المجموع : 18
أُنْظُرْ إِلَى هَذَا المُحَيَّا الَّذِي
أُنْظُرْ إِلَى هَذَا المُحَيَّا الَّذِي / يُجْلَى بِهِ لِلنَّاظِرِينَ الكَمَالْ
وَاشْكُرْ لِرَبِّ الفنِّ إِبْدَاعَهُ / مَا شَاءَ فِي تَصْويرِ هَذَا الجَمَالْ
أَمِيرَةٌ مَا مِنْ مَثِيلٍ لَهَا / فِي النُّبْلِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ المِثَالْ
إفْتَتِحُوا النَّادِي أَوِ اقْفِلُوا
إفْتَتِحُوا النَّادِي أَوِ اقْفِلُوا / سَيكْثُرُ القُوْل وَلَنْ تَفْعَلُوا
بي وَجَلٌ مِما سَتَأْتُونَهْ / وَرُبَّمَا أَخْطَأَ مَنْ يُوجِلُ
إِنِّي لأَخْشَى فَشَلاً فَاضحاً / فَكَذِّبُوا ظَنِّي وَلاَ تَفْشَلُوا
أَشْكُرُ لِلأْسْتَاذِ مَا جَادَنِي
أَشْكُرُ لِلأْسْتَاذِ مَا جَادَنِي / بِهِ مِنَ القَوْلِ الرَّقِيقِ الجَّمِيلِ
بُورِكَ فِي أَيَّامِهِ وَلْيَكُنْ / مَنَارَةَ الشَّرْقِ لِدَهْرٍ الطَّوِيلِ
أَمَجْدُكَ الضَّخْمُ البَعِيدُ المَدَى
أَمَجْدُكَ الضَّخْمُ البَعِيدُ المَدَى / مُجْتَمِعٌ في جِسْمِهِ النَّاحِلِ
وَزَنْتَ خَمْسِينَ وَلِي مِثْلُهَا / مِنْ مُنْصِفٍ حَقِّكَ مِنْ بَاطِلي
لَكِنْ تَعَادَلْنَا بِمِيزَانِنَا / وَلَمْ نُعَادِلْ فَخْذَي كَامِلِ
تُعْجِبُنِي رُؤَيةُ حُولِيِّكُمْ
تُعْجِبُنِي رُؤَيةُ حُولِيِّكُمْ / وَقَدْ تَمَطَّى جَاثِماً كَالجَمَلِ
أَلقَى بِشَدْقٍ خَافِضاً رَأْسَهُ / وَالدِّيكُ مِنْ خَلْفِ عَلِيُّ الكَفَلِ
يَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا دَاعِياً / طَابَ بِأَكْلِي مَهْجَةُ مِنْ أَكَلِ
وَرُبَّ حُوبٌ عَامَ فِي مَنْهَلٍ / مِنْ ذَوْبِ دُهْنٍ لَذِمْنَهُ النَّهَلِ
ذُ مَزَّةٍ خُطَّتْ عَلَى حَرْفِهِ / وَعَنْ مَعَانِي لَفْظِهَا لاَ تَسَلِ
يَرْنُو إِلَى السُّلْطَانِ فِي جَنْبِهِ / وَقَدْ زَهَتْ بِالحُسْنِ مِنْهُ الحُلَلِ
وَلِلْبَرَاغِيتِ بِأَمْعَائِنَا / قَرْصَةُ جُوعٍ مِثْلِ طَعْنِ الأَسَل
وَالبَطْرَخُ المَضْرُوبُ فِي زَيْتِهِ / قَدْ لاَنَ وَابْيَضَّ كَشَمْعِ العَسَل
وَكَمْ وَكَمْ لوْناً مَضَى عَهْدُهُ / وَطَعْمُهُ فِي ذَوْقِنَا لَمْ يَزَلِ
مَائِدَةٌ فَيْحَاءٌ أَصْنَافُهَا / عِشْرُونَ إِنْ عُدَّتْ وَلَيْستْ أَقَلِ
قُمْنَا حَوَالَيْهَا وَمَا خِلْتَنَا / إِلاَّ جَرَاداً فَي خَصِيبٍ نَزَلِ
مَا شِئْتَ حَدِّثْ عَنْ قِرَى حَاتَمٍ / وَلاَ تَصُنْ مَدَحَكَ فِيمَا بُذَلِ
صَفَرَاءُ مِنْ فَالُوذَجِ البُرْتُقَالْ
صَفَرَاءُ مِنْ فَالُوذَجِ البُرْتُقَالْ / مَقْدُودَةً فِي الكُوبِ قدِّ الهِلاَلْ
تَرْتَجُّ فِي مَوْضِعِهَا عَنْ دَلاَلْ /
ذَلِكَ قَطْرٌ مِنْ نَدًى حُلِّيَا / حَبَسْتِ فِيهِ مِنْ عصِيِّ الضِّيَا
مَسْحَةَ شَمْسٍ آذَنَتْ بِالزَّوَالْ /
أَلطِّيبُ مِنْ أَلْطَفِ مَا يُسْتَطَابْ / والشَّكْلُ زَاه كَالعَقِيقِ المُذَابْ
وَالطَّعْمُ حُلْوٌ فِيهِ سِحْرٌ حَلاَلْ /
فَيَا يَداً تَصْنَعُ هَذَا العجَبْ / سُلاَفَةٌ فِي عَنْبِرٍ فِي ضَرَبْ
سَلِمْتِ لِلذَّوْقِ مَعاً وَالكَمَالْ /
قَالُوا لَنَا فِي جَنَّةٍ كَوْثَرُ / لَكِنَّهُمْ فِي وَعْدِهِمْ أَخَّرُوا
فَقَدّمِي فَالُوذَجَ البُرْتُقَالُ /
عَادَتْ إِلى مَنْزِلِهَا فِي الْعُلَى
عَادَتْ إِلى مَنْزِلِهَا فِي الْعُلَى / تَأْبَى الثُّرَيَّا منْزِلاَ
إِنْسِيَّةٌ مِنْ مَلِكَاتِ النَّدَى / كَانَتْ مِثَالَ الرَّحْمَةِ الأمْثَلاَ
أَخْلاَقُها مَن شَاءَ تَعْدَادَهَا / عَدَّ المُرُوءَاتِ بِهَا أَوَّلاَ
آدَابُها كَالنَّسَمَاتِ الَّتِي / تُحْيِي وَتُهْدِي عَبَقاً مُثَمِلا
أَلْفَاظُهَا كَالدرِّ أَوْ دُونَها / مَوَاقِعُ الدُّرِّ إِذَا سُلْسِلاَ
تَقُولُ مَا يَحْسُنُ لاَ غَيْرُهُ / تَعْمَلُ ما يَجْمُلُ أَنْ يُعْمَلاَ
إِنْ حَدَّثَتْ أَرْوَتْ ظِمَاءَ النُّهَى / مِنْ مَنْهَلٍ يَا طِيبَهُ مَنْهَلا
إِنْ بَسَطَتْ لِلْبَذْلِ كَفّاً فَقَدْ / رَأَيْتَ ثَمَّ المُعْجِبَ المُذْهِلاَ
أُنمُلَهُ مِنْ فِضَّةٍ فُجِّرَتْ / عَنْ بَرْقِ نَوْءٍ فَجَرَتْ جَدْوَلاَ
مَا كَانَ أَهْدَاهَا فؤَاداً إِلى / مَصْلَحَةِ النَّاسِ وَمَا أَمْيَلاَ
لَمْ تَلْتَمِسْ يَوْماً لَهَا شِهْرَةً / كَلاَّ وَلَمْ تَهْمُمْ بِأَنْ تَفْعَلاَ
بِرَغْمِهَا أَنْ نَوَّهُوا بِاسْمِهَا / وَرَجَّعُوا أَصْدَاءَهُ فِي المَلاَ
لَكِنَّهَا تؤْثِرُ فِي بِرِّهَا / أَدْوَمَهُ نَفْعاً أَوِ الأَشمَلاَ
أُنْظُرْ إِلى الصَّرْحِ الَّذِي شَيَّدَتْ / لِلْعِلْمِ قَدْ أَوْشَكَ أَنْ يَكْمُلاَ
أَحْوَجَ مَا كُنَّا يَدَاً مُسْعِد / بَيتٌ يَقِي الأُمَّةَ أَنْ تَجْهَلا
وَخَيْرُ مَا تَبْنِي يَدَا مُسْعِد / بَيتٌ يَقِي الأُمَّةَ أَنْ تَجْهَلاَ
مَا كَانَ لِلْبِرِّ بِهَا مَأْمل / إِلاَّ أَتَتْ مَا جَاوَزَ المَأْملاَ
فَكَيْفَ لَمْ يَرْفُقْ عَلَيْهَا الضَّنَى / حَتَّى تَمَنَّتْ لَوْ شَفَاهَا الْبِلَى
عَانَتْ مِنْ الأسْقَامِ مَا لَمْ يَكُنْ / مِنْ قَبْلُ عَانَاهُ امْرُوءٌ مُبْتَلَى
لَكِنَّ حُبَّ الأُمِّ أَبْنَاءَهَا / بِهَا إِلى أَسْمَى ذُرَاهُ عَلاَ
هَوىً وَنَاهِيكَ بِهِ مِنْ هَوىً / وَكَانَ لَهَا عَنْ نَفْسِهَا مَشْغَلاَ
حَمَّلَهَا مِنْ ثِقَلِ الْعَيْشِ فِي / تَجَلُّدِ مَا عَزَّ أَنْ يُحْمَلاَ
بِلَفْظَةٍ أَوْ لَحْظَةٍ مِنْهُم / تَقْبَلُ مَا مَرَّ كَمَا لَوْ حَلاَ
وَلَوْ فدَاهُمْ مَا بِهَا أَرْخَصَتْ / دُونَهُمُ مِن عَيشِهَا مَا غلا
أَلَمْ يَكُنْ أَوْحَدَهَا مُنْتَهَى / أُمْنِيةِ النَّاجِلِ أَنْ يَنْجُلاَ
فَتّى عَلَى زَيْغِ الصِّبَا لَمْ يَكَدْ / يَنْهَجُ إِلاَّ المَنْهَجَ الأعْدَلاَ
فِي حَلْبَةِ الفَخْرِ جَرَى سَابِقاً / إِلاَّ إِذَا جَارَى أَبَاهُ تَلاَ
ظُلِمْتِ فِي دُنْيَاكِ فَانْجِي وَفِي / عَدْنٍ تَلَقَّى عِوَضاً أَعْدَلاَ
تَيَمَّمِي شَطْرَ سَلِيمٍ فَقَدْ / آنَ لِعِقْدٍ بُتَّ أَنْ يُوصَلاَ
وَحَانَ أَنْ يُشْفَى المُحِبَّانِ مِن / شَوْقٍ بِهِ قَلْبَاهُمَا أَشْعِلا
قُولِي لَهُ إِنَّا عَلَى عَهْدِهِ / كَأَنَّ عَهْداً خَالِياً مَا خَلاَ
وَإِنَّ ذِكْرَاهُ وَزِيدَتْ بِمَا / جَدَّدْتِ لَنْ تُنْسَى وَلَن تَخْمُلاَ
سَقَاكُمَا العَفْوُ نَدًى كَالَّذِي / أَغْدَقْهُمَا دَهْراً وَلَمْ تَبْخَلا
عَلِيُّ تَرْعَاكَ عُيُونُ العَلِي
عَلِيُّ تَرْعَاكَ عُيُونُ العَلِي / أَنْتَ رَجَاءُ الزَّمَنِ المُقْبِلِ
مَا يَبْلُغُ الإِطْرَاءُ مِنْ سَيِّدٍ / فَوْقَ الثُّرَيَّا قَدْرُهُ مُعْتَلِي
قَدْ أَمَّنَ المُلْكُ عَلَى عَهْدِهِ / بِأْنِجبِ الأبْنَاءِ وَالأفْضَل
بِأَرْبَطِ الإقْيَالِ فِي المُلْتَقَى / جَاْشَاً وَبِالإفَصَحِ فِي المَحْفِلِ
حُرُّ السَّجَايَا زَانَهُ رَبَّهُ / فِي خُلْقِهِ بِالخُلُقِ الأمْثَلِ
أَيُّ مَقَامٍ لِلنَّدَى وَالهُدى / لَيْسَ عَلِيٌّ فِيهِ بِالأوَّلِ
مُعْتَصِمٌ بِالخَيْرِ مَا اسْطَاعَهُ / وَلَيْسَ لِلشَّرِّ بِمُسْتَنْزِلِ
بَادِي انْتِسَابٍ بِسُمُوِّ الحِجَى / إِلى نَبِيِّ العَرَبِ المُرْسَل
إِنْ وَأَلَ القَوْمُ فَمِنْ بَأْسِهِ / يَأْوَوْنَ فِي الضَّيْمِ إِلَى مُؤْئِلِ
لاَ يَأْتَلِي عَنْ سَعْيِه لِلْعُلَى / وَلَوْ شَاءَ كَيْوَانَ لَمْ يَأْتَلِ
أَكْرِمْ بِهِ فِي السِّلْمِ مِنْ ذِي يَدٍ / تَصُوبُ صَوبَ العَارِضِ المُسْبَلِ
أَعْظِمْ بِهِ فِي الحَرْبِ مِنْ قائِدٍ / يَفْتُكُ بِالرَّأْيِ وَبِالمُنْصَل
إِذَا مَشَى بِالجَيْشِ صَوْبَ العِدَى / فَقَدْ مَشَى جَيْشَانِ فِي جَحْفَلِ
فَيَا وَلِيَّ العَهْدِ فِي دَوْلَة / مَكْلُؤَةٍ بِالمُصْحَفِ المُنْزَلِ
عَلِيٌّ يَا زَيْنَ شَبَابِ الحِمَى
عَلِيٌّ يَا زَيْنَ شَبَابِ الحِمَى / بُلِّغْت مَأْمُولاً فَمَأْمُولاُ
أَوْجُ المَعَالِي أَقْسَمَ أَنْ تَكُنْ / بَدْءاً مُنِحْتَ الرُّتْبَةَ الأُولَى
فَوْقَ الكَلاَمِ العَمَلْ
فَوْقَ الكَلاَمِ العَمَلْ / بِهِ نَجَاحُ الأَمَلْ
أَيُّهُمَا مُفْلِحٌ / مَنْ قَالَ أَمْ مَنْ فَعَلْ
قَبْلَ الشَّرُوعِ أَتَّئِدْ / ذَاكَ أَوَانُ المَهَلْ
فَالخَيْرُ فِي السَّيْرِ عَنْ / رَوِيَّةٍ لا عَجَلْ
وَبَعْدُ أَقْدِمْ بِلاَ / تَرَدُّدٍ أَوْ وَجَلْ
فَإِنْ تُصَمِّمْ وَلَمْ / تُحْجِمْ فَأَنْتَ البَطَلْ
فِنْجَانَةٌ أَبْرَزَ فِي صُنْعِهَا
فِنْجَانَةٌ أَبْرَزَ فِي صُنْعِهَا / دِهْقَانُهَا فَنَّاً بدِيعَ المِثَالِ
كَانَ حَرَاماً كَسْرُهَا وَهْيَ لَمْ / تَحْمِلُ مِنْ القَهْوَةِ إِلاَّ الحَلاَلِ
لَكِنَّهُ إِنْ سَاءَنَا خَطْبُهَا / قَدْ سَرَّنَا مَا فِيهِ مِنْ لُطْفٍ فَال
رَاحَتْ فِدَى خِدْنِ النَّدَى مُصْطَفَى / آلِ الرِّفَاعِيِّ وَهُمْ خَيْرَ آلِ
قُلِّدْتِ بِالْحَقِّ وَشَاحَ الكَمَالْ
قُلِّدْتِ بِالْحَقِّ وَشَاحَ الكَمَالْ / ذَاكَ هُوَ الرَّمْزُ وَأَنْتِ المِثَالْ
فِي صُورَةٍ لَمَّاحَةٍ شَرَّفَتْ / يَد الْعلَى فِيهَا الحِجَى وَالجَمَالْ
فَارْوقُنَا بُورِكَ فِي عُمْرِهِ / دَبَّرَ مُلْكاً وَالصِّبَا فِي إِقْتِبَالْ
وَأَحْكَمَ الرَّأْيَ فَمَا حِكْمُهُ / إِلاَّ فِعَالٌ أَعْقَبَتُهَا فِعَالْ
سُبْحَانَ مَنْ أَعْطَاهُ تِلْكَ النَّهَى / سُبْحَانَ مَنْ أَعْطَاهُ تِلْكَ الخِصَالْ
لاَ بِدْعَ أَنْ تَبْلُغَ فِي عَهْدِهِ / أُمَّتُهُ مَرْتَبَةً لاَ تُنَالْ
لَمْ يَدَّخِرْ وَسعاً لإِنْهَاضِهَا / وَحَيثُما أَلقَى عِثاراً أَقَالْ
أَلْعَدْلُ فِي تَصْريفِهِ شامَلٌ / وَالفَضْلُ مَبْذَولٌ بِغَيْرِ إِبْتِذَالْ
يُهْنِئْكِ الإنْعَام مِنْ عَاهِلٍ / يُقَدِّرُ بِالإِنْعَامِ قَدْرَ الفِعَالْ
يَا كَوْكَبَ القُطْبَ وَنُورَ الهُدَى / لِقَوْمِهَا وَالعَصْرُ عَصْرُ إِنْتِقَال
أَدْرَكْتِ فِي المَجْدِ وَلَمْ تَقْصُرِي / حَقِيقَةً يَقْصِرُ عَنْهَا الخَيَالْ
أَلْعِلْمُ وَالفَنُّ وَمَا وَلَّدَا / قَوَّمْتِ مِنْهَا كُلَّ غَالٍ وَعَالْ
وَمَا يَفِيدُ النَّاسَ يَسَّرْتِهِ / لِرَفْعِ شَأْنٍ أَوْ لإِصْلاَحِ حَالْ
لَمْ أَرَ أَمْضَى مِنْكِ عَزْماً وَإِنْ / عَزَّ الَّذِي رُمْتِ وَشُقَّ المَجَالْ
كَوَاهِلٌ مَحْمُولُهُنْ الحِلَى / حَمَلْنَ أَعْبَاءَ الهُمُومِ الثِّقَالْ
وَأَنْمُلاَتٌ بِضَّةٌ تَبْتَنِي / لِمِصْرَ ذُخْراً وَالمَبَانِي جِبَالْ
مِنْ لَيْسَ مِنْ حَوِّيائِهِ مُنْفَقاً / فَلَيْسَ كُلُّ الأمْرِ إِنْفَاقَ مَال
تَشْقَيْنَ لِلتَّرْفِيهِ عَمْنْ شَقَوا / مَا كَانَ أَحْرَاكِ بِعَيْشِ الدَّلالْ
شَتَّى مُبرَّاتُكِ تُقْضَى بِهَا / حَوَائِجُ الحَالِ وَيُرْعَى المَالْ
مِمْا بِهِ يُسْتَثْمَرٌ العَقْلُ أَوْ / تُهَيَأُ الأَيْدِي لِكَسْبٍ حَلاَلْ
أَوْ تُصْلَحُ الأُسْرَةُ فِي وُلْدِهَا / لِيَنْشَأ النِّشْءُ قَوِيمَ الخِلاَلْ
صَنَعْتِ لِلشَّعْبِ يلبي وَمَا / يَدْعُو وَيَقْضِي السُّؤَالَ قَبْلَ السُّؤَالْ
فَالشَّعْبُ بِالإِجْمَاعِ يُثْنِي وَإِنْ / لَمْ يَكْفِهِ فِي الشُّكْرِ قَوْلٌ يُقَالُ
يَا ذَاتَ قَدْرٍ كُلُّ مَنْ فِي الحِمَى / يَجُلهُ يَرْعَاكِ رَبَّ الحَلاَلْ
دُومِي عَلَى رَأْسِ الرُّقِيَّ الَّذِي / أَوْتَيْتِيهِ وَهْوَ بَعِيدُ المُنَالْ
خَالِدَةٌ فِي مِصْرَ آثَارُهُ / نِسَاؤُهَا تَحْمِدُهُ وَالرِّجَالْ
قَدْ سُرًّ لُبْنَانُ بِأنُ زُرْتَهُ
قَدْ سُرًّ لُبْنَانُ بِأنُ زُرْتَهُ / لَكِنْ شَجَاهُ نَأْيُكَ العَاجِلُ
عَلَّ الَّذِي فِي عَامِهِ فَاتَهْ / يُعِيضُ مِنْهُ عَامُهُ القَابِلُ
الرَّبْعُ إِنْ أَوْحَشْتَهُ مُقْفِرٌ / وَالرَّبْعُ إِنْ آنَسْتَهُ آهِلُ
يَا حُلْيَةً قَلَّدَهَا عَصْرُهَا / وَجِيدُهُ مِنْ قَبْلِها عَاطِلُ
يَا نِعْمَةً عُلُويِّةً طَيبُهَا / عَرْفا وَعَرُفا سَابِغُ شَامِلُ
يَا لَمْحَةً مِنْ نُورِ رَبِّ الهُدَى / يُحَارُ فِي أَوْصَافِهَا القَائِلُ
عُودِي فَمَا البِرُّ بِمُسْتَكْمِلِ / إِنْ لَمْ يَتِمُّ العَاجِلُ الآجِلُ
يَا لَيْلَ أَبْدَعْتَ نِظَامَ الحِلَى
يَا لَيْلَ أَبْدَعْتَ نِظَامَ الحِلَى / وَشَاقَنَا نَثْرُكَ فَاسْتَرسِلِ
كَمْ آيَةٍ فِي نُقْطِهَا يَنْجَلِي / نَجْمُكَ وَالأَحْرُفُ لاَ تَنْجَلِي
لَوْ أُدْرِكَ المَحْجُوبُ فِي لَفْظِهَا / لَمْ يَخْتَلِفْ فِي المُعْجِزِ المُنْزَلِ
لَمْ يَكْفِكَ اليَوْمَ البَهَاءُ الَّذِي / يَأْلُفُهُ فِي حُسْنِكَ المُجْتَلِي
فَزِدْتَه مَا شِئْتَ مِنْ زِينَةٍ / بِمِثْلِهَا الأعْيُنُ لَمْ تُكْحَلِ
جَوَّدْتَ مَا جَوَّدْتَ تَنْسِيقَهَا / عَلَى المِثَالِ الأَبْهَجِ الأكْمَلِ
عَلَى مِثَالٍ لاَ تُوَافِي بِهِ / إِلاَّ سُعُورُ الزَّمَنِ المُقْبِلِ
يَا بِشْرَ هَذَا المَنْزِلِ المُزْدَهِي / بِالشَّمْسِ تَلْقَى البَدْرَ فِي مَنْزِلِ
بِنْتُ جَلاَ فَرْعِ النَّدَى وَالنَّهَى / طَاهِرَةُ المَوْضِعِ وَالمَحْمِلِ
سَلِيلَةُ المَرْءِ الكَبِيرِ الحِجَى / كَرِيمَةُ العَلاَّمَةِ المُفَضَّلِ
المُعْتَلِي عَنْ دَهْرِهِ قَدْرُهُ / وَفِكْرُهُ عَنْ قَدْرِهِ مُعْتَلِي
الثَّاقِبُ الرَّأْيَ الَّذْي نُوُرُهُ / فَازَ بِفَانُوسٍ عَلَى المِشْعَل
زَُّتْ إِلَى أَكْفَإ كُفُؤٍ لَهَا / إِلَى الخَطِيبِ الأنْبَهِ الأمْثَلِ
زُفَّتْ إِلَى فَهْمِي وَنِعْمَ الفَتَى / إِنْ يُعْقَدِ الأَمْرَ وَإِنْ يُحْلَلِ
ذَاكَ الَّذِي يَرْقَى بِهِ عَزْمُهُ / مِنْ مَعْقِلٍ عَالٍ إِلى مَعْقِلِ
ذَاكَ الَّذِي يَلْبَسُ آدَابَهُ / مِنَ الطِّرَازِ المُعْلَمِ الأوَّلِ
ذَاكَ الَّذِي تُعَذُبُ أَخْلاقُهُ / حَتَّى لَقَدْ تُغْنِي عَنِ المَنْهَل
مِنَ آلِ وِيصَا وَكَفَى بِاسْمِهِمْ / مَدْحاً لَهُمْ مَهْمَا يُعَدُّ يُجْمَلِ
مِنَ الأَمَاجِدِ الأُلَى وُدُّهُمْ / ثَبُتَ بِرَغْمِ الزَّمَنِ الحُوُّلِ
مِنَ المَسَامِيحِ الأُلَى ذِكْرُهُمْ / يَطِيبُ طَيْبَ العَبِقِ المُثْمَلِ
مِنْ نَفَرِ الخَيْرِ الأُلَى إِنْ دَعُوا / لِلشَّرَّ كَانُوا عَنْهُ فِي مَعْزِلِ
مِنْ عُمُدِ البَيْتِ الرَّفِيعِ الَّذِي / يُصَاعِدُ الشَّهْبَ وَلاَ يَأْتَلِي
بَيْتَ كَمَا شَاءَ النَّدَى شَادَهُ / يَأْوِي النُّهَى مِنْهُ إِلى مَوْئِلِ
يَهْنِيكَ يَا فَهْمِي قِرَانٌ بِهِ / تَقَاطَرَتْ مِصْرُ إِلى مَحْفِلِ
بَحْرِيُّهَا خَفَّ لِقِبْلَتِهَا / وَخَفَّ مَاضِيَها لَمُسْتَقْبَلِ
فَرْعَوْنُ مِنْ تَارِيخِهِ رَامِقٌ / آيَاتِ عَصْرٍ بَعْدَهُ مُذْهِل
مِنْ كُلِّ مَا لَمْ يُرَ شَبْهاً لَهُ / فِي دَارِهِ قِدَماً ولَمْ يَأْمَلِ
وَأَنْتَ فِي الحَقِّ جَدِيرٌ بِمَا / أَدْرَكْتَهُ مِنْ حَظِّكَ الأَكْمَلِ
أَنْتَ جَدِيرٌ بِالَّذِي نِلْتَهُ / مِنَ الصَّفَاءِ الأوْفَرِ الأجْزَلِ
اسمع شكاتي فهي إن لم تفد
اسمع شكاتي فهي إن لم تفد / حالاً ففيها النفع مستقبلا
كان لنا مجدٌ نزلنا به / من السموات العلى منزلا
وكان لا ينكر منا إذا / قلنا غداة الفخر نحن الأولى
وكان منا كل ذي مرةٍ / إن صال فرداً كسر الجحفلا
إنا نرجى جيلكم كله / أن يتر المجد ولا يخملا
فمن دعا يومئذٍ واجد / فينا عديد الخير مستكملا
أي نجل يحيى كن إذا حققوا / آمالنا ندبهم المفضلا
بالعلم والحزم اعتضد واعتدد / لتغدو الأرشد والأمثلا
إنا معدوك ليومٍ به / تكون ذاك السيد الموئلا
في ذاك العهد وقد صرت في / أترابك الأمكن والأرجلا
تذكر الطفل الذي كنته / وحاش ذاك الخلق أن يبدلا
إذا كنت في مهدك لا تتقي / لو أن طوداً راسخاً زلزلا
ولا تراعى طاغياً قادراً / ولا تحابى بطلاً مبطلا
ولا تني السؤال بأنواعه / كما ترى العفة أن تجهلا
عظائم الدنيا تحب الفتى / في أكثر الأخلاق مستطفلا
يا متقن الخط ويا ملبساً
يا متقن الخط ويا ملبساً / منه بديعات المعاني حلى
ومرخصاً في سوق تعليمه / من دره المنظوم ما قد غلا
أدركت سر اليد فيه إلى / أن صرت في أحكامه الفيصلا
تظهر منه الزور حيث اختفى / وتستبين الغامض المعضلا
الخط للعلم إناء صفا / به لآيات النهى مجتلى
أجزت فيه بالوسم الذي / دل على شبقك بين الملا
من شاء فليجر بمضماره / ما زالت في مضماره أولا
تعجبني رؤية حوليكم
تعجبني رؤية حوليكم / وقد تمطى جثماً كالجمل
هيكله في شحمه غارقٌ / واللحم في تفصيله بالجمل
ألقى بشدق خافضاً رأسه / والديك من خلف على الكفل
يقول كل منهما داعياً / طاب بأكلي مهجة من أكل
ورب حوت عام في منهل / من ذوب دهن لذ منه النهل
ذو مزة خطت على حرفه / وعن معاني لفظها لا تسل
يرنو إلى البربون في جنبه / وقد زهت بالحسن منه الحلل
وللبراغيث بأمعائنا / قرصة جوع مثل طعن الأسل
والبطرخ المضروب في زيته / قد لان وأبيض كشمع العسل
وكم وكم لوناً مضى عهده / وطعمه في ذوقنا لم يزل
مائدة فيحاء أصنافها / خمسون إن عدت وليست أقل
قمنا حواليها فما خلتنا / إلا جراداً ف خصيب نزل
ما شئت حدث عن حبيب الندى / ولا تصن مدحك فيما بذل
يا ليل أبدعت نظام الحلى
يا ليل أبدعت نظام الحلى / وشاقنا نثرك فاسترسل
كم آيةٌ في نقطها ينجلي / نجمك والأحرف لا تنجلي
لو أدرك المحبوب من نقطها / لم يختلف في المعجز المنزل
لم يكفك اليوم الرواء الذي / يألفه في حسنك المجتلي
فزدته ما شئت من زينةٍ / بمثلها الأعين لم تكحل
جودت ما جودت تنسيقها / على المثال الأبهج الأجمل
على مثالٍ لا توافي به / إلا سعود الزمن المقبل
يا بشر هذا المنزل المزدهي / بالشمس تلقى البدر في منزل
نبتٌ جلا فرع الندى والبهى / طاهرة الموضع والمحمل
سليلة المرء الكبير الحمى / كريمة العلامة الأفضل
الثاقب الرأي الذي نوره / فاز بفانوس على المشعل
المعتلي عن دهره قدره / وفكره عن قدره معتل
زفت إلى فهمي ونعم الفتى / أن يعقد المر وأن يحلل
ذاك الذي يرقى به عزمه / من معقلٍ عالٍ إلى معقل
ذاك الذي يلبس آدابه / من الطراز المعلم الأول
ذاك الذي تعذب أخلاقه / حتى لقد تغنى عن المنهل
من عمد البيت الرفيع الذي / يصاعد الشهب ولا يأتلي
بيت كما شاء الهدى شاده / يأوي الندى منه إلى موئل
يهنيك يا فهمي قران به / تقاطرت مصر إلى محفل
بحريها خف لقبليها / وخف ماضيها لمستقبل
فرعون من تاريخه رامقٌ / آيات عصرٍ بعده مذهل
من كل ما لم ير شبهاً له / في داره قدماً ولم يأمل
فاليوم في بيتك مصر وما / مصر سوى العهدين أن تجمل
وأنت بالحق جديرٌ بما / أدركته من جاهك الأكمل
أنت جيردٌ بالذي نلته / من الهناء الأوفر الأجزل