الله في وجد وفي مأمل
الله في وجد وفي مأمل / من لي بعود الزمن الأول
قد كنت أشكو عذلي في الهوى / وها أنا أثني على عذلي
مللت عذب اللوم جهلاً به / لو كنت أدري الحب لم أملل
إن الصبا والحسن لم يبلغا / بعد بيوت الشعر من موئل
ما اولع القلب بما يجتني / وأفتن العين بما تجتلي
أهفو لسهدي ليت لي مثله / وليتني في ليلي الاليل
إذ أترك الأنجم في أفقها / شوقاً إلى نبراسي المشعل
وأحكم الكوة دون الصبا / وأوصد الباب على الشمأل
وأعتلي كرسي مستكبراً / كالملك فوق العرش إذ يعتلي
سيجارتي مشعلة في فمي / والطرس محمول على أنملي
وقهوتي أبريقها مترع / يإذا أنا أفرغته إلى مشكل
ما بين أوراق بها غضة / وبين أوراق بها ذبل
في حجرة كالقلب ضيقها / لو حملت غيري لم تحمل
تسمع مني في سكون الدجى / ما يسمع الروض من البلبل
له يطيب اللبث في عشه / ولي يطيب اللبث في منزلي
إنا اقتسمنا الليل ما بيننا / له الكرى في الليل والسهد لي
يا خلوات الوحي في تيهه / ملأت قلب الشاعر المختلي
سوانحي منك وفيك انجلت / فأنزلي الآيات لي أنزلي
يا طيفها لا ترتجع معجلا / لا تقنع الزورة من معجل
إني وحدي حجرتي مأمن / فأنس إلى صبك لا تجفل
أدن قليلاً قد أطلت النوى / جد مرة بالله لا تبخل
لو لم تكن تشتاقني نفسها / يا طيفها ما كنت بالمقبل
عيناك عيناها كذا كانتا / والوجه ذاك الوجه لم يبدل
أعرف لحظيها برغم النوى / فكم أصابا قبل ذا مقتلي
يظل قلبي خافقاً هكذا / كأنه ألقي في مرجل
جسي بهذا الكف صدري تري / ما فيه من نار جوى موغل
أظلني هم فلم أنتبه / إلا وقد أوغلت في المجهل
إن كان هذا ما دعوه الهوى / فمثل هذا الليل لا ينجلي
يا مهجتي يا جلدي يا صبا / إن لم أمت وجداً فلا بد لي