القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مِهْيار الدَّيْلمِي الكل
المجموع : 4
دمعي وإن كان دماً سائلا
دمعي وإن كان دماً سائلا / فما أسوم الديَةَ القاتلا
من حكمَّ الألحاظَ في قلبه / دلَّ على مقتله النابلا
بعثتُ طرفي بمِنىً قانصاً / وكان في كفَّته حابلا
سل نافثَ السحر بنجدٍ متى / حُوّل نجدٌ بعدنا بابلا
ونادِ لمياء سهرنا لها ال / ليلَ فلم نُحرزْ به طائلا
دَيْني على فيك فلا تقنعي / وهو مليءٌ أن يُرَى ماطلا
اِستعجلَ النفْرُ المطايا فهل / من موعدٍ ننظره آجلا
لو جُمع الرأيُ بجَمع لنا / لم نُزجِ من يَعملةٍ ناحلا
أو كان في الركب الحسينُ انبرت / كفَّاه أو علّمك النائلا
لبَّى بنو عبد الرحيم الندى ال / داعي وحلّوا ربعه الماحلا
واعتلقوا المجدَ بأعنانه / حيث يَحُطُّ النسبُ الخاملا
تمسى حقوقُ الجود في وفرهم / تأخذ منه الحقَّ والباطلا
لا تعرف الجائرَ أحكامُهم / ومالُهم لا يعرف العادلا
حامون من ذابلِ أقلامهم / بما يفوت الأسلَ الذابلا
وخلَّفوا مجدهمُ لابنهم / فقلّدوه الراعيَ الكافلا
كالسيف يحلو سِلمُه حالياً / زيناً ويُرضِي حربَه عاطلا
سهلٌ إذا ما فغرتْ أزمةٌ / يأكل منها الراكبُ الراجلا
صاحَ على ظلمائها مُوقداً / لله من يَنشُد لي سائلا
أنحلَه المجدُ وقِدْما جنىال / رأيُ السمينُ البدنَ الناحلا
لِيمَ على البذل فلما أبى ال / سحابُ إلا أن يُرى باذلا
وافقه في الجود عُذَّالُه / من جَمعَ العاشقَ والعاذلا
إذا غلا في القول سُوّامُه / جرَّبتَ منه القائلَ الفاعلا
والخُلُقَ الفضفاضَ لا ناشزاً / في جانب العُجبِ ولا خائلا
إذا السجايا خضنَ لؤماً نجا / مطهَّراً من عارها ناصلا
جاد عليك الشعرُ شؤبوبَهُ / مصطفياً مدحَك أو ناخلا
إن حَلّ أجرىَ مثلاً سائراً / أو سار بقَّى طللاً ماثلا
فَرداً بحكم الحسنِ لكن تَرى / حولَك منه نادياً حافلا
ما استُلِمَ الركنُ وما أصبح ال / حطيمُ من وفد مِنىً آهلا
وساقها يملأ أنساعها / مُهدٍ رجا اللهَ لها قابلا
كوماء معْ شدّةٍ تُصيرها / مُجذعة أو قارحاً بازلا
تنجزني فيك المنى وعدها / إذا اقتضى أبناؤها ماطلا
يا دار بين شَرافَ فالنخلِ
يا دار بين شَرافَ فالنخلِ / درّت عليكِ حلائبُ الوبلِ
وتلطّفت بك كلُّ غاديةٍ / وطفاءَ تُنهض عثرةَ المَحْلِ
تُحيِي إذا طفق الغمام على / عافي الطلول بكرِّه يُبلي
رعياً لما أسلفتِ من زمنٍ / سمحِ الخليقة غافلٍ سهلِ
لا يهتدي هُجْرٌ إلى أذنٍ / فيه ولا هَجرٌ إلى وصلِ
أيامَ عقدُكِ عُقْلُ راحلتي / طرباً وأهلكِ عزّةً أهلي
ورباكِ ملعب كلّ آنسةٍ / حَمت الصِّبا لعفافها الكهلِ
تغشى كثيبَ الرمل جِلستُها / بمهيَّل متفاوتِ الثِّقلِ
ترمى المقاتلَ لا تُقادُ بها / عن مقلةٍ موقوفةِ القتلِ
مرهاءَ ما وهبت مَراودَها / وبحُقِّها فقرٌ إلى الكُحْلِ
تعنو الأسودُ لها فإن صدقت / خفقَتْ خصائلُها من الظّلِّ
كان الشبابُ أخا مودّتِها / فرُميتُ في الأخوين بالثُّكلِ
نفرتْ ظباءُ العزلِ شاردةً / فأتى الشبابَ الشّيْبُ بالعزْلِ
فاليومُ لا يدرِي البكاءُ على / شَعْري يُفيض الدمْعَ أم شَملي
يا قاتَل اللهُ الصِّبا سَكَراً / لو أنّ دولة سُكرِه تُملي
قالوا صحوتَ من الجنونِ به / من ردَّ جِنّتَه على عقلي
نُفضتْ من البيض الحسانِ يدي / وارتدَّ عنها ناصلاً حبلي
وسعَى بِيَ الواشي وكان وما / يسطيعني بيدٍ ولا رِجلِ
فكأنهنّ بما أذِنَّ له / يَلبسن أقراطا من العذلِ
أشكو إلى الأيَّام جفوتَها / شكوى يدِ العاني إلى الكَبْلِ
وأريدُها والجَورُ سنّتها / أن تستقيمَ بسيرة العدلِ
عُنُقٌ لعمرُ أبيك جامحةٌ / لم يثنها الرُّوَّاضُ من قبلي
وأبيتُ والأنباءُ طارئةٌ / بغريبةٍ سلِمتْ على النقلِ
نبّئتُ أن كلابَ مَعيبةٍ / يتعاقرون بها على أكلي
أغراهمُ أني فضلتُهُمُ / ما أولع النقصانَ بالفضلِ
يتباحثون طِلابَ عائرةٍ / عَصَدَتْ على القرطاس من نبلي
خفَّت مخالبُهم وما خدشَتْ / حدَّ الصفاةِ أكارعُ النملِ
إن عيّبوني صادقين فهم / من كلّ ما اخترصوه في حلِّ
حسدوا إبايَ وعزّتي وهمُ / نهبى الهوان وأكلةُ الذلِّ
والله أغلاني وأرخصهم / ما شاء وهو المُرخص المُغلي
لا أشرئبّ إلى بُلَهنِيَةٍ / من عيشةٍ وطريقها يُدلي
بيني وبينكِ يا مطامع ما / بين ابنِ عبد الله والبخلِ
ركب العلا فقضى السباقُ له / متعوّداً للفوز بالخَصلِ
ووفَى بنظم الملك رأيُ فتىً / طبٍّ بداء العَقدِ والحَلِّ
قطَّاع أرشية الكلام إذا / عُقِلَ اللسانُ بقوله الفصلِ
عجِلَ الرجالُ وراءه فوَنَوا / وأصاب غايتَه على مهلِ
لبسَ السيادةَ معْ تمائمهِ / وتفرّع العلياء عن أصلِ
ونَمى على أعراقِ دوحتِهِ / ورَقٌ يرفّ ومجتنىً يحلي
حظٌّ بحقّ الفضل نيل إذا / ما الحظّ كان قرابةَ الجهلِ
لأبي الحسين يدٌ إذا حُلبتْ / غدت السماء بكيَّة الرِّسْلِ
لا يُغبَط الدينارُ يحمله / وينوء بعدُ بأثقل الحِملِ
طُبعتْ من البيضاءِ غُرّتُهُ / وبنانه من طينة البذلِ
نصبَ الحقوقَ على مكارمهِ / حَكَماً يُريه الفرضَ في النفلِ
كنا نسيء الظنَّ في سِيرٍ / قُصّت عن الكرماء من قبلِ
ونفسِّق الراوين من سَرَفٍ / ونشكُّ في الأخبارِ والنَّقْلِ
حتى نجمتَ فكنتَ بيّنةً / نَصَرتْ دعاوى القولِ بالفعلِ
ولقد فضَلتَ بأنهم وهبوا / من كثرةٍ ووهبت من قُلِّ
فليهنِ كفَّك وهي خاتمةٌ / ما أحرزتْ من رتبةِ الفضلِ
أنت المعَدُّ لكلِّ مزلقةٍ / ترتاب فيها الساقُ بالرِّجلِ
قد جرّبوك أصادقاً وعداً / وبَلَوك تحتَ الخِصبِ والأزلِ
وتعرّفوا خُلُقَيْكَ من غزِلٍ / لينٍ ومن متحمِّسٍ جَزْلِ
فرأَوك امنعَهم حِمَى شرفٍ / وأشدَّهم عَقْداً على إِلِّ
وأخفَّهم سَرْجاً إلى ظَفَرٍ / متعجَّلٍ ويداً إلى نصلِ
وعلى الصليق غداةَ إذ نفرت / كفُّ الشّقاق مريرةَ الفتلِ
والحرب فاغرةٌ تَنَظَّرُ ما / تُهدِي الظُّبا لنيوبها العُصْلِ
في موقفٍ غدَرَ السلاحُ به / غدرَ القِبالِ بذمَّة النعلِ
وقد امتطى سابور غاربها / متمسكاً بمغارز الرحلِ
واسترعفتْ أيدي عشيرتِهِ / أوصالَها بالطَّرد والشلِّ
وافى فخادعَ عن طرائِدها / حتى رددن عليهِ بالخَتْلِ
فثبتَّ فاستنزلت ركبته / بيدٍ تُردِّي كلَّ مستعلِي
وجد الفرارَ أسدَّ عاقبةً / مع ذِلّةٍ من عزّة القتلِ
تتنكَّبُ النهجَ البصيرَ إلى / عافي المياهِ وميّت السُّبْلِ
وعوى ابن مروانٍ وأكلُبهُ / فُرُمُوا بمشبوحٍ أبي شِبلِ
طيّان لا يرضى لجوْعته / بسوى فريستِهِ من الأكلِ
من بعد ما افترشوا الإمارة وال / تحفوا ظلائل عيشها الغُفلِ
ألحقتَهم بشذوذِ قومهمُ / يتساهمون مطارحَ الذلِّ
بَرُدَتْ حِذاراً منك ألسنُهم / وصدورُهم بحقودها تَغلي
تركوا لواشجةِ المناسب في / طرقِ الفرار حميّة الذَّحْلِ
من كلِّ رِخو المفِصلين وقد / لفَّ القناةَ بساعدٍ عبَلِ
تعيى بحمل السيف راحتُهُ / فكأنّها خلقت بلا حَبلِ
كانوا الفِصالَ خبت جَراجرُها / لما سمعنَ تَقطُّمَ الفحلِ
أحييت في مَيسانَ داثرةً / شيمَ الوفاءِ وسُنَّةَ العدلِ
ونشرتَ في قصياءِ دجلَتها / عزَّ البيوت بجانب الرملِ
فكأنّ سافلةَ النبيط بها / عُليا تميمٍ أو بنى ذُهلِ
يَفديك كلُّ مُزنَّدٍ يدُه / من ثِقلِ جمع المال في غُلِّ
لايَنْتَهُ الأخلاقَ من كرمٍ / فاغترّ منك بمِشيةِ الصِّلِّ
حسد الكمالَ فظلَّ يقتله / يا ذلَّ مقتولٍ بلا عَقْلِ
كم مِنّةٍ لك لم يزن يدَها / شكري ولم ينهض بها حَملي
مطبوعةٍ خفّت مواردها / ومن الندى متكلّف الكَلِّ
ومودّةٍ أطرافُها عُقِدتْ / بعُرى وفاء غيرِ منحلِّ
ألبستني خضراءَ حلّتُها / تضفو بها كتفي على رِجلي
أيقظتَ هاجعَ همّتي وسرى / حظِّى الحرون بِقادِمَىْ حبلي
وتعلَّم الإنجازَ في عِدتَي / من كنتُ أقنع منه بالمطلِ
فلتقضيَنَّك كلُّ وافيةٍ / بالحقّ شافيةٍ من الخبلِ
محبوبةٍ لو أنّها هَجرتْ / أغنتْ فكيف بها مع الوصلِ
تستوقفُ الغادي لحاجتهِ / ويعيدُ كاتبُها فمَ المُملي
ترتدُّ للسالي صبابتَه / وتعلِّل المشتاقَ أو تُسلي
تُضحي المسامعُ والعقولُ لها / أسراءَ وهي طليقةُ العُقْلِ
وإذا رويتُ بها مقامَ علاً / نهضتْ فأبلتْ مثلما أُبلي
تسرِي وذكرُك في صحائِفها / كالوسم فوق حَوارِكِ الإبْلِ
في كلّ يومِ هديّةٍ لكُمُ / عِرْسٌ بها تُهدَى إلى بعلِ
فتملَّها واعرف لغربتها / هجرَ الديارِ وفُرقةَ الأهلِ
واعلم بأنّ الشعرَ في قُلُبٍ / عوراءَ إلا مااستقى سَجلي
يستلّ نابَ الليث من فمه / ويرى العُقوقَ ولا يرى مثلي
ما كنتُ لولا طمَعي في الخيالْ
ما كنتُ لولا طمَعي في الخيالْ / أنشُدُ نومي بين طول الليالْ
أسأل عيني كيف طعمُ الكرى / عُلالَةً وهو سؤالٌ محالْ
وكيف بالنوم على الهجر لي / والنومُ من شرط ليالي الوصالْ
لله أجفانٌ ذرعنَ الدجى / وهي قصارٌ والليالي طِوالْ
كأنها من قِصرٍ بعضُها / يطلب بعضاً بقوىً لا تُنالْ
لكنّ لمياءَ على ضنّها / تُرخص في الأحلام لي كلَّ غالْ
تَسري فإما هي أو راقني / شِبْهٌ لها أو سرَّ عيني مثالْ
وليلةٍ عطَّر أرواحَها / طَيفٌ لها لم أك منه ببالْ
بيَّض مسراه سوادَ الدجى / حولي وصحبي شُعُثٌ في الرحالْ
بمشرِق اللَّباتِ دانت له / شهبُ الدراري قبلَ بِيضِ المحَالْ
يجلو العَشا مختمراً مسفراً / فتارةً بدراً وطوراً هلالْ
جاءت تَثَنَّى بين رَيحانةٍ / تُفتَقُ مسكاً وكثيبٍ يُهالْ
فلا وعينيها وأردافها / وشِقوةِ الدِّعصِ بها والغزالْ
ما قدَّها هزّ نسيمُ الصَّبا / وإنما ميَّل غصناً فمالْ
حتى إذا الليل قضى ما قضى / خفّت مع الفجر خُطاها الثّقالْ
وابتدرتْ تغنم فضلَ الدجى / سبقَ مغاوير النجوم التوالْ
أبكى وتبكى غير أنّ الأسى / دموعُه غير دموع الدلالْ
ظلٌّ من العيش نِعمنا به / لكنّه ظلٌّ مع الصبح زالْ
وموسمٌ للَّهوِ كاثرتُهُ / بفتيةٍ مثل صدور العوالْ
كلّ وجيه الوجه رحبِ الجدا / معذَّل السمع رضيّ الخصالْ
يُرعيك من آدابه روضةً / جَّر عليها المزنُ ذيلَ الشَّمالْ
يبذلُ في الراح اللُّها عادلاً / ما وزن الخَّمارُ منها وكالْ
أشهَدُ منه وقَعاتِ الصِّبا / بفاتكٍ ساعةَ يُدعَى نزَالْ
وحاجةٍ بِكرٍ تناولتُها / وبابُها أعسرُ عالي المنالْ
وسِعتُها حتى تقنّصتها / بدُربتي في مثلها واحتيالْ
أيّام أدلو بشبابي فلا / أرجعُ إلا مترعاتٍ سِجالْ
حتى تعمّمتُ بمفروعةٍ / تجمعُ بين الذلِّ واسمِ الجلالْ
تَراجَعُ الأبصارُ وفضاً لها / عنّي بقاسٍ أن يراني وقالْ
صبيغة سوداء بيّضتها / نصولُها في الرأس وقعُ النصالْ
واقتصّ حقُّ الشَّيب من باطلي / فتلك حالي ولِيَ اليومَ حالْ
وماجد الآباء في منصب / تأوي إليه درجات المعال
أبلج حرّ العِرض إن دوخلت / أحسابُهم أو هُجِّنتْ بالمَوالْ
ترى سماتِ الملك أنوارُها / شاهدةٌ في قوله والفعالْ
أعلقتُه الودّ ومحضَ الهوى / بمُحْكَماتٍ محصَداتِ الحبالْ
حبّاً وإن لم تُدنِني زورةٌ / منه ولم يُبرِدْ غليلِي وِصالْ
أهجره غيرَ جليدٍ على / هجرٍ وأجفوه لغير الملالْ
وأحسُد الشُّرَّاعَ في حوضه / وما لذودي ظامئاً من بِلالْ
لكنّها من شِيَمي عادةٌ / لم أغشَ باباً لم يُهِبْ بي تعالْ
تبارك الجامعُ آياتِه / في كاملٍ حتى وفى بالكمالْ
تَدرُسُ آثار القرون الألى / فاتوا وأخبار السنين الأَوالْ
فلا ترى في رجلٍ مثلَه / تقوم عنه أمّهاتُ الرجالْ
صادفَتِ النعمةُ منه فتىً / لاقت بِعطفيه الأمورَ العوالْ
جاءته بين الحْقّ من إرثه / وبين كسبٍ بالمساعي حلالْ
جاورها بالشكرِ حفظاً لها / والبشرِ والمعروفِ قبل السؤالْ
فهي مذ استذرتْ إلى ظلّه / في وطن لم تنوِ عنه انتقالْ
وغيرُهُ تنفِرُ نعماؤه / تطلّعاً عنه ليوم الزِّيالْ
وزاده الإسعادُ من نفسه / ما لم يكن في ظنّ عمّ وخالْ
إن أظلم الدهر فعزْماتُه / تَوَقُّدٌ في أفقه واشتعالْ
أو خبَت الآراءُ من حَيْرة / فرأيه بُلجةُ ليلِ الضلالْ
طلائعُ الإقبال من وجهه / في جِدّةٍ من عمره واقتبالْ
وجهٌ على ماء الحياء التقتْ / غرائبُ البِشرِ به والجمالْ
نضارةُ الدنيا وإشراقها / تجول منه في فسيح المجالْ
بكاملٍ لا عدِمتْ كاملاً / أُلقحتْ الدولةُ بعد الحِيالْ
دارت رحاها في يديه فما / ذمّت مجاري قطبها والثِّفالْ
وجهك في غَمّائها فُرجةٌ / تجلو وآراؤك فيها ذُبالْ
كم عثرةٍ للملك أنهضتها / لولاك كانت عثرةً لا تقالْ
وصرعةٍ شارف منها الردى / وطال من داء ضناها المِطالْ
أوليتَ إقبالَك تدبيرَها / فَطبَّها والداءُ داءٌ عُضالْ
نصرتَه فرداً وأنصارُه / قد سَلّموا للخصم قبل الجدالْ
وجفّت الأقلامُ في صُحفه / يأسا وخانته سيوفُ القتالْ
كان جباناً فتقدّمتَه / وصُلتَ بين يديه فَصالْ
رحّلته نهضاً إلى عزّه / والناس يلحونك في الإرتحالْ
فكان بالله ورغم العدا / إلى التي حاولتَ أنت المآلْ
لذاك قد أضحت مقاليدُه / تجري على أمرك جَريَ المحَالْ
علوتَ في الحقّ بكعبيك وال / هاماتُ تهوِي كمداً في سَفالْ
بَلّغ زماناً سامني مطمعاً / في الرفد أن تُعلَى يدي أو تُطالْ
كم قد تجاذبنا على مثلها / قِدماً فهل روّضتني للسؤالْ
ورمتَ حطّي باستلاب الغنى / مني فهل حُطَّت رواسي الجبالْ
لو ذلّ ظهري للأيادي لقد / حُبيت منها بالجِسام الثقالْ
أو شئتُ أغنانِيَ من أُسرتي / مالُ كريمٍ يدُه بيتُ مالْ
يداه في الجود يمينان وال / أكفّ معْ كلّ يمينٍ شِمالْ
لذَّ له الحمدُ فعاف الثرا / وقلّما تنمِي مع الحمد حالْ
لو عيب بالجود وإفراطِه / مُعطٍ رأى العائبُ فيه مقالْ
تلامُ في النَّيلِ وهل ينبغي / للمنع كفّ خُلقتْ للنوالْ
يزدحم الوفدُ على بابه / تزاحُمَ الحجّ بسفحَيْ ألالْ
مباركٌ تجمُدُ كفّ الحيا / بخلاً إذا واديه بالجود سالْ
كأنما الأرضُ وليست له / له ومن فيها عليه عيالْ
جوهرةٌ في الدهر شفّافةٌ / من كرم الأصل وطيبِ الخلالْ
يمزُج صِرفَ الكأس في كفّه / من خُلْقه العذبِ بماءٍ زلالْ
أبا الوفاء اسمع لها رُقْيةً / أفئدةُ العُصْم بها تستمالْ
أرخصَ منها الودُّ ممنوعةً / غلتْ فلم يقدِر عليها المُغالْ
مصونة لولا شفيعُ الهوى / فيك إليها فرِكت أن تذالْ
أمكنك الإقبالُ من قَودها / ورأسُها صعبٌ على الإنفتالْ
كم من ملوك الأرض من راغبٍ / يخطُبها مني كريمِ البِعالْ
رددتُه عنها بسخطٍ فلم / أُبَلْ به وهو بمنعي مبالْ
لكن تخيّرتُك كفؤاً لها / لأنها منك على كلّ حالْ
وإن تصارمنا فما بيننا / وشائجٌ ليس لهنّ انفصالْ
تلاحم القُربَى وإني وإي / ياك لنرمي عن قبيلٍ وآلْ
فانعَم بما يعمُرُ مجدَ الفتى / ويرفعُ البيتَ وإن كان عالْ
وبعنِيَ الودَّ بها صافياً / فإنه عندِيَ أسنَى منالْ
إن بُزَّ منها المهرجانُ الذي / ودَّعَ أو عُطِّلَ فالعيدُ حالْ
زارتك في اليوم الذي خصّني / إذ عاق عما خصّك الإشتغالْ
جاءك شوالٌ بها غُرّةً / فاجتلِها مقرونةً بالهلالْ
لم تغلُ في وصفك معْ طولها / بل وَجدَ الشعرُ مقالاً فقالْ
هل عند هذا الطلل الماحِلِ
هل عند هذا الطلل الماحِلِ / من جلَدٍ يُجِدي على سائلِ
أصمُّ بل يسمع لكنه / من البِلَى في شُغُل شاغلِ
وقفتُ فيه شبحاً ماثلاً / مرتفداً من شبح ماثلِ
ولا ترى أعجبَ من ناحلٍ / يشكو ضنا الجسم إلى ناحلِ
لهفَكِ يا دارُ ولهفي على / قَطينِك المحتمِل الزائلِ
قلبيَ للأحزان بعد النوى / وأنتِ للسافي وللناخلِ
مثلُكِ في السقم ولي فضلةٌ / بالعقل والبلوى على العاقلِ
يا أهلَ نَعمانَ اسمعوا دعوةً / إن أسمَعتكم من لوى عاقلِ
هل زورةٌ تُمتِعنا منكُمُ / وهناً بميعاد الكرى الباطلِ
أم هل لجسمٍ قاطنٍ أن يَرَى / عودةَ قلبٍ معَكمْ راحلِ
قد وصلَتْ فانتظمتْ أضلعي / سهامُ ذاك الهاجرِ الواصلِ
رمى فأصماني على بابلٍ / مقرطِسٌ لا شَلَّ من نابلِ
ألحاظه السحرُ وألفاظه ال / سكر وهذا لك من بابلِ
رُدُّوا ولو يوماً ولو ساعةً / على الغضا من عيشنا الزائلِ
لي ذلّةُ السائلِ ما بينكم / فلا تفتْكم عزّةُ الباذلِ
أفقرني الحبُّ إلى نَيْلكم / ولم أكن أرغبُ في النائلِ
لا أسألُ الأجوادَ ما عندهم / وأجتدى منكم ندى الباخلِ
ولا يرى المنجزُ عَطفِي له / وجهي وأرجو عِدَةَ الماطلِ
لم تغمِز الأطماعُ لي جانباً / ولا أمالت مِنّةٌ كاهلي
نغَّصَ عندي العُرف أني أرى / طولَ يد المعطي على القابلِ
جرّبتُ أقسامي فما أشبهَ ال / جائر من حظِّيَ بالعادلِ
آليتُ لا أحملُ فَرضَ العلا / ونفلَها إلا على حاملِ
ممن يرى أن التماسَ الغنى / يدٌ على المأمول للآملِ
سهلٌ على العابثِ في ماله / وإن طغَى صعبٌ على العاذلِ
من طينةٍ في المجد مجبولةٍ / تبعثُ طيباً كرمَ الجابلِ
لا طفتِ الأرضَ بها مزنةٌ / تصفَّقتْ من مائها الهاطلِ
واستودعتْها من قراراتها / حمىً على الشارب والغاسلِ
أو درّة جاد بها بحرُها / عفواً فألقاها على الساحلِ
شقَّ بها عبدُ الرحيم الثرى / عن كوكبٍ أو قمرٍ كاملِ
فانشرتْ تملأ عرضَ الفلا / بورك في النسلِ وفي الناسلِ
قومٌ إذا شدّوا الحبَى وانتَمَوا / شقُّوا على النابهِ والخاملِ
فطامنتْ شهْبُ الدرارِي لهم / تطامُنَ المفضولِ للفاضلِ
أو ركِبوا جرياً إلى معشرٍ / تبادروا بالقدَرِ النازلِ
يُزهى بأن لامَسَ أَيْمانَهم / ما هُزَّ من نَصلٍ ومن ذابلِ
ويستطيل القِرنُ لاقَى الردى / بهم وما في الموت من طائلِ
فيشرُفُ السيفُ بمن شامه / ويفخَرُ المقتولُ بالقاتلِ
والناس إما طالبٌ جودَهم / أو هاربٌ ما هو بالوائلِ
تَكسِر بالخارج أيديهمُ / وتَفتحُ الأرزاقَ بالداخلِ
كم أصلحوا الفاسدَ من دهرهم / وقوَّموا المائدَ بالعادلِ
واحتكموا بالعدل في دولةٍ / تحكُّمَ الحقِّ على الباطلِ
مفوِّضُ الملك إلى غيرهم / معزِّبٌ في النَّعمِ الهاملِ
دافعتُ دهري خائفاً منهمُ / بناصرٍ في الزمن الخاذلِ
وشدَّ ظهري من عليٍّ فتىً / لم أستند منه إلى مائلِ
إلى زعيم الدين خضنا بها / غِمار تيهِ البلدِ الماحلِ
كل فتاةٍ جائلٍ نِسعُها / على عسيبٍ في الفلا جائلِ
تلاعب الأرضَ حَساً أو زَكاً / قِدْحَيْنِ بالخافضِ والشائلِ
تحمِلُ أشباحاً خِفافاً وآ / مالاً ثقيلاتٍ على الناقلِ
فوقَ حواياها وأعجازِها / من اسمه وسمٌ على القافلِ
حتى أنخنا بربيع المنى ال / زاكي وربعِ الكرمِ الآهلِ
فكان لا خوفَ على الآمن ال / جار ولا حرمانَ للسائلِ
على يدٍ تهزأ في جامد ال / عام بماءِ المزنةِ السائلِ
وغُرَّةٍ تخلُقُ في سُنَّة ال / بدر خشوعَ الغائرِ الآفلِ
يقدَحُ للوفد بها بشرَه / شعشعةَ البارقِ في الوابلِ
أحرز خصلَ السبق في عشرة ال / أولَى على القارحِ والبازلِ
وساد في المهد فما فاتهُ / شِبلاً مكانُ الأسدِ الباسلِ
بوالدٍ من قبله تالدٍ / وزائدٍ من نفسه فاضلِ
بعتُ بك الناسَ فلم أنصرفْ / بندمٍ من غَبَنِ الناسِ لي
وأعلقَتني بك ممسودةٌ / ما أسحلتْ منها يدُ الفاتلِ
تلوَّنَ الناسُ فما كنتَ لي / بحائلِ الود ولا ناصلِ
متى أثقِّفْ صَعدةً تدفع ال / أحداثَ عن صدري وعن كاهلي
يكنْ بنو الدنيا أنابيبَها / وأنتَ منها موضع العاملِ
فلتَجزِني نُعماك من مِقولي / إن كوفيءَ الفاعلُ بالفاعلِ
كلّ بعيدٍ في السُّرَى شوطُها / تسابِق الفارسَ بالراجلِ
قاطنة تحملُ أبياتُها ال / أمثالَ في المنتسِخ الراحلِ
زاداً لمن سافر يبغي الغنى / ومغنماً للقادم القافلِ
مَطارباً في الجِدّ والهزل ما / وُسمنَ بالمادحِ والغازلِ
عدوّها معْ حبِّه عيبَها / في خَبلٍ من حسنها خابلِ
مبشِّرات بالتهاني لكم / في كلّ يومٍ عَلَمٍ ماثلِ
وكلّما ودَّع عامٌ بها / أعطاكم الذمةَ في القابلِ
تقصِّر الأقدارُ عن ملككم / ما قصر الحافي عن الناعلِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025