المجموع : 8
جسمٌ بلا روح ضجيعُ الرَّدى
جسمٌ بلا روح ضجيعُ الرَّدى / غصنٌ ذوى يا ليته أورقا
روحٌ بلا عِلم وهي بيته / لرؤية الأغيار إذ أخلقا
افتقر الكل إلى جوده / أهل الأباطيلِ ومَن حققا
فوجّه الأنوار سيارة / أنارت المغربَ والمشرقا
فأشرق الجسمُ بأنواره / وأظهر الأسرارَ إذ أشرقا
فالحمد لله الذي قد وقى / من شرِّ ما يُحذر أو يُتَّقى
الفضل للسابقِ في كل حال
الفضل للسابقِ في كل حال / بالفضل حازوا قصب السَّبقِ
وما لوسع الخلق أن يبلغوا / تسابقَ المخلوقِ والحقِّ
لما تجارت نحو أنفس / اقعدها في مقعد الصدق
فعمَّ كلَّ الخلق أفضالُه / ولم يعم الحق للخلقِِ
أبدى لهم مشهدَه بارقاً / كلمحةِ العينِ أو البرق
وعنده خرُّوا له سُجَّداً / لكن يحوزوا نظرة الصعق
من فاز بالأسماء في خلقه / قد فاز بالذات وبالخلق
من يعبدِ الله على أمره
من يعبدِ الله على أمره / ذاك الذي يعبده حقا
من يعبدِ الله على شرعه / ذاك الذي يعبده رقا
العبدُ من يعبدُه هكذا / لا يلتفت أجراً ولا خلقا
والله يجزيه على فعله / صِدقاً لما قد قاله صدقا
الحمد لله بأسمائه
الحمد لله بأسمائه / الظاهر الباطن عن خلقهِ
في خلقه فكلهم عينه / لذاك أجراه على وفقه
نحيى به أعضاء إنسانها / وهو لنا كالمسك في حقه
تشبيهه الرؤية لا عينه / كالشمسِ أو كالبدر في أفقه
من فهم المر الذي قلته / صير عين الغرب في شرقه
الحمد لله الذي أفضلا
الحمد لله الذي أفضلا / بما به أنعم في خلقهِ
فالجودُ و الأفضال منه على / عبادِه العاصين من خلقه
يعلمه العالمُ من أوجه / معرفة العارفِ من أفقه
وكلُّ من يهبط في علمه / به يرى ذلك من حقِّه
وجامعُ الكلِّ حضيضٌ به / أدرجه الرحمن في حقِّه
فكلُّ ما يجري من أحكامه / فإنها تجري على وفقه
قد جمعَ العالم في حشره / ليسأل الصادقَ عن صدقه
فإن أعادوه عليه فهم / ممن يري الإشراق من شرقه
أو ادَّعوا فيه لأعيانهم / والمدَّعي يصدقُ في نطقه
وكلهم يصدقُ في حاله / وكلهم يأكل من رزقِه
ما حاز منهم أحدٌ كله / بلْ كلهم منه على شقِّه
الجنسُ في البدرِ وفي شمسه / ونجمه والفصلُ في برقه
ما يعرفُ الحقَّ سوى شارب / يراه في الصفو وفي رتقه
يعرفه العالم في حشرهم / يومَ وقوفِ الناس من رفقه
يبتدر الناس إلى حوضه / وبعضهم يرويه من ودْقه
هذي علومٌ إنْ تناولتها / كنتَ بها الواحدَ في خلقه
فقل لمن يخلقُ أنفاسه / الخلقُ قبلَ الخلقِ في خلقه
خَلَق السمواتِ والأرضَ التي
خَلَق السمواتِ والأرضَ التي / منها أنا أكبر من خلقي
لمن درى أني منها أنا / كما أنا أيضاً من الخلقِ
بوجهي الخاص الذي لاح لي / وحزته في قدمِ الصدقِ
حزتُ به كلُّ من ناله / وجودَ ذوقٍ قَصَبَ السبق
أشبه من أوجدني جوده / في النعت والأسماء والخلقِ
سبحان من يعلم أني به / في بيضة التكوين في حق
أشاهد الإنشاء فيّ كما / شاهده المذكور في النطق
لم يتغير صفو مشروبه / للأمد الأبعد بالرَّتقِ
شاهد لحماً قبله أعظما / تربط بالأعصابِ والعرقِ
وهو الذي مرَّ على قريةٍ / معترفا بالملك والمرق
خاوية ليس بها عامر / قد غابَ بالرتق عن الفتقِِ
شكراً لمن أنشأه بعدما / أماته بالقصد لا الوفق
قد يخلقُ المخلوقُ في الخالق
قد يخلقُ المخلوقُ في الخالق / ما يخلق الخالقُ في خلقهِ
وينسب الأمر إليه كما / ينسبه العبد إلى حقِّهِ
القى الهوى في القلب ما ألقى
القى الهوى في القلب ما ألقى / فلا تسل عن كنُه ما ألقى
لقيتُ منه الجهد في لذة / لأنني عبدٌ له حقا
أضلنا الله على علمنا / به فما أعذبَ ما نلقى
تعبَّدَ القلبُ هواه فما / ينفكُّ قلبي للهوى رقا
رقيتُ للحبِّ إلى راحة / ملذوذة غيري بها يشقى
لما درى بأنني عبدُه / قضى بضربي الغرب والشرقا
قد دبَّت فيما حاز من رِقّة / ومن جمالٍ والهوى عِشقا
والله لو أنَّ الذي عندنا / منه بأقوى جبلٍ شقا
قد رقَّ لي الشامت مما يرى / وحسبكم من شامِتٍ رقا
ما إن رأينا في الهوى عاذلا / إلا ولا بُدَّ له يلقى
مثلَ الذي يلقاه ذو لوعةٍ / وهو الذي سُمِّي بالأشقى
كما الذي قد اتقى نفسه / وربُّه سماه بالأتقى
فاشربه مرَّا ولذيذاً فما / بكاسٍ غير الحبِّ ما تسقى
ألا ترى موسى وما موله / أعطاه ما أمل والصّعقا
فكان موسى صادقاً في الذي / قد جاء يبغيه به صِدقا
فعندما رُدَّ إلى حسه / تابَ ووفى العهدَ واستبقى
وكلما كانَ له بعد ذا / مما رأى من ربه وفقا
أثمر فيه ذاك من ربه / في ليلة الإسرا بنا رفقا
وعاين الروحَ وقد جاءه / إذ سدَّ بالأجنحة الأفقا
يخبره أن السماءَ التي / ترى وأرضا كانتا رتقا
فحكمُ الفصلِ بها والقضا / فصيراها حكمة فتقا
لا يشربُ الخالص عبد هنا / من كلِّ ما يشرب إذ يُسقى
من كان أمشاجاً من أخلاطه / فكيف لا يشربه ريقا
مَن يبتغي العصمةَ في حالة / دائمة يستلزم الصدقا
والصدقُ لا شكَّ على ما ترى / أنزله الله لنا رِزقا
فيأخذ العبد على قدره / منه كمثل الرزق لا فرقا
ما أن رأينا في الهوى حاكما / أبقى ولا أتقى ولا أنقى
مثل الذي يعرف مقداره / فإنه قد حازه سَبْقا
العلمُ يستعمل أصحابه / لا بد منه فالزمِ الحقا
فإنّ قوماً لم يقولوا بذا / لجهلهم بالعلمِ أو فسقا