إني على كاسي أُعيد السنين
إني على كاسي أُعيد السنين / وأبعث الماضي البعيدَ الدفين
وحدي وقد أقسمتُ لن تعرفي / وما الذي يجديك لو تعرفين
وما الذي يُجدي طعينَ الهوى / لَمسُكِ يا هند جراحَ الطعين
أصبحتُ لا أدري شربتُ الطِّلَى / عند بكائي أم شربتُ الأنين
كم أزرع السّلوان في خاطري / وكيف ينمو في مَحيلٍ جديب
بالخمر أسقيه وفي مسمعي / إرنانُ باكٍ وتشاكي حبيب
الجامُ يبكي لوعةً أم أنا / جامي غريبٌ وفؤادي غريب
واحيرتي تُرى أصُبُّ الطِّلى / أم أنني فيه أصبّ النحيب
يا إِلفَ نفسي لم يكن ها هنا / همٌّ لإِلف وسلوٌّ هناك
لم يَجرِ همسٌ لك في خاطرٍ / إلا جرى عندي كأني صداك
ولم أكن أعرفُ لي مدمعاً / إلا الذي تذرفُه مقلتاك
أصونُ حزني لك حتى اللقا / وأحبِسُ الفرحَةَ حتى أراك
إن كنت غنّيتُ فإِني الذي / وقفتُ ألحاني على سَرحَتك
حَبَستُ هذا الصوتَ لم ينطلق / إِلا على حزنكِ أو فرحتك
خمائلُ الروض بأعطارها / لم تَشجُني إلا على نفحتك
أنكرتُها طُرّاً ولم أعترف / إلا بطيبٍ جاء من جنّتك
وَافَرَحِي اليومَ بحريَّتي / بأيِّ ليل مدلهمٍّ أطير
رُدِّي على قلبي قيودَ الأسير / وذلك الصبحَ الوضيء المنير
كم شُعَبٍ لاحت فلم تختلف / لأيِّها نغدو وأنَّى نسير
بعد سني الأنوار خلَّفتِ لي / جَهمَ المساعي وخَفِيَّ المصير
علمتِ حالي لا وحقِّ الذي / صيَّرني أُشفِقُ أن تعلمي
هيهات تَدرين انطلاقَ الهوى / كجمرةٍ نضَّاحةٍ بالدم
هيهات تَدرين وإِن خِلتِه / وَثبَ الهوى الضاري وفتكَ الظَّمِي
وصارخاً كَبَحتُه في فمي / وطاغياً كبَّلتهُ في دمي
لا أنت تدرين وما من أحَد / بواصفٍ حسنَك مهما اجتهد
أو بالغٍ سرَّ الذكاء الذي / يكادُ في لحظك أن يَتَّقِد
أو مدركٍ عمقَ المعانِي التي / في لمحةٍ عابرةٍ تحتشد
أو فاهمٍ فنَّ الصَّناعِ الذي / أبدَع الاثنين الحِجا والجسد