آليتُ لا حِلْتُ ولا حِلْتُمُ
آليتُ لا حِلْتُ ولا حِلْتُمُ / عن كلَّ ما أعهدُهُ منكمُ
وبالذي ارعاه مِن عهدِكمْ / بعدَ نواكمْ يُعرَفُ المغرمُ
قد كنتُ أبكي والنوى لم تَحِنْ / بعدُ فما الحيلةُ أن بِنتمُ
وكيف لا يَقلَقُ مِنْ لم يزلْ / يُقْلِقُهُ حبُّكمُ الأقدَمُ
أرتاحُ للريحِ إذا ماسرتْ / مشمولةً تُخبِرُني عنكمُ
كأنَّها تأسو جِراحَ الهوى / فهي لقلبي دونكمْ مرهمُ
ما عَلِمَ الرُّكبانُ ما حلَّ بي / في الوجدِ لو لم يَلُحِ المَعْلَمُ
كتمتُه حتى إذا ما بدا / أظهرتِ العبرةُ ما أكتمُ
ولم تزلْ تُظهِرُ سرَّ الهوى / منّي إذا ما زرتُها الأرسُمُ
أسألُها عن أهلِها ضَلَّةً / كأنّها تسمعُ أو تَفْهَمُ
وربَّما أعربَ عن كلَّ ما / يزيدُ وجدي ربعُها الأعجَمُ
منازلٌ قد صِرْتُ أبكي لها / مِن بعدِ ما كنتُ بها أَبسِمُ
بادمعٍ مِن بعدِ أهلِ الهوى / على ثرى أطلالِهم تَسْجُمُ
اِنْ أعوزَ الغيثُ وان أنجمَتْ / سحائبُ الرَّىَّ انبرتْ تَثجِمُ
والدهرُ حالانِ فطوراً له / بؤسي وطوراً بعدها أنعُمُ
فلا تَضيقَنَّ بأفعالِه / فربَّما هانَ الذي يَعظُمُ
أحبابَنا لا تَرِدوا أدمعي / فاِنَّها بعدَ نواكُمْ دَمُ
بَعُدْتُمُ فالدهرُ في ناظري / بغيرِ أنوارِكمُ مُظلِمُ
وعيشتي البيضاءُ بعدَ النوى / كدَّرها هجركُمُ الأدهَمُ
لولا دموعي يومَ توديعكمْ / لم تكُ أسرارُ الهوى تُعلَمُ
أأشتكيكمْ أم إلى جورِكمْ / أشكو الذي قد حلَّ بي منكمُ
ولا أرى في مذهبي أَنَّهٌ / يُنصِفُني مَنْ لم يزلْ يَظلِمُ
شِنْشنَةٌ صارتْ له مذهباً / وهو لها دونَ الورى أخزَمُ
أحبَّةٌ لو قيلَ ماذا الذي / نختارُه ما قلتُ إلا همُ
هم أسلموني لاِسارِ الهوى / ظلماً وظنُّوا أنَّني أسلمُ
قلبي على ما نالَهُ منهمُ / لا يعرفُ البثَّ ولا يسأمُ
اِنْ أنجدوا أو أتهموا لم يزلْ / وهو المَرُوعُ المنجِدُ المتهِمُ
وناظرٍ لم يَغْفُ خوفَ النوى / والبينِ لمّا هجعَ النوَّمُ
جيرانَنا ها أنا باقٍ على / عهدي فهل أنتمْ كما كنتمُ
ما غيَّرَ الدهرُ لنا وجهُهُ / عنِ الرَّضى حتى تغيَّرتُمُ
وفَيْتُ لمّا خانَ أهلُ الهوى / ولم أقلْ إِنكمُ خنتُمُ
كنايةٌ في طيَّها كلُّ ما / يُوهنُني منكمْ وما يؤلمُ
فليتكمْ لمّا سرتْ عيسُكمْ / عن أبْرَقِ الحنّانِ ودَّعتُمُ
آهاً على طيبِ ليالي الغَضا / لو أنَّها عادَتْ ولو عُدْتُمُ
غبتمْ فما لذَّ لنا عيشُنا / ولا استُحِثَّ الكاسُ مذ غِبتُمُ
فالغيثُ والمنثورُ هذا أسًى / للبينِ يبكيكمْ وذا يَلطِمُ
وأصفرُ الزهرِ ومبيضُّهُ / هذاكَ دينارٌ وذا درهمُ
والروضُ مخضلٌّ بقطرِ الندى / فالطيبُ مِن أرجائهِ يَفْغَمُ
وللهوى في كبدي جذوةٌ / تبيتُ مِن خوفِ النوى تُضرَمُ
فهل أرى حيَّهمُ باللَّوى / يُدنيهِ منّي البازلُ المُكْدَمُ
كأنَّه في هَبَواتِ السُّرى / يُثيرُهنَّ الخاضِبُ الأصلَمُ
كم رُفِعَتْ أخفافهُ عنْ دَمٍ / كأنَّه في اِثرِه عَنْدَمُ
ترتاعُ للصوتِ واِرهابِه / كأنَّما في ثِنيهِ أرقمُ
يا أيُّها النظمُ نداءَ امرئٍ / يَشغَفُهُ مذهبُكَ الأقومُ
تَعُبُّ كالسيلِ على خاطرٍ / طمى عليه بحرُكَ المُفْعَمُ
أُثني بما فيكَ على رُتْبَةٍ / لم يُعْطَها عادٌ ولا جُرْهُمُ
لو كنتَ في عصرِ رجالٍ مَضَوا / صَلَّوا على لفظكَ او سَلَّموا