عيناك بحر حين أغفى انحنت / فلملمت أحلامه الضفّتان
تغفو بعينيك طيوف المنى / عيناك للأشواق أرجوحتان
قلبي و قرطاك حليفا ضنى / ألم يئن أن يتعب الخافقان
و خصلتان ارتاحتا في يدي / من الدجى المخمور مسكوبتان
شذاهما باق و إن غابتا / كأنّما فرعاك ريحانتان
تغامزين البدر في موعد / فغرت لمّا التقت الغمزتان
ينمنم الأحلام فضّيّة / و تنسج الشمس لك الأرجوان
و ملكك البدر و شمس الضحى / و ما يصوغان و ما يغزلان
قد باح جفناك بسرّ الدجى / جفناك من سرّ الدجى مترعان
تضحك عيناك و إن جدّتا / لا سحر في عينين لا تضحكان
تنطق عيناك و لم تنطقي / و قد تطيلان و قد توجزان
و لم تضيقا بمعاني الهوى / ألا تلومان ألا تتعبان
رشيقة الأحزان و القدّ . هل / ينبت في جمر الغضا غصن بان
نزلت قلبي سدرة المنتهى / ما أرز لبنان و ما الغوطتان
و بيننا قربى الشذى للشذى / ألحسن و الشعر رضيعا لبان
ترشف من نهديك إغفاءتي / كأسين قد أترعتا بنت حان
طافت بك الكأس فرنّحتها / و جنّ لمّا شمّك الزعفران
نبع الصبا المسحور يشتفّه / قلبي و السمراء و الفرقدان
نشتفّه حتّى ثمّالاته / فنحن لا نفنى و يفنى الزمان
نشتفّه حتّى يعود الصبا / و اللّمّة السوداء و العنفوان
و بيننا في ربوة سمحة / حلو السفوح الخضر حلو الرعان
و غابة يغفو الضحى عندها / و شمسها تغرب قبل الأوان
قبورنا فيها بلا وحشة / يؤنسها في الوحدة السنديان
و قبّة تحرس كنز الدجى / كأنّها في الغابة الديدبان
و النبع و القبّة في هدأة / يسرع دهر و هما وانيان
ما هزّت الدنيا أناتيهما / فتغرب الدنيا و لا يدهشان
و لوّحت من بعض أفيائنا / كفّان بالحنّاء مخضوبتان
حضنت في السمراء دنيا المنى / حين التقينا كبّر العالمان
جزنا حدودو الكون لا مشرقان / في جلوة النّور و لا مغربان
جزنا حدود الكون حتّى التقى / كلّ مغيب عندنا بالعيان
و عاد للأنجم ما ضاع من / أضوائها و اعتنق الأزهران
و اختصر الدنيا شذا مسكر / أو لهفة عذراء أو قبلتان
بحت بأسراري فعبّوا الشذى / فضّت عن الراح العتيق الدنان
نا غاب عن أعراسنا أهلنا / ألشمس و الأنجم في المهرجان
و الناس لا تعرف أحزاننا / يرثى لنا الشوق و يبكي الحنان
يرفعني الموج . إلى شاهق / و حطّني .. لا تهدأ الكفّتان
زلزلت الأمواج زلزالها / و احتضنتها دجنة من دخان
قد رجّها العاصف حتى طغى / لؤلؤها طوع يدي و الجمان
و محنة طالت و أكرمتها / بالصبر حتّى ملّ دهر فلان
لا يقنط الحرّ و لا يشتكي / لكلّ بحر هائج شاطئان
فتّشت عن خوفي فلم ألفه / كيف أرى الخوف و أنت الأمان
قرّبنا الله ففوق الزمان / نحن مع النور و فوق المكان
يضوّئ الظلمة إيماننا / و يسكر الفجر رحيق الأذان
نحن و قلبانا و أسرارنا / شوق إلى الله و أغنيّتان
أوجهها أم بيته قبلتي / أستغفر الله فلي قبلتان
نريد جمرا لبخور الهوى / في النار هذا الجمر لا في الجنان
صلاتنا النور فمن وهجها / شعّ الضحى و أتلق النيّران
من وردنا الأفلاك تسبيحة / و الصبح و النجمة تكبيرتان
تغمزني الشمس عناق الهوى / فلفّني من فرعها خصلتان
وجهي و لم تخدع أساريره / - و القلب مرآتان مجلوّتان
كتبت ( بسم الله ) فالطرس من / عدن ( و بسم الله ) حوريّتان
لم يعنني عسر و لا شدّة / الله و السمراء لي المستعان
عرّيت فقري عند بابيهما / و تعذّب الشكوى و يحلو الهوان
أحببتها ساخرة كالرؤى
أحببتها ساخرة كالرؤى / مبهمة غامضة كالظنون
مجنونة و الحسن لم تكتمل / فتنته إلاّ ببعض الجنون
طروبة ضحّاكة كالصّبا / كئيبة قاتمة كالمنون
اليأس في أجفانها و المنى / و الضحك في ألحانها و الأنين
و خفّة الأيّام في ثغرها / لكن بعينيها وقار السنين
قد مزّق الفجر و لم تثنه / شفاعة الحبّ و نجوى الفتون
غلالة شفّافة عذبة / على لماها من رؤى الحالمين
تثير في قلبي شكوك الهوى / لاذعة ثمّ تريد اليقين
هيهات قلبي قد غدا كافرا / و كان فيها أوّل المؤمنين
يا صورة أبدع تكوينها / في مطلع الفجر إله الفنون
و نغمة من بعض ألحانها / همس اللّيالي و ارتعاش الغصون
و نفحة لله عطريّة / ندّية حيّا بها البائسين
و زهرة أخشى على حسنها / من خطرة الفكر و نجوى العيون
لا تخدعيني إنّني عالم / بما تبينين و ما تكتمين
أرى على خدّيك فيما أرى / بألف لون قبل العاشقين
من قبلة خائنة مرّة / و قبلة وادعة في الجبين
و قبلة حمراء مثل اللّظى / و قبلة بيضاء مثل اليقين
تأبين إلاّ محو آياتها / و هنّ يا ليلاي لا يمّحين
لا تنكري حبّك لي إنّني / أستشهد الريحان و الياسمين
و النهر إذ تنظر أمواجه / لا أستحي منها و لا تخجلين
و الأيكة الخضراء إذ أبصرت / تبذّل الحسن الشهيّ المصون
و أنّه بحت بها للدجى / فعطّر اللّيل عبير الأنين
دامية موجعة وقّعت / ألحانها يمنى الرّجيم اللّعين
سأسكب الدمعة فيها الأسى / و الشعر و الحبّ الشجيّ الحزين
لعلّني يشفع بي عندها / هذا الهوى الباكي و هذا الحنين
ها صورة أبدع تكوينها / في مطلع الفجر إله الفنون
يا وردتي أين الشذى و النّدى
يا وردتي أين الشذى و النّدى / يا كبدي أين الهوى و الحنين
يا روحي الثكلى ألم تأخذي / عن ربّة الألحان أين الأنين
يا أمّ أحلامي و أمّ المنى / في فجرها أين قبرت البنين
لمحت في كأسي و قد شعشعت / طيف الأماني و الهوى و السنين
و ذكرياتي و هي عريانة / تبدو و تخفى بين حين و حين
و تلك حسناء بلون الضحى / و تلك شوهاء بلون الدّجون
يقفزن في كأسي فلا أنثني / عن خمرة الكأس و لا ينثنين
هذا جنون النفس في سكرها / و العقل من خدّام هذا الجنون
جارتي الحسناء ثرثارة / سكرى الهوى نشوى الصبى و الفتون
رأيت من أحزانها ما اختفى / و دقّ حتّى ما تراه الظنون
كلّ الأسى الصاخب يا جارتي / فداء حزن صامت في العيون
هاتي من الأحزان ما شئته / لا يفهم الأحزان غير الحزين
يا جارتي الحسناء هل تعلمين / يا جارتي ليتك لا تعلمين