المجموع : 4
من أين جدّ اليوم هذا الخصام
من أين جدّ اليوم هذا الخصام / يا أمم الغرب نقضت الذمام
كنا استعدنا الأمسَ عهدَ الصَّفا / فلم يدم أمس ولا العهد دامْ
كنا نسينا ما جرى بيننا / وكاد يبدو في الجراح التئامْ
واستُجمعت في الصفو اهواؤنا / وعادت الوصلة بعد انصرامْ
أريتنا في الودّ معنى الجفا / وجئتنا بالحرب تحت السلام
إختلف التسليم ما بيننا / يد تحيى ويد في الحسام
لا تبسمي من بعد هذا لنا / قد غرّنا فيما مضى الابتسام
وأمّة ما اشبهت أمّة / تفردت بالغدر بين الأنام
تسومنا الضيم بلا علة / يا بنت روما إننا لن نضام
هذي قلوب لا تهاب الحمام / هذي صدور لا تبالي الصدام
فاضرمي بين الثرى والسما / ناراً تلج ما بين ذاك الضرام
هل تُستبى أمّ أسود الشرى / والأسدُ ما بين يديها قيام
أم يستباح اليوم ذاك الحمى / وفيه أمثال طغورد نيامْ
أم جندنا أضحوا كسرب المها / أم أصبح العُرب كخيط النعام
مهلاً فلا تستقدمنْ خطوة / قد يرغم الآناف هذا الرغام
يا رُبَّ همٍّ أصلهُ من هيام / ورُبَّ غرم فادح من غرام
يشوي الفراش النورُ في ناره / وقد تميت الكاس صبّ المدام
وهذه الأقدار مجهولة / والكون لا يبقى عليه انتظام
ما يبلغ الأسطول من معشر / أسطولهم في البرشم الأكام
منيفة ثابتة صلبة / منيعة جانبها لا يرام
تهوي عوالي الطير من دونها / وينثني عن مرتقاها الغمام
يا علَمُ اخفق يا طبول ارعدي / ويا أسود استقدمي للأمام
والله لا نتركها للعدا / تدوس بالأرجل تلك العظام
حتى تروّى إرضها من دمٍ / وتختفي بطاحها في الرمام
وتصبح الدأماء في حمرة / وتغتدي آفاقُها في ظلام
فلا يلمنا بعدها لائم / من أيقظ الشرّ عليه الملام
صاحت طرابلس بأبنائها / لبّيك أمّاه دعوت الكرام
إن تندموا ليس يفيد الندم
إن تندموا ليس يفيد الندم / قد قضي الأمر وجفّ القلم
الله خلاق الورى عادلٌ / فلا يلومَنْ غيره من ظلم
يا أمة يقتلها جهلها / جهلك لا يشبه جهل الأمم
في وحدتي والناس حولي نيام
في وحدتي والناس حولي نيام / أشكو إلى الله ذنوب الغرام
يا قلبها أفنيت قلبي جوى / يا قلبها والله هذا حرام
كأن ليلي لون حظي بها / فهو ظلام دائم في ظلام
سيدتي مالكتي مهجتي / إن مت وجداً فعليك السلام
يا ملك الشعر أطلت المنامْ
يا ملك الشعر أطلت المنامْ / استيقظ اليوم وعد للكلام
البلبل الشادي وباكي الحمام / كلاهما يهدي إليك السلام
لكن ستر القبر لا يرفعُ / وأنت من مثواك لا تطلعُ
لكل قوم شاعر مفلقُ / لسانه عن مجدهم ينطقُ
وأنت من سابقهم أسبقُ / تفوت من فات ولا تُلحق
كالبرق في عليائه يلمعُ / وكل طرف إثره يطلعُ
بكى امرؤ القيس على منزل / بين الدخول القفر أو حوامل
وضج من ليل الهوى الأليلِ / فصاح يا ليل ألا فانجلي
وراح في ضلته يمزعُ / إذا دعت أهواؤهُ يتبعُ
وشأن هومير بإلياذته / شأن إله الحرب في غارته
جرى مع الشعب على عادته / كالعبد لا يعصى هوى سادته
وشاعر الأمة إذ يخضعُ / كالخادم الخائن إذ يخدعُ