المجموع : 6
علم عظيم النفع للعالمِ
علم عظيم النفع للعالمِ / جل عن المفهوم والفاهمِ
وكيف لا ينكر وهو الذي / يجهله إبليس في آدم
حتى أبى عن أن يُرى ساجداً / لربه من قوة الواهم
والتبس الأمر عليه ولم / يقدر على التمييز في العالم
كم عدم أخفى وجوداً وكم / من زائلٍ غطَّى على دائم
يا ويحه والنهر في داره / من حائرٍ صادي الحشى حائم
وكل ذا من قسوة عنده / وحسد في نفسه قائم
لم يسلم الأمر إلى ربه / ولم يشاهد حكمة الحاكم
وعاند الخالق في خلقه / معترضاً سيف القضا القاصم
فاحذره واحذر أن تحاكي له / ترجع بحالِ الخاسر النادم
يا أيها الإنسان قم وانتبه / من لي بهذا الغافل النائم
ويحك قد أشقى إلهُ الورى / إبليس من أجلك يا آدمي
فكن سعيداً أنت واسبق إلى / نيل العلى واعرض عن اللائم
وكتْبَ محيي الدين طالعْ لها / بخاطرٍ عن غيرها صائم
معتقداً في حقها قاطعاً / بأنها دين أبي القاسم
ولا تكن في ذاك مستعملاً / علوم رسمٍ للبنا هادم
فإن محيي الدين شمس الهدى / وهو الإمام العارف الحاتمي
عليه رضوان من الله ما / تنعم المرحوم بالراحم
عجبت من شيئين قد أجمعت
عجبت من شيئين قد أجمعت / عليهما كل عقول الأنامْ
فالأول المعدوم من كل شَيْ / أزال عنه الله وصف انعدامْ
فصار موجوداً وأضحى له / وصفَ وجودٍ ظاهرٍ للعوام
فاعجب لموصوفٍ هو المنتفي / ووصفه الثابت دون انبهام
بمن ترى الوصف غدا قائماً / تحققوا يا قوم هذا الكلام
والآخر الحق الوجود الذي / قَدَّر كل الخلق بالإنتظام
كيف بمعدوماته قد غدا / متصفاً والعقل فيها إمام
حتى بدا التنزيه عنها به / واحتاج هذا الأمر للإختصام
وإنما القهار وهو الذي / أفعاله تجرى بحكم المرام
فيطلع العقل على ما يشا / من المعاني عن ضيا أو ظلام
تصرُّفاً منه به كيفما / أراد لا عتبٌ كما لا ملام
معرفتي مخلوقة وهي لا
معرفتي مخلوقة وهي لا / تليق بالخالق ربي القديمْ
لأجل ذا في كل وقت بدت / في صورة يطرب منها النديمْ
إذا تأملنا تناويعها / في كل معوجٍّ وفي مستقيم
وإنها قاصرة كلها / عن حضرة الغيب النزيه العظيم
قلنا صواب كلها قول من / يعتبر المخلوق ذاك العديم
وإنها استعداده قد بدا / منه لها يرجى قبول الكريم
وباعتبار الحق قلنا خطا / جميعها والوصف فيها ذميم
وإنما الحق تعالى الذي / بنفسه دون سواه عليم
فعلمنا بالحق منا له / إسلامُنا والقلب منا سليم
ونحن بالعلم الذي نفسه / تعلمه نعلمه يا فهيم
أشكو من الله إلى خلقه
أشكو من الله إلى خلقه / إني إذاً من أهل دار الجحيمْ
وإنما شكري له دائماً / على توالي الفضل منه العظيم
ألم يكن أوجد ما لم يكن / مني بإيجاد جواد كريم
وهو الذي يحفظني بالذي / يمدُّني منه برزق مقيم
وكيفما كنت أرى فضله / غامرني وهو الغفور الرحيم
نزيد في الشكر له دائماً
نزيد في الشكر له دائماً / وكلما زدناه زاد النِعَمْ
مثل تجارة الكريم الذي / له شياه ولديه نَعَمْ
فكلما قلنا له زد لنا / قال أيا من عاملوني نَعَمْ
قالوا غداً نأتي ديار الحمى
قالوا غداً نأتي ديار الحمى / ديار من هم أهل سلمى همو
فينظر القلب إليهم بهم / وينزل الركب بمغناهمو
وكل من كان مطيعاً لهم / وكان مشغوفاً بذكراهمو
فإنه إن جاءهم خائفاً / أصبح مسروراً بلقياهمو
قلت فلي ذنب فما حيلتي / أخشى بأن يطردني عنهمو
عندي الحيا منهم ولي خجلة / بأي وجه أتلقّاهمو
قالوا أليس العفو من شأنهم / وكم نجا عبد رجا منهمو
والصفح من أخلاقهم دائماً / لا سيما ممن ترجّاهمو