المجموع : 6
باتَ المُعَنّى وَالدُجى يَبتَلي
باتَ المُعَنّى وَالدُجى يَبتَلي / وَالبَرحُ لا وانٍ وَما مُنجَلي
وَالشُهبُ في كُلِّ سَبيلٍ لَهُ / بِمَوقِفِ اللُوّامِ وَالعُذَّلِ
إِذا رَعاها ساهِياً ساهِراً / رَعَينَهُ بِالحَدَقِ الغُفَّلِ
يا لَيلُ قَد جُرتَ وَلَم تَعدِلِ / ما أَنتَ يا أَسوَدُ إِلّا خَلي
تَاللَهِ لَو حُكِّمَت في الصُبحِ أَن / تَفعَلَ أَحجَمتَ فَلَم تَفعَلِ
أَو شِمتَ سَيفاً في جُيوشِ الضُحى / ما كُنتَ لِلأَعداءِ ما أَنتَ لي
أَبيتُ أُسقى وَيُديرُ الجَوى / وَالكَأسُ لا تَفنى وَلا تَمتَلي
الخَدُّ مِن دَمعي وَمِن فَيضِهِ / يَشرَبُ مِن عَينٍ وَمِن جَدوَلِ
وَالشَوقُ نارٌ في رَمادِ الأَسى / وَالفِكرُ يُذكي وَالحَشا يَصطَلي
وَالقَلبُ قَوّامٌ عَلى أَضلُعي / كَأَنَّهُ الناقوسُ في الهَيكَلِ
يا رَبِّ ما حُكمُكَ ماذا تَرى
يا رَبِّ ما حُكمُكَ ماذا تَرى / في ذَلِكَ الحُلمِ العَريضِ الطَويل
قَد قامَ غَليومٌ خَطيباً فَما / أَعطاكَ مِن مُلكِكَ إِلّا القَليل
شَيَّدَ في جَنبِكَ مُلكاً لَهُ / مُلكُكَ إِن قيسَ إِلَيهِ الضَئيل
قَد وَرَّثَ العالَمَ حَيّاً فَما / غادَرَ مِن فَجٍّ وَلا مِن سَبيل
فَالنِصفُ لِلجِرمانِ في زَعمِهِ / وَالنِصفُ لِلرومانِ فيما يَقول
يا رَبِّ قُل سَيفُكَ أَم سَيفُهُ / أَيُّهُما يا رَبِّ ماضٍ ثَقيل
إِن صَدَقَت يا رَبِّ أَحلامُهُ / فَإِنَّ خَطبَ المُسلِمينَ الجَليل
لا نَحنُ جِرمانُ لَنا حِصَّةٌ / وَلا بِرومانَ فَنُعطى فَتيل
يا رَبِّ لا تَنسَ رَعاياكَ في / يَومٍ رَعاياكَ الفَريقُ الذَليل
جِنايَةُ الجَهلِ عَلى أَهلِهِ / قَديمَةٌ وَالجَهلُ بِئسَ الدَليل
يا لَيتَ لَم نَمدُد بِشَرٍّ يَداً / وَلَيتَ ظِلَّ السِلمِ باقٍ ظَليل
جَنى عَلَينا عُصبَةٌ جازَفوا / فَحَسبُنا اللَهُ وَنِعمَ الوَكيل
ما وَصلُ مَن تَهوى عَلى أنسَةٍ
ما وَصلُ مَن تَهوى عَلى أنسَةٍ / بِالبَدرِ في ظِلِّ الرَبيعِ الظَليل
عَلى بِساطٍ نَسَجتهُ الرُبى / شَتّى الحُلى وَالوَشي غضٍ طَليل
أَبدى الرَياحينَ وَأَهدى الشَذا / وَجَرَّ أَذيالَ النَسيمِ العَليل
وَاِستَضحَكَ الماءُ فَهاجَ البُكى / في كُلِّ خِدرٍ لبناتِ الهَديل
بِالمَجلِسِ المُمتعِ ما لَم تَزِد / فيهِ اِبنةَ الكرمِ وشعرَ الخَليل
شِعرٌ جَرى مِن جَنَباتِ الصِبا / يا طيبَ واديهِ وَطيبَ المَسيل
فيهِ رِواياتُ الصبا وَالهَوى / تَسَلسَلَت أَشهى مِنَ السَلسَبيل
قَد صانَها الشاعِرُ عَن خُلوةٍ / في مُفضِلٍ أَو مُرةٍ في بَخيل
شَيبوبُ ديوانُك باكورَةٌ / وَفجرُكَ الأَوَّلُ نورُ السَبيل
الشِعرُ صنفانِ فباقٍ عَلى / قائِلِهِ أَو ذاهِبٌ يومَ قِيل
ما فيهِ عصرِيٌّ وَلا دارسٌ / الدَهرُ عمرٌ لِلقريضِ الأَصيل
لَفظٌ وَمعنىً هُوَ فَاِعمَد إِلى / لَفظٍ شَريفٍ أَو لِمَعنى نَبيل
وَاِخلُق إِذا ما كُنتَ ذا قُدرَةٍ / رب خَيالٍ يخلقُ المُستَحيل
ما رَفَعَ القالَةَ أَو حَطَّهُم / إِلا خيالٌ جامدٌ أَو منيل
مَن يَصِفِ الإِبلَ يَصِف ناقةً / طارَت بِهِم وَاِرتَفَعَت أَلفَ ميل
سائِل بني عصرِكَ هَل مِنهُم / مَن لَبِسَ الإِكليلَ بَعدَ الكَليل
وأَيُّهُم كالمُتَنَبّي اِمرُؤٌ / صَوّاغُ أَمثالٍ عزيزُ المَثيل
وَاللَه ما موسى وَلَيلاتُهُ / وَما لِمَرتين وَلا جيرزيل
أَحَقُّ بالشِعرِ وَلا بِالهَوى / مِن قَيس المَجنونِ أَو مِن جَميل
قَد صَوَّرا الحُبَّ وَأَحداثَهُ / في القَلبِ مِن مُستَصغَر أَو جَليل
تَصويرَ مَن تَبَقّى وَمَن شِعرُه / في كُلِّ دَهرٍ وَعَلى كُلِّ جيل
بات المعنّى والدجى يبتلى
بات المعنّى والدجى يبتلى / والبرح لا وانٍ ولا منجلي
والشهب في كل سبيل له / بموقف اللُّوّام والعذل
إذا رعاها ساهيا ساهرا / رعينه بالحدق الغفّل
يا ليل قد جرت ولم تعدل / ما أنت يا أسود إلا خلى
تالله لو حكِّمت في الصبح أن / تفعل خفت الله لم تفعل
أو طلت سيفا في جيوش الضحى / ما كنت للأعداء ما أنت لي
أبيت أشقى ويدير الجوى / والكأس لا تفنى ولا تمتلي
والخدّ من دمعي ومن فيضه / يشرب من عين ومن جدول
والشوق نار في رماد الأسى / والفكر يذكي والحشا يصطلى
والقلب قوّام على أضلعي / كأنه الناقوس في الهيكل
غدت برب النفس من شِقوتي / وبالركاب الأسعد المقبل
أهلا برب النيل رب القرى / رب البطاح الكثر مما يلى
الجامع العرشين في واحد / واللابس التاجين في المحفل
والساحب الذيل على عصره / على ملوك الزمن الأوّل
أهلا بمولانا وسهلا به / ومرحبا بالسيد المفضل
الممتطى متن السها عزة / فلو أشار الدهر لم ينزل
المنعم المجزل عن نفسه / عن جدّه عن جدّه المجزل
الجاعل الأمة من عدله / والفضل بين الظل والمنهل
عاصمة النيل أزدهِى وأنجلي / واتخِذي اليوم صنوف الحلى
واستعرضي الخيل ومدّى الع / يد بالجحفل فالجحفل
وأنت يا قصر ابتهج وابتهل / وأهد الملا بالعلم المرسل
وأزلف الوفد إلى ربهم / وظلل السدّة واظّلل
ويا بني مصر أهرعوا وأضرعوا / بحفظ مولى مصر والموئل
هذا لكم وجه الندى والهدى / فاستقبلوه خير مستقبل
لنا رقيب كان ما أثقله
لنا رقيب كان ما أثقله / الحمد لله الذي رحله
لو ابتلى الله به عاشقا / مات به لا بالجوى والوله
لو دام للصحف ودامت له / لم تنج منه الصحف المنزله
إذا رأي الباطل غالى به / وإن بدا الحق له أبطله
لو خال بسم الله في مصحف / تغضب تحسينا محا البسلمه
وعزة الله بلا عزت / لا تنفع القارى ولا خردله
جرائد الترك على عهده / كانت بلا شأن ولا منزله
إن تذكر الخنجر لفظا تصب / من شدّة الذعر به مقتله
وإن تصف قنبلة لم ينم / من هول ذكرى حادث القنبله
الشر بالشر فيا قوم لا / إثم إذا راقبتمو منزله
فحاصروا الأبواب واستوقفوا / من أخرج الزاد ومن أدخله
إن كان في السلة تفاحة / ضعوا له موضعها حنظله
أو جيء بالشرشر له فاملأوا / مكانها من علقم جردله
أو اشتهى الأبيض من ملبس / قولوا له الأسود ما أجمله
ذلك يا قوم جزاء امرئ / كم غَيَّر الحق وكم بدّله
ما وصل من تهوى على أنسةٍ
ما وصل من تهوى على أنسةٍ / بالبدر في ظل الربيع الظليل
على بساط نسجته الربى / شتى الحُلَى والوشى غض طليل
أبدى الرياحين وأهدى الشذا / وجر أذيال النسيم العليل
واستضحك الماءُ فهاج البكى / في كل خدر لبنات الهديل
بالمجلس الممتع ما لم تزد / فيه ابنةَ الكرم وشعرَ الخليل
شعر جرى من جنبات الصّبا / يا طيب واديه وطيب المسيل
فيه روايات الصِّبا والهوى / تسلسلت أشهى من السلسبيل
قد صانها الشاعر عن حُلوةٍ / في مفضلٍ أو مرة في بخيل
شيبوب ديوانك باكورة / وفجرك الأوّل نور السبيل
الشعر صنفان فباق على / قائله أو ذاهب يوم قيل
ما فيه عصرىّ ولا دارس / الدهر عمر للقريض الأصيل
لفظ ومعنى هو فاعمد إلى / لفظٍ شريف أو لمعنى نبيل
واخلُق إذا ما كنت ذا قدرة / رُبَّ خيال يخلق المستحيل
ما رفَع القالة أو حطهم / إلا خيال جامد أو منيل
من يصف الإِبل يصف ناقة / طارت بهم وارتفعت ألف ميل
سائل بنى عصرك هل منهم / من لبس الإكليل بعد الكليل
وأيهم كالمتنبى آمرؤ / صوّاغ أمثالٍ عزيزُ المثيل
والله ما موسِّى وليلاته / وما لمرتين ولا جِيرزِيل
أحق بالشعر ولا بالهوى / من قيسٍ المجنونِ أو من جميل
قد صوّرا الحب وأحداثه / في القلب من مستصغر أو جليل
تصوير من تبقى دُمى شعره / في كل دهر وعلى كل جيل