المجموع : 3
لَو صَحَّ أَنَّ البَينَ يَعشَقُهُ
لَو صَحَّ أَنَّ البَينَ يَعشَقُهُ / ما اِستَعبَرَت في السَيرِ أَينُقُهُ
قَمَرٌ عَلى غُصنٍ يُرَنِّحُهُ / مَرُّ اللِحاظِ وَلَيسَ يَرشُقُهُ
طَأطَأتُ لَحظَ العَينِ حينَ خَطا / وَالبَينُ يَرمُقُني وَيَرمُقُهُ
وَأَذَبتُ دَمعي يَومَ وَدَّعَني / في صَحنِ خَدٍّ ذابَ رَونَقُهُ
وَدَّعتُهُ وَالبَدرُ تَحسَبُهُ / مُتَقاعِساً في الفَجرِ أَعنَقُهُ
وَاللَيلُ يَكبو فيهِ أَدهَمُهُ / وَالصُبحُ يَنهَضُ مِنهُ أَبلَقُهُ
وَاللَثمُ يَركُضُ في سَوالِفِهِ / وَتَكادُ خَيلُ الدَمعِ تَسبُقُهُ
ما غَرَّني يَومَ اللِقاءِ وَلا / خَدَعَ اِرتِياحَ هَوايَ رَيَّقُهُ
وَعَلِمتُ حينَ نَشَرتُ مِطرَفَهُ / أَنَّ الفِراقَ غَدا يُمَزِّقُهُ
بَكَتِ الجُفونُ وَأَنتَ طارِفُها / وَشَكا الفُؤادُ وَأَنتَ مُحرِقُهُ
وُدّي لِخَيرِ الناسِ أَذخَرُهُ / ما كُلُّ وُدٍّ فيكَ أُنفِقُهُ
وُدٌّ تَقادَمَ عَهدُهُ فَصَفا / وَجَديدُ وُدِّ المَرءِ أَخلَقُهُ
لِمُشَمِّرِ الأَطرافِ مُنزَعِجِ ال / أَعطافِ يُهجِعُهُ تَأَرُّقُهُ
لِأَغَرُّ تُعشي الشَمسَ غُرَّتُهُ / وَيَشُقُّ جَيبَ اللَيلِ مُشرِقُهُ
يَسري فَتَحجُبُهُ خَلائِقُهُ / وَيُضيءُ أَوجُهَها تَخَلُّقُهُ
أَبدَت خَبِيَّ المَجدِ طَلعَتُهُ / وَأَذاعَ سِرَّ المَجدِ مَنطِقُهُ
وَلَقَلَّما شَرِقَت أَسِنَّتُهُ / إِلّا وَصَفوُ الحَمدِ يُشرِقُهُ
وَإِذا اِستَرَقَّ المَحلُ مُرتَبَعاً / أَمَرَ السَحابَ الجَونَ يُعتِقُهُ
وَإِذا تَأَمَّلَ شَخصَهُ مَلِكٌ / أَوما إِلى قَدَمَيهِ مَفرِقُهُ
في كَفِّهِ عاري الذُبابِ لَهُ / لَمعٌ يَدُلُّكَ كَيفَ تَرمُقُهُ
أَطغاهُ رَونَقُ غَربِهِ فَطَغى / وَالمَاءُ يُطغيهِ تَرَقرُقُهُ
جَذلانُ يَرقُصُ في الرُؤوسِ إِذا / غَنَّتهُ بِالصَهَلاتِ سُبَّقُهُ
صَلّى الرَدى لَو يَستَطيعُ إِلى / نَصلٍ بِراحَتِهِ مُخَلَّقُهُ
يُؤوي الضُيوفَ وَدونَ حُجرَتهِ / بابٌ عَلى الأَحداثِ يُغلِقُهُ
وَإِذا النَوائِبُ زَعزَعَت يَدَهُ / في الطَعنِ جاءَتهُ تُمَلِّقُهُ
عُريانُ خَيلِ الغَدرِ مِن دَنَسٍ / لا يَستَطيعُ الغَدرُ يَعلُقُهُ
الجودُ يَنهاهُ وَيَأمُرهُ / وَالدَهرُ يَرجوهُ وَيَفرَقُهُ
هُوَ قادِرٌ لَكِنَّ صَولَتَهُ / في البَطشِ يَصرَعُها تَرَفُّقُهُ
وَلَرُبَّ مَجهولٍ رَكائِبُهُ / خَلفَ الرِياحِ الهوجِ تَخرُقُهُ
قَلقَلتَ بِالأَجفافِ تُربَتَهُ / وَالقَيظُ عَن أَمَمٍ يُحَرِّقُهُ
ذَمَّتكَ رَبوَتُهُ وَوَهدَتُهُ / وَشَكاكَ فَدفَدُهُ وَسَملَقُهُ
وَلَرُبَّ وِردٍ بِتَّ قارِبَهُ / لا يَطمَئِنُّ بِهِ تَدَفُّقُهُ
وَالماءُ يُرعَدُ في جَوانِبِهِ / جَزَعاً وَظِمءُ العيسِ يُشرِقُهُ
لَمّا لَحَظتَ الدَهرَ زايَلَهُ / إِظلامُهُ وَاِفتَرَّ ضَيُّقُهُ
ساوَرتَهُ فَفَضَضتَ سَورَتَهُ / وَاِرتاحَ في نُعماكَ مُملِقُهُ
وَكَذاكَ هَمُّ الريحِ في غُصُنٍ / تَثنيهِ أَو ماءٍ تُصَفِّقُهُ
لَمّا رَآكَ المُلكُ مُنصَلِتاً / بِالسَيفِ تُرعِدُهُ وَتُبرِقُهُ
اِستَنكَفَ التَعديلَ مايَلُهُ / وَاِستَرجَعَ التَحكيمَ أَخرَقُهُ
أَفَلَ السَماحُ وَأَنتَ شارِقُهُ / وَدَجا العَلاءُ وَأَنتَ مُشرِقُهُ
وَلَرُبَّ يَومٍ شِمتَ بارِقَهُ / وَالمَوتُ يُهطِلُهُ وَيودِقُهُ
وَالسَيفُ قائِمُهُ يُفارِقُهُ / وَالرُمحُ عامِلُهُ يُطَلِّقُهُ
وَالشَمسُ تَجري وَهيَ مُهمَلَةٌ / في ثَوبِ نَقعٍ لا تُخَرِّقُهُ
وَالخَيلُ تَطبَعُ في حَوافِرِها / وَشماً تُداوِلُهُ وَتُخلِقُهُ
مِن كُلِّ ذَيّالِ السَبيبِ رَمى / بِيَدَيهِ أُولى النَقعِ أَولَقُهُ
أَشلَيتَ عَزمَكَ في كَتائِبِهِ / وَالسَهمُ يُشليهِ مُفَوِّقُهُ
فَاِسلَم عَلى الأَيّامِ تَلبَسُها / فَالدَهرُ ثَوبٌ أَنتَ مُخلِقُهُ
تَعَيَّفَ الطَيرَ فَأَنبَأنَهُ
تَعَيَّفَ الطَيرَ فَأَنبَأنَهُ / أَنَّ اِبنَ لَيلى عَلِقَتهُ عَلوق
وَإِنَّ سَجلاً مِن دَمٍ آمِنٍ / أَفرَغَهُ الطَعنُ بِوادي العَقيق
يا ناعِيَ الفارِسِ قَد أَصبَحَت / ضِباعُ ذي العَرعَرِ مِنهُ نُغوق
تَعلَمُ مَن تَنعى إِلى قَومِهِ / طارَ ذِراعاكَ بِعَضبٍ ذَلوق
بُعداً لِأَرماحِ تَميمٍ لَقَد / هَدَدنَ عاديَّ بِناءٍ عَتيق
قَرَعنَ في أَصلٍ كَريمِ الثَرى / وَجُلنَ في فَرعٍ عَزيزِ العُروق
حَدَوا لَهُ مِن حَيثُ لا يَتَّقي / عيراً مِنَ الطَعنِ مِلاءَ الوُسوق
كَأَنَّ ذا المَطلَعَ أَمسى الرَدى / رَصيدَهُ وَاِزوَرَّ عَنهُ الفَريق
قالَت لَهُ النَفسُ عَلى عارِها / ما لَكَ لا تَنقُضُ هَذا الطَريق
ما كانَ بِالراجِعِ عَن نَهجِهِ / لَو وَقَفَ السَيفُ لَهُ في المَضيق
لا يَدَعُ الذابِلَ مَن طَعمُهُ / عَلى صَبوحٍ بِدَمٍ أَو غَبوق
كَأَنَّ أَعلاهُ لِسانٌ فَما / يَغُبُّهُ الدَهرُ بَلالٌ بِريق
كَم باتَ رَبّاءً لِسَيّارَةٍ / طارِقَةٍ غَيرَ أَوانِ الطُروق
في قُنَّةٍ عَيطاءَ مَمطولَةٍ / كَأَنَّها قُلَّةُ رَأسٍ حَليق
يُزايِلُ اللَيلَ عَلى رَحلِهِ / وَيُؤثِرُ القَومَ بِطُعمِ الخُفوق
وَيَغتَدي بَعدَ عِراكِ السُرى / يُعارِضُ الرَكبَ بِوَجهٍ طَليق
أَوفى كَما جَلّى عَلى رَهوَةٍ / أَزرَقُ والى نَظَراتٍ بِنيق
يَسُلُّ عَينَيهِ عَلى مِريَةٍ / عَن زَجَلِ الطَيرِ قُبَيلَ الشُروق
يَعتَرِقُ اللَحمَ عَلى بارِقٍ / وَيَنتَقي العَظمَ بِرَملِ الشَقيق
أَو حَيَّةُ الرَعنِ ذَوى رَأسَهُ / مُشتَرِقَ الشَمسِ بِطَودٍ زَليق
يَعقُدُ أولاهُ بِأُخراتِهِ / لِفافَ بِنتِ الرَقَمِ الخَنفَقيق
كَعِمَّةِ الأَلوَثِ مالَت بِهِ / بَينَ النَدامى نَزَواتُ الرَحيق
جامِعُ لينٍ وَصِيالٍ مَعاً / إِطراقَ ذي حِلمٍ وَصَولِ الحَنيق
يُديرُ في فيهِ ذَليقَ الشَبا / مِثلَ لِماظِ الرَجُلِ المُستَذيق
تَخالُ ما تَطرَحُ أَشداقُهُ / ما لَطَّخَ المَحضَ بِقَعبِ الغَبوق
مُستَجمِعٌ فَرَّقَ عَن وَثبَةٍ / نَشطَكَ حَبلَ العَرَبيَّ الرَبيق
نِعمَ كِعامُ الثَغرِ يَشجو بِهِ / فَمَ المَنايا وَنِصاحُ الفُتوق
تَضُمُّهُ في الرَوعِ مِن دِرعِهِ / أُمٌّ لَها مِنهُ أَذىً أَو عُقوق
زالَ وَأَبقى عِندَ أَعقابِهِ / خَديمَ مالٍ عَرَفَتهُ الحُقوق
مَضى وَوَصّاهُم بِأَن يَقبَلوا / دَعوى العِدا فيهِم وَحُكمَ الصَديق
كانَ هَوىً لِلنَفسِ لَو أَنَّني / في حَلَقِ القِدِّ وَأَنتَ الطَليق
ما كُنتُ بِالهائِبِ طُرقَ الرَدى / ما سَلِمَ العَضبُ وَأَنتَ الرَفيق
ما أَنا بِاللاقي بِذاتِ النَقا / خَيلَ وَغىً مُشعَلَةً بِالعَنيق
ماطَلَها الماءَ فَلَمّا سَلَت / عَنِ الرَوى ماطَلَها بِالعَليق
وَلِاِبنُ لَيلى عارِضاً رُمحَهُ / يَحدو بِخَفّانَ جِمالاً وَنوق
يَأبى إِذا الضَيمُ غَدا مُضغَةً / سَلسالَةً سائِغَةً في الحُلوق
يَروحُ مَن يَرجو لَهُ غُرَّةً / قَد خَضخَضَ السَجلَ بِجالٍ عَميق
يُحَدِّثُ النَفسَ بِما فاتَهُ / تَطاوُلَ الغَمرِ لِمَجنى السَحوق
اِستَبدَلَ الحَيُّ بِعِقبانِهِ / أَغرِبَةً بَعدَكَ حُمقَ النَغيق
خاطَرَتِ الشَولُ بِأَذنابِها / لَمّا اِنطَوى قَرقارُ ذاكَ الفَنيق
قَد نَطَقَ الصامِتُ مِن بَعدِهِ / وَأَصرَدَ النابِلُ بَعدَ المُروق
مَخيلَةٌ لا مَطَرٌ خَلفَها / تَلمَعُ مِنها شَوَلانُ البُروق
ما الحَيُّ بِالضاحِكِ عَن مِثلِهِ / وَلا وُجوهُ الحَيِّ مُذ غابَ روق
وَلا أَغَبُّ الأَرضَ تُمسى بِها / ظِلٌّ صَفيقٌ وَنَسيمٌ رَقيق
لا أَغفَلَت قَبرَكَ حَنّانَةٌ / خَرقاءُ بِالقَطرِ صَناعِ البُروق
ما أَبدَعَ المِقدارُ فيما جَنى / لَكِنَّهُ حَمَّلَ غَيرَ المُطيق
لَو كانَ ما تَطلُبُهُ غايَةً
لَو كانَ ما تَطلُبُهُ غايَةً / كُنتُ المُصَلّي وَأَنا السابِقُ
تَظُنُّني أَرغَبُ عَن مَوقِفٍ / يَحضُرُ فيهِ الشَوقُ وَالشائِقُ
فَكَّرتُ حَتّى لَم أَجِد فِكرَةً / تَقدَحُ إِلّا وَلَها عائِقُ
لَو كُنتَ في أَثناءِ سِرّي إِذاً / عَلِمتَ أَنّي قائِلٌ صادِقُ
قَلبي جَنيبٌ لَكَ لا يَرعَوي / وَوُدُّكَ القائِدُ وَالسائِقُ
وَلَحظُ عَينَيكَ رَمى مُقلَتي / كَأَنَّ نَومي تَحتَها عاشِقُ
فَاِصبِر فَإِنَّ الصَبرَ أَحرى إِذا / ضاقَ عَلَيكَ المَسلَكُ الضايِقُ
فَالمَنطِقُ الطاهِرُ ما بَينَنا / مُتَرجِمٌ وَالنَظَرُ الفاسِقُ