وعيشِكم لا ورَد الحُوَّمُ
وعيشِكم لا ورَد الحُوَّمُ / مناهلا غُدرانُها تبِسمُ
ولا رعت هُمَّلُ أبصارِهم / في روضةٍ نُوّارُها أسهمُ
رويدكم إن الهوى مَعَركٌ / يُعدَم فيه ألأجرُ والمغنمُ
وإنما تأويلُنا أنّه / يحِلُّ للمضطرّ ما يحرُمُ
إنّ أبيّاتِ النفوس التي / أحلَى مناها الحادثُ الأعظمُ
فخوضُها في غَمراتِ الهوى / لأنّه يندُرُ فيها الدَّمُ
من ذا الذي أفتَى عيونَ المها / بأنّ ما تُتِلف لا يُغرَمُ
ساروا بقلبي دون جسمي فما / تنفعنى الجلدةُ والأعظُمُ
واستعذبوا ظلمى فمن أجلهم / أستغفر اللهَ لمن يظلِمُ
ما ضرّهم لو سفَروا ريثما / يَقْبَل عُذرى فيهم اللوّمُ
قال ليَ الأحورُ من بينهم / وما به ألأجرُ ولا المأثمُ
داؤك هذا مَن جناه وَمن / يُبرئه قلتُ الذي تعلَمُ
كم في خيام البدوِ من ظبيةٍ / سِوارها يُشبعه المِعصمُ
حاذرت العَينَ فما إن تُرَى / وخافت السمعَ فما تَبغِمُ
لو فاخرتْ في الليل بدرَ الدجى / لكان بالفضل لها يُحَكمُ
لأنها قد فتنَتْ قومَها / والبدرُ لم تُفتَن به الأنجمُ
ما أصعبَ الإذنَ على منزلٍ / بوّابُه الخَطّىّ واللَّهْذَمُ
لا برِح الوسمىّ عن أرضهم / ولا نأَى عن جوّها المِرزَمُ
أو أُبصرَ الكُثبانَ قد ظُلِّتْ / رَقْما كما يصطنع المُحرِمُ
وبلَّغ اللهُ المنَى فتيةً / نديمُهم في الصبح لا يندمُ
عاطيتهم صهباءَ داريَّةً / قالوا واين الصابُ والعلقمُ
عزُّوا فلو تفِقد أذوادُهم / حاميَها خفَّرها المِيسمُ
وهي على عزّتها بينهم / يُبغَتُ فيها الفدُّ والتوأمُ
ما تبرح الأكوارُ معمورةً / بهم ونيرانُ الوغى تُضرَمُ
سقياً لهم لو أنّ أُمّاتِهم / لا تُطَعم الثُّكلَ ولا تعُقَمُ
تودُّ ذاتُ الحمل لو أنها / يوما بأمثالهم تُتئِمُ
فلست أدرى أُنجبوا شمسةً / أم شِنشِنٌ ورّثَهم أخزمُ
بل من زعيم الرؤساء اقتنوَا / مكارمَ الأخلاق لا منهمُ
إن تُسئل العلياءُ عن نفسها / نقلْ أبو القاسمِ بى أعلمُ
قد أَنزلتْ فيه العلا سُورةً / دقَت معانيها فما تُفهمُ
كأنّما في صدر ديوانه / داودُ في مِحرابه يحكُمُ
بلاغةٌ من حسن إيضاحها / لا تُشكل الخطَّ ولا تُعِجمُ
والفصلُ أن يُنشَرَ قرطاسُهُ / وتَنْبَهَ المُرِّيَّةُ النُّوَّمُ
إذا تحدَّى الغيبَ أفكارُه / فليس بابٌ دونها مُبهَم
كُفيتِ يا سُحْبُ فلا تنصَبى / حسْبُ الثرى تيّارُه الخضِرمُ
قد علِم العُشبُ وضيفُ القِرَى / أيُّكما في الأزمةِ الأكرمُ
تطاولى يا هضَباتِ المُنَى / فهو إلى ذِروتك السُّلَّمُ
محسَّدٌ يغبِط أقلامَه / على يديه الرمحُ والمِخذَمُ
وما الذي بينَهما جامعٌ / هذان بؤسَى وهما أنعمُ
ليس بمحتاجٍ إلى شِكَّةٍ / سلاحُه من ذاته الضيغمُ
إنّ قِداح النَّبع مبرّيةً / لغير مَنْ وَقْصَتُه شَيْهَمُ
وهو إذا هزَّ قنَا كيدِهِ / شاطَ عليها البطلُ المعلِمُ
وقالت الدرعُ لمُجتابها / ما هُزَّ إلآ القدرُ المبرَمُ
وما كُلوم الدهر محذورة / ورأيُه الأعلى لها مِرَهمُ
ولو تشاءُ اصطنعت خيلُه / وليمةً يَشهدُها القَشعمُ
قد صُبغتْ بالنقع ألوانُها / فاشتبه الأشهبُ والأدهمُ
من أُسرةٍ بيت معاليهمُ / يزوره الكافرُ والمسلمُ
مستلَمُ الأركان طُوّافُهُ / بحمدهم لبَّوا كما أنعموا
شُيِّد بالإحسان بنيانُهُ / فكلُّ بيتٍ غيرَه يُهدَمُ
يزدحِم الوفدُ بأرجائه / فعامُهم أجمعه مَوسمُ
لو نحتَتْ صخرتَه آلةٌ / لاستُنبِطتْ في تُربهِ زمزمُ
يا خاتم الأجواد قَولى الذي / به الكلامُ المصطفَى يُختَمُ
بدُرِّ أوصافكِ أمددتَنى / فيه فما بالَىِ لا أنِظمُ
تحيّة النيروز مفروضة / بقدرِ ما يملِكه المعدِمُ
تُهدَى إلى مثلك في مثله ال / أشعَارُ لا الدينارُ والدرهمُ