المجموع : 24
بِدَيرِ بَهرَذانَ لي مَجلِسٌ
بِدَيرِ بَهرَذانَ لي مَجلِسٌ / وَمَلعَبٌ وَسطَ بَساتينِهِ
رُحتُ إِلَيهِ وَمَعي فِتيَةٌ / نَزورُهُ يَومَ سَعانينِهِ
بِكُلِّ طَلّابِ الهَوى فاتِكٍ / قَد آثَرَ الدُنيا عَلى دينِهِ
حَتّى تَوافَينا إِلى مَجلِسٍ / تَضحَكُ أَلوانُ رَياحينِهِ
وَالنَرجِسُ الغَضُّ لَدى وَردَهُ / وَالوَردُ قَد حُفَّ بِنِسرينِهِ
وَجيءَ بِالدَنِّ عَلى مَرفَعٍ / وَخاتَمُ العِلجِ عَلى طينِهِ
وَافتُصِدَ الأَكحَلُ مِن دَنِّنا / فَانصاعَ في حُمرَةِ تَلوينِهِ
وَطافَ بِالكَأسِ لَنا شادِنٌ / يُدميهِ مَسُّ الكَفِّ مِن لينِهِ
يَكادُ مِن إِشراقِ خَدَّيهِ أَن / تُختَطَفَ الأَبصارُ مِن دونِهِ
فَلَم نَزَل نُسقى وَنَلهو بِهِ / وَنَأخُذُ القَصفَ بِآيِينِهِ
حَتّى غَدا السَكرانُ مِن سُكرِهِ / كَالمَيتِ في بَعضِ أَحايِينِهِ
قَد هَتَكَ الصُبحُ سَدولِ الدُجى
قَد هَتَكَ الصُبحُ سَدولِ الدُجى / فَانحَسَرَت أَثوابُهُ الجونُ
فَاصبِح نَداماكَ سُخامِيَّةً / أَتى لَها في دَنِّها حينُ
زُفَّت إِلى أَكرَمِ خُطّابِها / وِشاحُها وَردٌ وَنَسرينُ
تَسعى بِها حَوراءُ في طَرفِها / ضَحكٌ وَفي المَضحَكِ تَقيِيِنُ
ما الناسُ إِلّا رَجُلٌ فاتِكٌ / أَو رَجُلٌ وَقَّرَهُ دينُ
يا مُنسِيَ المَأتَمِ أَشجانَهُم
يا مُنسِيَ المَأتَمِ أَشجانَهُم / لَمّا أَتاهُم في المُعَزّينا
حَلَّت قِناعَ الوَشيِ عَن صورَةٍ / أَلبَسَها اللَهُ التَحاسينا
فَاستَفتَنَتهُنَّ بِتِمثالِها / فَهُنَّ لِلتَكليفِ يَبكينا
حَقٌّ لِذاكَ الوَجهِ أَن يَزدَهي / عَن حُزنِهِ مَن كانَ مَخزونا
إِذا التَقى في النَومِ طَيفانا
إِذا التَقى في النَومِ طَيفانا / عادَ لَنا الوَصلُ كَما كانا
يا قُرَّةَ العَينَينِ ما بالُنا / نَشقى وَيَلتَذُّ خَيالانا
لَو شِئتَ إِذ أَحسَنتِ لي في الكَرى / أَتمَمتِ إِحسانَكِ يَقظانا
يا عاشِقَينِ اصطَلَحا في الكَرى / وَأَصبَحا غَضبى وَغَضبانا
كَذَلِكَ الأَحلامُ غَدّارَةٌ / وَرُبَّما تَصدُقُ أَحيانا
أَعلَمُ أَن لا خَيرَ لي عِندَكُم
أَعلَمُ أَن لا خَيرَ لي عِندَكُم / إِنَّ رَسولي جاءَ غَضبانا
لَو كانَ خَيرٌ لِابتِداني بِهِ / وَجاءَني يَضحَكُ جَذلانا
روحي مُقيمٌ عِندَ خُلصاني
روحي مُقيمٌ عِندَ خُلصاني / وَإِنَّما الشاخِصُ جُثماني
إِذا المَطايا ازدَدنَ بُعداً بِنا / وَاشتاقَهُ قَلبي وَإِنساني
مَثَّلَهُ في القَلبِ ذِكري لَهُ / كَبَعضِ ما قَد كانَ أَبلاني
فَتارَةً مَثَّلَهُ راضِياً / وَتارَةً في شَخصِ غَضبانِ
كُنتُ لِذِكراهُ الفِدا وَالحِمى / وَقَلَّ لِلمُذهِبِ أَحزاني
أَضحَكَني الحُبُّ وَأَبكاني
أَضحَكَني الحُبُّ وَأَبكاني / وَهاجَ شَوقي طولُ كِتماني
مِن حُبِّ حَوراءَ رُصافِيَّةٍ / كَرَنَّها غُصنٌ مِنَ البانِ
مَخروطَةُ الكُمَّينِ قَصرِيَّةٌ / جِنِّيَّةٌ في خَلقِ إِنسانِ
مَطمومَةُ الشَعرِ غُلامِيَّةٌ / تَصلُحُ لِلّوطِيِّ وَالزاني
كَأَنَّها مِن حُسنِها دُرَّةٌ / بارِزَةٌ مِن كَفِّ دَهقانِ
أَو مِسكَةٌ خالَطَها عَنبَرٌ / وَاستَودَعَت طاقَةَ رَيحانِ
مَنَحتُ طَرفي الأَرضَ خَوفاً لِأَن
مَنَحتُ طَرفي الأَرضَ خَوفاً لِأَن / أَجعَلَ طَرفي عُرضَةً لِلفِتَن
إِذ كُنتُ لا أَنظُرُ مِن حَيثُ لا / أَنظُرُ إِلّا نَحوَ وَجهٍ حَسَن
يَزرَعُ قَلبي في الهَوى ثُمَّ لا / يَحصُدُ في كَفَّيَّ غَيرَ الحَزَن
أَفدي الَّتي قالَت لِأُختٍ لَها / إِنّي أَرى هَذا الفَتى ذا شَجَن
قالَت نَعَم ذو شَجَنٍ عاشِقٌ / قالَت لِمَن قُلتُ اتَّفَقنا إِذَن
عِنانُ يا مَن تُشبِهُ العينا
عِنانُ يا مَن تُشبِهُ العينا / أَنتُم عَلى الحُبِّ تَلومونا
حُسنُكِ حُسنٌ لا أَرى مِثلَهُ / قَد تَرَكَ الناسُ مَجانينا
قَد قُلتُ قَولاً فَاِسمَعي ذاكُمُ
قَد قُلتُ قَولاً فَاِسمَعي ذاكُمُ / مِنّي وَرُدّي مِثلَهُ يا عَنان
إِنّي لَأَهواكِ وَإِنّي جَبان / أَفرَقُ مِن عِلمي بِغَدرِ القِيان
يَصِلنَ مَن واصَلنَهُ خُدعَةً / بِكَسرَةِ الأَتفِ وَمَزحِ اللِسان
لَستُ أَرى وَصلَكِ أَو تَحلِفي / أَلّا تَخوني وَتَفي بِالضَمان
أَو فَذَريني وَصِلي جاهِلاً / يَلقى مِنَ الغَيرَةِ فيكِ الهَوان
حُبُّكَ يا أَحمَدُ أَضناني
حُبُّكَ يا أَحمَدُ أَضناني / يا قَمَراً في شَخصِ إِنسانِ
يا وَردَةً أَعجَلَها قاطِفٌ / مَرَّ بِها مِن بابِ عُثمانِ
أَظهَرَ بَعدَ الوَصلِ هِجرانا
أَظهَرَ بَعدَ الوَصلِ هِجرانا / وَصَيَّرَ العِلّاتِ أَعوانا
يَعُدُّ إِحساني ذُنوباً كَما / أَعُدُّ مِنهُ الذَنبَ غُفرانا
يا مُظهِراً في النَومِ هِجرانا / حَسبُكَ ما تَفعَلُ يَقظانا
لَو كُنتَ في حُبّيكَ لي مُنصِفاً / جازَيتَ بِالإِحسانِ إِحسانا
إِنَّ الَّذي تَيَّمَني حُبُّهُ
إِنَّ الَّذي تَيَّمَني حُبُّهُ / أَمرَدُ مِن نَشءِ الدَواوينِ
قَد نَشَرَ الطومارَ في حِجرِهِ / مُبتَدِئً بِالباءِ وَالسينِ
يُطَرِّرُ الوَردَ عَلى خَدِّهِ / مِن عَرَقٍ بِالمِسكِ مَعجونِ
إِنّي لَفي شُغلٍ عَنِ العاذِلينَ
إِنّي لَفي شُغلٍ عَنِ العاذِلينَ / بِالراحِ وَالرَيحانِ وَالياسَمين
أَشرَبُها صِرفاً فَإِن هِيَ قَسَت / زَوَّجتُها بِالماءِ حَتّى تَلين
لَدى شَريفٍ حَسَنٍ وَجهُهُ / أَحوَرَ قَلبي بِهَواهُ رَهين
مِن وَلَدِ المَهدِيِّ في ذِروَةٍ / مُهَذَّبٍ يَخلِطُ حَزناً بِلين
فَهوَ مُغَنٍّ لي وَساقٍ مَعاً / ثُمَّ خَدينٌ بِأَبي مِن خَدين
سُبحانَ مَن سَخَّرَ هَذا لَنا / يَوماً وَما كُنّا لَهُ مُقرِنين
يا عَمروُ ما هَذا الغُلامُ الَّذي
يا عَمروُ ما هَذا الغُلامُ الَّذي / مَرَّ بِنا في الحَيِّ مُستَنّا
أَفازِعٌ مِن وَصلِ شُطّارِكُم / فَرُبَّما قَد شُغِلوا عَنّا
بِاللَهِ أَسقِطني عَلى أَمرِهِ / فَإِنَّ بَعضَ الناسِ قَد جُنّا
قَد صَكَّ لي بِالقُربِ مِن سَيِّدي
قَد صَكَّ لي بِالقُربِ مِن سَيِّدي / وَدارَ صَكّي في الدَواوينِ
وَاستَأذَنَ الكاتِبُ في خَتمِهِ / وَقَد دَعَوا لِلخَتمِ بِالطينِ
كَيفَ خَطا النَتنُ إِلى مِنخَري
كَيفَ خَطا النَتنُ إِلى مِنخَري / وَدونَهُ راحٌ وَرَيحانُ
أَظُنُّ كِرياساً طَما قُربَنا / أَو ذَكَرَ اليُؤيُؤَ إِنسانُ
وَصاحِبٍ أَخلَفَ ظَنّي بِهِ
وَصاحِبٍ أَخلَفَ ظَنّي بِهِ / وَالخَيرُ بِالصاحِبِ مَظنونُ
جامَلَني بِالقَولِ حَتّى إِذا / صارَ لَهُ مالٌ وَتَمكينُ
أَعرَضَ عَنّي لاوِياً شِدقَهُ / كَأَنَّهُ في الوَفرِ قارونُ
أَنكَرتُها مِنهُ فَعاتَبتُهُ / وَالنُصحُ في الإِخوانِ مَضمونُ
فَتاهَ إِذ عاتَبتُهُ شامِخاً / وَأَصلُهُ في أَهلِهِ دونُ
قَد أَسبِقُ الجارِيَةَ الجونا
قَد أَسبِقُ الجارِيَةَ الجونا / مِن قَبلِ تَثويبِ المُنادينا
بِكُلِّ مَعروفٍ بِأَعراقِهِ / عَلى عُيونِ الأَرمَنِيِّينا
رَبيبُ بَيتٍ وَأَنيسٌ وَلَم / يُربَ بِريشِ الأُمِّ مَحضونا
لَم يُنكِهِ جُرحُ حِياصٍ وَلَم / يَبغِ لَهُ بِالثُفلِ تَسكينا
كُرُّزُ عامٍ صاغَهُ صائِغٌ / لَم يَدَّخِر عَنهُ التَحاسينا
أَلبَسَهُ التَكريزُ مِن حَوكِهِ / وَشياً عَلى الجُؤجُؤِ مَوضونا
لَهُ حِرابٌ فَوقَ قُفّازِهِ / يَجمَعنَ تَأنيفاً وَتَسنينا
كُلُّ سِنانٍ عيجَ مِن صَدرِهِ / تَخالُ عِطفَي رَأسِهِ نونا
وَمِنسَرٍ أَكلَفَ فيهِ شَفاً / كَأَنَّهُ عِقدُ ثَمانينا
في هامَةٍ كَأَنَّما قُنِّعَت / بَعضَ حِبالِ السابِرِيِّينا
وَمُقلَةٍ أَشرِبَ آماقُها / تِبراً يَروقُ الصَيرَفِيِّينا
نُرسِلُ مِنهُ عِندَ إِطلاقِهِ / عَلى الكَراكِيِّ دُرَخمينا
داهِيَةٌ تَخبِطُ أَعجازُها / خَبطاً يُحِسّيها الأَمَرّينا
يَحمي عَلَيها الجَوَّ مِن فَوقِها / حيناً وَيُغريها الأَحايِينا
وَهُنَّ يَرفَعنَ صُراخاً كَما / جَهوَرَ في الشَعبِ المُلَبّونا
فَمُقعَصٌ أُثبِتَ في سَحرِهِ / وَخاضِبٌ مِن دَمِهِ الطينا
قَد مَشَقَتهُ في الحَشا مَشقَةٌ / أَلقَت مِنَ الجَوفِ المَصارينا
رُحنا بِهِ نَحمِلُ أَكبادَها / في زَورَةٍ عَشراً وَعِشرينا
أَعطى البُزاةَ اللَهُ مِن قِسمِهِ / ما لَم يُخَوِّلهُ الشَواهينا
لِكُلِّ سَبعٍ طُعمَةٌ مِثلَهُ / في القَدرِ إِن فَوقاً وَإِن دونا
أصبح أيري مُعرضاً عنّي
أصبح أيري مُعرضاً عنّي / وكان من قصّتهِ أنّي
كنتُ بقصرِ الخلد في روضةٍ / بين نخيل الطنّ والبَرني
خلا لها الوردُ لذي نرجس / معتنقٍ للآسِ في غصنِ
نيطَ بتفّاحٍ إلى مشمشٍ / تخرقه الأنهارُ بالسُفنِ
فمرتعُ الروضةِ نوّارهُ / مختلفُ البهجةِ في الحسنِ
من أصفر يرنو إلى أحمرٍ / وأبيض في اللونِ كالقطنِ
وبرمكيُّ الحسنِ في حلّةٍ / كأنّهُ من حسنهِ جنّي
ظلّ يسقي الشربَ من قهوةٍ / ناصعةٍ في صبغة الدهن
حتى إذا الفجر حدا بالدجا / ودارت القهوة في قَرني
وصاحبُ الفرحةِ مستوفزٌ / لحيث ما يبلغهُ عنّي
قلتُ لأيري حين أبصرتهُ / تدمعُ عيناه من الحزنِ
إنكَ إن قصرتَ عمّا أرى / بتّ سخين العين ذا غَبنٍ
فخرَّ يدنو نحوه مطرقاً / ونور معمورٍ إلى الرهن
حتى توفّاه رسولُ الكرى / فأطبقَ الجفنَ على الجفنِ
فلم أزل أصبر حتى إذا / مالَ على الجنبِ من الوهنِ
دببتُ كالعقربِ جنبيّةٌ / وتارةً أحبو على بطني
قصداً إليه فتبطّنتُ ما / حوى السراويل إلى المتنِ
فكان من وجدي به أنني / أخطأتُ مجرى الرمح في الطعنِ
وحسَّ بالدسرة في ظهرهِ / فقام كالحيران من جُبني
حتى علاني وأنا تحته / أدعو على الحرمات باللعنِ
مُندّي الجبهةِ من بعد أن / أفلتّ منه صفدي الأذنِ
ثم رمى وجهي بتفاحةٍ / لم يخطِها لمّا رمّى سنّي
فرحتُ محروماً بلا حاجةٍ / وقام أيري ضاحكاً منّي
يقول والذَنبُ له كلّهُ / كذاكَ من يعمل بالظنِّ