البحر رهوٌ والسما صاحيه
البحر رهوٌ والسما صاحيه / والفخت في الليل شبيه السديم
والبدر في طلعته الزاهية / قد ضاحك البحر بثغرٍ بسيم
والصمت في الأنحاء قد خيّما / فالليل لم يسمع ولم ينطِق
والبدر في مفرق هام السما / تحسبه التاج على المَفرق
أغرق في أنواره الأنجما / وبعضها عام فلم يغرق
والبحر في جبهته الصافيه / قام طريقٌ للسنا مستقيم
لم تخفَ في أثنائه خافيه / حتى ترى فيه اهتزاز النسيم
وقفت والريح سرت سجسجا / وقفة مبهوت على الساحل
أنظر ما فيه يحار الحجا / في الكون من عالٍ ومن سافل
يا منظراً أضحك ثغر الدجى / ورد سحبان إلى باقل
ما أنت إلا صحف عاليه / كم حار في حكمتها من حكيم
إذا وعتها إذن واعيه / فقد وعت خير كتاب كريم
وزان عرض البحر ما قد بدا / من زورق يجري بمجدافتين
عام بذوب الماس أوقد غدا / يسبح في لجة ذوب اللجين
في صامت الليل جرى مفردا / وبين جنبيه حوى عاشقين
من غادة في حسنها غانيه / تبسم عن لألاء درّ نظيم
ومن فتى أدمعه جاريه / قد صافح العشق بجسم سقيم
قابلها والحب قد شفه / وقابلت طلعة بدر السما
وظلّ يرنو تارةً خلفه / وتارة ينظرها مغرما
ثمّ تدانى واضعاً كفّه / في كفّها يطلب أن يلثما
وخرّ من وجد على الناصيه / وقلبه يركض ركض الظليم
وهي غدت من أجله جاثية / واحتضنته كاحتضان الفطيم
ثم رمى نظرة مسترحم / في الكون عن طرف له حائر
وقال قول الكلف المغرم / في حبّ ذات النظر الساحر
أيتها الأرض قفي واسلمي / من أجل هذا المشهد الزاهر
حتى أرى ليلتنا باقيه / محفوفةً مِن وصلنا بالنعيم
فإن هذي ليلةٌ حاليه / تزهو ببدرين وطلق النسيم
وأنت يا بدر اللطيف السنا / في الجو قف وقفة غير الرقيب
ما أبهج النور وما أحسنا / إذا دنا منك لوجه الحبيب
كأنه ندرة لما دنا / نحو المعالي يبتغيها النصيب
فحاز منها جملةً وافيه / ما حازها من أحدٍ من قديم
وصار يدعى الرجل الداهيه / في الفكر والمجد وخلق عظيم
يا آل مطران لكم ندرة / وأكرم الناس هو النادر
لكن معاليكم لها كثرةٌ / يعجز ان يحصرها الحاصر
من أجلها أمست لكم شهرةٌ / عمّ البرايا صيتها الطائر
حيث معاليكم غدت قاضيه / لكم على الناس بفضل عميم
فراية المجد لكم عاليه / و ندرة الشهم عليها زعيم
يا من بنى المجد فأعلى البنا / فكان أعلى الناس في مجده
اِقبل من العبد جميل الثنا / وإن يكن قصّر عن حدّه
ومُره ثم احكم به أن ونى / ما يحكم السيّد في عبده
إذ أنت بالمنقبة الساميه / قد خصّك الله العزيز العليم
فاهنأ ودم عيشة راضيه / رغم المعادي وسرور الحميم