المجموع : 6
العلمُ بالأحكام لا يظهر
العلمُ بالأحكام لا يظهر / إلا على ألسنة الرسْلِ
والعلمُ بالآياتِ لا ينجلي / إلا لمن يمشي على السبل
فاحذر إذا شاهدت توحيده / شهود عينِ المثل لا الشكل
فإنه لم ينفِ إلا الذي / سميته بالشكلِ والمثلِ
فلو نفى الرتبةَ لم يتخذ / خليفةً في عالم السفلِ
والله قد عيّن نوّابه / في نشأةٍ قامتْ من الثقل
لم يقبل الروحَ له صورة / مجرَّداً عن نسبة الأصل
ألا ترى كيف نهى عبدَه / عن البترا وهي في النفل
وقدَّم الشفع على وتره / في سُورةِ الفجر إلى الليلِ
لأنه يقصدُ إنتاجها / في عالم التفصيل والوصلِ
لا يعرفُ الفضلَ على وجهه / إلا الذي يعطي من الفضل
ينقص ذو الإيثار في بذلِه / عن منزلِ الأفضالِ والفضل
الأصل قد يثبتُه فرعُه
الأصل قد يثبتُه فرعُه / والفرعُ لا يثبته الأصلُ
الأصلُ لا أصل له فاعتبر / قدر الذي ليس له أصلُ
الفرعُ قد يرجع في علمنا / أصلاً لا ينكره العقل
كعلمنا بالله من علمنا / بنا كما عيَّنه النقل
حتى يرى حَمدي له مطلقاً / ليس له جنسٌ ولا فصلُ
نادانيَ الحقُّ بقرآنه / يا فاعلاً ليس له فعل
فقلتُ لبيك كذا علمنا / فالأمر من بعدِ ومن قبل
لله مولانا ولكنْ بنا / دقيقةٌ جاء بها الفضل
لكلِّ ذي كشفٍ وذي فطنةٍ / خَصَّصها جوداً بها البذلُ
ما دمية أنشأها قالبي
ما دمية أنشأها قالبي / في قلبه يعبدها عذلي
فيها وفيهم مثلها غير أن / قد جهلوا ما هو معلوم لي
إن أنصف العقلُ رآها وقد / ألحقت المدبر بالمقبل
في كل حال عندها صورة / يشهدها العالي إذا يعتلى
كاملة في ذاتها مثل ما / يشهدها السافل في الأسفل
تبارك الله الذي لم يزل
تبارك الله الذي لم يزل / بما به متصفاً في الأزل
سبحانه من واحدٍ ما له / قد عز في سلطانه ثم جَل
أنكرتِ الألباب بعضَ الذي / جاءت به آياته والرسُل
وسلمته بعد ما أوّلت / ظاهره من خبرِ أو مثل
إن الذي أعطاه برهانها / لما بها من زيغٍ أو من علل
في قلبها كذا أتى وحيه / في ذكره من كلِّ خَطب جلل
ما استغنتِ الذاتُ التي برهنت / عن عَرض قام بها أو محل
إلا عن العالم من كونه / دليلُ كونِ حكمه لم يزل
وإنه إنْ لم يكن قائلاً / لم يكن الكونُ به واضمحل
فالأمر لا شكَّ على ما ترى / في عينه حكمةُ أهلِ الدول
ما أحسن العلمَ لمن يعمل
ما أحسن العلمَ لمن يعمل / وأقبحَ الجهلَ بمن يجهلُ
إنَّ الإله الحقّ في فعله / قد يمهلُ العبدَ ولا يهمل
ويحرصُ العبدُ على فعل ما / ينفعه وقتاً وقد يكلُ
لأنه ينصر في فعله / ثم يرى في تركه يخذل
يا ليت شعري هل أرى من فتى / يبحث عما فيه أو يسألُ
حتى يرى من نفسه ربه / سبحانه يفعلُ ما يفعل
ويبصر الأكوان هل هي هو / لمثل هذا إخوتي فاعملوا
لأنه المطلوب منكم فلا / تفرطوا فيه ولا تهملوا
سألت قوما أهملوا أمرنا / فقال لي خاذلهم امهلوا
لا يُنسَبُ الفعل لغيرِ الذي / قيل لكم فإنه أجمل
كما أتى فيمن نسى آية / بأنه نسي ولا يعقل
إذا دنت للوقت ريحانةٌ / يشمها الأمثل فالأمثل
ولا يحصلُ الشخص على حكمه / فيه به علما وقد يحصل
مثلي فإني عالمُ أمره / فيّ وفي غيري فلا أجهل
من صانه يجهل أسراره / فلا تصونوه فما يجهل
الأمر مكشوف لعين الذي / يعرفه لكنه يسدل
عليه ستراً لصورٍ من غيرةٍ / فلا تقل بأنه يبخل
حاشاهمُ من بخلٍ يُنسَبُ / إليهم فإنهم كمل
آثارهم في الكون محجوبة / عنهم وهذا حدُّه الفيصل
ما بينهم وبين معبودهم / يدري به الأعلم والأفضل
فهم كمن تظهر أفعاله / بخاصة منه ولا يعقل
العلم بالرحمن لا يجهل
العلم بالرحمن لا يجهل / وهو على الجهل به يحملُ
فالجهلُ بالرحمن علم به / عليه أرباب النهى عوَّلوا
قد قال لا أحصي الذي قال لي / لأنه من عنده مرسل
وقال صديق به عجزه / درك له كذا روى الأوّل
وقال بسطامينا إنه / دعا عباد الله أن ينزلوا
إليه من حضرة أكوانهم / فأعرضوا عنه ولم يقبلوا
فعندما جاء إلى ربه / الفاهمُ ضمهمُ المنزل
من حارب الألباب في وصفه / فإنها عن دركه تسفل
الله لا يعرفه غيره / وما هنا غير فلا تغفلوا
فكلُّ عقدٍ فيه من خلقه / فثابت فيه ولو زلزلوا
فإنه أوسع من علمهم / بعلمه فيه فلم يحصلوا
إلا على القدر الذي هم به / فاجمل المر الذي فصَّلوا
فلا يحيطون به قال لي / علماً سوى القدر الذي حصلوا
وهو على التحقيق علم به / لكنه عن علمه أنزل
لذاك قلنا عند علمي به / سبحان من يعلم إذ يجهل
ما علم الخلق سوى ربهم / ومنهم المدبر والمقبل
إنعامه عمَّ فلم يقتصر / لأنه المنعم والمفضل
ولا تقل كقولهم في الذي / يشقى فإنَّ القوم قد عجَّلوا
لو نظروا بربهم أنصفوا / وتابعوا الحق فلم يعدلوا