نار غرام حرها مُحْرِقِي
نار غرام حرها مُحْرِقِي / وماء عيون دمعها مُغْرِقي
وكيف تنجو من عذاب الهوى / مهجة مأسور به موثق
قد أخذ الأكثر منه الصبا / فليته أبقى على ما بقي
لم يلق مجنون بني عامر / من حبِّ ليلى بعض ما قد لي
جيراننا بالشام هل نمتُم / عن سهر المُشْئِم والمُعْرِق
النار في قلبي لمن يصطلي / والماء في جفني لمن يستقي
ويا أحبائي الأولى ضيَّعُوا / عهدي وما داموا على خالقي
طَرْفِي الذي كان سعيداً بكم / فكيف عذبتم فؤادي الشقي
أنفقت في حبكمو طامعاً / عمري فضاعت صفقة المُنْفِق
عهدتكم مثلي بداء الهوى / فكيف أفرقتم ولم أفرق
ما لغرامي بكم ناشئاً / وما لصبري شائب المفرق
وما لِجَفْنِي نشأت سحبه / ببارق لاح على الأبرق
كأنه حين أنار الدجى / رَوْنَقُ ذاك الشنب الريِّق
وساحرٍ أجفانه قلما / يسلم منها بالرُّقَى مَنْ رُقي
أبيض في بردته أسمر / لَهْذَمُهُ الأسودُ في الأزرق
بدر تجلى فوق غصن على / حِقف تَثَنَّى في نقاه النقي
هِمْتُ به عِشْقاً ولا عذر لي / إذا بدا أيان لا أعشق
واخجلة القَسْوَر من وقفة / ذل بها للرشأ الأخرق
أطمعني في صيده لاعباً / بين ظباء الحيّ في قُرْطُق
نصبت أشراكي ولكنني / علقت فيهن ولم يعلق
والله لولا خداعات الهوى / لم أسهر الليل ولم أقلق
ولا تشكيت زماني ولو / نازلني بالفادح المرهق
وقلت للأيام إن شئت أن / تُطَرِّفي نحويَ أو تَطْرُقِي
وأنت يا نفس فلا تجزعي / من حادث الدهر ولا تفرقي
هذا أبو الحارث فاستعصمي / به وبالنُّجح لديه ثِقِي
فليس نور الدين عن طارقٍ / براقد العزم ولا مطرق
رسلان شاه المعتلي هضبة / تزل عنها وَطْأَةُ المرتقي
إذا تعلقت بأسبابه / وكان مما أتقي معتقي
وشاءت الأيام حَرْبِي فَدَعْ / أدهمها يركب في الأَبْلَق
أمنت بالحافظ لي حافظاً / من كل ما أرهب أو أتقي
مَلكٌ إذا استمطرت معروفه / جاء مجيء العارض المغدق
لو كان موسى رابطاً جأشه / في يوم دكّ الطور لم يُصْعَق
وقوم نوح لو أقاموا على / سيرته في الأرض لم تغرق
أو لطف الدهر بنا لطفه / ما خاب فيه سعي مسترزق
ولو تجلت بيض أخلاقه / في مَغْرِب أصبح كالمشوق
أو قابل الليل سنا وجهه / أضاء من لألائه المُشْرِق
ولو أُعِيرَ البدرُ في أفقه / كَمَالَه في الملك لم يُمْحَق
متسع النادي رحيب الندى / في غمرات الزمن الضيِّق
له السَّطا من مال أسيافه / ترمى العدا بالضَّرَم المُحْرق
تزلزل الأرض لها هيبة / كأنه منهن في فيلق
لا وأياديه الجسام التي / أَثْرَى بها كل فتى مُمْلِق
في حوضها الصافي لنا مكرع / ومرتع في روضها المونق
ما التقت الدنيا له مشبهاً / في الجود والبأس ولا تلتقي
عَزَّ نَظِيراً وَتَسَامَى فَلَمْ / يوجد له مثلٌ ولم يُلْحَق
يضيق عذر الندى كفه / قاصده حتى يقول ارفق
كأنما نعماؤه سرعة / تعلمت من خيله السُّبَّق
من كل طِرْفٍ أجردٍ لو جرى / وراءه البارقُ لم يُلْحق
في جحفل عثيره سالب / وجه الضحى ما فيه من رونق
كأَنَّ ظل النقع من فوقه / ظُلَّةُ وَبْلٍ مُصْعِقٍ مُبْرِق
ملك بني أيوب حلَّى العلا / بالمجد وهو التاج لِلمُعْرِق
فدام في صوم وفطر لنا / مفتاحَ بابِ الأمل المغلق